أبراهيم ود نكير ،
مشاهد الختام ،،
ماجت وهاجّت - الخلق -وهاصت الدارة،، بكاء، ونواح ، وزغاريد، وصياح ،،
أُناسٌ يبكون علي من مات ،،وتوسد العنقريب ، -
وأُناسٌ يبكون فرحاً بعظمة هؤلاء الرجال، وتنازلهم عن مصائبهم وأحزانهم - ،وربطهم لجروحهم ،،
بعصبٍ من الالم السخين ،، رجالٌ قبضوا علي جمر الوجّع ،،والعنت - ،،
وآثروا التراضي علي العيش المشترك ، صاح الوافر بأعلي صوته:-
يا رجال،، الليلة ده يوم الرجال، والفراسة، والعزة ، والله ،،ووالله -- أكان ما الوسيلة،،
جانا كُنَّا مشينا ليهو في ديارو،
نحن كُلُّنا عشنا في الوادي ده ،من أبهاتنا وجدودنا ،،الناس المشوا قوز البراني في سنة البحر كسر - ،،،مشوا بي رضاهم -، في شأن سعيتهم وزراعتهم - ،،والنَّاس الشالوا الصعيدفي البادراب،، مشوا في شأن حلالهم ومصالحم -،
ونحنا يانا الصابراب - صبرنا علي الابتلاء وقعدنا في الوادي - لغاية ما إنعدل حالنا،،
ومن اليوم ده ،،وديك شمس الجمعة ،،بتودع نهارا الطويل - ،،وديك عناقريبنا جاهزة،،
- لي لحودها- فيها الصبي الصغير، وفيها ألكان رجا وكان مطمورة غلابة- ، تاني سيف، ولا عصاية، ولا سكين ،ولا حربة ،
ولا كوكاب ،قسمتّ بالله - يمرُق في وش ولد من أولادنا مافي - ،،
وهـنا علا الصياح والتهليل صوتٌ كالرعد - زمجرة كالموج العاتي -،، ، زغارير رجال سُمعت حتي في نواحي التل البعيد ،
وأضاف الوافر .. دَحينّ عندنا كلام تاني دي الحزه،، بس أمشوا،، في الاول زوروا تُربّ شيخي الغرقان،،
وأستروا عيالنا . وتعالوا النشوف ،
من هناك وفي مدخل بيت بت ود الدشين ،،وصلُ ود نكير ،،كأنما البرق الذي سبق الرعد،،
تفنجلت العيون،، وزاد الخفقان :-
أفوووو - منو - البهين بت العُمدة،، وأنا فيني الدم والروح - ،،قالها ود نكير،، والشرر يتطاير من عينيه كأنما نار الكماين ،،
من رائحته،،، عِرفت بت العُمده إن أبراهيم قد وصل ، وعلي عجلٍ دخلت لي جوه وإتخذت لها مكاناً قصياً ،،لا تُري فيه- ،،
وطلبت من ستنا،، أن تفتح الباب لي أبراهيم ، وبالفعل ذهبت ستنا نحو الباب ،،
ورصدتها بت العمدة وهي تتهادي في بُطءٍ كمن يقتلع أرجله من وحلٍ وحيل - ،،
وتشهدت - ،،ثم نظرت نحو السماء، في دُعاءٍ صامت ،، فتحت ستنا الباب للقادم ،،والذي كان في سباقٍ،، مع الزمن ،والحياة ،لنجدة أُمَّه،،
سيدة بت العمُدة ود الدشين ، تسمرت عينا ستنا لما رأته ،،وغشتها حالةٌ ،،من الدوار - الذي يحدث ،،لمن هُمّ في السفن،،في أعالي البحار ،
وشعرت ان كُلّ مصارينها وأحشائها، سوف تخرج - وان عينيها ،،كانما أُصيبتا،، بغشاوةٍ وضباب - ،،
وكذلك أُذنيها لم تَعُد تسمع ولا تري - ،،بل أنقطع منها حتي التنفس ،وزاد قلبها في الخفقان،
قال أبراهيم :-
مرحب - دحين ،،ده ما بيت بت العُمدة -؟؟ وسكت،، ولم يتلقي منها إجابةً - ،،
لأول مرة ،،يشعر أبراهيم بضيق هذا البيت والذي كان إتساعة،، مضرب الأمثال - ،،
أيا تـري هو في الجنان ،،؟؟التي وصفها ،،الامام ود الطيب في إحدي خُطَب الجمعة -،،
ما هذا - ؟؟ بل من هذه التي غطت كـلّ إتساع،، بيت بت العُمدة،، بنظرة حالمة، مُنكسرة،؟؟
ما هذه العيون التي لم يري مثلها،، حتي في فارعات الارام والايكي الباهرة،، في أيام القنيص والصيد ،
أيكون قد ذهب بالخطأ الي ديار أخري ؟؟دون علمٍ او إرادة-،، ؟؟
كرر نظرة أخري علي عجل ،،، ما هذا اللون العجيب - ؟؟ ،،كأنما الشمسُ وقد ركعت في صلاتها الاخيرة،،
عند بداية الغروب ،،وقد أضفتّ علي شُعاع الشفق لوناً من الدهب المجمرّ ،،، ،
لقد رأي أبراهيم إنعكاسُ وجهها،،في جدّلة توب الزراق والذي إعتصر جسمها،
وتكور فيه كأنما فصوصٍ من أحجار حجازية لامعة وضيئة تجذب اللبّ،،
وتزيل الالم الوجيع، إستأذن في الدخول ،،ناحية بطن البيت،،
صائحاً في صوتٍ مُختلف ،،يئن من حملٍ ثقيل اصاب قلبه بالوجع وسجن عقله
بسحرٍ ملائكي لطيف، قالّ في إنكسار :-
أبراهيم عندك ،،يابت العُمدة وفداك وين الخلق الاهانوك ،،النجيب ليك حقك هسة -؟؟
نادت بت العُمدة و بصوتٍ ملفوفٍ،، بالامل والرجاء،،
أدـخلي يا ستنا - ودخلت ستنا في إنكسارٍوتسليم، رأسها نحو الارض لكن كان جبينها عالياً ،في جـرأةٍ وإعتداد ،،،وقالت بت العـمدة :-
أرفعي رأسك يابت الاجواد - ،،ورفعت ستنا رأسها - كأنما بدرٌ قد نزل ليتوضأ للصلاة ما هذا،،؟؟
أيكون هذا بشر ؟
نظرت بت العمدة إليها في إعجابٍ وشوقٍ،، وتمنت أن تشربها كما تشربّ موية الزير الصاقطة،
في نيران الصيف الحارق،،ثم عاودت النظر آلي ولدها أبراهيم ،،وقالت بحزم:-
اهانتني عيون البنية دي - ،،كان ما كانت،، ليّ ولدي أبراهيم ، يأها النشدا قلبي - ،،ورسلها ليَ الله،،
في مكاني،،،
دحين قُت شنو - يا المبروك ،
نظر ابراهيم نحو ستنا وتلاقت الاعين،، كأنما البرق والرعد ،،، وقال:- أبشري يا بت العـمدة ،،
الاهانوك أخدنا ليك حقك منهن ،،وإنطلقت زغرودة من الرحمة شقّت عنان السماء-
ولقد سِمعّ صداها في تـربَ الغرقان ،
،، يتبع ،،