لا أملك أىَّ حفرياتٍ حصريةٍ تصلح أنْ تكون مرجعية ثقافية/تاريخية لولادة هذا الإسم، ولذلك فإنَّ المادة حول هذا الموضوع هى بالأساس استقرائية ومفتوحة المصراعين لكلِّ من يريد أن يدلوَ بدلوه. وتشكل الولاية الشمالية الحاضن الثقافى الرئيس للمفردة، وهو أى الحاضن الثقافى، يتماهى مع منحنى النيل ذكير رواية الأديب الطيب صالح، وسرة الحضارة الكوشية القديمة.
الدسوسة لغةً، هى المخبوءة، أو المدسوسة، والدسوسة بهذا المعنى تُطلق على العروسة المحبوسة - بواسطة نساء عِلاقتهن بالعروسة علاقة من الدرجة الأولى والثانية وبعض الصاحبات - فى مكانٍ بعيدٍ عن أعين الرجال، حالة صونها وتجهيزها وفق مقتضيات علم الجمال الريفي لتُزفَّ لبيتِ الزوجية. فهى نوع من التدشين بين بيت الأب وبيت الزوج.
والدسوسة إصطلاحاً، تُطلق على زفة المواجبة التى تخرج فيها النساء، خاصة الفتيات المقبلات على الزواج، وهنَ يُيَمِمْنَ شطر بيت العرس فى منحنى النيل. هى بحق مهرجان زاهى، ليس للعروسة فقط، وإنما لكل ملكات الجمال الريفى، وموسم لِلإفصاح عن مكنونات الذات. ولو لا الدسوسة (موسم الخروج على المألوف الريفى، والحِيلة الذكية للصدوع بحقوقٍ مقموعة) لماتتِ النساء كمداً. وهى كذلك عقد إجتماعى غير مشفوع بتوقيع أحد، لكنه ملزمٌ بموجب عبارة " العاقبة عندكم فى المَسَرَّات".
أمَّا الإبعاد القسرى للرجال، فضرورتُهُ، هى أنَّ بيتَ الدسوسة هو مكان للتحلل من بروتوكولاتِ الريف المحافظ، وسانحة لِلُغةٍ صُراحٍ غيرِ متداولةٍ فى ذلكم المحيطِ المُقيِّد. ولا يتسربُ مَمَّا يدور هناك إلاَّ عبر "أغانى البنات" المُشَفَّرة بالرغائبِ اللَّدنيةِ الحميمة.
يتبع ...
05-14-2017, 06:26 AM
ياسر السر
ياسر السر
تاريخ التسجيل: 08-06-2010
مجموع المشاركات: 3204
الدسوسة ذلك المهرجان والموسم الزاهى بالفتيات الجميلات اللَّائى يخرجن دُفعاتٍ ودُفعاتْ، يلبسن أرقى الثياب والفساتين، بعضها مملوك وبعضها مستلف. ففى ذلك اليوم تَخرجُ الفتياتُ من كلِّ فجٍ أنيق، يتبارين فى عرضِ أزياءٍ مهيب. فإذا وجدتَ حُلوةَ الثيابِ "بفُستانها وثوبها المُفستن"، فلتدرِكُنَّ أنَّ فى ذلك البيتِ مُغتربٌ أو مغتربان.
هى مهرجان، لأنَّ الفتيات يشدُّهُنَّ الشوقُ ويحدوهُنَّ الأملُ فى أن يُقابلنَ من أحببنَ خِلسة كى يُلقينَ إليهم بمناديلَ طُرِّزَتْ حوافُها بأيدِيَهُنَّ المُنعَّماتِ خِصيصاً لذلك اليوم، وعطرنها ووضعنَ فى أوساطها خِطابات الحب الرقيقة وهى مَلئى بعبارتٍ ريفيةٍ من نحوِ: "أُحِبُّكَ حباً إذا مرَّ بالبحر نَشَّفَهُ". وذلك تعبيرٌ عن مدسوسٍ محبوس، وما أن ينطلق، فهو لا يُبقى ولا يذر.
هى مهرجان، لأنَّ الدسوسة فى حقيقتها هروب من ذلك الجحيم الذى تكابده المرأة الريفية منذ طلوع الشمسِ إلى غسق الليل: تَجلبُ حَطَبَ الوقود، تُعدُّ الطعام، تجلبُ الماء على رأسها كى يشربَ النَّاس والأنعام، ولكى يستحِمُّون ويتوضؤون، تكنس البيت، تغسل الملابس والأوانى، وتراعى الأطفال. فمع هذا الطوق من القِنانة المنزلية، فإنَّ الدسوسة تشكل هروباً مؤقتاً من توب الجارات وسِفِنجة البيت، ومن الرقابة المفروضة عليهن من قِبَلِ الرجال، الصغير منهم والكبير.
ففى الطريقِ إلى بيتِ الدسوسة، تُتَاحُ للفتيات فرصةَ التحدثِ عن أحلامِهِنَّ المكبوتة (فيما قبل عصر الموبايلات)، فيلْغُطنّ، ويتغامزنّ ويتلامزنَ وينتشين، ويتحدثنَ بِنَبْرٍ عالٍ وحر. وحينما يصلن بيتَ الدسوسة، يصل صوتُهُنَّ قِمَّتَهَ مترجماً فى زغرودةٍ مسرفةٍ، تُناحِرُها أُخرى من الداخل، ويشتعل الفرح وتعلو الأهازيج.
هذه الزغرودة إذا وجدت من يستقصيها ويوليها الإهتمام من علماء الإجتماع والنفسانيين، سيجدُ فيها ترميزاً لمكونٍ معقد التركيبة. بعض مدسوسات هذا المكوِّن يتم بثُّه سافراً أو مشفراً عبر أُغنية من أغانى البنات (المُفترى عليها بالهبوط) والتى عادةً ما يدخل بها موكب القرية المحدد، أو يُستقبل بها من قِبَلِ موكبٍ جاء قبلاً، أو من وصيفات العروسة.
أنظر/ى ماذا تقول صباح عبد الله فى هذا الشأن:
يتبع ...
05-15-2017, 09:02 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
كنا نتجملُ لهنَّ، وقوفاً على قارعةِ شلاَّلِ الحسنِ المتدفقِ جنوباً أو شمالاً. ومن استحمَّ "بصابونةِ لُوكس" فى ذلك اليوم - يوم الصُبْحِية ، ووضع على موضع النبضِ طيباً، وعلى الوجه نيفيا، حتَّى كاد أن يكون من "وِلاد الخرطوم"، حازَ على نظراتِ الجميلات وإلتفاتاتهنَّ المُفعمةَ بالأملِ والتطلُّع، تماماً كما أشارت الفنانة صباح عبد الله سليمان بعاليه.
فإذا خرجَ وفدُ الصّباحةِ من حى البساتين، والتقى بوفدِ الملاحةِ من كَكُر عدلان، وانسجم مع قبيل الجمال من الشخبراب والشُلُّفَاب (بلد المادح ود حليب شيخ حاج الماحى) والمحاميد،
وإذا بلغ السيلُ السّحابة، أمطرتهم بفرائد الحسن الشفيفة، وأنظر ماذا يقول الشاعر المرحوم عبد الله محمد خير فى جميلات السحابة:
زيدى اللَّوعة زيدها الصبابة وأنتِ كُلِّكْ روعة يا زينة السحابة قصيبة التقنت الدَّفق تسابة جمال الخِلقة والخُلُق اكتسابة من الحور أكيد صلة انتسابة ومع الأملاك يمين وجب احتسابة؛
وإذا إلتحمت الوفود القادمة من القرى المُحازية للنيل، بوفود الحور العين من قرى الجابرية (من الحُسُّناب إلى ما بعد فريق الحاج على تُخومِ بروس)، كانت نفرة الجمال الكُبرى فى تمامِ كمالها بالجابرية الكبرى. كأنَّ الصحراءَ قد اشتعلتْ ورداً فى وادى عقيقها (كم نحن شغُوفون بهذا الرأسمال الإجتماعى الفريد أيها الأحباب).
أما إذا زُلزِلتْ الأرضُ بالزغاريد والدفوف، وسمِعتَ صوتاً مُجلجِلاً وهو يردد: "أم العروس جينا جينا أمُرقى برّا إنْكان بتقدرينا"، فذلك يعنى أنَّ سَيرةَ العريسِ وأهلِه ورهطه قد وصلتْ إلى بيتِ المُصاهرةِ الوليدة. فتنتحى الفتياتُ جانبَ الدسوسة وهنَّ يردِّدنَ أهُزوجةَ التحدى تلك. ويُداوِمنَ فى ترديدها حتّى تُرضيهنَّ أُمُّ العروسِ بحزمةٍ من النقود. وتلك الأهازيج تُقابلها أهازيج من حيث توجد الدسوسة من نحوِ: "عروسنا زينة وكية للمابينا". وهكذا يستمر ذلك التحدى الغنائى المتبادل ردحاً من الوقت حتى يرضى ذلك الوفد عن أُمِّ العروس.
وأكثر ما كان يزعجنا هو أُطُرُ (فريمات) الأهمية التى يدخل فيها طرفا هذه المصاهرة وذلك الإحتكاك الذى يُخلِّفُ أثراً واضحاً على لُغةِ جسد العريس، تقرأُ ذلك فى صفحةِ وجهه. وكذلك، ذلك الإحساس الصراعى الدفين (فرحةً وحِنقاً) عند أُمِّ العريس، بل عند كلِّ أُسرةِ العريس، بأنَّ أُسرةَ العروس قد أخذتْ مصدراً من مصادرِ العضد والسند لديها. ولا أجد مُبَرِرَاً لذلك، غير ذلك التقسيم المُجحف لأدوار الأولاد والبنات، الذى يجعل من الولد استثماراً وذخرَ حوبةٍ، والبنتُ ضيفةُ البيت، إذ سرعان ما يأتى مستثمر خارجى ويأخذها. وعلى هذا النحو أُزْهِقَتْ حقوقٌ كثيرةٌ للنساء. يتبع ...
05-16-2017, 10:04 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
ما أن يتغدَّى العريس وأَهْلُهُ ورَبْعُهُ، يَتِمُّ اقتياده ولِأوَّلِ مرةٍ إلى بيت الدسوسة حيث توجد مَلِكَةُ مُنحنى النيل لذلك المَوْسِم، التى تَمَّ انتخابهُا لتخرجَ، وإلى الأبد، من بيتِ العُزوبية إلى بيتِ الزوجية، وهو تدشينٌ ينتظرُهُ العبورُ الأليم. وليت القارئ يقرأ هذه الأُهْزوجة التى أمدتنا بها أُمُّ رؤومٌ بالجابرية الكبرى، والتى تتحدث عن اجتهاد العريس فى البحث عن مدسوسته حتى الصباح:
لن أصف العريسَ الخَجِلَ القادمَ نحو العروسةِ وهو فى واقع الأمر يُخْفى نداءاً عميقاً كرَّسَتْهُ الحياةُ بِتناقضاتها المُستفحلة. وهو فى حالتهِ تلك، وقد بدأ يرسم لحياته المقبلة تفاصيلها، فكثيراً ما يأخذه المبشرون من الرّباعة والمُزغرداتُ يُمنةً ويسرة. وفى زحمةِ المجاملاتِ تلك، لن ينتبه الرجلُ لمُخططاتِ المقرباتِ من صاحبات العروسة، اللاَّئى علَّقنَ على مدخل المكان الذى تتواجد فيه العروسة عناقيدَ من أشياءٍ شتّى، بعضها حَلْوى وبعضُها بلح وودِع وخرز وأشياء أُخرى. فإذا ما لامس جسد العريس أيَّاً من تلكم الأشياء المعلقة فقد تشعقب الرجل، فلن يُسمح له بالمرور إلى المدسوسة إلاَّ مُقابل رُزمة من المال. وكلُّ هذه التفاصيل تُعرف بالشعقيبة. وعند باب العروسة، لن يُفتحَ له ليدخلَ إلاَّ إذا دفع مبلغاً آخر من المال. ويلمح أحد أشعر شعراء المنحنى على الإطلاق - محمد عبد الباقى حسين الملقب بالدرويش، والذى لا يحب الظهور - لهذا الأمر فى قصيدة فريدة يصف فيها زواج صديقة عبد الله محمد خير (الذى سنتحدث عنه فى بوست منفصل إن شاء الله الكريم) فيقول:
ما أعظمها من لحظةٍ عجيبة، رجلٌ وسط قبيلٍ من النساء وقليلٌ من الرجال، والحرجُ يلُفُّهُ ويَلُفُّ عروستَهُ من حيث يدرى ولايدرى. ويتعاظم ذلك الحرج حينما يأتى بها أمام أعينِ النَّاس، عارية الساعدين والساقين، غنيَّةُ التضاريس، دهناءُ تَنُزُّ بالعطور، لترقصَ رقصة العروس، مسددةً فيه أقوانها، خاصةً إذا كان مازال شاردَ البالِ مأخوذاً باللَّيلةِ الفارقة، التى تُفْرَقُ فيها الأمورُ العظيمة.
يتبع ...
05-16-2017, 08:09 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
الدسوسة كما هو معلومٌ عنها كذلك، أنَّها يومُ جمعٍ وطرح. فالنساء اللائى نفرتهنَّ كنفرة عرفة فى هذا اليوم، يُراجِعْنَ كشوفاتِهِنَّ القديمة، ليَرَيْنَ بأىِّ مبلَغٍ من المال واجَبَتْهُنَّ العروسة أو أُمُّها من قبل، ليزيدوا عليه أو يردوه. ولربما دخلت فتياتٌ جديداتٌ فى حلبةِ العشم، فيدفعن بسخاءٍ ليومٍ موعود.
وأقول كما قلتُ من قبل، فإنَّ هذا الرأسمال الاجتماعى هو من أعظم الأمور التى لم يحسِبْ لها منظرو الاقتصاد حسابهم. وهو "بنكُ اللهْ كريم" الذى تُعَوِّلُ عليه الحكوماتُ والناس لإنجاز المهامِ الجسام. ولولاه ما استُخرجَ النفطُ فى السودان فى ظل الحصار الاقتصادى المُطبِقْ عليه منذ ما يقرب من رُبعِ قرن.
فكسيق السدوسة هو كشف تبرعات تقوم به نفرة النساء تلك دعماً لبيتٍ جديد لتُعِينه على عمليةِ التدشين إياها. وهو من العادات التى لو ذبُلتْ (وقد ذبلت)، لرأيتَ النَّاس يأكلون أموالهم بينهم بالباطل، ولرأيتَ تفسخاً فى نظامِهم، يُورِدَ القومَ المَهَالِك. ... إنَّ اللهَ لطيفٌ لِما يشاء.
الراشح هو ما تحدثنا عنه فى محمول أغانى البنات عبر مسيرته الإجتماعية والذى يعبر بشكل سافر أو مشفر عن مكونٍ هضيمٍ ومكبوت. وفى المدن فإنَّ البنات، إلى جانب الراشح من أغانيهنَّ، لهُنَّ بعضُ منظومات المجتمع المدنى التى تعبر عن تلك الحقوق السليبة. أمَّا فى الريف، وفى منحنى النيل على وجه التحديد، فأنَّ التعبير المتاح عن ذلك المُكوِّن يكون عبر تظاهرات الجمال المواسمية تلك، وعبر المسكوت عنه التالى.
المسكوت عنه: التنصت على ليلة الزفاف:
فى أحوال غابرة، حيث لا فنادق ولا شِقَق للإيجار، فإنَّ العريس يتفندق فى بيت نسابته. فهذا الأمر يُتيح لنساء كثر التلصُّص على ليلة الدخلة فى منحنى النيل (وربما فى مناطق ريفية أخرى)؛ ولعمرى قد عرفت ذلك بمحض الصدفة لأنَّه من المسكوت عنه. وفى هذا الشأن تقول حفيدة بنت مجذوب، عليها من الرحمات ذات العيار الثقيل:
"حينما دعتنا الملكة لحضور زواج حفيدها وليم من كاثرين فى 29 ابريل من العام 2011، وجاء الدَّسوسيون من كلِّ بقاعِ هذا الكوكب، خطر ببالى أنْ أذهب وأتنصَّت على دُخلة الأمير والأميرة. ولمَّا كنتُ قريبة من مكان إقامة العروسين بِبَكنقهام بَلاَسْ، آثرتُ أنْ أبقى مكانى حتى يتثنَّى لىَ ذلك من بين عيون الحرس الملكى. ولا أكتمكم القول فقد إستغلَّيتُ علاقة الملكة الطيبة وودها لأهل السودان، ووضعتُ إسمى وإسم بلدى على صدرى أدنى الكتف الأيسر بقليل، لتفادى نظرات الحرس المشحونة بالإنقضاض على كلِّ من تسوِّلُ له نفسهُ بخرقِ تلك البروتوكولات الرزينة. ومن عجبٍ وجدتُ نساءاً من القرن الأفريقى ( قليلٌ من اليمنيات والعمانيات) وحوض النيل ودول الصحراء الممتدة من النيل إلى المحيط الأطلسى غرباً، وهُنَّ قد جئنا بنفس الدافع. فحينما دقَّتْ بِقبين مُعلنةً انتصاف الليل ألصقنا آذاننا على جدار القصر، كأنَّنا الخفافيشُ على مدخلِ كهفٍ عظيم. وحينما اقتربَ الحرسُ الملكىُّ مِنَّا تظاهرنا كمن أخذه النُعاسُ فاتكأَ على الجدارِِ وغفا.
وهكذا ظللنا ننتظر والريح أصفر. ولكنَّ ذاكرتى لم تخيبَ ظنِّى، كما خيَّبته كاثرين القلفا بِتْ القلفا، فسرحتُ مع ود الريس وحسنة بِت محمود فى ليلةِ زفافهما حيث كانت تصيح حسنةُ من الألم ويتنهَّدُ ود الريس من اللَّذة بصوتٍ مسموع قبل أنْ تقتلَه. وشكراً لجدّتى بِتْ مجذوب فقد حَشَتْ رأسى بوصايا ليالى الزفاف. وهكذا مرَّتْ ليلة زفاف (الملكة) كاثرين بِلِذَّةٍ وغنج ودون أن يسمعهما أحد، ومرت ليلةُ زفافِ بنتِ المنحى حسنة (الملكة بت ملوك النيل) بألمٍ ودِمُوعٍ وشيل حال.
يتبع ...
05-17-2017, 10:43 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
... وأنا عابرٌ سبيلٍ بريئ، والسبيل الذى سلكته يمر بجوار منزل عريسٍ جديدٍ يتفندقُ بمنزله الكائن بحىِّ البساتين بالمنحى، فإذا بصوت امرأةٍ يقطِّعُ نياطَ الظلام من الإستغاثة (واى يا ضُلَعى). هرعتُ إلى المكان لِأغيثَ المستغيث، فوجدتُ قبيلاً من النساءِ بجوار الحائط الذى يخرج منه مصدر الصوت، وهن يسترقنَ السمعَ إلى "تَضَلُّعات" تلك العروس. فقلت: لَعَلْ مافى عوج؟ فإذا بذلك النفر من النساء ينمَّحى كمن قال باسم الله فى وجه رهطٍ من الجن. لم أفهم شيئاً، ولم أسمع استغاثةً بعد استفهامى ذاك، فواصلتُ سيرى إلى حيث أقصد.
فى الصباح الباكر أرسل إلىَّ العريس يدعونى إلى فطور العريس. ذهبتُ فوجدتُ رجلاً فى غاية الإنتشاء والطاووسية، وهو يقول: لقد عبرنا خط بارليف. فادركتُ سوءة براءتى بالأمس، ومازال نفرُ النساء ذاك، يُمسك علىَّ قولتى إلى يوم النَّاس هذا، فحين أُلاقى إحداهن تقول لى "لعل مافى عوج"، فأدرك أنها بالأمس كانت هناك، وأدركتُ أنَّ الأمرَ متعارفٌ عليه بين النَّاس.
ومن يومها، فأنا أستذكر "غمائم الطلح" وأترحم على سيدى محمد المهدى المجذوب: "وبِتُّ أجمعُها جمعاً وألْزُمها فما تجمَّعُ مثلُ الماءِ مفجورا".
يتبع ...
05-19-2017, 09:02 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
ما اقبح أن يؤول ذلك المهرجان الزاهى لِبِنت ملوك النيل بذلك العبور العنيف الأليم والماسوشية الضاربة الجذور فى أعماق التاريخ. لماذا شارع الحرية عندنا يؤدى إلى السجَانة، ومهرجان الفرح ينتهى إلى الألم، والدين ينتهى إلى الدنيا كما فى حالة الإنقاذ التافهة؟ هل نحن مخصوصون بهذه الجدليات والثُنائيات المتناقضة دون سوانا؟ هل هى لعنة الصراع أم لعنة الهجين والهوية؟ أم ماذا؟
05-21-2017, 10:57 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
مع تطور كشف الأجنَّة بالموجات الصوتية فإنَّ العنف ضد المرأة يبدأ قبل أنْ تولد، كما جاء فى الآية الكريمة 58 من سورة النحل (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: وإذا بُشِرَ أحدُهُم بالأُنثى ظلَّ وجهُهُ مسوداً وهو كظيم، صدق الله العظيم).
فشكراً للإسلام بهذا السبق فى الإشارة للعنف ضد المرأة. وشكراً للإسلامِ الذى أبطل أبشع أنواع الظلم الذى مورس ضد المرأة، ذلك وئد البنات (وهو يُمارس الآن بين الشعوب الهندية والصينية). وشكراً للإسلام الذى يأبى أن يقع الضرر على المرأة من وحى قاعدةِ لا ضرر ولا ضِرار، وهو الذى حثَّنا أنْ نستوصى بالنساء خيراً.
لم يأمرِ القرآنُ قطْ بختان الإناث. ولم يَثبُتْ عن سيدِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خَتَنَ بناتِهِ أو زوجاتِهِ، وهذه سنة فعلية أوْلَى بالإتباعِ من غيرها لمن يريد أن يتبعَ السنة، ثمَّ تجئُ من بعدها السنةُ التقريرية. وللمتذرعين بالأَحاديث الواردة فى شأن الختان، نقول لهم إقرأوا مقال الدكتور محمد سليم العوّا (براءة الإسلام من ختان الإناث) وهو موجود على النّت لتتبينوا ضعف تلك الأحاديث، وضعف مواقفكم.
يتبع ... _____
05-21-2017, 11:01 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
محمد سليم العوَّا(الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.)
من المسائل التي أثارت جدلاً كبيرًا ـ لاسيما في مصر ـ في السنوات القليلة الماضية مسألة «ختان الإناث». وقد بدأت إثارة هذه المسألة بسبب تقرير مصور أذاعته محطة تلفزيون CNN عن عملية ختان تجرى في مصر لطفلة صغيرة (أذيع هذا التقرير في أواسط شهر سبتمبر 1994).
وقد كتب كثيرون محاولين تقرير حكم الإسلام في هذا الختان، وكان أغلب ما كتب يدور حول إثبات صحة مشروعية الختان، وبالغ بعضهم فوصفه بأنه من السنة، وغالى بعض آخر من الكاتبين فقال إن مقتضى الفقه «لزوم الختان للذكر والأنثى».
وليس ختان الذكور موضع خلاف، فلا حاجة إلى بيان حكم الشرع فيه.
وحكم الشريعة الإسلامية يؤخذ من مصادرها الأصلية المتفق عليها: وهى القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة والإجماع بشروطه المقررة في علم أصول الفقه، والقياس المستوفي لشروط الصحة.
أما فقه الفقهاء فهو العمل البشرى الذي يقوم به المتخصصون في علوم الشرع لبيان أحكام الشريعة في كل ما يهم المسلمين ـ بل الناس أجمعين ـ أن يعرفوا حكم الشريعة فيه. ولا يعد كلام الفقهاء (شريعة) ولا يحتج به على أنه دين، بل يحتج به على أنه فهم للنصوص الشرعية، وإنزال لها على الواقع. وهو سبيل إلى فهم أفضل لهذه النصوص وكيفية إعمالها، لكنه ليس معصوما، ويقع فيه الخطأ كما يقع فيه الصواب، والمجتهد المؤهل من الفقهاء مأجور أجرين حين يصيب، ومأجور أجرا واحدا حين يخطئ.
فإذا أردنا أن نتعرف على حكم الشريعة الإسلامية في مسألة ختان الإناث، فإننا نبحث في القرآن الكريم ثم السنة النبوية ثم الإجماع ثم القياس، وقد نجد في الفقه ما يعيننا فنطمئن به إلى فهمنا ونؤكده، وقد لا نجد فيه ما ينفع في ضوء علم عصرنا وتقدم المعارف الطبية خاصة، فنتركه وشأنه ولا نعول على ما هو مدون في كتبه.
وقد خلا القرآن الكريم من أي نص يتضمن إشارة من قريب أو بعيد إلى ختان الإناث. وليس هناك إجماع على حكم شرعي فيه، ولا قياس يمكن أن يقبل في شأنه.
أما السنة النبوية فإنها مصدر ظن المشروعية، لما ورد في مدوناتها من مرويات منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن. والحق أنه ليس في هذه المرويات دليل واحد صحيح السند يجوز أن يستفاد منه حكم شرعي في مسألة بالغة الخطورة على الحياة الإنسانية كهذه المسألة.
ولا حجة ـ عند أهل العلم ـ في الأحاديث التي لم يصح نقلها إذ الحجة فيما صح سنده دون سواه.
والروايات التي فيها ذكر ختان الإناث أشهرها حديث امرأة كانت تسمى: أم عطية، وكانت تقوم بختان الإناث في المدينة المنورة، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «يا أم عطية: أشمى ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج»[1].
وقد عقب أبو داود ـ والنص المروي عنده مختلف لفظه عن النص السابق ـ على هذا الحديث بقوله «روي عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه وإسناده، وليس هو بالقوي، وقد روي مرسلا، ومحمد بن حسان (راوي الحديث) مجهول، وهذا الحديث ضعيف»[2].
وعلق الإمام شمس الحق العظيم آبادي على كلام أبي داود بقوله:
«ليس الحديث بالقوي لأجل الاضطراب، ولضعف الراوي وهو محمد بن حسَّان الكوفي... وتبع أبا داود (في تجهيل محمد بن حسان) ابن عديّ والبيهقي، وخالفهم الحافظ عبد الغني بن سعيد فقال هو محمد بن سعيد المصلوب على الزندقة أحد الضعفاء والمتروكين»[3].
وهذا الراوي (محمد بن حسان أو محمد بن سعيد المصلوب) كذّاب، قال عنه العلماء إنه وضع أربعة آلاف حديث (أي نسبها كذباً إلى رسول الله r) وقال الإمام أحمد: قتله المنصور على الزندقة (أي بسبب الزندقة) وصلبه[4].
وقد جمع بعض المعاصرين طرق هذا الحديث، وكلها طرق ضعيفة لا تقوم بها حجة حتى قال أخونا العلامة الدكتور محمد الصباغ في رسالته عن ختان الإناث: «فانظر رعاك الله إلى هذين الإمامين الجليلين أبى داود والعراقي وكيف حكما عليه بالضعف ولا تلتفت إلى من صححه من المتأخرين[5]». ومن قبل قال شمس الحق العظيم آبادي: «وحديث ختان المرأة روي من أوجه كثيرة وكلها ضعيفة معلولة مخدوشة لا يصح الاحتجاج بها كما عرفت»[6].
فحديث أم عطية ـ إذن ـ بكل طرقه لا خير، فيه ولا حُجَّةَ تستفاد منه. ولو فرضنا صحته، جدلا، فإن التوجيه الوارد فيه لا يتضمن أمرا بختان البنات وإنما يتضمن تحديد كيفية هذا الختان إن وقع، وأنها (إشمام) وصفه العلماء بأنه كإشمام الطيب، يعنى أخذ جزء يسير لا يكاد يحس من الجزء الظاهر من موضع الختان وهو الجلدة التي تسمى «القلفة»، وهو كما قال الإمام الماوردى: «.....قطع هذه الجلدة المستعلية دون استئصالها»، وهو كما قال الإمام النووي: «قطع أدنى جزء منها» فالمسألة مسألة طبية دقيقة تحتاج إلى جراح متخصص يستطيع تحديد هذا «الجزء المستعلي» الذي هو «أدنى جزء منها»، ولا يمكن أن تتم ـ لو صح جوازها ـ على أيدي الأطباء العاديين فضلا عن غير المتخصصين في الجراحة من أمثال القابلات والدايات وحلاقي الصحة....إلخ، كما هو الواقع في بلادنا وغيرها من البلاد التي تجرى فيها هذه العملية الشنيعة للفتيات.
والحديث الثاني الذي يوازي في الشهرة حديث أم عطية هو ما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الختان سنة للرجال مكرمة للنساء». وقد نص الحافظ العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين على ضعفه، أيضا، وسبقه إلى تضعيفه الأئمة البيهقي وابن أبي حاتم وابن عبد البر. ومداره (أي جميع طرق روايته تدور على أو تلتقي عند) على الحجاج بن أرطاة وهو لا يحتج به لأنه مدلس. ولذلك ـ ولغيره ـ قال العلامة الشيخ سيد سابق في فقه السنة: «أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء»[7].
وقد نص الحافظ ابن حجر في كتابه: (تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعى الكبير) على ضعف هذا الحديث، ونقل قول الإمام البيهقى فيه: إنه ضعيف منقطع. وقول ابن عبد البر في (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد): إنه يدور على رواية راو لا يحتج به[8].
وكلام الحافظ أبى عمر بن عبد البر في كتابه المذكور نصه: «واحتج من جعل الختان سنة بحديث أبى المَليح هذا، وهو يدور على حجاج بن أرطاة، وليس ممن يحتج بما انفرد به، والذي أجمع المسلمون عليه: الختان في الرجال .... »[9].
وعلى ذلك فليس في هذا النص حجة، لأنه نص ضعيف مداره على راو لا يحتج بروايته، فكيف يؤخذ منها حكم شرعي بأن أمرا معينا من السنة أو من المكرمات وأقل أحوالها أن تكون مستحبة، والاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل صحيح.
ولا يرد على ذلك بأن لهذا الحديث شاهدا أو شواهد من حديث أم عطية السابق ذكره، فإن جميع الشواهد التي أوردها بعض من ذهب إلى صحته معلولة بعلل قادحة فيها مانعة من الاحتجاج بها.
وعلى الفرض الجدلي أن الحديث صحيح ـ وهو ليس كذلك ـ فإنه ليس فيه التسوية بين ختان الذكور وختان الإناث في الحكم. بل فيه التصريح بأن ختان الإناث ليس بسنة، وإنما هو في مرتبة دونها. وكأن الإسلام ـ لو صح الحديث ـ حين جاء وبعض العرب يختنون الإناث أراد تهذيب هذه العادة بوصف الكيفية البالغة منتهى الدقة، الرقيقة غاية الرقة بلفظ (أشمى ولا تنهكي) الذي في الرواية الضعيفة الأولى، وأراد تبيين أنه ليس من أحكام الدين ولكنه من أعراف الناس بذكر أنه (سنة للرجال...) ـ وهى (أي السنة) هنا بمعنى العادة لا بالمعنى الأصولي للكلمة ـ في الرواية الضعيفة الثانية .
ثم إن بعض الفضليات نبهتني إلى أن حديث أم عطية يناقض آخره أوله. ففي أوله أمر بالختان وفي آخره بيان أن بعض ذلك الجزء المطلوب إزالته (أسرى للوجه وأحظى عند الزوج)! فلماذا لا يبقى أصل الخلقة كما خلقها الله تعالى فتكتمل نضارة الوجه والحظوة عند الزوج؟!
ولا تحتمل الروايتان، على الفرض الجدلي بصحتهما، تأويلا سائغا فوق هذا. و لو أراد النبي صلى الله عليه وسلم التسوية بين الرجال والنساء لقال: «إن الختان سنة للرجال والنساء»، أو لقال «الختان سنة» وسكت؛ فإنه عندئذ يكون تشريعًا عامًا ما لم يقم دليل على خصوصيته ببعض المكلفين دون بعض. أما وقد فرق بينهما في اللفظ ـ لو صحت الرواية ـ فإن الحكم يكون مختلفا، وكونه سنة ـ بالمعنى الأعم لهذه الكلمة أي معنى العادة المتبعة لا الحكم الشرعي ـ يكون في حق الرجال فحسب. وهذا هو ما فهمه الإمام ابن عبد البر القرطبي حين عَرَّضَ بالذين قالوا إنه «سنة» لاعتمادهم تلك الرواية الضعيفة وبين أن الإجماع منعقد على ختان الرجال.
ولمثل هذا الفهم قال الإمام ابن المنذر «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سنة تتبع»[10]. وهو ما احتج به ـ مقرًا له ـ العلامة الشيخ محمد رشيد رضا في جواب سؤال نشره في مجلة المنار[11].
وقال الإمام الشوكانى: «ومع كون الحديث لا يصلح للاحتجاج به فهو لا حجة فيه على المطلوب لأن لفظة السنة في لسان الشارع أعم من السنة في اصطلاح الأصوليين... ولم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب والمتيقن السنة... وسائر خصال الفطرة ليست واجبة»[12].
وفى بعض ما نشر مؤخرا في مصر حول هذا الموضوع ذكر امرأة سموها (أم حبيبة) وذكر حديث لها في هذا الشأن مع النبي صلى الله عليه وسلم[13]. وهذا الحديث لا يوجد في كتب السنة وليس هناك ذكر فيها، ولا في كتب تراجم الصحابة، لامرأة بهذا الاسم كانت تقوم بهذا العمل. فكلامهم هذا لا حجة فيه، بل لا أصل له.
وقد احتجوا بحديث روي عن عبد الله بن عمر فيه خطاب لنساء الأنصار يأمرهن بالختان. وهو حديث ضعيف كما في المصدر الذي نقلوه منه نفسه[14]. فلا حجة لأحد في هذا الأمر المزعوم كذلك.
وفى السنة الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها ـ مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وموقوفا على عائشة ـ حديث يروى بألفاظ متقاربة تفيد أنه: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»[15].
وموضع الشاهد هنا قوله صلى الله عليه وسلم: «الختانان» إذ فيه تصريح بموضع ختان الرجل والمرأة، مما قد يراه بعض الناس حجة على مشروعية ختان النساء.
ولا حجة في هذا الحديث الصحيح. لأن اللفظ هنا جاء من باب تسمية الشيئين أو الشخصين أو الأمرين باسم الأشهر منهما، أو باسم أحدهما على سبيل التغليب. ومن ذلك كلمات كثيرة في صحيح اللغة العربية منها العمران (أبو بكر وعمر)، والقمران (الشمس والقمر) والنيران (هما أيضا، وليس في القمر نور بل انعكاس نور الشمس عليه) والعشاءان (المغرب والعشاء) والظهران (الظهر والعصر)، والعرب تغلب الأقوى والأقدر في التثنية عادة ولذلك قالوا للوالدين: (الأبوان) وهما أب وأم. وقد يغلبون الأخف نطقا كما في العمرين (لأبى بكر وعمر) أو الأعظم شأنا كما في قوله تعالى: «وما يستوي البحران هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج» فالأول النهر والثاني البحر الحقيقي، وقد يغلبون الأنثى في هذه التثنية ومن ذلك قولهم: (المروتان) يريدون جبلي الصفا والمروة في مكة المكرمة. وكل ذلك مشهور معروف عند أهل العلم بلسان العرب[16].
فلفظ (الختانين) في هذا الحديث الصحيح لا دلالة فيه على مشروعية ختان الإناث، حيث إنه لم يرد إلا على سبيل التثنية التي تغلب الأقوى، أي الرجل، على المرأة. والحديث وارد في أمر الغسل وما يوجبه، وليس في شأن الختان أصلاً. والحديث، بعد ذلك، مؤول عند العلماء كافة، فهم لا يوجبون الغسل بمجرد التقاء الختانين، وإنما بالإيلاج[17].
وقد اعترض العلامة الشيخ القرضاوي على هذا التأويل بحديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه مسلم في صحيحه وفيه: «.... ومس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل»، فقال: «فلم يجئ بلفظ التثنية»[18]. وهذا الاعتراض لا يغير من الأمر شيئًا فإن الحديث في موجب الغسل لا في وجوب الختان ولا جوازه. ومعنى «مس الختان الختان» وقوع الجماع التام كما في شرح النووي على صحيح مسلم[19]. والغسل يجب به ولو لم يكونا مختونين[20] والاستدلال بعدم التثنية يكون له وجه لو أننا تأكدنا أن الرواية؛ باللفظ النبوي لا بالمعنى، وهو أمر لا يمكن التيقن منه مع إجازة الأئمة الرواية بالمعنى.
ويحتج بعض مؤيدي ختان الإناث بحديث:
«الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الاختتان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط»[21]. وعن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها وغيرها من الصحابة ـ في خصال الفطرة أنها عشر خصال، منها قص الشارب، وإعفاء اللحية.
والصحيح أن هذا الحديث الصحيح لا حجة فيه على ختان الإناث، حيث إن قص الشارب وإعفاء اللحية خاص بالذكور دون الإناث، وأصل الحديث في شأن الفطرة هو ما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أن إبراهيم عليه السلام كان أول من اختتن، وعلى هذا إجماع العلماء، كما نقله ابن عبد البر في التمهيد، وقال: إنه من مؤكدات سنن المرسلين التي لا يسع تركها في الرجال وهو نفسه الذي أنكر صحة ختان الإناث، كما أسلفنا.
فلا يجوز أن يقال إن ختان الإناث من أمور الفطرة أو من خصالها وفقا لما جاء في بعض الأحاديث، ذلك أن الختان الذي يعد من قبيل خصال الفطرة إنما هو ختان الذكور وهو الذي يسمى ختاناً في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء، أما ختان الإناث فإنه يسمى ختاناً على سبيل المجاز وليس على سبيل الحقيقة، وأن حقيقة مسماه أنه «خفاض»[22]. ولا يحتج هنا ـ كما يفعل بعضهم ـ بقاعدة «الأصل في الأشياء الإباحة» لأن هذه القاعدة الفقهية الصحيحة يقصد بها إباحة استعمال الأشياء التي خلقها الله لنا مثل المياه والأشجار وموارد الأرض المختلفة. أما ما يمس جسد الإنسان وماله وعرضه وسمعته فالأصل فيها التحريم وليس الإباحة. ولذلك يعتبر الاعتداء على الأموال والتعرض لسمعة الناس بالتشويه والتجريح، وانتهاك الأجساد بالضرب أو الجرح أو القطع من الجرائم التي تعاقب عليها الشريعة الإسلامية عقابا شديداً رادعاً. وختان الإناث هو تعرض لجسد فتاة صغيرة بالجرح والقطع فلا يجوز أن نقول إنه من الأشياء المباحة بل هو من المحظور والمجرَّم شرعا وقانونا والقاعدة الشرعية المتفق عليها أن الأصل في الدماء والأموال والأعراض التحريم، لا الإباحة.
وهكذا يتبين أن السنة الصحيحة لا حجة فيها على مشروعية ختان الأنثى. وأن ما يحتج به من أحاديث الختان للإناث كلها ضعيفة لا يستفاد منها حكم شرعي. والصحيح منها ليس نصًا في المسألة ولا يصلح دليلاً على المشروعية. وأن الأمر لا يعدو أن يكون عادة من العادات ترك الإسلام للزمن ولتقدم العلم الطبي أمر تهذيبها أو إبطالها.
وبقي أن نُذِّكرَ الداعين إلى ختان الإناث، والظانين أنه من الشرع، أن هذا الختان الذي نتحدث عنه ليس معنىً مجردًا نظريًا يجوز أن يتجادل فيه الناس حول الصحة والفساد العقليين، وإنما هو عادة سائدة تدل الإحصاءات المصرية المنشورة على أن 95% من الإناث المصريات تجرى لهن عملية الختان[23]. وهى تجرى بإحدى صور ثلاث كلها تخالف ما يدعو المؤيدون لختان الإناث إلى اتباعه فيها.
وبجميع الصور التي يجرى بها الختان للإناث في مصر فإنه يقع تحت مسمى «النهك» الذي ورد في نص الحديث الضعيف، أي إنه لا فائدة من الاحتجاج بما يحتجون به من هذا الحديث لأن العمل لا يجري على وفقه، بل يجري على خلافه.
والختان الذي يجري في مصر، بصوره الثلاث، عدوان على الجسم يقع تحت طائلة التجريم المقرر في قانون العقوبات[24].
والمسؤولية الجنائية والمدنية عن هذا الفعل يستوي فيها الأطباء وغير الأطباء لأن الجهاز التناسلي للأنثى في شكله الطبيعي الذي خلقه الله تعالى عليه ليس مرضا، ولا هو سبب لمرض، ولا يسبب ألمًا من أي نوع يستدعي تدخلا جراحيا، ومن هنا فإن المساس الجراحي بهذا الجهاز الفطري الحساس على أية صورة كان الختان عليها لا يعد ـ في صحيح القانون ـ علاجا لمرض أو كشفًا عن داء أو تخفيفًا لألم قائم أو منعًا لألم متوقع، مما تباح الجراحة بسببه، فيكون الإجراء الجراحي المذكور غير مباح وواقعًا تحت طائلة التجريم[25].
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تغيير خلق الله، وصح عنه لعن «المغيِّرات خلق الله»[26]، والقرآن الكريم جعل من المعاصي قطع بعض الأعضاء ولو من الحيوان، بل هو مما توعد الشيطان أن يُضِلَّ به بني آدم في أنعامهم وقرنه بتغيير خلق الله، فقال تعالى عن الشيطان: {لعنه الله وقال لأتخذَّن من عبادك نصيبا مفروضا. ولأضلَّنهم ولأمنَّيَنَهم ولآمرنَّهم فليُبَتَّكُن آذان الأنعام ولآمرنَّهم فليغيرُّن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا}. [النساء 118 ـ 119، والتبتيك: التقطيع].
والختان بصوره التي يجري بها في مصر، وفى أجزاء أخرى من العالم الإسلامي، فيه من تغيير خلق الله ومن قطع بعض أعضاء الإنسان المعصومة ما لا يخفى. وإذا كان هذا في الحيوان من إضلال الشيطان فكيف يكون في حق الإنسان؟؟
ومن المعلوم للكافة أن هذا الموضع الذي يجرى فيه الختان هو أحد المواضع شديدة الحساسية للاستثارة الجنسية، وأنه يتوقف على كيفية ملامسته إرواء المرأة من متعة التواصل الواجب مع الزوج أو حرمانها منها، وعلى اكتمال الشعور بهذا الإرواء يتوقف إحساس المرأة بالإشباع العاطفي، وهو يكتمل باكتماله وينقص بقدر نقصانه، وكل مساس جراحي بهذا الجزء من الجسم ينتقص ـ بلا خلاف ـ من شعور المرأة بهذين الأمرين. وهذا عدوان صريح على حقها المشروع في المتعة بالصلة الحميمة بينها وبين زوجها، وفى السلام النفسي المترتب على استيفائها لهذا الحق. وقد خلق الله أعضاء كل إنسان على صورة خاصة به غير متكررة بتفصيلاتها في غيره، وهو أعلم بما خلق ومن خلق، ولم يكن صنعه في أحد من خلقه عبثا أو غفلة حتى تأتى الخافضة، برأي هؤلاء الداعين إلى ختان الإناث، فتصححه. إنما جعلت أعضاء كل إنسان لتؤدى وظائفها له على أكمل نحو وأمثله، وحرمانه من ثمرات بعض هذه الوظائف عدوان عليه بلا شك.
والذين يدعون إلى استمرار ختان الأنثى يتجاهلون هذه الحقيقة ويؤذون النساء بذلك أشد الإيذاء. وهو إيذاء غير مشروع، والضرر المترتب عليه لا يمكن جبره، والألم النفسي الواقع بالمرأة بسببه لا يستطيع أحد تعويضها عنه.
وإذا كان الختان ليس مطلوبا للأنثى، ولا يقوم دليل واحد من أدلة الشرع على وجوبه ولا على كونه سنة، فبقى أنه ضرر محض لا نفع فيه. وليس كما يزعم الداعون إليه أنه «يهذب كثيرًا من إثارة الجنس، لاسيما في سن المراهقة ....... » إلى أن قالوا «وهذا أمر قد يصوره لنا، ويحذر من آثاره ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة التي لا تخفى على أحد فلو لم تختن الفتيات .... لتعرضن لمثيرات عديدة تؤدي بهن مع موجبات أخرى تزخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه إلى الانحراف والفساد»[27]. انتهى كلامهم.
أقول إن الأمر ليس كما يزعمون، لأن موضع الختان لا تتحقق الإثارة الجنسية فيه إلا باللمس الخاص المباشر الذي لا يقع قطعا في حالات التداخل والتزاحم ومجالات الملاصقة (التي أظهرها وسائل المواصلات العامة) التي يتحدثون عنها. وهذه المجالات يجري فيها تلامس غير جائز بين الرجال والنساء في أجزاء شتى من الجسم البشرى، فهل نعالج هذه الحالات بقطع هذه الأجزاء من أجسام الناس جميعا؟؟
ومعلوم أن كل عفيف وكل صائنة نفسها يكونان في غاية الألم والأسى إذا وقع شيء من ذلك، وهو يقع عادة دون قصد أو تعمد. ومع هذه الحال النفسية ـ التي يكون فيها الأسوياء من الناس نساء ورجالا تعساء آسفين مستغرقين حياء وخجلا ـ لا تقع استثارة جنسية أصلا، لأن مراكز الإحساس في المخ تكون معنية بشأن آخر غير هذا الشأن الذي لا يكون إلا في طمأنينة تامة وراحة كاملة واستعداد راض، اللهم إلا عند المرضى والشواذ وهم لا حكم لهم.
إن العفة والصون المطلوبان للنساء والرجال على سواء هما العاصم مما لا يحمد من نتائج اللقاء المتقارب بين النساء والرجال. والتربية على الخلق القويم هي الحائل الحقيقي بين هذا اللقاء وبين إحداث آثار ممنوعة شرعا مستهجنة خلقا. أما ما يدعون إليه من ختان الإناث فلا فائدة فيه، بل هو ضار ضررا محضا كما بينا.
ومن واجب الدولة في مصر، وفى غيرها من البلاد الإسلامية التي تشيع فيها هذه العادة السيئة، إصدار التشريع المانع لممارستها، لاسيما على الوجه الذي تمارس به الآن، ولا يجوز أن يمنع من ذلك جمود بعض الجامدين على ما ورثوه من آراء السابقين، فقد نص الفقهاء على أن في قطع الشفرين (وهما اللحمان المحيطان بموضع الجماع) الدية الكاملة، والدية عقوبة لمن يدفعها وتعويض لمن يستحقها، وعللوا ذلك بأنه بهذين الشفرين «يقع الالتذاذ بالجماع». فكل فوات لهذا الالتذاذ أو بعض منه يوجب هذه العقوبة التعويضية ومنع سببه جائز قطعا، بل هو أولى من انتظار وقوعه ثم محاولة تعليله أو تحليله[28].
وهكذا يتبين حكم الشرع في ختان الأنثى: أنه لا واجب ولا سنة، ولم يدل على واحد منهما دليل، وليس مكرمة أيضا لضعف جميع الأحاديث الواردة فيه. بل هو عادة، وهى عادة ليست عامة في كل بلاد الإسلام بل هي خاصة ببعضها دون بعض. وهى عادة ضارة ضررا محضا لا يجوز إيقاعه بإنسان دون سبب مشروع، وهو ضرر لا يعوض لاسيما النفسي منه. وقد أوجب الفقهاء إذا فاتت بسببه ـ أو بسبب الحيف فيه على ما يجري الآن في بلادنا في جميع حالات الختان ـ متعة المرأة بلقاء الرجل، أوجب الفقهاء فيه القصاص أو الدية. ومثل هذا يدخل في باب الجرائم المحظورة لا في باب المباحات، فضلا عن السنن أو المندوبات.
فليتق الله أولئك الذين يسوغون ما لا يسوغ، وينسبون إلى الشرع ما ليس منه. وليذكروا وصية الرسول بالنساء: «استوصوا بالنساء خيرا»[29]. وليضعوا أنفسهم موضع هؤلاء المسكينات اللاتي حرمن بهذا الختان، الذي لم يرد به شرع، متعة لو حرمها هؤلاء الرجال ما عوضهم عنها شيء قط!!
والحق أن الختان شأن طبي بحت، حكمه الشرعي يتبع حكم الأطباء عليه، وما يقوله الأطباء فيه ملزم للناس جميعًا، ولا يرد عليهم بقولة فقيه ولا محدث ولا مفسر ولا داعية ولا طالب علم. فإذا تبين من قول الأطباء العدول الثقات أنه ضار ضررًا محضًا وجب منعه إنفاذًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»[30].
ولا يرد على ذلك بأن الختان عادة قديمة جرى بها العرف، والعرف من مصادر التشريع فيجب الأخذ به في إباحته، ذلك لأن العرف الذي يعتد به يجب ألا يكون مصادمًا لنص شرعي[31]. والختان مصادم لنصوص تحريم الجرح وقطع الأعضاء والإضرار بالناس، فلا يبيحه جريان العمل به مهما طال زمنه، لأن استعمال الناس ـ أي عادتهم ـ ليس حجة فيما يخالف النصوص الشرعية[32]. ولا يجوز الاعتداد في مواجهة هذا كله برأي فقيه أو مذهب فقهي بعد ما تبين أنه ليس له من أصول الشريعة سند يقوم عليه.
وقد نشرت بعض الصحف المصرية مؤخرًا أن دار الإفتاء تبحث إصدار فتوى تتضمن تحريم ختان الإناث. ولو فعلت دار الإفتاء ذلك فإنها تكون قد أسدت خدمة عظيمة لصحيح الفقه، وأسهمت في الإعلام بالحكم الإسلامي الصحيح في هذه العادة القبيحة.
والله تعالى أعلم.
(*) الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
[1] وهذا الحديث رواه الحاكم والبيهقى وأبو داود بألفاظ متقاربة، وكلهم رووه بأسانيد ضعيفة كما بين ذلك الحافظ زين الدين العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين للغزالي (1/148).
[2] سنن أبى داود مع شرحها عون المعبود، 14/125-126
[3] المرجع السابق.
[4] نقلا باختصار عن العلامة الشيخ محمد بن لطفي الصباغ في: الحكم الشرعي في الختان، منظمة الصحة العالمية، الإسكندرية، 1994 ص9
[5] يعني الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله، الذي صححه في: صحيح الجامع الصغير برقم 7475.
[6] عون المعبود، ج14 ص 126
[7] 1/33 من طبعة دار الفكر بيروت 1977. وقد حذف الناشر المصري ـ سامحه الله ـ هذه العبارة من الطبعة الصادرة بعد وفاة المؤلف(!)
[8] ابن حجر، تلخيص الحبير، ط حسن عباس قطب، مؤسسة قرطبة بالقاهرة، الطبعة الثانية 2006، جـ4 ص 162.
[9] التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، 21/59.
[10] نقله عنه:شمس الحق العظيم آبادى في شرحه لسنن أبى داود، جـ14، ص126
[11] مجلة المنار، العدد رقم (7)، المحرم 1322هـ = مارس 1904 ص 617-618.
[12] نيل الأوطار، جـ 1، ص139.
[13] الختان، للشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر السابق رحمه الله، ملحق مجلة الأزهر عدد جمادى الأولى 1415هـ = 1994 ص 12 وص 16. وقد كان الشيخ رحمه الله من أعلام الرجال خلقًا وكرامة ومحافظة على هيبة الأزهر ورجاله ومكانة العلم والعلماء، رجاعًا إلى الحق، مؤثرًا له على هواه وعلى ما سواه من عرض الدنيا وزينتها.
[14] نيل الأوطار للشوكانى، ج1،ص139 حيث يقول: في إسناد أبى نعيم ـ أحد مخرَّجيه ـ مندل بن علي وهو ضعيف، وفى إسناد ابن عدي خالد بن عمرو القرشي وهو أضعف من مندل!
[15] روى هذا الحديث مسلم في صحيحه ومالك في الموطأ، والترمذى وابن ماجة في سننهما وغيرهم من أصحاب مدونات الحديث النبوي.
[16] من المراجع المشهورة بين أيدي الطلاب في هذا المعنى: النحو الوافي لعباس حسن، 1/118 ـ 119.
[17] ابن قدامة، المغني، جـ 1 ص 271 من طبعة التركي والحلو، القاهرة، 1986.
[18] ورقة قدمها إلى مؤتمر (حظر انتهاك جسد المرأة) الذي عقدته دار الإفتاء المصرية بالمشاركة مع الاتحاد العالمي في ألمانيا في ذي القعدة 1427هـ = نوفمبر 2006م، ص 6.
[19] النووي على مسلم، جـ 4 ص 42، المطبعة المصرية ومكتبتها، القاهرة (د.ت).
[20] ابن قدامة، المغني، الموضع السابق، وفيه: «ولو مس الختان الختان من غير إيلاج فلا غسل بالاتفاق».
[21] رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة؛ البخاري رقم 5889؛ ومسلم رقم 257
[22] ولعله لهذا لم يورده الدكتور القرضاوي، ضمن الأدلة التي يستند إليها القائلون بختان الإناث، في ورقته سالفة الذكر؛ وإن أشار إلى أنه من سنن الفطرة في الذكور والإناث في كتابه: فقه الطهارة ص 131، مكتبة وهبة بالقاهرة 2002. والصحيح ما قلناه في المبتدأ من أنه ليس من سنن الفطرة للنساء.
[23] حقائق علمية حول ختان الإناث، الجمعية المصرية للوقاية من الممارسات الضارة بصحة المرأة والطفل، ص 11، ط 1993.
[24] ختان الأنثى في ضوء قواعد المسؤولية الجنائية والمدنية في القانون المصري، للمستشار صلاح عويس، نائب رئيس محكمة النقض.
[25] المصدر السابق، ص9.
[26] متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر، البخاري برقم 4886، ومسلم برقم 2125.
[27] الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، رحمه الله، المصدر السابق ص 18. والغريب أن ينسب هذا الكلام إلى (الأطباء!) وهم يقولون بخلافه، انظر: ختان الذكور والإناث، منظمة الصحة العالمية 1995.
[28] انظر المحلى لابن حزم الظاهري، 10/458، حيث نقل آراء الفقهاء في ذلك وخالفهم إلى إيجاب القصاص على المتعمد، ونفى الدية عن المخطئ، والمغني لابن قدامه، 12/158 و 11/546 حيث نقل رأيين أحدهما يجيز القصاص في قطع الشفرين، والثاني يكتفي بالدية لاعتبارات فنية تتصل بإجراء القصاص.
[29] رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، البخاري برقم 5186 ومسلم برقم 1468.
[30] رواه الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه عن ابن عباس، ورواه ابن ماجه أيضًا عن عبادة بن الصامت، وهو في صحيح الجامع برقم 7517.
[31] أستاذنا العلامة محمد مصطفى شلبي رحمه الله، أصول الفقه الإسلامي، بيروت 1974، ص 324. والفقه الإسلامي بين المثالية والواقعية، له أيضاً، ص 99 من ط بيروت 1982.
[32] العلامة الشيخ أحمد الزرقا، شرح القواعد الفقهية، ط2، 1989، ص 219. المصدر : الموقع الرسمي للدكتور محمد سليم العوَّا
05-22-2017, 08:55 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
الختان أو بتر الأعضاء التناسلية لِلإناث (Female Genital Mutilation-FGM) يشمل كل الإجراءات التى من شأنها أن تؤدى إلى إزالة جزئية أو كلية للِأعضاء الأُنثوية التناسلية الخارجية، أو أى نوع من التدخل الجراحى على الأعضاء التناسلية لِلأُنثى لِأغراض غير طبية (تعريف منظمة الصحة العالمية).
جغرافيا الختان:
تشير الدراسات إلى أنَّ ختان الإناث ظاهرة سابقة للمسيحية والإسلام وموطنها الأُم هى أفريقيا، وهى ظاهرة متمحورة على النيل (Nilo-centric) ، مُضاهية للحضارتين الكوشية والمصرية القديمة والمناطق المتأثرة بهما، وهى المنطقة الواقعة الآن بين البحر الأحمر والمحيط الهندى فى الشرق، والصحراء الليبية فى الغرب. وكذلك تشمل منطقة دول حوض النيل المُمْتدة من الشمال إلى الجنوب. (الرجاء النظر إلى الخريطة أدناه):
ومن هذه الخريطة يتضح أنَّ جميع الدول العربية (عدا مصر) لا تمارس الختان، وأنّ السعودية مهبط الإسلام لاتمارس الختان. فلماذا إذاً يصر المسلمون خارج الجزيرة العربية أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، ويضفون صفة الإسلام على عاداتهم البالية والقبيحة؟
يتبع ...
05-22-2017, 09:06 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
لم يُقر الإسلام ظاهرة ختان الإناث على الإطلاق كما رأينا بعاليه، ولم أعثر على إىِّ أثارةٍ من علم (عبر قراءة متواضعة غير نهائية) للديانة المسيحية تقر هذه الظاهرة وتدعمها. بل حتى الإفادات التى تشير إلى أن فرعون موسى أمر بختان الإناث لتكون ولادتهن على يد قابلات البلاط الفرعونى كى يتمكنَّ من قتل المواليد الذكور بعدما حذره الكهنة من مولودٍ ذكرٍ يكون زوال ملكه على يده (راجع: إفادات الأستاذ احمد طه المحامى)، لم تشر إلى ولادة الظاهرة بهذا الأمر الفرعونى. غير أنَّها على العكس تؤكد أنَّ الظاهرة راسخة (Well - established) رسوخ الجبال حتى قبل اليهودية، ولكن هذا الأمر الفرعونى البلاطى يؤطِّر لولادة الدسوسة والتنصت على ليالى الزفاف وحالات الولادة للإيقاع بالنساء غير المختنات واللائى يلدن سراً من دون قابلات.
هناك دراسات تتدحض زعمنا أعلاه لتشير إلى أنَّ الظاهرة تنسب لقدماء المصريين (الفراعنة) حيث وجدت إحدى المُوميات مختنة، كأول إشارة إلى حالات الختان التى عرفها العالم. وهذا الزعم يعتمد على إعتقاد فرعونى يقضى بأنَّ الروح قائمة على الإزدواج الجنسى. وبالتالى فإنَّ قدماء المصريين كانوا يؤمنون بضرورة إزالة ما هو أُنثوى من الأعضاء التناسلية بالنسبة للرجال، وإزالة ما هو ذكورى من الأعضاء التناسلية بالنسبة للنساء. وذلك بحسب معتقدهم ضرورى للصحة الجنسية وتطور الفرد (Paula I. Nielson Jan, 26, 2010). غير أنَّ هذا الزعم أيضاً قد تمَّ رفضه بواسطة المهتمين بالدراسات المصرية القديمة والذين انتهوا إلى أنَّ قدماء المصريين عرفوا ختان الرجال، لكن لم يثبت عنهم أنهم خَتَنوا نساءهم (راجع د. سامى الذيب فى هذا الشأن).
هناك إسطورة، أو خُرافة، أفريقية يردُّ إليها بعض علماء الأنثروبولوجيا أصل ختان الإناث، تقول بأنَّ المرأة لها قدرة على الإستمتاع الذاتى ولذلك وجب ختانها وإزالة عضو الإستمتاع الذاتى لكيما تبحث عن الرجال لتتزوج (د. خالد منتصر). وهذا الزعم الذى لم نجد له عزماً يشبه إلى حد كبير الإعتقاد الفرعونى بعاليه.
فمن أين جاءت ظاهرة ختان الإناث السابقة للإسلام والمسيحية واليهودية إذاً، والتى لم يقرَّها أىٌّ منها على الإطلاق، وحتى الفراعنة المصريون ها هم قد تنصلوا منها ، إذاً لمن يمكن أنْ تنتسب هذه الظاهرة البغيضة؟
توجد معلومات متفرقة، بأنَّ الأشوريين والسومريين قد عرفوا ختان الإناث (والعراق حسب الخريطة من الدول التى تمارس الختان). غير أنَّ الإفتراض الراجح فى هذا الأمر هو أنَّ الظاهرة تتماهى بشكل واسع مع جغرافيا الحضارة الكوشية القديمة (راجع الخريطة والحديث عن دولة كوش بعاليه)، مما يعنى أنَّ كوش (والتى هى أول دولة عظمى عبر- قطرية عرفها التاريخ) هى جذر الظاهرة ومنها تفرعت للسومريين والأشوريين والمصريين القدامى والعمق الأفريقى عبر علاقات التبادل المشترك حرباً وسلماً (وعلى فكرة المصريون الآن، يسمون ختان الإناث بالختان السودانى).
وهكذا تسوقنى المظان بأنَّ أصل الظاهرة وجيناتها ليست لها علاقة بالأديان والمعتقدات الإحيائية كما هو شائع، ولكنها ترجع إلى الكوشيين (Cu####es) وإلى أنظمتهم الإقتصادية والسوشيوسياسية كما سنرى لاحقاً.
يتبع ...
05-24-2017, 11:18 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
هناك بعض الكتابات التى تشير إلى أنَّه فى الحقبة الماترياركية (العهد الأمومى) كان الإخصاء عقوبة للرجال المارقين على القانون والختان عقوبةً للنساء المارقات عليه. وكذلك كانت الملكات تُخصى من يردن من الرجال ليقوموا على أمر الدولة بالشدة والمِنعة ولحمايتهن الخاصة. ولكن هذا الوضع أدى فيما بعد إلى ثورات الإقوياء من المستعبدين، الأمر الذى أدى إلى حدوث انقلاب فى النظام الأمومى وسيادة الباترياركية (النظام الأبوى/الذكورى). ومع ظهور هذا النظام الباترياركى الجديد استفحل ظهور ختان الإناث وتحول من مجرد عقوبة إلى نوع من السيطرة على، وتخطيط لجسد الأُنثى وفق النظام الباترياركى الذى مازال قائماً إلى يوم النَّاس هذا (أُنظر بروفسير إبراهيم الحيدرى فى هذا الشأن).
ومن هنا أجدنى أميل إلى أنَّ ختان الإناث فى حقيقته المطلقة بدأ كظاهرة صراعية وليس بدين ولا بثقافة، وإنَّما هو نوع من العقوبة للمرأة الخارجة على القانون وتحول إلى نوع من السيطرة على جسد الإنثى (Control of the Female body) منذ حدوث الإنقلاب على النظام الأُمومى (الماترياركية).
وللسيرورةِ أحكامها على البشر والطبيعة وحتى اللغة. فمثلاً، كلمة عصابة على عهد حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت كلمة إيجابية (إنْ تَهْلَكَ هذه العصابة، فلنْ تُعبَدَ فى الأرض). أما الآن، فإذا نُعِتَتْ جماعة بأنَّها عِصابة إشمأزَّ منها النَّاس واتَّقَوْا شرها. وقد يحدث العكس بالنسبة لهذا المثل.
وهذا ينطبق أيضاً على ظاهرة الختان. فعلى أيام الماترياركية، كانت النساء تسود العالم وتسيطر عليه وبالتالى فإنْ وُجِدتْ الظاهرة آنذاك، فإنَّها كانت بمثابة عقوبة (شئ سيئ)، ثمَّ تحولت فصارت نظاماً إجتماعياً بظهور الباترياركية، ثمَّ أنَّ النَّاس الآن (رجالاً ونساءاً) قد أدركوا خطورتها ووضعوها فى خانة العنف (العنف ضد المرأة والطفل) لعدم وجود أىِّ فائدة صحية لها.
يتبع ...
05-24-2017, 10:02 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
منذ ذلك التاريخ السحيق للدولة الكوشية، منذ أكثر من 10000 ألف سنة قبل الميلاد، مازالت هذه الظاهرة البشعة العَبْرِ - حِقبية تمارس فى الثمانية وعشرين دولة الظاهرة فى خريطة الختان أعلاه. وهى تتغذى عنوةً بالصراع الإجتماعى العالمى والقطرى، وبالجهل وبالجهل بالدين، وبالفقر والتخلف والتهميش، والثقافات البالية المرتبطة بقيم الإستعباد وسايكولوجية القهر. وإستمرارها إلى اليوم فى جميع صورها، يقدح وبشكلٍ مباشرٍ فى كلِّ قيم البشرية وطريقة تدينها ودعاويها للإستنارة وبخاصة الشعوب المُمارسة لهذه العادة الكريهة.
ومنذ ظهور الباترياركية، فأنَّ الأيديولوجيات الذكورية تحاول إضفاء صبغة دينية (يهودية، مسيحية، وإسلامية)، زوراً وبهتاناً، على الظاهرة إمعاناً فى السيطرة على جسد المرأة (الحيطة القصيرة) بعد أنْ فشلت فى خلق واقعٍ متوازنٍ ومعافى ينشأ فيه الفرد سوياً وصحيح البدن. وسوف يظل هذا المجتمع الباترياركى يمارس سيطرته على جسد المرأة بين كل المجتمعات (خاصةً الدول المعنية بالأمر) إلى أن يختفى الجهل وتسود الثقافات السوية، وكل ذلك يحدث بتطور البنيات الإقتصادية - الإجتماعية المتوازنة، وتطور بنية الوعى والإستيعاب الصحيح والعصرى للقيم الدينية سمحة المقاصد.
ومن الأشياء التى تجعل ختان الإناث يستمر فى الدول التى تشكل حاضناً ثقافياً للظاهرة، هى:
1- أنَّ الختان وثيق الإرتباط بمظاهر رسملة الزواج. فالرجال يدفعون بسخاء فى زيجاتهم نظير توقع العفَّة المستعقبة بالإنتشاء بفحولةٍ زائفة عند الإختراق (عبرنا خط بارليف)، وذلك لا يحدث إلاَّ بالسيطرة على جسد المرأة، إلاَّ بالختان، بحسب زعمهم.
2- وكذلك فإنَّ الحَجْبَ المتعمَّد من قبل الرجل للمعلومة المتعلقة بأضرار الختان تجعل الختان يستمر. فكثير من النساء الراغبات فى محاربة ختان الإناث لا يملكن المعلومة المتعلقة بفداحة الضرر المترتب عليه.
3- مما يساعد فى إستمرار الظاهرة، هو إمتناع الرجال عن الإرتباط بنساء غير مختنات ودفعهم الأموال الطائلة لتجهيز بناتهم للختان. ولعلَّ ذلك يرتبط إرتباطاً وثيقاً بضعف الثقافة الجنسية للرجال فى هذه المجتمعات.
4- ومن الأشياء التى تجعل الظاهرة تستمر هى أنَّ العقلية الذكورية فى البلدان المتقدمة التى تحتضن مهاجرين من الدول التى تشكل الحاضن الرئيس لظاهرة الختان، قد بدأت تؤثر حتى على المرأة الأوروبية فى الدول المتقدمة بإتجاه إجراء بعض الجراحات التجميلية، وبالتالى بدأ المهاجرون يتأثرون، إقتداءاً وتبعيةً، بما يُعرف وسط المشاهير فى أوروبا بتجميل الفرج (Designer Vagina). وهو بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية للختان واقعٌ تحت مسمياته الأربع كما سيجئ ذكره إن شاء الله.
إذاً، هذه العقلية الذكورية التى تعمل من وراء حجابها الليبرالى هى التى يجب أن تكون محطَّ استهدافِ أىِّ معالجةٍ لختان الإناث، إذا أردنا أنْ نضع حداً لتلك الصيرورة الأليمة.
مستمر ...
05-24-2017, 10:58 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
عملية تضييق المِهْبَل بعد الولادة (العدل) تُنبئ بأنَّ محاربة الختان تبدأ بتثقيف الرجل (مِنَ اللهْ على الحبوبات):
مدخل:
أورد صديقنا أبَّ - احمد بمنتديات الراكوبة أنَّ ابناً سأل والدته: "يا أمى أبوى عرَّسْ فوقك ليه؟ فأجابت: كايس الضِّيق الله يَضَيِّق عليهو فى الدنيا والآخرة".
كذلك أورد أبَّ احمد أنَّ والى سنار استخسر على فقراء السودان أن يُعطيَهم الزكاة ذُرة، "لأنَّ سعرها بمصنع الإيثانول (العرق) مرتفعٌ بشكلٍ جنونى (شكراً لحبيبتنا لبنى أحمد حسين)"، فأمر بتوزيع الزكاة طَلِحْ. لعلَّه كايس الضيق، "الله يضيِّق عليهو وعلى جماعتو فى الدنيا والآخرة، يا عَمْلاتْ (على قول) أهل الفصاحة".
يقولُ حفيد الجد المؤسس لِأَوَّلِ دولةٍ عظمى عرفتها الإنسانية - دولة كوش، وذلك منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد (وفى رواية سبعة آلاف سنة):
(إننى لا أكذب، ولا أعتدى على ملكية غيرى، ولا أرتكب الخطيئة، وقلبى ينفطر لمعاناة الفقراء، إننى لا أقتل شخصاً دون جرمٍ يستحق القتل، ولا أقبل رشوة لأداء عمل غير شرعى، ولا أدفع بخادم استجارنى إلى صاحبه، ولا أُعاشر إمرأة متزوجة ، ولا أنطقُ بحكم دون سند، ولا أنصب الشراك للطيور المقدسة "أو أقتلُ حيواناُ" مقدساً، إننى لا أعتدى على ممتلكات المعبد - الدولة، أُقدمُ العطايا للمعبد، أننى أُقدم الخبز للجياع، والماء للعطشى، والملبس للعُرى. أفعلُ هذا فى الحياة الدنيا وأسير فى طريق الخالق، مبتعداً عن كلِّ ما يغضب المعبود، لكى أرسم الطريق للأحفاد الذين يأتون من بعدى فى هذه الدنيا وإلى الذين يخلُفُونهم وإلى الأبد)*. _________
* خاليوت بن بعانخى - معبد البركل، منتدى البركل، الصفحة الرئيسية. _____
فيا تُرى امتناع حفيد الجد المؤسس عن معاشرة النساء المتزوجات كان بقصد التعفُّف، أم أنَّه لا يُبالى من معاشرة النساء غير المتزوجات باحثاً عن الضيق هو الآخر؛ لعل الامرَ قديم.
05-25-2017, 10:39 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
"قيل إن ثمامة بن أشرس قال للمهدي (إنَّ النساءَ شُقِقنَ شقَّاً ، وإنَّ هُشيمة نقبت نقباً). وهشيمة زوجة ثمامة، وهو هنا يشكو سوء حظه للمهدي!
ولما اشتكى سيدنا أنس بن مالك لعبد الملك بن مروان من سوء معاملة الحجّاج بن يوسف له، بعث عبد الملك برسالة إلى الحجاج جاء فيها ( يا ابن المستفرمةِ بعجْمِ الزبيب!) و ذلك أنهن كنَّ يجعلن عجم الزبيب (بذره) في فروجهنّ لتضيق!"
ومن عجبٍ، عزيزى أحمد طه، أنَّ زيت بذر الزبيب يُستخدم فى أوروبا لذات الغرض الآن.
إذاً، فالرجال عموماً وفى أىِّ مكان مهجَّسون بهذا التضييق، حتى فى أُوروبا المتحضرة. يكتبون ذلك بفحمِ العالم الأوَّل على الجدران، ويُضمنونه لغتهم الرثة، وتجده فى ميلِ بعضهم (البريطانيين مثالاً، وهم أصحاب بنيات جسمانية ضخمة) للزواج من الأسيويات فى الآونة الأخيرة (الكوريات، الفليبينيات، الصينيات، واليابانيات). وذلك بغرض استمراء خدمة الزوجة للزوج فى تلك المجتمعات (كنوع من الإستعباد كما قال لى أحد الأصدقاء البريطانيين)، وللتنعُّم بفروجٍ كوَدْعِ العَرَّافات (كايسين الضيق، الله يضيق عليهم فى الدنيا والآخرة زى ما مضيِّقِنَّها على دول العالم التالت).
ثانياً، مافيش حد أحسن من حد. فالنِّساء الأُوروبيات يستحسنَّ الرجال أصحاب الفيزيك الرياضى الفاره القوى، كلاعبى الركبى ولاعبى كرة القدم وغيرهم من الرياضيين. هذا الأمر جعل الرجال أصحاب الأعضاء التناسلية المتواضعة يلجئون إلى مسألة تضخيم الذكر ( وهى أيضاً بصارة مرفوضة).
ثالثاً، لعل الأمر، كما ذكرت، قديم. ولكن أعجبتنى معالجة حبيبنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر، وهذه المرة من وجهة نظر النساء، حينما أتت إحداهنَّ للرسول صلى الله عليه وسلم تطلب التطليق من الزوج الثانى لتعود للأول، لما رأت أنَّه صغير الذَّكر. وقد وصفت صِغر ذكره بطريقة جعلت الرسول صلى الله عليه وسلم يتبسَّم. فقال لها الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه، لن يحل لك زوجك الأول إلاَّ بعد أن يدخل بك الثانى (يذوق عسيلتك وتذوقين عسيلته).
الحديث يقول: (حدثنا أبو بكر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة: أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبتَّ طلاقي فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : تريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك).
رابعاً، إذاً فى الأمر متسع ومن السنة المحمدية أن تختار المرأة/الرجل الجهاز التناسلى الذى يناسبها/يناسبه (ت/يعرس وت/يطلِّق كيفما اتفق) دون اللجوء إلى تقطيع.
مستمر ...
05-26-2017, 08:42 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
حينما يتناول المصريون شأن السودان منذ قديم الأزمنة يتناولونه بكل عنصرية ودونية، حتى إن كان المتناول لشأننا من دعاة التنوير والغربنة كأمثال الشيخ العنصرى رفاعة الطهطاوى.
فالرجل حينما تم نفيه إلى السودان بواسطة خديوى مصر عام 1850 ميلادية (الغلاف الخارجى لهذا النفى ابتعاث لبناء مدارس ثانوية بالسودان) لمدة عامين لم يقم ببناء مدرسة واحدة، واكتفى بإقامة صالون أدبى ومن عجبٍ ذمَّ فيه أهل السودان بشكل عنصرى بغيض بالرغم من أنَّه هو شخصياً أسمر اللون وقصير القامة وألثغ اللسان (د. محمد سليمان: رفاعة الطهطاوى .. رؤية من قريب)؛ بل ولسانُهُ لزبٌ قذِع. يقول الرجل فى شأن المرأة المختنة وأهلنا فى السودان (من إفادة الأستاذ أحمد طه):
رعى الحنان عهدَ زمان مصر ** وأمطرَ ربعَها صوب العهاد رحلتُ بصفقة المغبون عنها ** وفضلي في سِواها في المزاد وما السودانُ قطُ مُقامُ مثلي ** ولا سَلماي فيه ولا سَعادي بها ريحُ السمومُ يشم منه ** زفيرَ لظى فلا يُطفيه وادي عواصفها صباحاً أو مساءً ** دواماً في اضطراب واطّراد ونصفُ القوم أكثره وحوشٌ ** وبعضُ القوم أشبهُ بالجماد فلا تعجبْ إذا طبخوا خليطا ** بمخّ العظم مَعْ صافي الرماد ولطخُ الدُّهْنِ في بَدنٍ وشعر ** كدهن الإبل من جَرب القراد ويُضربُ بالسياط الزوجُ حتى ** يُقال أخو ثَباتٍ في الجلاد ويرتق ما بزوجتهِ زماناً ** ويصعبُ فتقُ هذا الإنسداد وشرحُ الحال منه يضيقُ صَدري ** ولا يُحصيه طرسي أو مِدادي وضبطُ القول فالأخيارُ نُزْرُ ** وشرُ الناس منتشرُ الجراد ولولا البيضُ من عُرْبٍ لكانوا ** سواداً في سوادٍ في سواد!
* قوله (و يرتق ما بزوجته.......) إشارة لعادة الختان الفرعوني، و بعض الرجال يطلبون من القابلة أن (ترتق) قُبُل الزوجة كلياً حتى تعود كيوم دخل عليها أول مرّة، وهذه أنانية من الزوج ناهيك بها!
إنَ التعليم والتوعية هما الأساس الذى تبدأ منه محاربة الظاهرة. فتبادل المعلومات العلمية حول الختان وتمليكها لذوى الشأن مهم للغاية. وهذا ما حدا بى أنْ أعرض بعض معلومات عن الختان، تحصلت عليها بحكم مشاركتى فى بحث هو فى الأصل شراكة بين الأتحاد الأُوروبى وجامعة كوفنتِرى ومنظمة فورورد. وأهمية المعلومات تكمن فى أنَ مجتمع عينة البحث هو الجاليات السودانية والصومالية فى منطقة الإتحاد الأوروبى.
وإذا قبلنا (جدلاً) بأنَّ الرجال يستحسنون التضييق والنساء يفعلن ما يرضى أزواجَهُنَّ وكذلك الرجال يفعلون ما يرضى زوجاتهم بتضخيم أعضائهم التناسلية، فلماذا يتم على طريقة البصيرة أم - حمد، بتقطيع الجهاز التناسلى للمرأة (الحيطة القِصَيْرة، الإرث الذكورى الصراعى الإنتقامى المستمر) أو بتضخيم الذَّكَر كما يفعل بعض الأوروبيين؟ هل عجز الفكر الإنسانى عن ابتداع حل لهذه المعضلة إلاَّ باللجوء للتقطيع، وبتغيير خلق الله؟
إذاً، مسألة "العَدَلْ" هذى التى يلجأ إليها النساء والرجال أدلَّ دليل على أنَّ الختان ليس شأناً نسوياً محضاً، بل شأن أسرة. والدراسات الحديثة تستهدف الرجال والنساء على السواء. وذلك لأن الرجال (كما سيرد لاحقاً) شريك أصيل فى هذا الجرم.
وفى تقديرى المتواضع أيضاً، يجب أنْ نُبرهن للناس أنَّ الأمر ليس بِدِين. وتماسه مع الدِّين أمر تفترضه الفئة ذات الهيمنة، ترقع به عجزها عن خلق مجتمع معافى. وذلك البرهان لعلَّه يصرف المتعلم (الطبيب) عن ممارسته لتلك الجريمة بدعاوى دينية ربما. وفى تقديرى أنَّ الطبيب الذى يفعل ذلك ربما يكون على دراية بالمخاطر الطبية، ولكن ربما تعوزه الثقافة الجنسية أو أنه منجرف مع الحدس السلبى للظاهرة.
لم تكن الدول الغربية بأحسنِ حالاً من دول محور ختان الإناث، لكنَّها إجتازت مخاضها العسير فى كل شئ، مع بقاء النظام الأبوى وإن تمَّ تهذيبه وتشذيبه إلى حدٍ كبير. فالسيطرة على جسد المرأة مازالت قائمةً فى الدول الغربية إلى يوم النَّاس هذا وإنْ تحورتْ والتفَّتْ. وهى تتطور وتتحول وفق التطور والتحول الذى يطرأ على البنيات الأقتصادية - الإجتماعية للمجتمع الغربى وبنية وعيه. وأخر مظاهر ختان الإناث فى أُوروبا هو ما ذكر آنفاً بعملية تجميل الفرج عند المشاهير، وقد وُجِدَ أنَّها مدفوعة بواسطة بنية الوعى الذكورى، الرأسمالى. وكما سيرد لاحقاً سنرى كيف أنَّ بعض النسوة الغربيات قد تمَّ ختنهنَّ بدعاوى طبية غير مبررة علمياً، لأنَّهُنَّ رائدات لحركات ممانعة نسوية وغيرها.
فعبر التأريخ الغربى (الأُوروبى/الأمريكى)، نجد أنَّ السيطرة على جسد الأُنثى بواسطة الرجال ظل شاخصاً طِوال الوقت كما تحدثنا بروفسير روز ويَتز (Rose Weitz 2000) (وهذا ملخص لدراستها ). تقول روز بأنَّ السيطرة على جسد المرأة قد تم تقنينه منذ أول نظام قانونى مدون عرفه الغرب وهو ما يُعرف بقانون حَمورابى فى حوالى 1800 ق م. ذلك القانون، يقضى (والحديث لروز) "بأنَّ أجساد النساء حوزة من حوزات الرجال، وبالتالى فإنَّ الإغتصاب وفق قانون حمورابى هو نوع من جرائم الإعتداء على حيازة الغير. وعلى المغتصب أن يدفع غرامة للزوج أو للأب إن لم تكن الفتاة متزوجة نظير إتلاف ممتلكاته". ولعلَّ مقتضيات ذلك القانون قد دفعت بعض المجتمعات الغربية لعمل أقفال حديدية لفروج النساء. وهُنَّ الآن يتندرن حين ينزعنَ ملابسهن الداخلية (Knickers) فيقُلنَ "أريد أنْ أنزعَ قِفْلى"، إشارة إلى ذلك الواقع التاريخى المعروف.
لم تسلم المرأة من النظرة الدونية حتى من قِبَل فلاسفة اليونان الكبار فى القرن الرابع ق.م. فها هو الفيلسوف أرسطو يقضى بأنَّ "الذى يجعل الأجنَّةَ تصبح إناثاً هو قلة الحرارة التى تصيِّر الإنسان كاملاً". وبالتالى فإنَّ أرسطو يعتبر النساء "رجالٌ مسفوحين وممسوخين". وعلى هذا الهدى سار علماء اليونان الآخرون ومدَّدوه لينتهوا بالقول أنَّ عدم وجود الحرارة يجعل المرأة " أصغر، أحقر، أقلَّ ذكاءاً، الأضعف عاطفياً، المشتبه به أخلاقياً، وهى نتيجة لكلِّ ذلك تشكل مصدر خطر على الرجال". وعليك أن تلاحظ الإيحاء بضرورة وجود ذلك القفل.
وكدأب فلاسفة اليونان، فإنَّ فلاسفة العهود الأُولى للمسيحية إنْتَهَوْا إلى أنَّ "الضعف الإفتراضى لِأَخلاق النساء يشكل خطراً على الرجال إنْ جاؤوا تحت إمرتهنَّ. وهكذا، ولعدة قرون تالية، ظلَّ اللاهوتيون المسيحيون يرددون بأنَّ حواء إستسلمت لِإغراء الثعبان بسبب ضعفها الأمر الذى أنزلها من النعيم الإلهى. وذلك الضعف ناتج من طبيعة المرأة التى تجعلها أكثر عرضة للرغبة الجنسية والرغائب الجسدية الأُخرى التى تحجب عقلها وأخلاقها، ممَّا يجعلها خطراً ثابتاً على أرواح الرجال" (القفل يطل برأسه ثانيةً).
إستمر الإتهام المسيحى بالنسبة للمرأة، و"أنَّها أكثر عرضة لإغرات الشيطان حتى بين القرن الرابع عشر والثامن عشر. وقد نتج عن هذا الإتهام قتل آلاف النساء البريئات بتهمة إقترافهن السحر فى أوروبا وأمريكا" (القفل يتحول إلى محو من الوجود).
الأمر الآخر الذى لابد من الإشارة إليه هو أنه مع تجذر العبودية فى أمريكا الشمالية الكلونيالية بين القرن السابع عشر والقرن العشرين، فإنَّ كِلا القانون والعلماء إعتبرا أنَّ النساء الأَفروأمريكيات (وكذلك الرجال) ممتلكات أقلَّ من الإنسان. وبذلك إستحلَّوا فروجهن إغتصاباً، وقد عفاهم القانون من عقوبة الإغتصاب لأنهم بيض. وهكذا إستمرت هذه النظرة الدونية العنصرية للأفروأمريكيات حتى القرن العشرين متغذية بالأيديولوجيات التى تمجد الأبيض على غيره (القفل يتسع ويتحول إلى ملك يمين).
لم تقتصر النظرة الدونية للمرأة على النساء اللائى من أصل أفريقى فقط، بل تعدتهن إلى سواهن من النساء البيض. ففى عام 1769 قضى القانون الأنجليزى بأنَّ للزوج مطلق الحقوق والمسئوليات على جسد زوجته وحياتها، يضربها، يغتصبها (وإنْ شاء قفلها وذلك أضعف الإيمان)، وقد إستمر هذا الأمر إلى مدة قرنين من ذلك التاريخ. وفى أمريكا أيضاً، فإنَّ القانون الأمريكى المستمد من القانون الانجليزى قد إعتبر الأمريكية البيضاء والأفرأمريكية الحرة شبه ممتلكات للرجل، أما النساء العبيد فهنَّ ممتلكات للرجال (أستمرار اتساع ملك اليمين).
يُتبع ...
05-28-2017, 11:57 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
فى عام 1872م ذهب تشارلز داروِن، فى كتابه الرائد أصل الأنواع، مذهب أهل عصرِهِ فى ضعف الأفكار السائدة حول أنَّ المرأة بطبيعتها ناقصة وضعيفة ضعفاً كامناً فى نوعها. وبمقتضى نظريته فى التطور والنشوءُ، يرى داروِن بأنَّ الذكور الأصحاء، هم الذين يسعون وينجحون ويظفرون بالإفْعَال الجنسى، وإعادة الإنجاب/ التكاثر. وهم بذلك ينزعون باستمرار نحو الكمال. أما الأناث من الناحية الأُخرى، فهنَّ لا يتنافسن الرجال، وذلك بسبب ضعف الدافع الجنسى لديهُنَّ بحكم النقص الكامن فيهنَّ، ولا يمكنهُنَّ التطور نحو الكمال.
ويضيف داروِن قائلاً بأنَّ الضغط النفسى الملازم للإنجاب يحرم المرأة من الطاقة اللازمة للتطور البدنى والعقلى. ونتيجة لذلك تظل المرأة حبيسة مشاعر وعواطف حب تنشئة الأطفال، الإيثار، الطفولية، وتقل عندها قيم العدل والأخلاق (القفل).
هذه العواطف فى نظر دارون تجعل النساء يَمِلْنَ إلى خلق علاقات عاطفية رومانسية فيما بينهُنَّ. بيد أنَّ هذا النوع من العلاقات يجب أنْ يكون مع نوعٍ مغاير لنوعهنَّ. (وسوف نرى الأذى الجسيم المترتب على المرأة بسبب أخطاء الدارونية التى إنهارت ( وحقَّ لها أنْ تنهار) فى الشهر الماضى من عام 2011م).
ففى نهاية القرن التاسع عشر وأوّائل القرن العشرين، فإنَّ المعتقدات حول ضعف المرأة الجسدى والعقلى قد تم إستخدامها على نطاق واسع لتقييد حقوق المرأة فى التصويت، والحصول على التعليم، وفى شغل الوظائف المهنية. لقد زعم العديد من التربويين أنَّ التعليم العالى سوف يجعل المرأة فاترة ويستنزف جمالها وصحتها، ويُعيقُ النمو الكامل للأرحام، مما يؤدى إلى معاناة النساء أو موتهنَّ عند الولادة.
والأدهى والأمر، بأنَّ ذات الخبراء الذين يرْثون لحالِ ضعفِ المرأة الجسدى والعقلى للنساء البيض من الطبقتين الوسطى والعليا، قد أعلنوا قوة المرأة الجسدية (القوة العقلية لم تذكر هنا) للنساء الأكثر فقراً - سواء كنَّ من البيض وغير البيض - أُؤلئك اللائى يؤدين الأعمال اليدوية الشاقة فى الحقول والمصانع والمنازل ( وعليك أن تلاحظ الباترياركية المتبرجزة).
ففى الفترة ما بين العشرينات والثلاثينات (بل و حتى الخمسينات) من القرن المنصرم، فإنَّ النِّساء اللائى تمردنَ على تلك النظرة وأفلحن فى نيل حظ من التعليم وشغل الوظائف التى مكَّنتهنَّ من الإستقلال الإقتصادى والعيش بمفردهنَّ خارج مؤسسة الزواج، والإكتفاء بعلاقات رومانسية فيما بينهنَّ، بدأ ينعتهُنَّ المجتمع بأنَّهُنَّ مِثليات/مُساحِقات للنيل منهُنَّ.
هذا الإعتقاد جعل الأطباء، الذين يعالجون النساء المتمردات على هذه النظرة واللائى أصابهن الإكتئاب بسبب تحجيم أدوارهن وبسبب نظرة المجتمع لهُنَّ، يتدخلون جراحياً بإزالة مبايضهِنَّ، وأرحامِهنَّ، وأبظارِهنَّ بعمليات جراحية بالغة الخطورة.
يتبع ...
05-30-2017, 01:17 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
فى الفترة بين الخمسينات والثمانينات من القرن المنصرم لُوحظ أنَّ الأطباء (ومعظمهم من الذكور) يزدرون الأعضاء التناسلية للمرأة ويخافونها، وقد أستمر هذا الوضع حتى 1990s ولو بشكلٍ متناقص. ونتج عن ذلك أنَّ الأطباء الذكور لا يترددون فى إجراء عمليات جراحية على الجهاز التناسلى للمرأة لا مبرر لها على الإطلاق من الناحية الصحية والعلمية سوى تخطيط جسد الأُنثى وفق رؤى ذكورية. وكل ذلك وفق تعريف منظمة الصحة العالمية للختان يُعتبر ختاناً.
وبعد الكم المعتبر من الحقوق التى نالتها المرأة من سبعينات القرن الفائت إلى اليوم، فما زالت هناك رؤى إرتدادية ذكورية رأسمالية تعاود السيطرة على جسد وحياة المرأة وتخطيطهما وفق الهوى الباترياركى البرجوازى. فهذا الواقع الإرتدادى يجسِّد لنا المرأة المثالية الحجم فى المرأة النحيلة قوية العضلات. وهذا لا يحدث، وفق الرؤى الباترِيارك - رأسمالية، إلاَّ بإنفاق بعض الوقت والمال والطاقة العاطفية على جراحات التجميل والتخسيس وإتباع نظام غذائى محدد.
فالنظام الغذائى والتخسيس يُفترض فيهما أن يؤديان فى المحصلة لتضييق المِهبل، وإلاَّ (وآخر العلاج الكى) فلابد من الجراحة التجميلية (Designer Vagina). فبالله عليكم، فانظروا إلى هذا الخطاب البرجوازى الباترياركى الماكر الذى يسيطر على نسائنا من وراء ليبرالية زائفة.
فكلهم يبحث عن الضيق بتخطيط الجسد الأُنثوى جراحياً، فالله يضيق على هذا الفهم القاصر التمييزى بفتح كوةٍ للخير.
إستوصوا بحبيبات القسى خيراً.
يُتبع ...
05-30-2017, 10:56 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
بعض الحقائق المعاصرة عن ختان الإناث (بتصرف من منظمة الصحة العالمية):
* كما سبقت الإشارة من قبل، فإنَّ ختان الإناث يشمل كل الإجراءات التى من شأنها أنْ تُغيِّر عن قصد فى، أو تُصيب، الأجهزة التناسلية للأُنثى بجراحة لأغراض غير طبية.
* ختانُ الإناث لا تُقِرُّهُ الأديان، ولا توجد له أىُّ فائدة صحية أو جمالية، بل هو فى حقيقته تشويه لخلقِ الله.
* يقدر عدد النِّساء اللائى يعِشنَ بآثار تشويه لِأعضائهنَّ التناسلية بنحو 100 إلى 140 مليون.
* ختان الإناث عادةً ما يتم لفتيات فى الفئة العمرية من سن الرَّضَاعة إلى سن 15 سنة.
* نصيب أفريقيا من الفتيات اللائى تمَّ ختانهُنَّ من سن 10 فما فوق يُرواح الـ 92 مليون، جُلُّهُنَّ يتمحور على الحدود الكوشية القديمة.
* يُشكِّل الختان بمعايير الأمم المتحدة إنتهاكاً عالمياً لحقوق الإنسان بالنسبة للفتيات والنِّساء. وهو يعكس عدم المساواة العميق والمتجذر بين الجنسين، ويُعتبر شكلاً قبيحاً من أشكال التمييز ضد المرأة. ولما كان تطبيقُهُ يقع على القاصرين، فهو بذلك يُعتبر إنتهاكاً لحقوق الأطفال. وينتهك الختان حقوق الفرد فى السلامة الصحية والأمنية والجسدية، وينتهك حقوق الفرد فى عدم تعرضِهِ للتعذيب والمعاملة القاسية أو اللا-إنسانية أو المُهينة. وهو فى أبشع صوره ينتهك حقوق الفرد فى الحياة، حين ينتُج عنه الموت لأنَّه وأدٌ بطئ.
* عادةً ما يتم ختان الإناث بواسطة طَهَّارين تقليديين وبأدواة غير معقَّمة. ولا يوجد أىُّ عذر لطبيب يُمارس الختان، بل يجب فصلُهُ من الخدمة لأنَّه خائنٌ خاتنٌ لقَسَمِهِ، خائنٌ خاتنٌ لمِهْنتِهِ.
يتبع ...
05-30-2017, 11:05 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
عطفاً على تعريف الختان بعاليه، فهناك أربعة أنواع لختان الإناث بحسب منظمة الصحة العالمية، كلها محرمة صحياً فى العالم الأول، ومُجرِّمِة قانوناً. وعقوبتها فى بريطانيا لإىِّ شخص يشترك فيها بأىِّ درجة من الإشتراك هى 14 سنة سجن أو الغرامة الموازية، أو العقوبتان معاً (قانون الختان 2003).
1- أُولى عمليات الختان هى إستئصال البظر (Clitoridectomy)، ويحدث ذلك جزئياً أو كلياً، وفى حالات نادرة تُزال قلفة البظر فقط.
2- هناك إستئصال (Excision) آخر يشمل البظر والشفرين الصغيرين مع أو بدون الشفرين الكبيرين.
3- الختان الفرعونى (Infibulation) ذلك الذى لا يُبقى ولا يذر، نسأل الله السلامة.
4- أُخرى (Other)، وتدرج تحتها منظمة الصحة العالمية كل ما يمتد للجهاز التناسلى لِلأُنثى بالجراحة لغير الأغراض الطبية. ويندرج تحت هذه المجموعة ما يُعرف فى السودان (بحسب الجمعية السودانية لمكافحة العادات الضارة) بالساندوتش، إلِزابث، والعدل، إلخ.
يتبع ...
05-31-2017, 07:38 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
من الحقائق التى لا لبس فيها هى أنَّ أعلى معدلات وفيات الأُمهات والأطفال الرضع، تقع فى الدول التى تزاول ختان الإناث. وعلى الرغم من أنَّ العدد الفعلى للفتيات اللائى يمتن جراء الختان غير معروف على وجه الدقة، فإنَّ ثمة مناطق، كما فى السودان، حيث لا تتوفر المضادات الحيوية، يصل وفيات البنات اللائى يمتن من تأثير الختان إلى ثلث البنات اللائى خُتِنَّ.
تشير بعض الدراسات المتحفظة، إلى وجود أكثر مليون إمرأة فى أفريقيا الوسطى، مصر، وإرتيريا (وهى البلدان الوحيدة التى وجدت فيها مثل هذه المعلومات) قد عانين بالفعل من آثار ختان الإناث. ربع النِّساء اللائى أجرين الختان فى أفريقيا الوسطى، وخُمس النساء المختونات فى إريتيريا أعلنَّ عن مشاكل صحية مترتبة على الختان. لقد وجد أنَّ 20 إمرأة فى المناطق فقيرة التزوُّد بالمعدات الطبية يصلن إلى حالة طوارئ دون أن يتلقين أى نوع من العلاج. وقد وجد أنَّ الأطفال الذين يصلون إلى حالات النزيف والإلتهابات الحادة، قد يموتون خلال 21 ساعة (Source at request).
أولاً، الآثار الآنية للختان:
1- الألم الشديد والنزيف أثناء وبعد عمليات التقطيع. فقد وجد فى سيراليون 1985 أنَّ ما يقرب حوالى 97% من عينة تتكون من 269 إمرأة قد تعرضن لِألم شديد أثناء وبعد الختان، وأكثر من 13% قد دخلن فى غيبوبة.
2- النزيف الحاد قد يؤدى إلى أنيميا حادة.
3- إلتهاب الجروح وبما يعنى إنتشار التِيتانوس. ففى دراسة أُجريت بسيراليون، وجد أنَّ فى كلِّ 100 إمرأة، تتوفى إحداهن و12 يحتجن إلى علاج سريرى بالمستشفى. 10 منهن وجد أنَّهنَّ يُعانين من حالات نزيف، و5 يُعانين التِيتانوس، والتيتانوس من الأمراض التى تؤدى إلى القتل بنسبة %50 – 60% من الحالات.
4- هناك ضرر يلحق بالأنسجة الحيوية نتيجة إستخدام أدوات حادة من قِبَل أشخاص غير متخصصين. وَوِفقاً لدراسة عُملت فى السودان عام 1993 وجد أنَّ ذلك يحدث كل 0.3% من الزمن.
5- عمليات إحتباس البول، بسبب تورُّم أو إنسداد الإحليل (فتحة البول) (Source at request).
الآثار بعيدة المدى لختان الإناث:
1- تشير كلُّ الدراسات بأنَّ الختان يكون مصحوباً بطمث مؤلم أو ربما بإحتباس الطمث. ففى دراسة أُجريت على مجموعة من النساء الصوماليات بمدينة بيدبا، وُجِدَ أنَّ 55.4% من النِّساء اللاَّئى تمَّ إستطلاعهنَّ يعانين من دورة غير طبيعية.
2- الختان يؤدى إلى إلتهابات المسالك البولية المتكررة. ففى دراسة عملت على بعض النساء السودانيات اللاَّئى أُجريتْ لهنَّ عمليات جراحية بسسب إلتهاب المسالك البولية، وجد أنَّ 16.4% من حالات الإلتهاب هى بسبب الختان.
3- الختان، ولأنه يتم بواسطة أُناس لسيت لهم خبرة جراحية من أى نوع سوى تجاربهم الخرقاء، فكثيراً ما يكون مصحوباً بالدمامل، الخرَّاجات الجلدية، وتصلُّب مناطق الخياطة وإلتهاب البظر عند القليلات المحظوظات اللاَّئى تُرك لهنَّ بظر. وعليك أنْ تتخيل أنَّ كل ما ذكر أعلاه قد يؤدى إلى إزالة عملية الختان حتى قبل أن تتزوج الفتاة. وعندها تكون الفتاة فى تنازع أتُزيل الختان لكى تنجو من الموت، أمْ تموت شريفة، أو ربما كان عليها أنْ تنتظر بين الموت والحياة كى تحصل على فُتية من خطيبها.
وهذا ما حصل بالضبط لفتاة بمستشفى بحرى فى النصف الأول من الثمانينات من الألفية الفائتة، حيث كنا (مع نفرٍ كريم) نتناوب مرافقة أب عزيز علينا. فحينها أفادنا الصديق أيوب مصطفى أن الطبيب أعطى شقيق الفتاة مهلة 45 دقيقة ليتصل بخطيب الفتاة المغترب، ليستفتيه فى الأمر. وكان ذلك هو الزمن المتبقى للفتاة أن تبقى على قيد الحياة من حالة التسمم التى أصابتها بسبب إحتباس البول والدورة. ولما فشل فى الإتصال على تلك الايام، تدخل الطبيب مِهنياً وأخلاقياً لينقذ الفتاة (وهو بعد ليس بجراح)، وأعطى شقيقها شهادة إبراء ذمة من ال################ة ممهورة بتوقيعه وختم المستشفى بأنه هو الذى قام بذلك، أى بمبضعِ الطبيب وليس بشئٍ آخر.
4- الختان يؤدى إلى زيادة خطر إعتلال الأمهات والاطفال، وإلى زيادة خطر الوفيات بسبب الولادة المتعسرة. فالنِّساء اللَّواتى خضعن للختان أكثر عرضة، بمقدار الضعف، للوفاة أثناء الولادة. وهنَّ كذلك أكثر عرضة لولادة أطفال ميِّتين بالمقارنة بالنَّساء غير المختونات. فالشاهد أنَّ إعاقة الطلق جراء الختان، قد تؤدى إلى تلف بدماغ الطفل حديث الولادة، وإلى مضاعفات بالنسبة للأُم (كنشوء الناسور، وهو تصدع غير متوقع فى الحالات الطبيعية بين المهبل والمثناة، أو بين المهبل والمستقيم والتى يمكن أن تؤدى إلى سلس البول، أى التبوُّل اللاَّ - إرادى).
وللتدليل على ذلك فإنَّ 30 من 33 إمرأة تعرضن للختان فى مستشفى بنادر بالصومال عام 1988م فقد كنَّ فى حوجة لبضع العجان لتسهيل ولادة أطفالهنَّ، وطلق المرحلة الثانية عندهنَّ كان خمسة أضعاف طوله فى حالة النِّساء غير المختونات، وتوفى 5 من أطفالهنَّ، و 21 منهنَّ تعرضن لحالات نقص الأوكسجين بسبب الطلق المعاق بعملية الختان.
5- الختان قد يتسبب فى العقم. فلقد وجد فى السودان أنَّ 20-25 من حالات العقم هى بسبب تعقيدات متعلقة بالختان.
6- بعض البحوث تصف ترواح الحالات النفسية المترتبة على الختان بين القلق والإكتئاب الشديد والأمراض النفسية المستفحلة. وبعض الإناث يتعرضن لتغييرات سلوكية بعد الختان، خاصةً بعد سن الرشد.
7- ختان الإناث قد يؤدى إلى زيادة خطر العدوى بنقص المناعة الطبيعية (الأيدز) جراء إستخدام أدوات غير معقمة على عدد من الفتيات فى وقت واحد، ويزيد من إنتشاره وإنتشار أمراض أُخرى معدية.
8- ختان الإناث يعيق التمتُّع الجنسى عند المرأة جراء تأخير أو عرقلة الإستثارة الجنسية، وذلك بسبب تدمير الكثير أو كل النهايات العصبية بالفرج، والتمزيق، وفقدان مرونة الجلد، والتورم العصبى (ورم أو كتلة من تنامى العصب) يمكن أن يؤدى إلى جماع مؤلم. ففى عام 1993 فإنَّ ثمة دراسة سودانية وجدت أنَّ 5.5% من النساء اللآئى تمَّ إستفسارهنَّ قد قُلن أنَّهنَّ يُمارسن الجنس مع أزواجهِنَّ بألم شديد، 9.3% منهنَّ أفدن بأنَّ عملية الإيلاج كانت مستحيلة وتحتاج إلى عملية جراحية.
وفى عام 1981 فإنَّ 50% من 1545 إمرأة سودانية عملت لهنَّ دراسة أُخرى، قد أفدن بأنَّهنَّ لم يتذوقن طعم الجنس فى حياتهنَّ، وإنَّما يُمارسنه مع أزواجهنَّ كأداء واجب (Source at request).
إذاً فحقيقة مجتمعات الختان، حقيقة مؤلمة. فنحن نعيش فى مجتمعات نصفها سادى (الرجال)، ونصفها الآخر ماشوسى (النساء)، نسأل الله العافية للجميع.
يُتبع ...
06-01-2017, 09:33 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
وكما تمَّتْ الإشارة من قبل، بأنَّ ختان الإناث هو عملية ذكورية مترسملة للسيطرة على جسد المرأة، فهو قد بقى كذلك إلى خمسينات القرن الفائت، حيث كان يُستخدم كعلاج للمساحقة والعادة السرية والهِستيريا والصرع، وغيرها من ما يُسمى بالإنحرافات الأُنثوية. فأىُّ ما امرأة تمتنع عن أنْ تقيم علاقةً برجل لضرورات التعليم والعمل وخلافهما، توصم بهذه الإنحرافات ويتم ختنها، فالرأسمالية آنئدٍ ليست فى حوجة ماسة لعمل المرأة. أمَّا الآن، فتخطيط جسد المرأة/الختان يُطلُّ برأسه من خلال تجميل المِهبل المُدِرِّ للربح.
غير أنَّ العالم، فى مواجهة ختان الإناث الذى يأتيه من العالم الثالث، خاصةً الإتحاد الأوروبى، ينحو منحىً متشدِّدَاً فى مكافحة هذه الظاهرة، فالقوانين هناك تُطبقُ بشكلٍ قاس، باعتبار أنَّ الخِتان تعذيب وليس بثقافةٍ ولا تشذيب (It's torture not culture). أما الحكومة البريطانية، فبالرغم من أنَّها سنَّتْ القانون منذُ وقتٍ مضى، إلاَّ أنَّها لم تلجأ إلى التطبيق القاسى بعد. وهى تنتظر نتائج الدراسة التى أعدتها جامعة كوفنْتِرى مع منظمة فورورد والاتحاد الاوروبى، والمُشار إليها بعاليه.
ولكنَّ الحكومة البريطانية قد اكتشفتِ الآن، أنَّ كثيراً من الأفراد، غالبيتُهم من الجالية الصومالية وقليل ٌمنهم من الجالية السودانية، يذهبون بِبَناتِهم إلى خارج دول الإتحاد الأوروبى، إلى أفريقيا مثلاً، فيُخَتِّنونَهُنَّ ومن ثمَّ يرجعون بِهِنَّ إلى بريطانيا. وهم بذلك يجهلون حقيقة طَوْلِ القوانين البريطانية لِأَىِّ فرد بريطانى (لا يَهُم أصلُهُ الأفريقى أو خِلافُهُ) فى أىِّ مكانٍ كان (Extraterritoriality nature of the law on FGM).
هذا الأمر قلَّبَ على النَّاسِ ظهر المِجَن الآن. فبريطانيا الآن تفتِّشُ البنات الصوماليات بالأساس والسودانيات العائدات من عُطَلِهِنَّ الدراسية، خاصةً أُؤلئك اللاَّئى دون الثامنة عشر، من لحظةِ دخولهم المطار، والآن يمتدُّ الأمرُ إلى المدارس، وعبر الزائرات الصحيات إلى المنازل. وفى بعض الحالات لم يقتصر ذلك الإجراء على البنات دون الثامنة عشر وإنما تعدَّاهنَّ لِيَطالَ سيداتٍ فى كاملِ النُّضجِ، ويا للمهانة. أقول ما أقول والأمرُ، بعد، لم يصل طور التشديد.
فنحن لنا تجربة قاسية حيث نعيش الآن. فإحدى السيدات السودانيات التى أنجزتْ الذِّهاب النِّهائى إلى السودان رفقة زوجها (مكثا لمدةِ عامين هناك) عادت لمَّا عجِزتْ أنْ تعيشَ هى وأُسرتها فى ظِلِّ الإسلاطُفَيْلِيات المتحكمة فى السودان لأكثر من ربع قرن. ولمَّا عادتْ، عادتْ بِعَدَلِها وهى حامل. وقد كانت محظوظة، فلم تُفتَّشْ بالمطار، مُراعاة لظروفها الصحية آنئذ. وباعتبار أنَّها أنجبتْ أطفالاً بريطانيين من قبل، وأُزيلَ خِتانها منذ الولادة الأُولى، فلم يخطر بِبَالِ الطبيب أنَّ المرأة قد أُعيدَ خِتانُها للمرة الثانية (العَدَل)، إلاَّ عند الولادة، فكان الألمُ ألَمَيْن.
وموضع الشاهِد فى هذا المِثال، أنَّ تلك السيدة وزوجَها قد أفلتا من الزَّجِّ فى السجن لعددٍ من السنوات بسببِ بعض الوقائع. أوَّلها، انشغال الحكومة بدراسة الظاهرة قبل أنْ تلجأَ إلى تفعيل القانون. وثانيها، فقد شفعَ لهما (ومصائبُ قومٍ عند قومٍ فؤائدُ) الأمثلة (وبالصور الحية) التى ساقاها لعمليات تجميل المِهبل (Designer Vagina) التى تلجأ إليها الرّاشدات المشهورات. ولمَّا كان بعضُ النَّاسِ أكثرُ مُساواةٍ من غيرهم أمام القانون (Some people are more equal than others)، فالمرأةُ موضع الشاهد، قد خَصَّصَتْ لها وزارةُ الصحة البريطانية زائرةً صحيةً تَتَفَحَّصُها بشكلٍ دورىٍّ كلُّ خمسة عشر يوماً، هى وبناتِها. ولو لا لطفُ الله، فقد أوشكَ ذلك البيتُ أن يتصدَّع (كُلُّو مِنَّكْ إنتَ، كُلُّو مِنِّكْ إِنْتِ) وتَذْهَبَ ريحُهُ. ... لعن اللهُ الرأسمالية فى جميع صورها، تلك التى وصلت مرحلة أنْ تُفرقُ بين المرءِ وزوجِه.
العالم الثالث – السودان مِثالاً، أو حينما يتقدم الهامش على المركز:
الذين يناصرون الختان فى دول العالم الثالث يعتقدون إعتقاداً فاسداً بأنَّ الختان من التعاليم الدينية ومرتبط بالعملية الثقافية، ويمنع الخيانة الزوجية، ويزيد من متعة الرجل، وأنَّ البظر قد يجرح عضو الذكر مما قد يسبب عجز الرجل جنسيا، وأنَّه نظافة ونقاء للانثى، تشذيب وتجميل للفرج، يزيد من فرص الزواج، يبقى عذرية البنت، ويسهل الولادة (الكابلى. نت). كما وأن هناك إعتقاد أفريقى بأنَّ قطع عضو الإستمتاع الذاتى عند المرأة، يجعلها تسعى للزواج من الرجال (أُنظر أعلاه).
والسودان ليس استثناءاً فى ذلك الإعتقاد. غير أنَّه يشهد تراجعاً فى الختان عموماً وفى الختان الفرعونى بخاصة خلال الخمسة وعشرين سنة الفائتة بفضل مجهودات دوائر شتَّى، أهمها الجمعية السودانية لمكافحة العادات الضارة، وجامعة الأحفاد، ودوائر أُخرى غير حكومية.
تشير بروفسر أمنة عبد الرحمن حسن، الأمين العام للجمعية السودانية لمكافحة العادات الضارة، بأنَّ المسح الصحى الذى عُمل فى عام 2006 يُؤكد تراجع الختان من 97% إلى 69.4%، ولم يُجرى أىُّ مسحٍ آخرٍ حتى الآن. كما أنَّ إحصاءاتٍ أُخرى للجمعية تشير إلى تراجع الختان الفرعونى بنسبة كبيرة. ولكن، ويا للأسف، فقد ملأ ذلك الفراغ ما يُعرف بختان السنَّة. وعليكم أنْ تنظروا لمقال د. محمد سليم العوَّا بعاليه إنْ كان للسُنَّة ختان.
وقد وصل الأمر بالحكومة السودانية فى 16/02/2009 أنْ ألْغَتْ المادة 13 من قانون الطفل القديم، تلك التى تُجرِّمُ جميع أنواع الختان فى السودان، واستبدلت القانون القديم بقانون الطفل لسنة 2009 الذى يُخاتلُ حول منع الختان الفرعونى، ويُقنِّنُ لِما يُعرف بختان السنَّة. وهى بذلك، تُجهض كلَّ المجهودات التى بذلها الإنسانيون فى هذا البلد العريض لمكافحة الظاهرة. فتبَّاً لعلماءِ السلطانِ المَسْخِ والشَّطط.
ولكن يبدو أنَّ الريف السودانى لا يخلو من الإشراقات، فها هى إحدى ولايات الهامش، ولاية البحر الأحمر، تتقدم على مركزها. بل تتقدم، وأقول بملئِ فىَّ، على العالم بكاملِهِ فى مسألة ختان الإناث، إذا ما أخذنا فى الإعتبار تقنين الغرب لما يُعرف بتشذيب الفرج. ففى 21/04/2011 ألغى المجلس التشريعى لولاية البحر الأحمر جميع أنواع ختان الإناث بالولاية، وجميع القوانين التى تُقنِّنُهُ (أعنى قانون الطفل لسنة 2007)، واستبدله بقانون الطفل لسنة 2011 الذى يُحرِّم ويُجرِّم كلَّ فِعلٍ من شأنِهِ أن يؤدى إلى جراحةِ الجهاز التناسلى بالنسبة للمرأة لغير الضرورات الطبية. وهذا لعمرى، إنتصار حقيقى للمرأة السودانية والطفولة بولاية البحر الأحمر.
يُتبع ...
06-03-2017, 00:44 AM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
* إنَ ختان الإناث فى حقيقته عبارة عن وأد بطى للأنثى خاصة فى الدول التى تشكل حاضنة للظاهرة. وهوحالة/ظاهرة صراعية أفريقية كوشية نابعة من الصراع الاجتماعى وبالتالى فهو ليس من الدين فى شئ. لقد بدأ كعقوبة فى العهد الماترياركى، ثمَّ تحول إلى نظام إجتماعى فى العهد الباترياركى للسيطرة على جسد المرأة، و تجلَّتْ قمة هذه السيطرة فى العهد الفرعونى.
* يظل خطاباً مغلوطاً ذلك الخطاب القائل بأنَّ ختان الإناث هو رغبة أُنثوية مدفوعة برغبات الجِدَّات. بل على العكس تماماً، فهو رغبة ذكورية مُغرقة فى السادية، مستترة فى الغرب وسافرة فيما عداه. وبالتالى علاج الطاهرة تبدأ بتثقيف الرجل جنسياً وحضه على اختيار المرأة التى تناسب قدراته الفيسيولوجية.
* مازالتْ الفئات ذات الهيمنة المدفوعة بوعى بورجوازى تارة وبوعى تناسلى تارة أُخرى تحاول ، وعبر التاريخ، إصباغ صبغة دينية على الظاهرة إمعاناً فى تكريس تلك الباترياركية التى تحاول السيطرة على جسد المرأة بكل الوسائل. ونرجو ان تكون دوافعنا فى التعامل مع المرأة مرتبطة بالإشراق ووعينا الخلاَّق.
* يُحاول النظام الرأسمالى الذكورى ربط رغبتِهِ فى التخطيط الجراحى لجسد المرأة بإضفاء صفة جمالية لذلك الإجراء الإجرامى المُكرِّس للماشوسية عند الأنثى: التضييق لمضاعفة الإشباع الجنسى، وبالمرة رسملتِهِ ليدر الربح؛ وبذلك يصطاد عصفورين بحجر واحد.
* إذاً فالمظانُّ تصبح يقيناً، بأنَّ متلازمة الختان/الدسوسة، تلك الظاهرة الكوشية، قد بدأت وتكرستْ فى فترة فرعون موسى (على نبينا وعليه أفضل الصلوات وأتمَّ التسليم) حيث من المحتمل أن تكون قد أُتخِذت كنظام للمراقبة والتقويم (Monitoring and Evaluation System)، كما أفاد الأفوكاتو أحمد طه. وذلك يعنى أنَّ دُخلة المختَّنة/المختبئة لا تخلو من صراخ، فتُرسلُ العيون والآذان لمتابعتها يوم زفافها ويوم ولادتها بعد تسعةِ أشهرٍ وعشرة أيام؛ فإنْ ولدت بنتاً فلا بأس، وإنْ ولِدتْ ولداً فيُقْتل.
النهاية.
06-05-2017, 07:29 PM
Ahmed Alim
Ahmed Alim
تاريخ التسجيل: 06-14-2007
مجموع المشاركات: 2762
حقيقة دا من أفضل البوستات القريتها في المكان دا مؤخراً ..
لك التحية أخي الأستاذ حسين، على المجهود الكبير، والمقاربات الممتازة ..
مازال كثير من أهل السودان، وممن يدعون الإستنارة والعلم يتسببون في موت وإعاقة بناتهم بهذه العادة القبيحة !!
بوست زي دا مفترض يتعلق بأستار البورد يا بكري!
الأستاذ أحمد عالم تحياتى، وكل السنة أنت بألف خير ورمضان كريم.
أنت من يستحق التحية يا عزيزى على القراءة وبذل الوقت والجهد، وعلى التشجيع كذلك. والظاهرة بحق مخيفة، ولذلك بريطانيا وضعت لها عقوبة 14 سنة سجن (أكثر من القتل الخطأ - Manslaughter)
مع الشكر.
06-06-2017, 11:57 PM
حسين أحمد حسين
حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
(سونا) عقدت اليوم منظمة البرلمانيين السودانيين بالتعاون مع مركز المرأة لحقوق الانسان بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي بالتعاون مع صندوق الامم المتحدة للسكان ورشة دعم ومناصرة القوانين التي تجرم ختان الإناث والعنف ضد المرأة برعاية وكيل وزارة الرعاية الاجتماعية الدكتور علي محمد خير وبحضور مقدر من البرلمانيين والقانونيين والمختصين بالشأن بمباني المنظمة.
واجمع برلمانيون مشاركون في الورشة على اهمية الاسراع في اعداد مسودة مشروع قانون قومي يجرم ختان الإناث، مشيرين إلى ضرورة أن يخرج القانون من اطار الخصوصية في هذه الجريمة، مؤكدين اهمية التوعية في محاربة هذه الجريمة. .
طالب الاستاذ علي ابو الحسن رئيس لجنة التشريع بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم لدى مداخلة بالورشة بضرورة اقناع المجتمع بعدم جدوى الختان، مشيرا إلى الآثار السالبة لهذه العادة الضارة، لافتا إلى أن المجهودات لتلافي هذه العادة تسير ببطء، واصفا العادة بالجريمة الثقافية، مناديا بإشاعة الاستوصاء بالنساء وسط مجتمعاتنا.
اشارت الاستاذة فاطمة الصديق القانونية ورئيس الاتحاد العام للمرأة السودانية ولاية الخرطوم نائب رئيس لجنة التشريع بالمجلس التشريعي ولاية الخرطوم إلى اهمية المجالس التشريعية في تبني مبادرة لوضع مسودة مشروع قانون يجرم ختان الاناث منفصل عن القانون الجنائي، مشيرة إلى أن هذه الجريمة تمتد وتؤثر في الاقتصاد بإهدار الطاقات والمال في معالجة آثارها في المجتمع، منادية باهميه الانتقال في مناقشة هذا الموضوع من مربع العاطفة، مؤكدة دعم لجنة التشريع والعدل بتشريعي الخرطوم في وضع مسودة لهذا القانون .
امنت الدكتورة سارة مكي ابو عضو البرلمان في ورقتها عن دور البرلمانيين في دعم ومناصرة القوانين التي تجرم ختان الاناث التي قدمتها في الورشة رسمت صورة قاتمة للاحصاءت لهذه الجريمة بالسودان. وقالت إن النسبة الكلية للممارسه بالسودان %86،6، مشيرة إلى أن اعلى نسبة بالولايات تمثلت 97% وكانت بالشمالية وشمال كردفان، مشيدة بانخفاض النسبة بولايات دارفور التي مثلت 45% وعزت السبب في انخفاض النسبة لانشغال الناس بالحرب، مؤكدة أن هذه العادة الضارة تؤثر على السودان في منابر حقوق الانسان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة