ربنا أنعم على كل مخلوقاته بالذاكرة التي تعينهم على مكابدة الحياة .. فتسمح لها بتفادي الخطر وتكرار تجربة الوقوع فيه والتعلم من مصائب غيرها . لكن هذه الذاكرة تختلف من مخلوق لآخر في طول أمدها ووسائل معلومتها .. مثلا قيل أن الذبابة ذاكرتها لا تستمر أكثر من خمس ثوان . لذلك كل ما ( تهشها ) تعود لنفس المكان معرضة حياتها للخطر . فهي بعد ثوان تنسى انك حاولت ضربها قبل قليل في هذا المكان والا كان ( حردت ) ومشت لمكان آخر . ومصادر معلومات الذاكرة غالبا هي الحواس الخمس .. النظر والتذوق واللمس والشم والسمع .. وتختلف قوة ذاكرة الحيوان بقوة الحاسة التي يركز عليها يعني مثلا الكلاب معظم اعتمادها على حاسة الشم .. لذلك الكلب يحفظ المواقف والاماكان من روائحها .. تلاقي مثلا كلب نائم في نص الحوش فجأة يقوم مذعورا وينبح ناحية الباب ليفاجأ أهل البيت أن صاحبه الذي أغترب لثلاثة سنوات قد عاد وبدأ يطرق الباب . وعموما الحيوانات لأنها تعتمد في حياتها على الغريزة وهي تعني البرمجة المسبقة أكثر من العقل فهي غير معنية بالذاكرة كثيرا وبدت ذاكرتها خاملة الأ من الحيوانات التي بدأ يروضها الانسان في خدمته او حتى في تدريبات السيرك مثلا .. هذه أخذت جرعات تدريبية نشطت ذاكرتها .. لذلك طالما الحيوانات لا تعتمد على الذاكرة بالتالي النسيان ليس واردا في سلوكها اليومي .. لن تجد مثلا أسد يأكل في بطيخة او يقرش بصلة وفجأة يتذكر ويقول ( هي انا ما أسد شنو الخلاني آكل القرف دا ) لكن ما أنا بصدده هو ذاكرة الانسان وتحديدا الاختلاف بين ذاكرة المرأة والرجل يلاحظ الانسان أن حواسه الخمسة كلها تعمل تقريبا بمستوى واحد في تغذية الذاكرة بالمعلومات .. يعني مثلا حاسة الشم .. قد يلفت نظرك او بالأصح ينعش ذاكرتك عطر معين شممته بالصدفة و يذكرك بأستاذ درسك في الابتدائي كان يستخدمة قبل عشرين أو ثلاثين عاما أو حتى مدرسة في الروضة .. إذا حاسة الشم أيضا تساهم في تغذية الذاكرة . وذاكرة الانسان مثل الكمبيوتر فيها ذاكرة طويلة الأمد اذ تخزن معلومات بعمر الانسان وبأسلوب تراكمي يبدأ من سن مبكرة .تساهم في خبرته في الحياة و المواصلة فيها .فهي التي تعينه على تعلم اللغة والكلام..فالانسان لن ينسى مفردات اللغة من أسماء وأفعال وتكوين الجمل .كما لا ينسى الأكل ومكوناته ولبسه فالانسان حتى لو فقد الذاكرة لن ينسى طريقة لبسه فيلبس البنطلون في محل القميص أو العكس الا في حالات معينة من الجنون . وهذه المعلومات رغم أنها من الذاكرة العميقة الدائمة لكنها تستدعى بصورة يومية حسب النشاط .. وقد تتعرض للخمول نتيجة للابتعاد عن مصادرها كالاحتكاك المباشر بها . مثلا سوداني في سن مبكرة من عمره هاجر وعاش في الصين أو دولة في أمريكا الجنوبية . يبدأ ينسى لغته الأم بالتدريج ولو عاد بعد عشرين عاما لبلده .. يجد أن حتى مخرجات حروفه تبدلت ونطقه للاشياء التي يتذكرها أصبحا غريبا ومضحكا للآخرين . أما الاختلاف بين الرجل والمرأ فهو في الذاكرة اليومية أو المؤقته التي تخزن الأحداث اليومية المهم منها يتم رفعه لأرشيف الذاكرة الطويلة الأمد وهي ما تعرف بعملية التعلم .. بمعني في الدراسة الاستاذ والمحاضر يذكر معلومات كثيرة ومن ضمنها نكات ومواقف و يمكن يخرج عن موضوع الدرس ويتحدث عن الكورة أو السياسة .. ويضحك الطلاب .. هذا تكنيك معلوم في التدريس وهو ينعش أنتباه الطلاب وتذكيرهم لكن ما يبقى في ذاكرتهم هو المعلومات المقررة التي تخصهم فقط .أما الباقي قد يذكرونه في ونستهم العادية واليومية بالتالي ذاكرة المرأة المؤقته تختلف عن ذاكرة الرجل في التالي .وهو أن ذاكرة المرأة أفقية وذاكرة الرجل الرأسية . أفقية بمعنى أن المرأة تستطيع أن تحفظ معلومات كثيرة متزامنة في وقت واحد لفترات تطول وتقصر حسب أهميتها وحتى أهميتها هذه تكون بمقياس المرأة نفسها ليس بالضرورة أن يشاركها الرجل في هذا التقييم ..بينما الرجل يحفظ معلومة واحدة بتركيز عالي ويهمل الباقيات ويتم هذا الترتيب حسب أهمية تلك المعلومات .بالنسبه له ايضا وفي تقديري لهذا السبب ربنا جعل شهادة المرأة لا تقبل إلا من أثنتين وربنا وضح في القرآن السبب (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) لأن المرأة تستطيع أن تحفظ تفاصيل دقيقة كثيرة ومتزامنة .. ولأنها كثيرة تحتاج لأختها التي أيضا تكون لها تفاصيلها فتكملا بعضهما بعضا . لذلك أقول أن المجرم الذي تشهد عليه امرأتان لن ينجو حتى لو استعان بأبرع المحامين . . تفاصيل من نوع ( كان لابس الساعة في يده اليمين وعنده زراة قميص مقطوعة .. والقميص نصه طالع من البنطلون .. ووهو جاري دقش التربيزة رماها وطارت منها الكباية كسرت مراية التوليت .. وهكذا ) تفاصيل دقيقة تجعل أعتى مجرم ينهار ويعترف . لذلك أيضا يكثر اللوم بين النساء لأنه الواحدة فيهن في لحظات عصيبة تكون منتبهة وتخزن في معلومات مدهشة وفي لحظات لا احد يتوقعها منتبهه لها ( يوم جنازة أمي مارقة سامية كانت لابسه توبها الهزاز الأخضر وسعاد لا بسة سفنجتها المقطوعة ويديها بعجينن لكن اخلاص ديك بعد الناس دفنوا ورجعوا جات متحننة ومجيهة بلا خجلة وعايزاني أنساها ليها ..وووووو الخ ) وأغلب الخلافات الزوجية هي بسبب هاتين الذاكرتين المختلفتين .. الزوجة تفتكر ان زوجها له نفس قدراتها وهذه القدرة الهائلة في حفظ التفاصيل لذلك تتهمه بالإهمال والانشغال عنها بأشياء أخرى .. بينمها هو يكون مشغول بأشياء قليلة لكنها طويلة الأمد .. ويعتبرها أهم.. يعني مثلا الزوج يعرف متى يستحق ايجار البيت ولو كان مغتربا في أي تاريخ ستنتهي إقامته .وأقساط المدارس متى تحل .. لذلك عندما يجد نفسه أمام قائمة طلبات تتكون من خمسة عشر بند ومن أماكن مختلفة ..( الخضار والترزي والبقالة واصلاح التلاجة .. وتغشى ناس أمي تجيب الكسرة .. وجيب لينا معاك كهرباء وجيب سلطة فواكه الليلة ناس سوسن اختي جايين يتغدوا معانا ).ومن كل هذه الأشياء لا يتذكر شي سوى أنه عليه ان يغشى ناس أمها وبعد ذلك يقف عند الباب ويتصل عليها ( قلتي عايزة من ناس أمك شنو ؟؟)
وأضيف أن ذاكرة المرأ خلقت بهذه الكيفية وتلك القدرات ليس عبثا ..وأنما هذه الكيفية تتناسب تماما مع وظيفتها الحياتيه .. وهو جزء من دورها المهم في حفظ النوع البشري من الأنقراض ..لذلك ذاكرة المرأة المتشعبة ليست منقصة أو قصور في خلقها والعياذ بالله . لكن مهمة جدا نضرب أمثلة لنوضح أهميتها : مثلا الأم اثناء أرضاعها للصغير تكون تنظر له بتركيز عالي وتحفظ تفاصيل دقيقه في وجهه وفي حركاته وسلوكيات أثناء الرضاعة ..كمثال يعبث بسرته . يلعب لها في وجهها .. يرفس برجليه قبل التبول .. وأذا ترك أي من هذه الحركات الخاصة هي تشعر بأن في الأمر إن . ( الليلة ولدي دا ما شديد ) وأيضا هذه واحدة من النقاط التي تثير الخلاف بين الزوجين عادة ( ما شديد ماله هسع الولد دا ما قعد يضحك ويلعب عادي ) -- ( بس انا عارفاه ولدي دا ما ياهو ) وهي فعلا تكون تستحي أو لا تستطيع ان تعبر عن هذه التفاصيل والملاحظات .. (أنت بس قولي عايزه تروحي المستشفى جنك مستشفيات ودكاتره وكرهتينا زاتو ) .. وفعلا وغالبا بعد يصلوا الدكتور يكتشفوا أن الطفل به مبادئ التهاب أو نزلة معوية .. لذلك الأم هي بمثابة الانذار المبكر لحياة الصغار ولكي تكون كذلك لابد أن تكون ذاكرتها بهذا التعقيد والدقة .. كذلك ذاكرة المرأة بهذه الكيفية تصعب عليها حفظ الأرقام لأن الأرقام تحتاج لذاكرة عميقة بعيدة المدى كذاكرة الرجال . لكنها أيضا تحتال على هذه الخاصية بربط الاشياء مع بعضها البعض . مثلا أسأل رجل وزوجته في نفس الوقت عن عمر ابنهما ( انتو ولدكم طارق دا أكبر من ولدي حسام ولا أصغر ) الأب سيعطيك إجابة قاطعة (أنا غايتو ولدي طارق عمره عشرة سنوات ) بمعنى أنت شوف ولدك عمره كم وقارن لكن الأم ستقول ( أنا لمن كنت حامل بولدي طارق دا جيت لكوثر مرتك دي وهي نفساء في الاربعين بولدها حسام .. وحتى نزلت مطرة شديدة في اليوم داك وأنا قربت اتزلق لكن تاني يوم من الخلعة لمن ولدت طارق ولدي ) هي أعطتك ألفرق أنه ولدك أكبر من أبنها بأربعين يوم لكن على طريقتها الخاصة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة