|
Re: وفاة بروفيسور أنور عبدالماجد عثمان اليوم (Re: ود الباوقة)
|
كتب د عبد الوهاب الافندي بسم الله الرحمن الرحيم السلام على ذاك السيد الأنور في العالمين كان ذاك يومي الأول في جامعة الخرطوم. وصلت بعد التسجيل إلى الداخلية، واخترت السرير الأعلى في أول غرفة في أول داخلية في البركس، وتمددت على السرير بكامل ملابسي طلباً للراحة من عناء يوم طويل. كانت ظهيرة ذاك اليوم شديدة الحرارة، رغم أن الشهر كان ديسمبر. لم يطل بي المقام قبل أن يدخل الغرفة شاب نحيف، يبدو أنه اتخذها قبلي مقراً. رحب بي ببشاشة وحفاوة لم أعهدها من قبل من شخص ألتقيه لأول مرة، وعرض أن يعيرني جلباباً. في نفس ذلك اليوم، وبعد أن تعارفنا قليلاً، طلب مني وأحد رفاقه بلطف أن أنتقل إلى غرفة أخرى. فقد كان هو وثلاثة من رفاقه من طلاب السنة الثانية يتشاركون في الغرفة في العالم السابق، وقد تعاهدوا على الاستمرار في ذلك. لم أعترض، فكل الغرف وكل الرفاق كانوا عندي سواء. انتقلت إلى الغرفة رقم ثلاثة، غير بعيد منهم. ولكن سرعان ما اكتشفت أن أصحابها ممن يصعب التساكن معهم. فقد كانوا أهل شرب وتدخين من كل نوع، وقد أوشك أحدهم أن يتسبب بحريق حين أخذته سنة من النوم وهو يعاقر الدخان، فاحترقت المرتبة، ونجا ونجونا بأعجوبة. عندها ندم رفاق غرفتي السابقين، واعتذروا وأعادوني إلى مكاني الأول، بعد أن صرفوا زميلهم صرفاً جميلاً. وكانت تلك بداية "صداقة جميلة"، كما يقول بطل فيلم "كازابلانكا". وكان محور تلك الثلة من خيار الخلق صاحبي الذي كنا نناديه أنور، ولكن اسمه الكامل كان السيد الأنور عبدالماجد عثمان، أهل من قرية الباوقة، غير بعيد عن مدينتنا بربر ، وإن كان يسكن في مدينة الزيداب حيث كان والده يعمل. لا يكاد المرء يجد منه هو أطيب منه معشراً، وكان يجمع بين متناقضات من المحاسن. كان جاداً إلى درجة الهوس. تخصص في علم الآثار فأصبح فيه من العلماء حتى وهو بعد طالباً. كان إذا جاء شهر الامتحان، لا ينام الليل، ولا يحلق ذقنه، ولا يغير بنطال الجينز إلا بعد أيام متطاولة. وكان لي في ذاك منافع ، حيث كان هو وصاحبه وزميله في علم الآثار، محي الدين عبدالله زورق، رحمهما الله، يقضيان الليل بطوله في المذاكرة، ولا يعودان إلى الغرفة إلا في السادسة صباحاً، حين أكون قد استيقظت لتوي، وهما يحملان لي كوباً من الشاي الساخن من البوفيه. من جانب آخر، فقد تبت إلى الله من مماشاة أنور في الجامعة، لأن المشوار من الداخلية إلى الكلية، وهو بضع عشرات من الأمتار، كان أحياناً يستغرقنا ساعة. فهو يعرف كل الناس، من الخفراء وعمال السفرة والنظافة، إلى الطلاب والأساتذة والموظفين. يتوقف ليحيي كل فرد، ويكثر من سؤاله عن أحواله. ولعله يعرف أسماء أفراد أسرته، هو بالقطع يعرف الكثير عن حاله. لم أر في حياتي شخصاً يهتم بالناس كحاله، ولم أر شخصاً يجمع الناس على محبته كما كان. كانت تلك السنوات أجمل سنوات العمر على الإطلاق: نهلنا فيها من العلم، وتعرفنا على معظم أصدقائنا الخلص، واستمتعنا بالأدب والفن، وغصنا في أمور السياسة والشأن العام (وإن كان أنور زاهداً في السياسة). ولو كان لنا خيار، لما تخرجنا من الجامعة أبداً. بعد تخرجه، التحق بالتدريس بجامعة الخرطوم، ثم سافر لتحضير الدكتوراه في جامعة بيرغن في النرويج، قبل أن يعود للتدريس بجامعة الخرطوم ثم جامعة دنقلا. ولم تنقطع الصلة بيننا، فكنا على اتصال دائم، وتزاور، حتى بعد أن عاد إلى بيرغن كارهاً. وحدث مرة أن انقطعت عني أخباره بضعة أشهر، خاصة بعد أن سافر للتدريس في بولندا . وقد استغربت ذلك، وظللت أبعث له بالرسائل وأحاول مهاتفته دون جدوى. وبعد أشهر حسبتها دهراً، جاءتني منه رسالة إلكترونية قصيرة يعتذر فيها بانشغاله بمؤتمرات ورحلات بعث، ويعد بأن يعاود الاتصال خلال شهر. بعد شهرين، وصلتني رسالة مطولة منه كان فيها العجب العجاب. علمت منه إنه كان دخل المستشفى لأنه كان يعاني من ألم في ساقه . هناك قرر الأطباء استبدال عظم الفخذ. ولكن بينما هو يتنظر تلك العملية، كشفت الاختبارات أنه يعاني من انسداد في شرايين القلب، فأجريت له عملية مستعجلة في القلب. ولم يكد الأطباء يفرغوا من ذلك ومن تغيير عظام الفخذين، حتى أصيب بفشل كلوي كامل. وقد أنعم الله عليه بإخوة بررة، تطوع اثنان منهما (أحمد واسامة)، للتبرع بكلية له. وبالفعل، تم زرع الكلية بنجاح. وكان عندما بلغتني رسالته تلك في انتظار عملية زرع الكلى. وقد مكث في المستشفى قرابة عام كامل، وكان هذا سبب انقطاعه، لأنه لم يكن أن يريد أن يثير قلقنا لو علمنا بحاله قبل أن يتحسن. هكذا كان هو حتى في المرض والبلاء، يحرص على مشاعر الآخرين قبل نفسه. كانت مثل هذه التجربة المؤلمة تكفي لأن تجعل أي شخص يخلد إلى راحة مستحقة، ويبتعد عن إجهاد نفسه. ولكن ليس أنور. فما أن غادر سرير المرض حتى انتقل إلى مدريد أستاذاً في جامعتها. ثم لم يلبث أن انتقل إلى جامعة جوهانسبيرغ حيث استقر به المقام خلال العقد الماضي. وفي صيف العام الماضي، كلمني من بيرغن ليبلغني أنه قرر الانتقال إلى المملكة العربية السعودية أستاذاً في جامعة الملك سعود . وكانت هذه مصادفة غريبة، حيث أنني كنت قد انتقلت إلى قطر في العام السابق. وبالفعل، انتقل إلى الرياض في الصيف الماضي، وكانت نقلة بعيدة من صيف بيرغن إلى صيف الرياض، حيث قال لي ساخراً عندما سألته كيف وجد الرياض: إن الزواحف وحدها هي التي تستطيع العيش فيها. كعادته، ألقى بنفسه في خضم عمله الجديد بكل طاقته، حيث أبلغني في آخر مرة تحادثنا فيها أنه كان يعمل أربعة عشرة ساعة في اليوم، بما في ذلك العطلات. وقد كلف بمراجعة طائفة كبيرة من مقررات الكلية، إضافة إلى مهام أخرى لا حصر لها في التدريس والإدارة والاستشارات. وبسبب انشغاله لم يستطع إجابة دعوتي له لزيارتي حيث مرت سنوات ولم نلتق إلا عبر الهاتف ووسائط التواصل. قلت له إنني أنوي أداء العمرة، وسأسعى جاهداً لتقريب ذلك حتى تكون فرصة للتلاقي. قضى معظم باقي المكالمة وهو يزين لي العمرة، ويكرر أن تلك الفترة كانت أفضل الأوقات لها بسبب قلة الزحام. أنهيت المكالمة (وكان ذلك قبل حوالي شهرين) وأنا في شوق أكثر للقائه. هذا الأسبوع، كانت الطامة، حين بلغني هذا الأسبوع خبر دخوله المستشفى في بيرغن لإجراء عملية جراحية ، دخل بعدها في غيبوبة. فزعنا من الخبر بآمالنا إلى الكذب، وعظمنا الرجاء في رحمة الله، ولا نزال. ولكني علمت من شقيقه وأحد الأصدقاء المقربين منه في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء الثاني من مارس أن الأطباء أفتوا بوفاته السريرية، وقد بدأوا في نزع الأجهزة التي كانت تبقيه على قيد الحياة بالتدريج. كانت آخر رسالة واتساب وصلتني منه في السادس من يناير الماضي تحمل وصلة إلى تطبيق جامعة الملك سعود للمصحف الشريف، ومعها عبارة: "لا تدع قريباً ولا صديقاً ولا أحداً تعرفه إلا وأرسلت له هذا المصحف حتى يكتب لك مثل أجورهم." وأنا أرفق الوصلة هنا حتى تبقى صدقة جارية له. ألا رحمك الله أيها السيد الأنور، والسلام عليك يوم لقيت ربك، وهو أرحم الراحمين. السلام عليك يوم عرفناك، والسلام عليك يوم فارقناك. والسلام عليك يوم تبعث حياً. اللهم إنا نشهد أن الأنور كان وصولاً للرحم، براً بوالديه، حفياً بالإخوان ومتفانياً في خدمة القريب والبعيد. اللهم إنا رضينا عنه فارض عنه. اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، إنك بر رءوف رحيم، فارحمه، وارحمنا إن عدنا إليه. اللهم كما أكرمتنا بمعرفته وصحبته، فاجمعنا وإياه في فردوسك الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا اللهم لك الحمد على ما أعطيت، ولك الحمد على ما أخذت، وإنا لله وإنا إليه راجعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وفاة بروفيسور أنور عبدالماجد عثمان اليوم (Re: Osman Musa)
|
رحم الله الانور فقد تعرفت عليه قبل عام في الرياض وهو يتعاقد مع جامعة الملك سعود وذلك بمعية البروف ازهري مصطفي صادق استاذ الآثار وقد عرفنا به بأنه استاذه ثم ما لبث ان عرفنا بأن هناك آصرة رحم فالرجل اهله من الباوقه وارتولي رغم انه عاش في الخرطوم لكنه يعرف اهله وارحامه هذا الانور برغم علمه الغزيز ومكانته العلمية العالية جدا لكن ما ان تتعرف او تقترب منه الا وتحس بانك تتعامل مع شخص تكاد تعرفه منذ الصبا رجل طيب انساني بكل معنى الكلمة رجل تحبه بكل مشاعرك لانه يشعرك بالحب والاخاء استمتعنا كثيرا بالجلوس معه وتجاذب الحديث في منزل الاخ ازهري بالدرعيه ووعدنا بزيارات متتالية وانتظرناه حتى ابلغنى ازهري بانه رجع للسويد وان لديه اشكال طبي ما لبث ان تطور ليلحق بالرفيق الاعلي اللهم تقبله عندك شهيدا مثلما مات غريبا ووحيدا اللهم ان الانور كان طيبا وودودا فتكرم عليه بالجنة والفردوس الاعلي اللهم ألهم آله وذويه ومعارفه وتلاميذه الصبر علي فراقه وعوضنا خيرا إنا لله وانا اليه راجعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وفاة بروفيسور أنور عبدالماجد عثمان اليوم (Re: Osman Musa)
|
انا لله وانا اليه راجعون. لقد بلغني الخبر الحزين من شقيقه وزميل الدراسة وقريبي اسامة الذي سافر هذا الاسبوع ليبقى بجانبه وكان له حضور وفاته. المرحوم كان يزورنا في داخلية الدامر الثانوية وكان لي شرف زيارتهم بمنزلهم بالزيداب حيث كان الخال عبد الماجد عثمان يعمل مساعدا طبيا في مستشفى الزيداب وبالرغم من المعايش لم تنقطع صلة الاسرة بالباوقة. الا رحمك الله رحمة واسعة اخي الانور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وفاة بروفيسور أنور عبدالماجد عثمان اليوم (Re: Omer Abdalla Omer)
|
تغمده الله بواسع رحمته .. هو قريب من دفعتنا لعله دفعة واحدة أمامنا .. حين كنت أدرّس بجامعة الخرطوم سكنا في شقق بنفس العمارة التي تؤجرها جامعة الخرطوم في ما كان يطلق عليه "عمارة المشتل".. الأخ أنور لطيف المعشر، حار السلام، دائم الابتسام، أنيق وراقي في مظهره، مهذب، ومتواضع، وخلوق... تقبله الله أحسن القبول في الصالحين الصادقين الطيبين الأخيار... والموت مصير الجميع... حار العزاء لأسرته والصغيرة والكبيرة ولأصدقائه ومعارفه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وفاة بروفيسور أنور عبدالماجد عثمان اليوم (Re: Osman Musa)
|
كما وصلنى من استاذ الآثار بروف ازهري مصطفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سيكون برنامج دفن فقيدنا انور يرحمه الله كالاتي: - ١٠:٣٠: الحضور لمقابر Loddefjord بالقرب من منزل وليد فضل، لقراءة المصحف كاملا (جزء لكل فرد). ارجو ممن سياتي للقراءة احضار مصحف. - ١٠:٤٥: وصول الجثمان - ١٠:٥٥: صلاة الجنازة - ١١:٠٠: الدفن، بعد نهاية الدفن يتلقى شقيقه اسامة العزاء بالمقابر. وينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وفاة بروفيسور أنور عبدالماجد عثمان اليوم (Re: عباس محمود)
|
الإخوان الكرام . علي عبدالوهاب . أحمد م بشير . ميرغني . عمر عبدالله . مصطفي الجيلي . م عوض السيد . صلاح إدريس . محمد المر تضي . بله الفاضل . الفاتح ميرغني . علي الكرا ر . عباس محمود . عن أسرة فقيد البلاد جزاكم الله الف خير وبارك الله فيكم
| |
|
|
|
|
|
|
|