لعلكم تذكرون قصة التلميذة التي اتهمت بسرقة أغراض من زميلتها في إحدى المدارس بمحلية أم درمان ؛ ومما ضيق الخناق حولها وزاد من مساحة الاتهام تجاهها تمسكها بحقيبتها المدرسية ورفضها لمحاولات تفتيشها من قبل المعلمات.
يومها اكتشفت معلمتها أنها ترفض تفتيش حقيبتها لأنها تخبئ بقايا ساندوتشات الطالبات بين كراساتها وتحملها في نهاية اليوم الدراسي لإخوتها الصغار في البيت الذين ينتظرونها بفارغ الصبر وهم يتضورون جوعاً طيلة اليوم في انتظار عودتها ببقايا إفطار زميلاتها .
أذكر أنه وعند نشر تلك الحادثة كنت أعتقد في البدء أن قصة تلك التلميذة تمثل حالة فردية أو على أسوأ الفروض حالات لا تتجاوز المائة، ولكني فوجئت تماماً بأن هناك نصف مليون تلميذ يأتون إلى المدرسة وهم لا يملكون وجبة إفطار . نعم....... نصف مليون تلميذ .....هذا الحديث ليس إدعاءً وإنما واقعاً جاء في حديث للسيد إبراهيم أحمد عثمان الأمين العام لمنظمة بنك الطعام والذي كشف في تصريح مؤخراً أن نصف مليون تلميذ بمدارس البلاد يحضرون لمدارسهم بلا وجبة إفطار.
المؤلم في الأمر قول الأمين العام للمنظمة إن المنظمة توزع على التلاميذ بلحاً، بواقع ثلاث بلحات لكل تلميذ .
حسناً...... كيف يمكن أن تكفي ثلاث بلحات لتكون بمثابة وجبة كاملة لطفل في مرحلة النمو والتكوين الجسماني وكيف يمكن أن تمده تلك البلحات الثلاث بالطاقة والنشاط لأداء فروضه المدرسية من استذكار وكتابة للواجب ومشاركة في النشاط الطلابي. ثم كيف يتسنى لطفل جائع أن يستوعب التوكيد اللفظي وأخوات كان والإدغام بغنة والدولة الإسلامية و العثمانية وفرائض الوضوء والمقاديرالجبرية وس وص والدائرة. كيف ننتظر عقلاً متفتحاً والجوع أول ما يفعل إنه يخفض نسبة السكر في الجسم فيحدث الهزال والضعف وتشتيت الذهن وعدم التركيز وبالتالي عقوبة بدنية تليها عقوبة نفسية ثم مستقبل مظلم . ثم أين وزارة التربية والتعليم الولائية والاتحادية مما يحدث وأين تذهب تلك الأموال التي تستقطعها الوزارة من المدارس الخاصة ، أين تصرف تلك المليارات وإلى أي البنود يتم توجيهها أهناك ماهو أهم من إطعام وصحة التلاميذ . الغريب في الأمر أن رئيس مجلس أمناء بنك الطعام هو النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق علي عثمان محمد طه وهو رجل رغم خفوت الأضواء من حوله وتقلص الصلاحيات إلا أنه لن يعجزه إيجاد موارد ثابتة للبنك يستطيع من خلالها أن يكون استثمارات ناجحة يضخ من إيراداتها على أولئك التلاميذ الجوعى . الآن ......وحتى يستطيع البنك القيام بدوره كاملاً وحتى تستيقظ وزارة الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة من نومة أهل الكهف فإني أتمنى على أولياء الأمور ميسوري الحال أن يزودوا أبناءهم بساندوتش زائد ليطعموا منه زميلهم الجائع الفقير في الصف. بذلك نكون قد علمنا أبناءنا مساعدة الآخرين والإيثار ونزرع فيهم روح التكافل وفعل الخير، ومنها تكون صدقة نكسب بها قلب فقير وتقينا ناراً وقودها الناس والحجارة . خارج السور :
على وزيرة التربية والتعليم الاتحادية والوزير الولائي أن يصمتا حين يأتي الحديث عن ضعف وتدني التحصيل الأكاديمي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة