منذ أن قرأت وتابعت الأخبار المتداولة عن إصابة 45 مواطنا” بالعمى في مستشفى مكة فرع أم درمان حتى تبادر إلى ذهني واحد من احتمالين- أما أن أحدهم يرغب في ولوج مجال الاستثمار في العيون، ويرغب في أن تفرغ الساحة له من المنافسين الراسخين، أو أن أحدهم لديه خلافات مع المستشفى فاستغل الحادثة لتصفية الحسابات، وتدوير الماكينة الإعلامية.
مستشفى مكة مستشفى خيري قبل أن يكون ربحيا، ولا تحتاج أن أدافع عنها؛ فالآلاف من معسكرات العلاج المجاني، ومئات من عمليات الموية البيضاء، وملايين النظارات المجانية تشهد لهم بذلك. البحر الأحمر، والجزيرة، والنيل الأبيض، النيل الأزرق، وكسلا، وجنوب كردفان، وشمال كردفان، وشمال دارفور، وجنوب دارفور، كل ولاية، وكل مدينة في السودان تشهد لمستشفى مكة بالأيادي البيضاء، كل بقعة في السودان وصلتها مخيمات العلاج المجاني، وكل حي، وكل قرية جابت شوارعها غرف العمليات المتحركة.
لا ننكر أن هناك خطأ طبيا حدث، لكن هناك فرق كبير بين الخطأ الطبي والإهمال، حتى الإصابات التي تم حصرها لا يوجد الآن منها بالمشفى سوى أربعة فقط.. الجميع تعافى، وغادر إلى منزله، ومن تبقى مصابون بتشويش في عين واحدة، وليس عمى كليا.. فعادة لا يتم إجراء العملية في العينيين معا”.
شهدت المستشفى إجراء أكثر من 34 ألف عملية استخدمت فيها نفس الحقن (الافاستين)، وهي حقن معروفة عالميا إنها مصحوبة بعدة مضاعفات، وسبق أن حدثت مضاعفات في عدد من دول أوروبا وآسيا، لكن لا غنى عنها، بمعنى أن العقار يحتمل حدوث التهابات، لكن على المستشفى، ومحضر العملية أن يجتهد ليبلغ درجة الكمال في التحضير. ولك أن تتخيل أيها القارئ عقارا يأتي في قنينة واحدة يتم توزيعه على أكثر من 34 حقنة.. هذا بلا شك يضاعف احتمالات الخطأ.
تبقى المشكلة الأولى في الشركة الموردة والتي تأتي بجرعة كبيرة في قنينة واحدة، وتبقى المشكلة الثانية في خطأ صاحب عملية التحضير في المشفى. عليه فإن المشفى أخطأت في عملية التحضير قبل العملية، وأصابت حين قامت بواجبها في الإسراع بالاتصال بالمرضى بمجرد ظهور أعراض على حالة واحدة، وتابعت غالبيتهم، وغادروا معافيين، وفتحت تحقيقا في الحادثة؛ لمعالجة القصور، وتفاديه مستقبلا.
الدور والباقي على ناس الصيدلة والسموم لمتابعة الأدوية، وطرق تعبئتها، واحتياطات السلامة. اذهبوا إلى مستشفى مكة، وانظروا إلى وجوه المرضى الذين يستشفون، تأملوا حالهم، وبؤسهم، وشقائهم، ستدركون جيدا أن المشفى يعمل من أجل المواطن البسيط.
خارج السور:
أكثر ما أضحكني انفعال وزير الصحة مأمون حميدة، ومتابعته الأمر، طيب ما كان تتابع موضوع حاجة الزينة- عليها رحمة الله- التي دخلت بقدميها، وخرجت جنازة من مشفاك الزيتونة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة