|
Re: من ذكريات انتفاضة مارس ابريل 1985.. تعالوا ن� (Re: جمال ود القوز)
|
شكرا أخي عثمان لك المجد فيما قدمت .. تداعياتك دي رجعتنا سنوات إلى الوراء .. حيث الإرادة الجامحة نحو التغير .. مدعومة بروح شباب غير خانع .. سوف أبدأ من حيث أنتهيت في ستة ابريل .. كان هو اليوم المعلن عنه للمسيرة الحاسمة والاضراب العام لاسقاط النظام .. كنت وقتها بمدينة كسلا مقر عملي .. غادرتها صيبحة الخامس من إبريل ووصلت العاصمة بعد الظهر .. لكي أتمكن من المشاركة في المسيرة في صبيحة اليوم التالي.. لحسن الحظ كانت شقيقتي وزوجها رحمه الله .. يقيمان في قلب العاصمة خلف عمارة كمال حمزة أو السفارة الأمريكية وقتها .. خرجت مبكرا حوالي السابعة ص واتجهت راجلا إلى محكمة الخرطوم الجزئية ( مبنى البرلمان السابق ) .. لاحظت وأنا في طريقي قلة حركة المرور في الشوارع ولكن عزيت الأمر للوقت المبكر .. لم أجد بالمحكمة أحد سوى بعض الخفراء وقاض واحد هو مولانا عوض الخير .. دخلت عليه متسائلا عن هذا الهدوء المريب وخلو الشوارع ووجدته أيضا في حيرة .. كان هو القاضى الوحيد الذي وصل للمبنى بحكم أنه من سكان الديم .. خرجت منه وجلست بمفردي على سلم بوابة دار القضاء البوابة الغربية .. أنظر للشوارع وأنتظر وصول الجماهير الموعودة بالمسيرة .. عند العاشره تقريبا عدت للمحكمة الجزئية .. وعندها علمت من مولانا عوض .. صدور بيان عسكري يعلن سقوط النظام باسم المشير سوار الدهب .. عدت مسرعا للشارع وماهي سوى دقائق معدودة من البيان .. حتى تدفقت الجماهير من كبرى أمدرمان .. كانت السلطات قد اغلقت الكبراي المؤدية لسنتر الخرطوم منذ الفجر.. وظلت الجماهير المحتشدة بامدرمان محجوزة خلف الكبرى .. وكذا حال جماهير بحري وجنوب الخرطوم .. فتح لهم بعد بيان سوار الدهب حيث انسحبت القوات التى كانت تمنع مرورهم .. كان المتظاهرون القادمون من أمدرمان يحملون فروع الاشجار وأغصان النيم .. وعند بلوغهم مبنى رئاسة القضاء انضممت إليهم .. وفجاة أنحرف بعض المتظاهرين ناحية البوابة الغربية لرئاسة القضاء.. هم يهتفون ضد رئيس القضاء وقتها وقوانين سبتمبر .. وتقدم البعض واحاطوا بالباب وشرعوا في الخبط عليه ودفعه بقوة.. لحقت بهم وقلت لهم بأنني أحد المنتسبين لهذا الجهاز .. وها أنا أتظاهر معكم.. أرجوكم لا تعملوا على كسر الباب .. أو تفكروا في الدخول لإن بالمبني وثائق وحقوق وقضايا الناس فلا تضروا بهم .. وأنا بينهم أحدثهم فتحت البوابة وخرج القاضي مولانا بادى .. وعندما رآني ظنني ضمن المحرضين للتجمع أمام بوابة الهيئة .. فخاطبني قائلا ( دا انت حتى معاهم يا ملك )!!! قلت له يا مولانا أنا من زمان بحذرهم من خطورة استباحة مبني رئاسة القضاء .. فتحدث إليهم وأبان أن رئيس القضاء قد خرج هاربا من المبنى منذ سماعة البيان العسكري.. عندها استوعب المتظاهرون الوضع فعادوا ليلحقوا برفاقهم وأنا معهم متجهين إلى القصر .. في الطريق شاهدت عربة تحاول المرور بصعوبة بين المتظاهرين تمضي عكس اتجاهنا .. لمحت من بالعربة وعرفته مولانا عوض الجيد أحد ثلاثي تشريعات سبتمبر .. كدت لحظتها أن أرفع عقيرتي منبها إليه المتظاهرين .. ثم تراجعت والتزمت الصمت لأنني قدرت أن الجهر باسمة في تلك اللحظة قد يودي بحياته .. هذه معلومة لأول مرة افشيها لكم واعتبر مولانا عوض الجيد مدين لي بحياته .. قبل أن نصل باحة القصر والى مقربة منه .. ظهرت عربة بوكس ( برنسة) كما كانت تسمى وقتها عليها مكبر صوت .. بين ركابها الأستاذه المحامية نفيسة الشيخ .. تطلق الهتافات والأناشيد فتبعناها حتى ساحة القصر .. بعد برهة قليلة وصلت جماهير بحرى وجنوب الخرطوم وامتلات الشوارع .. كانت الجماهير في شوارع الصحافة والديوم وغيرها من عظيم فرحتها تذبح الذبائح .. عدت عصرا إلى المنزل .. ثم واصلت بعد ذلك حضور اللقاءات بدار اتحاد اساتذة جامعة الخرطوم مساءا حتى إعلان تشكيل الحكومة المدنية .. بعدها غادرت عائدا لمقر عملي بمدينة كسلا .. أذكر في المظاهرة كنت البس سفاري بيجي اللون وأحمل علم السودان القديم .. حيث كلفت شقيقتي بخياطته في نفس يوم وصولي .. ووضعته على فرع قطعته من شجرة داخل المنزل .. كان بدار أساتذة الجامعة عدد من كمرات التلفاز ومراسلين يبدو أنهم يتبعون قنوات خارجية .. للاسف فات علي سؤالهم عن القنوات التي يتبعونها .. لأنهم بالتأكيد وثقوا بالصورة لكل ما دار بدار الأساتذة .. وبثوه في القنوات التي كانوا يتبعون لها .. شكرا مرة أخرى لاتاحة هذه الفرصة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذكريات انتفاضة مارس ابريل 1985.. تعالوا ن� (Re: محمد على طه الملك)
|
أسعد الله اوقاتكم جامعة القاهرة الفرع 28 مارس زنقة الامتحانات , كنا جلوسا جوار ستات الفطور ننتاقش عن الامتحانات والمذكرات جاء من اخبرنا ان المظاهرات في أم درمان وتم حرق جمعية ود نميري التعاوينة نسينا الامتحانات وفكرنا في التحرك لامدرمان , وذهبنا جهت حافلات ام درمان وعلمنا من الكماسرى انها اتفضت ,, 29 مارس ,, جضرنا لجامعة القاهرة الفرع , للامتحان اغلق الامن الجامعة والغى الامتحانات واعتقل بعض عناصر الاتحاد (الاتحاد كان كيزان) تجمعنا امام بوابة الاتحاد , اقام التحالف الوطني ركن ارتجالي صعد على سور الاتحاد محمد الفاتح بيرم , ومحمد عبدالمتعال ابوجودة , وياسر عرمان , وخاطبوا الطلاب وننددوا باعتقال الاتحاد , وطلعنا في مظاهرة لم تكن كبيرة في الجامعة و فرقتها الشرطة من امام الجامعة ولكنها تسللنا كافراد الى السوق جوار ميدان الامم المتحدة وهنالك كبرت المظاهرة في السوق وبدء الكر والفر بين الشرطة والمتظاهرين , في العصر هدئ الوضع ,, في يوم 30 مارس جامعة القاهرة كانت محاصرة وومنوع الاقتراب منها فذهبت الى معهد الكليات التكنلوجيا (جامعة السودان حاليا) رتبنا ركن سريع مع خالد كودي ,,, رغم ان اركان معهد الكليات التكنلوجية الجناح الغربي كانت ضعيفة ولا يهتم بها اغلب الطلاب ولكن الركن كان ركن كبير حضره اغلب الطلاب وحتى العاملين في الكلية (لم يكن مرتب ان يخرج الركن مظاهرة) ولكن الحماس والحضور الكبير , تحول الركن الى مظاهرة ضخمة جدا وخرجت بقوة من المعهد وازدادت تضخما عندما دخلت السوق العربي ,, اواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذكريات انتفاضة مارس ابريل 1985.. تعالوا ن� (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)
|
استسمحكم عايز اجر ذاكرة الأحداث لعامين قبل الانتفاضة .. لم يكن السادس من إبريل المجيد ضربة لازب كما يتصور البعض .. أو مخاض أسابيع من التحركات العشوائية .. والاحتجاجات الجماهيرية التلقائية كما يخطرف سدنة الأنظمة الشمولية .. بل كانت خاتمة المطاف وساعة الصفر لسنوات من النضال .. شاركت فيه سائر القوى المؤمنة بضرورات نبذ الشمولية بقدر يزيد وينقص .. ممثلة في منظمات قوى المجتمع المدني التي ما خبأ رجاؤها يوما .. في العودة لنظام الحكم الديموقراطي بآلياته الضامنة لتداول السلطة سلميا .. من خلال التنافس الانتخابي الشفيف والعادل .. تجسيدا لمفهوم الدولة التي تحترم حقوق مواطنيها .. و تطبق مبدأ الفصل بين سلطاتها بصرامة وجدية .. غير أن التحول الأكبر إن لم يكن الأشهر في مسيرة إرادات المقاومة العلنية السلمية المنظمة.. إبتدره قضاة السودان باستقالاتهم الجماعية في يونيو 1983م .. عندما فاض كيل صبرهم من تطاول رئيس الدولة وهو يفتتح مبنى محكمة استئناف الفاشر .. تطاولا تجاوز الشأن العام ودلف لما هو شخصي وقادح في أمانتهم المهنية .. بالفاظ حادة ومذلة بثتها وسائل الإعلام .. أشعلت عود الثقاب الممسكين به منذ أن خرق بنظامه الشمولي مبدأ استقلال القضاء ..
لم يكن العمل نحو جمع استقالات القضاة عملا يسيرا .. فالقضاة منتشرون في مدن السودان المختلفة .. وليس من السهل دعوتهم للتجمع في مكان واحد في ظل نظام يضع تحت يدية أعناق القضاة .. كما لم يكن للقضاة ابتداء جسم أو كيان تنظيمي ييسر خطوهم نحو الهدف.. فهم بحكم سلطتهم الدستورية ممتنعون عن ذلك.. لقد تطلب الحال أن يكلف قاض أو قاضيان يتبرعان بالسفر لمدن وأقاليم السودان سرا .. لجمع الاستقالات المكتوبة والممهورة بتوقيعات أصحابها .. كنت وقتها أعمل بمدينة كسلا .. وكان القاضي الذي تبرع للقيام بجمع استقالات القضاة العاملين بمدن شرق السودان .. هو القاضي مولانا أحمد الطاهر النور ( محام الآن) .. وصل مولانا أحمد الطاهر في سرية إلى مدينة كسلا .. وجمع في نفس يوم وصوله استقالات كل القضاة العاملين بالمدينة .. من درجة Leagl Assistant إلى درجة الـ District Court .. ثم تحرك في اليوم نفسه الي المدن الأخرى إلى أن بلغ مدينة بورسودان في خاتمة رحلته .. كانت مدينة بورسوان المركز لرئاسة قضاء شرق السودان .. بها محكمتي الاستئناف والعليا بجانب المحاكم الأخرى .. كانت المفاجأة أن قضاة المحكمة العليا ببورسودان برئاسة مولانا المرحوم ميرغني مبروك .. الذي ترأس السلطة القضائة بعد الانتفاضة .. كانوا قد قرروا تقديم استقالاتهم مع بقية قضاة الدرجات الأدنى .. ذلك بالمخالفة للقرار المجمع عليه بين قضاة المحكمة العليا بالعاصمة .. القاضي بعدم تقديم استقالاتهم منعا لحدوث فراغ دستوري في البلاد .. مع تأييدهم لاستقالات الدرجات الأخرى ودعمهم .. لم يتخاذل من مجمل قضاة السودان سوى قاضيان أو ثلاثة إن لم تخني الذاكرة .. ويقال أن النميري بعد أن تراجع معتذرا للقضاة .. وبخ أولئك القضاة الذين تخاذلوا عن تقديم استقالاتهم مع زملائهم .. وأمر بنقلهم للعمل بديوان النائب العام .. قلت (يقال) لأن شهادتي حول جزئية توبيخ النميري لهم سماعية .. لقد استمر توقف القضاة عن العمل بعد تقديم استقالاتهم لثلاث أشهر متتالية .. تعرض خلالها نظام الحكم لهزة عنيفة وانتقادات داخلية وعالمية حادة .. مما حدا برأس الحكم إلى التراجع والاعتذار .
تبعات استقالة القضاة : لم يكن قادة النظام المايوي وقتها يديرون البلاد بتكوينات حزبهم الوحيد المسمى بالاتحاد الاشتراكي .. فقد جلبت المصالحة الوطنية وضمت إليهم تنظيمات أخرى كانت تعارضهم في السابق .. منهم تنظيم الجبهة الاسلامية بقيادة الدكتور المرحوم حسن الترابي .. وحسب روايات قادة هذا التنظيم فقد تشبثوا بالنظام وانخرطوا في مكوناته .. آلين على أنفسهم أن تستمر استراتيجية تغلغلهم في النظام .والاستفادة منه .. لكي يتسنى لهم بناء قوتهم الإقتصادية .. وحشر كوادرهم واستقطاب غيرهم في مؤسسات الدولة والجيش .. لقد شكل إضراب القضاة وما أسفر عنه فرصة ثمينة تقوى قبضتهم حول رقبة النظام .. فأوغروا صدر النميري الذي خرج منهزما في معركته مع القضاة .. وأوعزوا إليه بإعلان تطبيق قوانين شرعية على البلاد .. وتشكيل جهاز للقضاء الجنائي من أفراد يختارون بعناية من بين الدارسين للقوانين الشرعية .. وغيرهم من أهل الموالاة من خارج الهيئة القضائية .. فكانت محاكم العدالة الناجزة الشهيرة بإرثها الأسوأ في تاريخ القضاء السوداني .. أرهب بها المجتمع والقوى السياسية .. غير أنها أي تلك المحاكم بما أبدته من قسوة وظلم وممارسة لا تمت لمبادئ العدالة بشيء.. كانت نذير شؤم ووبالا على النظام قبل غيره .. ودافعا لتجيش الناس وتهيئتهم للثورة على وجه أخص تلك الفئات المستضعفة في المجتمع .. الذين استهدفتهم تلك المحاكم بالجلد والقطع والصلب على رؤوس الاشهاد .. لا بحسبانهم الأخطر على النظام الحاكم .. بل بحسبانهم الفئة الأضعف إعمالا للمثل الشعبي ( دق القراف خلي الجمل يخاف) .. ثم جاءت قاصمة الظهر باستهداف زعيم الحزب الجمهوري.. الذي أعدم بتهمة الردة في محاكمة صورية بئيسة تبعتها استتابة عدد من أنصاره .. لقد انتبه الرئيس النميري مؤخرا للورطة التي زجه فيها تنظيم الإسلامين .. فأرد أن يقتص منهم ولكن بعد فوات الأوان .. حيث كانت المقاومة قد أنجزت شروط نجاحها وشرعت في تحريك المواجهة العلنية .. و بخروج مظاهرة طلاب جامعة أمدرمان الاسلامية توالت الأحداث .. وتصاعدت مسرعة بفضل الاستجابات السريعة من التنظيمات النقابية .. والجماهير التي تراكمت فوق كاهلها الظلامات.. فكان السادس من إبريل .. قطعا ليس هذا كل ما يمكن أن يقال عن حركة استقالات القضاة وتبعاته على النظام الحاكم آنذاك.. غير أنه الجزء الذي شاهدته وأشهد عليه..
| |
|
|
|
|
|
|
|