سِيرة الفوضى " فصل من رواية ظل الفوضى"

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 01:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2017, 11:56 AM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سِيرة الفوضى " فصل من رواية ظل الفوضى"

    10:56 AM July, 07 2017
    سودانيز اون لاين
    Dahab Telbo-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    الى جوزفين الحقيقة
    جوزفين بيتر لاكو الفتية بنت بورتسودان
    بنت الشتات والتشظي وهي تصعد بالأمس -السادس من يوليو- بالضفة الاخرى طازجة البهاء
    إليها …وهي القائلة " ربي امنحني القوة لأقبل تلك الامور التي لا يمكنني تغييرها"
    بالامس كان القبول يا جوزفا …
    بالامس هزمتِ مكيدة الموت!؛
    ولا عزاء لنا -نحن أبناء الانكسار- سوى هذه الكلمات "الماسخة

    وَبَيْنَما يَغَيِّبُ الْآتِيُّ فِي شِفَاه اللَّحَظَةِ اللَّدْنَةِ،
    تَغَيِّبُ الْمَتَاهَاتُ فِي الْمَتَاهَاتِ.
    تَتَجْلى الْخَطِيئَةِ الْعَبْلَةَ مع ارْتِجْافِ فَرَائِصِ الزَّمَنِ
    حِينَ يَلُفَّ الْخَرَابُ جنائن الْأَوْدِيَةَ الْهَشَّةَ برُدنِ عَبَاءتَهُ؛
    تَتَطَايَرُ دَعَّابَاتُ أَطِفَالِهَا مَعَ صَيْحَاتِ الْوَغَى.
    قَبِيلُ هُبُوطِ قَذِيفَةِ الِ أَرَّ بِي جِي عَلَى خَاصِرَةِ الْقَرِيَّةِ بِحَرِيقٍ.
    تَنِزُّ الْبَشَاعَةُ مِنْ مَنْدِيل الْوُجُوهِ المتحرّقة.
    يَنِزُّ الْمَوْتُ الصَّافِي؛
    يَتَرَقْرَقُ؛
    كَمَا يَتَرَقْرَقُ شُعَاعٌ مَهْزُومٌ مِنْ ضُحَّى الْمَكِيدَةُ.
    إِذْ لَا يُبَيِّنُ لِلْغُيَّبِ وَجْهٌ.
    في خِضَمّ التَّزَاحُمِ الْوَجِلِ؛- دَاخَلَ مُرَجَّلِ الْأَحْدَاثِ-،
    هُنَا تَرَوِّي السَّلَاَمَةِ؛ حَيْثُ حِصْن الْمَدِينَةِ.
    حَيْثُ الْخَيَالِ.
    هُنَا الْفَضِيحَةَ، وَلَا غَرْوُ؛ مَقَرّ مِهْرَجَان الذُّعَرِ؛
    وَاللَّيَالِي الْخَائِفَةُ مِنْ تِكَّة عَابِرَةٍ لِزِنَادِ مُتْخَم بِالرَّصَاصِ؛
    خَائِفَةٌ مِنْ هَشَاشَة الرِّمَالِ.
    فَلَيْسَ لِلْفَضِيحَةِ مَرْسَىٌ، أَوْ مُبْتَدَأٌ،
    إِنّهَا هَكَذَا؛
    فَضِيحَةٌ

    http://www.up-00.com/http://www.up-00.com/http://www.up-00.com/

    تلبو

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 07-07-2017, 12:04 PM)
    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 07-07-2017, 12:06 PM)

                  

07-07-2017, 12:12 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىandquot (Re: Dahab Telbo)

    (1)

    منسي القوافل




    أيتها الروح الشقية شقاء أسمال الفقراء،أنفضي عنكِ وعثاء السهاد ثم غيبِي في هذا البحر الطافح ألم وأمل، هذا المتحرر من التضاد والذي يقبل كل قاصدٍ له ، ليس مثل صحراء الثنائيات التي قتلكِ تيهها منذ صرخة ميلاد جسدكِ المنهك،أصيخي السمع للريح الطرية فالرياح هي صوت الإله وقطار الشدو لناي القصب لذلك يحبها العشاق من رعاة قرية "دقريس".
    أيتها الروح المشبعة بالأحاسيس الرطبة مثل مدن السواحل ادخلي هذه اللُجة الرائقة ففيها تتفتح الزنابق إلى جوار الزهرات السْامة وترقص جميع الحيتان جنباً إلى جنب،بعيد عن هواجس الافتراس أو التطفل،قبل التعنت اسألي نفسكِ هذا السؤال المباح " هل في ألأرض من استطاع أن يجني ما جنته أرواح الرعاة من سعادة؟.
    وقبل الحيرة سأهديكِ الإجابة التي تأتي بالنفي الصارخ، فقط لأنها متحررة دائماً وطليقة مثل رياح الشتاء ، أرواح الرعاة هدايا خاصة للمروج السندسية ، يضربُ الراعي من وراء قطيعه قيثارة الرحابة التي تعيش فيها روحه فتتناغم الحياة بقتل الأنانية داخل التجانس الأبدي.
    التضاد سيقتلكِ أيتها الروح المهترئة ، سيهرق ماء حياتكِ في رمالِ الضجر العطِشة لو لم تبعدي عن المتقابلات ذات فضاء الاحتمال الفردي ليل/نهار، نار/ماء ، حب/كُره ، أمل/يأس ، رجل/ امرأة كل واحد ينفي الأخر في تناطح أبدي! ، ليس هناك مزيدا من الحلم في البقعة التي تتشبثين بها بمخالب القُراد طيري يا صريعة السهاد المخاتل فإن البرغوث سينمو و لو بين شقي عود يابس إذا ما أمن الحياة ، هذا الكوكب شاخ وخارت قواه التي أهلكها الزيف وأجهزت عليها تخمة دخان المصانع التي لا تصنع سوى الفقر.
    آه من سبر غور الشعارات الزائفة ، آه من صدمة النفاق الفج ، سنون كثيرة مرت يا كرامة ، سنون فعلت بك ما سوف لن تفعله جهنم بابي لهب ، سنون ملأتك بالزوابع التافهة رمتك في لُجج الأحقاد وحضيض تفاهة الإنسان ، سنون عملت على قتل كل قيمك العليا منها والدنيا لترميك في العراء خِرقة بالية من لحم ودم ، نهبت جميع أشياءك الثمينة لترسلها إلى عوالمها الغائرة في غياهب الغياب ثم مِن حقدها تضن عليك حتى بالموت! ، ست وتسعون سنة هربت بك إلى أراضٍ غريبة ، بحور من الفوضى وسحب لانهائية من الزيف والانكسارات تجترها بألم وأنت تغوص في حمم براكين الظلال ، انه الشقاء الأبدي يا حسين ، الشقاء الذي لا شقاء بعده ، ذق المرارة أبداً يا من نستك قوافل الأجيال ، قلبك النابض بآلام النكبات وقداسة بريق العابرين لم يمل العذاب وثرثرة الدماء الفجة تحت سيسبان وتينه وأرجلك الحافية مثل سنبلة ذرة أدمنتا الطواف التائه ، عيناك اللتان خبأ بريقهما مازالتا تحدقان بفضول عين المصابيح على وجوه الأمنيات ، حتى رئتك المتكورة دوما مثل مشرد مازالت تراود الهواء المنتن لتثير زوابع الأوكسجين في الصدر المتهالك مثل خيام المخيمات،الرأس الهرمة والبطن المتقيحة،الأسنان المتآكلة،الشيء الغائب في وحل الرخو ،لقد مللتُ من اللامبالاة والتشتت في صحراء الأفعال التي لا تنتهي،التفكير،الأكل،الجنس،ابتسامات السوس،الذكريات،إنها دوامة لانهائية لشيطان حاقد ، ترعاها أيام عابثة بهزل إله معتوه ، تسعون نكبة تخطتها ستٍ سادرات في غي التواريخ الفوضوية ، أيتها الشفاه المثقلة بالقُبل المبتذلة ألفظي كلمتك الأخيرة التي تريحني،كل ما أريده أن أستكين الى فضاء العدم المريح ، مللت دورة الأيام السخيفة،تكرار الزوابع ، الحرور ومتماثلات المطر،الآن أيتها السفينة المتهالكة ضُمي الأشرعة وأوقفي التجديف فقد ظللتِ لستٍ وتسعين حولٌ تطوفين حول الهباء ، اللاشيء ، طواف عبثي حول الأكاذيب الكبيرة ، الفضيلة،النقاء، الثورة،السؤدد ، العدل، متعة الجنس ثم كذبة المواطنة المتساوية لتقبضي ثمن تلك الرحلة الطويلة ألم دامي! و رغم ذلك لم تضمي الأشرعة!، حرري جسدكِ من لعنة الموج وكيد الحوت ، حرريه من مكر التماسيح وبلادة الإخطبوطات ، اهربي إلى الشاطئ لتدسي أرجلكِ- الكسيحة- في رماله الباردة،اهربي إلى فضاء اليابسة إلي الرحابة ، إلى الزهور والحقول ، اهربي إلى السكون الأبدي والخلود.

    تلبو
                  

07-07-2017, 12:20 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand (Re: Dahab Telbo)



    2
    كُنُه الأشياء



    هاهي الأشياء تتكشف لتظهر على حقيقتها ، تتلوى مثل حية رقطاء وهي تتملص من ثياب الخيانة ، مثل شجرة تبلدي عتيقة تمارس إرشاء الصيف بوريقاتها اليابسة ، تظهر بكامل مشاعرها ، التوق ، الوجد والحنين ، تنشر الحبيبة على حبل الغسيل لتتلألأ مثل ثوب ناصع غُسل بالثلج ، وجوه الحبيبات رهيبة جداً ، خاصة ؛ إذا ما عرتك الأيام أمامها وفضحت عجزك لتتبين مدى المأساة ، فها أنا ذا مثل سُنبر قاسي عند نهاية موسم الإمطار أتركها ، أرحل بعيدا عنها وظلال السُنط ، بعيدا عن عواء "جريبيس" وزغاريد البنيات البهيات كما النوّار وذلك هو ثمن التعهد المستقبلي!.
    عندما اقسمنا على ميثاق "قولو( *) تعهدنا ببذل أرواحنا فداء للقضية وأجسادنا مطية للثورة المقدسة التي سوف تزيل شجيرات التهميش الشوكية وتعزق أعشاب التمييز الطفيلية،ثورة لزراعة أزهار العدالة الجميلة وطرح خبز المساواة المقمّر مثل وجوه عرائس النيل،كانت الغيوم ترحل هي الأخرى تاركة ذكرياتها على أوراق الشجر وأعشاش طيور ودأبرق ،عندما يرحل المطر مجرجراً سحب هزيمته النكراء تستمتع السماء بصفاء وجهها وتبتهج نجوم الثريا في سمرها الليلي البهيج ولكني لم أنل من ذلك شيء فقد رحلت أنا الأخر على مضض نحو الصحراء الكبرى قاصدا تخومها الجنوبية،لقد أقسمنا أن نلبي النداء "براً وبحراً وجواً" لذلك تركتها رغم سُخام وجهها،برق ثغرها ووضاءة الجبين ، لم أكن لأدري إن تعنتها كان اصدق من وعودي التي كنت اخفف بها ألم البتر"سوف لن يطول الغياب يا إكليلي المضفور من العاج الأسود،ستعانق أرجل طيور الرحو قمم أشجار العرد يوماً طالما أن السماء لم تعلن إفلاسها المائي،وبمثل ذلك المهرجان الماطر سنقبض فراشات اللحظة في بستان الحضور المزهر ، خذي هذا الوعد وأعطيني الرحيل.
    كانت تقف مثل ملكة على باحة منزلنا السعيد ، يزينها فستان مخصّر وطرحة "كريشة" تتدلى على صدرها الناهد ، القرية كلها احتشدت في مهرجان غير معلن فأسرة الشيخ كرامة تودع ابنها الذاهب إلى "بلاد الاغتراب" وذلك حدث جدير بالجمهرة وبذل الدموع المجانية من نساء القرية اللواتي يؤمن بأن الفُرقة حارة لذلك يجب تبريدها ببعض الدموع. وصايا من نساء ظللن ينتظرن لعقود رجال لن يعودوا قط واستجداء عودة من شيوخ يلاطفون الأيام كي تمكنهم من إلقاء نظرة أخيرة على أبنائهم الذين خطفتهم بلاد الجماهير إلى الأبد.
    من البعد كنت ألوّح لها بيدي الرجاء صارخا بصمت "أوقفِ شلال المقل هذا كي يتسنى لي الهرب من المهرجان،اتركيني لأرحل واقبضِ الميثاق.
    لم تنفك مني تلك الصورة وأنا على ظهر لوري النيسان ذو براميل المياه ، الصحراء لجوجة تلفح الوجوه بأتربتها الملعونة بينما اللوري الفحل يشقها مثل عريس في ليلته الأولى والقلب مازال معلق بخيط الحنين على جذوع أشجار العرديب ، كان سائق اللوري الضجِر ينبه دائماً على عدم الاقتراب من براميل الماء مهددا بأنه سوف يرمي بكل من يخالف أوامره على تلال الصحراء الوهمية ثم يبشر"سنكون بعيد أيام هناك وستشربون ما لذ وطاب" ما لم يدر بخلد السائق من المشروبات هو ذلك الذي كنت أغرق في بحوره ، لقد كان تحدي فعلي لرجل لم تتخطى أرجله بلاد النيل قيد أنملة،التساؤلات تضج في الرأس وكأنها ليلة مولد،كيف سيكون المقام الجديد؟ من هم ناسه؟ ، كيف سأتعامل معهم؟ في الحقيقة كنت أعلم أن اختيار قيادة الثورة لشخصي رئيس على الطاقم لم يكن موقف فالمنطق يقول باختيار رجل له خبرة ببلاد الآخرين ولكن هي أشياءنا اللزجة التي كنت اجهل كُنُنهها ، "سأتعلم من الأيام" هكذا برروا وقد صدقوا ، فألايام فقط هي من أعلمني بحقيقة أشيائي ودائما بقيت خير معلم.
    العوينات ، جبال اركنو ،الكفرة أرض الميلاد الجديد ورمي شكوك الهلاك جانبا ، ثم مدن كثيرة قبل أن نعانق ثغر المتوسط الباسم والعلم البارز ، طرابلس الغرب ذات البهاء.
    بدأت راحلة الحياة الجديدة تقلع ببطء وكثير دخانِ حنين ، تماما كما لواري أسوق القرى الأسبوعية المتجهة الى المدينة ، غير أبهة بعجرفة البدو وتملق فقراء التبو المقهورين ، في ليالي المنفى الأولى ظللت أتذكر كل شيء وكأني أواسي النفس بالذكريات ، اقلب الأحداث تارة بتأنيٍ ودودٍ وأخرى بذهولٍ شَقِفٍ ، ثم بحقد وسماجة أيضا،كثير ما كنت أغيب كليا في مقرن النيلين لأبدأ الإبحار عكس مجرى الأزرق الدافق طلبا للرفاق في غرفتهم العلوية،مشوش بالحنين ومشوب بآلام كثيرة وأماني كبيرة لا أعرف مبتدأها ولا أين تكمن مفاتيح تحقيقها لكني مؤمن بأنهم يستطيعون فك طلاسمها لذلك أستحضرهم ، الصادق هامش،النذير،عثمان ، محمود أنبياء الفكر وأولياء الحقائق ، إليهم اشكي غلواء البعاد وبهم استهين السهاد.
    "سنحقق مبتغانا ونحرر الوطن من كذب اللحى" كنت اكرر ذلك الوعد المقدس مرارا وأدعمه بالحلفان أبدا،فقد أقسمنا بالله والجدود العظماء على قمة الجبل المعظم ، على شفى شلال قولو الذي يجري ما جرت الحياة أن نرد للمعلم اعتباره وللوطن الحقيقة ، فما تركه فينا المعلم من إيمان لا تستطيع كل صعاب الدنيا أن تمحيه من القلب بل ذلك الشيء تشربته الدماء.
    فقط هو وصوت الحبيبة الدافئ يجعلان القلب مشرئب ، انفراج مبسمها الذي كدفق الحليب في سُخام قِدر ، تلك الومضة تجعل كل الطغاة يولون الأدبار ، سيكون ذلك اليوم غريبا وعصيبا عليهم جميعا كيوم الحساب ، وهو كذلك يوم حساب واقتصاص وهوى في سعير الفناء الذي قادوا إليه التقي النقي.
    أتوحد مع ذاتي عندما يصل التعمق إلى فضاء الانتصار لأبقى هناك طويل بين جنان العدالة مما حدا بالكثيرين ممن هم حولي الذهاب الى التأويل باني ممسوس وقد تطوع احدهم - كان فيما يبدو مصاب لدرجة ما بهوس المصطلحات- بالتحليل العميق لحالتي ليخرج بما اسماه"داء العزلة". كان شعورا غريبا ذلك الذي عشته وقتها ، خليط من الحزن والأسى والهيام ، نوبات من مرض الإيمان الزائد وهوس الانتصار، فتحنا المكتب بطرابلس بعد أن كتبنا على لافتته الخشبية "مكتب حركة/جيش تحرير السودان" ثم شرعنا في العمل،كانت التعليمات قاسية جداً ، تأمرنا بوضوح بالانخراط في العمل لتحمّل نفقات إعاشتنا "لا يجوز للمناضل أن يتلقى اجر ثمن لتضحيته من اجل قضية يؤمن بها" تفرقنا أيدي سبأ في طلب لقمة العيش وتأثيث المكتب الخالي ، كانت المدينة ارض حشر بغير موازين،تعج بالغرباء مثل بيت النمل ولكن رغم ذلك كان المشهد العام للسوق وطنيا أكثر من أسواق وسط البلاد التي نبذتنا،وجدت فيه كل رفاق الصبا والسابقين وسابق السابقين في ترتيب السنين ،فلم تضع وصايا أهل القرية سُداً كما توقعت.

    _______________________________
    *قولو : اسم شلال على قمة جبل مرة غربي السودان(الناشر)
                  

07-07-2017, 12:15 PM

مني عمسيب
<aمني عمسيب
تاريخ التسجيل: 08-22-2012
مجموع المشاركات: 15691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىandquot (Re: Dahab Telbo)


    تلبو يا طفرة ! عيدك سعيد ولك الاشواق .


    اجمل مافي الحكاية وبعد الحروف المنظمة .. هذه الابنوسة
    المبتسمة ابتسامة الرضا الصادقة بكل الاحوال .


    متابعة بقناعة تامة .

    ودمت .
                  

07-07-2017, 01:17 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand (Re: مني عمسيب)

    العزيزة بت عمسيب حبابك

    شكرا للتزكية وجميل الحكي ونتمنى للرفيقة جوزفين بيتر الخلود الابدي والرحمة في عليائها
    فأجمل الورود وازكاها تقطف باكراً

    ومتابعتك تجعلنا سادرين في غي هذه الخطرفة المتواضعة
    تحياتي

    كسرة :
    للمهتمين بمطالعة الرواية تجدونها كاملة في متجر دار مومنت بموقع لولو
    http://www.lulu.com/spotlight/momentdigibooksltd

                  

08-03-2017, 09:14 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سِيرة الفوضى andquot; فصل من رواية ظل الفوضىand (Re: Dahab Telbo)



    (3)
    تجلي السُّخام



    لم تكُ "فلسفة الفوضى" ضمن أدواتي الفلسفية التي اغتنمتها من معاركي مع كبار المتكلمين في أروقة الجامعة الأم في البلاد طوال الثماني سنوات التي عشتها محتضنا النيل في رفقة الأنبياء ليفاجئني بها ذلك الذي ضيعّته في زحام الجور
    "فوضوية الترتيب تنتج أبدع نسق"
    أطروحة تهزم جيوش تفكيرك وتسرقك كل نفيسِ منطق كنت تدخره لنوائب الدهر، بل تهزم حتى تعاليم السفسطائيين المهرة.
    دبر لي بعض الراسخون في البلاد عمل في قرية صغيرة من قرى الجنوب القاحلة ، قرية حصينة وُضعت احتمالات غدر الصحراء في حسابات منشئيها فبنوا لها متاريس إسمنتية تخفف عواصفها الهائجة ، اللجنة الشعبية،المدرسة هي مباني فخيمة لكنها جوفاء مثل عقول أعضاء اللجنة،مليئة فقط بصور الزعيم الأوحد،التي تستبد حتى ببيوتهم الغريبة عن هيئاتهم ، لا احد يريد التعلم ، فهو مجرد ظاهرة من ظواهر التمدن القسري ، مثله مثل الكهرباء التي يعذب أبصارهم نورها وغاز الطهي الذي يفسد حلاوة الشاي ثم السيارات الفارهة واللجنة الشعبية ، ومن بينها هو الشيء الأقل أهمية لذلك مهمل. أٌدرّس تلاميذ القرية الانجليزية التي لا يعرفون أبجدياتها -وليس ذلك من اهتماماتهم !- وفي المساء اجلس داخل غرفتي أو في باحة الدار وحيدا أمارس عادة الاستذكار التي تلاءم وحدتي الصحراوية ، ذات ليلة باردة من ليالي الشهر الرابع في المنفى أدرت محرك موجة الراديو الكبير الذي يقبع بجواري دائما على المنضدة التي أضحت بلون الأرض من اثر رياح الصحراء الحقودة،حركتها تباعا فصدح صوت نسائي حاد عرفت انه لبلبلة الشرق "فيروز" هيج في ذكرى عطرة نشتها أصابعي بمقود الموجات ليظهر فنان أخر كان ينتظر دوره في المسطرة بصوتٍ كئيب وحروفٍ موغلة في الأمازيقية يصاحبه بكاء آسر لقيثارة ، تجاوزته بعجل لأسكن إلى صوت رتيب خلت صاحبه يرتدي ربطة عنق ويجلس وراء مكتب فخيم وهو يذيع نشرة أخبار العالم فرفعت يدي من المقود لأستمع للمذيع الذي مافتئ يذكرني بأن نشرته تأتي من إذاعة "بي بي سي العربية" وكأنني أبديت تشكك في ذلك! ، ضربتني الصحراء ضربة غدر قوية بيدها الرملية الباردة أحست بقوتها الجفون وكأنها كانت تقصد بضربتها -الخائبة- تلك عينيّ،ثم عاجلتني بأُخر تترى قبل أن أهرب إلى الداخل ، لم يكن لقائي الأول مع العواصف موفق على كل حال فهربت تاركا المنضدة ومذيعها المتشكك لضربات عصى الرمل ، ظللت أراقب تلك الثورة الجديدة بعيني كاسر ولما أيقنت بأنها لن تهدأ أحكمت إغلاق الباب وأضجعت على السرير ، جالت بخاطري ذكريات كثيرة ، المعلم ببسمته في ركن المسجد وهو يتحدث عن العصور البائدة شعرا وسِير رجال،الحبيبة ، الثورة ، الرفاق في غرفتهم العلوية ، هاج القلب عندما نظر إلى العدم الذي حوله ، الجدران تحدق في بعضها ببلاهة صامتة ، المصباح ساطع بنور كثغر –فاطمة- عضتُ شفة الاحتراق ومن ثم تقلبت مثل سمكة بلطي تبحث عن صارقيل الأحلام ولمّا لم أجد حلما يغويني حدقت في المصباح المتلألئ شروقا كجبينها فامتلأ الصدر وماجت البهجة في داخل مضغته الدامية لتتفرق إلى الأطراف عبر الشرايين! ، انه سحر النجوى وحضور الحبيبات الغياب ، دققت في وجه المصباح فكان كما وجهها الوضاء ، بجانبيه بهتُ تماماً كما طلتها وهي تشد وجنتيها النضرتين ، مددت يدٍ لألمس كفها الحرير ، لمسته وجذبتها إلي بلهفة درويش إلى الحضرة ، لاصق وجهها وجهي ، تحسسته مصقول كما السوميت ، أنفرج مبسمها فكشف ثوب الظلمة الذي تتدثر به الصحراء لتنشر ثورتها العبثية ، وصعق ناظري ، وهبتَ قلبي من نورها الحق ثم وضعت ردفيها الحرير على صدري ، كانت بهية في فستانها المخصّر وطرحة الكريشة،ممتلئة بالأمل ، مرتوية كضفة نهر،طيبة كفاكهة برية،بحتُ لها مثل طفل لاقى أمه
    - أحبك ..أحبك يا سيسبانة.
    قالت بدلالٍ آسر:لم أسمعك.
    - أحبك يا حورية القلب.
    تبتسم ثانية فتُضاء السموات العلية وتتوهج النجوم فرحا ، يتحرّق القمر في غيابه ويتحسر ثم تضيف في حياء.
    - وأنا أيضاً
    - سعيد بحضورك الذي لم يسّكنْ شوقي إليكِ ،إني اشتاقكِ أبداً يا ليمونة القلب.
    - وأنت في الدم.
    - آلان وقد غابت جميع الكواكب هربا من صعقكِ سأدخلكِ من جميع المسامات كفأر يتسلسل إلى "دبنقا( *) ومن ثم أجوس وأعربد في الدواخل إلى حين عودة الكواكب بمعية الضياء لأخرج متعجلا إلى صحراء العبث فقط امنحيني الإذن. من أي الجنان أنتِ يا سحر الجمال؟
    - قبل ذلك دعني أسألك،لما هربت إلى هذا العراء وتركت جنان الله على جرف وادي "امبالايا" حيث الماء يجرى دائما والأرض تلبس الأخضر ثوبا ما حيي المطر؟
    - أتدرين كم أفكر فيك وأنا استمع إلى أبو السيد وأدخن لفافات السجائر المتفتقة؟ أفكر فيكِ كملكة بل كقديسة واحتاجكِ حتى في صلاتي،في الدعاء وبعض أيام السحر،تخيلي! لو كنت وليا صالحا لكنت سألت ربي أن يأذن لي باسمكِ في الدعاء.
    - لا تتجاهلني لما هربت وأطلت الغياب؟
    - لم اهرب يا سليلة الريان العلية ، لن تتفهمي الموقف ولو شرحت رغم ثقتي من تقبلك له لذلك لن أقول ألان ربما قلت لك في قادم اللقاءات أما الآن فالمقام مقام بوح اسمعي هذه الأغنية الخالدة بلغة "البري بور"
    بريدك ريدة ذي عيني ما بنساك والله يا حبيبة تعالي لي
    آه صغاري ما تلومني كباري ما تلومني
    أنا لو مت ما تدفنوني بيت الرائقة بس ودوني
    وفي سريرها رقدوني و بدموعها غسلوني
    وبنفيسها عطروني و بتويبها كفنوني
    تحت سريرها ادفنوني يمكن الملائكة يعفوا عني

    تلبو

    ___________________________________________
    * مخزن خزفي لحفظ الحبوب على شكل برميل.(الناشر)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de