*اهداء*إلى رحمة ..!
إلى الذين عاركتهم ظروف الحياة القاسية و جار عليهم
الزمن حينما انعدمت الإنسانية وغابت "الرحمة”
***
عقارب الساعة كانت تشير إلى الثامنة صباحا حينما استيقظ الأب ميلود ..
فرك عينيه بيديه ، وظل مستلقيا ، في فراشه برهة من الوقت، يصارع ما تبقى من نوم ..!
فقد اعتاد أن يفيق عند العاشرة صباحا ..!
غير أن ضجيجا انبعث من الغرفة المجاورة لغرفته أيقظه ..
بصوت متحشرج نادى : كوتر كوتر ..!
لم يأته رد .!
ظل مستلقيا فوق المرتبة العارية يفكر ويتثأب فاتحا فمه دونما حرج فقد اعتاد آن يدع أبواب فمه مشرعة على مصراعيها دون آن يحاول آن يوصدها بكفه ..
كانت غرفة النوم تتصل بممر يودي إلى الغرفة المجاورة حيث كانتا ابنتاه كوثر ورحمة يلعبان ويصدران أصوات عالية ممزوجة ببعض الضحكات ..
في الغرفة المجاورة وفي ركن من أركانها كانت تجلس كوثر ذات الاثني عشر عاما تمازح وتلاعب أختها الصغيرة رحمه ذات العشرة أعوام وكانت تتبعثر من حولهما قطع من الأقمشة المختلفة الألوان
وبعض من قصاصات .قماش "الكريب " والذي كانت قد جمعته السيدة فاطمة زوجة ميلود ووالدة الشقيقات كوثر ورحمة لتصنع منهم دمى لابنتيها ..
اعتادت فاطمة ان تخرج في كل صباح قاصدة سوق " البلد" لشراء الخضروات الطازجة ..!
بيت العائلة مكون من طابقين مطل على حديقة تحفها أشجار الصنوبر وبعض من نبتة العرعر التي تناثرت أوراقها دونما انتظام ..
على امتداد الشارع المقابل للبيت، كان عامل نظافة يقوم بتنظيف ألواح السياج الخاصة بمنزل السيد "بلخضير" موظف البنك .
فقد اعتاد أن يخرج للعمل في الصباح الباكر وقبل أن يدير محرك سيارته كان يدخل يده في جيبه فيخرج منها بعض النقود يمدها لذلك العامل ويبدو أن ذلك هو سر اهتمام عامل النظافة بسياج منزل السيد "بلخضير" دونما غيره من منازل الحي .
في الطابق السفلي لمنزل عائلة السيد "ميلود" كانت تسكن سيدة في العقد الثالث من عمرها تدعى نبيله ..!
السيدة نبيله قامت باستئجار الطابق السفلي من العائلة منذ أكثر من 6 أشهر ..
كانت نحيلة ذات ملامح تركية دائما ما تغطي وجهها بالأصباغ والمساحيق ، تقفذ من أعينها نظرات الخبث..
كانت تسكن لوحدها فمنذ أن قدمت لهذا الحي لم يعرف لها أهل ولا جيران لم تكن كثيرة الخروج ..
غير أن رجلا في الأربعين من عمره طويل القامة يمتلك سيارة من الطراز الالماني ، كان يزورها باستمرار..