مملكة يحكمها مدمنون وحشّاشون! محمد بن نايف لم يكن المدمن الوحيد! فريد أيهم زاد التوتر في العائلة المالكة بعد سيطرة محمد بن سلمان على الحكم وإعفاء محمد بن نايف من ولاية العهد.
وحسب المصادر ان الغضب تصاعد أكثر وأكثر، بعد أن علم أمراء العائلة المالكة بأن ولي العهد السابق مُحتجز في الإقامة الجبرية (ولازال حتى كتابة هذه السطور).
وخرج بعض الأمراء معترضين على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن روّج الديوان الملكي، أي محمد بن سلمان نفسه، او عبر مستشاره سعود القحطاني، بأن سبب الإقالة لإبن نايف، يعود الى أن الأخير مدمن مخدرات!
النهاية التي وصل اليها محمد بن نايف كانت مؤلمة وغير متوقعة.
فبين ليلة وضحاها، تغير الحال تماماً.
فبعد ان كان ولياً للعهد، وبيده قوات خاصة وطوارئ تزيد على مائة الف شخص، وسيطرة شبه مطلقة على الإعلام الداخلي، وكذلك سيطرة على وزارات الحج والإعلام والعدل.. وبعد أن كان تحت إمرته مئات الألوف من الموظفين في جهاز المباحث، وفي السجون وغيرها.
اصبح في ليلة ظلماء، بلا منصب، فقد طُرد من وظائفه كلها، من وزارة الداخلية، ومن ولاية العهد، بل وتمّ احتجازه في قصره بجده في اقامة جبرية، ثم جرى تشويه سمعته ونشر غسيله على الملأ بأنه مدمن مخدرات، ليعقبها تفكيك وزارة الداخلية، او جزء منها، وسيستمر الأمر لتصبح ثلاث مؤسسات اشبه ما تكون بوزارات ضخمة.
تلك كانت عاقبة المجرم ابن نايف، الذي ما ترك له من صديق، ولا حليف، واعتدى على النساء والرجال، وعلى الإصلاحيين في كل المناطق، وعلى اصحاب الرأي فأخمد أنفاسهم، وعلى المدافعين عن حقوق الإنسان، فكانت النتيجة ان ابتلاه الله فأسقطه من عليائه، بظالم يشبهه، أو بأظلم منه:
وما مِنْ يدٍ الا يد الله فوقه
وما ظالمٌ إلا سيُبلى بأظلم
حين تم اعلان اعفاء محمد بن نايف من ولاية العهد، لم يكن القرار مسبّباً، اي لم تُذكر الأسباب، عدا الإشارة الى ان ابن نايف يريد ان يرتاح، ولو كان كذلك، لقيل أنه (استقال) وليس (أُعفي). بعض آخر قال ان القرار جاء لتجديد شباب المملكة.
رويترز.. وكالة في خدمة الزبائن الأغنياء والأغبياء! ولأن الأمر لم يكن مقنعاً، وفيما كانت نيويورك تايمز وول ستريت جورنال، تؤكدان خبر احتجاز محمد بن نايف، وان مبايعته العلنية كانت تحت التهديد.. لم يكن هناك من بد إلا ان يتم ترويج أخبار بأن ابن نايف كان مدمناً للمخدرات، وتسريب تلك الأخبار من قبل الديوان الملكي، وتحديدا من مستشار محمد بن سلمان (الصحفي سعود القحطاني) الذي تم منحه رتبة وزير.
الاخبار تم تسريبها لكل الصحف العالمية الكبرى، لكن التفاصيل الحصرية التي منحها القصر الملكي لوكالة رويترز للأنباء ـ عبر مراسِلَيْها في جدة ـ كانت صاعقة.
قالت الوكالة ان سبب اقالة ابن نايف هي تعاطيه المخدرات، وتحديداً الكوكائين، حسب مصدر رفيع المستوى، كما تقول. واضافت نقلا عن المصدر بأن ابن نايف كان يتعاطى المخدرات منذ أمد بعيد، وان الملك عبدالله والملك سلمان نصحاه بالعلاج. ولأن الوكالة لا تستطيع التواصل مع ابن نايف المحتجز، فإن احد المقرين منه أقرّ بادمانه المخدرات، ولكنه قال ان الأمر كله كان مجرد ذريعة لدفع محمد بن سلمان للعرش.
المصادر المقربة من محمد سلمان قالت لرويترز ان ابن نايف ـ وبسبب الإدمان ـ اصبح ينام في الجلسات العامة، وان لسانه اضحى ثقيلاً؛ ثم ان ابن نايف اصبح مجاهراً باستخدام المخدرات أمام المسؤولين والوزراء والأمراء والضباط في وزارة الداخلية، وزادت بان الملك سلمان هدده ذات مرة بعزله، وان ابن نايف حين زار ترامب الرياض كان ينام، وكان مرافقه ينبهه بين الفينة والأخرى، وكانت وزارة الاعلام تحذف لقطات نومه.. الى آخر ما قالته الوكالة.
التشهير بمحمد بن نايف كان اضطراراً فيما يبدو، فالأزمة داخل العائلة المالكة لاتزال قائمة، وكان لا بدّ من كشف بعض المستور، الذي يمكن اعتباره مبرراً. لكن أمراء وأميرات بدوا حانقين من هذا التشهير، ووضعوا هاشتاقاً ضد ما نشرته رويترز وطالبوا بمعاقبتها، متناسين ان مصدر الاخبار هو الديوان الملكي، الذي لم ينف ما قالته رويترز، بعكس ما فعل حين قيل بان ابن نايف في الإقامة الجبرية.
[قمت بحذف الصورة] كان مدمناً.. مذكرات زوجة فهد تصدر قريباً الأميرة سارة آل سعود، هي التي اطلقت الهاشتاق، وهي التي صعّدته للترند، كما تعترف، وذلك ليعلم (كل الخونة أحجامهم) حسب قولها، فمن هم الخونة؟
أميرة أخرى هي نوف بنت عبدالله وصفت محمد بن نايف بالرجل الصالح الذي يحتمل الأذى لكنه لا يرتكبه؛ واضافت ان السقوط الأخلاقي سبب انهيار المصداقية الإعلامية، ووصفت التسريبات بأنها فضلات أخبار نتنة تفوح من مصادرها، دون ان تحدد المصدر.
الأمير سعود بن محمد العبدالله الفيصل، قال بأن (من يسيء لهذا الرجل ـ يقصد محمد بن نايف ـ فإنما يسيء للملكة قاطبة. لن نسمح ولن نقبل ما يقوله الحاقد). فمن هو الحاقد المقصود؟
أما الامير عبدالعزيز بن فهد، الموجود الان في الولايات المتحدة الأمريكية، والغاضب من سياسات ولي العهد محمد بن سلمان وسياساته.. فوصف ابن نايف بالبدر الذي يُفتَقَدْ في الليلة الظلماء. وخاطبه: (اسمع من خادمك: تَبِيْ النصرة؟ استعصم بالله، واخلص له الدين، وصلِّ لربك وانحر، وتعبّد له بالقرآن). واضاف متقمصا دور الأولياء، بأن نصرة الله بنصرة دينه والولاء له والبراءة من اعدائه؛ ثم تذكر ابن فهد، ان وراءه محمد بن سلمان ويمكن ان يقمعه فاضاف: (ولا شك بعده طاعة عمنا سلمان، وولي عهد بركة)!
الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، أوضح ان المعلومات التي استقتها رويترز كانت من تسريبات سعود القحطاني، مستشار ابن سلمان برتبة وزير؛ والاعلامي تركي الروقي، وجه الملامة الى رويترز، فهي التي اساءت لابن نايف، وقال (يجب ان لا تمر هكذا، وكذلك مصدرهم الوضيع المقرب) يقصد الذي اوصل لهم التسريبات. في حين تساءل آخرون: لماذا لا ينفي القصر الملكي معلومات إدمان المخدرات، كما فعل مع خبر الاقامة الجبرية؟ على الأقل حتى ينفي عن نفسه تهمة تسريبها؟ ثم لماذا لم يسمح لرويترز او غيرها من الإتصال بمحمد بن نايف، إن لم يكن في منفاه الإجباري؟!
محمد العلائي علق على جملة جاءت من المصدر المقرب اياه، بأن ابن نايف تفاجأ بعزله، وقال بأن تفاجؤه (اكبر دليل بأن الرجل مسطول، لأن العالم كان متوقع ويتابع النقلات). ومن جانبه قال المعارض الدكتور فؤاد ابراهيم بأن الذي اساء لمحمد بن نايف هو سلمان وابنه، (وليس هناك طرف غيبي ولا كائن فضائي. لقد ارادوا تبرير عزله بالإدمان، فلا تضيعوا البوصلة). واضاف بأن مسربي المعلومات يقولون ان ابن نايف كان مدمناً بعد ٢٠٠٩، وتساءل: لماذا عيّنه سلمان ولياً للعهد في ٢٠١٥ وهو يعلم بإدمانه؟
وعموماً فإن مسألة الإدمان ليست جريمة بنظر آل سعود، حتى وإن جاءت من شخص وزير الداخلية، المكلّف ـ يا لسخرية القدر ـ بمحاربة ومكافحة المخدرات، واعدام المروجين!
الرشيدي.. كشف شبكات المخدرات، فأطاحوا به واعتقلوه! لا غرابة اذن ان نجد تعاطي الحشيش في موظفي ومنسوبي وزارة الداخلية يتم علناً؟ ولا عجب أن شبكات ترويج المخدرات والدعارة تتخذ من وزارة الداخلية مقراً لها. ولا أدلنا على ذلك قصة الضابط تركي حمزة الرشيدي، الذي كشف عن القضية في فيديوهات بصوته وصورته قبل ان تقبض عليه وزراة الداخلية وتعتقله، وربما تخلصت منه.
فضلاً عن ذلك، فإن فهد ابن الملك سلمان، والذي كان نائباً لأمير الشرقية في الثمانينيات الميلادية، كان مدمن مخدرات، ولم يترك منصبه إلا قبل فترة وجيزة من وفاته!
وفيصل ابن الملك فهد، رئيس رعاية الشباب، مات بسبب المخدرات، لكنه لم يغادر منصبه، ولم يعترض عليه أحد.
وإبن الملك سلمان.. أحمد، مات بسبب الإدمان!
وما أكثر الأمراء المدمنين الذين يتولون المناصب.
حتى الملك فهد كان مدمناً، حسب زوجته السابقة جنان حرب، ومعلوم أنه حاول العلاج في احدى مصحات ايطاليا.
اما المدمنون على الخمور وغيرها، فكثيرون.. ولعل أشهرهم بندر بن سلطان، الذي احتفظ بمناصبه حتى في فترة تعاطيه العلاج، وعين مستشاراً للأمن القومي، ثم أُطيح به ليس على خلفيه ادمانه، وانما بسبب صراع القوى بين الأمراء.
ملخص القول بأن الإدمان بنظر آل سعود ليس جريمة، فما أكثر مدمنيهم. وإن الاطاحة بإبن نايف لم يكن بسبب إدمانه ـ وإن كان مدمناً ـ وإنما لرغبة سلمان وابنه الاستحواذ على السلطة.
احد رجال المباحث لم يتجرأ بتوجيه الاتهام للملك وابنه، بل قال بأن التي اساءت لمحمد بن نايف هي مراسلة رويترز في جدة واضاف بانها شيعية، مع ان هويتها ليست ذات بال وغير مؤكدة لا هي ولا زميلها نيك تاترسال. وزاد بأن ما قيل عن ادمان المخدرات (مجرد خَثْرَقَةْ عجايز). هنا علق المعارض حمزة الحسن: (لماذا يحول البقر الموضوع ضد الشيعة؟!). كل الخبر دفاع عن الدب الداشر، والمراسلَيْن كانا في جدة في خدمة محمد بن سلمان.
الاعلاميون القطريون وجيش قطر الالكتروني دخلوا على خط الصراع داخل العائلة المالكة السعودية لاستثمار ذلك لصالح صراعهم مع ابن سلمان وابن زايد.
مريم آل ثاني علقت على خبر ادمان ابن نايف: (محشوم يا ناصر الدين والمخلص لوطنك. مؤلم ان تتم الاساءة لك، بينما من يُعرّض المملكة للخطر يتم التطبيل له) وتقصد محمد بن سلمان. ومساعد رئيس تحرير صحيفة الوطن القطرية، عبدالرحمن القحطاني، كتب بخبث: (على السعودية محاسبة رويترز ومقاضاتها، الا اذا كانت الحركة مقصودة) يعني التسريب مقصود.
اعلامي قطري آخر قال محرضاً: (ملأ اسم صقور نايف الأرض اعلامياً، واليوم من اجل مكاسب سياسية يشوهون صورة محمد بن نايف، حفيد مؤسس الدولة، والصقور في صمت القبور).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة