لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-13-2017, 09:30 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور

    هل خُلِق آدم في الأرحام؟ رؤية مختلفة لخَلْق الإنسان في القرآن الكريم
    الإصدار الثاني
    عبد الوهاب الصديق السناري
    الباب الخامس: هل يتعارض القرآن الكريم مع نظرية التطور؟

    نحو فهم أعمق لنظرية التطور

    يختلف المسلمون حول نظرية التطور ما بين معارضٍ ومؤيد. وتتمثل أقوى معارضة لها من قبل التيار السلفي، بينما يميل القرآنيون والباحثون في الحقائق القرآنية ذات الصلة بالعلوم التطبيقية إلى تأييدها. يميل التيار السلفي إلى معارضة النظرية لأسباب عدة أهمها أن بعضهم يرى أنها تتعارض مع ما ورد في روايات الحديث والقصة المأثورة عن خلق آدم. ويظن بعضهم أنها تنفي وجود الخالق وذلك بسبب ترويج بعض كُتاب النظرية البارزين، مثل ريتشارد دوكنز، أن حدوث التطور لا يتطلب وجود الخالق لأنه يحدث من تلقاء نفسه. ولذا فإنهم غالباً ما يلصقون تهمة الإلحاد بكل من يقر بها. وقد برز في الآونة الأخيرة العديد من المفكرين الإسلاميين الذين قبلوا هم وأتباعهم بها. بيد أن جلهم، إن لم يكن جميعهم، لم يتقبلوها بحذافيرها. وقد أبدى العديد منهم إعتراضه على فكرة تطور الإنسان لأن النظرية تنفي إحتمال أن يتطور النوع من فرد واحد، كما هو الحال فيما ورد عن روايات الحديث وأقوال المفسرين عن خلق الناس من آدم.

    ولعب اليهود والنصارى دوراً كبيراً في إقناع التيار السلفي خصوصاً ببطلان هذه النظرية لأنها تتعارض مع ما ورد في كتبهم تعارضاً صريحاً. وقد وقع العديد من المسلمين في هذا الفخ من خلال الأفلام والمنشورات التي روجت لها منظمات يهودية ومسيحية، والتي تُرجم الكثير منها إلى العربية. كما أن الشيوعية العالمية إستغلت نظرية التطور للتأسيس لفكرها الإلحادي والذي ركز على الدور السلبي الذي تلعبه الأديان في حياة الشعوب. وإستغلت الهيئات الدينية اليهودية والمسيحية ذلك للربط بين نظرية التطور والإلحاد لخدمة مصالهم الخاصة، مما أوقع المسلمين في نفس الفخ.

    ويعتبر بحثي هذا البحث الوحيد الذي لا يقر بوجود أي تعارضٍ بين القرآن الكريم ونظرية التطور. ففي نظري أن مثل هذا التعارض كان بسبب عدم تمكن المفسرين من فهم جميع نصوص خلق الإنسان أو لعدم فهمهم الصحيح لنظرية التطور أو للسببين معاً. كما أن الإعتماد على روايات الحديث في تفسير القرآن الكريم، والتي يناقض بعضها البعض ويناقض بعضها النصوص الصحيحة، رسخ لمفهوم قصة هيكل آدم الطيني والتي لم يرد لها أدنى ذكر في القرآن الكريم.

    عارض الكثير من المفسرين نظرية التطور لإعتقادهم الخاطئ أن الخلق معناه إيجاد المولى، جل شأنه، للمخلوق من العدم, وبالمقابل، فإن العلوم الحديثة، بما في ذلك نظرية التطور، تؤكد على عدم وجود أي شيء من العدم. كما أن المعنى اللغوي للشيءُ كما ورد في قواميس اللغة المتداولة هو الموجودُ أو ما يُتَصوَّر ويُخْبَر عنه. ويبدو جلياً مما سبق أن معاجم اللغة لا تقر أن الخلق معناه الإيجاد من العدم. كما أن القرآن الكريم يخلو من أي نص يدل على أن الخلق معناه الإيجاد من العدم. إلا أن هذه الفكرة تسللت إلينا من اليهود والمسيحيين الذين يؤمنون، إستناداً على ما ورد في العهد القديم، أن الله تعالى خلق جميع المخلوقات خلقاً منفصلاً، أي من العدم. وقد لخص القرآن الكريم الخلق في قوله تعالى:"كُن فَيَكُون" لأنه، جل شأنه، إذا أراد أمراً فإنما يقول له: "كُن فَيَكُون". وإذا كان الخلق معناه الإيجاد من العدم لكان الموت معناه الرجوع إلى العدم، ولقال الكافر يوم القيامة: "يا ليتني كنت عدما" بدلاً عن قوله تعالى: "يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا":
    إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40): سورة النبأ (78).

    المدهش حقاً أن العديد من المسلمين الذين يعترضون على نظرية التطور ليس لديهم فهم عميق عن الكيفية التي يحدث بها التطور. ولذا كان لزاماً علينا قبل الخوض في النصوص التي تتناول تطور الإنسان من سردٍ مختصرٍ للكيفية التي يحدث بها التطور. يتم خلق نوع جديد بالتطور عندما ينعزل بعض أفراد نوعٍ ما ولم يتمكنوا من التكاثر مع بقية أفراد النوع القديم الذي كانوا ينتمون إليه نتيجةً لتلك العزلة. ولنأخذ المثال التالي لشرح هذه الفكرة: تخيل أن مجموعة من الأرانب تعيش في منطقةٍ ما، وأنه على الرغم من بعض الإختلافات في ألوانها إلا أن اللون الأبيض يغلب عليها لأن التربة في ذلك المكان تميل إلى البياض مما يقيها شر الحيوانات المفترسة. تخيل حدوث بركان في المنطقة أو أي كارثة طبيعية أخرى أدت إلى الفصل بين أفراد تلك المجموعة، بحيث عاش بعضها في المنطقة البركانية والتي أصبحت تربتها سوداء بفعل البركان، بينما واصل البعض الآخر عيشه في المنطقة ذات التربة البيضاء والتي لم يصلها البركان.

    بالطبع سيكون لون الأرانب في التربة البركانية في بادئ الأمر شبيهاً بلون مثيلاتها في التربة البيضاء. تخيل أيضاً أن هناك صقراً يفترس هذه الأرانب في المكانين. سيجد هذا الصقر أن صيد الأرانب في التربة البركانية أصبح أكثر سهولةً لأن لونها الأبيض لا يمكنها من التخفي. وسوف يستمر الصقر في صيد أكبر عدد من الأرانب ذات اللون الأبيض في هذه التربة بينما يصعب عليه صيد الأرانب ذات اللون الداكن لكونها أكثر تمكناً من التخفي لأن لون بشرتها يتسق مع لون التربة التي تعيش فيها.

    مع مرور الزمن (بعد حوالي عشرين جيلاً أو أكثر) يمكننا ملاحظة أن لون الأرانب في المنطقة ذات التربة البركانية الداكنة صار مختلفاً تماماً عن لونها في المنطقة الأخرى نسبةً للنقصان الذي حدث في عدد الأرانب البيضاء ونسبة لتكيفها مع البيئة الجديدة. وإذا استمرت العزلة بين الأرانب في المنطقتين فسوف تتواءم كل مجموعة مع بيئتها ويتم توريث الصفات التي إكتسبتها كلٌ منهما نتيحة ذلك التلاؤم لأطفالها. وتبدأ التركيبة الجينية والصفات الموروثة بينهما في الإختلاف شيئاً فشيئا (اللون، الحجم، طرق تخفيها من الحيوانات المفترسة، الصوت، حجم المجموعة الأسرية، الغذاء، ودواليك). وسوف يأتي اليوم الذي لو رأى فيه أحد الأرانب الذي ينتمي إلى إحدى هاتين المجموعتين أرنباً ينتمي إلى المجموعة الأخرى فلن يخطر بباله أنهما ينتميان إلى نفس النوع. وعندما تختلف التركيبة الجينية لكل مجموعة (بعد مئات أو آلاف الأجيال) بحيث لا يتمكن أفراد أيٍ من المجموعتين من التكاثر مع أفراد المجموعة الأخرى نقول أن نوعاً جديداً قد تطور من ذلك النوع القديم.

    وعلى الرغم من وجود العديد من أوجه الإختلاف الظاهرية بين هذين النوعين إلا أن النوع الذي تطور حديثاً سوف يشبه في تركيبته الجينية النوع القديم في بادئ الأمر، حيث يقترب التشابه بين جيناتهما في ذلك الوقت من نسبة ال 99%. فسوف يرث هذا النوع الجديد ذو اللون الداكن من النوع الأصل جميع الصفات ذات الصلة بشكل ووظيفة الأجهزة الداخلية (الهيكل العضمي الجهاز العصبي والهضمي والدورة الدموية)، بل وجميع الأعضاء الداخلية (القلب، الرئتين، الكبد وغيرها من الأعضاء). كما أنه سوف يرث المظهر العام والأعضاء الخارجية، مثل الأطراف، من النوع الأصل، وذلك بسبب الجينات المثَّبتة التي ورثها ذلك النوع الجديد من أسلافه. ومع مرور الزمن سوف تتراكم الإختلافات الجينية بين النوعين وتتطور أنواع جديدة من كلٍ منهما أو ينقرض أحدهما أو كليهما بعد بعض ملايين السنوات.
    ولقد حثنا المولى، جل شأنه، أن نتدبر في خَلْق الكون والإنسان وبقية أنواع المخلوقات. فإذا تدبرنا، على سبيل المثال، لا الحصر، في خَلْق الإبل، إغتداءً بقوله تعالى:
    أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17): سورة الغاشية (88).

    لتعرفنا على العديد من الصفات التي تميزها عن سواها من الحيوانات، كمقدرتها على التكيف على العيش في الصحراء. وبالمقابل، قد نلاحظ أيضاً، أنها تشبة الإنسان وبقية الفقاريات في العديد من صفاتها، لا سيما في عدد الفقارات السبع التي تحتوي عليها رقبة جميع الثديات، وفي طريقة عمل أعضائها وأجهزتها الداخلية، كالدورة الدموية وأجهزتها العصبية والهضمية والتنفسية، وفي طريقة تكاثرها. فالإبل، بل الغالبية العظمى من الثديات، بما فيها الإنسان، تتكاثر بنفس الطريقة. يتميز هذا التكاثر بتكوين الزايجوت الناتج عن إلتحام الحيوان المنوي ببويضة المرأة، ومن ثم يتعلق الزايجوت برحم الأم ليستمد الطفل غذاءه منها بواسطة الحبل السري.

    ويختلف هذا النمط من التكاثر عن تكاثر الحشرات والأسماك والبرمائيات والزواحف والطيور، والتي تنمو أجنتها في بيضها الذي قد ينمو في بطن الأم أو خارجها. ويختلف التكاثر في هذه الحيوانات إختلافاً جذرياً عن تكاثر النباتات، والتي تتكاثر خُضَرياً أو زَهْرياً. كما أنه يختلف عن تكاثر الأنواع الأقل تطوراً مثل الباكتريا والفطريات، والتي يتم التكاثر فيها بالإنقسام البسيط. هذا، وقد صنف علماء علم الأحياء المخلوقات الأرضية إلى مجموعات تتشابه في كيفية تناسلها وفي نمط حياتها وتركيبتها الجينية. وقد أوردتْ نظرية النشوء والتطور المنسوبة إلى شارلس دارون من الأدلة ما يثبت أن جميع هذه الأنواع بدأت من كائنات وحيدة الخلية وغاية في البساطة. ومن ثم تطورت هذه الكائنات البسيطة، ونتجت منها جميع الكائنات التي تعيش اليوم أو عاشت من قبل في الأرض.

    وقد حثنا القرآن الكريم أيضاً بالسير في الأرض والتفكر في بداية الخَلْق:
    قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20): سورة العنكبوت (29).
    فهل في ذلك الحث تذكير لنا أن نبحث في الأرض وندرس المتحجرات التي خلفتها الأنواع التي عاشت فيها منذ بلاين السنوات، وأن نتمعن في نظريات مثل نظرية النشوء والتطور، لنثبت للعالم أن القرآن الكريم قد فصَّل لنا عنها قبل 14 قرن من الزمان؟ أو أنها، ليس كما يدعي بعض مروجيها، دليل على عدم وجود الخالق؟

    بإمكانك تحميل هذا البحث ومقالات أخرى من المواقع التالية:
    https://sites.google.com/site/abdelwahabsinnary/
    https://www.facebook.com/groups/mankindinquran/https://www.facebook.com/groups/mankindinquran/
    https://www.facebook.com/sinnaryabdelwahabhttps://www.facebook.com/sinnaryabdelwahab

    (عدل بواسطة عبد الوهاب السناري on 01-13-2017, 09:31 AM)
    (عدل بواسطة عبد الوهاب السناري on 01-13-2017, 09:33 AM)

                  

01-13-2017, 09:34 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    أطوار الخلق من طين في سورة السجدة

    تضمن القرآن الكريم ثلاثة مجموعات من الآيات فصَّلتْ لنا في الخَلْق من طين، أول هذه المجموعات قوله تعالى:
    الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (9): سورة السجدة (32).

    المعنى الظاهر لهذه الآيات أن الله تعالى بدأ خَلْق الإنسان من طين؛ ثم جعله يتناسل بالماء المهين، أي المني؛ ثم سواه ونفخ فيه من روحه؛ وأكمل خَلْقه، بعد ذلك بأن جعل له السمع والأبصار والأفئدة. قال الطبري والقرطبي وابن كثير في تفسير الآيات السالفة، أنه تعالى، بدأ خَـلْق آدم من طين، ثم جعل ذريته أو نسله تأتي من سلالة، أو من خلاصة الـماء المهين، والذي إنسلّ أو خرج من آدم. ثم رجع إلى آدم، فسوى خَلْقه ونفخ فيه من روحه. ثم رجع إلى ذريته فجعل لها السمع والأبصار والأفئدة.

    وقد أوضح الرازي أن أكبر ضعف في التفسير السابق أنه يفترض أن تسوية آدم ونفخ الروح فيه تمتا بعد جَعْل نسله يأتي من الماء المهين. قال الرازي في هذا الشأن: "وعلى ما ذكرتم يبعد أن يقال: "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ" عائدٌ إلى آدم أيضاً، لأن: "ثم" للتراخي، فتكون التسوية بعد جعل النسل من سلالة، وذلك بعد خَلْق آدم". ولذا فقد فضل الرازي تفسير هذه الآيات على أساس أن الإنسان أصله من الطين، ثم يوجد من ذلك الأصل سلالةٌ هي من ماء مهين. ليس فقط عدم إتساق تسلسل أحداث الخلق هو ما يضعف تفسير الرواد للنصوص السالفة، بل أيضاً زعمهم أن: "الْإِنسَانِ" تدل على آدم أحياناً: "وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ"، وعلى ذريته أحياناً أخرى: " ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ". وذلك على الرغم من أن مفردة: "الْإِنسَانِ"، كما وردت في القرآن الكريم، لم تشر إلى فرد بعينه سواء أن كان آدم أو غيره.

    وقد أشار الرازي إلى أن خَلْق الإنسان لم يكتمل إلا بعد أن نَفَخ المولى، جل شأنه، فيه من روحه وحباه بالسمع والأبصار والأفئدة، وإستدل على ذلك بتحول أسلوب الخطاب من خطاب عام إلى خطاب مباشر إلى الإنسان بعد نَفْخ الروح وبدء الحياة فيه. قال الرازي في هذا الصدد: "ولم يُخَاطب (الإنسان) من قبل، وذلك لأن الخطاب يكون مع الحي، فلما قال: "وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ"، خاطبه من بعده، وقال: "وَجَعَلَ". وربما آثر الرازي ألا يسترسل أكثر من ذلك في شرح تفسيره، ربما لتخوفه من عدم تقبل عقول الناس له في ذلك الزمان، نسبةً لعدم وجود المعارف التي تؤيده، خاصة أن ذلك الرأي لم تسنده روايات الحديث أو ما سبقته من تفاسير. ففي ذلك الوقت لم يخطر ببال أحد أن أصل الإنسان، أو أن الأصل الذي خُلِقت منه جميع أنواع المخلوقات في الأرض، كان من طين. وربما كان الرازي أكثر جرأة في طرح مثل هذه الآراء، لو أنه أُتيح له الإطلاع على التجارب التي أجرها العلماء بعد حوالي ألف سنة من وفاته، والتي تشير إلى إحتمال بدء الحياة في الأرض من أحماض أمينية، نتجت في بيئة طال فيها إختلاط الطين بالماء.

    قبل الإسترسال في شرح هذه الآيات، دعونا نقف برهةً لشرح النسل والسلالة ونبحث عن ورودهما في القرآن الكريم. فهما مفردتان ذواتا معانٍ عديدة ومتقاربة، وقد يحدث ورودهما في نفس الآية خلطاً في تفسير النص. النسلُ أصلٌ كبير معناه إنفصال الشيء من غيره. ويقال أن الخَلْقَ تناسلوا إذا أنسَل بعضُهم بعضاً أو وُلِد بعضهم من بعض. ويقال تناسَل بنو فلان إِذا كثر أَولادهم. أما لغوياً فلا يُطلق النسل فقط على الإنسان، إنما على الحيوان أيضاً. وبذا يمكننا تعريف النسل على أنه الخَلْق أو الولد من الإنسان أو الحيوان، لأنهم أنسلوا بعضهم بعضاً، أو أنه الكيفية التي يتناسل بها أي نوع من أنواع المخلوقات. فتناسل الإنسان، على سبيل المثال، يتم عن طريق الماء المهين، أما تناسل الكائنات البدائية، مثل الباكتيريا، فيتم بالإنقسام البسيط. بإستثناء ما ورد في سورة السجدة: "نَسْلَهُ"، وردت: "النَّسْلَ" مرةً واحدة في القرآن الكريم للإشارة إلى ولد الإنسان أو الحيوان في معرض الحديث عمن يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل:
    وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205): سورة البقرة (2).

    إتفق المفسرون أن في: "النَّسْلَ إشارة إلى نسل الناس أو نسل الأنعام أو كليهما، وهذا أمرٌ لابد من الوقوف عليه. فقد أشار القرآن الكريم دوما إلى أولاد الإنسان المتسلسلين بالذرية وليس بالنسل. لكن قال المفسرون أن: "نَسْلَهُ"، كما وردت في الآية 8 من سورة السجدة تشير إلى ذرية آدم أو إلى كيفية تناسلهم. فقد تكررت: "ذرية" في القرآن الكريم 31 مرة، للدلالة فقط على تسلسل أبناء الناس من بعضهم البعض. كما وردت فيه مرةً واحدة للإشارة إلي نسل إبليس:
    وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50): سورة الكهف (18).

    وعلى الرغم من أن الذرية تعنى أيضاً النسل والسلالة، إلا أنها تقتصر من حيث اللغة على وصف نسل الناس، بينما يمقتصر وصف أبناء الحيوان فقط على النسل والسلالة، وليس الذرية. ولعله لهذا السبب لم ترد: "نسل" أو مشتقاتها في القرآن الكريم لوصف تسلسل أبناء الناس، إلا فيما قال المفسرون أنها تشير إلى ذلك في الآية 8 من سورة السجدة. فما السر إذاً في وصف القرآن الكريم دوماً لتسلسل أبناء الإنسان بعضهم البعض بالذرية، إلا في الآية 8 من سورة السجدة، حيث حلت: "نَسْلَهُ" محل: "ذريته"، على حد رأي هؤلاء المفسرين؟ وهل في قوله تعالى: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ" إشارة إلى نسل الإنسان، أم أن فيه إشارة إلى نسل الحيوان أيضاً، أسوةً بما ورد في الآية 205 من سورة البقرة، والتي أجمع معظم المفسرين أن فيها إشارة للإثنين معاً؟ ولكن، قبل الإجابة على هذا السؤال، دعونا نقف عند معنى السلالة.

    السلالة أصلٌ كبير معناه إنتزاعُ الشيء وإِخراجُه في رِفق، وهي مشتقة من السَّل. ويمكننا وصف النطفة والولد والذرية بأنهم سلالة الإنسان، لأنهم جميعاً مسلولون منه. تكررت مفردة: "سُلَالَةٍ" مرتين فقط في القرآن الكريم، أولاهما في الآية 8 من سورة السجدة، وثانيتهما في الآية 12 من سورة المؤمنون، والتي تصف أيضاً أطوار الخَلْق من طين:
    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12): سورة المؤمنون (23).

    وقد رجَّح المفسرون أن المعنى الأقرب للسلالة هو الخلاصة، لكنهم إختلفوا في المعنى الذي تشير إليه في هذين النصين. قال بعض المفسرين أنها تشير إلى آدم لأنه خُلِق أو أُستل من طين. بينما ذكر البعض الآخر أنها صفوة الماء والذي قالوا أنه مني آدم، أو النطفة التي خُلِقت منها ذرية آدم. وقال آخرون أنها تشير إلى جميع الناس من بني آدم، لأنهم جميعاً أُستُلوا من ظهره. ولكن لم يخطر ببال هؤلاء المفسرين أن المعنى اللغوي الأكثر شيوعاً للسلالة هو الأبناء المتسلسلين من الإنسان أو الحيوان.

    ولابد لكل من يقول أن في السلالة إشارة إلى تسلسل ذرية الإنسان من بعضهم البعض أن يأتي بسبب مقنع يبين من خلاله المنطق وراء إستعاضة الذرية بالسلالة، خاصةً إذا علمنا أن القرآن الكريم أشار إلى تسلسل أبناء الناس من بعضهم البعض فقط بالذرية. فقد ورد في النصوص السالفة صراحةً أن خَلْق الإنسان لم يبدأ من آدم، بل من طين: "وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ"، ومن السلالة من طين: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ". ولم يرد قط فيه أن آدم هو الطين، بل أنه مجرد بشر خُلِق من طين، مثله مثل بقية الناس. فإذا بدأ الخَلْق من طين بآدم، لقال: "ثم جعل ذريته من ماء مهين"، نسبةً لإقتران الذرية في اللغة وأيضاً في القرآن الكريم فقط بالناس من دون سواهم من المخلوقات. ولكن ورود: "نَسْلَهُ" و: "سُلَالَةٍ" يدل أن تسلسل خلق الناس لم يبدأ من آدم، بل من طين ومن السلالة من طين. أما الدليل الثاني أنه ليس في جَعْل نسل الإنسان من سلالة من ماء مهين: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ"، أية إشارة إلى خَلْق الإنسان الفرد في الأرحام (الخلق من تراب)، بل إلى خَلْق الجنس الإنساني من طين أو بالتطور، ورود: "جَعَلَ"، والتي لم ترد في نصوص خلق الإنسان لتصف طوراً من أطوار الخَلْق، كالنطفة أو العلقة مثلاً، وإنما وردت فيه بمعنى تصيير الشيء أو للإشارة إلى الخَلْق المركب. فقد وصف القرآن الكريم خَلْق الإنسان الفرد من ماء مهين بالخَلْق:
    أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ (20): سورة المرسلات (77).

    وبناءً على ذلك فإن الخَلْق من ماءٍ مهين يشير إلى الخَلْق من تراب، وهو خَلْق الإنسان الفرد في الأرحام. بينما يدل جَعْل نسل الإنسان من سلالة من ماء مهين على تغير الطريقة التي يتناسل بها الإنسان الحيواني، من طريقة بدائية، إلى التكاثر بواسطة الماء المهين.

    يمكننا الآن تفسير الآيات 7 – 9 من سورة السجدة كما يلي: يدل قوله تعالى: "وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ"، أن خَلْق الإنسان بدأ من طين، أو أن أصل الإنسان، كما قال الرازي، كان من طين. وعلى عكس ما رجح رواد المفسرين فإن ذلك الخَلْق لم يبدأ بآدم، بل من مخلوقاتٍ إنبثقت مباشرةً من الطين، ثم تطورت في العديد من نواحي حياتها بما في ذلك سبل تكاثرها. لم يكتمل خَلْق الإنسان في طور الطين أو حتى في الأطوار التي تلته مباشرةً، والتي يمكننا أن نطلق عليها أطوار ما قبل الإنسانية، لأن الإنسان لم يكن حياً في ذلك الحين (كما قال الرازي). لم تتناسل المخلوقات التي إنبثقت مباشرةً من الطين عن طريق الماء المهين، لكن بطرق أخرى أكثر بساطة، مثل الإنقسام البسيط، الذي يميز تكاثر الكائنات البسيطة.

    وتلى طور الخلق من طين طورٌ جديدٌ أصبح التناسل فيه أكثر تعقيداً، حيث حل التكاثر بالماء المهين، وهي نفس الكيفية التي يتناسل بها الإنسان وكثير من الحيوانات، محل الإنقسام البسيط وأيضاً محل أنواع التكاثر الأخرى التي لا تتم بواسطة الماء المهين أو المني: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ". وتلى هذا الطور طور خَلْق الإنسان في الأرحام: "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ"، والذي إكتمل عندما حباه المولى، جل شأنه، بالسمع والأبصار والأفئدة: "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ"، وهو ما ميزه عن سواه من المخلوقات.

    ورد التأكيد على إكتمال خلق الإنسان عندما حباه الله تعالى بالسمع والأبصار والأفئدة مصحوباً بتحول الخطاب من خطابٍ عام إلى خطاب مباشر مُوجه مباشرةً للإنسان. فقد بدأت الآيات السالفة بقوله تعالى: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ"، وجاء فيها الخطاب عاماً وغير موجه إلى مُخَاطَبٍ بعينه. وتوالى نفس أسلوب الخطاب في قوله تعالى: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ"، وفي قوله تعالى: "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ". ولم يتحول الخطاب من خطاب غير مباشر إلى خطاب مباشر للإنسان إلا بعدما جعل الله تعالى له السمع والأبصار والأفئدة: "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ". وقد ورد هذا التحول للدلالة على إكتمال خَلْق الإنسان، لأنه النوع الوحيد الذي ميزه المولى، عز وجل، بالسمع والأبصار والأفئدة، من دون سائر المخلوقات:
    وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78): سورة النحل (16).
    وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (78): سورة المؤمنون (23).
    قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (23): سورة الملك (67).

    قد يكون هذا التفسير مستغرباً في بادئ الأمر، ولكن قد يزول هذا الإستغراب إذا علمنا بوجود مجموعة أخرى من الآيات تؤكد عليه وتعضده.
                  

01-13-2017, 09:35 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    أطوار الخلق من طين في سورتي المؤمنون والأنعام

    بإستثناء الزمخشري والرازي، فقد إتسمت تفاسير بقية الرواد للآيات التالية، بتشابه بعضها البعض:
    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16): سورة المؤمنون (23).

    قال معظم رواد التفسير أن في قوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ" إشارة إلى آدم. وقالوا أن الآيتين التاليتين لها تصفان خَلْق بقية الناس في الأرحام. لكن يتصف هذا التفسير بالعديد من نقاط الضعف، أهمها أن رواد التفسير ذكروا أن: "الْإِنسَانَ" تشير إلي آدم في الآية 12، وإلي ذريته في الآيتين 13 و 14، بينما تشير إلي جميع الناس في الآيتين 15 و 16. وربما حدت مصادر الضعف هذه بالزمخشري والرازي أن يفسرا الآيات السالفة على نحوٍ مختلف عن غيرهما من رواد التفسير، حيث رجحا أن الآيات 12 – 14 تشير إلى خَلْق جوهر الإنسان أولاً طيناً، ثم جعل جوهره بعد ذلك نطفةً إستقرت في الرحم، أو القرار المكين. وهنا نلحظ أيضاً جنوحهما إلى التمييز بين الإنسان وبين آدم.
    رأى معظم رواد التفسير أن في قوله تعالى: "ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ" دلالة، إما على نفخ الروح في الجنين أو إلى خروجه من بطن أمه. لكن، على عكس نصوص الخَلْق من طين فقد وصفت نصوص الخَلْق من تراب (الآية 5 من سورة الحج والآية 67 من سورة غافر) الإنسان بعد خروجه من بطن أمه بالطفل: "ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا"، وليس بالخَلْق الآخر. يتمثل الدليل على أن إنشاء الإنسان خَلْقاً آخر لا يدل على خروج الطفل من رحم أمه في البحث عن تكرار: "آخر" و: "نشأ" ومشتقاتهما في القرآن الكريم. فقد وردت: "آخر" فيه فقط بمعنى الأجول أو التأخير. كما أن النصوص التي تطرقت إلى نشأة الناس تدل إما على نشأتهم من أناس أخرين:
    أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (6): سورة الأنعام (6).
    وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133): سورة الأنعام.
    وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11): سورة الأنبياء (21).
    ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31): سورة المؤمنون (23).

    أو أنها تدل على نشأة الناس من نفس مختلفة عنهم، أو ما وصفتها الآية الكريمة بالنفس الواحدة:
    وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98): سورة الأنعام (6).

    أو أنها تدل على نشأة الأجنة من أناس أخرين، هما الأب والأم.
    الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32): سورة النجم (53).

    وبالمثل فإن الآية 32 من سورة النجم تؤكد تأكيداً قاطعاً أن المولى، عز وجل، يُنشئ الجنين في بطن أمه خَلْقاً آخر، ولكنه لا ينشئه خَلْقاً آخر عندما يخرج من بطن أمه. فالجنين ينشأ في بطن أمه خَلْقاً آخر لأنه ينتج من أبوين مختلفين عنه. أما عندما يخرج الطفل من بطن أمه، فإنه لا ينشأ خَلْقاً آخر، لأنه نفس المخلوق الذي كان في بطن أمه عندما كان جنيناً، ولكنه إنتقل فقط من طور الخَلْق في الأرحام إلى طور الطفولة. فإذا إستهدينا بما ورد في القرآن الكريم من معنى: "آخر"، لتبين لنا أن قوله تعالى: "ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ" إما أن يعني: "ثم أنشأناه خَلْقاً يختلف عن الخَلْق الذي كان عليه"، أو أنه يعني: "ثم أنشأناه خَلْقاً متأخراً (زمنيا) عن المخَلوقات التي عاشت قبله"، وكلا المعنيين جائز في وصف ذلك الخَلْق الآخر. فإن وصفت آيات الخَلْق من تراب الطفولة على أنها طور من أطوار حياة الإنسان، وليس بالخَلْق الآخر، ألا يرجح ذلك إحتمال أن الخَلْق الآخر تشير إلى الإنسان الذي خُلِق خَلْقاً آخراً مختلفاً عن المخلوقات التي إنبثق منها؟ أليس هو نفس الإنسان الذي جاء خَلْقُه متأخراً عن خلق المخلوقات التي إنبثق أو تطور منها؟

    لابد لنا بعد هذا الشرح الموجز من الوقوف أولاً عند المثانية بين النصوص التي وردت فيها وفي سورة السجدة. يمكننا بقليل من التدبر إستنتاج أن قوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ" يتثانى مع قوله تعالى: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ". إستناداً على هذه المثانية المكملة يمكننا تفسير النصين السالفين من خلال التوفيق بين ما ورد فيهما على النحو التالي: بدأ خلق الإنسان من سلالة أو مخلوقات إنبثقت مباشرةً من الطين وتسلسلت من بعضها البعض.

    تطورت بعد ذلك الكيفية التي تتناسل بها هذه المخلوقات حيث أصبحت تتكاثر بالنطفة أو البويضة المخصبة التي تستقر في القرار المكين: "ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ". يشير القرار المكين إلى الرحم وغيره من مواضع حفظ الأجنة في جوف الأم في بعض المخلوقات كالطيور. وقد ثبت في علم الأحياء أن المخلوقات التي تنمو أجنتها في القرار المكين تتناسل بالماء المهين، وهو ما تشير إليه المثانية في قوله تعالى: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ".

    تميز الطور التالي بخلق الإنسان في الأرحام: "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا". وهذا ما يؤكد عليه النص المثاني والمتشابه التالي: "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ". وأشارت النصوص في سورة السجدة إلى إكتمال خُلِق الإنسان بقوله تعالى: "ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" وفي سورة المؤمنون تمت الإشارة إليه بقوله تعالى: "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ". وعندما إكتمل خَلْق الإنسان العاقل، تحول أسلوب الخطاب من خطاب عام إلى خطابٍ مباشر: "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ"، "ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ" لكونه أصبح قادراً على فهم ما يقال أو يُتلى له.
    تؤكد هذه المثانية على تطابق أطوار الخلق من طين في كلٍ من سورتي السجدة والمؤمنون، وهو تطابق لا يمكن لعاقل أن يدعي أنه ورد بمحض الصدفة. ويمحو هذا التفسير أي لبس صاحب التفاسير التقليدية لهذه النصوص. فهو لا يحل فقط عقدة خلط المفسرين لأطوار خلق الإنسان في سورة السجدة، بل ويجعل أيضاً تفسير السلالة منسجماً في السورتين. أضف إلى ذلك أن: "الإنسان" تشير فيهما فقط للجنس الإنساني أسوةً بما ورد في القرآن الكريم. كما أن تحول الخطاب من خطاب غير مباشر إلى خطاب مباشر بعد بروز الإنسان العاقل لا يمكن أن يكون وليد الصدفة. ويميز هذا التحول في الخطاب بين نصوص الخلق من طين ونصوص الخلق من تراب، والتي تتميز جميعها بالخطاب المباشر لأنها تخاطب الإنسان العاقل بعدما حباه الله تعالى بالسمع والأبصار والأفئدة وجعله خلقاً آخر يختلف عما سبقته من المخلوقات.

    لقد وقفنا حتى هذه اللحظة، أيها القارئ الكريم، على مجموعتين من الآيات التي تصفان أطوار خلق الإنسان من طين، وإتضح لنا أنهما تتفقان في تطابق أطوار الخلق من طين التي وردت فيهما. أما الآية الثالثة المرتبطة بهذا الخلق فلم تُفَّصِل في هذه الأطوار، لكنها تؤكد على ما ورد في مجموعتي الآيات السابقة:
    هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (2): سورة الأنعام (6).

    قال المفسرون أن قوله تعالى: "خَلَقَكُم مِّن طِينٍ" يشير إلى آدم، عليه السلام، لأنه أبو البشر الذي خُلِق مباشرةً من الطين دون سائر الخَلْق. وبعدما خَلَق المولى، جل شأنه، آدم، قضى أجلين لكل إنسان: "ثُمَّ قَضَى أَجَلاً"، "وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ". قال المفسرون، أنه تعالى حدد وقت إنقضاء الأجل الثاني: "وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ"، لأنه بتسميته جعله معلوماً عنده، أو مذكوراً إسمه في اللوح المحفوظ. ومن ثم خاطب، جل شأنه، الناس أو المشككين منهم، وذَكَّرهم بمرائهم.

    وقد إختلف المفسرون في تحديد ماهية هذين الأجلين. فرجح جلهم أن الأجل الأول يمتد ما بين خَلْق المرء وموته، أي أجل الدنيا؛ والثاني ما بين موت المرء وبعثه، أي أجل الآخرة. وقال بعض من خالف هذا الرأي، أن الأجل الأول هو أجل الآخرة، والثاني أجل الدنيا. وقال البعض الآخر، أن الأول يشير إلى النوم، حيث تقبض فيه الروح، ثم ترجع إلى صاحبها حين اليقظة؛ والثاني إلى الموت. وقال آخرون أن الأول يشير إلى آجال الماضين من الخَلْق، والثاني إلى آجال الباقين منهم. وذهب غيرهم إلى القول أن الأجل الأول هو مقدار ما إنقضى من عمر كل إنسان، والثاني مقدار ما بقي من عمره. وقال آخرون أن لكل إنسان أجلين، أجل طبيعي ينتهي إليه عمره إذا ظل مصونا من العوارض الخارجية، وأجل إخترامي يحصل بسببٍ من الأسباب الخارجية.

    ولنقف الآن عند هذه الآية، لنبين مواطن الضعف في شرح الرعيل الأول من المفسرين لها. قال رواد التفسير أن قوله تعالى: "خَلَقَكُم مِّن طِينٍ" يشير إلى آدم، عليه السلام، وفى هذا، كما نعلم، كَسْرٌ لقاعدة أن الإنسان هو الإنسان. أما السبب الثاني الذي يضعف رأي هؤلاء الرواد، أن ربطهم للأجلين بالإنسان يدل على قضاء هذين الأجلين بعد خَلْق الناس وإمترائهم. بينما يشير سياق الآية أن مراء الناس حدث بعد إنقضاء الأجلين، والدليل على ذلك ورود: "ثم"، وتكرارها مرتين لتفيد التراخي بين الأحداث. بدأت هذه الأحداث بخَلْق الناس من طين: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ"، والذي تلاه قضاء الأجل الأول وإنفاذه: "ثُمَّ قَضَى أَجَلاً ". وبعد قضاء وإنفاذ الأجل الأول، تم إنفاذ الأجل الثانى: "وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ". وأخيراً أصبح الناس يمترون بعد قضاء هذين الأجلين: "ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ". فهذا التسلسل في الأحداث ينفي نفياً قاطعاً إرتباط هذين الأجلين بالناس، لأن الآية تدل على أن الناس خُلِقوا بعد إنقضائهما.

    المراء يعني الشك، ولعل في تضمن هذه الآية له دلالة على إكتمال خَلْق الإنسان، لأنه من صفات الإنسان، وليس غيره من الأنواع. فقد وردت مرأ ومشتقاتها في القرآن الكريم في 20 موضعاً، كلها مقترنةً بالإنسان، وليس بغيره من الأنواع، نقتطف منها الآيات التالية على سبيل المثال لا الحصر:
    فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94):سورة يونس (10).
    وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55): سورة الحج (22).
    يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18): سورة الشورى (42).

    فإن لم تكُن هذه الآجال آجال بشر، فعلى ماذا تدل؟ هي في الحقيقة آجال أو أطوار الخلق من طين والتي يمكن التحقق منها من خلال البحث في المثانية بين الآية 2 من سورة الأنعام ونصوص الخلق من طين التي وردت في سورتي السجدة والمؤمنون. فقوله تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ" يتثانى مع: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ" ومع: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ". أما قوله تعالى: "ثُمَّ قَضَى أَجَلاً" فيتثانى مع: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ" ومع: "ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ". ويتثانى قوله تعالى: "وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ" مع: "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ" ومع: "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا". ألا يرى القارئ الكريم من هذا التفسير أن الآجال التي قضاها الله تعالى ليست آجال بشر، كما قال المفسرون، بل هي أطوار الخلق من طين؟ ولكن، ما مدى التوافق بين أطوار الخلق من طين كما وردت في النصوص السالفة وبين ما ورد في العلوم التطبيقية الحديثة عن تطور الإنسان؟

    تدل العلوم الحديثة أن جميع أنواع الحياة في الأرض إنبثقت من مخلوقات بسيطة ذات خلية واحدة، تمكنت من الإنبثاق مباشرةً من الطين الذي وصفه القرآن الكريم بالطين اللازب أو الصلصال من حمإ مسنون أو الصلصال كالفخار، قبل حوالي 3.8 بليون سنة. وكانت هذه المخلوقات تتكاثر بالإنقسام البسيط لتستنسخ أطفالاً طِبْق الأصل منها. وعلى الرغم من تشعب هذه الأنواع البدائية وتنوعها إلا أنها ظلت تتكاثر لأكثر من بليونين سنة بإستنساخ أنفسها. وبمرور الزمن طور بعضها أنواعاً أكثر تعقيداً من التكاثر مثل التكاثر الزهري والخضري في النباتات. وتمكنت قبل حوالي ما يزيد عن البليون سنة بقليل بعض الحيوانات من أن تتكاثر جنسياً بين ذكورها وإناثها، بدلاً عن كونها كانت تتألف فقط من الإناث. وكان هذا التكاثر بسيطاً في كل نواحيه، وأهم ما كان يميزه عدم وجود رحم ينمو فيه الجنين، كما هو الحال في الحشرات والأسماك والبرمائيات والزواحف. وتتميز هذه الأنواع بنمو أجنتها في البيض خارج بطن الأم.

    وبمرور الزمن أصبح بإمكان هذه الإناث أن تحمل أجنةً داخل جوفها. بيد أن هذه الأجنة ظلت تعيش منفصلةً عن الأم في داخل كيس أو بيضة تحتوي على الغذاء الذي يحتاج إليه الجنين طيلة فترة الحمل، دون أن يتغذي من أمه، كما هو الحال في حيوان الكانقرو الأسترالي. تطور هذا التكاثر تدريجياً بحيث أصبح الجنين متصلاً بالأم بواسطة الحبل السري، والذي يتغذي بواسطته الجنين ويتخلص أيضاً من فضلاته من خلاله، كما هو الحال في غالبية الثديات بما في ذلك الإنسان.

    وقبل حوالي أربع مليون سنة برز إلى حيز الوجود الإنسان المنقرض، والذي تشبه أطوار خَلْقه في الأرحام، إلى حدٍ كبير، أطوار خَلْق الإنسان الحديث الذي برز إلى حيز الوجود قبل حوالي 200 ألف عام. وقد إستخدم القرآن الكريم تعبيراً غايةً في اللطف: "ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" للدلالة على بروز الإنسان الحديث. وياله من تكريم ذلك الذي أضفته: "تَبَارَكَ" إلى الإنسان وميزته عن سواه من المخلوقات. إذ لم ترد: "تَبَارَكَ" في القرآن الكريم إلا مقترنةً بأسمى الأشياء والمعاني كإسم الجلالة والمُلْك وخلق السموات والأرض وخلق الإنسان. ولا يملك العقل إلا أن يقف حائراً أمام وصف القرآن الكريم للتطور من خلال عملية التكاثر، والتي تحفظ النوع من الإنقراض وتتسبب في توارث الصفات الوراثية، والتي لولاها لما حدث التطور أصلاً.
                  

01-13-2017, 09:37 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    دلائل أخرى على الخلق من طين

    على الرغم من أن النصوص التي أوردناها سالفاً تشير صراحةً إلى أطوار الخَلْق من طين، إلا أن القرآن الكريم ذاخر بالنصوص الأخرى التي قد تبدو الإشارة فيها إلى هذه الأطوار خفيةً بعض الشيء، كما هو الحال في النصوص التالية:
    هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2): سورة الإنسان (76).

    قال رواد التفسير أن قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يشير إلى أطوار خَلْق آدم عندما كان هيكلاً من طين، بينما يشير: "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" إلى خَلْق ذرية آدم الذين خُلِقوا من نطفة. وهنا أيضاً فُسرت: "الْإِنسَانَ" على أنها تشير إلى آدم في الآية الأولى، وإلى ذرية آدم في الآية الثانية من سورة الإنسان. بيد أن الأيتين السالفتين تؤكدان أن الإنسان لم يكن شيئاً مذكورا قبل أن يُخْلَق من نطفةٍ أمشاج. فإذا أخذنا بقول المفسرين أن قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يشير إلى أطوار خلق آدم عندما كان هيكلاً من طين، ألا يعني ذلك أن آدم لم يكن شيئاً مذكوراً لأنه، على حد قولهم، لم يخلق من نطفة أمشاج؟ وبالمثل، ألا يعني ذلك أيضاً أن حواء، وهي التي خُلقت من ضلع آدم على حسب قول المفسرين، لم تك شيئاً مذكوراً؟

    أما إذا تم تفسير هاتين الآيتين على ضوء الخَلْق من طين، لتبين لنا أن قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يشير إلى الإنسان في أطوار ما قبل الإنسانية وما قبل طور الإنسان العاقل، حيث كان واحداً من العديد من الأنواع غير العاقلة وغير الجديرة بالذكر. بينما يشير: "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" إلى خَلْق الإنسان في الأرحام، ويشير: "فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا" إلى بروز الإنسان العاقل إلى حيز الوجود عندما صار سميعاً بصيرا. وبذا يصبح الإنسان هو الإنسان، ويصبح كل إنسان، بما في ذلك آدم وحواء، مخلوق من نطفة كما ورد في الآيات السالفة. وبالمثل، تؤكد الآيتان التاليتان على الخَلْق من طين:
    قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9): سورة مريم (19).
    أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67): سورة مريم (19).

    ببساطة، تؤكد هاتان الآيتان أن زكريا، عليه السلام، خُلِق مرتين، مثلما خُلِق الإنسان مرتين. لكن لم يلتفت رواد التفسير لهذه الحقيقة، ربما لإغفالهم للأثر الذي تضفيه: "مِن قَبْلُ" إلى معنى الآيتين. تكرر ورود: "مِن قَبْلُ" في القرآن الكريم 68 مرة للدلالة على الشبه أو التطابق بين حدثين حدث أولهما في الماضي، وحدث الثاني لاحقاً. ولا تدل: "مِن قَبْلُ" فقط على وقوع الحدث في الزمن الماضي، بل أيضاً على التشابه بين الحدث الحالي وبين الحدث الذي وقع في الزمن الماضي. وتمتد الفترة الزمنية التي تشير إليها: "مِن قَبْلُ" بين وقوع الحدث الأول وبين وقوع الحدث الثاني.

    يتضح لنا مما سبق أن قوله تعالى لزكريا: "وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا" يعنى: "أني خلقتك من قبل أن أخلقك على الخَلْق الذي أنت عليه الآن، ولم تك وقتها شيئا، أي قبل أن أخلقك الخلق الأول". وأن قوله تعالى عن الإنسان: "أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا" مفاده: "ألا يذكر الإنسان أني خلقته من قبل أن أخلقه على الخَلْق الذي هو عليه الآن، حيث لم يكن حينها شيئا". أما إذا لم تتضمن هذه الآيات: "مِن قَبْلُ"، فسوف يختلف تفسيرهما تماماً، بحيث يكون تفسير الآية 9 على النحو التالي: "ألا تذكر يا زكريا أنك لم تكُ شيئاً قبل أن أخلقك". وبالمثل، تُفسر الآية 67 على النحو التالى: "ألا يذكر الإنسان أنه لم يكن شيئا قبل أن أخلقه". فإن كان الخَلْق الحالي للإنسان يشير إلى خَلْق كل إنسان من تراب، فإن الخَلْق الأول يشير إلى الخَلْق من طين.

    ويشكل الخَلْق من طين والخلق من تراب ما وصفه القرآن الكريم بالخَلْق الأول أو النشأة الأولى، مقارنة بالنشأة الآخرة، والتي تشير إلى البعث. وتحتوي النشأة الأولى على شقين: النشأة من الأرض: "إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ"، وهو ما يشير إلى الخَلْق من طين؛ والنشأة في بطون الأمهات: "وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ"، وهذا ما يشير إلى الخَلْق من تراب:
    الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32): سورة النجم (53).

    ويمكن القياس على ذلك في معرض الحديث عن خَلْق بقية الأنواع الأرضية. فخَلْق الإبل من تراب، على سبيل المثال، يشير إلى خَلْق كل فرد من أفراد هذه المجموعة من تراب، أو بالتكاثر الجنسي. وبالمقابل، فإن خَلْق الإبل من طين يشير إلى خَلْق الإبل، كأحد الأنواع من المخلوقات الأرضية، مثل البقر والماعز وغيرها. ولعل هذا التداخل الكبير بين الخَلْق من تراب والخَلْق من طين كان أحد الأسباب التي حجبت عنا فهمهما، وتسببت في تأخير التمييز بينهما.

    أما الدليل الثالث على أن الخَلْق من طين ذو علاقة بتطور الأنواع، فيكمن في قوله تعالى، والذي أكد لنا المولى، عز وجل، عليه عندما أخبرنا أنه، جل شأنه، قادر على أن يذهب الناس ويستخلف من بعدهم خَلْقاً آخرين، ليسوا بشراً:
    وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133): سورة الأنعام.

    بالإضافة إلي التكاثر، فإن إنقراض الأنواع وإستخلافها بأنواع أخرى يمثل أقوى دعائم نظرية النشؤ والتطور، وهذا ما تؤكد عليه الآية السالفة. يمكننا أولاً ملاحظة أن: "مَّا" تدل على أن من يستخلفهم الله تعالى، بعد أن يذهب الناس، ليسوا من الإنس، لأن: "مَّا" لم ترد في القرآن الكريم للإشارة إلى الإنسان إلا عندما تغلب أنواع المخلوقات من غير الناس عليهم، أو في معرض الحديث عن الحمل أو ما في الأرحام أو ما في البطون، أو في معرض الحديث عما ملكت الأيمان عموماً، أو في معرض الحديث عن نكاح النساء أو ما ملكت الأيمان من النساء (أرجو مراجعة القسم السادس من الباب الثالث: ماهية خَلْق الله تعالى لآدم بيده). فقد أوضح لنا، جل شأنه، في هذه الآية، أن هذا الإستخلاف يتم بنفس الشاكلة التي يتم عليها خُلِق الناس من ذرية قوم آخرين، أي بالتكاثر الجنسي: "كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ". وهنا إشارة جلية إلى إمكانية خَلْق أنواع أخرى من الناس، عن سبيل التطور، والذي يتم عن طريق التكاثر الجنسي. هذا وقد أكد المولى، عز وجل، فكرة إستخلاف أنواع آخرى للناس في سورتي إبراهيم وفاطر:
    أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19): سورة إبراهيم (14).
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16): سورة فاطر (35).

    ما يؤكد أن هذا الخَلْق الجديد ليس من الناس، قوله تعالى، أنه إن شاء سيأتي بهذا الخَلْق الجديد بعدما يذهب جميع الناس. ولعله، جل شأنه، إذا أراد أن يقول أن هولاء الخَلْق الجديد سيكونوا من ذرية الناس، لوصفهم بال: "آخرين"، كما ورد في العديد من الآيات القرآنية، والتي نقتطف منها:
    إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133): سورة النساء (4).
    وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11): سورة الأنبياء (21).
    ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42): سورة المؤمنون (23).

    وقد يقول قائل أني أَدَّعي أن الناس سينقرضوا يوماً ما، وأن أنواعاً أخرى سوف تحل محلهم. لكني أود أن أقول هنا بصريح العبارة، أن المولى، جل شأنه، أراد أن يؤكد لنا من خلال الآيات السابقة، على مبدئين أساسيين، أولها أن المولى، عز وجل، قادر من حيث المبدأ، على قرض الجنس الإنساني، وإحلال نوع آخر أو أنواع أخرى من المخلوقات محله: "إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء". و يدل ثانيهما أن إحلال نوعٍ من المخلوقات محل نوع آخر يكون بالتكاثر الجنسي، والذي حدث من خلاله إحلال الناس الحاليين محل قوم آخرين: "كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ". فالحديث هنا يدور حول مبدأ إحلال نوعٍ محل نوعٍ آخر عن طريق النشوء والتطور، وليس حول إحلال مخلوقات أخرى محل الناس مستقبلاً، لأن القرآن الكريم بين لنا، في العديد من الآيات، أن الجنس الإنساني سوف يستمر إلى يوم القيامة.

    لقد رأينا في بداية هذا الباب كيف أن الحياة في الأرض بدأت من الطين الذي إنبثقت منه أول سلالة، كونت الأصل الذي خُلِق منه الأنسان، بل وجميع أنواع المخلوقات الأرضية. إرتقت هذه السلالة بعد ذلك إلى سلالات تتكاثر بالماء المهين وتحمل أجنتها في القرار المكين، والتي إرتقت هي الأخرى وتشعبت، وكان الإنسان أحد نتاجها. وقد أكد لنا القرآن الكريم أن المولى، جل شأنه، قادر أن يخلق من الإنسان أنواعاً أخرى تختلف عنه تماماً، عن سبيل التكاثر الجنسي. كما أن القرآن الكريم ميز بين الخَلْق من تراب، المرادف للتكاثر الجنسي، وبين الخَلْق من طين، والذي يشير إلى خَلْق وتطور الحياة في الأرض منذ أن إنبثقت أول حياة فيها. وتمثل نصوص الخلق من طين أول وصف دقيق لما صار يعرف مؤخراً بالتطور والإرتقاء كما تم تضمينه في نظرية النشؤ والتطور بعد ألفٍ ونيف من السنين.

    فلو تأمل فقهاؤنا في هذه الآيات من قبل عهد دارون، صاحب النظرية، لأوضحوا للعالم أجمع، أن القرآن الكريم تطرق لتطور الحياة في الأرض قبل 14 قرن من الزمان. ولو أنهم فعلوا ذلك لعَلِم العالم بأسره، أن نظرية النشؤ هي في حقيقة الأمر من أعظم الأدلة على وجود الخالق. لكني أجزم أنه لم يفت الأوان أن نقول لعلماء ومؤيدي نظرية التطور أن ما أتيتم به قبل قرن من الزمان، ليس جديداً بالنسبة لنا، فقد فَصَّل لنا المولى، عز وجل، في كتابه الكريم فيه، في عهدٍ ما كانت تخطر فيه مثل هذه الأفكار بخيال بشر. لكن قبل أن نقنع العالم بإعجازات القرآن الكريم، لابد أن يقتنع علماؤنا وفقهاؤنا أولاً بها.

    فإن وصف لنا القرآن الكريم أطوار الخَلْق من طين بمنتهي الدقة، وإن أثبت العلم الحديث صحة هذه الأطوار، أليس من الأجدر بالمسلمين أن يحاولوا التعرف على النظرية التي أثبتت نبؤة القرآن الكريم قبل 14 قرنٍ من الزمان؟ وهل سنظل نرفض نظرية التطور بمجرد أن بعض علمائها زعموا أنها تنفي وجود الله؟ فدارون ومن جاء بعده من علماء التطور لم يفعلوا أكثر من إكتشاف القوانين التي تحكم عملية التطور، والتي يمكن تلخيصها في قوله تعالي: "كُن فَيَكُون". "كُن فَيَكُون" هي، أيها القارئ الكريم، الشفرة التي تحتوي على جميع القوانين التي تحكم خَلْق الكون ومن وما عليه، من قبل أن تكون السموات والأرض رتقاً، وإلى أن يرث المولى القدير الكون ومن وما عليه.

    وماذا سيكون رد فعلنا إذا قال لنا بعض علماء الفيزياء أن وجود الجاذبية الأرضية ينفي وجود الله تعالى؟ أننبذ قانون الجاذبية أم نقول لذلك العالِم أن هذا القانون يدخل ضمن قاعدة: "كُن فَيَكُون"؟ وإذا قال لنا أحد الملحدين أن حدوث التطور لا يحتاج لخالق، لأن الإنتخاب الطبيعي يحدث من تلقاء نفسه، فليكن ردنا له: "هل يثبت وقوع تفاحة نيتون من تلقاء نفسها عدم وجود الخالق؟". وعلى المسلم أيضاً أن ينبذ المفاهيم الخاطئة التي نقلناها من كتب اليهود عن الخَلْق، والتي أخذ عنها العديد من رواد التفسير، بل ووجدت طريقها إلى بعض روايات الحديث. كما يجب على المسلم أن يميز بين نظرية التطور وبين ما إستنتجه بعض العلماء الذين أسهموا ببحثوهم وفكرهم فيها، من أن هذه النظرية تثبت عدم وجود الخالق.

    ولابد للمسلم من التمييز بين الحقائق العلمية وبين المعتقدات والآراء الشخصية للعلماء الذين إكتشفوا هذه الحقائق. إنَّ واجبنا كمسلمين أن نقول لهم أَن مَنْ سَّن قوانين التطور قد بَيَّنَ لنا في كتابه العزيز عن أمر هذا التطور قبل 14 قرن من الزمان، لكي تؤمنوا به عندما تطلعوا على هذه التفاصيل، وتكتشفوا أن من أورد هذه التفاصيل هو الذي سن أيضاً قوانين التطور التي إكتشفتموها اليوم. هو الذي فعل ذلك لكي تكفوا عن إدعائكم من أن النبي الأمي محمد (ص) هو من كتب القرآن الكريم، لأن لا أحد في عهد محمد (ص) كان على علم بنظرية التطور. فهل سيكون قولي هذا دافعاً للمسلمين أن يتفهموا هذه نظرية، وأن يتخذوا من ذلك الفهم وسيلة إلى إقناع غير المسلمين بوجود الله تعالى؟
                  

01-13-2017, 09:41 AM

علي دفع الله
<aعلي دفع الله
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 4740

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    يا بروف سناري طلب صغير لو سمحت البوست خليه في شكل جرعات الكتابة المترية بتقود للملل..
    شكرا
                  

01-13-2017, 01:43 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: علي دفع الله)

                  

01-14-2017, 01:54 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: علي دفع الله)

    شكراً جزيلاً الأخ دفع الله

    نصيحة غالية سأحاول اتباعها مستقبلاً.

    أتمنى أن أسمع منك نصائح أخرى مفيدة مثل طول البوست، الفترة الزمنية بين نشر مقال وآخر، ولو في الخاص.

    مع شكري وتقديري
                  

01-15-2017, 11:40 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    شكرا الاخ عبدالوهاب السنارى
    وانت تتحفنا دوماً بمواضيع محرضة على التفكير ..

    بالنسبة لنظرية التطور هذه النظرية واردة وبعبارة صريحة فى القرآن الكريم لكنها تختلف عن النظرية الفلسفية فى : ان الانسان لم يتطور من نوع آخر
    قال تعالى { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } 20 العنكبوت

    وبالنسبة للنشأة الاخرة سينشئ الله الخلق على هيئة اخرى غير هيئتنا المعروفة اليوم .. حيث الهيئة ستكون قريبة من الملائكية ,,

    وبالنسبة لنظرية التطور نجد ان المفكر العربي الكبير ابن خلدون سبق دارون ومن حذا حذوه فى القول بنظرية نشوء الكائنات الحية وتطورها حيث يقول فى مقدمته فى مقدمة تفسير مانصه :

    { إعلم. أرشدنا الله و إياك أنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب و الإحكام و ربط الأسباب بالمسببات و اتصال الأكوان بالأكوان و استحالة بعض الموجودات إلى بعض لا تنقضي عجائبه في ذلك و لا تنتهي غاياته و أبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني و أولاً عالم العناصر المشاهدة كيف تدرج صاعداً من الأرض إلى الماء ثم إلى الهواء ثم إلى النار متصلاً بعضها ببعض و كل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعداً و هابطاً و يستحيل بعض الأوقات و الصاعد منها ألطف مما قبله إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك و هو ألطف من الكل على طبقات اتصل بعضها ببعض على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط و بها يهتدي بعضهم إلى معرفة مقاديرها
    و أوضاعها و ما بعد ذلك من وجود الذوات التي لها هذه الآثار فيها ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش و ما لا بذر له و آخر أفق النبات مثل النخل و الكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون و الصدف و لم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط و معنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد الغريب لأن يصير أول أفق الذي بعده و اتسع عالم الحيوان و تعددت أنواعه و انتهى في تدريج التكوين إلى الإنسان صاحب الفكر و الروية ترتفع إليه من عالم القدرة الذي اجتمع فيه الحس و الإدراك و لم ينته إلى الروية و الفكر بالفعل و كان ذلك أول أفق من الإنسان بعده و هذا غاية شهودنا ثم إنا نجد في العوالم على اختلافها آثاراً متنوعةً ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك و العناصر و في عالم التكوين آثار من حركة النمو و الإدراك تشهد كلها بأن لها مؤثراً مبايناً للأجسام فهو روحاني و يتصل بالمكونات لوجود اتصال هذا العالم في و جودها و لذلك هو النفس المدركة و المحركة و لا بد فوقها من وجود آخر يعطيها قوى الإدراك و الحركة و يتصل بها أيضاً و يكون ذاته إدراكا صرفاً و تعقلاً محضاً و هو عالم الملائكة فوجب من ذلك أن يكون للنفس استعداد للانسلاخ من البشرية إلى الملكية ليصير بالفعل من جنس الملائكة وقتاً من الأوقات في لمحة من اللمحات و ذلك بعد أن تكمل ذاتها الروحانية بالفعل كما نذكره بعد و يكون لها اتصال بالأفق الذي بعدها شأن الموجودات المرتبة كما قدمناه فلها في الاتصال جهتا العلو و السفل و هي متصلة بالبدن من أسعف منها و تكتسب به المدارك الحسية التي تستعد بها للحصو ل على التعقل بالفعل و متصلة من جهة الأعلى منها بأفق الملائكة و مكتسبة به المدارك العلمية و الغيبية ...... } انتهى الاقتباس

    ويقول فى فصل الكلام فى الوحي والرؤيا مانصه :

    { : و قد سئل عن الوحي أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس و هو أشده علي فيفصم عني و قد وعيت ما قال و أحياناً يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول و يدركه أثناء ذلك من الشدة و الغط مالا يعبر عنه ففي الحديث كان مما يعالج من التنزيل شدة و قالت عائشة كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه و إن جبينه ليتفصد عرقاً و قال تعالى: إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً و لأجل هذه الغاية في تنزل الوحي كان المشركون يرمون الأنبياء بالجنون و يقولون له رئي أو تابع من الجن و إنما لبس عليهم بما شاهدوه من ظاهر تلك الأحوال و من يضلل الله فما له من هاد. و من علاماتهم أيضاً أنه يوجد لهم قبل الوحي خلق الخير و الزكاء و مجانبة المذمومات و الرجس أجمع و هذا هو معنى العصمة و كأنه مفطور على التنزه عن المذمومات و المنافرة لها و كأنها منافية لجبلته .... } انتهى الاقتباس

    والمعنى : ان الوحي لم يكن يأتيه عليه السلام وهو فى هيئته البشرية ..

    القرآن الكريم صريح فى انّ الانسان خُلق من طين للخلافة فى الارض ولم يتطور من نوع آخر .. عكس الحيوانات التى خلقها الله من مـــــــــــاء ..
    قال تعالى { وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } النور 45 .
                  

01-16-2017, 04:11 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: علاء سيداحمد)

    الأخ علاء

    لقد سمعت بما كتبه ابن خلدون عن التطور ولكني لم أقرأ له ظناً مني أنها مجرد أفكار غير ناضجة ولكني وجدت في هذه الكتابات فكراً وفلسفة عميقين.

    لك الشكر عزيزي فسيكون ابن خلدون في مقدمة مشرايعي في القراءة.

    تحياتي
                  

01-17-2017, 04:35 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)



    الاســـتعداد للانســـــلاخ من البشرية الى الملائكية

    نعم اخى السنارى المفكر العربى الكبير ابن خلدون افكاره عميقه جدا فى مسألة النشوء والتطور
    ويقينى انه لم يسبقه احد من العالمين فى القول فى تطور خلق الانسان فى مرحلة من المراحل ( يوم القيامة ) الى الملائكية
    وضرب مثالا على ذلك بالوحى الذى كان يتنزل على النبى عليه السلام وان الوحى لم يكن يأتيه وهو على هيئته البشرية
    وان الوحى انما كان للحظات قليلة جدا ..

    وهذه المسألة لم ترد مثال لها الا فى حديث واحد فقط عن النبى عليه السلام بخصوص ارواح الشهداء :
    فى الصحيح قال النبى صلى الله عليه وسلم : ارواح الشهداء فى حواصل طيور خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت تأكل من ثمارها
    وتأوى الى قناديل معلقة بالعرش ..

    حيث لها اجنحة تطير بها .. اللهم زدنا علما
                  

01-18-2017, 05:10 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: علاء سيداحمد)

    لقد بحثت عن كتاب ابن خلدون في النت فلم أتمكن من العثور إليه، أتمنى أن تدلنا على الرابط إن وجد.

    مع خالص الشكر والتقدير
                  

01-18-2017, 06:18 AM

د.أحمد الحسين
<aد.أحمد الحسين
تاريخ التسجيل: 03-17-2003
مجموع المشاركات: 3265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    الاخ عبد الوهاب تحيتى ومحبتى
    الصحبح ان تقول لا تعارض بين نظرية التطور والقران الكريم
    لان فى القران مفهوم التطور يستوعب الدارونية ويصحح اخطأها
    وبقدم مفهوم التطور بصورة اوسع من نظرية دارون
    اقرأ القران ومصطفى محمود للاستاذ محمود محمد طه
    مع مودتى
                  

01-18-2017, 03:17 PM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: د.أحمد الحسين)

    جزيل الشكر د. أحمد الحسين على إقتراح تغير العنوان وأيضاً على مقترح الإطلاع على كتاب الأستاذ محمود محمد طه.

    مع شكري وتقديري
                  

01-18-2017, 08:43 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)
                  

01-19-2017, 07:44 AM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: علاء سيداحمد)

    الشكر أجزله أخي علاء على تحميل كتاب ابن خلدون فهو إضافة ثرة يود الكثيرون إضافتها لمكتبتهم.
                  

01-19-2017, 08:17 AM

صبري طه

تاريخ التسجيل: 08-10-2009
مجموع المشاركات: 9706

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    Quote:
    لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور


    هل خُلق آدم في الأرحام ؟

    نظرية التطور تقول ضمنياً بذلك .. فماذا قال القرآن ؟



                  

01-19-2017, 08:55 AM

نادر الفضلى
<aنادر الفضلى
تاريخ التسجيل: 09-19-2006
مجموع المشاركات: 7022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: صبري طه)

    Quote:
    ويعتبر بحثي هذا البحث الوحيد الذي لا يقر بوجود أي تعارضٍ بين القرآن الكريم ونظرية التطور.


    سلام للسنارى وزواره

    اليوتيوب أدناه تاريخه فبراير 2013 لقاء فى برنامج قهوة تركية مع الباحث والمفكر السودانى المرحوم دكتور عماد محمد بابكر حسن
    عن كتابه " نظرية آذان الأنعام" وفيه يتحدث عن نظرية داروين وعدم تعارضها مع القرآن

                  

01-19-2017, 01:35 PM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا تعارض بين القرآن الكريم ونظرية التطور (Re: نادر الفضلى)

    الأخ نادر الفضلي

    لابد من الإشارة هنا لقولي: "بوجود أي تعارض". وقد وددت من إيراد: "أي تعارض" للإشارة إلى وجود بعض التعارض بين نظرية التطور والقرآن الكريم في التفاسير الأخرى التي بين يدينا. فقد أقر الأخوين كاتبا نظرية آذان الأنعام ومن قبلهم مصطفى محمود والجماعة الأحمدية بالتطور. إلا أن نظرة كل من هؤلاء للتطور من وجهة نظر قرآنية لا تتفق مع الآلية التي يحدث بها التطور كما تقر بها الأوساط العلمية. ففي نظرية آذان الأنعام على سبيل المثال هنالك مشاكل في تفسير آدم كإسم جنس، وفِي مسائل النفخة والإنبات والإصطفاء وكذلك في عمر الإنسان ونزول الأنعام من السماء.

    وسأعد بحثاً قريباً بإذنه تعالى لتبيان هذه الأمور

    مع خاص الشكر والتقدير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de