النعمان حسن - على الحوار أن يحرر الشعب من عبودية الدولار التي فرضها حمدي ( الحلقة الأخيرة)
اليوم اختتم حلقاتي حول الحوار الوطني هذا الهم الأكبر الذي يستحوذ على الساحة السياسية من مشاركين فيه ومعارضيه يرهنون المشاركة لشروطهم الحزبية واخص في هذا الختام أهم المتطلبات من الحوار لإثبات جديته وانحيازه لهموم الشعب وليس التكالب على السلطة فلقد أفردت الحلقة الأولى للواقع السياسي السوداني الميئوس من قدرته على إصلاح الحال لأنه لا يخرج عن هوس السلطة وكيفية المحافظة عليها لمن بيده أو الراغب في المشاركة مظهرا بحثا عن مكاسب منها وقلت إن الحوار ليكون مقبولا من الشعب لابد أن يكون مردوده من اجل الوطن والشعب وليس من اجل إشباع رغبة من يستغله للحفاظ بالحكم مع تغيير مظهري في شكله أو من يسعى لنصيب وهمي من السلطة يعود عائده له بمصالح خاصة وفى الحلقة الثانية تناولت ما أسميتها المبادئ التي يتعين على أطراف الحوار أن يؤمنوا عليها لإثبات إن الحوار من اجل الوطن والشعب وليس لأي هدف شخصي واهم.
ما أوردته من مبادئ كان خاصا بحزب المؤتمر الوطني والتكوين المترهل للحكم ومؤسساته واستنزافه للمال العام وحل البرلمانات الصورية على مستويات المركز والولايات لأنه لا جدوى لبرلمانات تخضع لسلطة فوقيىة وليست هي التي تعلوا عليها بحكم إنها كونتها سلطة انقلابية كما أمنت على أهم مبدأ ألا يكون هدف المتحاورين أن يحافظ النظام على هيمنته بتغيير شكلي في وجهه مستغلا رغبة الطامعين فئ مواقع السلطة من أحزاب الوهم التي بلغت مائة حزب وأكثر بعد إضافة غير المشاركين في الحوار وان يلتزموا بعدم المشاركة في حكومة انتقالية لفترة صياغة دولة مؤسسية ديمقراطية وتكوين حكومة من التكنوقراط لإدارة الفترة الانتقالية حتى يثبتوا إن دافعهم ليس السلطة وحتى لا يكون الحوار مضاعفة لتضخم الحكومة والتي يتعين تخفيضها حرصا على المال العام واليوم في خاتمة الحلقات أتوقف مع أهم جانب كان يجب أن يوليه الحوار الأولوية الأولى بان يستهدف تصحيح الأخطاء السياسية التي ارتكبها الحكم الوطني في حق الشعب عبر مراحله المتعددة والتي تتطلب وضع معالجتها موضع التنفيذ كأولوية قصوى تجمع عليها قوى الحوار لأنها تمثل حاجات المواطن العاجلة لأن تصحيح هذا الأخطاء هو واجب اليوم بل الساعة لرفع المعاناة عنه وحسمها مسؤولية أطراف الحوار دون حاجة لانتظار الفترة الانتقالية فالإجماع عليها والتزام النظام بوضعها موضع التنفيذ فوراً بحكم انه القابض على السلطة هو إثبات حسن نوايا الانحياز للشعب لهذا يجب الاتفاق عليها قبل مخرجات الحوار في القضايا المختلف عليها ولعل أهم الأخطاء التي يستوجب تصحيحها فورا مع سهولة معالجتها هو الخطأ الذي تؤدى معالجته لتحرير الشعب من عبودية الدولار التي فرضها السيد عبدالرحيم حمدي وزير المالية في بداية الإنقاذ عندما مكن الدولار أن يستعبد الشعب السوداني بينما الاستعمار الانجليزي نفسه انحاز لحماية الجنيه السوداني حرصا على حقوق الشعب على حساب جنيهه الإسترليني والدولار فكيف يأتي استعباد الإسترليني والدولار للجنيه السوداني على يد الحكم الوطني من السيدين بدرالدين سليمان وزير المالية في عهد النميرى وعبدالرحيم حمدي في عهد الإنقاذ والغريب إن السيد حمدي الذي حكم بالإعدام على الجنيه السوداني كان من حماته عندما كان مفتشاً في وزارة المالية إلا انه عدما أصبح رجل أعمال غلب مصالح رجال الأعمال على الجنيه السوداني مصدر حياة الشعب فدمره عندما فرض عليه العبودية للدولار وأما بدرالدين فهو الذي اتخذ أول قرار ضد الجنيه السوداني يوم اصد ر قراره بإلغاء سلطة بنك السودان في رقابة النقد الأجنبي التي تستهدف حماية الجنيه السوداني ثم كان إعدام الشعب بقرار حمدي الذي أنهى مسؤولية وزارة التجارة والصناعة والجمارك في حماية قيمة الجنيه السوداني بما اسماها زورا تحرير التجارة بالسوق الحر يوم ألغى السياسة الاقتصادية التي أسس لها الاستعمار من اجل المواطن بالتحكم في الاستيراد في حدود ما تمتلكه الدولة من مصادر للدولار وهى السياسة التي حفظت للجنيه السوداني أن يساوى ثلاثة دولار مراعاة لان أكثر من 95 في المائة من الشعب السوداني مصادر دخلهم من الجنيه السوداني موظفين وعمال ومزارعين ورعاة لأنه مصدر دخلهم حتى يضمن لهم استقرار مستوياتهم المعيشية حتى لو كانت متواضعة وذلك فسياسة السوق الحر التي تصب لصالح رجال الأعمال والتي أنهى بها حمدي دور كل الوزارات والمؤسسات الرقابية للسيطرة على الاستيراد حسب قدرات البلد في توفير الدولار من الصادر لان السوق الحر الذي فتح الاستيراد أدى لانخفاض قيمة الجنيه السوداني من ثلاثة دولار لتبلغ قيمة الدولار اليوم 16 ألف جنيه سوداني قابلة للزيادة يوميا مما يعنى انخفاض قيمة الجنيه السوداني بنسب 48 ألف مرة فهل يقابلها ارتفاع دخل الشعب بالجنيه السوداني بنفس النسبة ليحافظ على مستوى معيشته.
لهذا كان قرار حمدي كارثة أخطا النظام الحاكم في الاستجابة له وهى السياسة التي أفرزت طبقة الثراء الفاحش مقابل إفقار الشعب السودان بإنهاء صادراته ومؤسساته الحامية له وتعقد بل واستحالة استقرار حياته التي دفعت بكل الشعب ان يبحث عن الهروب والاغتراب ليحقق أي دخل بالدولار لأن أي دخل بالجنيه السوداني لن يصون كرامته واستقرار معيشته وهذا ما يؤكده اليوم إن الجميع يبحث عن مخرج من استعمار الدولار للجنيه السوداني ولكن المسؤولين يتهربون من محاربة الكارثة التي ألحقها بالشعب قرارات بدرالدين وحمدي بالبحث عن حلول وهمية يعلمون إنها لن تحقق أي نتيجة ولن توقف تصاعد استعمار الدولار للجنيه السوداني والتي لا زال حمدي يطالب بتحريره حتى يقضى على ما تبقى للشعب مع إن الحل يكمن في قرار واحد سهل بمقدور الدولة أن تعتمده اليوم وهو أن تعيد النظر في قرارات بدرالدين وحمدي و تملك أطراف الحوار اليوم أن تحققه بان تعيد رقابة بنك السودان على العملة الأجنبية وإلغاء السوق الحر بإعادة السلطات التي كانت تتحكم في الاستيراد في حدود ما يملكه السودان من مصادر دخل شرعي من الدولار يعنى بلغة العامية (أن تمد الدولة يدها على قدر ما تملك من مصادر للدولار) بحيث بقفل الباب أمام دخول أي سلعة بغير رخصة استيراد معتمدة من وزارة التجارة وبنك السودان ووزارة الصناعة (وحنشوف) ما تفعله هذه السياسة بالقضاء على استعمار الدولار فورا). ولكن أثرياء الدولار سيقاوموا هذه القرارات بما يملكونه من سطوة لان هذه القرارات تملك أن تقضى على استعمار الدولار وتعيد للجنيه السوداني قيمته ويرد للشعب كرامته في غضون أيام معدودة حيث تفعل آثاره من يوم حسمه ويعيد للصناعة المحلية روحها وللزراعة هيبتها ولكل من مصادر دخله الجنيه السوداني وهو الشعب السوداني. ثاني الأخطاء التي يجب أن يعالجها الحوار بالإجماع وان تخضع للتنفيذ فورا أن يرد للمال العام حصانته حتى يخضع لوزارة المالية تحت إدارة الحسابات المركزية حتى لا يحق لأي هيئة حكومية أو مسؤول أن يتصرف في المال العام دون الخضوع لميزانية تحكم مصادر الدولة من الدخل ليتم التصرف فيه وفق الميزانية وحسب أولويات حاجة الشعب السوداني صاحب الحق في المال العام حتى لا نشهد ما تسمى بالتبرعات بالمليارات أو أن يتصرف فيها المسئولون وفق قراراتهم الفردية ومراكزهم في المؤسسات التي تحقق الدخل للدولة ويكفى أن أشير هنا إلى أن محاسب تابع لوزارة المالية الرقيبة على الميزانية إن أوقف الأزهري من التبرع بعشرة جنيه لان بند التبرع غير مضمن في الميزانية حتى يوجه المال العام لأولويات الشعب الأحق بالمال العام وأما ثالث الأخطاء التي تقتضى الحسم بالإجماع واحدة من اغرب البدع التي لم يعرفها السودان في تاريخه وهى بدعة تعيين موظفين في الدولة ومؤسساتها بما سمى عقود الخدمة الخاصة والى تبلغ مرتبات ومخصصات من يعملون بالعقود الخاصة عشرات الملايين فالدولة عبر تاريخها تحكمها لائحة مالية واحدة توحد مرتبات ومخصصات الوظائف الحكومية في أجهزة الدولة حتى لا يكون هناك أي تميز بين العاملين في أجهزة الدولة فالدولة ليست شركات خاصة تتباين مرتبات مديريها ومنسوبيها حسب قرارات الشركة فالدولة مخدم واحد لكل العاملين في خدمة مؤسساتها أيا كانت وجميعها تخضع للائحة مالية واحدة لا تفرق بين موظف وموظف بنفس الدرجة بعقودات خاصة وتسرى الأحكام الموحدة على كل المؤسسات الحكومية دون فرز وهو ما أسست له الخدمة المدنية منذ الاستعمار وحتى الآن لا يعرف السبب حول هذه المتغيرات في توظيف العاملين في الهيئات الحكومية التي كانت تحكمها لائحة محلية واحدة توحد الدرجات الوظيفية حقيقة هناك قضايا أخرى مماثلة ولكنها ليست بذات الأهمية ولا يسع المجال تناولها ولكن يتعين على الحوار أن يحسم اليوم قبل الغد وبالإجماع معالجة هذه الأخطاء لما تلحقه من ضرر بصاحب الحق الشعب فهل نشهد موقفا جادا من أطراف الحوار أم انه سيبقى حوار من اجل اقتسام السلطة سواء بدكتاتورية أو بديمقراطية زائفة لا تقوم على مؤسسية حزبية ديمقراطية والضحية الشعب ألا يكفى أحزاب الوهم المتصارعة من اجل السلطة العبث بهموم الشعب منذ 60 عاما من رحيل الانجليز.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة