الشيخ المهيب(الرصاصة إن هرست عظامك او خرقت صدرك .. لن تعانى ويلاتها إلا بعد أيام .. الآن نوسرت الجراح و هيجت فينا النواح ) ..
----------------------------------
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير ..
ولكن الرزية فقد حر
يموت بموته خلق كثير ..
. . . ... . . .
علوا فى الحياة وفى الممات ..
لحق أنت إحدى المعجزات ..
كأن الناس حولك حين قاموا .. وفود نداك أيام الصلات ..
كأنك واقف فيهم خطيبا .. وقد وقفوا قياما للصلاة ..
. . . ... . . .
رفع النداء وتقاطرت زمر الاباة الأتقياء الأنقياء ..
اصطف آلاف الرجال وخلفهم وقفت ضراعات النساء ..
الكل كبر ثم هلل ثم اجهش بالبكاء ..
نبكى ونخجل من رسول الله .. حب الله .. تاج الأصفياء ....
. . . .... . . .
فتى أخلاقه مثل وملء ثيابه رجل
يعج الحق فى دمه ويزحم صدره الامل
تراه الصبح مبتسما كأن حياته جزل
ينم سلوكه عنه ويتبع قوله العمل
وإن دارت معاركها فلن يتزحزح الجبل
بعيدا عن مفاتنها فلا تصطاده المقل
عزوفا عن بهارجها وطوع حسامه الامل
هناك الخلد مسكنه .. هناك الحور والأهل ....
------------------------------------
اليوم يأذن بالرحيل .. يضع السلاح .. اليوم لا قيد ولا رهق ولا سجن ولا سجان .. اليوم يمضى شامخا مثلما قد عاش صاخبا .. لا يعرف السكون ولا الركون الذى ألفه الآخرون ..
اليوم يمضى الرجل الأمة .. صاحب العقل المستنير والقلب الكبير .. والسيف والرمح القرطاس والقلم ..
اليوم يمضى صاحب العلم الواسع والنظر الثاقب والبحر العميق .. ذلك العلم الذى جر عليه حسد الحاسدين (من المتنطعين) الذين احتكروا الاسلام والمسلمين .. وكيد الكائدين (من اليساريين والعلمانيين) الذين احتكروا العلم والتمكين .. والذين يسلقونه الان بألسنة حداد .. فتبا لهم من خفافيش ظنت أن الشيخ انكشف ظهره لتستبيح طهره ..
لئن لم ينته المنافقين والذين فى قلوبهم مرض والمرجفين فى الاسافير .. لنسفعن بهم بكرة وعشيا .. ثم لا يجاورننا فى هذا البلد ابدا ما حبينا وما بقينا .....
نقبل الجرح والتعديل والنقد والتصويب بحق شيخنا ورموزنا .. ونرفض البلطجة وقلة الادب ونرد الحجر من حيث اتى .. فإن الشر لا يدفعه إلا الشر .. و (طظ فى أى قانون يحول بيننا وبينهم ولو تعلقوا باستار الكعبة)..
اليوم يمضى صاحب الفتاوى المثيرة للحراك و الجدل للدرجة التى كفره بعضهم بسببها .. ليتهم ناظروه حولها بدلا من إطلاق فتاويهم من خلف جدر .. لكانوا افادونا بعملهم وعلمه ونحن فى الحالتين نكسب .. فالعالم يناظره ويحاوره العلماء .. لا الرجرجة والغوغاء والدهماء .. أعجبنى قول الشيخ عمر سليمان الأشقر عن الشيخ الترابى بعد محاورته .. عن (عودة المسيح .. الحور العين .. عذاب القبر .. رجم الزناة .. حد الردة .. الحجاب .. المساواة بين الرجال والنساء .. إمامة المرأة للرجال .. زواج الكتابى من المسلمة .. شهادة المرأة .. و موقفه من بعض الأحاديث النبوية) .. حين قال (إنه صاحب حجة وله تأويل قوى ولكن قلبي لا يطمئن لمقالته وعندى كلام جمع غفير من الأقدمين .. وكل ما أستطيع أن انصحه به ألا يجاهر بمخالفته لجمهور العلماء حتى لو رأى فى ذلك وجه الصواب) ..
لقد قال عنه الشيخ القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين بشأن فتواه بحق الاقليات المسلمة فى ديار الكفر (لقد سبقنا الشيخ الترابى ب 25 عاما ) ..
اليوم يمضى العالم المجدد .. حافظ القرآن .. مجدد الفقه الاسلامى .. صاحب .. التفسير التوحيدي .. أصول الفقه .. الصلاة عماد الدين .. الإيمان وأثره فى حياة الإنسان .. و المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ..
اليوم يمضى مؤسس دولة الاسلام والجهاد والشهداء والإنقاذ و الإنجاز والإعجاز فى السودان .. دولة قدمت من كل بيت مجاهدا او شهيدا او جريحا لله وفى الله إيمانا وصبرا واحتسابا .. مجاهدات هزت جذع النصارى وأثارت جزع اليهود ولاتزال .. (يوم نجمع .. يمين الدنيا .. كل الدنيا ترخى أضانا عشان تسمع) ..
دولة أستخرجت البترول من جوف الأمريكان دهاء و مكرا .. وشيدت صروح العلم والمياه والكهرباء والمشافى والطرق والكبارى والذهب والسدود والمصانع المدنية و الحربية التى تنتج (من الراديو والنعال حتى الطائرات بدون طيار) رغم الحرب والتخذيل والحصار ..
مضى البلدوزر الذى لا يعرف الليل ولا النهار .. بعدما مهد الطريق وجعلها سالكة للآخرين (قاهرا وعورتها وخطورتها .. متحملا آلامها واوجاعها) .. ولم يأخذ منها ولو قضيبا من أراك ..
مضى الذى جندل الحزب الشيوعى السودانى و رسول الرسالة الثانية مدعى الالوهية الاله أبوطاقية .. و مسحهما من الوجود تماما وإلى الأبد إن شاءالله ..
مضى الذى أخذ أبناء الفقراء والبسطاء وارتقى بهم علما وفكرا وتمكينا ودولة .. وجعل منهم سادة وقادة .. ونجوم مجتمع وارباب اموال وضيع ومزارع ومصانع ... و تركها خلفه ولم يأخذ منها إلا كفنا من طرف السوق و شبرا فى المقابر ...
مضى الذي أغلق بفكره ودعوته واخوانه بيوت الدعارة والنوادى والمراقص والأنادى والميسر و الربا والانصاب والازلام ..
مضى القوى الأمين الذى ما انكسر يوما وما لانت له قناة .. المصادم الشرس الذى لم يداهن ولم يمارى .. ولم يعارض من خارج الحدود .. و ما استعان على قومه يوما بكسري فارس او قيصر الروم ... او بنى قريظة و بنى سلول ..
مضى الذى ألف السجن قرابة القرنين .. خلوة وسلوة .. ورياضة فكرية و روحية سواء فى مايو او يونيو .. صيفا غائظا وشتاء قارسا .. ورطوبة تنخر العظام .. يخرج فى كل مرة خال النفس من البغضاء و الشحناء تجاه اعدائه المايويين او ابنائه الانقاذيين .. (الحمد لله الذى أماته واقفا كالنخيل بمكتبه وليس بغيابة سجون ابنائه .. و إلا لكانت فضيحة الدهر وعار الابد) ..
مضى الذى بلغ صيته وصوته قارات الدنيا الخمس حتى هاب مناظرته العلماء .. (ليتهم فعلوا) لكانوا استخرجوا لنا منه المزيد من الدرر و الياقوت والمرجان .. لكن جهلهم وتصورهم انها حرب ومنتصر ومهزوم .. حرمنا الحلم والعلم ونفائس المكنون ..
مضى العالم النحرير .. الذى يجبرك على احترامه سواء اتفقت او اختلفت معه .. عفيف اليد واللسان .. سليم القلب والوجدان .. لكأنى به يوم القيامة يحصد حسنات قوم ما أوجب عليها خيلا ولا شد لها الرحال .. وويل للذين اغتابوه او سلقوه بألسنة حداد .. وهو العبد الصالح المجتهد الاواب .. له أجر أن أخطأ وأجران إن اصاب .. فوالله ما شقوا صدره وما علموا سره .. ونيته لا يعلمها ملك مقرب ولا رسول مرسل .. بل هى حصرية لله الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ..
. . . ..... . . .
عفوا رسول الله هدتنا الجراح واوغلت فينا الرماح ..
غرباء نمشى فى دروب الناس لا زادا ولا صحبا نقاوم وحدنا هوج الرياح ..
غرباء تسلمنا المنون إلى المنون إلى السهام إلى الجراح ..
غرباء نسعى يا رسول الله و الأحباب والاخيار يرتحلون ما طلع الصباح ..
ونلوذ نهرع بالذين نحبهم .. من علمونا كيف ان السجن باب للحياة وكيف ان الغاب باب للنعيم وكيف ان طريقنا يفضى إلى دار الفلاح
فبمن نلوذ وقد مضى من كان سيدنا وراح ..
وبمن نلوذ وقد مضى من كان يمنحنا العزيمة والشكيمة والسلاح
وبمن نلوذ وقد ترجل شيخنا وكبيرنا واميرنا .. ثم ألقى رحله .. ثم استراح ..
تلك مشاعر ودموع وجزع بخشوع وجدتها فى وجوه مئات الآلاف من اخوانى .. كلهم رغم الذى قد كان .. رغم أنف شياطين الإنس والجان .. و منذ إعلان الخبر الكارثة و إلى الآن .. كلهم مفجوع و موجوع و مرتاع ..
حقا المصيبة توحد المصابين .. عبر عنها أصالة ووكالة ( البشير .. صديق الترابى .. الغنوشي .. القرضاوى .. الزندانى .. خالد مشعل .. طارق السويدان .. ابو العينين .. موسي المك كور .. رياك مشار .. ابراهيم أحمد عمر .. نافع .. كرتى .. غازى .. المحبوب .. على الحاج .. على عثمان .. حامد ممتاز .. حسن رزق .. الزبير احمد الحسن .. محمد الحسن الترابى .. ابراهيم السنوسى .. أمنا وصال .. و حرائرنا سهير ونوال) .. وكثير من الكتاب والاذاعات والفضائيات و النشامى والماجدات .. الذين بكوه دما ودموعا .. شعرا ونثرا ... وبثا مباشرا ..
أين روضتنا .. أين أنت يا خناس ..
. . . ..... . . .
ومجددا ننادى ..
يا منايا حومى حول الحمى واستعرضينا واصطفى ..
كل سمح النفس بسام العشيات الوفى ..
الحليم العف كالانسام روحا وسجايا ..
أريحي الوجه والكف افترارا و عطايا ..
فإذا لاقاك بالباب بشوشا و حفى بضمير ككتاب الله طاهر ..
فأنشبى الأظفار فى أكتافه واختطفى ..
فأمان الله منا يا منايا كلما احتجت إلينا ................ شرفى ..
. . . ... . . .
فلا والله ما فقد الماضون مثل محمد ... ولا مثله حتى القيامة يفقد ..
. . . ..... . . .
اللهم إنك تستحى ان تعذب ذي شيبة .. اللهم إنا نشهد أنه قد شب وشاب فى سبيلك منافحا و مجاهدا .. ولا نزكيه عليك .. اللهم أكرم وفادته إليك وارحم ضعفه بين يديك واغفر ذنبه لديك واجعل قبره روضة من رياض الجنة .. وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله واخوانا خيرا من إخوانه وجيرانا خيرا من جيرانه .. واغفر لنا اذا صرنا لما صار إليه .. برحمتك يا أرحم الراحمين ..
اللهم أجمع به صفنا ووحد به كلمتنا وأسلل به سخيمتنا وانصر به دعوتنا .. بحق الصلاة على الأمين وبحق رحمتك يا أرحم الراحمين ..
اللهم آمين ....
جعفر بانقا