القلب هناك...في عطبرة سلسلة مقالات صحفية بروفسير. هشام محمد عباس هناك في قلب عطبرة النابض بالحياة ،، وعندما تعبر كبرى الحرية غرباً الى الجزء الآخر من المدينة فإن عينك تقع على حديقة العطبراوى ... يعلوها تذكاراً للمدفعية عطبرة. بشعارها المعهود ، كان هذا النصب التذكاري قائما قبل إنشاء الحديقة الصغيرة ..قابعاً بداخلها ... لي مع هذا التذكار ود خاص فقد عايشت تصميمه مع عمى المرحوم محمد الأمين زكريا ، وضع كل خبراته في تنسيق الحدائق في هذا النصب التذكاري ، وكان من تلقاء نفسه يتطوع برعاية الزهور والزرع حوله حتى بعد تقاعده عن العمل ، وعندما غادر عطبرة نهائيا الى الخرطوم كان من ضمن ما يسألني عنه هذه الحدائق الصغيرة ..بل شكلت برنامجاً لزياراته الخاصة له عندما يأتي الى عطبرة من حين لآخر ، كان له علاقة خاصة مع النبات الذى يزرعه ، فقد كان يزورني في كليه تنمية المجتمع بحي الحصايا بعطبرة ليستمتع بمنظر نخلة غرسها قبل أربعين عاماً عندما كان رئيساً لمجلس آباء مدرسة محمد على الزبير التي آلت الى الكلية ، لقد كانت زيارات عمى المرحوم محمد الأمين زكريا يوماً شاقاً للعم (عوض) الجنائني بالكلية لأنه سيأمره بأشياء فنية في غاية الدقة في تنسيق الزرع ،، وما كان العم (عوض ) يتضجر من ذلك فقد كان يعتبره استاذًا له وتجده يعمل ذلك في همة ، بل كان يسألني عن زمن عودته القادمة وكأنه ينتظر درساُ جديداُ. رحل عمى ... واختار معتمد عطبرة في تلكم الفترة الأستاذ الهادي محمد على مكان النصب التذكاري ليكون حديقة صغيرة ...كانت الفكرة رائدة ومتقدمة ، تم بموجبها انشاء حديقة العطبراوى غرب كبرى الحرية ، وحديقة الرشيد مهدى أمام كليه الهندسة بجامعة وادى النيل ، وحديقة القضائية غرب السينما الوطنية ، ألبست هذه الحدائق المدينة خضرة وألقا وجمالا ... وأصبحت مكانا للترفيه والانس الجميل وداراً للمناسبات الاجتماعية وملتقى لمنظمات المجتمع المدني وعنوانا لكل باحث عن نكهة عطبرة وطعمها ، قبل مغادرتي عطبرة منتصف العام الماضي رأيت حديقة القضائية بقايا اطلال وعلامات البؤس والحزن على المكان ، لكن التاريخ سيحفظ للأخ الهادي محمد على أنه قدم عملاً رائعاً في هذا المجال . أدخل بكم الى حدائق العطبراوى التي ارتادها في مساءات عطبرة الأنيقة لنجدد يومياً لحظات من التلاقي الأخوي الصادق مع اخوة أعزاء يمثلون الوان الطيف بعطبرة وتضاريسها ، نلتقى بمفكرين وسياسيين واداريين ورجال مجتمع ، بهمته المعهودة أحال الصديق عمر عبد الرحيم على مدنى الشهير بعمر (دقيق ) هذا المكان الى مؤتمر يومي وحوار تلقائي فاكسب المكان الوقار وانطلقت من هذه الجلسات العديد من المشاريع خدمة للمجتمع ، عمر دقيق شخصية استثنائية الحضور لا يعرف الحديث عن الناس من خلفهم ، سره وجهره واحد، له طاقة هائلة للعمل الاجتماعي، مسكون بحب عطبرة، وهذه هي أسرار روعة هذا المكان ، لروعة صاحبه. في هذا المكان تعرفت بعمق على الأستاذ صلاح حسن سعيد معتمد بربر الحالي ..عرفته وغصت بداخله فوجدت روحاً بشرية رقيقة المشاعر تكتنز الاخاء الصادق وحب الناس والبساطة والمقدرة الكبيرة على تقبل الآخرين والصبر عليهم ، وفى هذا المكان أيضاً تعرفت بعمق على الأستاذ محجوب محمد عثمان وزير الاعلام الأسبق بحكومة نهر النيل والسفير الحالي للسودان بسويسرا ، هو رجل معتق الثقافة، غزير المعلومات ، كان قريباً من الشريف حسين الهندي ، أهداني في احدى اللقاءات مذكرات الشريف حسين الهندي وبعد ذلك أصبحت مادة للأنس الجميل ‘ كان الأستاذ الهادي محمد على معتمد عطبرة في تلكم الفترة يعطر هذه الجلسات بالحضور ووضع منهجا ًوسنة لكل المعتمدين من بعده أن يكونوا أصدقاء لهذه الجلسة . كان الأستاذ أمين الرشيد مهدى أحد نجوم هذه الجلسات وهو الإبن الأكبر للأستاذ الرشيد مهدى وعمل فترة طويلة بتلفزيون أبو ظبى وكانت حكاياته الإعلامية وخبراته مادة دسمة لهذا الانس الجميل ، وهو تماما مثل الأستاذ محجوب محمد عثمان كان قريبا من الشريف حسين الهندي ، إن شخصية الشريف حسين الهندي في تقديري لم تجد الاهتمام اللائق من قبل الاكاديميين والباحثين في مجال العمل السياسي والاجتماعي والعلاقات الدولية ، فحياته كانت قصص من المواقف السياسية الخالدة ، إضافة الى أنه شكل شخصية محورية في العلاقات الدولية بين اقطار الوطن العربي . ضيف هذه الجلسات هو الصديق الدكتور عثمان السيد المؤرخ المعروف وأستاذ التاريخ بجامعة وادى النيل ، وعندما يراه الأخ (عمر دقيق ) من بعيد يسرع الى جلب القهوة ، ولو لم يتناول صديقنا الدكتور عثمان السيد القهوة فان مخزن معلوماته لن ينفتح، كان (عمر دقيق ) خبيراً في ذلك ،ويعلم مفتاح استاذنا عثمان السيد ، وما أن يرشف شيئاً من الفنجان حتى تنحدر المعلومات كما يجرى السيل ، وأشعر في كثير من الأحيان أن (عثمان السيد) لم يكتب بعد رغم اسهاماته الكبيرة في توثيق تاريخ السودان ، ويكفى الدكتور كتابه الرائع ام المصالح عن تاريخ السكة الحديد السودانية وننتظر كتابه عن (الزاوية) في عطبرة، ولابد من تحية خاصة للصديق الهادي محمد على الذى وقف مع أستاذه الدكتور عثمان لتخرج هذه الاعمال التوثيقية الرائعة،،،ربطتني مع الصديق الدكتور عثمان السيد قصص وحكايات،،سفر،،وزيارات،،ومواقف لن ننساها نقف اليوم عند هذه المحطة المهمة، محطة الدكتور عثمان السيد، واعدكم بالحلقة الثالثة من المقالات الصحفية ...القلب هناك...في عطبرة...لأكتب عن ابداعات الصديق الدكتور محمد عمر الأمين عميد كلية الطب بجامعة وادي النيل وأحد رواد الجلسة. ونلتقي إن شاء الله
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة