عندما قدمت قبل ايام قراءة حول كتاب الاستاذ عثمان ميرغني " كيف اضاعوا السودان ؟ عشر مخاز سودانية" طلب مني الاخ بابكر قدور ، احد قراء " سودانيز اون لاين" أن اعرض تلخيصا للفصل الاخير من الكتاب والذي تطرق فيه الباحث باختصار شديد الي "الحلول لانقاذ الوطن" .ويسعدني أن استجيب لطلب الاستاذ بابكر قدور فيما يلي: يري مؤلف الكتاب أن الخطوة الأولي في طريق الحل لانقاذ الوطن تبدأ بالايمان بتغيير منهج التفكير او منهج التغيير ال Setup الذي تقوم عليه اركان الدولة السودانية ،وبالتالي فان الكاتب يقترح إعادة هيكلة الدولة السودانية والتي رتبها الكاتب من ادني الي اعلي علي النحو التالي: طبقة المجتمع ، طبقة الأعمال ، طبقة الخدمة المدنية وطبقة السياسة. ويشير الكاتب الي أن الدولة المستقيمة هي التي تعمل فيها الطبقات الأربع بكفاءة وانسجام ، وأن أي تنافر بين هذه الطبقات يؤدي الي إخلال بهيكل الدولة فتعاني من الأمراض المزمنة والازمات المستمرة كما هو حال السودان الان. واوضح الكاتب أن طبقة السياسة في بلادنا متمددة ومتغولة علي الطبقات الاخري بصورة ضعضعت هيكل الدولة وقوامها. ولا تكتفي طبقة السياسة
بمهامها الدستورية فهي تسيطر وتدير الطبقات الثلاث الاخري. ويضرب لذلك مثلا بأن منصب الوزير تحول الي منصب امبرطوري بلا حدود لتفويضية وصلاحياته . كما أشار الكاتب الي أن القطاع الخاص اصبح يحتاج الي الحماية من تغول طبقةالسياسة لدرجة انخراط بعض رجال الأعمال في المسار السياسي والارتماء في احضان الانتماء الحزبي الصارخ ، ليس عن قناعة بل من باب التقية ودرء الضرر ، وهذه الحالة متمددة في السودان الي درجة كبيرة ، إذ أن غالبية رجال الأعمال يضطرون الي حمل بطاقة المؤتمر الوطني الحاكم ،حماية لمصالحهم الاقتصادية. ومن الجانب الاخر تحولت طبقة السياسة الي رجال أعمال ( باسماء أفراد أسرهم ,اقاربهم واصدقائهم) ، مستفيدين من سلطاتهم ومواقعهم وقربهم من متخذي القرار. أما تغول طبقو السياسة علي الخدمة المدنية فقد ظهرت في ابشع صورها بشعار "التطهير واجب وطني " وسياسات الصالح العام ، في بداية حكم الانقاذ في اوائل التسعينات من القرن الماضي ،فكانت أكب مجزرة في تاريخ الخدمة المدنية. ويري الكاتب أن الحل لقضايا السودان ومشكلاته يبدأ بفصل ( وليس عزل) الطبقات الأربع للمحافظة علي استقامة الدولة علي أن تعمل كل طبقة وفق تفويض وصلاحيات وحدود معروفة تضبط الايقاع العام للدولة . ويقترح الكاتب تأليف حكومة صغيرة( كما يقول المثل الانجليزي Small is beautiful) ، لتنظيم الدولة لا لتسييرها ، علي أن تنحصر مهمة الحكومة في سن التشريعات وتنظيم حياة المواطن وسيادة الوطن وإدارة الأجهزة العدلية ومرجعية الفصل بين الناس ، وتترك الشئون الاخري للمجتمع ، وبذلك نكون قد حجمنا دور طبقة السياسة التي تمكنت الان من جميع مفاصل الدولة وارتبطت بالمصلحة الحزبية والشخصية. وفي إطار هيكلة الدولة يري الكاتب ضرورة إعادة تحديد الوصف الوظيفي لمنصب الوزير ليصبح مجرد الواجهة السياسية للوزارة دون سلطات تنفيذية ، التي تترك لوكيل الوزارة ، المسؤول عن الخدمة المدنية وبذلك يتم فصل السياسة عن العمل التنفيذي. واخيرا نسأل الله أن يهئ للسودان الحكم الراشد لينهض من عثرته ويلحق بركب الدول المتقدمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة