عفوا إذا كنت أعيد نشر السيرة الذاتية بعد أن أضفت الجزء الثاني والهام من التوثيق السياسي بناء على طلب بعض الإخوة وشكرا النعمان حسن السيرة الذاتية ووثيقة تاريخية (بعد إضافة الجزء الثاني أولا الاسم و المولد والنشأة) تاريخ الميلاد : 9 ديسمبر 1938 مكان الميلاد والنشأة: جزيرة توتي ثانيا السيرة الأكاديمية -مدرسة توتي الأولية -المرحلة الابتدائية الأهلية امدرمان - المرحلة الثانوية الأهلية الثانوية ثم المؤتمر الثانوية -المرحلة الجامعية جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية خريج 1963 - طالب بكلية القانون جامعة القاهرة فرع الخرطوم حتى منتصف السنة الثالثة حيث توقفت لاهتمامي بالسنة النهائية جامعة الخرطوم -دبلوم صحافة الجامعة الشعبية المصرية الخرطوم قبل أن تتحول لجامعة القاهرة فرع الخرطوم عام1962 - مايو 1969تم انتدابي من وزارة التجارة لبعثة لبراغ للتحضير للدكتوراه في كلية الاقتصاد إلا إن رحمة الله الشهيد عبالخالق سكرتير الحزب الشيوعي السوداني وكنت عضوا فاعلا فيه طلب عدم سفري بسبب علاقتي العائلية بثلاثة من أعضاء مجلس ثورة مايو 69 الرواد ابوالقاسم هاشم وزين العابدين محمد احمد عبدالقادر وابوالقاسم محمد إبراهيم بجانب صديقي الرائد مامون عوض ابوزيد لحاجة الحزب لهذه الصلة كما سترون وخضعت لقرار الحزب ثالثا الخدمة العامة -مفتش بوزارة التجارة والتموين والصناعة والتعاون للفترة من عام 1963حتى عام1971 -سكرتير لنقابة مفتشي وزارة التجارة من عام 66حى عام 69والتى شهدت أطول إضراب في السودان تعدى الشهر لرفض النقابة تعيين وكيل للوزارة من خارج العاملين في الوزارة ومن منطلق سياسي - انتدبت من وزارة التجارة ضمن مجموعة من مفتشي وزارة التجارة والمالية والعدل للجهاز المركزي للرقابة العامة على اثر انقلاب مايو 69وبنفس درجتي الوظيفية (الدى اس) التابعة لوزارة التجارة - ا197 كلفت بالانتداب من وزارة التجارة مدير مؤقتا لمؤسسة اكتومايو (المسمى الجديد لشركة عثمان صالح بعد المصادرة) وبنفس درجتي ومرتبي ضمن مجموعة من وزارة التجارة ومختلف الوزارات لإدارة الشركات التي تمت مصادرتها بصفة مؤقتة لحين تعيين مديرين لها -عدت لمقر عملي بوزارة التجارة عام 1971 واستقلت من الخدمة الحكومية عقب انقلاب يوليو فى نفس العام وعلى نفس درجتي الوظيفة( الدى اس) ومكافأة 200جنيه لإنهاء خدمتي لعدم استحقاقي للمعاش ورفضت قرار السيد إبراهيم منعم منصور وزير التجارة سحب استقالتي وانتدابي ملحق اقتصادي في لندن وتمسكت باستقالتي وهو موقف أملاه على انتمائي للحزب الشيوعي بعد أن تعرض قادته للإعدام في محاكمات غير عادلة - عقب استقالتي من الخدمة عملت مديرا عام لشركة الجمهورية للتجارة الدولية حتى عام 89 وغادرت السودان عقب انقلاب الإنقاذ للقاهرة ثم مغتربا متنقلا بين السعودية والإمارات ومصر حتى عودتي للسودان 2003 لأتفرغ للعمل كصحفي سياسي ورياضي. رابعا الصحافة : -ا التحقت بالجامعة الشعبية قسم الصحافة وحققت دبلوم صحافة عام1962 - عملت متعاون مع جريدة الجماهير لسان حال حزب الشعب الديمقراطي عام1967صفحة الشباب - متعاون مع صحيفة السودان الجديد محررا لصفحة اقتصادية وكاتبا لعمود سياسي يومي حتى توقف الصحيفة عن الصدور عام 1969 بعد قرار التأميم وإصدار الاتحاد الاشتراكي لصحيفتي الأيام والصحافة - عام (1978) أصدرت أول صحيفة رياضية فنية (نجوم وكوكب) وكاتب عمود رياضي يومي في جريدة الصحافة (شرارات ابوسامرين) -خلال فترة الاغتراب من السودان من عام 89 حتى 2003 تعاونت مع أكثر من صحيفة عربية بنشر مقالات سياسية أسبوعية مع العديد من الصحف في مصر مجلة أكتوبر والعالم اليوم ودبي جريدة البيان وجريدة الخرطوم التي كانت تصدر من القاهرة وعمود رياضي يومي بجريدة الخرطوم وعمود رياضي أسبوعي تحت عنوان (بالعربي) بجريدة الرياضية السعودية حتى عودتي للسودان - عند عودتي للسودان بدأت متعاونا مع صحيفة الأزمنة عمود سياسي يومي (صوت الشارع) وصحيفة الأسبوع ورئيسا لتحرير صحيفة الرأي الأخر ومقالات سياسية يومية مع جريدة الوفاق ورياضيا رئيسا لتحرير صحيفة النخبة وكاتب عمود رياضى يومى (لدغة عقرب) مع العديد من الصحف الرياضية - ترأست جمعية الصحفيين الرياضيين لدورتين ومثلت الجمعية في أكثر من مؤتمر وجمعية عمومية خارجية و سكرتيرا لجمعية صحفيي وادي النيل الرياضيين أخرها جريدة الصدى - خلال فترة الاغتراب مثلت الاتحاد السوداني للصحفيين الشرعي من القاهرة في مؤتمر هراري لاتحاد الصحفيين الأفارقة الذي رفض تمثيل اتحاد الصحفيين غير الشرعي والذي تم تكوينه بعد حل الاتحاد الشرعي في عام 90 كما مثلته في مؤتمره الثاني بالقاهرة -كرمت من اتحاد الصحفيين الرياضيين العرب في قطر بناء على ترشيح جمعية الصحفيين الرياضيين السودانية حيث يكرم صحفي رياضي من كل بلد عربي في عام 2008 خامسا الرياضة: - لاعب كرة قدم نادي الترسانة ثم نادي النجم الأحمر في مرحلة الثانوي ثم رئيس للناديين ولاعب كرة سلة في نادي توتي في الدرجة الأولى وحكم سلة بين أول خمسة حكام للسلة يتأهلون في أول كورس ينظم في السودان - رئيس لنادي توتي لكرة القدم لدورتين متتاليتين ثم ممثل لنادي النيل الخرطوم في الاتحاد المحلى لكرة القدم - رئيس الاتحاد العام للسباحة ثم رئيس للاتحاد السوداني للتجديف والكانوى لدورتين سكرتير لدورتين - عضو مجلس إدارة اللجنة الاولمبية لثلاثة دورات وعضو المكتب التنفيذي للجنة لدورتين - مثلت اللجنة الاولمبية في الورشة التي نظمتها اللجنة الدولية في إفريقيا حول د ور الرياضة في تدعيم السلام وقدمت الورقة الخاصة باللجنة السودانية - مثلت اللجنة الاولمبية فى جمعيتين عموميتين للجان الاولمبية العربية - سادسا في مجال المسرح والفنون قدمت مسرحيات عايزة عريس بالمسرح القومي ومسرحية نقابة المنتحرين في افتتاح مسرح الخرطوم وبالمسرح القومي ومهرجان المسرح التجريبي القاهرة في أول دورة له ومسرحية غرفة بمليون دولار في قاعة الصداقة فى مهرجان المسرح العربي وبمسرحية نقابة المنتحرين ومسرحية غرفة بمليون دولار في مهرجان المسرح التجريبي القاهرة في دورته الأولى عام 90 ومسرحية الشطرنج في دورته الثانية ومسرحية تعظيم سلام للخدام في المسرح القومي - قدمت فلم (العدل قبل القانون) أول فلم سينمائي سوداني لا يشارك فيه عنصر أجنبي إخراج الأستاذ عبدالرحمن محمد عبدالرحمن قدمت مسلسل إذاعي من ثلاثين حلقة (جنون القرن العشرين) إخراج الأستاذ محمد مشعل المخرج التلفزيوني المصري وأداء ممثلين مصريين على رأسهم احمد مرعى وجمال إسماعيل ورباب - أصدرت مجموعة من الكتب المتنوعة في السياسة 25(مايو وانهيار السودان) ورواية( رهان على امرأة) ) ومجموعة قصص قصيرة (من كتب النهاية) ومسرحية (جنون القرن العشرين) سابعا السياسة - ارتبطت بالسياسة من المرحلة الثانوية وشاركت في حملة انتخابات العم الشيخ على عبدالرحمن عن حزب الشعب الديمقراطي ضد مرشح الوطني الاتحادي نصر الدين السيد وكان انتماء عاطفي لعضوية والدي في الهيئة الستينية القيادية لحزب الشعب الديمقراطي - وفى مرحلة جامعة الخرطوم شاركت فى أول اجتماع في عام 60 ضم مجموعة على رأسها الشهيد عبدالله عبدالرحمن (الشهير بالانفزبل) والذي تلقى فيما بعد رصاصة في ثورة أكتوبر في التظاهرة أمام القصر الجمهوري التي استشهد فيها القرشي أما الانفزبل فلقد بقى لفترة حتى تسببت الرصاصة في رحيله والأستاذ اسجق القاسم شداد وعبدالله البشير والصادق الشامي وآخرين لتأسيس حزب البعث العربي على درب ميشيل عفلق بعد أن أقمنا حلقة دراسية عن مؤلفه الذي أسس حزب البعث ولكنى لم أواصل في ثالث اجتماع لانضمامي للحزب الشيوعي السوداني بعد اطلاعي على النظرية الماركسية اللينينية وبقيت عضوا عاملا في الحزب حتى عام 86 قضيت 23 وعشرين عاما عضوا عاملا في الحزب وفى فترة الانقسام كنت وظللت مع مجموعة قيادة الحركة الشبابية في الحزب من مجموعة الشهيد عبدالخالق بل ومن اقرب المقربين إليه حتى مغادرتي الحزب الذي لم أغادره بسبب أي خلاف ولكنى توصلت لقناعة إن الفكر الشيوعي كفلسفة سياسية لا يتوافق مع الديمقراطية شانه شان الحركة الإسلامية وكل الأحزاب العقائدية البعثية والناصرية فكان انضمامي في عام 86للحركة الاتحادية الرافضة لهيمنة زعيم طائفة الختمية على حزب الحركة الوطنية من اجل إعادة الحزب الوحيد المؤهل لان يكون مؤسسة ديمقراطية وان فشلت وستظل تفشل تحت هيمنة أسرة المراغنة على مفاتيح الحزب بدعم الطامعين من الاتحاديين في بلوغ السلطة عبر الولاء للطائفية وكنت من مؤسسي هيئة دعم وتوحيد الحركة الاتحادية في عام 86 والتي عرفت بجماعة دار المهندس لعقدنا مؤتمر الهيئة بدار المهندس وكنت مقررا للهيئة وهى الهيئة التي توصلت لأقوى مشروع لتوحيد الحزب من عشرة نقاط وتبناها 37 نائبا من الاتحاديين وأهمها أن يقتصر وجود السيد محمد عثمان الميرغنى كراع للحزب على درب والده دون التدخل في الشأن السياسي إلا إن الشريف زين العابدين الهندي الأمين العام للحزب افشل المشروع يومها لأنه وحسب ما أعلن يرى إن طائفة الختمية هي القطاع الوحيد في الحزب الذي يشكل مصدر قوة له قبل ان يعود نفسه وينقسم عل الميرغني ويؤسس حزب الأمانة العامة ومن طرائف تلك الهيئة في اجتماعها مع نواب الحزب في البرلمان اعترض البعض ووصفوا مشروع الهيئة في أن يقتصر وجود السيد محمد عثمان الميرغني راعيا للحزب وليس قائدا سياسية واحتجوا ووصموا المشروع بأنه مؤامرة من الحزب الشيوعي ابتدعها النعمان الشيوعي تنفيذا لمخطط الحزب الشيوعي لتمزيق الحزب فرد عليه النائب هاشم بامكار وقال له لو الحزب الشيوعي بدل ما يصلح حزبه عايز يصلح حزبنا ورسل واحد يساعدنا نرفضه ليه وكيف نسميها مؤامرة كما كنت مشاركا في تأسيس الهيئة العليا للحركة الاتحادية ومقررا للهيئة التي عقدت أضخم مؤتمر شهده ألف اتحادي في تاريخ الحزب بقاعة الصداقة أغلبيتهم من الشباب ولكنها لم تنجح في توحيد الحركة الاتحادية في مؤسسية ديمقراطية بل تمزقت نفسها لمجموعة من المنظمات الاتحادية المتنافرة - عملت عضوا في المكتب التنفيذي لاتحاد الشباب السوداني ونائبا لسكرتير الاتحاد وسكرتير للعلاقات الخارجية كما إنني كنت واحدا من خمسة يمثلون (الفراكشن المركزي الشيوعي للشباب التابع للحزب الشيوعي والمسوؤل عن حركة الشباب وخلال فترتي باتحاد الشباب السوداني تم ترشيحي من الحزب لتولى منصب نائب رئيس الاتحاد العالمي للشباب وهو موقع مخصص للاتحاد السوداني ولكن وكيل وزارة التجارة بإيعاز من والدي مساعد الوكيل بالوزارة يومها رفض منحى إجازة لمدة سنتين بدون مرتب مما أفشل سفري لتولى المنصب فتم اختيار رحمة الله عليه الشهيد حامد عبدالعزيز لتولى المنصب والذي رحل في طائرة عراقية فجرها حزب البعث الحاكم في العراق للتخلص من احد قياداته التى اختلفت معه وشاركت ممثلا لاتحاد الشباب السوداني في أكثر من مؤتمر أو مناسبة في موسكو وصوفيا - تبوأت منصب سكرتير نقابة مفتشي وزارة التجارة في أول تكوين نقابي جمع بين ممثلين للحزب الشيوعي والأخوان المسلمين حيث تبوأ الأخ احمد التيجاني صالح منصب رئيس النقابة عن الأخوان المسلمين وأنا سكرتيرا عن الحزب الشيوعي لتامين وحدة النقابة وخلال دورتنا في عام 68 وحتى عام 69 دخلت النقابة في أطول إضراب عرفه السودان لأكثر من شهر رفضا لتعيين الحزب الاتحادي الحاكم سياسيا من أعضائه وكيلا للوزارة من خارج العاملين فيها وكان عبدالرحيم شداد إلى أن تم الاتفاق بين ممثل الحكومة الشريف حسين الهندي والنقابة بوساطة فتح الرحمن البشير على رفع الإضراب وإعفاء الوكيل بعد ستة أشهر الا انه وقبل ان تكتمل المدة حدث انقلاب مايو 69 وكان اول قرار لمجلس ثورة مايو أن اصدر قرارا بإعفاء وكيل الوزارة قبل نهاية فترة اتفاق الشريف حسين مع النقابة إلا أن القرار فاجأنا عندما شمل في نفس الوقت إعفاء الأخ احمد التيجاني صالح رئيس النقابة من الوزارة وتم اعتقاله بحكم انه قيادي إسلامي - كان أهم حدث شهدته النقابة محكمة المناضل الوطني والقيادي الاتحادي احمد السيد حمد وكان من اكبر حلفاء الحزب الشيوعي الذي انتمى إليه ويومها طلبت المحكمة شهادة النقابة وبما إن رئيس النقابة تم إعفائه واعتقاله تم استدعائي من المحكمة شاهدا ممثلا للنقابة حول مذكرتها ولم تكن في مذكرة النقابة أي اتهام للدكتور احمد السيد حمد في شخصه بالفساد بل النقابة كانت على ثقة تامة في أمانته وتجرده ولكن اتهام النقابة انصب على الحزب الحاكم بأنه يسخر وزارة التجارة لمكافأة من دعموه ومولوه من التجار في الانتخابات بينما كان حزب الأمة يحتكر مشاريع النيل الأبيض كمكافأة لمموليه ولم تكن هناك أي تهمة للدكتور احمد السيد في شخصه وهو نفسه كان يعلم ذلك لهذا فانه ورغم إنني مثلت شاهدا في المحكمة والتي لم أتطرق فيها بكلمة واحدة في حقه شخصيا فان ردة فعله لم تكن كما توهم البعض فلقد ظلت العلاقة الشخصية بيني وبين الدكتور احمد السيد حمد على أفضل مما كانت عليه حتى رحيله ولقد كنا أفضل جيران في الميرغنية بحري بل وطوال فترة غيابي عن القاهرة كان الدكتور راعى وولى أمر أسرتي ويشهد على ذلك الأستاذ السر قدور والقياديان الاتحاديان بكرى العمدة والدكتور الباقر احمد عبدالله حيث كان يومياً ضيفا على مكتبي في القاهرة إلا إن المحكمة لم تخرج يومها من مفارقة وطرفة عندما أشار محامى الدكتور احمد السيد المحامى عبدالوهاب بوب وهو يستهدف استفزاز مفتشي الوزارة حسب ما تقتضى مهنته بوصفه مفتشي الوزارة بقولته الشهيرة (الذين يصاهرون التجار من أمثال حاتم والنعمان) وكان الأخ حاتم في تلك الأيام قد صاهر أسرة سعد التجارية من ملاك مصانع الروائح والعطور أم أنا فقد كنت متزوجا من ابنة عامل في مصلحة الوابورات اسمه محمود مالك فحسبه بوب من أسرة آل مالك الشهيرة من التجار فضمنه تهكمه من مصاهرة مفتشي الوزارة للتجار وهو عامل بسيط لا علاقة له بال مالك التجار - أما مسيرتي مع الحزب الشيوعي فلقد كان لها تأثيرا مباشرا على شخصي فبجانب عضويتي في الفراكشن المركزي للحزب المسئول عن الشباب إلا إنني وفى الوقت الذي كنت اعد نفسه للسفر يوم 27مايو للتحضير للدكتوراه في الاقتصاد مبعوثا من وزارة التجارة بعد يومين من انقلاب مايو شاء يومها أن يتصل بى الرائد ابوالقاسم هاشم عضو مجلس ثورة مايو والذي تجمعني به وبالرواد زين العابدين محمد احمد عبالقادر وابوالقاسم محمد إبراهيم صلة عائلية وصداقة وطلب حضوري للقيادة العامة في صباح اليوم الثاني للانقلاب لمعرفته بشيوعيتي وعلاقتي الشخصية بالشهيد عبدالخالق محجوب سكرتير الحزب وكان الحزب قد اصدر بيانا اغضب مجلس الثورة لوصفه الانقلاب بالبرجوازية الصغيرة والمعنى بها انها ليست الطبقة العاملة التي تقوم عليها نظرية الحزب مما أثار انفعال المجلس وبالفعل اتصلت بالشهيد عبدالخالق ونقلت إليه موجة الغضب وسوء تفسير البيان وهو ما عبر عنه بعض قادة الحزب من أنصار عبدالخالق نفسه مما أدى لان يصدر الشهيد عبالخالق بيانا ثانيا يهدى به انفعال مجلس الثورة ويصحح الموقف وكانت ردة فعل هذا الحدث أن أبلغني عبدالخالق برغبة الحزب في ألا أسافر للبعثة لأنهم بحاجة لي كصلة مباشرة بين الحزب ومجلس الثورة في مواجهة الجناح الانقسامي لتضيع فرصتي في السفر والتحضير للدكتوراه في الاقتصاد وهو ما حققه زميلي يومها الأخ على الطيب الذي سافر بينما تخلفت انا (الضحية) ولأجد نفسي من ذلك اليوم مرابطاً في القيادة العامة مع مجلس الثورة وكانت أول مهمة كلفت بها من الحزب إن توليت ترتيب لقاء المستر بنلايف رجل الاستخبارات السوفيتية والذي وصل الخرطوم في الأسبوع الأول من مايو تحت غطاء صحفي مع مجلس قيادة الثورة فصحبته للقيادة العامة حيث التقى بالمجلس وصحب ذلك أن غادرت مبعوثا من الحزب لموسكو مواصلة لنفس المهمة عقب عودة بنلايف مباشرة ثم تواصلت هذه الصلة حتى تصاعد الخلاف بين الحزب جناح عبدالخالق وثورة مايو والتي انتهت بإعدام الشهيد عبدالخالق ورفاقه فكان ذلك السبب المباشر في قطع صلتي بثورة مايو واستقالتي من وزارة التجارة ومن الخدمة الحكومية قبل نهاية عام 71 وكنت خلال تلك الفترة قد ارتبطت بالجهاز المركزي للرقابة العامة ومديرا منتدبا لمؤسسة اكتومايوا (شركة عثمان صالح المصادرة) من ضمن مجموعة كبيرة من مفتشي وزارة التجارة والمالية والصناعة لإدارة الشركات المصادرة لفترة مؤقتة لحين تعيين مديرين لها و والتي انتهت بمغادرتي الخدمة بنفس درجتي- الدى اس- التي ترقيت إليها قبل انقلاب مايو وقبل أن تكمل المصادرة العام السياسة بين الصدفة والطرفة: خلال تولى السيد الصادق المهدي رئاسة الوزارة كانت هناك محاولة انقلابية قام بها يومها الملازم(خالد الكد إن لم تخني الذاكرة في رتبته) اعتمد فيها على مجموعة من المستجدين الذين احتلوا القيادة العامة والقصر وهو من أقرباء الشهيد عبدالخالق محجوب وفى تلك الليلة كنا انا والإخوة عبدالوهاب الشيخ إدريس (الشيوعي) والمقدم صلاح عبدالمتعال (وليس عبدالعال منعا للخلط) رئيس قسم الاستخبارات بالجيش السوداني وثلاثتنا أهل واسر من توتى كنا فى مناسبة زواج امتدت حتى الصباح و بنهاية الحفل تحركنا ثلاثتنا على عربة (فلوكسواجن)خاصة بشقيق عبالوهاب احمد الشيخ إدريس وكيل بوستة واتجهنا نحو القيادة العامة حيث يسكن المقدم صلاح وفوجئنا لحظتها ان الحرس رفض فتح البوابة لدخول العربة بسبب انقلاب عسكري فطلب منا المقدم صلاح الانصراف لان هناك انقلاب ومن هناك مارس صلاح مهمته وبماله من خبرة بحكم الوظيفة حيث اتضح لنا في اليوم التالي انه نجح في الوصول لخالد الكد في القصر وأقنعه بفشل الانقلاب و تسليم نفسه وأما نحن فلقد سارعنا لحظتها وفى تلك الليلة بالتوجه نحو منزل الشهيد عبدالخالق وبعض قيادات الحزب لتخفى نفسها من اعتقال قادة الانقلاب لهم وبالفعل سارع قادة الحزب بالتحرك السريع لاختفاء أنفسهم وكانت المفاجأة أن يعلن في بيان رسمي في نهار يوم الانقلاب عن إجهاض انقلاب الكد وانه تم رصد تحرك قادة الحزب الشيوعي حيث اعتبر الانقلاب للحزب الشيوعي خاصة لعلاقة الكد بعبدالخالق العائلية ولتحرك القيادات في ذلك الوقت الذي رصدته أجهزة الأمن كما إن الكد كان يحمل قائمة حكومة مقترحة منه ضمت الشهيد عبدالخالق كما اشار البيان للبحث عن العربة الفلوكسواجن التي رصد الأمن تحركها فى ذلك الوقت وتم اذاعة رقم العربة فسارعنا بإخفاء العربة في سوق الماشية امدرمان وظل البحث يدور عنها طوال يومين و تم اعتقال احمد الشيخ إدريس مالك العربة حسب السجل حيث ساد الاعتقاد إن العربة وما صاحبها من تحرك بأنها من مخططي الانقلاب خاصة وكانت الحكومة قد سارعت بإصدار بيان يتهم الحزب الشيوعي بتدبير الانقلاب اعتمادا على ما أسموها الحركة المرصودة لقادة الحزب في ذلك الوقت وتم اعتقال بعض قيادات الحزب وما كان للحقيقة أن تتضح لولا إن المقدم صلاح عبدالمتعال الذي أجهض الانقلاب هو الشاهد الرئيسي وكشف عن حقيقة تحرك العربة وأكد انه لا علاقة لها بالانقلاب حيث اتضح السر في تحرك العربة لإنقاذ قيادة الحزب من الاعتقال بسبب الانقلاب الذي لا تعرف هويته لتنتهي الأزمة التي خلقتها الصدفة الغريبة -بالرغم من إنني عاصرت الكثير من الأحداث التي ارتبطت بثورة مايو في عاميها الأولين إلا إن أهم الأحداث التي عاصرتها عن قرب ولعلني كنت الشاهد الوحيد عليها بتفاصيلها الدقيقة والأكثر جدلا وتعرضا للتزييف هي قرارات المصادرة التي طالت العديد من الشركات ولا علاقة لها بالتأميم ولقد كان اكبر تزييف تعرضت له المصادرة من الرئيس جعفر نميرى في مذكراته لما تبدلت مواقفه السياسية وأصبح يمينيا إسلاميا والدكتور منصور خالد أكثر السياسيين رفضا لمصر وللحزب الشيوعي والأكثر ولاء للولايات المتحدة منذ بابه عندما كان سكرتيرا لرئيس الوزراء عبدالله بك خليل اكبر أعداء مصر والذي لم تكن له أي صلة بالمصادرة أو معرفة بها أما النميرى فلقد حمل المصادرة في مذكراته للحزب الشيوعي مع انه نفسه هو مصممها قبل أن يتحول من أقصى اليسار لأقصى اليمين الإسلامي وكان نفسه قد ألقى خطابا في نادي العمال يوم الاحتفاء بعيد العمال أول مايو وهاجم الشهيد عبدالخالق واستنكر عليه شيوعيته وهو يقف ضد قرارات المصادرة والتأميم وتفاخر بأنه أكثر يسارية منه مما يؤكد إن عبدالخالق برئ منها بل كان من الذين اعترضوا عليها وان كان التأميم يشكل رؤية الحزب السياسية لتحرير الاقتصاد منذ الاستقلال كما إن عبدالخالق في واحد من لقاءاته التي كنت انظمها له كل أسبوع بين عبدالخالق واحمد خليل وخليل الياس ومصطفى احمد الشيخ من الحزب الشيوعي مع أعضاء مجلس الثورة زين العابدين وابوالقاسم محمد ابرأهم ومامون عوض ابوزيد حيث كان يتم التفاكر حول أهم الأحداث وكان عبدالخالق قد عبر لهم عن رفضه قرارات المصادرة وسبق ذلك أن حذرهم من أي تصعيد لصدام عسكري مع الإمام الهادي لتجنب أي مواجهة مسلحة خاصة وان الانقلاب نجح بسلام وأما د منصور ولمواقفه العدائية من مصر فلقد استنكر صفقة عبدالناصر على خطاب النميرى عندما أعلن تأميم بنك مصر وحمله قرار مصادرة شركة عثمان صالح قصد به تصفية منافس شركة النصر المصرية مع انه ليس هناك أي تنافس بين الشركتين فشركة عثمان صالح مصدرة لمحاصيل زراعية سودانية ليس بينها القطن ولا تنتجها مصر حتى تتنافس عليها كما إن المصادرة ارتبطت بمطاحن الدقيق ولم ترتبط بشركة عثمان صالح التجارية وان طالتها المصادرة وللتاريخ أسجل هنا الحقيقة كاملة وأنا الشاهد الأقرب لهذا الحدث من أي جهة أخرى فقرار مصادرة شركة عثمان صالح قرار بادر به الرئيس نميرى في اجتماع مجلس الثورة والذي كنت حضورا فيه مع السيد محمد عبدالحليم محجوب نائب الرقيب العام عندما صرخ منفعلا وقال (اقلعوا من ناس عثمان صالح أي حاجة عندهم) فكان هذا هو قرار المصادرة بداية وكان جهاز الرقابة قد تلقى شكوى من محاسب في مطاحن الدقيق التي تتبع شركة عثمان صالح وتمثل الاتهام في إن المطاحن تتهرب من ضريبة الإنتاج وكان مدير المطاحن السيد توفيق صالح عثمان صالح ويومها أوكل إلى أمر التحقيق في الشكوى إلا إنني خلصت إلى إن إخفاء كمية إنتاج الدقيق لا ترقى لجريمة التهرب من الضريبة لأنها كميات محدودة تقدم مساهمات لبعض الجهات التي تقدم خدمات للمطاحن حسب توضيح المدير وليس لغرض تجارى وكان حديثه منطقيا ومعمول به في كل المصانع فقفلت بهذا ملف التحقيق إلا إنني فوجئت في اليوم التالي عندما تم تبليغ جهاز الرقابة من شرطة بحري إنها تلقت بلاغا من إن مطاحن عثمان صالح تقوم فجرا بحرق مستندات كثيرة من التلاعب بإنتاج الدقيق وان الشرطة تدخلت وأوقفت الحريق ووضعت يدها على كمية من الصفائح مليئة بالمستندات قبل حرقها مما أوقعني شخصيا في موقف حرج فهرولنا ثلاثتنا الرقيب العام ونائبه وشخصي للشركة وتسلمنا الصفائح والتقينا بمدير المطاحن في مكتبه بغرض التحقيق معه حول هذا الأمر وكانت المفاجأة الأكبر انه فاجئنا باعترافه إن هذه المخالفة ظلت تمارس من عهد المدير الذي سبقه في المطاحن (الرشيد ميرغني) بل وذهب لان يستجيب لطلبنا وسجل ما أدلى به من اعتراف بخط يده وتوقيعه ففعل هذا بدون أي تردد إلا إنني علمت فيما بعد أن اعترافه هذا كان بتوجيه ونصيحة من ابن الأسرة السيد عبدالكريم ميرغني وزير التجارة اعتقادا منه إن الأمر سيحال لمجلس الوزراء حيث تحاسب الشركة على التهرب الضريبي وهو الإجراء الذي توقعه إلا إن الأمر لم يحال كما توقع لمجلس الوزراء فلقد عدنا للقصر يومها بالصفائح واعتراف المدير الموقع عليه وتصادف هذا يوم الأربعاء موعد اجتماع مجلس الثورة فدخلنا مباشرة على الاجتماع وتم تداول الأمر في الاجتماع ويومها حملت الصدفة الغريبة انه كان أمام المجلس بيان أصدرته معارضة الجبهة الوطنية من لندن ضد الانقلاب وكان بين الموقعين عليه قطب حزب الأمة محمد عثمان صالح الأمر الذي استفز وأثار جعفر نميرى الزى انفجر غاضبا عندما قال إن آل عثمان صالح بتحدونا لدرجة أن يسجلوا اعترافا بجريمتهم غير خائفين من معاقبتنا لهم استهانة بنا وهم يصدرون البيانات ضد مايو وهنا صرخ وقال قولته التي أدت للمصادرة (اقلعوا منهم أي حاجة عندهم نشوف الأقوى منو) فكان ذلك هو قرار المصادرة الأول وهو قرار النميرى شخصيا ولم يعترض عليه أي عضو في مجلس الثورة حتى الشهيدين بابكر النور وهاشم العطا وتأكيدا لذلك فلقد خرجنا من ذلك الاجتماع واتجهنا لمنزل محمد عبدالحليم محجوب حيث قمت شخصيا بصياغة بيان المصادرة الزى حمله النميرى واعل بعضمة لسانه وصوته من الإذاعة فكان ذلك هو أول قرار للمصادرة والذي صحبته في اليوم التالي أن اجتاحت المنطقة الصناعية بحري تظاهرات العمال بالآلاف وتم نحر عشرات الأبقار في كل شوارع المنطقة والنميرى يعرض بعصاه ويقفز من تور لتور. ذلك كان قرار المصادرة بالتفصيل الدقيق وما صحب هذا القرار من مصادرات تسببت فيها المستندات التي تم الاطلاع عليها في شركة عثمان صالح وكانت بالتفصيل الدقيق حول التهريب الذي تقوم به مجموعة اليهود القابضين على الشركات الكبيرة في السودان بعد أن أسسوا شركات موازية لهم وخاصة بهم خارج السودان منذ أن تضاعفت مخاوفهم بعد ثورة أكتوبر وكانت تظاهرات العمال تتواصل يوميا في المنطقة الصناعية وللحقيقة فان القائمة الأخيرة للمصادرات التي ضمت شخصيات فإنها حقيقة لم تخضع لأي تحقيق وإنما أصر عليها النميرى رغم اعتراض بعض زملائه أعضاء مجلس الثورة حيث إصر عليها كخاتمة للمصادرات وهو تحت نشوة المظاهرات لان هذه القائمة لم تخضع لأي تحقيق كما هو حال القرارات السابقة حيث كانت كلها شكاوى صادرة من نقابات عمالية ولكنها لم .تخضع لأي تحقيق وكانت اغرب مفارقة فيها اعتراض الرائدين ابوالقاسم هاشم وابوالقاسم محمد إبراهيم فلقد احتجوا كيف لثورة مايو في البرارى أن تكرم اميل قرنفلى لمواقفه وتصادره في اليوم التالي دون تحقق في مخالفاته إن كانت له مخالفات ألا أن النميرى رفض أي اعتراض على القائمة التي صودرت دون إجراء أي تحقيق هذه هي قصة المصادرة ومكابر من يزيف حقيقتها من شاهد عيان مشارك حضورا في كل تفاصيلها الدقيقة, خاتمة؛ عفوا هذا قليل مما عاصرته عن قرب على الصعيد السياسي والذي رأيت توثيقه للتاريخ ( الآن أعود لنشر الجزء الثاني من التوثيق بناء على طلب بعض الإخوة لأهميته أن يوثق كل من عاصر مرحلة ان يذكر ما يعلمه عنها لتوضيح الحقائق حولها لهذا وتلبية لطلبهم أورد هذا الجزء الثاني من الوقائع التي عاصرتها): وأول هذه الأحداث وأهمها: (حل مجلس الثورة وجهاز الرقابة العامة) ولعل هذا من اكبر المفارقات التي جاءت ردة فعل لانقلاب 19 يوليو 71 حيث كان أول واهم قرار أعلن بعد فشل انقلاب يوليو إعلان النميرى ان مجلس الثورة اصدر قرارا بحل نفسه وتكليف النميرى رئيسا كأنما انقلاب يوليو كان ضد أعضاء مجلس الثورة وليس ضد انقلاب مايو ورئيسه النميرى صاحب اعلي منصب فيه وبجانبه نائبه السيد بابكر عوض الهح فكانت ردة الفعل إقصاء أعضاء مجلس الثورة ة وليبقى النميرى وحده ونائه بابكر عوض الله مما يؤكد انه تصرف غير طبيعي لان انقلاب يوليو لم يكن مؤيدا للنميرى ورافضا لأعضاء المجلس فكيف إذن لأعضاء مجلس الثورة والذين يشكلون غالبيته أن يعزلوا أنفسهم ويسلموا أمر الثورة للنميرى في شخصه والحقيقة التي لم تجد حقها من التوثيق والاهتمام بتفصيل دقيق إن قرار جل مجلس الثورة أصدره النميرى وبابكر عوض الله وحدهما من خلف ظهر أعضاء المجلس بما يرقى لدرجة الخيانة لأنه صدر دون علم و مشاركة أي عضو من أعضاء المجلس فلقد كان كل أعضاء المجلس عند إصدار القرار في مهام توعوية في مختلف أقاليم السودان فكان كل منهم في واحدة من مناطق الاقاليم باستثناء اللواء خالد حسن عباس والذي لم يشارك لأنه كان يتلقى العزاء في شقيقه الذي استشهد بين ضحايا بيت الضيافة وما لا يعرفه الشعب يومها إن أعضاء مجلس الثورة لما تلقوا إعلان حلهم لمجلسهم من خلف ظهرهم ودون علمهم فقطعوا رحلاتهم وعادوا للخرطوم وهم في قمة الانفعال لما وصفوه بالانقلاب الداخلى لعدم علمهم أو مشاركتهم في القرار وكان أن التقوا فور عودتهم في مكتب الرائد زين العابدين رئيس جهاز الرقابة العامة في اخطر اجتماعاتهم وكنت حضورا مع السيد محمد عبدالحليم محجوب نائب الرقيب العام وكان الاتجاه السائد لحظتها لدى أعضاء المجلس ان يصدروا بيانا يلغوا فيه قرار حل مجلس الثورة وتوضيح الحقيقة حوله إلا إن محمد عبدالحليم محجوب أوضح لهم مخاطر هذا البيان والذي يعنى تمزق سلطة الانقلاب والاحتراب فيما بينها مما يعنى كتابة نهاية مايو نفسها في كل الحالات بعد أن يتحول الموقف لحرب بين النميرى وبابكر من جهة وبقية أعضاء المجلس إلا إن نائب الرقيب اقترح عليهم حلا وسطا وهو أن يجتمعوا بالنميرى وان يتفقوا على حل وسط بان يصدر توضيح للقرار يؤكد ان مجلس الثورة سوف يستمر لفترة انتقالية لحين إجراء انتخابات يختار فيها الشعب برلمان منتخب شريك له في السلطة ورقيبا عليه إلا إن بابكر عوض الله نجح في أن يجهض المقترح بسبب ما كان يعانيه يومها من موقف أعضاء المجلس تجاهه فصور المقترح بأنه عدم ثقة من المجلس في رئيسه مما جعل النميرى يرفض المقترح جملة وتفصيلا مما ابقي على قرار حل مجلس الثورة وانفراد النميرى ونائبه بابكر بالسلطة وكان أول ردة فعل لهذا الموقف الذي صحب اجتماع أعضاء مجلس الثورة إعلان النميرى قرارا مفاجئا بحل جهاز الرقابة العامة الذي اعتبره خصما له لأنه احتضن اجتماع أعضاء مجلس الثورة الرافضين لحله والذي حدث زورا كأنما كان انقلاب يوليوليس ضد انقلاب مايو وإنما تأييد للنميرى وضد جهاز الرقابة العامة وأعضاء مجلس الثورة وما يستوجب توضيحه هنا ان هذا التطور كان من تخطيط السيد بابكر عوض الله لأنه كان وقتها يحمل على أعضاء مجلس الثورة لما أبدوه من اعتراضات على بعض تصرفاته وثانيا لأنه كان على خلاف مع جهاز الرقابة العامة لموقفها من قضية اقرب الأقربين إليه جورجيان وذلك في عطاء المبيدات لمشروع الجزيرة فلقد تكشف إن هذا العطاء ظل لسنوات طويلة يتم الاتفاق حوله من الشركات الأربعة المتنافسة حيث يقتسموا فيما بينهم الكمية المطلوبة بحيث يأخذ كل منهم حصة من الكمية تحقق نفس الربح الأخر إلا إن العطاء الذى شهد هذا الحدث كان سببه أن حكومة فرنسا استولت على شركة بروسيدا إحدى الشركات المنافسة في العطاء والتي كانت مشاركة فئ اقتسام العطاء إلا إن الحكومة الفرنسية بعد ما آلت إليها الشركة رفضت أن تكون طرفا في اتفاق كهذا وقررت أن تقدم عرضها لكل الكمية في منافسة حرة وبالفعل تقدمت بعطاء لتوريد كل الكمية بأقل سعر وأصبحت مستحقة لكل الكمية إلا إن مجموعة الشركات المنافسة والتي على رأسها جورجيان (صديق بابكر عوض الله) نجحت في أن يصدر وزير المالية يومها محمد عبدالحليم المصري قرارا بان يقسم العطاء بين الشركات الأربعة حتى لا يتعرض السودان لازمة إذا فشل الفائز بالعطاء عن توفير الكمية في موعدها فيتضرر المشروع وكان القصد واضحا من هذا القرار إلا أن الصدفة حولت الأمر لجهاز الرقابة العامة فلقد كان ممثل الشركة الفرنسية نزيلا في فندق صحارى الذي يتبع جهاز الرقابة بعد المصادرة فالتقط مدير الفندق اللبناني الجنسية سمير عزار غضب مندوب الشركة الفرنسية على قرار وزير المالية فنصحه بان تتقدم الشركة الفرنسية بشكوى لجهاز الرقابة العامة وصحبه للجهاز حيث سلم الشكوى وبعد التحقيق في الأمر اطمأن الجهاز من إن الشركة التي امتلكتها الحكومة الفرنسية أحق بالعطاء لأنها الأقل سعرا وإنها قادرة على توفير كل الكمية في موعدها فتدخلت الرقابة العامة وأوقفت قرار وزير المالية ورفعت الأمر لاجتماع مجلس الثورة الذي أمن على صحة قرار الرقابة العامة ومنح العطاء للاقا سعرا وبالفعل أوفت الحكومة الفرنسية في توفير كل الكمية في موعدها فكان ذلك الموقف مصدر غضب نائب رئيس مجلس الثورة لعلاقته الشخصية مع جورجيان لهذا كان هو مهندس قرار حل المجلس من خلف ظهره و حل جهاز القرابة كأول واهم قرار عقب فشل انقلاب يوليو 71 وثاني قرار بعد حل مجلس الثورة وثاني الأحداث الهامة وان كان لها علاقة مباشرة مع استجابة النميرى لرغبة بابكر عوض الله في حل مجلس الثورة فلقد حدث إن الفترة التي سبقت انقلاب يوليو شهدت حدثين هامين الأول إن مجلس الثورة أعفى الثلاثي الشهداء بابكر النور وفاروق حمد الله وهاشم العطا بحجة إنهم أصبحوا كتلة رافضة لانفراد النميرى بالقرارات الخاصة بالمجلس ويومها وافق أعضاء المجلس على إعفائهم لثقتهم المطلقة في النميرى إلا إنهم أنفسهم عادوا بعد فترة ليست طويلة ليتخذوا موقفا من انفراد النميرى باتخاذ قرارات المجلس فكان إن طلب الرائد مامون عوض ابوزيد وابوالقاسم محمد ابراهيم وزين العابدين من النميرى أن يصحبهم في مشوار هام وكنت لحظتها معهم بنادي الضباط الخرطوم عندما استاذنوا وغادروا وبقيت في انتظارهم حتى عادوا وفوجئت بما حكوه عن مشوارهم مع النميرى حيث صحبوه خارج امدرمان في الطريق لوادي سيدنا حتى انه لحظتها تخوف من دوافع المشوار وسال غالى أين هم ذاهبون ولحظتها أشهر له مامون المسدس الذي يحمله وهو جالس بجانبه وقال له بحدة ( الثورة دى عملتها أنت لما تنفرد براك بالقرارات) وشاركه زملاؤه في الهجوم الحاد على انفراد النميرى بالقرارات إلا إن النميرى اعتذر لهم وأكد انه لم يفكر بأنهم يختلفون عن بعض وتسامحوا وأعادوه لمنزله ولماحكوا لي هذه القصة قلت لهم (لا أظنكم ستبقون طويلا مع النميرى وان هذا فراق بينكم وبينه لان لن يطمئن إليكم) لهذا كان تجاوب النميرى مع اقتراح بابكر عوض الله بحل مجلس الثورة عقب عودة النظام لفشل انقلاب يوليو فان النميرى لم يتردد في تحقيق رغبته لأنه وجدها فرصة بعد أن لم يعد مطمئنا لودهم فكان حل المجلس محققا له التخلص منهم والمفارقة هنا إنهم اختلفوا مع النميرى في نفس ما اختلف معه فيه بابكر وفاروق وهاشم وكان سبب في عزلهم وبهذا ذهب سبعة أعضاء لنفس السبب وبقى هو وحده السلطة وكان فى نهاية الأمر أكثر حقدا على مامون عوض ابوزيد الذي هدده بالمسدس مما دفع به أن يبشع به في موقف دافعه الانتقام (انقلاب مايو 69) صدف غريبة جعلتني على علم بانقلاب لا اعرف موعده حتى كشف عن نفسه في مايو 69 فبحكم صلتي العائلية وصداقتي الأقوى من العلاقة مع ابن عمى الرائد زين العابدين محمد احمدعبدالقادر وكنا مقبلين على النوم وكنت شخصيا عائد من الاجتماع الذي دعتني إليه قيادة الحزب الشيوعي في منزل الدكتور شيخ إدريس عبدالرحيم والخاص باختيارى من بين عشرة لتكوين أول جهاز سمى بجهاز امن الحب والرقابة عليه بقيادة محمد احمد سليمان وكنت قد تلقيت الدعوة من محمد ابراهيم نقد فلقد عدت بعد الاجتماع المفاجئ لى مباشرة لمنزل أسرة ابن عمى زين العابدين وكنت غارقا فى التفكير حول هذا الأمر لأنني كنت متهيبا كلمة جهاز امن فلم أجد بدا من أن استشير ابن عمى حول الأمر فأخبرته إنني سوف أطلعه على سر يبقى بيننا ما حيينا وحكيت له الأمر وكانت المفاجأة إن قال لي ما دام كلمتني أنا نفسي قادم اليوم من اجتماع مع مجموعة من الضباط للتخطيط لانقلاب ظللنا نفكر فيه منذ حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه وهكذا وجدت نفسي على علم بما تخطط له مجموعة لم يخبرني ابن عمى إلا بواحد منهم فقط وهو ابوالقاسم محمد إبراهيم ولكنه لم يطلعني على اى موعد للانقلاب وتطور الأمر إلى أنهم أصبحوا يستغلون سياراتي الصغيرة (الرنو الفرنسية) التي يسهل إخفائها لاجتماعات المجموعة وجاءت المفارقة هنا يوم طلب منى الشهيد عبدالخالق محجوب ومصطفى احمد الشيخ أن يستغلوا نفس العربة لصغرها وسهولة إخفائها عند لقائهم مع مجموعة الضباط الشيوعيين ويومها لم املك أن ارفض أو اخطر أي من الجانبين بالأمر خاصة وإنني مطمئن إلى إن انقلاب مجموعة الضباط ليس مستهدفا الحزب الشيوعي وقد كان زين العابدين يستضيف بمنزله بحضوري العديد من القيادة العليا للحزب في إطار العلاقات الشخصية وتشاء الصدف يوم 25 مايو 69 ولحظة الكشف عن انقلاب مايو لم اكن شخصيا اعلم أن كان هو الانقلاب الذي اعرفه أم لا إلا إنني وبحكم صلتي الشخصية مع الأخ الصديق الشريف زين العابدين الهندي فلقد هرولت مسرغا لمنزله بالبراري ووجدته ومعه الاخوة نواب الحزب الاتحادي حسن حامد مهدي نائب دائرة الأبيض وعبدالوهاب الشيخ عن دائرة سنار فانضممت إليهم وكان همنا الأول تهريب الشريف حسين الهندي لان الإشاعة التي كانت رائجة يومها إن السيد الصادق المهدي سيحسم صراعه مع الشريف حسين بانقلاب عسكري وسيقوم بتصفية الشريف وبالفعل هرولنا لاستراحة مشروع الجزيرة بالخرطوم 2التى يتخذها الشريف مأوى له ولكن عند وصولنا علمنا إن الأخ إسماعيل حسن كان قد سبقنا لتهريبه واتضح في وقت لاحق انه نفسه لم يلحق بالشريف وهناك من سبقه و قام بتهريبه وفى تلك اللحظة ونخن عائدين للمنزل لاحظت ان العديد من العسكر فى الطرق من سلاح المظلات فادركت انه انقلاب مجموعة زين العبدين ورغم ذلك لم اكشف الأمر خوفا من ألا يكون صحيحا إلى أن صدر بيان السيدين بابكر عوض الله وجعفر نميرى ولحظتها التفت إلى الأخ حسن حامد مداعباً خلاص يا شيوعي دربك ودربنا بقى ما واحد وضحكنا وان تواصلت علاقاتنا أكثر قربا وان اخذ الشريف زين العابدين طريقه لكوبر وليعفى حسن حامد من وزارة التعليم ولان زين العابدين كان يعلم صلتي بالشريف زين العبدين وما ترتب عليها من صلة بينهما ولأنه يعلم موقف الشريف في البرلمان عندما رفض ان يصوت لحل الحزب الشيوعي فكان إن قام زين العابدين في أول زيارة له مع النميرى وأعضاء المجلس لسجن كوبر فاستقبل الشريف زين العابدين بالأحضان واقسم لمجموعته قائلا إن مايو لا يشرفها أن يكون الشريف سجينا فتم إطلاق سراحه قبل أن تنتهي زيارتهم وللحقيقة والتاريخ إن انقلاب مايو في بداياته ورغم ما وجهه من نقد في بيانه للشريف حسين الهندي إلا إن النميرى وأخوته سعوا لترضيته وابلغوه عن رغبتهم إلا انه اشترط أن ينفى المجلس ما تعرض له في بيانهم مما أجهض أول محاولة للتوافق معه وكان ثاني موقف بين انقلاب مايو والشريف حسين والذي بقى الوحيد من قادة الجبهة الوطنية معارضا في لندن بعد فشل حركة محمد نور سعد وما تم من تصالح بين الدكتور الترابي والسيد الصادق المهدي مع انقلاب مايو والذين انضموا للمكتب السياسي لمايو مشاركين في السلطة وهو وما رفضه الشريف حسين إلا إن الرائد ابوالقاسم هاشم قاد مفاوضات مع الشريف حسين في لندن بعد فترة حتى أنهما توصلا لاتفاق وثق تلفزيونيا بإعلانه رسميا من الجانبين وأعلن عن موعد عودة الشريف وكان اتفاقه مع سلطة الانقلاب يختلف عن اتفاق الصادق والترابي في انه غير راغب في عضوية المكتب السياسي إلا انه اشترط أن تقبل مايو الالتزام بتكوين مؤسسات الحكم بديمقراطية تامة وقبلت سلطة مايو ذلك ولكن تراجع الشريف عن العودة للسودان وفشل الاتفاق وعاد الشريف لموقعه معارضا في خطوة كانت مفاجئة وقتها ولكن الصدفة يومها حملت لي مفاجأة كبيرة فلقد جمعتني الصدف يومها مع صديق من غرب السودان من رجالات حزب الأمة ومن الذين وشاركوا في حركة محمد نور سعد واستقر في السودان بعد عودته والتحق بالعمل في شركة الجمهورية التي كنت مديرها وواحد من شركائها وفى دردشة معه حول الأحداث حكي لي بعضمة لسانه كيف أنهم (مقلبوا الشريف حسين الهندي الذي ضمن اتفاقه مع الانقلاب أن يسلمهم سلاح المعارضة الموجود في الخرطوم إلا إن الأوامر صدرت لهم من قادة حزب الأمة ونقلوا السلاح من موقعه الذي يعرفه الشريف لموقع سرى حتى يفشل في الوفاء بما اتفق عليه وكان محدثي احد الذين شاركوا في نقل السلاح وكان هذا هو الذي افشل اتفاق الشريف لأنه أصبح عاجزا عن تسليم السلاح وبينما كنت و الشريف زين العابدين نتناول الغذاء بمنزلي فقلت له لقد عرفت إن سبب فشل اتفاق الشريف عجزه عن تسليم السلاح لتغيير موقعه فاندهش وقال لي كيف عرفت ذلك فحكيت عليه التفصيل فاكد على الواقعة التي كانت السبب في فشل اتفاق الشريف حسين مع سلطة مايو (وقائع وظروف ومفارقات كان لها تأثيرات سالبة على انقلاب مايو69 ) لقد ظللت حريصا طوال تناولي لهذه الأحداث أن اقصر جهدي فيما املكه شخصيا من معلومات ولا يزال لدى الكثير الذي سأورده ولكن لابد لي أن أتوقف مع وقائع لا اجزم بصحتها ومفارقات وظروف بل وتناقضات ارتبطت بانقلاب مايو (التي أصبحت ثورة) ولكن ما أورده هنا ولهذه الاعتبارات لا ادعى فيه إنني املك حقيقته كاملة ولكنها في ذات الوقت دعوة لمن يملكون الحقائق لارتباطهم المباشر بها أن يوثقوها بتجرد للتاريخ حيث إن انقلاب مايو ارتبط بالكثير منها مما يستوجب من ملاك حقيقتها ان يوضحوها وأجمل بعضها فيما يلي: 1-أول الظروف التي لعبت دورا سالبا في انقلاب مايو كانت من إفرازات ثورة أكتوبر وما أحدثته من شرخ وانقسام في الحزب الشيوعي الذي كان بلا شك صاحب الدور الأكبر فئ أكتوبر بحكم دور النقابات والاتحادات المهنية التي كانت تحت هيمنته والتي ترتب عليها إن تكوين أغلبية حكومة أكتوبر من جبهة الهيئات النقابية القابضة على ثورة أكتوبر إلا إن أول علة في هذا الأمر إن من كلف رئيسا لحكومة الثورة (المعلم سر الختم الخليفة ) الذي لم يكن يمت بأي صلة للحزب الشيوعي وكان ترشحه من قادة اتحاد المعلمين وعلى رأسهم مكاوى خوجلى الشيوعي بحكم علاقته الشخصية به وليبس السياسية لهذا كان له دور كبير فى إجهاض أكتوبر بعد أن طوع المنصب لتحقيق رغبة الطائفية والأحزاب الرافضة لجبهة الهيئات في إسقاط حكومتها و كتب بذلك نهاية الثورة بتقديم استقالته وحل حكومة جبهة الهيئات وعاد بتكوين جديد من الطائفية 2- اخطر إفرازات ثورة أكتوبر السالبة على الحزب الشيوعي أن جبهة الهيئات زرعت اكبر فتنة في الحزب انتهت لانقسامه لكتلتين كتلة تتمثل فئ قيادات الشيوعيين النقابيين والذين يمثلوا مركز الثقل فى حكومة أكتوبر انه عزلوا أنفسهم عن الحزب الشيوعي رغم إن الحكومة محسوبة على الحزب الذي كان مهمشا فئ السلطة مما حمل الحزب الأخطاء التاريخية التي ارتكبوها وهم قابضين على السلطة وتحملها الحزب دون أن تكون له علاقة مباشرة بها فكان انقسام الحزب لكتلتين كتلة شيوعيي جبهة الهيئات ومؤيديهم من قيادة الحزب وكتلة القيادات الشيوعية برئاسة الشهيد عبدالخالق محجوب ولقد بلغ الصراع بين الكتلتين لم يعد الحزب يقبل الكتلتين وكانت كتله شيوعيي جبهة الهيئات تشمل الأغلبية فى اللجنة المركزية بينما يدين المؤتمر العام لمجموعة عبدالخالق الذي كان بانتظار المؤتمر المحدد له شهر يوليو 69 لتصفية الحزب من كتلة جبهة الهيئات إلا إن الظروف شاءت أن يحدث انقلاب مايو بميوله الشيوعية الواضحة قبل انعقاد المؤتمر العام للحزب مما تسبب في أن يكون الانقلاب ضحية الانقسام في الحزب والزى لم يكن عسكر الانقلاب على علم به مما أوقع الانقلاب تحت رحمة الصراع بين الكتلتين حتى راح ضحية لهم في نهاية الأمر مايو والحزب خاصة ان كتلة الجناح المناوئ لعبدالخالق من السادة فاروق ابوعيسى واحمد سليمان ومعاوية سورج وكل مجموعة جبهة الهيئات والقيادات التي كانت على خلاف مع مجموعة الشهيد عبدالخالق ومنهم محمد احمد سليمان مدير مكتب وير الداخلية فاروق حمدالله والتي كانت الأقرب والأكثر ارتباطا بالانقلاب من مجموعة عبد الخالق التي كان لها رأي في عدم تنفيذ الانقلاب بينما كانت الكتلة الثانية مؤيدة وداعمة للانقلاب وحليفها الأول بابكر عوض الله منذ جبهة الهيئات لهذا كان لهذا الواقع اثأرا سالبة خصما على الحزب وعلى سلطة مايو نفسها ويعتبر مسئولا عن كل ما لحق بالانقلاب من سلبيات كانت نهايتها الحزب الشيوعى نفسه وبجناحيه وثورة مايو نفسها هذا الواقع هو الذي زرع بذور الفتنة في سلطة الانقلاب ولان الانقلاب كان اقرب للمجموعة المناوئة لعبدالخالق لجهلهم بطبيعة وحجم الخلاف مما دفع بمجموعة عبدالخالق أن تتحفظ على الانقلاب وان تطالبه بالا يمنح أي وضعية لمجموعة جبهة الهيئات وان تكون مرجعية الانقلاب مجموعة عبدالخالق وحدها وكان هذا الموقف مفاجئا لعسكر مايو الذين لم يدركوا حجم الخلاف والانقسام داخل الحزب لأنه شأن داخل مؤسسات الحزب كما إن المجموعة التي طالبت مجموعة عبدالخالق بإقصائها هي التي وقفت بجانب الانقلاب وأيدته وشاركت فيه الأمر الذي أفرز خلافات وردود أفعال شكلت أول أزمة غير متوقعة في الانقلاب لان عسكر مايو لم يتعاملوا مع الحزب بزاوية الانقسام الذى يجهلونه ولم يكن موقفهم انحيازا لمجموعة والدليل إنهم اختاروا ممثلين للحزب فى مجلس الثورة من أنصار عبدالخالق وهما هاشم العطا وبابكر النور والذين تم إقصائهم فيما بعد لارتباطهم بمجموعة عبدالخالق خاصة وان أغلبية اللجنة المركزية للحزب كانت حتى ذلك الوقت موالية لمجموعة جبهة الهيئات والتي كانت في طريقها للعزل من الحزب في المؤتمر العام لو انعقد قبل الانقلاب فكانت هذه الظروف بداية الفتنة بين مايو ومجموعة عبدالخالق والتى عرف الجناح المنشق عن الحزب كيف يستغلها ويؤجج نيرانها خاصة تحت واحد من قادة الجناح المنشق محمد احمد سليمان الذي كان مسؤولا عن الأمن تحت ولاية عضو مجلس الثورة ووزير الداخلية فاروق حمدالله مما جعله يترصد مجموعة عبدالخالق والذين اخضعوا للرقابة والترصد حتى الاعتقال والذي شكل علامة فارقة بين علاقة مايو ومجموعة عبدالخالق وهو ما ترتبت عليه الكثير من الأحداث على رأسها انقلاب يوليو 71 الذي قضى على ثورة مايو و الحزب بجناحيه في ذات الوقت بعد أن تحولت تحت رئاسة النميرى وانفراده بالسلطة لأقصى اليمين والتعاون مع الجبهة الإسلامية 3- المفارقة الثالثة التي يعجز الإنسان عن تفسيرها أن يتم عزل فاروق حمدالله مع بابكر النور وهاشم العطا بحجة ولائهم لمجموعة عبدالخالق بينما كان فاروق وزير الداخلية الذي سلم امن الوزارة لمحمد احمد سليمان من قادة الجناح المنشق عن عبدالخالق وحيث تم اعتقال عبدالخالق على يد الوزارة التي يقف على رأسها فاروق حمد الله الموالى للجناح ضد عبدالخالق ويعفى من عضوية مجلس الثورة باعتباره من أنصاره أخيرا انقلاب الألغاز والحقائق الضائعة انقلاب يوليو 71 في ختام هذا التوثيق وقفتي مع اكبر حدث شكل لغزا كبيرا ولا تزال أهم الحقائق حوله ضائعة مع إن أهم إفرازاته تصفية شهداء الحزب الشيوعي وعلى رأسهم عبدالخالق محجوب كما انه في نفس الوقت صفى ثورة مايو لتنتقل من أقصى اليسار لأقصى اليمين ولا يزال من بقى حيا من ملاك حقيقته يحجمون عن الإفصاح عما يعلمون وليتهم يفصحون عن ما يعلمون بعد أن أصبح موضوع للتاريخ ولعلني أوجز هنا التساؤلات الهامة التي تبحث عن إجابة لأنني لا أملك أن أجزم بأنني املك حقيقتها ولكن ما املكه عنها سأتناوله بكل وضوح وما لا املك حقيقته سأطرحه في أسئلة: 1-بالرغم من إن كل المؤشرات كانت تشير إلى بعض الشيوعيين خاصة العسكريين منهم يراودهم تنظيم انقلاب على مايو بعد تصفية ممثلي الحزب في مجلس الثورة وما صاحب ذلك من اعتقالات على رأسها زعيم المجموعة عبدالخالق محجوب ولكن السؤال هل انقلاب يوليو 71 هل هو ذات الانقلاب الذي يفكر فيه بعض الشيوعيين وهل هو قرار من الحزب أو أي شخصية قيادية فيه وهل هو قرار زعيم المجموعة عبدالخالق محجوب وإذا لم يكن هو كذلك حسب ما أكد زعيمه عبدالخالق انه لم يكن على علم به حتى فاجأه به الرائد هاشم العطا ظهر يوم 19 يوليو وانه اعترض عليه وطالبه بعدم الإقدام على أي خطوة كهذه إلا إن هاشم أكد له إن المقدم ابوشيبة تحرك بقواته وليس بالإمكان إيقافه ؟ أذن من هو صاحب قرار الانقلاب وما هو الهدف؟ وهذا اكبر الغاز الانقلاب 2- أكيد أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا كيف للمقدم ابوشيبة أن ينظم انقلاب باسم الحزب الشيوعي وليس هناك قرار من الحزب ويخفى حقيقته عن عبدالخالق محجوب الذي رتب له تهريبه من المعتقل وكان يخفيه بمقره بالقصر الجمهوري الأمر الذي الحق تهمة تدبير الانقلاب بعبد الخالق ويمتد السؤال لجزئية أخرى لا تقل أهمية فكيف للمقدم ابوشيبة أن ينظم ويقود انقلاب عسكري باسم الحب الشيوعي ضد ثورة مايو ومع ذلك لا ينصب نفسه رئيسا او عضوا فى مجلس ثورته بل و الاكثر اثارة وجدل لموقفه هذا كيف للمقدم ابوشيبة قائد الانقلاب والقابض على السلطة أن يأتي بالمقدم بابكر النور رئيسا لمجلس الانقلاب ولا يعلن نفسه رئيسا له بل حتى عضوا مع انه نفسه وهو من القادة العسكريين الذين نفذوا انقلاب مايو 69 إلا انه ثار وغضب على زملائه لما لم يعتمدوه عضوا في المجلس وهو شريك أساسي في إنجاح الانقلاب وجاءوا بباكر النور وهاشم العطاء أعضاء ممثلين للحزب الشيوعي ولا علاقة لهم بالانقلاب وهو الذي قاد انقلاب شيوعي في 19 يوليو فلماذا لم يسميه الحزب ممثلا له وهو قيادي شيوعي وهو من منفذي الانقلاب وكيف يكون هو قائد انقلاب يوليو والقابض على السلطة فيأتي بباكر النور رئيسا لمجلس الانقلاب وهو الذي احتج على اختياره عضوا بمجلس ثورة مايو بديلا له كما أن التساؤل هنا إذا كان المقدم ابوشيبة شيوعي يقود انقلاب للحزب جناح عبالخالق فلماذا لم يسميه عبدالخالق ممثلا له يوم اختار بابكر النور وهاشم الغطا وهو من منفذي انقلاب مايو فهل هو شيوعي من عناصر القيادة الثورية التي انشقت عن الحزب وكانت في حالة خصومة معه بل مع عبدالخالق تحديدا ولهذا لم يسميه الحزب ممثلا له لأنه يعلم إن المقدم ابوشيبة إن كان شيوعيا ففي حقيقته طرفا في مجموعة مناوئة للحزب خاصة مجموعة عبدالخالق وفى هذه الحالة لماذا هربه هل لرغبته فان ينسب له انقلاب لا يعلم أهدافه وانه كان جزءا من مخطط القوة الخفية المتهمة بأنها دبرت الانقلاب باسم الحزب حتى تصفى الحزب وثورة مايو في وقت واحد وهو اتهام لاحق أكثر من جهة طالت منهم المقدم صلاح عبدالعال وسعد بحر وآخرين من بين مخططي تصفية الحزب ومايو بحكم انه تصفية لليسار الشيوعي بجناحيه من مايو أو يوليو ؟ 3- تبقى كارثة بيت الضيافة أهم الأسئلة التي لم تجد إجابة وتوضيح لحقيقتها من أي جهة لان من يعلمونها يهربون من ذكر حقيقتها والتي اتخذت مبررا للإسراع بإعدام قادة الحزب الشيوعي بتهمة أنهم منفذي كارثة اغتيال عسكريين برياء بيت الضيافة الذين لم يكن لهم دور في إفشال الانقلاب كما أن الإقدام على حماقة كهذه معلوم إن ردود فعلها ستكون كارثة على قادة الحزب لهذا من المستحيل أن يقدم قادة من فشل انقلابهم أن يبيدوا عسكر مايو المعتقلين فيفقدوا تعاطف الشعب السوداني معهم بسبب هذا التصرف مما يرجح الاتهام بان الفئة المخفية من المخططين للحركة التي تستهدف التخلص من انقلاب مايو تحت ستار إجهاض انقلاب يوليو وفى الوقت نفسه يصفوا قادة الحزب الشيوعي فأنهم لجأوا لارتكاب حادثة بيت الضيافة حتى يضمنوا على الأقل تصفية الحزب الشيوعي مجموعة عبدالخالق بعد أن فشل مخططهم في إبادة قادة مايو لهروب النميرى مما افشل المخطط السري الذي أفشله العسكر الموالين لمايو الذي كانوا يخططون بعيداً عن القيادة العامة وهبوا لإنقاذ معتقليهم يوم 21 وشكلوا مفاجأة لقادة المخطط السري وكانت نتيجتهم نجاح النميرى في الهروب من المعتقل بالقصر الجمهوري ؟ 4- وما هو التفسير لأغرب ظاهرة ارتبطت بانقلاب يوليو حيث إن السودان يشهد لأول مرة انقلاب عسكري يغيب قادته عن تكوين مجلس الانقلاب وهم القابضين على السلطة وان يكونوا المجلس من هم خارج الخدمة العسكرية ولا دور لهم في إنجاح الانقلاب بل إن ثلاثة منهم كانوا خارج السودان عندما تم إعلانهم وبينهم من سمى رئيسا للانقلاب فماذا يعنى هذا؟ 5-لماذا كان الإصرار على التعجل بإجراء محاكمات عسكرية وتنفيذ أحكام الإعدام بصورة متعجلة لا تفسير لها غير أن هناك من يرغب فى إخفاء الحقيقة والكشف عن الأسرار الغائبة يؤكد هذا تغيير طاقم القضاة الذين لم يستجيبوا لحكم الإعدام وتنفيذه على النحو الذي أراده البعض حيث تم استبدالهم بعسكريين بعضهم كانوا محل اتهامات بالتورط في الأحداث وحقائقهم مخفية وإنهم أصحاب مصلحة في التعجيل بالتخلص من يملكون حقائق لا يريدون لها أن تتكشف والتي أصر بعض القياديين في مايو وعلي رأسهم الرائدين مامون عوض ابوزيد وزين العابدين محمد احمد عبدالقادر الذين طالبوا بعدم التعجل في المحاكمات وتنفيذ الإعدام حتى تنجلي كل الحقائق الخفية اعن الانقلاب التي تحيط به الكثير من التساؤلات إلا إن مطلبهم رفض بل حظر دخولهم للشجرة حيث تجرى المحاكمات فمن هي الجهات التي وقفت وراء التعجيل بالمحاكمات وتنفيذ الإعدام دون مراعاة للعدالة القضائية؟ 6-خلال الفترة التي سبقت انقلاب يوليو 71 ببضعة أشهر توفرت لجهاز الرقابة العامة معلومات أثارت الانتباه واقتضت تقصى الجهات فيها وتشير المعلومات إلى إن مجموعة من الضباط الذين كانوا ينتمون لتنظيم الضباط الأحرار والذين لم يشاركوا في انقلاب مايو 69 يلتقون كل جمعة مع الملحق العسكري البريطاني وكانوا يروجون إلى إن لقاءهم عمل ثقافي بحكم ارتباطهم بالأدب ولكن التساؤل حول هذه الظاهرة عند مناقشته في جهاز الرقابة بعد انقلاب يوليو تكشف أولا ارتباط هذه المجموعة بأحداث انقلاب يوليو من خلف الكواليس كما تكشف يومها ارتباط انجلترا حيث إن الحكومة الانجليزية سكتت عن احتجاز ليبيا لطائرة الخطوط البريطانية والتي تحمل بابكر النور وفاروق حمدالله واعتقالهم من الطائرة وتسليمهم لانقلاب مايو دون ان تتدخل الحكومة الانجليزية وتوقف ذلك التصرف من حكومة ليبيا مع إن الانجليز رافضين لمايو ويوليو لموقفهم المبدئي من الشيوعية وكان الأغرب يومها أن تتعمد انجلترا أن توجه الطائرة البريطانية التي كانت تحمل بابكر وفاروق للسفر للخرطوم عبر ليبيا ولا تتخذ موقف رافض لاعتقال ركابها وفى خلال تدارس جهاز الرقابة العامة لهذه الأحداث أورد احد رجال الأمن معلومة من مصادرهم الخاصة أفادت بان انقلاب يوليو 71 سبقه جدل بين أمريكا وانجلترا وبحضور نفس العسكريين الذين كانوا يلتقون الملحق العسكري البريطاني وأفاد مصدر الأمن إن الخلاف بين أمريكا وانجلترا في إن أمريكا كانت تدعو لتنظيم انقلاب يميني ضد مايو إلا الانجليز رأوا إن هذا لن ينجح لما حظي به انقلاب مايو من قبول شعبي تمثل في موكب 2يونيو والذي حوول الانقلاب لثورة شعبية ورأى الانجليز أن تضرب مايو من داخلها باستغلال الخلافات التي تهيمن عليها ولكن لم يخطر في ذهن احد أن يكون انقلاب يوليو لتنفيذ هذا المخطط وان تكشف بعد الانقلاب كيف كان دور وموقف مجموعة الضباط التي كانت تلتقي بالملحق العسكري البريطاني من الانقلاب ومنهم من سارع بإعدام المعتقلين عبر المحاكمات مما يثير الشكوك بأنه إنفاذ للمخطط الذي حققت نهايته عمليا إفشال انقلاب يوليو وتصفية انقلاب مايو بتحويله من أقصى اليمين لليسار حيث تم تصفية أي وجود شيوعي من الجانبين وهو ما تبنته المخابرات البريطانية مما يشير لوجود علاقة بين هذا المخطط وما شهده الانقلاب من تطورات وان كان هذا الأمر بحاجة لان يكشف عن حقيقته من كانوا طرف فيه أو على علم بتفاصيله خلاصة القول هنا إن هذه التساؤلات لابد من الكشف عن حقيقتها وهذا اجب كل من يملك معلومة عنها من اجل التوثيق للتاريخ سواء بتأكيدها أو نفيها بعد إن لم يعد الحدث يؤدى للمحاسبة وفى خاتمة هذا الموضوع أتوقف مع الوقائع التي اعرفها واملك حقيقتها أو كنت طرفا فيها ولها علاقة بهذه التساؤلات والتي تتمثل في : 1- -1 فلقد شاءت الصدف أن أكون في لندن والتي سافرنا لها أنا ومحمد احمد سليمان عندما حدث انقلاب يوليو 71 والصدفة الثانية أن يكون في لندن معنا في ذات الوقت الشهيدين بابكر النور وفاروق حمد الله وأما الصدأ الأكبر كانت لحظة إعلان بيان الانقلاب ظهرا في 19 يوليو كنا أربعتنا أنا ومحمد مع بابكر وفاروق نتناول وجبة الغذاء وفي تلك اللحظة أبدى كلاهما دهشته لهذا الانقلاب ونفى كل منهما أن يكون على علم به مع إن بابكر تم اختياره رئيساً لمجلس الانقلاب وفاروق عضوا ولكن في تلك اللحظة اتصل بهما السيد عابدين إسماعيل السفير وأوضح لهم انه رتب لهما عقد مؤتمر صحفي عن الانقلاب ولحظتها ثار فاروق في وجه السفير وأكد له انه لن يشارك في مؤتمر عن انقلاب لا يعرف عنه شيئا ومن وراءه كيف نعقد مؤتمر صحفي عن انقلاب لا نعرف عنه شيئا إلا إن بابكر لم يرفض المؤتمر فقال له فاروق كيف ستتحدث عن انقلاب لا تعرف عنه شيئا وتمسك فاروق بموقفه من المؤتمر بالرغم من إن السفير أوضح له إن موقفه بهذا سيسبب حرجا له وللسفارة ومع ذلك رفض فاروق المشاركة في المؤتمر ألا إن محمد احمد سليمان ولما له من علاقة قوية معه أصر عليه أن يشارك في المؤتمر وكان موقفه له أهمية خاصة لان وجود فاروق فئ الانقلاب سيوفر له الحماية من أن يتعرض لأي موقف من الانقلاب وأخيرا أذعن فاروق لضغوط محمد احمد سليمان إلا انه اشترط ألا يتحدث في المؤتمر الصحفي أو يوجه له إي سؤال وقبل السفير ذلك وهذا ما حدث أما الموقف الثاني الأصعب لفاروق انه رفض السفر للسودان ما لم يعرف حقيقة الانقلاب ومن هو خلفه حتى انه وجه لبابكر بحضوري سؤالا هاما قال له (كيف تقبل أن يقود ابوشيبة انقلاب ويأتي بك رئيسا له وهو الذي احتج على اختيارك فى25مايو عضوا بالمجلس بديلا له) ولم يكن لبابكر ما يرد به إلا إن فاروق للمرة الثانية استجاب لضغوط محمد سليمان ووافق مجبرا على السفر لينتهي الأمر بإعدامه بسبب انقلاب لم يعرف حقيقته وعند عودتي للخرطوم وفى أول مقابلة مع ابن عمى زين العابدين قلت له كيف تعدمون من لا يعرفون عن الانقلاب شيء فأكد لي انه ومامون حاولوا إقناع النميرى بعدم التسرع في المحاكمات حتى تنجلي كل الحقائق ولكنه كان منفعلا بسبب بيت الضيافة وتحت تأثير أصحاب مصلحة فرفض طلبهم بل حظر حضورهم لحامية الشجرة حيث تنعقد المحكمة 2- -2 أما الموقف الثاني الذي اقف شاهدا عليه فإنني عند عودتي للقاهرة اطلعت على تحقيق صحفي أجرته مجلة أخر ساعة مع العميد صلاح عبدالعال سكرتير مجلس ثورة مايو وذلك بعد فشل انقلاب يوليو وفى هذا التحقيق حسب ما جاء على لسان العميد صلاح نفسه وهنا انقل الحديث حرفيا حيث قال( فى ظهر يوم الانقلاب أحسست بحركة غير عادية في القصر الجمهوري فخرجت من مكتبي ورأيت مجموعة من الضباط فسالت ملازم عن الأمر فقال لي أنهم عملوا انقلاب فتوجهت بسرعة لمكتب قائد الحرس ابو شيبة ففوجئت به يؤكد لي أنهم عملوا انقلاب وطلب منى مساندة الانقلاب فقلت له إنني لن أخون مايو وسأقاوم هذا الانقلاب حتى تعود مايو ومن هناك توجهت للقيادة العامة لأقود العمل المضاد لانقلاب) فدهشت ولم اصدق كيف لقائد الانقلاب ابوشيبة والذي اعتقل صغار الضباط في بيت الضيافة ألا يعتقل العميد صلاح الذي أعلن له انه سيجهض الانقلاب فيسمح له أن يغادر مكتبه ويتوجه للقيادة العامة لإجهاض انقلاب هو قائده وهذا ما يؤكد إن ابوشيبة وصلاح على اتفاق على عمل واحد وشركاء فيه سواء كان انقلاب يوليو أو أي مخطط أخر 3- كان ذلك يكفى للكشف عن وجود سربين ابوشيبه وصلاح الذى شارك فيما بعد في الحكم بالإعدام على قادة الحزب الشيوعي وهو ما عرض صلاح للاتهام بأنه كان طرفا في الحركة الخفية التي تستهدف مايو ويوليو حتى إنني علمت من زين العابدين إن مامون كان مصرا على اعتقاله لاستجلاء حقيقته إلا إن النميرى ساومه في عدم ملاحقته على أن يحل رئيسا للمحكمة العسكرية التي رفض رئيسه الأسبق إعدام المعتقلين وكنت قد أشرت لهذا في كتابي (25 مايو وانهيار السودان) الذي أصدرته في القاهرة عام90 وفوجئت يومها بالأخ الضابط عصمت زلفو الذي سارع بالاتصال بى فور اطلاعه على الكتاب وقال لي كيف عرفت هذه المعلومات عن الأخ صلاح فقلت له لم يأتي بشئ من عندي فهذا ما قاله بنفسه لمجلة أخر ساعة إن كنت لا تعلم انه كان في الإذاعة لحظة وصول النميرى لها وكان مرتديا عباءة فوق الزى العسكري وكان بصدد إعلان بيان قبضة القوة الخفية على السلطة الا انه فوجئ بالنميرى الذي نجح في الهروب ورغم حديثه فأنني لست شاهدا عليه حتى اجزم به البيان فوجئت في لقاء المواجهة مع صلاح في التلفزيون حيث دار الحديث معه حول العباءة واللبس العسكري ويبقى المطلوب الكشف عن الحقيقة للتاريخ بعد إن لم تعد للأمر أهمية قانونية 3-عند عودتا للسودان عقب انقلاب يوليو مباشرة كانت الأجهزة الأمنية تلاحق الكثيرين من قادة الحزب لمحاكمتهم وسط تلك الأجواء المنفعلة ويومها قمت شخصيا بمساعدة ثلاثة منهم ورتبت لهم الاختفاء في منازل بحي الدناقلة شمال وسهل لي ترحيلهم بعربة الرقابة العامة الهلمان الهنتر كان بينهم الزميل احمد خليل المسئول السياسي بالحزب على مستوى مديرية الخرطوم وعند لقائي باحمد خليل أكد لي أنهم يوم الانقلاب فوجئوا به ولا يعلمون شيئا عنه لهذا لم يكن هناك أي موقف مرتب لدعمه وإنهم لما التقوا الشهيد عبدالخالق في اجتماع فى نفس يوم الانقلاب أكد لهم انه لا علاقة له به وانه لم يعرفه ألا بعد تنفيذه عندما اتصل به هاشم وانه طلب منه عدم الإقدام عليه إلا انه أكد له أن المقدم ابوشيبة نفذ الانقلاب ولا يمكن التراجع عنه وهو نفس ما أكده عبدالخالق في أكثر من موقع وأمام المحكمة وامن عليه دكتور منصور خالد الذي أكد انه كان حضورا لحظة استجوابه وان كان غريبا تواجد منصور بالشجرة وحضورا للاستجواب ولا تعرف له صفة تؤهله لهذا وهو ليس ضابط عسكري ومع ذلك أكد في تويثقه شهادة عبدالخالق في التحقيق معه الذي نفى فيه علمه بالانقلاب وهنا لا بد إن أشير إلى إنني أوردت واقعة دكتور منصور في كتابي (25مايو وانهيار السودان) الذي أصدرته عام 90 بالقاهرة ويومها اتصل بى شاب وأفادني إن والده وهو عميد في الجيش اطلع على الكتاب واخبره انه ومجموعة من الضباط احتكوا بدكتور منصور في ذلك لوجوده في الحامية ولأنهم حملوا للنميري وجهة نظر مجموعة من الضباط ألا يتعجل في تنفيذ حكم الإعدام وان النميرى تجاوب معهم إلا إن منصور تدخل وطالب النميرى بتنفيذ الحكم القضائي مما أثاره هو والضباط واشتبكوا مع منصور وطالبوه بمغادرة الحامية وانه ليس ضابطا حتى يكون موجودا ولكنهم فوجئوا في تلك اللحظة باتصال هاتفي لأنور السادات مع النميرى وإنهم علموا إن السادات حثه على تنفيذ الإعدامات لأن السوفييت قرروا أن يوسطوه لوقف الإعدامات حتى تكون نفذت قبل تكليفه بهذه المهمة واستجاب النميرى للسادات وأمر بتنفيذ الإعدامات فورا والمهم هنا إن عبدالخالق لم يعرف الانقلاب الا عندما اتصل به هاشم العطا ظهر يوم الانقلاب وبعد أن قام ابوشيبة بتنفيذه وأكد عبدالخالق انه طالبه بعدم الإقدام على خطوة كهذه ولكن هاشم أوضح له إن الأمر ليس بيده فهو ليس ضابط وان العقيد ابوشيبة نفذ الانقلاب وليس هناك طريقة لإيقافه والأمر الغريب في هذه الواقعة لماذا لم يبلغ ابوشيبة عبدالخالق بالانقلاب وهو الذي هربه من المعتقل فلماذا أخفاه عنه مما يطرح علامات الاستفهام لكن المهم في نهاية الأمر إن عبدالحالق ليس طرفا في الانقلاب كمل ليس هناك أي قرار صدر من الحزب ويزداد الأمر غرابة هنا انه عندما فشل الانقلاب وعادت مايو للسلطة تكشف لهم بعد ثلاثة أيام من استرداد السلطة إن هناك غرفة في القصر مغلقة فاجبروا على كسر بابها ففوجئوا بوجود الضابط السابق مزمل غندور والمعتقل في سجن كوبر بأمر النميرى موجود في الغرفة ولما حققوا عن سبب وجوده أكد لهم إن ابوشيبة هو الذي أعتقله وجاء به من السجن وحبسه في القصر خوفا منه أن يجهض له انقلابه فقالوا له كيف يخاف أن تجهض انقلابه وأنت محبوس في سجن كوبر بأمر النميرى الذي انقلب ابوشيبة ضده ثم استنكروا كيف انه طوال الأيام الثلاثة وما عاناه فيها من جوع وعطش لم يستنجد مما طرح اكبر تساؤل لماذا جاء ابوشيبة بمزمل من كوبر للقصر وما هي علاقته بانقلاب يوليو وهو ألد أعداء الحزب الشيوعي وهل هو شريك في مخطط الطرف الخفي الغائب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة