برنامج الخلاص الوطني - قبل ازالة النظام - السلطة القضائية ومهنة القانون (4)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 03:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-08-2016, 10:46 AM

د.محمد حسن
<aد.محمد حسن
تاريخ التسجيل: 09-06-2006
مجموع المشاركات: 15194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
برنامج الخلاص الوطني - قبل ازالة النظام - السلطة القضائية ومهنة القانون (4)

    09:46 AM June, 08 2016

    سودانيز اون لاين
    د.محمد حسن-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    دولة بلا قضاء ولا قانون يعني عدم وجودها
    فالدول المحترة هي تلك التي بها قضاء عادل وقوي
    وقانون نافذ على الكل
    Quote: السلطة القضائية السودانية هي السلطة السودانية المسؤولة عن القضاء والمحاكم في الدولة ومسؤولة عن تحقيق العدالة. وعن الفصل في المنازعات المعروضة أمامها. طوال الحــقب التاريخية التي تعاقبت عليها الأنظمة الحكومية المختلفة، وكل الدساتير السودانية السابقة أكسبت القضاء استقلالاً كاملاً. وقد أسهم القضاء السوداني في نقل تجربته إلى عدد مقدر من الدول الصديقة.[1]
    تاريخ القضاء السوداني[عدل]
    يعود تاريخ القضاء في السودان الي أكثر من خمسمائة عام وتطورت علي النحو التالي:-

    النظام القضائي في عهد مملكة سنار (السلطنة الزرقاء 1504م-1830م)[عدل]
    - [2]
    تاريخ القضاء في السودان يرجع الى زمن ظهور العنصر العربي الاسلامي في عهد مملكة الفونج سنة 910هـ. فقد كان لرجال الادارة والسياسة في ذلك العصر الفصل في الامور السياسية- العمل على حفظ النظام العام- صيانة الملك- جباية الأموال.أما النزاعات المدنية والخصومات المتعلقة بالاحوال الشخصية الخاضعة للناموس الديني فهذه قد وكل الفصل فيها الى القضاة المتعلمين وأعطى لهم الاستقلال القضائي بقدر ما تسمح به ظروف السياسة في ذلك العصر وكان القرن العاشر الهجري: في كل الانحاء الاسلامية له نظامه الخاص في القضاء على هذا النظام الذي يوجب الحكم في جميع المنازعات بالقانون السماوي- القرآن.لم يكن القضاء موزعاً الى مدني وجنائي وأحوال شخصية كما هو الحال لهذا العهد وانما هو قاضي واحد للفصل في كل القضايا المدنية والشخصية والجنائية هكذا كان القضاء بمصر والشام والحجاز وبالسودان أيضاً.والقاضي لهذا السبب يجب أن تتوفر فيه الكفاية التامة والاحاطة على قدر الامكان بالشريعة الإسلامية.سلطة القضاء في دولة الفونج:لم تكن سلطة القضاء منفصلة عن الادارة بهذه الحواجز المتينة واللوائح الصريحة- ولكنها على كل حال بفضل نظام الشريعة الاسلامية المقدس كانت هذه السلطة منفصلة الى حد ما عن الادارة لما رسخ في اذهان الملوك حينئذ من تعظيم العلم وما اعتقده العامة من وجوب اتباع أحكام القضاء.فلم يكن أحد يخالف أحكام القضاء لأن مخالفته لهذه الاحكام فيما يختص (بالأحوال الشخصية) مثلاً يعتبر عند العامة فسوقاً وخروجاً عن العوائد المحمودة . (فاذا حكم القاضي بطلاق امرأة وكان زوجها يرى بطلان هذا الحكم- حسب اعتقاده فان الحالة المعنوية الدينية العميقة في النفوس تقوم مقام السلطة التنفيذية لهذا الحكيم فلن يجرو هذا الزوج على الاقتراب من هذه المرأة إلا إذا استصدر حكماً آخر من عالم آخر يعتبره الناس أعلى كعباً في العلم والتقوى من القاضي الاول.ونجد لذة وطرافة في قراءة هذه القضايا التي يحكيها (ود ضيف الله في الطبقات) وكيف كان اهتمام الجمهور باتباع سير النزاع والخصومة في مراحل القضايا المختلفة . وليس للقضاء في ذلك العصر نظام يحدد سلطة خاصة للمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، انما هي فوضى من هذه الناحية.فاذا صدر حكم على شخص من ذوي الوجاهة والسلطان عرض قضيته مرة أخرى على اي قاضي يختاره لمراجعة الحكم الاول فتحصل مكاتبات بين العلماء ومناظرات حتى يصلوا اخيراً للحقيقة. ويكون الفصل في النهاية على ما استقر عليه الرأي العلمي المكون من هذه المخاطبات وربما كتبوا احياناً بالقضية الى علماء مصر فلما جاء الفتح المصري 1820م حضر مع الجيش ثلاثة من نخبة علماء مصر وهم القاصي محمد الأسيوطي الحنفي والسيد أحمد البقلي الشافعي والشيخ أحمد السلاوي المغربي المالكي.فأما الأسيوطي فقد مات رحمه الله بعد الفتح بقليل بودمدني وأما البقلي فان الحكومة قد استغنت عنه وأرجعته إلى مصر لعدم وجود شافعية بالسودان، وأما السلاوي فقد رجع إلى مصر صحبة الدفتردار ولكن يظهر أنه رجع ليستعد للعودة والبقاء أبدياً بالسودان لانه قد وجدها بلاداً بكراً وفيها مجال لشهرته ومركز ثابت يتناسب مع مكانته العلمية فرجع مرة أخرى للسودان صحبة خورشيد باشا 1826م وهو يحمل لقب قاضي عام السودان. وهذه الخطوة الأولى لتثبيت دعائم القضاء على النظم الصحيحة فقد وجد هذا القاضي من علماء السودان الذين كانوا بمملكة الفونج من أسند إليهم القضاء ولكن تحت اشرافه ومراقبته..
    النظام القضائي في عهد التركية1831-1885م[عدل]

    محمد علي باشا
    غزا محمد علي باشا السودان وأسقط نظام مملكة سنار ونقلت العاصمة من سنار إلي مدني وصارت المحكمة العليا للسودان بمدني وظل تطبيق الشرع الإسلامي الحنيف ساريا .في بداية هذا العهد اتت المحاكم الشرعية المختصة بنظر لكافة الأقضية سواء اكانت اقضية جنائية أو معاملات مالية واسرية , وشيئاً فشيئا بدات تتقلص سلطات و اختصاصات المحاكم الشرعية الي ان انحصرت في الأحوال الشخصية,اما الأقضية الجنائية فقد جعلت من اختصاص مديري المديريات.شهد تحول مذهب القضاء من المذهب المالكي الي المذهب الحنفي برغم أن سواد أهل السودان يعتنقون المذهب المالكي.وأيضاً أنشئت محكمة عليا -مقرها الخرطوم وسميت (مجلس إستناف السودان) برئاسة قاضي عموم السودان,لقد دخل منصب قاضي القضاة للسودان أواسط الحكم التركي المصري للأشراف علي العمل القضائي و تنظيمه.

    [3]
    النظام القضائي في فترة المهدية (1885-1898م)[عدل]

    محمد أحمد المهدي
    استطاعت ثورة الإمام محمد أحمد المهدي رحمه الله أن تقضي علي الحكومة التركية في السودان وعاد السودان للسودانيين ونقلت العاصمة إلي أم درمان فصارت هي عاصمة السودان وبها محكمة قاضي الإسلام وهي محكمة عليا وفي تلك الفترة عرف نظام قاضي عموم السودان إي ( رئيس القضاء ) حاليا وعرف نظام تعيين القضاة ونظام التفتيش القضائي والعزل والاهتمام برواتب القضاة وعرف نظام المحاكم المتخصصة كمحكمة السوق (محكمة الأسعار ) و النظام العام وعرف القضاء الدستوري وظلت الشريعة الإسلامية مطبقة في أرجاء دولة المهدي وكانت منشورات المهدي بمثابة القوانين .
    النظام القضائي في عهد الاستعمار (1899-1956م)[عدل]

    واجه المستعمر نظاما قضائي راسخا ولم يقو علي فرض قوانينه أو إلغاء النظام القانوني والقضائي السائد إلا إن المستعمر طبق قانون القضاء المدني مقتبسا ذلك من قانون المستعمرات البريطانية كالهند وكان ذلك عام 1900م وكذلك في المجال الجنائي استجلب قانون العقوبات الهندي وأول قانون في السودان كان قانون العقوبات لسنة 1899م ومن ميزات هذه الفترة استجلاب قانون تسجيلات الأراضي وتبعيته للقضائية وهو من أفضل أنواع أنظمةالتسجيلات في العالم وعمل الاستعمار للفصل بين القضاء الشرعي والقضاءالمدني ويشمل المدني والجنائي وترك مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين لقوانين و أحكام الشريعة الإسلامية. وأسند الإشراف فيه لحلفائهم المصريين وكان منصب رئيس القضاء حكراً علي الإنجليز حتى عام 1956م . و كانت القضائية في ذلك الوقت جزء من السلطة التنفيذية ولم ينص علي استقلال القضاء إلا بعد بزوغ فجر الاستقلال1956م وإقرار الدستور الانتقالي الذي نص علي استقلال القضاء وفصله عن السلطة التنفيذية (الحكومة) و السلطة التشريعية .
    النظام القضائي بعد الاستقلال (1956- م)[عدل]

    صدر قانون الحكم الذاتي ولأول مرة كفل للقضاء استقلاله ومنع السلطتين التنفيذية و التشريعية التدخل في أعماله ومحاولة التأثير عليه وصارت الهيئة القضائية حارسة دستور 1956 المؤقت ولها حق تفسيره واستمر العمل هكذا حتى عام 1958م والذي عطل الدستور وأصدر قانون المجلس المركزي ثم جاءت ثورة أكتوبر 1964م فأعادت العمل بالدستور المؤقت ولكن وفي عام 1966 فصل القضاء الشرعي عن المدني وأنشأت محكمة استئناف مدنية عليا و شرعية عليا وفي عام 1972 تم دمج القضاء ثم فصلا عام 1976م ثم عاد الدمج الأخير وتوحيد القسمين في عام 1983م. ومن أهم ميزات تلك المرحلة وما يليها وأحداثها والتطور القضائي والقانوني فيها إعلان إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد في أغسطس 1983م وكذلك أهم التطورات القضائية صدور قانون الهيئة القضائية لسنة 1983-1405هـ الذي نص علي أن ولاية القضاء في السودان لجهة قضائية واحدة تسمي الهيئة القضائية تكون مسئولة مباشرة لدي رئيس الجمهورية عن أداء أعمالها .كما أشتمل القانون علي تكوين المحكمة العليا و الأجهزة القضائية بحيث ينشأ جهاز قضائي في كل إقليم وبذلك تقاصر الظل القضائي للمتقاضين ويسر عليهم المقاضاة واستيفاء الحقوق .ثم قامت دوائر المحكمة العليا في الإقليم مما درأ عن المواطنين مشقة وعنت الترحال والأسفار للوصول للخرطوم مقر المحكمة العليا و زادت الأجهزة القضائية وفق تمدد الحكم الاتحادي حتى صارت الآن ثمانية وعشرين جهازا قضائيا بالسودان منها ثلاثة أجهزة قضائية بولاية الخرطوم وأصبح كل جهاز قضائي يتكون من محكمة استئناف و محاكم ابتدائية محاكم عامه محاكم جزئية محاكم ومتخصصة .ثم قامت دوائر المحكمة العليا في مدني و بورتسودان و الأبيض التي تمثل ولايات كردفان و دارفور معاً.
                  

06-08-2016, 10:54 AM

د.محمد حسن
<aد.محمد حسن
تاريخ التسجيل: 09-06-2006
مجموع المشاركات: 15194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برنامج الخلاص الوطني - قبل ازالة النظام - � (Re: د.محمد حسن)

    Quote: سودانيلنشر في سودانيل يوم 30 - 06 - 2014
    فهذه سلسلة مقالات عن السلطة القضائية في السودان. أقتبسها من كتبي الخمسة عن الفساد القضائي في السودان، وعن الفساد القضائي بصورة عامة. وهي الكتب آمل أن أنشرها قريبا في الأنترنيت. وفي كل مقال، أتناول موضوعا عن السلطة القضائية السودانية أختاره وفق علاقته بالأحداث الجارية.


    ويمكن للحركيين تفعيل تعريفي للفساد القضائي لتحديد ما إذا كان قرار محكمة جنايات الحاج يوسف ضد مريم يحيى فاسدا، أم هو كان مدفوعا بمعطيات أخرى. وإذا لم يكن الفساد موجودا في ذلك نص القرار القضائي فإنك لن تجده مهما فعلت تبحث عنه. أما إن هو الفساد القضائي كان حاضرا في كتابة القاضي لنص القرار، فإنك ستعثر على بيناته النصية المادية، باستخدام التعريف المقدم في هذا المقال. وكذا الحال بالنسبة لقرار محكمة الاستئناف. وبالنسبة لكل قرار قضائي آخر.
    ففساد السلطة القضائية ذو الشأن تجدونه حصرا في آلاف القرارات القضائية التي يصدرها القضاة الفاسدون من بين مجموع ال 1500 قاضيا تقريبا في هذه المؤسسة.
    .
    فأبدأ ببعض التقديمات، ثم أدلف إلى موضوع تعريف الفساد القضائي.
    .
    أولا، السلطة القضائية والأشكال المتعددة لتحققها وأهمية مقاومتها
    .
    السلطة القضائية هي "النظام القضائي"، و"القضاء"، و"القضائية". الكيان الثالث في الدولة، في معية السلطة التشريعية والتنفيذية. وهي المؤسسة الحكومية التي تنجز أعمالا منتجة ومرغوبة للفصل في الخصومات. لا غنى عنها. يحتاجها كل مجتمع.
    هذا، في مفهمتها المبسطة.
    والسلطة القضائية هي أيضا ذلك المكوِّن الأصيل في منظومة المؤسسات الحكومية التي تكرس القهر والظلم والاستبداد والطغيان ضد المواطنين وتتحكم في حيواتهم. وهي تعمل في اختفائية شبه كاملة. وتمنع إخضاعها للمراقبة الشعبية. وهي المؤسسة التي ظلت تخدم الطبقات المستحوِذة على مفاصل الدولة السودانية العميقة، منذ الاستقلال. وهي الخطر المحدق بقوى التغيير. مصلحتها في استمرار الوضع الراهن.
    ذلك، في مفهمة انتقادية لها.
    وكذا، السلطة القضائية هي تلك هي الشركة، أو مجموع الشركات. في المحاكم. وفيها هذه الشركات تدور الأفعال الإتجارية الفسادية الإجرامية. من قبل عصابات رؤساؤها قضاة. في جميع درجات المحاكم. بضاعتهم الأساس هي "القرار القضائي الفاسد".
    وهي هذه المفهمة موضوع التعريف للفساد القضائي في هذا المقال.
    وسأظل أكتب عن السلطة القضائية السودانية في مقالات لاحقة. لتبيين كيفية إنتاجها للفساد القضائي. معتمدا على عينة صغيرة من القرارات القضائية التي صدرت من قبل قضاة في درجات المحاكم الأربع: الابتدائية، والاستئناف، والنقض في المحكمة العليا، والمراجعة في ذاتها المحكمة العليا.
    .
    ولأن هذا التدخل أعتبره أمرا يتعلق بالشأن العام، أرجو أن يندرج معي القراء في التعقيب الانتقادي على هذه المحاولة لتفكيك السلطة القضائية السودانية. وأن يمدوني بالقرارات القضائية التي يعتقدون أنها ربما تكون فاسدة. فلقد طورت منهجية متكاملة يمكن بها اكتشاف فساد القاضي حتى من قراءة أولية لنص القرار القضائي.وسأقدم ملامحها في مقال مخصص لها.
    .
    إن غرضي من هذه الكتابة هو إخضاع مؤسسة السلطة القضائية السودانية للتفكيك. بمعنى الدراسة الانتقادية. التي تشرح للمواطن، كل مواطن، الكيفية والتقنيات والأدوات الدقيقة التي يتم بها اضطهاده وقهره بالفساد، وبغير الفساد، بصورة يومية، من قبل القضاة. بواسطة القرارات القضائية. في المحاكم. في جميع أرجاء السودان.
    .
    والغاية التي أطمح لها هي تعزيز قدرات المواطن في التصدي بالمقاومة الأخلاقية ضد القهر الذي تمارسه ضده السلطة القضائية. وقد ضربت لنا السيدة مريم يحيى مثلا رائعا في المقاومة لذلك القهر الذي فعَّلتْه ضدها السلطة القضائية. عندما اقترفت هذه السلطة القضائية ضدها عدوانا سافرا. واجهتها بتهمة كيدية. وحكمت عليها بقرار قضائي فاسد. بالجلد وبالشنق حتى الموت. لكنها مريم تصدت لجلاديها بالمقاومة الشجاعة حين ازدرت شيوخ السلطة القضائية المتخصصين في الاستتابة وهزمتهم. وهي بصمودها وإيمانها في الحق في حياة كريمة خالية من القهر والتمييز والتحامل هزمت حكومة الإنقاذ.
    وهو ذلك القرار الفاسد من محكمة الجنايات الذي تم إبطاله وإلغاؤه من قبل محكمة الاستئناف، في ملابسات تُبين أنه قرار الاستئناف تم في سياق "الإفهام". فانظر كيف أن السلطة القضائية كانت تتلكأ في تسليم قرار الاستئناف للمحامين وفي نشره. تقول إن طباعة القرار تحتاج إلى خمسة أياما! مما هي من الخدع الروتينية سأعرض لها في مقال لاحق.
    .
    وقد رأيت المشاهد المصورة للشباب المنفعلين بقضية مريم يحيى المساندين لها في موقفها البطولي الرائع. رأيتهم مندرجين في مقاومة السلطة القضائية. بالحضور إلى المحكمة حيث كان يقبع جلادو مريم. وباللافتات عليها الشعارات الرافضة للقهر ضد مريم. وبالهتاف. مما كله من فنون المقاومة. لكنها تظل فنونا غير كافية.
    إن قضية مريم يحيى ليست هي الوحيدة ولن تكون الأخيرة من أحداث القهر الذي تمارسه السلطة القضائية ضد المواطنين.فهنالك قضايا مستمرة بصورة يومية تتطلب مناصرة المتقاضين المستهدفين بآليات القهر من قبل السلطة السلطة القضائية.
    فأقدم إسهامي في هذه المقالات. بوسائل تعزيزية أكثر قوة وأكثر إفضاء لمقاومة ناجعة ضد طغيان السلطة القضائية. ولتحقيق الانتصارات المتتالية ضدها. انتهاء بهزيمتها. ومن ثم، إنشاء قضائية جديدة تخضع للمراقبة الشعبية. ولا يتمكن فيها القضاة من ممارسة القهر والظلم ضد المواطن.
    .
    وإسهامي يمكن تلخيصه في أنه "تخريب معمار الفساد القضائي"، كالمدخل الأساس لمقاومة الفساد وأشكال القهر الأخرى مما تمارسه السلطة القضائية.
    .
    وتشمل أفعال التخريب التي أقترحها على الحركيين:مراقبة المحاكم وتسجيل كل ما يدور فيها. وتحريض المتقاضين المستهدفين بالفساد وبالقهر ليتحدوا القضاة. وأهم أفعال التخريب تفكيك نصوص القرارات القضائية لتبيين ما إذاكانت تنطوي على أشكال الاحتيال أو القهر. ويشمل التخريب نشر قصص الفساد القضائي. مع توخي أعلى درجات الدقة والأمانة والأخلاقية في نقل الوقائع. والمطالبة المستمرة بنشر قرارات القضاة في جميع درجات المحاكم. والمطالبة بفصل القضاة الذين يثبت فسادهم. وفي تفكيك القوانين القمعية. مثل القانون الجنائي وقانون الأحوال الشخصية. والمطالبة القوية بتوضيح القضاة للطريقة التي يصدرون بها قراراتهم القضائية. وغير ذلك من أفعال المقاومة.
    ثانيا، خصوصية السلطة القضائية وخطرها
    فلقد كنت في كتابات سابقة اتهمت السلطة القضائية السودانية عدة مرات بأنها فاسدة. وأنه لا يغير من واقع فسادها المريع وجود قلة من القضاة النزيهين فيها. وأدرك أن اتهام السلطة القضائية بالفساد أمر جد خطير. فالسلطة القضائية ليست مثل تلك التشريعية أو التنفيذية. بل لها خصوصية.
    لكن خصوصية السلطة القضائية ليست خطا أحمر يمنع المواطن صاحب الحق من انتقادها. الانتقاد العلني القائم على البينة وعلى العلم والمعرفة. وهو الانتقاد المكتوب بطريقة واضحة تجعله قابلا للدحض من قبل السلطة القضائية ومن قبل قضاتها. الدحض للمقدمات من نوع البينات التي يتم تقديمها، والدحض للحجج والتسبيب والاستنتاجات.
    .
    والسلطة القضائية خطرها عظيم. ومن ثم، يجب على الحركيين إخضاعها للمراقبة الشعبية الدائمة. وللتشريح والتفكيك والتحقيق.
    .
    فانظر مجددا ذلك خطرها. في أثر ذلك قرار قاضي محكمة جنايات الحاج يوسف. القرار القضائي بجلد السيدة مريم يحيى مائة جلدة بتهمة الزنا، وبالإعدام شنقا حتى الموت بتهمة الردة. وهو الأثر الذي انفعل معه الملايين على مستوى العالم.
    .
    ومن ثم، انظر أثر حكم محكمة الاستئناف الذي به ألغت السلطة القضائية صاغرة ذلك قرارها الأول. صاغرة، تحت ضغط المقاومة المحلية والعالمية. المقاومة التي هزمت السلطة القضائية السودانية. وأنقذت مريم يحيى من حبل المشنقة التي كانت السلطة القضائية السودانية نصبتها لإعدامها.
    وتأمَّل في أنه لا أحد غير القاضي، ولا حتى رئيس الجمهورية، يملك الحق القانوني أوالتخويل لإصدار قرار الموت والحياة القابل للتنفيذ من قبل أجهزة إنفاذ القانون. فقط هو القاضي، يملك هذه السلطة. سلطة "القرار القضائي". للقتل والصلب والرجم والتعذيب والتقطيع والحبس مدى الحياة. باسم القانون.
    .
    وإذا كان هذا "القرار القضائي" ذو الشأن تم إصداره من قبل هذا القاضي بالفساد، فإن ذلك أمر على درجة من الخطورة عظيمة. مما في ذاته يستدعي بقوة أن لا يتم ترك أمر السلطة القضائية للقضاة، ولا للمحامين المتحالفين مع القضاة في قهر المواطنين وفي الاحتيال عليهم.
    .
    ثالثا، شروط الادعاء بفساد القضاة
    .
    أرى أن اتهام القاضي أو السلطة القضائية السودانية بالفساد ينبغي أن تصحبه شروط محددة لدى المدعي بفساد القضاة وفق التعريف الذي أقدمه. وهذا في المرحلة التي تتم فيها المواجهة الصريحة بشأن قضية محددة. علما أن هنالك معوقات أمام استيفاء هذه الشروط. بسبب القيود على النشر. وفي جميع الأحوال، يجب أن تكون البينات القوية المفصلة عن الفساد في حوزة الكاتب، وإن لم يكن ممكنا له نشرها. فيمكنه تقديمها عند تحديه من قبل أية جهة. حتى من قبل قارئ.
    .
    (1)أن يكون الإسناد محددا. فيحدد نص القرار القضائي محل الإفساد. واسم القاضي أو القضاة. ويحدد مواقع الفساد في النص، وفق التعريف الذي سأقدمه. فكل كلام عن فساد السلطة القضائية بصورة معممة، دون تبيين الوقائع المفصلة، يترك القارئ حائرا بين المصدق والمكذب. وهو يصب في مصلحة السلطة القضائية.
    .
    (2)أن يكون مقدم الإسناد واثقا من صحة إسناده.بأن يكون تحرى في الموضوع ودرسه ومحصه من كل جوانبه. وأن يكون وصل إلى درجة كافية من الاستيثاق ذات سقف عال بشأن صحة الإسناد.
    .
    علما أن عبء الإثبات في شق منه يقع على عاتق القاضي محل الاتهام، كالموظف العام. لإثبات أن الكاتب كان قصد أن يكذب بينما هو الكاتب كان يعرف الحقيقة. وإثبات أن الكاتبكان متمثلا للرعونة ولعدم الاكتراث للتحقق من صحة الأمر قبل النشر. وحيث إن الكاتب يكون محميا بحرية التعبير المتمثلة لمعايير الحقيقة والصدق والتحري الكافي. وهو يكون غير مهموم إلا بتجنب الخبث.
    .
    (3) أن تكون البينات التي تثبت الفساد القضائي ذات علاقة بالموضوع،ومنتجة في الفصل فيه، ومقبول تقديمها. فوق كونها متاحة يمكن تقديمها أو الإشارة الواضحة الكافية لمظانها في أوراق المحكمة أو في أي مكان. مما هي ذاتها شروط الإثبات في قانون الإثبات السوداني الساري.
    .
    (4) أن يكون الكاتب صاحب الإسناد مستعدا، بالشجاعة الأخلاقية وبالبينة وبالعلم، لمنازلة القضاة موضوع إسناده. منازلتهم في محكمة عامة يحضرها الجمهور. في حال هم تقدموا بشكوى ضده. وينبغي على صاحب الإسناد أن يكون مستعدا لتمثيل نفسه بنفسه. لا عبر محام يتحدث نيابة عنه أو يحاول أن ينقذه بالأساليب غير الأخلاقية المعتمدة في النظام التخاصمي في محاكم السودان. غير أخلاقية لأنها لا علاقة لها بالحق ولا بالحقيقة. حيث يريد كل طرف أن يكسب بصرف النظر عن الحق.
    .
    رابعا، الفساد القضائي كمدخل لتفكيك السلطة القضائية
    .
    فأعتمد الفساد القضائي مدخلا لتفكيك السلطة القضائية. والفساد القضائي هنا مهم في ذاته، وهو يقدم عدسة تعين على تفكيك القهر غير الفسادي في السلطة القضائية. فالقضاة يمارسون القهر والطغيان ضد المواطن، بالفساد وبغير الفساد. لكن الفساد هو الذي يكشف آليات السلطة القضائية وتدابيرها وتقنياتها في تفعيل ذلك قهرها، قهرها بالفساد وبغيره.
    .
    وإذا تعرف المواطن على كيفية إنتاج السلطة القضائية للفساد، فإنه سيكون متمكنا من مقاومة القهر المتمثل في ذلك الفساد، وكذا من مقاومة القهر في أشكاله غير الفسادية.
    .
    خامسا، نص القرار القضائي هو مسرح جريمة القاضي الفاسد
    .
    يأتي القرار القضائي مكتوبا دائما. في عبارة واحدة، أو فقرة، أو صفحة، أو صفحتين، وحتى مائة صفحة وأكثر.
    هذا"القرار القضائي" هو موقع"الفساد القضائي"،محله، ومساحته، وآليته، وسلاحه.
    .
    فإن تعريف الفساد القضائي يتعلق بنص القرار القضائي المكتوب، في سياقه بالتناص مع النصوص الأخرى في مساحة القضية.
    وكتابة القرار القضائي هي الوظيفة "القضائية" الأساس التي يضطلع بها القاضي. بالإضافة إلى وظيفته الإجرائية لتسيير إجراءات القضية في المحكمة. وإلى وظيفته الإدارية لتسيير بعض أمور إدارة المحكمة. والقاضي الفاسد يفسد كذلك في الوظيفتين الأخيرتين، الإجرائية والإدارية. لكن فساده فيهما ليس فسادا "قضائيا".أي، "غير قضائي". بل هو من نوع فساد الموظف العام يستغل موقعه للمصلحة الشخصية، من النوع الذي يقترفه كذلك غير القضاة. ولا أهتم في هذا المقال لهذا الفساد غير القضائي. وأركز حصرا على "الفساد القضائي" في الوظيفة "القضائية" الأساس. هي كتابة نص القرار القضائي.
    ولا أحد غير القاضي يمكنه كتابة قرار قضائي قابل للإنفاذ. والقاضي بقراره القضائي يأمر بالرجم والقطع من خلاف والشنق والصلب والاستتابة والجلد والحبس مدى الحياة واستعصار الغرامات وبغير ذلك من أفعال.
    ولنعلم أن القضاة حين يتحدثون عن "استقلال القضاء" فهم يتحدثون كذلك عن استقلاليتهم في كتابة نص القرار القضائي الفاسد. ولنعلم أنهم، بينما الشعب في غفلة، مرروا خلسة تدبيرا يصبح به القرار القضائي محصنا ضد أية محاسبية للقاضي، حتى إذا هو القاضي كان أصدر ذلك القرار القضائي بالفساد.وهو ما يسمونه ب "الحصانة القضائية". وهم جعلوها حصانة مطلقة في أرض الواقع، إن لم يكن بالقانون.
    .
    سادسا، الكتابة الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي
    .
    فأعرِّف الفساد القضائي بأنه "الكتابة الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي".
    فالموضوع كله متعلق بالكتابة.
    .
    وهي كتابة "احتيالية". بمعنى أنها تنطوي على أفعال الخداع والتدليس والكذب والتزوير والفبركة للوقائع وغيرها من الأفعال الإجرامية وغير الأخلاقية. في نص القرار القضائي.
    .
    وهي "مُتَدَبَّرة". بمعنى أن القاضي يجلس في مكتبه أو في بيته وحيدا. أو مع محام فاسد. أو مع قضاة فاسدين. لكتابة نص القرار القضائي. بطريقة متأنية. فيها تفكير وتأمل وتدبر. وفيها صنعة دقيقة. والسبب في ذلك التدبر هو أن يظهر نص القرار القضائي لغير العارف وكأنه صحيح.
    .
    ولنتذكر أن القاضي الفاسد في المحكمة الابتدائية يكتب أكثر من ثلاثمائة قرارا قضائيا في العام الواحد. فتأمل حجم الفساد حتى في حال وجود قلة من القضاة الفاسدين.
    .
    إن الفساد ذا الشأن في السلطة القضائية السودانية، وفي كل سلطة قضائية في العالم، بل يدور بهذه الطريقة. طريقة الكتابة الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي.
    .
    علما أنه نص القرار القضائي محصن بعقيدة استقلالية القاضي في قراره. يكتبه كيفما يشاء، دون تدخل من أحد. هذه هي النظرية بالطبع.
    .
    وهو القرار القضائي كما قلت محصن كذلك بعقيدة "الحصانة القضائية". ضد أية محاسبية أو ملاحقة مدنية من قبل المتقاضي المضرور ضد القاضي.باستثناء ما يسمونه "القتل الخطأ". كأن يشنق القاضي شخصا بالخطأ. وكل قرار قضائي من القاضي يعتبر "خطأ غير مقصود"، حتى إذا كان واضحا وثابتا أنه مقصود وتم بالفساد.
    .
    سابعا، المكونات الستة للفساد القضائي
    .
    استخلصت من دراستي لفساد السلطة القضائية في السودان على مدى الأعوام الستة الماضية ستة مكونات جوهرية لعملية الفساد القضائي. وأريد للقارئ استصحاب هذه المكونات الستة. بينما هو سيسير معي في هذه الرحلة الممتدة عبر ما تبقى من سنوات حياتي. فرحلتي في الحياة مشروعها الوحيد هو "تخريب معمار الفساد القضائي"، في السودان. بتبيين فساد السلطة القضائية في السودان. بالبينة وبالعلم. وبإعمال الفكر. فكر المقاومة. المقاومة الشعبية. ضد القهر والطغيان. مما يعبئه القاضي. في نص القرار القضائي. القاضي ذلك الفاسد، بالتعريف الذي أقدمه. وذلك غير الفاسد، وفق التعريف أيضا. لكنه المتحامل، أو الحاقد، أو العنصري، أو كاره النساء، أو المتحزب سياسيا، أو الحامل للمعتقدات المتخلفة. أو هو القاضي الموتور الخبيث. يستخدم القرار القضائي أداته لذلك كله.
    فكل نص قرار قضائي ينطوي على الخصائص الداخلية في النص التالية:
    .
    (1) الانحراف المتعمد عن القانون
    ويتمثل في الأخطاء القانونية في نص مذكرة الحكم القضائي، وتكثر تلك الأخطاء القانونية في نص المذكرة، ووجود خطأ قانوني، بين الأخطاء القانونية المتكثرة، يتسم بالشناعة. وكذا يشمل الانحراف مخالفة الإجراءات، والنظم المتبعة في المحاكم، ومقتضيات الوجدان السليم.
    .
    (2) الخداع
    ويتمثل في الأفعال الاحتيالية التي تعبئ الانحراف عن القانون الواجب التطبيق (أعلاه)، وتستهدف وقائع القضية. وتشمل الأفعال الاحتيالية لتفعيل الخداع: الكذب، والتزييف، والتزوير، والاختلاق، وتخليط نصوص القانون الواجب التطبيق.
    .
    (3) التدليس
    ويتمثل في إخفاء الانحراف عن القانون وإخفاء الخداع، أعلاه. و تشمل هذه أفعال الإخفاء التدليسية أشكالا مشتقة من ذات تلك أفعال الاحتيال المعبئة لتنفيذ الانحراف والخداع. وكذا هي قد تشمل أشكالا إضافية متحدرة منها، مثل: التسجيل التضليلي للوقائع، وإعدام البينات الجوهرية، وشرعنة البينة المختلقة. والإتيان في النص بأفعال خبيثة وغير أخلاقية، لتعزيز الانحراف والخداع ليظهرا وكأنهما ليسا من ضروب الانحراف أو الخداع. ثم لضمان إسباغ حماية للخداع المعمم الذي يلف النص، حمايته من الاكتشاف بسهولة. ويشمل التدليس هنا أفعالا مثل: الترتيب السردي الماكر لمكونات نص القرار القضائي، وتفعيل الهراء، والتدليس باللغة وإعمال الركة فيها، وخرق قواعد التسبيب المنطقي، والاستغراق في السفسطة والمغالطة، وتصنع عدم العلم بالقانون، ونثر الآيات القرآنية في نص القرار، وإدراج التهديد، والبلطجة القضائية.
    .
    والمكونات الثلاثة الأخرى خارجية على نص القرار القضائي.فتدور عمليات الانحراف عن القانون والخداع والتدليس، بالضرورة، في سياق هذه المكونات الثلاثة الأخرى. وهي
    .
    (4) الاتفاق الجنائي
    ذلك الاتفاق الجنائي يكون بين القاضي مُصدِرِ القرار، وشخصٍ آخر، أو أشخاص آخرين، من القضاة في كافة درجات التقاضي، وموظفي المحاكم بدرجاتها، وكبار المسؤولين في النظام القضائي، والمحامين، والمتقاضين، ووكلاء النيابة وضباط الأمن ومسؤولين في الحزب وفي السلطة التنفيذية وفي مؤسسات الحكومة ذات المصلحة في القرار القضائي محل الإفساد.
    وهذا الاتفاق الجنائي مكوَّن خارجي على نص القرار القضائي، ويمكن التوصل إلى إثباته بالقرائن في النص وخارج النص. وسأثبت أن القضاة الفاسدين يعملون في شكل عصابات إجرامية تعمل عبر درجات المحاكم من المحكمة الابتدائية حتى المحكمة العليا. ويجب أن لا ننسى دور عدد مقدر من المحامين في الفساد القضائي.
    .
    (5) الغرض الشرير
    وهو الغرض الشرير خارجي يتحقق بنص القرار القضائي الفاسد الصادر؛ ويمكن التعرف عليه والإمساك به. إذ يكون منطويا على أي من المال، أوالجنس، أوالسلطة، أوحماية الذات المؤسسية، أو الأيديولوجية القائمة، أو على غير ذلك من الأهواء والرغبات والاستحواذ.
    .
    (6) التغطية
    وهي وظيفة خارجية عن النص، وإن كانت تكون لها آثار في النص أحيانا. وهي تهدف إلى منع انفضاح أو انكشاف الجريمة القضائية. بشتى السبل والوسائل. فتندرج العصابة القضائية مجددا في اقتراف أفعال للانحراف والخداع والتدليس. مثل: التأثير على سير العدالة؛ وتقويض أية إجراءات قضائية أو إدارية تدور للتحقيق في الفساد القضائي؛ وتدمير الأدلة؛ وشراء الشهادات الزائفة؛ والتلاعب بالمستندات وبالشهود. أي، هم يرتكبون جريمة أو جرائم إضافية للتغطية على الجريمة الأولى.
    .
    والتغطية لا تنتهي. وهذا هو حالها الإجرامي. إذ لابد من تغطية لجرائم التغطية ذاتها، وهكذا دوليك، ما لم يتم القبض على القاضي وإنهاء المشروع الاحتيالي من أساسه.
    .
    إن هذه المكونات أعلاه، لابد من توافرها، نسبيا، بصورة معقولة، مجتمعة ومتضافرة، وبصورة تكاملية، في نص القرار القضائي وفي سياقه. ذلك، قبل أن يتم تكييف هذا القرار القضائي بأنه فاسد، وبأن قاضيه كذلك هو، بالاستتباع المنطقي، فاسد، كقاض وكشخص.
    .
    ثامنا،قِدر الاحتيال القضائي
    .
    يتم إنتاج الفساد القضائي بالأفعال الاحتيالية المستدعاة من ذلك المخزون الذي أسميه في نظريتي عن الفساد القضائي بأنه «قِدر الاحتيال القضائي». ففيه قدر القضاة للاحتيال، نجد: الكذب، والتزوير، والتزييف، والغش، وإقصاء الوقائع الجوهرية، وإعدام الوقائع، وفبركة الوقائع، والهراء، وإعمال الركة في اللغة، وخرق قواعد التسبيب المنطقي، والاستغراق في السفسطة والمغالطة، وتصنع عدم العلم بالقانون، والنثر المرائي للآيات القرآنية في نص القرار. وغيرها مما يستدعيه القاضي من مخزونه لإنشاء كل واحد من المكونات الستة أعلاه للمخطط الإفسادي.
    فتتشكِّل من النسيج المغزول في نص القرار القضائي بأفاعيل الكتابة الاحتيالية تتشكل نُسقٌ مضطردة واضحة المعالم، في النص وفي عملياته الخارجية. ويكون لتلك الأفعال الاحتيالية في منظومة الانحراف والخداع والتدليس اتجاهية استدلالية موحدة تدفع نحو حكم قضائي وحيد مرغوب. وهي الأفعال الاحتيالية في النص تتناغم بالتناص مع وقائع نصية في نصوص أخرى خارجية.
    .
    تاسعا، الرشوة
    .
    إن الرشوةُ ليست جزءا من تعريف «الفساد القضائي». لأن القاضي الفاسد ربما يأخذ الرشوة كابتزاز لكتابة القرار القضائي الصحيح. فهو فاسد، لكن فساده ليس "قضائيا" بل فساد حرامية عاديين. والرشوة يصعب إثباتها. بينما إثبات إفساد نص القرار القضائي ممكن بطريقة مادية حاسمة ونهائية.
    .
    والنصوص القضائية متاحة للتفكيك لإثبات فسادها. رغم اجتهاد القضائية السودانية في إخفاء القرارات القضائية الصادرة بما في ذلك تلك التي تصدر من المحكمة العليا. وفي هذا الإصرار على عدم نشر القرارات القضائية يمكن لنا أن نستنتج بأن السبب هو علم القضائية أنها تلك النصوص غير المنشورة هي مسارح جرائم القضاة.
    .
    عاشرا، بنية نص القرار القضائي
    .
    الفساد القضائي هو «الكتابة الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي». فيستهدف الفساد القضائي بنية نص القرار القضائي التي تشكل المحددات المؤسسية والحدود الخطابية التي بدورها تؤطر كتابة ذلك النص، بأية طريقة، صحيحة أم فسادية. وغرض القاضي من أداء مهمته الكتابية الفسادية هو أن يحافظ على ركائز البنية المعيارية التحتية العميقة لنص القرار القضائي. بمكوناتها، مثل التاريخ الإجرائي، والوقائع، والقانون الواجب التطبيق، والتسبيب، والقرار. وأن يضمن السلامة الشكلية الظاهرية لنص القرار القضائي الفاسد. مما كلها عمليات عقلية محفوفة بالمخاطر.
    ذلك هو التعريف الذي سأستخدمه كإطار لتبيين الكيفية التي يمكن بها تفكيك نصوص القرارات القضائية لإثبات الفساد فيها. وسأقدم أمثلة حقيقية لقرارات قضائية فاسدة لأغراض الشرح والتوضيح.
    فإذا تمكن الشخص من إثبات الفساد القضائي بهذه الطريقة فلن يتمكن القاضي الفاسد بالمغالطات أن يفلت من صحة الإسناد.
    ويمكن للقارئ أن يبدأ في قراءة قرارات قضائية غير منشورة في الأنترنيت من قبل السلطة القضائية. كأن يبدأ بقراءة لصيقة متمعنة في نصي القرارين في قضية مريم يحيى وفي كل النصوص التي في ملف القضية. دائما بمساعدة المحامين الذين مثلوها. وإذا رأى حركيون أهمية لتصميم مقرر بحقيبة تدريبية لكيفية تفكيك القرارات القضائية فإن ذلك كذلك يمكن النظر فيه.
    mailto:[email protected]@outlook.com
    /////////////
                  

06-08-2016, 11:16 AM

أحمد الشايقي
<aأحمد الشايقي
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 14611

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: برنامج الخلاص الوطني - قبل ازالة النظام - � (Re: د.محمد حسن)


    شكرا د محمد على فتح هذه النافذة

    لي عودة باذن الله للتعليق

    مع التحية

    أحمد الشايقي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de