ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر يبدو غريباً، وغير مألوف، أعاد ذكرى أحداث شهدتها من قبل منطقة الجرافة في سنوات ماضية، فقد حاول إمام مسجد عبد المنعم بحي "الخرطوم ثلاثة" ذبح طفل يعمل في مهنة الورنيش، وذهبت تأويلات وتفسيرات وتعليقات مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بعيداً، حينما أكدت وجود خلية إرهابية أرادت ذبح الصبي بدعوى ممارسة عمله أثناء أوقات الصلاة، على أرض الواقع، وبعيداً عن الفضاء الإسفيري، فإن "الصيحة"، يممت شطر مسجد عبد المنعم لتقصي حقيقة ما حدث لأن ذكر خلية إرهابية ودمغ دواعش بالوقوف وراء الحادثة رفع من درجات الاهتمام بالواقعة .
نفي وتأكيد
مسجد عبد المنعم الواقع بحي الخرطوم ثلاثة يعتبر أحد أفخم المساجد بالبلاد، وقد شيده رجل البر والإحسان عبد المنعم محمد، لم نجد صعوبة في الوصول إليه ليس لقربه من وسط الخرطوم، ولكن لأنه يعد أحد المعالم البارزة في الحي الذي يصنف ضمن فئة الدرجة الأولى وتقطنه شرائح مختلفة يغلب عليها الموظفون المتقاعدون ورجال الأعمال، والمسجد شاسع المساحة ليس حصرياً على سكان هذا الحي، فهو يعتبر وجهة مفضلة للعاملين في المنطقة الصناعية التي تقع إلي الغرب منه، وللعثور علي فتى الأورنيش كان لزاماً علينا الاستفسار عنه مع توخي الحذر.
عدد من المواطنين أكدوا عدم وقوع الحادثة التي وردت في مواقع التواصل وكدنا أن نعود أدراجنا إلى وسط الخرطوم للتأكيدات الكثيرة التي بذلها من التقيناهم، غير أن مواطناً خمسينياً كان على مقربة من حرم المسجد جزم بوقوع الحادثة، وأكد اقتراب الفتى من الموت ذبحاً لولا تدخل مواطن وصفه بالشهم، طلبنا منه أن يحدد لنا موقع وجود "صبي الأورنيش "، مجدداً لم يبخل علينا المواطن بالمعلومات، فقد أشار إلى موقع جلوسه.
قريباً من المجنى عليه
لم نصدق أن المعتدى عليه ما يزال موجودًا في موقعه الذي يمارس فيه مهنته، وذلك لأنه وبحسب الوسائط فقد تعرض لمحاولة ذبح ظنًا أنها قد خلفته في نفسه خوفاً ورعباً قاده إلى ترك المكان والبحث عن موقع آخر، بيد أننا وجدناه جالساً تحت ظل شجرة مطلة على المسجد، وحينما توجهنا نحوه ساورتنا الشكوك بأنه ليس الفتى الذي نقصده لجهة أن من كان جالساً تجاوز مرحلة الطفولة ويبدو في ريعان الشباب، اقتربنا منه، وقد بدا ودوداً ورد علينا التحية بأحسن منها ، ويبدو أنه لماح وذكي، وذلك لأنه عرف سريعاً غرض زيارتنا.
في البداية كان يظن أننا مجرد مواطنين قادهم حب الاستطلاع لمعرفة تفاصيل قصته، وبعد أن بينا له هويتنا الصحفية لم يتحفظ أو يتردد في الحديث، فقد أكد وقوع الحادثة، وسرد تفاصيلها منذ بدايتها ، ويقول نور الدين عبد الكريم أنه ظل يعمل إمام مسجد عبد المنعم منذ سنوات حتى نشأت بينه والمصلين علاقة وطيدة، وهذا ما جعلهم يتركون في محله أحذيتهم بكل اطمئنان، ويستجيب لطلب من يريد تلميعها، ويقول إن أوقات الصلاة تعتبر الأكثر عملاً تحديداً الظهر والعصر، لأن أعداد المصلين تكون أكثر "وبهذا أجني مالاً أوفر من بقية الأوقات "، وحول تفاصيل الحادثة يقول: في ذلك اليوم وبعد إقامة الصلاة فوجئت بإمام المسجد يقوم بركل أغراضي بصورة مشينة ويأمرني بمغادرة المكان، أخبرته بأنني ظللت أجلس هنا لأعوام وبعلم لجنة المسجد التي تشرف، ومن ثم دخلنا في مشادة فركل أغراضي وبعثرها، بدوري أرجعتها إلى مكانها، وكنت في حيرة من أمري وتملكني الغضب، إلا أن وجودي بالقرب من أحد بيوت الله حال بيني والانفعال، ويواصل نور الدين حديثه مشيرًا إلى أن الحادثة في التاسعة صباحاً، ويقول إنه اعتقد بأن ما حدث قد انتهى ولم يضمر في نفسه شرًا، ويضيف: وبعد برهة من الزمن لم تتجاوز الساعة عاد إمام المسجد ومعه ثلاثة أشخاص يحملون أسلحة بيضاء، والإمام كان يحمل سيفاً شهره في وجهي، وآخر رماني بحجر في مؤخرة رأسي من الخلف "طوبة"، وبعدها ارتميت على الأرض غارقاً في الدماء وفاقداً للوعي ولم أعلم ما الذي حدث بعدها.
محاولة الذبح
إذن نور الدين وبعد الاعتداء عليه بجسم صلب سقط مغشياً عليه، وهنا السؤال ماذا حدث له بعد ذلك، الإجابة تأتي على لسان أحد شهود العيان والرجل الذي أنقذه عن الموت بعد إبعاده للسكين من عنقه، يقول يوسف صالح الذي يعمل سائقاً لعربة "لوري" إنه هرع إلى موقع المشاجرة بعد سماعه أصواتاً مرتفعة فوجد الإمام دخل في مشادة مع نور الدين، وقال إنه ومع آخرين نجحوا في فض الاشتباك وذهب كل منهما إلى حاله، ويضيف: بعد وقت ليس بالقصير جاء الإمام يحمل سيفاً ومعه اثنان يحملان "سكاكين"، ويكشف عن أنه تعجب كثيرًا من المنظر، وفي زمن وجيز طرحوا نور الدين أرضاً فيما حمل أحدهم سكيناً واقترب من الشاب يريد ذبحه وكان لحظتها مغشياً عليه، ويكشف عن أنه ومن هول المفاجأة لم يجد غير دفع الذي يريد ذبح نور الدين بقوة وأبعد السكين عن عنقه، ويضيف: في تلك اللحظات اجتمع الكثير من الناس وكان إمام المسجد يحمل في السيف ويلوح به في وجوه الحضور، ووقتها لو كان يجيد استعماله لحدثت مذبحة لأنه كان في أشد حالات الانفعال، وبحمد الله نجحت في إبعاد السكين عن عنق نور الدين الذي كان مغشياً عليه طوال هذه المدة، ولم يعرف ماذا يفعل، ويؤكد أنه ليس على عداء مع الإمام ولكنه لا يمكن أن يسمح بقطع عنق إنسان مسلم أمامه، ويكشف عن هروب الإمام بعد حضور الشرطة التي تمكنت من القبض على مرافقيه الاثنين.
حكاية "النسوان الأربع"
حسناً.. تلك كانت تفاصيل الواقعة الغريبة التي لا يعرفها المجتمع السوداني، ولكن يبرز هنا السؤال: لماذا أراد الملتحون الثلاثة ذبح نور الدين، الإجابة تأتي على لسان المجنى عليه، والذي وللمفاجأة ينفي ما تم تداوله في الوسائط الإلكترونية بأن أسباب محاولة قتله تعود إلى عدم أدائه الصلاة، ويقول إن السبب الحقيقي يعود إلى أن مكان عمله يقع قبالة مسكن الإمام المخصص له من قبل لجنة المسجد وهو مرفق به، وأضاف: في المنزل بطبيعة الحال توجد أسرة الأمام وحركة من يقطنوه مثلها مثل الآخرين، رغم أنني لم أركز عليها كثيراً، والإمام كان لا يريد جلوسي في موقعي لأنه يظن بأنه يطل على منزله، ويبدو أنه وللأسف ظن بي ظن سوء أو أنه يعتقد بأنني أنظر إلى النساء اللواتي يخرجن ويدخلن، وهو لا يعرف أنني لا يمكن أن أنظر إلى المحارم لأن لدي ـخوات ووالدة، وبكل صدق ما زلت في حالة ذهول كامل لتفكيره الغريب، ولو كنت كما يعتقد لما سمحت لي لجنة المسجد بالتواجد في هذا المكان لسنوات.
قمنا بتغيير الإمام فورًا
وماذا فعلت لجنة المسجد، يجيب على تساؤلنا العضو حسين مصطفى محمد الذي أقر في حديث لـ(الصيحة) بوجود المعتدي هو أمام المسجد، غير أنه يؤكد أن ما حدث لا علاقة للمسجد به وإنما مشاجرة بينه وأحد خارج المسجد "ماسح أحذية"، وأضاف: للمعلومية فإن المعتدى عليه ليس طفلاً بل شاب في العقد الثاني من عمره، ويكشف أن الإمام قال لنور الدين إنه يضع أغراضه المتعلقة بعمل مسح الأحذية بالقرب من باب منزله، فيما أخبره ماسح الأحذية بأنه أخذ الأذن من لجنة المسجد التي استفسرها الإمام حيث طالبه رئيسها باتخاذ إجراءات قانونية ضد ماسح الأحذية، ويؤكد عضو لجنة المسجد أن ما حدث ليس مؤشراً لوجود خلية إرهابية بالمسجد بسبب عدم صلاة او غيرها وإنما هي مشاجرة والآن الجهات الرسمية تنظر فيها، ولقد قمنا بفصل وتغيير الإمام بآخر كان إماماً للمسجد منذ فترة ثم غادر البلاد إلى السعودية، وقد عاد وعيناه إماماً وأعطيناه مهلة لإخلاء المنزل، ولقد فتحنا بلاغاً في الشرطة لتسليم المنزل إلى الإمام الجديد، وفي رده على استفسار الصيحة له بعدم وجود معايير معينة لاختيار إمام المسجد قطع بأن الإمام جديد وتم تعيينه قبل ثلاث أشهر فقط وتم ترشيحه من آخرين، وأضاف: ولقد أحضر لنا شهاداته، وكان إمام لعدد من المساجد وهو مقرئ جيد وصوته عذب "ولكن أخلاقه صعبة شوية" ومنتمٍ لجماعة أنصار السنة ولقد أخبرناه بأن المسجد وسطي يصلي فيه كافة الناس بدون تمييز، وختم بأن المسجد لم تحدث فيه أي حادثة من قبل، معتبرًا ما حدث تصرف فردي، ويلفت إلى أن البعض يشيرون إلى أن عامل الأورنيش سريع الانفعال، ولكن رغم ذلك، فإن ما أقدم عليه إمام المسجد مرفوض تماماً.
مزاعم التواصل الاجتماعي
إذن، ما كشف عنه ماسح الأحذية والشاهد وعضو لجنة المسجد يؤكد أن ما حدث لا علاقة له بتنظيم إرهابي لأن السبب الذي تم إيراده في وسائل التواصل الاجتماعي كان يشير إلى أن الإمام ومعه اثنان أرادوا ذبح الشاب نورالدين لأنه لا يؤدي الصلاة ويهتم بعمله في موعد إقامتها وهذا ما نفاه جملة وتفصيلاً.
بيان أسرة المرحوم عبد المنعم
وكانت أسرة الفقيد عبد المنعم محمد القيّمة على المسجد قد أصدرت بياناً أوضحت فيه تفاصيل ما حدث، حيث أشارت إلى أن الواقعة التي شهدها المسجد التي كان طرفها إمامه وأحد الشباب تعتبر مؤسفة، ونفت أن تكون لها علاقة بقيم المجتمع السوداني المسامح، ولفتت الأسرة في بيانها إلى أن عامل "الأورنيش" في العقد الثاني من عمره وظل يعمل في مسح الأحذية وحراستها أثناء أوقات الصلاة، وتوضح الأسرة استلامها خطاباً من لجنة المسجد يفيد بإيقاف راتب الإمام محمد ضياء الدين بسبب ضلوعه في مشاجرة وإتيانه تصرفاً غير مقبول لا يصدر من إمام مسجد ، وأكدت أن لجنة المسجد حررت له خطاباً بذلك وطالبته بإخراج أسرته من منزل المسجد، وتلفت أسرة عبد المنعم محمد إلى أنها تفاجأت بما ورد في وسائط التواصل الاجتماعي وعلى إثر ذلك استدعت لجنة المسجد وتم تحميلها المسؤولية كاملة، وبينوا أنهم طالبوا اللجنة بالتنقيب في السيرة الذاتية للإمام قبل تعيينه . ناجي الكرشابي ـ الصيحة
05-03-2017, 12:24 PM
هشام المجمر
هشام المجمر
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 9533
ما اثار دهشتي هو افادة العامل الصغير السن هو ان الامام ظن انه يراقب النسوة وان الامام اتى شاهرا سيفا ومعه اثنين يحملون السلاح الابيض حاول احدهم ذبح العامل ذبح الشاه!!!!!!!!
ولم يذكر الخبر ابدا أن الامام تم القبض عليه و تقول لجنة المسجد انه فصلته و اخطرته باخلاء المنزل!!!!!
05-03-2017, 12:48 PM
Hatim Alhwary
Hatim Alhwary
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 2418
يا عبدالعزيز، عليك الله فهمني كيف المسجد يكون مسئولا؟ يعني لو نفرين اتشاكلوا قدام السينما نحمل السينما مسئولية المشاجرة. ما كل يوم المشاكل بتقوم في السوق، اها في اي زول فتح بلاغ ضد السوق؟
05-04-2017, 12:02 PM
Hatim Alhwary
Hatim Alhwary
تاريخ التسجيل: 01-23-2013
مجموع المشاركات: 2418
Quote: يعني لو نفرين اتشاكلوا قدام السينما نحمل السينما مسئولية المشاجرة.
Quote: يعني لو نفرين اتشاكلوا قدام السينما نحمل السينما مسئولية المشاجرة.
تحياتي يا زول واحد
كلامك بكون صحيح لو ان المتشاجرين سابلة ولا مارة قدام المسجد
المعتدي هنا هو "امام" المسجد وسبب الشجار الرئيسي هنا...انه حاول استغلال سلطاته كامام للمسجد وطرد ماسح الاحذية من "المكان"
المكان هنا هو حرم المسجد
ومسئولية المسجد هنا مقصود بها...الجهة النظامية التي تشرف على المسجد...وهى "لجنة" المسجد المسئول الاول والاخير عن اختيار وتوظيف الامام
اذا واضح من سرد حيثيات القضية ان المتسبب الاول فيها هو "الامام" وسلوكه المتطرف وعدائيته واستعانته بعصبته من التنظيم في ضرب بل الشروع في ذبح الضحية.... دليل على فشل اللجنة في الاختيار والاخطر من جريمة الضرب والاعتداء
هو "الامامة والخطبة" والقدوة للمصلين كيف تعطيها لمثل هذا الشخص المتطرف والعدواني؟
يجعلنا نضع علامات الاستفهام عن اجندة مثل هذه الامام وماذا كان يبث خلال خطبه ومحاضراته كم من الشباب غرر بهم وغسل ادمغتهم كم من شباب الحي جندهم لشبكات مشبوهة هذا الامام؟
عرفت ليه لجنة المسجد مسئولة؟
ينبغي ان لا يتعامل الناس بحسن النية وظيفة الامام مهم جدا التحري حول المرشحين وتمحيص انتماءتهم الفكرية وتاريخهم لانه للاسف صارت المساجد اوكار لتجنيد الشباب في شبكات ارهابية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة