وجه عمدة مدينة صبراتة الساحلية الليبية ، الذي يشعر بالعجز أمام حالة الفوضى التي تحيط بتهريب النفط والوقود والأسلحة والأشخاص في ليبيا، نداء قويا طلبا للمساعدة.
وقال حسن دوادي إن مدينته ببساطة لا تملك الوسائل الضرورية للقضاء على تجارة تهريب متجذرة تنخرط فيها عائلات بأكملها على مدار أجيال، وتنقل عشرات الملايين من اليورو كل عام.
وأضاف أن عدم الاستقرار السياسي، والأزمة الاقتصادية التي تعصف بليبيا منذ سقوط الديكتاتور معمر القذافي في عام 2011، فتحا الباب أمام رجال الأعمال الانتهازيين لإقامة تحالفات مع المهربين.
وتابع دوادي: “نحن بحاجة إلى مساعدة خارجية”.
ويعد تهريب أي سلعة مشروعا مربحا في ليبيا، التى أصبحت دولة فاشلة بدون حكومة أو جيش موحد.
وغالبا، تتخصص عشائر من نفس القبيلة في أنشطة مختلفة من هذه الصناعة غير المشروعة، فالبعض من هذه العشائر يبيع الأسلحة، ويبيع البعض الآخر الوقود. وهناك أيضا من يبيع رحلات غير قانونية إلى أشخاص استولى عليهم اليأس.
وصرح مسؤول بالمخابرات الأوروبية يعمل في المنطقة، شريطة عدم الكشف عن هويته، لوكالة الأنباء الإسبانية “إفي” بقوله:”إنهم يعملون مثل محلات السوبر ماركت الكبرى – فهناك قسم الوقود، وقسم المهاجرين، وقسم الأسلحة، وقسم السيارات، وقسم المواد الغذائية”.
وقال “من الصعب جدا محاربتهم، فهم على دراية بتضاريس البلاد، ويمارسون هذه الأنشطة منذ فترة طويلة، ويحظون بحماية جيدة من جانب الميليشيات المدججة بالسلاح”.
ومن حين لآخر ، يعترض خفر السواحل الليبي ناقلة نفط بالقرب من أحد الشواطئ، أو توقف السلطات التونسية شاحنة على الحدود.
لكن دوادي حذر من أن “الأرباح التي تنطوي على مخاطر قليلة تسمح باستمرار جميع أنشطة التهريب، ولن تتوقف طالما ظل سعر البنزين أرخص من زجاجة ماء في ليبيا”.
واستطرد العمدة قائلا:إنه بالنسبة للكثير من الشباب الليبيين – العاطلين عن العمل أو من فقدوا الأمل في المستقبل – فإن الانضمام إلى الميليشيات أو التحول إلى التهريب هو قرار سهل.
ويوافق ضابط المخابرات على هذا الرأي، قائلا: “نحن لا نواجه ظاهرة جديدة، فالتهريب نشاط كان موجودا دائما في منطقة الساحل، حتى إبان حكم الزعيم الليبي معمر القذافي، والفارق هنا هو أنه كان يخضع لسيطرة النظام نفسه الذي تولى الإشراف على الطرق”.
وكانت قبائل الطوارق والتبو شبه البدوية تعيش في منطقة قاحلة تغطيها الرمال متاخمة للسودان والجزائر وتشاد وتونس والنيجر ومصر منذ عدة قرون، وتسيطر على طرق القوافل القديمة في الصحراء إلى أن قام القذافي بتغيير نمط حياتهم.
وقال فريدريك ويهري، الباحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: “هذه المنطقة هي مركز العمليات الرئيسي للشبكات التي تكرس انشطتها لإرسال المهاجرين إلى الشمال”.
وأضاف أن “أي محاولة من جانب الأوروبيين لوقف أزمة الهجرة قبالة سواحل ليبيا محكوم عليها بالفشل،إذا لم يتم حل مشاكل الحكم والأمن في الجنوب”.
وتابع ويهري أن الصراع بين المجتمعات والمجموعات العرقية للسيطرة على حقول النفط،وطرق التهريب ،والحدود معقد بسبب الصراع السياسي الداخلي، وتدخل قوى خارجية.
وخلال الثورة ضد القذافي، انضم جزء من قبيلة الطوارق إلى صفوف المتمردين، على الرغم من أن معظمهم ظلوا موالين للنظام حتى النهاية.
وبعد الإطاحة بالقذافي ، انضم بعض الطوارق إلى حركة التمرد في الأزواد، وهي منطقة تقع شمالي مالي، في حين ظل الباقون في سبها، عاصمة جنوب غربي ليبيا، التي تعرضت للتهميش والإهمال من جانب السلطات الجديدة.
واستغلت قبيلة التبو الوضع واستولت على انشطة التهريب في قضاء الكفرة من قبيلة الزوي العربية، التي كانت تحظى بدعم القذافي، بمساعدة مهربي البشر في السودان.
في نيسان / أبريل من هذا العام، في روما، جددت القبيلتان اتفاقا لتقسيم الحدود الصحراوية التي تمتد لمسافة 5000 كيلومتر، والتجارة غير المشروعة مع قبيلة أولاد سليمان العربية.
كان الهدف من ذلك هو كبح طموحات الرجل القوي في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر ، المعين من جانب مجلس النواب الليبي المنتخب قائدا عاما للجيش الوطني، والذي نشر قوات في سبها في محاولة لغزو البلاد بأكملها.
وقال مصدر أمني محلي لـ”إفي” ” يدرك حفتر أن الجنوب ضروري، وبالإضافة إلى النفط، فهو يريد السيطرة على طرق التهريب، سواء من أجل الربح أو وقف تدفق الأسلحة والأموال إلى الجماعات الجهادية مثل تنظيم الدولة الإسلامية/داعش/ أو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي “.
وتزامن الاتفاق في روما مع بدء خطة لوقف التهريب في ليبيا من قبل الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس بدعم من صناديق دولية.
وطبقا لما ذكره ضباط أمن في بلدة نالوت الليبية، فإن نحو 6ر2 مليون لتر من الوقود المهرب يدخل تونس يوميا عبر معبر الذهيبة ، كما أن المافيا ، التي تقف وراء هذا المخطط، تقوم أيضا بتهريب أشخاص من تونس، وتحصل من الفرد الواحد على نحو 2128 دولارا أميركيا (1800 يورو).
والصلة بين التهريب وتمويل الإرهاب الدولي هي آخر حلقة في هذا اللغز.
وقال مصدر أمني محلى يعمل بين مثلث المدن – اوبارى وسبها ومرزق ، التي تمثل مركز التهريب في ليبيا -انه لا توجد بيانات دقيقة، لكننا نعتقد ان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هو عامل أساسي في بيع النفط والوقود غير القانوني في جنوب ليبيا”.
وربط القادة العسكريون في مدينة مصراتة الساحلية بين الحركات الإرهابية والمافيا التي تهريب البشر.
وخلال تحرير سرت الليبية ، من تنظيم داعش ، قال مسؤولون عسكريون إن بعض النساء اللواتي كن يتم استعبادهن جنسيا من جانب الإرهابيين، كن في الواقع مهاجرات غير مسجلات تم شراؤهن من المهربين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست