|
|
|
 Re: في وداع الفنان أحمد محمد هارون.. (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
كنت في صغري أدلف إلى منزل أل محمد هرون وأمتع نفسي بمشاهدات شيقة.. كنت أقلب مجلة هنا أم درمان التي تمتلئ بها أسرة وفراشات غرفة أخوينا أحمد وسليمان.. كان أحمد جميلا وبشوشا.. كنت أمكث ساعات طوال أتأمله وهو يعمل أنامله في تصميمات عجيبة من صنعه.. كنت في حيرة في ذلك الشيء الذي يصنعه .. وكنت أجلس إلى الأرض أتابع موقدا غريبا وإناءا يصهر فيه أحمد حبيبات الغراء.. ثم إذا مضينا إلى الجزء الآخر من الديوان فهناك تلك العريشة وتحتها أدوات النجارة الخاصة بأحمد.. تحت ذلك الظل الرقراق تطول جلساتي وأنا الصغير المنشغل بما يصنعه أحمد..
وأحمد كان فنانا لا تفارق البسمة شفتيه.. يوما رأيت صورة الفنان أحمد المصطفى في مجلة هنا أم درمان.. فقال لي أحمد .. هذه صورتي.. قلت له لا أنت أحمد هرون وهذا أحمد المصطفي.. غير أنه أقنعني بأن أحمد المصطفي هو نفسه أحمد هرون.. قلت كيف ذلك فأخبرني أن ذاك اسم الأذاعة وهذا اسمه فصدقته..
وأحمد كان يصنع الأعواد.. يقوم على تركيب العود قطعة قطعة وترى في آخر المطاف عملا فنيا رائعا.. ولا يقف الأمر عند صناعة العود.. بل تداعب أنامله اوتار العود فيخرج أنغاما حلوة.. كل ذلك وأنا جالس إلى جواره أمتع نفسي بسماع النغمات والألحان الشجية..
وهناك سليمان الصغير.. لم يكن سليمان قد تجاوز الرابعة عشر حينما كانت قوسه تجري على أوتار الكمان الذي تعلم عزفه ولما كان زواج شقيقتى ليلى كان حفل الزواج قد أحياه فنانو الأبيض في ذلك الزمان.. غنى حسان وغنى أحمد هرون وغني حمودة وغني علي حسن..و في الأمسيات كان سليمان يأتي بكمانه ويقدم لنا وصلات بعزف شجي على آله الكمان..
ومن شارعنا ذاك إذا دلفت يمينا في إتجاه سوق ود عكيفة لوصلت إلى منزل آل الخليفة ولقابلتك ملكات فنية بديعة فهناك زين العابدين أحمد الخليفة وهناك عبدالمجيد أحمد الخليفة والحاج.. وشلال و وهناك جمعة جابر.. تلك القمة الفنية النادرة..
ومن شارعنا ذاك وشارع القاضي عربي كانت بداية فرقة فنون كردفان.. هنا تربي وعاش شرحبيل أحمد.. وهناك تشرب آل أحمد الخليفة الفن بل واورثوه ابناءهم وبناتهم.. تجمع الجميع ومن منزلنا ظهر أول عازف للأكورديون في الأبيض.. ظهر شقيقي صلاح عبدالرحمن واكتمل العقد الفريد بوصول إبراهيم موسى ابا و صديق عباس وعبدالقادر سالم.. وفي منزلنا كانت تعقد في إحدى غرفه ورشة العمل الفنية وكنا نطرب ونسعد بتلك الجلسات الصاخبة المليئة بالفن..
ثم تفرق القوم أيدي سيا.. هاجر أحمد محمد هرون إلى ليبيا.. وغاب فيها زمانا طويلا.. وألتحقت أنا بالعمل في مشاريع الزراعة الآلية.. صرت مزارعا.. وكنا عند الحصاد نشحن محصولنا باللواري إلى الأبيض.. وكان من ضمن اللواري التي تشحن عيشنا للابيض لوري تيمس يملكه شخص حبيب عشنا معه زمن الطفولة.. ذاك كان سليمان فضل المولى.. عازف الكمان الصغير.. ترك سليمان الموسيقى والعزف وصار يجري ويكافح من أجل لقمة العيش.. ذات مساء ونحن في المشروع في هبيلا فاجأني سليمان بذاك السؤال.. قال لي يا أمين الواحد يوم القيامة ممكن يعرف أمه.. فأصابتي الحيرة.. أخبرني أنه لم ير أمه إذ توفيت عند ولادته.. فرددت موقنا أن الله سيدخله الجنة ويرزقه برؤية والدته..
وبالأمس نعي الناعي أخانا الأكبر أحمد محمد هرون.. قرأت النبأ.. فاغرورقت عيناي.. وترحمت عليه.. ووجدت نفسي أكتب هذه الكلمات.. معزيا نفسي ومواسيا لها وسائلا الله له الرحمة والمغفرة والفردوس الأعلى من الجنة.. إنه سميع قريب مجيب الدعاء..
خالص تعازي لأسرته الصغيرة والكبيرة ولأهل حينا ومدينتنا.. وأترحم على من مضى من رواد فرقة فنون كردفان.. وأسأل الله طول العمر والصحة والعافية للباقين.. وإنا لله وإنا إليه راجعون..
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في وداع الفنان أحمد محمد هارون.. (Re: باسط المكي)
|
الأمين..حبابك يا صديقي
التحية لروح الفنان احمد محمد هارون ، والتعازي لك ولأسرته واصدقاءه وكل اهلنا بعروس الرمال..!
اتمنى يا صديقي ان تجد الناس فرصة وتوثق لمن تبقى من رواد فرقة فنون كردفان..فالسنين تجري يا صديقي ، وتفاصيل الحياة تسرق الناس كثيرا..
اصدق التعازي..
كبر
| |
|
|
|
|
|
| |
الأمين عبد الرحمن عيسى
باسط المكي
Kabar
عبدالله عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست