الآن أحتضن النهر أشارك أطيار الغروب كأسات رحيقها الشفقى، أغازل تلك الموجات الرشيقة، العائدة من أسفل روح النهر إلى أعلى راحات العاشقين أجل، تلكم الأطيار الوسيمة وهى تعود من رحلة الحب والعيش، أعاقرها كأسات مزاجها من وجد وأمنيات لا تتحقق ابداً أتقاسم البكاء والحلوى مع الأطفال، وأعبّ من دهشة النظرات فى أعينهم التى إتخذت الحياة فيها، متكأها الأول، وجنتها الأخيرة
كانت راحلة الفتى الى الأعلى، إلى أقاصى الحلم بعض اشواق بعض حكايات وكثير من الوجع والصدأ
تفاجأ بأن القرية قد رهنت براءتها ببعض مصابيح مزيفة ثم فقدت فى الأخير عذرية وجهها
قد غبت طويلا يا ايها الشقى لكن قل لى، كيف استطعت إقناع القمر بذلك؟ كيف ارتدت كل النجمات أدعية الرحيل، وغادرت نحو الشمس كيف رضى الطين؟ ولماذا سافر من عيون تلك النجيمات الشقية الصديقة ذلكم الفرح الطفولى القديم؟
وحين أراد الفتى معانقة البيوت اشاحت النوافذ بوجهها، وتبللت رموشها بحبات ضوء قديم قطب النهر الرفيق جبين موجه ما للخطوات مرتجفة وهائمة؟ وكيف تاهت أغنيات الصيف وأعلن الخريف حداد العصافير؟ تسائل الليل فى استحياء، ثم تمتم ببعض كلمات أخر. أراد الفتى أن يقفل راجعا حين أدرك تآمر المسافة مع جحافل الأشواق عليه إنحاز الى الصمت ولاذ بتراب يرتدى شقاوة طفل مبتهج
ولما بدأ فى قراءة أوراد الرجوع أدرك بأنه قد نسى الحروف، أو هى نسيته ربما، عرف أن كل ابجديات الحضور، قد إنحازت الى دفاتر الغياب
وفجأة قرر أن يبقى قرر أن يتعلم أسرار أبجدية الطين مرة أخرى أن ينام على جفن النهر يغرس قلبه مع رموش الضفاف الزرقاء يمرغ حلمه فى الموج ويكسو غناءه بإزار الشمس
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة