د.هشام محمد عباس على بعد حوالي مائة كيلومتر شرقي مدينة الدامر توجد ملامح البداية لصرح تعليمي كبير في المستقبل ، هي قرية صغيرة إسمها " همشكوريب " هي ليست همشكوريب الشرق بالطبع لكن الشيخ القادم من همشكوريب أراد لها هذا الاسم ... حدثني صديقي عن هذا الشيخ القادم من الشرق كثيراً وظل يقول لي عن إن هذا الشيخ ( طاهر ابوبكر ) تلميذ الشيخ علي بيتاي رجل جدير بالزيارة فهو رجل عالم متواضع متعفف أشعل هذا الحديث جذوة الشوق في دواخلي للقاء بهذا الشيخ واتفقنا وصديقي أن نزوره في يوم الجمعة 9 / 6 / 2006م . ذهبت بنا العربة من الدامر وبعد حوالي الساعة وصلنا إلى قرية شرق (( البسلي )) تبدو مرتفعة بعض الشئ وترقد على الضفة الغربية لنهر عطبرة منازل قليلة في هذه القرية الحلوة يميزها أن مساكن الطلاب المتزوجين تقع في جانب منفصل من مسكن الطلاب العزاب كما توجد خلوة منفصلة للطالبات ، دخلنا القرية واتجهنا نحو المسجد حيث يوجد ( الشيخ طاهر ) ووجدنا المسجد مبنياً من القش وسيقان شجر الدوم لكنه مزين بطلاب جاءوا من كافة أنحاء السودان وأدخلني صديقي في تجربة صعبة عندما طلب مني التعرف على( الشيخ طاهر) وتمييزه من بين طلابه ومريديه ... اجتهدت كثيراً في ذلك ولكن الأمر كان صعباً فالشيخ لا يؤم طلابه ومريديه وإنما يختار المتميزين منهم لأداء هذه المهام ... فشلت في تحديد شخصية الشيخ طاهر لكن بعد إنتهاء الصلاة رأيت الطلاب والمريدون يذهبون إليه تحية وسلاماً . شيخ طاهر رجل في منتصف السبعينات من العمر لكن قسمات وجهه تومئ بالشباب . وطريقته في التحدث وما عنده من مضمون يعطيك إحساساً ويقيناً أن الشيخ استوعب كل ثقافات السودان المتنوعة في شخصية جعلت قريته الصغيرة تستقبل وافدين من أرجاء السودان كافة .. رحب بنا الشيخ كثيراً وطلب منا الذهاب إلى غرفة استقبال الضيوف حيث بدأ معنا حواراً وقوراً هادئاً عن قدومه إلى هذه المنطقة .. قال الشيخ طاهر إنه أصلاً من أبناء " طوكر" وقد سمع وهو صغير السن بالشيخ علي بيتاي فذهب إليه في العام 1952م وظل معه قريباً منه حتى توفى الشيخ علي بيتاوي في العام 1978م وذكر بأنه وقبل هذا التاريخ كان قد جاء إلى قرية " البسلي" في العام 1976م بإيحاء من الشيخ علي بيتاي وظل يعمل فيها في تحفيظ القرآن الكريم والتجويد واللغة والتفسير وتأسيس الخلاوي حول قرية " البسلي " والاهتمام بتحفيظ المرأة للقرآن الكريم .. ذكر الشيخ طاهر إنه جاء إلى هذا المكان " همشكوريب الجديدة " في العام 1991م وتبعه بعض تلاميذه ومريديه ونجد أن اغلب تلاميذ الشيخ من المناصير والكتياب والجزيرة ودارفور ولاحظت أن احد التلاميذ من جنوب السودان .. تناولنا الغداء مع الشيخ طاهر ابوبكر وكان يناقش أمور الكهرباء والمياه والخدمات في قريته الجديدة .. وقبل مغيب الشمس خرجت القرية في وداعنا وهي تردد " لا اله إلا الله محمد رسول الله " بطريقة همشكوريب المعروفة . إنها قرية صغيرة ولكنها نموذج للعطاء هي دعوة لكم جميعاً لزيارتها والتشبع بقيم الحوار مع النفس والتزود من هذه الأجواء النقية ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة