الخرطوم:حسين سعد إنه المأزق حقا؟ الخميس الماضي أحتشد العشرات من الباحثيين والسياسيين والصحفيين والطلاب والخريجيين والناشطيين أحتشدوا في مباني اتحاد أطباء السودان بشارع النيل بالخرطوم لحضور المنتدي الذي نظمته جمعية وعي الذي اختارت له عنوان(العنصرية وقضايا الهوية من منظور اجتماعي) تلك القضية التي تناولها الكثير من المفكريين السودانيين من قبل،بمختلف مدارسهم واتجاهاتهم حيث جاء ذلك التناول من منصات ورؤي متعددة ثقافيا دينيا واجتماعيا، البعض صنف السودان بلد عربي اسلامي،وأخرين صنفوه بلدا أفريقيا بحكم الجغرافيا والتاريخ والغالبية من السكان،وبين هذا وذاك دعا أخرين الي الهوية السودانية وعززوا وجهة نظرهم بالتنوع والتعدد في بلادنا بجانب تفاعل الثقافة العربية والافريقية والديانات الاسلامية والمسيحية والمعتقدات الافريقية ،وقالوا ان كل الازمات التي لحقت بالسودان تعود جذورها الي الهوية التي بسببها انفصل جنوب السودان،وهناك تهديد لذهاب بقية اقاليم السودان الاخري التي تعاني من التهميش ومن غياب التنمية العادلة ومن الفقر والبطالة ومن الحرب والنزاعات. التعدد: ويري المواطن البسيط في تعدد المدارس والاراء في هذه القضية بأنه دليل ساطع علي وجود أزمة في الهوية السودانية اتفق حولها جميع السودانيين بمختلف إتجاهاتهم وشددوا علي ضرورة حلها والاعتراف بالتعدد واحترام التنوع الذي يذخر به السودان ثقافيا ودينيا،وفي ذات الوقت ظلت الهوية حاضرة في الصراع السياسي والثقافي في السودان،لكن الصراع في الاولي كان يوظف ذلك لصالحه لاسيما الانظمة المتسلطة التي تفتقد للشجاعة والارادة حيث توظف تلك وبطريقة ماكرة قضية الهوية لصالحها، حينها يصدق البسطاء ان مشاكلهم ليست سياسية بل دينية وثقافية. وهناك الكثير من الشواهد التي لم نجني منها سوي الخراب والدمار،اما في الثانية فقد كان في الفترة الماضية صراعا فكريا مفيدا ومنتجا لكن التساهل في اللوائح والمراقبة فرخ صحافة تدعو للعنصرية والكراهية سممت المناخ، وفي الماضي تصدي جيل الرواد من الفنانيين والشعراء الي هذه القضية المهمة ومن بين هؤلاء جاء فنان افريقيا محمد وردي في اغنية ( حنبنيهو) لشاعر الشعب محجوب شريف :حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي..وطن للسلم أجنحتو ضد الحرب إسحلتو..نحلم نقرا نتداوى ..مساكن كهربا ومويه) وفي ذات الاتجاه مضي الفنان الكبير ابراهيم الكاشف في اغنيته (أرض الخير أفريقيا مكاني..مواكب ما بتتراجع أقيف قداما وأقول للدنيا انا سوداني)اما الشاعر محمد الحسن سالم حميد فقد كتب:يا بت العرب النوبية..يا بت النوبة العربية..يا فردة نخوة بجاوية..أو شدر الصحوة الزنجية،وفي الاثناء كتب الشاعر سيد احمد الحردلو (نحن الساس ونحن الرأس ..وأسعل جدي ترهاقا..وخلي الفاقة والقاقا..تالا ابوي بعانخي لزم…وامي مهيرة بت عبود) قضايا الهوية: وفي منتدي جمعية وعي الذي اختارت له عنوان(العنصرية وقضايا الهوية من منظور اجتماعي) قدمها الاستاذ عبد الله ادم يس الشهير بالشوالي والاستاذ فيصل محمد صالح،وشهد المنتدي الذي اقيم بقاعة اتحاد اطباء السودان بشارع النيل شهد حضور واسع للباحثيين والسياسيين والصحفيين والاكاديميين والناشطيين بينما شكل الشباب حضور لافت داخل القاعة التي اكتظت واستبقت ادارة المنتدي انطلاقة الفعالية بتهيئة الملعب وذلك من خلال تقديم فليم عن التنوع في السودان ومن ثم قدمت مديرة الجمعية الاستاذة زهراء حيدر كلمة الجمعية المولودة بأسنانها والتي لم يتجاوز عمرها اربعة أشهر فقط لكن الجمعية تناول في منتداها الاول قضية كبيرة تهم المجتمع وهي العنف الجنسي ضد الاطفال بمشاركة من شارع الحوادث وأبدت حيدر سعادتها بالحضور وقالت انهم يعملوا في الجمعية من خلال ثلاث مسارات لجهة تذليل العقبات امام الشباب واكدت التزامهم بتعزيز الهوية السودانية والانتماء للوطن ودعم المبادرات الشبابية وبناء الشراكات،وشملت دراسة الشوالي مقدمة تناول من خلالها مفهوم الهوية في السودان من خلال تحليل المضمون لثلاثة صحف وهي أجراس الحرية التي تم إلغاء ترخيصها في يوليو 2011م وصحيفة الانتباهة والجريدة وسلطت الدراسة الضوء علي الكيفية التي تهتم بها الصحافة السودانية بقضية الهوية في الفترة من العام 2010م ومعالجة اشكالياتها ،ومضت الدراسة للاجابة علي عدد من التسأولات من بينها هل هناك تفاوت في موضوعات قضايا الهوية التي تعرض في الصحافة السودانية ؟وهل هناك تفاوت في القوالب المهنية التي تعرض مشاكلها؟وهل هناك تفاوت في الرسائل النفسية التي تاتي مصاحبة لقضايا الهوية ؟وماهي الاتجاهات السائدة في قضايا الهوية التي تعرضها الصحف ومن هو الجمهور الاكثر في مخاطبته بقضية الهوية وتعتبر الدارسة الاولي من نوعها في علم النفس التي تناول قضايا الهوية السودانية من منظور نفسي في الصحف السودانية واشار ادم الي تناول عدد من المفكريين في موضوع الهوية سودانيين واجانب واحصي يس اشكال الهوية في التعصب والعنصرية والتماهي والتنميط وقال ان التعصب للهوية يولد العنف مشيرا الي تكرار العنف المتصل بنزاعات الهوية في العالم واوضح ان الهوية يمكن ان تكون مصدر للثراء والعنف والترويع وقال ان الهوية السودانية نالت الكثير من التنظير في الجوانب السياسية والاجتماعية لافتا الي وجود الكثير من الاشكاليات للهوية السودانية جراء التعدد الديني واللغوي والثقافي والاثني والعرقي لكنها ارتكزت الي الجانب السياسي من الجوانب الاجتماعية فتحولت الي قضية ايدلوجية وقضية سلطة أكثر من كونها قضية اجتماعية واوضح يس ان الجانب السياسي في السودان انتخب ثقافات معينة وتعريف هوية علي الاخريات الامر الذي ادي التهيج الاجتماعي مثل لذلك بانفصال دولة جنوب السودان ،بينما تناول الفصل الثاني من الدراسة المناقشة النظرية لمفهوم الهوية ووظيفتها وتعريفها اللغوي والاصطلاحي والنظريات التي فسرتها وعمليات تكوينها وتصنيفاتها وخصائصها وتناولت الدراسة الاثار النفسية المترتبة علي التعصب الي ذلك طي المبحث الثاني التنشئة الاجتماعية وتشكيل الهوية بينما استعرض المبحث الثالث الهوية السودانية حيث قدم يس خلفية عن الجغرافيا والموقع والمنحي التاريخي. منظور نفسي: اما المبحث الرابع فقد تناول فيه الباحث الدراسات السابقة في ذات المجال وتحديد اوجه الالتقاء والاختلاف وقسم الباحث الدراسات الي سودانية وعربية،وفي الفصل الخامس اوصت الدراسة علي ضرورة التوسع في مجال الهوية من منظور نفسي من خلال نظريات علم النفس ومخاطبة الجمهور واستهدافه في توصيل المعلومة لجهة مساهمته في وضع الحلول لازمة الهوية ودعت الدراسة الي تنوع تناول موضوعات الهوية عبر كل القوالب الصحفية فضلا عن تناول المهددات الداخلية والخارجية وتاثيراتها السلبية علي المجتمعات وتناول الرسائل النفسية المرتبطة بموضوعات الهوية بصورة اوضح من خلال المتخصصين في مجال علم النفس وعلم الاجتماعي،اما الاستاذ فيصل محمد صالح فقد اشار في حديثه الي وجود ما اسماه خلط في المفاهيم والتعريفات لموضوع العنصرية،واوضح فيصل ان تعريف العنصرية متشابه ولفت الي وجود خلط بين العرق والاثنية ودعا صالح للنظر لقضايا الهوية والعنصرية من خلال مناظير متعددة وشدد علي ضرورة اجراء الدراسات والبحوث العلمية وادخال معالجات فنية في المنهج التعليمي ،وقال صالح ان العنصرية موجودة في كل المجتمعات لكن بعضها تخلص منها،اما مداخلات الحضور فقد كانت غنية وعميقة ودعا البعض لاجراء مراجعات شاملة لقضية التنمية والسلطة وتوزيعها بعدالة لاسيما البطالة والخطط السكنية والترقيات وحذر المتحدثون من ذهاب بقية اطراف السودان خاصة التي تشهد نزاعات مسلحة ودامية والجهر بمطالبتها بالانفصال اسوة بجنوب السودان الذي انفصل من الدولة الام لفشل النخب الحاكمة في احترام التنوع والتعدد وارجع المتحدثين تفشي العنصرية وارتفاع صوتها لغياب السياسيات الحكومية الرادعة وعدم مراقبة اجهزة الاعلام والصحف التي تشجع علي الجهوية واتهم البعض السياسيين باثارة العنصرية من أجل الكسب السياسي. خاتمة: صور اشكال التمييز التي أشار لها الحضور كانت واضحة في التمييزبالوظائف وفي الإسكان وفي التوزيع العادل للتنمية، تلك الصورتذكرنا، بكل أسف بالنماذج الاستعمارية، الغريبة ان السودان اكتوي بهذه النار من قبل حيث تملك المواطنيين الجنوبيين شعور بأنهم مواطنين من الدرجة الثانية.اما الاستغلال البشع للسياسة يمكن ملاحظته كما قلنا اعلاه في زحزحة المسائل الاجتماعية والسياسية باتجاه الحقل الثقافي والديني،فالسياسيون العاجزون عن ابتكار سياسات تتصف بالعدل والمساواة، على المستويين الاجتماعي والسياسي، يبررون فشلهم وتناقضهم في بعض الأحيان لاعتبارات عرقية، وثقافية،ودينية، ونلحص الي ان الحديث عن هذه القضية المهمة يتطلب عدم إغفال أو التقليل من أهمية و قيمة الدور الذي يلعبه الإعلام والصحافة فالاجهزة الاعلامية والصحفية التي تركض خلف السبق الصحفي والاثارة التي تحرق بلد بكامله وتمزقه فالسودان في وضع استثنائ وبحاجة الي إعلام مسؤل وهنا لا نقصد من خلال ذلك السيطرة على الصحفيين أو محاولة الحد من حرية التعبير،فالمطلوب هو تدريب الصحفيين وجعلهم يدركون أنهم مواطنون ومن واجبهم أن يبقوا ضميرهم المدني والمهني منتبهًا أثناء أدائهم عملهم وعلى جهود المسوؤلية الاجتماعية والتاريخية قبل التركيز على (الخبطات) الصحفية وعلى التغطية الإثارية الصادمة وفي السودان دفع الملايين حياتهم ثمناً للصراع مابين قتيل وجريح ومشرد ؟ومازالت النزاعات مستمرة في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق؟وهذا وكما قال الحضور يحتاج الي اتاحة الحريات ووضع التشريعات العادلة بجانب وضع سياسات إعلامية ترتكز على تدريب الصحفيين فيما يخص القضايا الثقافية والدينية من ناحية، والمسائل الاجتماعية وعمليات التهميش من ناحية أخرى،فالصحافة لاعب رئيسي في إدارة التعددية الاجتماعية، والثقافية، والدينية، وفي تنمية وتقوية الشعور والوجدان المشترك، لكنها –أي-الصحافة تعيش اليوم اسواء تاريخها فالصحفيين يواجهون قهر وقيود عديدة لكنهم صامدون رغم الاحن والمحن ولم يبدلوا تبديلا امثال هؤلاء اليوم وفي ظل القيود والاوضاع الاقتصادية والهجرة تتزايد ندرتهم، لكنهم موجودون ومساهماتهم أساسية يجب تشجيعها، عموما اليوم نحن وبعد مرور أكثر من ستين عاما علي استقلال بلادنا ما زال السودانيين يبحثون عن إجابة لكيفية حكم السودان؟أليس هذا هو المأزق بعينه كما قلنا في مدخل المقالةl
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة