04:05 PM March, 17 2016 سودانيز اون لاين
درديري كباشي-
مكتبتى
رابط مختصر
السوق فيك يسوقبعد أن تجاوز الانسان مرحلة ابتكار الفلوس وقامت بدور عظيم في حياتنا . ظهرت دوافع أخرى للتسوق غير الحاجة .. بمعنى زمان عملية الشراء مرتبطة بحاجة الانسان لضرورات الحياة اليومية من أكل وملابس ودواء وغيرها .. في البيت يبدأ الشهر عادة بالسؤال التقليدي ( صرفتوا ولا لسع ما صرفتو ؟) .. هذا السؤال يحمل في مضمونة عجز في بعض اساسيات الحياة .. غالبا المواد التموينية والملابس وادوات المدرسة فاتورة الكهرباء ويمكن الايجار إذا حل ..
لكن منذ أن تحول التسويق الى علم وأتربط بعلم النفس تحولت عملية الشراء الى كارثة تقضي على الاخضر واليابس .أصبحت مهمة الاعلان الاساسية هو تحفيذ الرغبة للشراء عند الآخرين وخلق حاجات جديدة في النفوس سرعان ما تصطف مع الضرورات ..يعني مثلا أعلان ضخم لزجاجة كاتشوب منتشر في الاشارات والنواصي بالتدريج يجعل زجاجة الكاتشوب تقف جنبا الى جنب مع زجاجة الزيت في قائمة ضرورات الحياة وكذلك المايونيز وغيرها من الدخلاء الجدد في قائمة الطعام ..أو كذلك عبارة تصفية شاملة أو نسبة خصم كبيرة في واجهة محل 80% مثلا تجعلك تقبض جيبك وتدخل المحل رغم أنك لا تعرف ما ذا يبيع وعلى أي شئ ستأخذ هذا الخصم .وأكيد ستشتري حتى لو كان يبيع حجار بطارية رغما أنك لاتمتلك اي جهاز يشتغل بالبطارية .
أصبحت عملية الشراء في حد ذاتها تلبي رغبة نفسية بعيدة عن الحاجات أو الضرورات .. لقد فطن الصينيون لهذه الرغبة المفتعلة والتي أصبحت مرضا أجتماعيا وابتدعوا في صناعة أشياء جميلة كثيرة مغرية رخيصة وفي ذات الوقت غير مهمة ..وانتشرت محلات الكماليات المزدحمة بالبضائع الملونة الجميلة .. والتي ربما تتعرف أنت على مهمتها فقط بعد دخولك للمحل . بمعنى آخرأنت لم تأتي اساسا لتشتريها هي .. بل كل العائلة دخلت هذا السوق لتشتري اشياء ما لا تدري ما هي .لكنهم سيكونوا سعداء بجمع اشياء كثيرة تكتظ بها عربة البضائع وبعد اسبوع ستعبأ في نفس هذه الاكياس الى عالم النفايات .
وقيل أنه معظم هذه الاغراض مصنوع من تدوير النفايات لذلك خاماتها رخيصة وهي ضعيفة ولعب الاطفال ستتلف قبل وصولهم للبيت .أذكر مرة مع أخ أشترى أدوات يدوية ومن ضمنها ( زردية ) انكسرت مع أول مسمار حاول نزعه بها ,, ضحك وقال أول مرة أشوف مسمار يكسر زردية .
غير ذلك هي مبهره في ابتكارها .أنا شخصيا أذكر مرة في محل مشابه وجدت آلة صغيرة لطيفة شكلها غريب وهي عبارة عن حلزون مجوف في رأسها بخاخ .. سألت البائع عنها . وقال هذه جديدة ( توها ) وصلت وظيفتها تغرسها في الليمون وتلفها ستحول عصير الليمون الى بخاخ .. بعد ذلك ممكن تبخها في أي شئ .. شئ عجيب ومدهش و فعلا أشتريناها وبعد رحنا البيت جربناها نجحت .. لكن الشئ الذي لم نتوقف عنده .. ما هو الغرض الذي يجعلك تحتاج أن تبخه باليمون ؟؟ في النهاية تركناها للاطفال يغرسونها في الليمونة ويبخوها في حلوقهم ويضحكوا لطعمها الحامض ,أي حولوها لبرنامج كاميرا خفية , أنا قلت لهم جربوها في البرتقال .. قلت يمكن تجعلهم يرغبون في عصير هذه الثمرة المفيدة .. لكنها ذكرتهم بدواء اللوز فهجروها .
لكن ما اريد أن أقوله هو فلتان عملية التسويق من عقال الدور الاجتماعي و الاقتصادي جعل هدفها هو البيع فقط بغض النظر عما اذا كانت هذه التجارة ستساهم في الناتج القومي أم لا . نحن أصلا نعاني من أننا شعوب مستهلكة كل العرب من المحيط الى الخليج يميلون الى الشراء من أجل الشراء فقط .لكن ما زاد الطين بلة هو أن القائمين على أمر الاقتصاد تاركين الحبل على القارب في سوق مفتوح على الآخر .. أي شخص له الحق في أن يستورد أي شئ ويبيعه طالما أن عملية التجارة الدولية صحيحة ليس بها شبهة غسيل أموال وطالما أن هذه البضائع غير مضرة بالصحة بمفهومها الضيق .