دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
اولًا اشكر و اكرر شكري الجزيل للجهة التي دعت الي العصيان المدني في الفترة من يوم ٢٧ الي ٢٩ نوفمبر من العام ٢٠١٦ ، و رغم أنّ كثير من المراقبين لا يعرفون تلك الجهة و رغم الضجّة التي اثارها حدث العصيان المدني و الآراء المطروحة حوله انتقادًا و تأييد ، رفضًا كانت ام موافقة . فإن رأيي المبدئي عن حدث العصيان المدني أنّه كان له اثره الطاغي و الذي تمثّل في نقله للصراع الدّائر حول السلطة بالسودان الي مرحلة جديدة تصعب معها العودة الي البدايات ، فالشعب السوداني و كأنّه استيقظ من نومه فرأي امامه وسيلة فاعلة يمكنها ان تهزم الحكومة و لا تعرّضه و أبنائه لخطر القتل بالرصاص ، و قد اعجبني كثيرًا وصف البعض بأن سودان ما قبل ٢٧ نوفمبر سوف لن يكن هو نفسه سودان ما بعد ذلك التاريخ . لا اعتقد أنّ ذلك القول يدخل في اطار المغالاة - فالحدث حقًا قد كان مهم و يستحق الوقوف عنده لقراءته قراءة موضوعية فاعلة تستقي منه الدروس خاصة و أنّ الحدث لاهميته صدرت عنه بوستات و وجد مكانه في تعليقات و نقاشات الفيس بوك و في محطات الاذاعة و قنوات التلفزيون و ارسل عنه الناشطون صور و روابط و تغريدات . اذن بعد كل هذه الآراء فما عسانا أن نقول ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
لقد تحاور الناس بما يكفي حول موضوع العصيان المدني و قتلوه بحثًا و نقاش و لقد اتيت متأخرًا للمساهمة في هذا الحوار و للامانة لم اكن اسعي لفتح بوست عن الموضوع و قد دفعني فتح هذا البوست وقوفي علي دعوات أخري تنادي بعصيان مدني آخر في الاسبوع القادم و هنا تذكّرت اعتصامات الطلاب في جامعاتهم لتحقيق بعض المكاسب لتحسين اوضاع الدراسة او المعيشة او السكن بالداخليات او اعادة بعض الطلاب المفصولين ، و رغم أنّ حدث الاعتصام قد تكرّر كثيرًا و بصورة متواصلة في كل الجامعات السودانية تقريبًا الا أن النتيجة النهائية و في اغلب الاحيان كانت هزيمة الطلاب و ضَرَر او حتي فصل المعتصمين ، و اليكم ما اراه عن قضية الاعتصامات و العصيان .
آلية الاعتصامات و العصيان باعتقادي هي آلية ناجحة و ناجحة جدًا و نجاحها في الغالب مرهون بالمدي القصير ، بمعني أنّها تصلح لأن تكون أداة ضغط لايصال الرأي حول قضية معينة او تسجيل موقف احتجاجي يدعمها او يقف ضدّها ، و بالتالي فهي أداة حشد و التفاف و ليست أداة تغيير . لا زلت اذكر تلك النصيحة الغالية و التي قدّمها لنا مندوبو الحزب الشيوعي ( المحامون ) عندما اجتمعنا بهم في متابعة مسار العمل في الجامعة و التي كان بها اعتصام عن الدراسة قوي و ناجح بنسبة ١٠٠ ٪ و لمدّة اسبوع كامل لم يدخل فيه طالب او طالبة الي قاعات الدراسة في جامعة جديدة من جامعات البشير ( التي يسمّيها الدكتور منصور خالد بالكتاتيب ) و قد هدّد ذلك الاعتصام بفشل الجامعة و الغاء وجودها من بين قائمة جامعات السودان و بالتالي يمثل ذلك مسمار في نعش ما اسماه الكيزان بثورة التعليم العالي ، و رغم نجاح الاعتصام الا أنّ مندوبو الحزب الشيوعي قالوا لنا بالحرف الواحد إجلسوا معنا نساعدكم في صياغة مذكّرة قويّة تشرح الموقف القانوني لقضيّتكم تقدّمونها الي إدارة الجامعة و ترفعوا علي ضوئها الاعتصام ، و حينما اعترض الطلاب علي ذلك . قال لنا احد مندوبي الحزب الشيوعي تلك القولة الساحرة التي تنبئ عن وعي عميق بقضايا الصراع في الأجسام النقابية و ( الفراكشنات ) ، قال لنا : انتم كطلاب يمثل الاعتصام عن الدراسة أقوي اسلحتكم المملوكة و ليس لديكم سلاح أقوي منه مضاء ، ثم واصل يقول : فهذا السلاح افضل لكم ان تحافظوا عليه لتهدّدوا به أدارة الجامعة و لكن لا يجب عليكم أن تستخدموه مرّة اخري بعد هذا النجاح الكبير الذي ارعب الإدارة ، فقط قدّموا لهم مذكّرة و قولوا لهم هذه مطالبنا و ها نحن قد رفعنا الاعتصام فإن لم تستجيبوا لمطالبنا فنحن قادرون علي العودة الي الاعتصام مرة اخري بل مرّات و مرّات . و ليكن ذلك في اطار التهديد و سيكون اكثر فاعلية من الدخول في اعتصام آخر قد تواجهه الإدارة بفصل الجهاز النقابي و ملاحقة المفصولين و عندها سوف تتراجع مقاومتكم و ستكونون في موقف دفاع بعد أن كنتم في موضع الهجوم و كل الحبال بايديكم ، و ذلك ما قد حدث لنا بالضبط. ذلك كان درس غالي لم نفهمه الا عندما قام بعض اعضاء الحركة الاسلامية مدفوعون من ادارة الجامعة لكسر الاعتصام و حين حاول بعض الطلاب منعهم ، حدثت مشاجرات انتهت بعدها ادارة الجامعة الي تعليق الدراسة و فصل كل اعضاء الجهاز النقابي للجامعة باعتبار انهم رأس الافعي الذي قاد للاعتصام ، و بعدها نسي الطلاب قضيتهم الاساسية التي اعتصموا لأجلها و صاروا ينادون بضرورة التكاتف لعودة المفصولين ، و في كل خطوة كانت ادارة الجامعة تفصل المزيد من الطلاب ، ثم تدخل جهاز الامن باعتقال كل الناشطين ، فصار الطلاب بلا قيادة و صارت امامهم قضايا اخري عاجلة و اهم من قضية الاعتصام الاولي يقفون امامها عاجزون عن التصرف و الحراك ، اذ لا يعرفون ما هو المطلوب منهم في هذه المرحلة و هم بلا جهاز نقابي و بلا قيادة و بلا ناشطين .ثم تضاربت السينايوهات و صراع الاولويات . هل ينتظم الطلاب في عصيان آخر أم يخرجوا في مظاهرة ام يعودوا الي السكني في الداخليات ؟ و حتي لو اختاروا احد هذه الحلول اهو يكون بغرض الحصول علي المطالب الاولي ؟ ام بغرض عودة المفصولين من الجهاز النقابي ؟ ام بهدف عودة المفصولين الذين قادهم الي الفصل تضامنهم مع مفصولي الجهاز النقابي ؟ ام يكون لأجل التضامن مع المعتقلين و المطالبة باطلاق سراحهم الآن ؟ ام يكون لأجل وقف حملات جهاز الامن و ملاحقته و تحرّشه بالطلاب ؟
هذه القصة قد اشرت اليها فقط لاشرح الفرق بين الأدوات الاستراتيجية في الحل السياسي و الأدوات الآنية و اللحظية للحل . فالاعتصام كان أداة آنية و لحظية و خطأ الطلاب الذي اوقعنا فيه انفسنا هو أننا استخدمنا أداة صراع آني في موقف يحتاج الي حلول استراتيجية و أدوات صراع للمدي البعيد .
اعتقد أنّ فكرة البوست قد اتضحت و بالتالي يمكنني في المداخلات اللاحقة أن اناقش بصورة مباشرة ما أنا بصدد قوله بخصوص هذا الامر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
كما اوضحت في مداخلة سابقة أنّ العصيان المدني او الاعتصام يمثل أداة فاعلة جدًا و لكنها أداة نجاح في المدي القصير و لا تكون بنفس الفعالية في المدي الطويل ، و قياسًا علي ما حدث بالسودان يمكنني أن اكرر القول بأن العصيان المدني كان فاعلًا جدًا و أدّي دوره بصورة فاعلة للدرجة التي جعلته الشغل الشاغل لكثير من المهتمّين بامر التغيير او حتي السياسة بصورة عامة او حلقات التواصل الاجتماعي و الاعلام و حتي البوستات الكثيرة التي تناولت شأن العصيان بالمنبر و منها هذا البوست لهي اثر قوي يدل علي نجاح العصيان .
النقطة التي اود مناقشتها في هذه المداخلة سأضعها في سؤال واحد تتفرّع منه اسئلة اخري .
هل سيصلح العصيان المدني بأن يكون أداة فاعلة يستخدمها المنادون بالتغيير و بالتالي يلتزمون بتنفيذها بنفس الفعالية حتي سقوط النظام ؟
و ماذا اذا استمر النظام في الحكم ل ٢٧ عام اخري ، فهل ايضًا سيواصل المعتصمون العصيان ؟
و ما هي الآليات التي يضمن بها المنادون بالعصيان المدني استمرارهم في مواصلة العصيان اذا قامت الحكومة بفصل كل المعتصمين عن عملهم ( خاصة و ان للحكومة سمعة سيئة في هذا الشأن و لم تتورّع يومًا في فصل كل الذين يهدّدون وجودها بمن فيهم الاطباء و الطلاب ) ؟
ما هي الوسائل التي يمكن بها تعويض المفصولين من العمل عن وظائفهم التي افتقدوها لقبولهم تنفيذ فكرة العصيان - خاصة و أنّ الحكومة تمسك بكل الوظائف من خلال امساكها بالوزارات و مؤسسات الدولة و البنوك و الشركات ؟
ما هي خطّة الذين ينادون بالعصيان المدني ( للمرة الثانية ) في امتصاص الآثار السلبية للعصيان المدني في مداها المتوسّط و البعيد - كأن يتشكّل وعي جماهيري جديد بأنّ العصيان المدني أداة فاشلة لأن الحكومة لا زالت ممسكة بمفاصل الدولة بل انّها فصلت كل المعتصمين و لم يتمكّن من حمايتهم المنادون بالعصيان ناهيك عن ادعائهم الزائف بالمقدرة علي تغيير الحكم؟
اذن كل هذه الاسئلة و غيرها الكثير يجب علي المنادون بتكرار العصيان المدني ان يضعوها في الاعتبار .
فأنا لا ارفض فكرة العصيان المدني و لكني احمل اسئلة لا أجد لها إجابات مقنعة و بالتالي لا اري أن تكرار العصيان سيجيب عليها فلو أنّ هناك شخص يناصر فكرة تكرار العصيان المدني مرّة ثانية ليجيبني علي هذا السؤال :
ما هي الوسيلة التي يمكن بها للمنادون بالعصيان أن يقنعوا رئيس قسم استثمار ببنك حكومي ان يدخل في اعتصام مرّة و مرّتين و عشرة مرّات حتي سقوط النظام ، ثم ما هي الضمانات التي يمكنهم أن يقدّمونها له و لاسرته حين يفقد وظيفته بسبب المشاركة في العصيان المدني؟
و ما ينطبق علي موظف البنك ينطبق علي كل الموظفين الحكوميين في الوزارات المختلفة و المدارس و المستشفيات و الجامعات .
اذن فعالية العصيان ستتناقص مع التكرار الي أن تفقد تأثيرها الموجب و قد يتحوّل التأثير تدريجيًا الي نتائج سلبية قد تؤدّي في النهاية الي تكوين رأي موغل في السلبيّة عن فكرة العصيان نفسها و بالتالي قد يقود ذلك الي ان يصير العصيان المدني انموذج حي لايقونة سالبة او تابو يتّفق علي فشله كل الناس . فهل حقًا نحن محتاجون للوصول الي تلك المرحلة بتكرار ثم اعادة تكرار و تكرار العصيان ؟
السودان لا زال به الكثير من الموظفين الحكوميين الذين ليس لهم نقابات و اتحادات عمل و مهنيين تحميهم من الفصل عن الخدمة في وطن يصعب فيه الحصول علي عمل اذا فقد الشخص وظيفته تحت اي ظرف من الظروف ، و الموقف عند الفصل من الخدمة بسبب المشاركة في عصيان مدني سيكون له آثار لاحقة لا ترتبط فقط بالطرد من العمل بل الحرمان من الحصول علي عمل آخر بالدولة ، خاصة اذا كانت الوظيفة المطلوبة وظيفة عالية باحدي مؤسسات الدولة و تحتاج الي اهل الولاء و ما اكثر اهل الولاء للسلطان في هذا الوطن الجريح .
عن نفسي لا ادعو احد للدخول في عصيان و ان كنت سوف لن اتردد في أن أدخله مع عمال الشركة التي اعمل بها الآن و الذين هم ايضًا يخططون للدخول في اعتصام ، و لكن الفارق كبير بين وضعي هنا و بين اوضاع الذين يطالبهم البعض بالدخول في عصيان مدني من المقيمين بالسودان في ظل حكومة الحركة الاسلامية و التي لا تعترف بالمواطنة و الحقوق .
و مع ذلك فأنا لا اناقش هنا لأجل التسلية او التّرَف الفكري بل سأقوم باقتراح آلية عمل سياسي و مقاومة مدنية فاعلة ستقود الي عصيانًا مدنيًا و مدوّيًا و سوف لن يتضرّر منها احد و سوف لن يهرب من المشاركة فيها السودانيين بل انهم سيتدافعون لانجازها و ستتزايد فعاليتها يومًا بعد يوم ، و يأتي ذلك لأنه بمقدورهم أن يقوموا بها بسهولة و يسر دون ان يعرّض احدهم حياته او عمله و وظيفته للخطر ، و ذلك ما أراه حلًا انسب و معالجة استراتيجية للازمة و ليس حلًا آنيًا كالعصيان المدني يثمر في المدي القصير و قد يعود بنتائج وخيمة في المدي البعيد .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: محمد البشرى الخضر)
|
تحياتي لك الاخ محمد البشري و اشكرك علي حضورك الجميل .
العصيان المدني احدث حراك كبير في المجتمع السوداني و قد اتصلت باحد اصدقائي بمدينة الفاشر و هو عائد من دولة غربية و سألته عن العصيان و اثره ، فأجابني بأنّ الناس في الفاشر لم يدخلوا في عصيان لأن غضبهم علي الحكومة تجاوز مرحلة التعبير السلمي لرفض الكيزان و لذلك فهم استحسنوا الثورة و المظاهرات و المطالبة بإقصاء الوالي و الوزراء ، و عندما سألته عن تناول الناس لفكرة العصيان في احاديثهم اليومية فقال لي : ان الناس كانوا يتحدّثون عن العصيان في كل مكان. فاذا كان الحديث هنا عن الفاشر في قمّة غضبها الشعبي و رفضها للحلول السلمية ، فهي تتحدث عن العصيان المدني في كثير من ارجاء المدينة ، فما بال اهل الخرطوم و المدن الكبري بالسودان ؟
باعتقادي أنّ اعلان العصيان المدني قد اتي ثمار لم يتوقّعها حتي الذين اعلنوا عنه ، و بالضرورة سوف لن تتوقّف المساهمات السودانية في دعم هذا المسار فقد وجّه العصيان المدني انظار السودانيين الي مصادر قوّة فاعلة يمتلكونها و يمكنهم ان يستخدموها ضد الحكومة و ستجد نفسها عاجزة تمامًا عن مواجهة تلك التكتيكات .
الشعب السوداني اغلبه يرفض الحكومة و ما يمنع الكثيرين عن الاحتجاج و الجهر بالمعارضة هو جهاز الامن و آليات البطش التي تمتلكها الحكومة و الحكوميين ، و لكن حين يجد المواطن ان هناك وسيلة ستقوده للتعبير عن اعتراضه و رفضه للحكومة دون أدني خسائر تحيق به - فسوف لن يتواني في استخدامها الي اعلي الحدود .
تلك هي القضايا التي يرتكز حولها التفكير ، مصادر ضعف و مصادر قوة الحكومة . مصادر ضعف و مصادر قوة المواطنين .
في السابق كانت توضع معادلة مختلة و هي ان يرتكز تفكير المواطن في مصادر قوة الحكومة و مصادر ضعفه كمواطن بسيط .
الآن بعد ٢٧ نوفمبر صار ت المعادلة مختلفة لأن المواطن الآن يركّز تفكيره حول مواطن ضعف الحكومة و مواطن قوّته هو . و هذا الفارق في التفكيرين ( تفكير ما قبل ٢٧ نوفمبر و تفكير ما بعده ) فارق جوهري و كبير ، و هذا التفكير المختلف سيؤدي بالضرورة الي مواقف مختلفة و قد طفا منها علي السطح الحوار المفتوح الآن في الكثير من المنابر السودانية و الذي يحلل و يقرأ اصحابه مواطن الضعف في الحكومة بعد أن انفضحت لهم عورة الاقتصاد الحكومي الذي حاولت الحكومة جاهدة ان تغطيها بحزم الزيادات التي أدخلتها في هذا النفق المظلم بعد ان رأي المواطن بأم عينه عدوّته الاولي تنهار .
اكرر شكري محمد البشري و لك التحايا و لاسرتك و كل المعاك .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
الأداة الفاعلة التي اود الحديث عنها هي المقاطعة الجزئية و اعني بها ضرب حصار داخلي جزئي علي الحكومة ، و لا اتحدّث هنا عن المستويات العليا للمقاطعة الجزئية و لكني فقط اشير الي الفكرة نفسها و التي ستكون فاعلة و تأتي فاعليتها من انها ستكون قابلة للترفيع بالزيادة او التقليص بالخفض و النقصان ، و المستوي الذي اتحدث عنه الآن هو الفكرة في مستواها الأدني و الذي يعمل كأداة سياسية يمكن استخدامها في المدي القصير و المدي المتوسط و المدي البعيد ، و يمكن استخدامها كأداة احتجاج و اعتراض لأجل لفت نظر الاعلام الخارجي كما يمكن استخدامها كأداة لحشد المزيد من المؤيدين طالما انها ستتيح الفرصة للجميع لأن يسجّلوا مواقف رافضة للحكومة كما تتيح لهم فرصة الاستمتاع باحراجها من خلال عكس صورة تعرض الحجم الحقيقي لانصار الحركة الاسلامية و مؤيدوها في المجتمع ، كما ستتيح للجميع فرصة ذهبية للمشاركة في عصيان حقيقي ضد النظام و دون أن يتعرّض احد المشاركين لسوء . و فوق ذلك يمكن تواصلها لأبعد زمن ممكن بل يمكن جعلها جزء من ثقافة التعامل مع الحكومة لتذكيرها بصورة مستمرّة باحتياجها الحقيقي للمواطنين حتي و لو كانوا بسطاء و أن المواطن علي بساطته يمتلك أدوات تغيير فاعلة تلتف حول عنق الحكومة و يمكن ان تسقطها في اي لحظة من لحظات العام .
باعتقادي أنّ أداة المقاطعة الفاعلة هي التي يمكن للشعب ان يستخدمها مرّات و مرّات دون ان تعود عليه بالضرر و في نفس الوقت تعود بضرر كبير علي الحكومة التي يتصارع معها لأجل العدالة و الحقوق و هذا بالضبط ما اسعي للمناداة به في هذا البوست .
لماذا المقاطعة الجزئية و ليس الكليّة ضد النظام ؟
لقد قرأت دعوات كثيرة تنادي بمقاطعة الحكومة اقتصاديًا و قد ناديت ببعضها في اماكن اخري و لكني أجد أنّ بعض المقترحات كانت اما صعبة التنفيذ او سابقة لاوانها بما في ذلك بعض المقترحات التي تقدّمت بها ، و عندما أقول ذلك أقوله و علي بالي نصيحة مهمّة قدّمها احد رجال الاعمال الامريكان في فيديو له علي موقع يوتيوب و كان يتحدّث عن ان الشركات الناجحة هي الشركات التي يتمكّن اصحابها من ترفيعها الي اي درجة من الرفعة يريدون و بنفس الوقت يستطيعون تقليصها الي الدرجة التي يريدون ، و بمعني آخر ان تكون لهم القابلية في مواجهة ضرورات الترفيع و التقليص و ما يمكن انجازه بتكلفة أقل لا يجب القيام به بطريقة تقتضي مزيدًا من التكاليف ، و قد ضرب مثل بسيدة امريكية اتت اليه تطلب الاستشارة في امر مختص بفكرتها عن الشركة التي تريد تأسيسها و عندما سألها عن مشكلتها قالت له انها استشارت عدد من المختصين و قالوا لها انها بحاجة الي ٢٠ الف دولار و هي لا تملك ذلك المبلغ و لا تعرف شركات او اناس يمكنها ان تستدين منهم ذلك المال . فقال لها الرجل : دعينا نفكر فيما تملكين و ليس فيما لا تملكين . فاي الاشياء ترين انها ستكون ضرورية لانجاح العمل تملكينها الآن ؟ أجابته بأنها تمتلك قدرات ممتازة في البيع ، فقال لها هذا جيد . ثم سألها إن كانت تعرف شركات تعمل في نفس المجال و تعاني ازمة بيع ؟ فأجابت بنعم ث زادت بأن اغلب الشركات تعاني مشكلة في البيع و ذلك ما دفعها للتفكير في انها سوف تنجح في هذا النوع من الاعمال . فقال لها مشكلتك بسيطة و انتهي الامر بأنّه إقترح لها أن تكتب اربع خطابات تدعو للتعاقد مع شركات تعمل في ذلك المجال علي أن يكون لها نصيب من اي شخص ترسله لهم ليطبعوا له ما يريد و قد اعانها علي كتابة تلك العقود او الخطابات . و قد انتهي الامر بأن خرجت تلك السيدة و في يدها اربع خطابات و قد كانت كل التكلفة لانجاز ذلك العمل ٧٥ دولار و ليس ٢٠ الف دولار كما اقترح لها الآخرون ، و منذ اليوم التالي باشرت السيدة عملها الذي كانت تحلم به و قد كانت صادقة حينما قالت انها تجيد البيع و بالتالي استطاعت أن تحصل علي زبائن في وقت وجيز ثم قامت بتكرار تلك العملية كل يوم ثم عادت اليه بعد عدة شهور و هي تشتكي أنها لا تستطيع الوفاء بكل طلبات زبائنها فاخبرها بأنّها تحتاج الي تعيين بنات اخريات و تكون مهمّتها ان تقدّم لهنّ التدريب و تتابع معهنّ سير العمل و الطليات و بعد اقل من سنة كانت لها شركة تحصل علي اموال طائلة دون ان يكون لها ماكينات مكتب و مخازن. بل انها كانت تحقق ارباح تفوق كثيرًا ارباح باقي الشركات التي تعاقدت معها رغم ان الشركات كانت تقوم بكل شئ و هي لا تقوم بشئ آخر سوي القيام بالقليل من الاتصالات الهاتفية القليلة باليوم لمتابعة عملها مع البنات اللوائي يعملن معها في وظيفة مندوب مبيعات ، و هكذا فقد استطاعت ان تحقق اعلي الارباح اعتمادًا علي ما تملكه ( مهارة البيع ) و ليس علي ما لا تملكه ( المال) . و هكذا يجب ان يكون التفكير الاستراتيجي عند معالجة القضايا الكبري بالحياة .
هذا ما اعنيه بأن تكون الأداة استراتيجية و قابلة للزيادة و التقليص ، و بهذا يمكن استخدامها لاحداث ضرر بالحكومة في نقطة معينة ثم ترفيع ذلك الضرر ليشمل نقاط اخري ، و رغم أنّ الأداة البسيطة في المقاطعة الجزئية التي اود الحديث عنها - قد تكون لا تأثير يذكر لها في هذا الوقت ، و لكن مع مرور الزمن يمكن ان يكون لها تأثير كبير ، و يمكنني هنا ان اشير الي احد قوانين الديالكتيك و هو قانون تحول التغيرات الكمية الي كيفية . فمجموعة تغيرات كمية صغيرة سوف تصل الي مرحلة يتزايد فيها اثرها فتؤدي الي تغيير كيفي كبير مثل اسقاط نظام الحكم في الدولة . اذن اعتقد أنّ فكرتي قد صارت واضحة و قد قدّمت لها مثال رأسمالي و آخر اشتراكي و يمكنني أن أقدّم لها نماذج اخري من الواقع و المجتمع السوداني و لكن كفانا تقديم امثلة و الي تقديم إضاءة حول ما اريد أن أقول .
اعتقد أنّ مقاطعة الحكومة جزئيًا بتحديد امر واحد سهل و ميسّر يمكن أن يفعله الجميع دون أن يؤذيهم ذلك الامر - باعتقادي أنّه سيكون بمثابة أداة فاعلة ستقود الي مقاطعة واسعة و ستمثل عصيان هادئ و مثير للجدل في كل مكان .
لذا اري أن يقوم الناس بتحديد يوم واحد من ايام الاسبوع يعتصمون فيه عن التعامل مع المكاتب و المؤسسات الحكومية ، أقول يوم واحد و واحد فقط . فليس امتناع عن دفع الضريبة او مقاطعة شركات انصار النظام او غياب متكرّر عن العمل . فقط اعتصام عن العامل مع المؤسسات الحكومية في يوم بعينه من ايام الاسبوع و ذلك يكفي كثيرًا في هذا الوقت .
فقط يوم واحد لعدم الذهاب الي المؤسسات الحكومية ، و حتي لا يتضرّر المواطنون من هذا الاعتصام يمكن تحديد أقصر ايام الاسبوع في المؤسسات الحكومية ليكون هو ذلك اليوم ، فمثلًا في السودان اغلب المؤسسات الحكومية تبدأ العمل مع الجمهور عند التاسعة صباحًا و في يوم الخميس تحديدًا توقف اغلب المؤسسات الحكومية تعاملها مع الجمهور عند الساعة الثانية عشر ظهرًا . إذن فإن يوم الخميس عمليًا هو فقط ثلاث ساعات ، فيمكن ان يتم تحديد هذا اليوم ليكون هو اليوم الانسب لانجاز المقاطعة و الاعتصام الجزئي و بالتالي نضمن أنّ اعداد كبيرة من المواطنين سوف لن يؤذيها الالتزام بذلك الاعتصام ، و مع ذلك يكون الخيار مفتوح لاصحاب الضرورات ان يتم استثنائهم و رفع الحرج عنهم عند عدم الالتزام بهذا الاعتصام ، فجميعنا نعلم ان هناك اناس يأتون من مدن اخري لقضاء حوائجهم بالعاصمة او المدن - فمن الجائر ان نوقف مصالحهم بالزامهم للدخول في هذا الاعتصام .
هذا العمل بسيط و يمكن لاي شخص ان يشارك فيه دون ان يعرّض نفسه و اهله و عمله الي ضرر ، و بلا شك فإنّ هذه الميزات ستجعله متاحًا للجميع و بالتالي سنضمن استمراره الي اطول زمن مطلوب ، كما أنّه سيمثل أداة فاعلة لالتفاف الملايين حول هذا الموقف الاحتجاجي الصريح و لنا أن نتخيّل موقف الميديا في العالم من عمل شعبي بهذا الصمود بعد اسبوع ، بعد اسبوعين ، بعد شهر او بعد عام . فسيكون موقف شعبي رافض للحكومة و قوي و معلن و يشارك فيه اغلب المواطنين و مع ذلك لا تستطيع الحكومة ملاحقة الناس لانها لا تدري من هم ؟ و اين يتواجدون ؟ . و لنا ان نتخيّل حجم التصعيد لقضية الشعب السوداني و التي يمكن ان يحققها من موقف بسيط كهذا في عالم يجن جنونه بملاحقة اخبار الثورات السلمية في كل مكان.
بالطبع فإن هذا لن يكون الموقف الوحيد او الاخير بل ان فكرة التصعيد و التقليص ستكون حاضرة و بالتالي يمكن تكرار هذا الموقف ليشمل مقاطعات جزئية اخري بسيطة تتراكم جميعها لتقود الي العصيان المدني الشامل المطلوب و الذي سيرافقه رفع المطالبات لتشمل ارجاع الديمقراطية و انهاء حكم الحركة الاسلامية بالسودان .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
سلامات يا وليد .. مؤكد العصيان في الايام الثلاثة أربك النظام ولو جزئيا وبث في نفوسهم الخوف .. طبعا من حق الناس تقترح وتناقش وتعرض أفكارها مادامت تصب في ماعون الهدف .. وفي تقديري السؤال الذي يجب أن يوجهه أي زول لنفسه هو : من المستهدف بالعصيان ؟ هل هي الحكومة وعناصرها المؤيده ؟ أم أصحاب الأعمال الحرة ( ناس السوق ) .. طيب إذا المستهدفة هي الحكومة ومناصريها .. يبقى الحراك يجب أن يمضي في الخط المؤثرعلى مصالح الأطراف المستهدفة .. العصيان يمكن أن يستمر لأيام وأسابيع ما دام يمضي على الخط المستهدف .. مثلا ساعات العمل الرسمية معلومة للناس .. ويمكن استهدافها بصورة مباشرة وبطريقة لا تحقق أضرار كبيرة على ناس السوق .. ذلك عندما يتم تحديد مسبق ومعلن من زمن كافي لتاريخ وعدد أيام العصيان .. مصحوب بتوضيح لعدد ساعات العصيان .. كأن يكون من الساعة السابعة ص إلي الخامسة مساء يوميا خلال الايام المعلن عنها .. على أن تعود الحركة للناس والأسواق من الخامسة مساء حتى السادسة صباحا .. تنظيم العصيان بهذه الطريقة يحصر أثاره على الجهة المستهدفة وحدها .. ويتيح للناس في الأسواق عرض سلعهم وبالتالي لا يكون أثر العصيان قاسيا أو مشل لأرزاقهم .. علينا أن نضع في الاعتبار أن العصيان في ظل نظام مكن عصبته على مفاصل الدولة .. يحتاج منا لصبر ونفس طويل .. لأن العصيان تحت أفضل الفروض لن تزيد نسبته عن 80% لأن للنظام اتباع سوف يبذلون الغالي لكسر العصيان .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: محمد على طه الملك)
|
سلامات محمد علي طه الملك .
اعتذر لك لأني لم استطيع اقتباس مداخلتك ، فهذه الخاصية لا تعمل عندي و لا اريد أن انسخ مداخلتك و اكتب عليها كتب الاخ محمد علي طه كذا و كذا . فاكتفيت فقط بالرد علي المداخلة دون السعي للنسخ .
سؤالك المتعلق بتحديد الجهة المستهدفة بالعصيان سؤال مهم ، فالكثير من رجال الاعمال بالسودان لا علاقة لهم بالحكومة و لكنها تفرض عليهم طاعتها من خلال استغلال أدوات و اجهزة الدولة مثل مؤسسة الضرائب و الجمارك او هيئة الصحافة و المطبوعات ، اذن فمن الجائر ان تتم معاملتهم كأبواق للسلطة و هم يتضرّرون منها ككل المواطنين و لكن بطريقة اخري لم يعتاد عليها عامّة الناس . كما أنّ المشاركة في العصيان سوف تحرج الكثيرين امام اصحاب العمل و ستعجزهم عن الإجابة علي السؤال المهم وهو : اذا كنتم تعلنون عصيانًا مدنيًا علي الحكومة ، فما ذنبي انا صاحب الشركة و الذي لم أقصّر معكم في شئ ؟ و صدّقني فالامر محرج للغاية و قد يحتمله الشخص مرّة و مرّتين و لكنه سوف لن يحتمله باستمرار و بالتالي سيسعي جاهدًا للابتعاد عن ذلك الحرج مع شخص يوليه الكثير من الاحترام ،و سيعمل جاهدًا حتي لا يضع نفسه في ذلك الموقف حتي و لو لم يهدّده صاحب العمل بالفصل . اذن الاضراب الكامل آلية عمل للمدي القصير فلا يمكن تشغيلها و ضمان نجاحها في المدي الطويل ، و تغيير السلطة يحتاج الي آليات تكون قابلة للتشغيل في المدي الطويل و ذلك ما يدفعني للقول بضرورة العمل في المستوي الجزئي القابل للتعديل بالزيادة و النقصان و النسخ و التكرار ، و ليس المستوي الكلّي الشامل المتّصف بالجمود و الثبات و الذي لا يقبل التغيير و التعديل .
اذا لم يكن الاضراب ممكن التنفيذ لاطول مدي - سيكون أداة عمل للمدي القصير ، و اي محاولة لربط الاضراب بوظائف الناس و اكل عيش أبنائهم لامد بعيد ستكون أداة حكمت علي نفسها بالموت قبل موت السلطة ( ما لم يأتي ذلك في مراحل متقدّمة جدًا من الصراع يتفاعل فيها الجمهور بصورة كبيرة مع تلك الأداة ) . لذلك فمن الافضل ان يصاغ الاضراب في شكل جزئي حتي لا يضطر المضربون لرفعه لأنّه اثّر عليهم قبل ان يؤثر علي الحكومة .
اوافقك الرأي تمامًا علي أنّ التفكير يجب ان يكون لتحقيق نتائج في المدي البعيد ، و صورة التفكير الاستراتيجي و حلول المدي البعيد لم تبارح ذهني لحظة و انا اكتب صفحات هذا البوست ، الانقاذ حكمت ٢٧ عام و اذا لم يفكّكها الشعب السوداني سوف تحكم مائة عام ثم تحكم بعدها مئات و مئات الاعوام طالما أنّ القضيّة عندها قضية صراع بين قوي و ضعيف و طالما انها تجد نفسها في موضع القوة فلا يمنعها من استخدام القوّة في كل يوم الا ان ينتزع منها المواطنون هذه القوة ، و ذلك باعتقادي ما يمكن ان تحققه سياسات التخطيط الاستراتيجي تخطيط المدي البعيد ، و لنشجّع المواطن لتحقيق تلك الخطط و الدخول فيها و الالتزام بها فلا بد ان يكون الاضراب او المقاطعة الجزئية و العصيان المدني آليات نضال غير مرتبطة بتأثير مباشر علي حياته اليومية و بنفس الوقت تؤثر علي الحكومة و تضعفها في المدي البعيد او تمثل حافز للمواطنين ليرفعوا سقف مطالبهم يوم بعد يوم لإبداع اضرابات جزئية اخري تحقّق مجتمعة هزيمة النظام ، و ذلك هو الذي يعنيني في هذا الشأن .
اشكرك كثيرًا علي هذه المداخلة القيّمة التي فتحت نوافذ جديدة تثري الحوار .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
الاضراب الجزئي في حالات كثيرة يكون افضل و أقوي من الاضراب الكلّي او الشامل ، و لنا أن نتخيّل الموقف القوي الذي ينطلق منه موظفو شركة في دولة مثل الولايات المتحدة و هم يضربون اضرابًا جزئيًا فيقرّروا انهم لن يعملوا ساعات اضافية بعد انتهاء ساعات العمل الرسمي المتعاقد عليه . رغم أنّ هذا الامر امر بسيط و كثير من الموظفين في الاصل لا يعملون ساعات إضافية بعد انتهاء ساعات العمل الرسمي و يفضّلون ان يقضوا ذلك الزمن مع اسرهم او الاستفادة منه في امر آخر بعيدًا عن موقع العمل الذي يتواجدون به اغلب ايام الاسبوع ، فمثل هؤلاء الاشخاص لو استمرّ الاضراب لسنوات سوف لن يتضرّرون منه شيئًا ، كما أنّ الشركة لا تستطيع فصلهم لأن العمل ساعات اضافية امر اختياري لا يفرضه قانون العمل ، و حتي الذين كانوا يعملون ساعات اضافية لحوجتهم الي المال فيمكنهم أن يصبروا لأن مصدر دخلهم لم يتوقّف تمامًا كما انهم لم يفقدوا عملهم بالاضافة الي أنّ تحقيق المطالب سيحسّن لهم من شروط العمل ، و كل تلك و غيرها اشياء اخري كثيرة ستحفّزهم علي الصبر لأن حياتهم ستسير كما كانت مع بعض التغيير الطفيف ، اما صاحب العمل فسيتأثّر عمله بصورة مباشرة بهذا الاضراب الجزئي و كان من الافضل له ان يكون الاضراب شامل و بالتالي يقوم بفصل من يسمح له بفصلهم القانون ثم يعيّن بدلًا عنهم موظفون جدد برواتب اقل و يجد لنفسه براحًا يعفيه عن دفع تكلفة التأمين الصحّي لموظفيه الجدد و لمدّة ثلاث شهور باعتبارهم موظفون في فترة اختبار كما أنّه سيستطيع بذلك ارهاب باقي الموظفين حتي لا يقدموا علي خطوة اضراب شامل اخري ، كما أنّه قد يجد له زبائنه العذر حين يعلموا أنّ موظّفيه قد تمرّدوا عليه ، و لكن الاضراب الجزئي أفقده كل تلك البراحات و لم يتح له فرصة أخري سوي قبول مطالب الموظفين و الخضوع الكامل لها دون شروط .
تلك هي قوّة الاضراب الجزئي أن تفعل امر يغضب الحكومة او صاحب العمل و هو يدري أنّك تدخل في حالة اضراب و مع ذلك لا يستطيع ان ينفّذ عليك القانون . و ستجد نفسك في وضع ملائم يتيح لك مواصلة الاضراب الجزئي لاطول فترة ممكنة وصولًا لتحقيق ما تريد و دون ان تخسر عملك او امتيازاتك الوظيفية التي قضيت من عمرك سنوات طويلة تدرس و تتعلّم و تصبر علي التدريب للوصول اليها .
تلك هي الفكرة ببساطة و ما يجعلها مصدر قوة هو ان تنفيذها ممكن لكل الناس كما أن تغييرها زيادة و نقصان فهو ممكن ايضًا و ذلك بتمديدها لتشمل جوانب اضراب جزئية اخري كأن يطالب كل الموظفين باجازة مرضية في نفس اليوم و طالما أنّ ذلك امر يتيحه لكل واحد منهم القانون ، فسوف لن يتم تجريمهم لأنهم استخدموا ذلك الحق جميعهم و في نفس اليوم . ميزات الاضراب الجزئي كثيرة و اهمها علي الاطلاق انه بيد المضربين زيادة و نقصان ، ايقافًا و تمديد و دون ان يتضرر منهم احد . اليست هذه قوة ضاربة يحتاجها السودانيون لهزيمة خصومهم الانقاذيون ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
تحياتي وليد, و شكرا على الفكرة و الواضحة, و الميسورة, و التقديم العلمي لها مشفوعا بالأمثلة. في ذهني بعض الأسئلة لك, و التي تصطحب الواقع المعاش في كل مراحلها: - من واقع قراءة الجميع للعصيان, هل لاحظت أن جاهزية الناس قد وصلت مرحلة متقدمة, و في الحسبان الدعوة للعصيان, على ضعف اعلامها, قصر مدته, الأخطاء الاستراتيجية و غيرها, هل فكرة التراجع لمقاطعة جزئية ملائمة؟ و ماذا عن ضياع الجهد potential, تسلل الأحباط, و معالجات النظام للسنريوهات المماثلة و كل متوقع؟ و ماذا عن ضرب الحديد و هو ساخن, ألا تظن أن ذلك أجدى في هذه الحالة؟ هل يمكن ازالة النظام بلا مواجهات؟ و نموذج موقابي مثلا, لازال في الحكم و معه مؤيدين, رغم التضخم الذي لا يعلم مداه إلا الله. كيف نأمن من عمليات تغيير الجلد و التي ستأتي بمن هم على الاستعداد لعمل كل شيئ لأجل 27 سنة أخرى؟ مقابل رجل مثل البشير, مهزوم داخليا, و هو يتمنى المغادرة، أكثر مما نتمنى ذهابه. ألا ترى أن الوقت الآن، و السودان قد تجاوز كل ما هو جزئي؟ و لى عودة، لمواصلة الحوار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: عبدالحفيظ ابوسن)
|
التحايا لك و لاسرتك عبد الحفيظ ابو سن .
اختبار الوسائل و الأدوات هو الاهم عن احتدام الصراع .
العصيان المدني و الاضراب عن العمل مفاتيح اساسية في النضال و لكنها تحتاج الي نقابات قوية تدافع عن اعضائها كما تحتاج الي اتحادات لتلك النقابات تعمل علي حشد جميع النقابات للتضامن مع بعضها البعض حين يواجهها خطر المداهمة او التقسيم . هذه الحلقة المهمة المرتبطة جذريًا بالعصيان المدني - نجدها مفقودة في السودان و كما تعلم فإن الحكومة قامت باعادة صياغة الخدمة المدنية مما جعلها لا تمت للمدنية بشئ ، فكل الوظائف المهمّة و القيادية بالدولة احتكرها انصار النظام انفسهم او اناس لا يشرعون سلاح المعارضة في وجهه ، هذا بالاضافة الي سطو الحكومة علي النقابات من خلال استخدام العنف و التزوير و بالتالي صارت اغلب النقابات في يد الاسلاميين ، و هم قد استطاعوا تزوير نتائج انتخابات جامعة الخرطوم و جامعات السودان الكبري مثل النيلين و الاهلية و الجزيرة و السودان ، فلن يستعصي عليهم انجاز اي تزوير آخر . كما أنّ اعتمادهم نقابة المنشأة قد شل العمل النقابي و فوق ذلك قد تم تفكيك الاتحادات النقابية فصار العمال و المهنيين لا يجدون احد يدافع عن مصالحهم . فتحت هذه الظروف و ظروف تدخل جهاز الامن في كل كبيرة و صغيرة في شئون الدولة - صار من الصعب الرهان علي اكتمال حلقات العصيان المدني ، فلذا فإن الحديث عن اضراب كلّي سيكون بمثابة تسليح الشخص بسيف و مطالبته باصطياد اسد من الغابة بحجّة أنّ هناك اناس فعلوا ذلك من قبل . تلك مسألة لا يطيقها كثير من الناس و كون أنّ البعض قد قام بها - فإن ذلك لا يجعلها متاحة للجميع . قد كان العصيان المدني ناجحًا بدرجة كبيرة مقارنة مع التوقّعات التي تصوّرها بعض المراقبون - لكني اعتقد أنّ تكرار محاولة العصيان المدني مرّة ثانية سوف تأتي بنتائج أقل مما حقّقته في المرّة الفائتة ، و ذلك لأن بعض الموظفين قد يكون تم انذاره بالفصل من العمل في المرة السابقة كما أنّه يكون قد رأي او سمع بأن بعض الموظفين قد تم فصلهم دون أن تتبنّي الجهة الداعية للعصيان قضيّتهم او أن تتحدّث عنها او تناصر قضيّتهم ، و عند هذه النقطة سوف يراجع الشخص نفسه مائة مرّة قبل المشاركة في العصيان ، و عند تكرار العصيان لمرات متعدّدة قد ينشأ رأي سلبي حول آلية العصيان نفسها كآلية فاشلة لا يمكن الاعتماد عليها في النضال و لا احد سيكلّف نفسه للتفكير في ما اذا كان الذي فشل العصيان كوسيلة نضال ام فشلت أداة العصيان التي تم اختيارها فقط ؟
تلك هي القضية التي وددت الحديث عنها في هذا البوست . ممكن للعصيان ان يكون ناجحًا جدًا في مستواه الجزئي الذي قد يستهدف مؤسسات و شركات حكومية يسهل للمواطن مقاطعتها ، و نسبة لأن مصدر دخل المواطن ليس مربوطًا بتلك المؤسسات فسيسهل عليه أن يحاربها و مع كل ضغط يوجّهه المواطن لتلك المؤسسات سوف يحس بقوّته الحقيقية و في نفس الوقت سيقوم بذلك و هو في امن و امان و قناعة كاملة بأن لا احد سيمسه او اسرته او احد اهله بسوء . اما العصيان عندما يكون شاملًا للشركة التي يعمل فيها الشخص فسيجد نفسها محاصرًا لأن الاضراب قد يؤدي الي فصله من العمل و بهذا حتي ان ساهم في المشاركة فانه يسعي لأن تكون مساهمته لا تستمر لفترة طويلة حتي لا تتأثّر بها حياته و حياة اسرته و اهله بصورة مباشرة بالفصل من العمل او بالتشريد و الاعتقال او حتي بقطع مصدر الدخل طيلة ايام الاضراب عن العمل .
اذن اختيار الأداة المناسبة هو المفتاح الاساسي في قضيّة العصيان المدني و الاضراب . و نسبة لأن المواطن السوداني لا توجد لديه ضمانات لانجاز عصيان كلّي بصورة ناجحة ، فاني اري أنّ الافضل هو أن يبدأ الناس بانفاذ عصيان جزئي او مجموعة قليلة من العصيانات الجزئية ثم يتم اختبار نتائجها في فترة لاحقة و بعدها يتم تقييم دقيق للوقوف علي نتائج ما حدث ، وهذه العصيانات الجزئية وحدها كافية لأن تجعل كل العالم يتحدث عن السودان و بعدها سوف تأتي مبادرات المناصرة و الدعم من الدول الشقيقة و الاصدقاء و انصار الحرية في كل مكان . علينا الا نستعجل النصر و الا اوقعنا انفسنا في اخطاء فادحة باستخدام أدوات عمل آني لإدارة صراع يحتاج الي تفكير استراتيجي باستخدام أدوات مدي طويل .
لك التحايا فقد سعدت كثيرِا بمرورك الجميل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: Abuzar Omer)
|
تحياتي Abuzar Omer و اشكرك علي هذا الحوار الموضوعي الهادئ الجميل .
قبل أن استرسل في الكتابة اود أن اشير الي أنّ فكرة البوست ترتكز علي الحديث عن العصيان المدني و تسعي لتوضيح الفارق الجوهري بين الأدوات التي تصلح للمدي القصير ( العصيان الكلي ) و الأدوات التي تصلح للمدي المتوسط او الطويل ( العصيان الجزئي ) ، و حين أقول أداة مدي قصير اعني بالحرف الواحد أنّ استخدام تلك الأداة مرّات و مرّات سيضعفها و ذلك لطبيعة كامنة فيها لأنّها تضيف اعباء علي المنفّذين للعصيان المدني انفسهم قبل أن تضغط علي الشركة او المؤسسة او الحكومة الموجّه ضدّها الاعتصام ، فمثلًا دخول عمّال مؤسسة في اضراب عن العمل لمدة اسبوع في دولة غربية مثلًا - سيضغط عليهم و اذا لم يتم فصل اي واحد منهم فهم سيفقدون راتب اسبوع من دخلهم الشهري المعتاد و هذا الامر يضغط عليهم قبل أن يضغط علي اصحاب المؤسسة خاصة و انّ المؤسسات في الغالب تدير اعمالها باموال المستثمرين و اي خسائر ستقع عليها ستحيلها الي المستثمرين و لذلك فيمكنها ان تصبر علي الخسائر لوقت اطول من العمّال الذين ليس لهم مصدر دخل آخر سوي بيعهم لساعات عملهم الي المؤسسة التي فيها يعملون ، كما أن المؤسسة قد تستخدم جزء من ارباح السنوات الماضية لمقابلة خسائر هذا العام ، و في نفس الوقت في اغلب الاحيان لا يمتلك العمال مدّخرات تعينهم علي تجاوز مثل هذه الطوارئ التي قد لا يضعونها في الاعتبار . و بهذا يصير الاضراب الكلي او الشامل أداة عمل للمدي القصير اذ أنّ العمّال لا يستطيعون الدخول في اضراب مفتوح لمدّة عام مثلًا او خمسة اعوام و ذلك لأن حياتهم سوف تتأثر بصورة مباشرة كلّما زادت مدّة الاعتصام . الحديث هنا ليس حديث قطعي بمعني أنّ اي اعتصام كلّي سيصلح فقط للمدي القصير و اي اعتصام جزئي سيصلح للمدي المتوسط او البعيد . فأخذ الامور بهذه القطعية حين التعامل مع المفردات سيفقدها معانيها و ليس كل ما في الدنيا ابيض او اسود و انما هناك الوان اخري و درجات متفاوتة من تلك الالوان و هكذا يمكننا ان نقيس كل الاشياء . اما أداة العمل في المدي الطويل فهي الأداة التي يمكن استخدامها لفترات طويلة و متكرّرة مرّات و مرات دون الاضرار بالقائمين بالعصيان ، و منها المثال الذي اشرت اليه في مداخلة سابقة و هو المتعلّق بالاضراب عن العمل لساعات إضافية بعد انتهاء ساعات الدوّام الرسمي . فهذا النموذج من الاضراب يصلح لأن يكون اضراب المدي متوسط و ذلك لأنّ القائمين بالعصيان لم يتهدّد مصدر دخلهم و انما انخفض قليلًا بسبب عدم عملهم ساعات اضافية و بالتالي يمكن للاضراب ان يستمر مدة اطول من الاضراب الاول و الذي هو اضراب شامل ، هذا و بالطبع فإن الاضراب المتوسط المدي ايضًا قد لا يصلح للمدي الطويل عند تغيّر الظروف المحيطة بالقائمين بأمر الاضراب ، كأن تكون اجازتي الكريسماس و رأس السنة علي الأبواب مثلًا ، و بذا قد يتراجع بعض العمال عن مواصلة الاعتصام لاحتياجهم للعمل ساعات اضافية لمقابلة مصروفاتهم العالية ابان فترة هذه العطلات . امّا امتناع الناس عن شراء الجرائد التي تدعم خط حكومة الانقاذ - فهذا امر لا يهدّد وجودهم و لا يقلّل من مواردهم المالية فبالتالي يمكنهم أن يقوموا به لأطول وقت حتي لو استمر ذلك الوقت لعشر سنوات ، و هو امتناع جزئي اذ أنّه لم يقرّر اصحابه الامتناع عن التعامل مع كل ما يربطهم بالحكومة و بالطبع فإن هناك جزئيات اذا دخل فيها الممتنعون سيصابون بخسائر اكبر - كأن يمتنع البعض عن دفع جمارك سلعهم المستوردة بحجّة التأثير علي ايرادات الحكومة - بلا شك أنّ النتيجة ستكون في غير صالحهم لأن الحكومة ستقوم بمصادرة تلك البضائع و بالتالي بيعها في مزاد عام و اخذ العائد فإن لم يكفي ذلك لسداد المبلغ المطلوب ستسعي للحصول علي باقي المال المطلوب بوسائل اخري و ما يجري علي الجمارك يجري علي مؤسسة الضرائب مع بعض التغيير الطفيف اذ تقوم الضرائب باصدار اوامر بايقاف رخصة العمل و قفل الشركة او المحل التجاري . اذن يجب أن يفحص المعتصمون وسائل العصيان بدقّة و حذر و بالتالي يحدّدوا ايها تصلح للمدي القصير و ايها تصلح للمدي المتوسط او الطويل . بعد الامثلة التي صغتها في مداخلات سابقة ما توقّعت أنّي ساحتاج لاعادة هذه الجزئيات مرّة اخري لتوضيح ما أنا بصدد قوله في هذا البو ست . فالقضية الاساسية قضية فحص و اختبار و مقارنات ثم اختيار افضل الأدوات التي تعمل بكفاءة في المدي المطلوب . فانا لم أقل مطلقًا بأن الاعتصام الكلي غير صحيح و لكني فقط قلت انه لا يعمل لمدي طويل ، خاصة و أنّه لا احد يدري متي و كيف سيتم اسقاط الحكومة ؟ و بالتالي فإن دفع الناس للدخول في اضراب كلّي دون أن تكون لهم نقابات تحميهم و لتلك النقابات اتحادات تقف وراءها و تدعو نقابات اخري للتضامن معها عند احداث عصيان كلي - فإن الامر ستصب كل عواقبه و بصورة مباشرة علي رؤوس المعتصمين و سيواجهون الفصل من الخدمة وحدهم او الاعتقال و التعذيب و أنّ هذين الحدثين وحدهما سيجعلان آلية العصيان الكلي تتراجع في تحقيق اهدافها كلّما طال المدي المطلوب لتحقيق تلك الاهداف لأن هناك اناس سيتم فصلهم و بالتالي لا يستطيعون المشاركة في الاضراب و البعض سيغيّبه السجن و آخرون سيدفعهم للتراجع الخوف من الفصل في بلد ينتظر فيه الخريجون لسنوات طويلة حتي يتحصل احدهم علي وظيفة لا تفي حتي باساسيات الحياة . اذن العصيان الكلي في هذه الحالة سيكون غير فاعل و عدد المشاركين فيه سيتناقص كلّما طال الزمن للاسباب التي ذكرتها و لاسباب اخري كثيرة . اما الوضع مختلف تمامًا مع مقاطعة جرائد النظام و هنا المقاطعة ستزداد يومًا بعد يوم و الطريق مفتوح لكسب مزيد من المشاركين في المقاطعة بسبب أنّ الامر لا يؤثر بصورة مباشرة علي حياة المقاطعين لجرائد النظام و كلّما مرّ يوم كلّما كسبت المقاطعة اناس جدد و عملوا مع الآخرين لكسب المزيد من المقاطعين . اذن الفاق بين الأداتين كبير . واحدة تبدأ بعدد كبير من المشاركين فيتناقص العدد يوم بعد يوم لطبيعة الأداة نفسها و لضغطها المباشر علي حياة المشاركين ، و الاخري يبدأ عدد المناصرين لها قليلًا فيزداد يومًا بعد يوم لأنها لا تمس حياة الناس بصورة مباشرة و لا تؤثر علي معيشتهم او تهددهم بالفصل عن العمل او بالاعتقال . ذلك كل الذي اردت أن أقوله في مداخلاتي السابقة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: Abuzar Omer)
|
تحياتي مجددًا Abuzar Omer
بخصوص الاسئلة التي قمت بطرحها ساحاول الرّد عليها و قد احتاج لتقديم بعض الاسئلة لك ايضًا لاستيضاح بعض المعاني التي قد تكون غابت عن ناظري .
نعم جاهزية الناس قد وصلت مرحلة متقدّمة و لا اعتقد أنّ ذلك له علاقة بدعوات العصيان المدني الاخيرة ، فغالبية الشعب السوداني لم تناصر الانقاذ و وقف الكثير من الناس ضدّها منذ يومها الاول و قدّم بعض أبناء و بنات الشعب السوداني ارواحهم ثمنًا لذلك - فلا مجال لربط تقدّم جاهزية الناس بدعوات الدخول في عصيان مدني بتاريخ ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦.
اما عن الجزئية الخاصة بانتشار دعوة العصيان المدني رغم قصر فترة اعلانها و أنّ التراجع للقيام بمقاطعة جزئية بعد نجاح العصيان سيكون فكرة غير ملائمة ، فيمكنني أن أقول لك سوف لن يكن العصيان الجزئي تراجع بل هو أداة نضال تتحصّن بمصادر قوّة يفتقدها العصيان الكلّي كما اوضحت في مداخلات سابقة من قبل ، كما أنّ تغيير المسار عند النضال لا يمكن أن يوصف بأنّه تراجع و الا لكانت دعوة العصيان المدني نفسها اكبر تراجع ، فالمعارضة السودانية في فترة التسعينيات كانت تحمل السلاح و قد كانت للتجمع الوطني الديمقراطي معسكرات و جيوش و كانت قوات التحالف الديمقراطي تختطف الشاحنات و المسئولين و الضباط الحكوميين من داخل حدود السودان و علي شارع رئيسي عامر بالحركة كشارع الخرطوم بورتسودان ، و حينما لم تجدي تلك الوسائل ارتزت المعارضة السودانية أن تجري تعديلًا علي مسارها ووسائلها في النضال ثم جاءت فكرة العودة و المصالحات بعد نيفاشا ، و بعدها تقدّم شباب قرفنا و شباب آخرين رأوا أنّ الحل يكمن في حملة اسقاط المؤتمر الوطني التي اعلنوها في العام ٢٠١٠ ثم عاد الشباب و الاحزاب الي التظاهرات قبل و بعد فصل الجنوب في العام ٢٠١١ ثم تكررت المظاهرات في العام ٢٠١٢ مظاهرات شذاذ آفاق و لحس الكوع و بعدها مظاهرات شهداء سبتمبر في العام ٢٠١٣ و الآن عادوا لتقييم أدواتهم النضالية فاختاروا العصيان المدني - فلا يمكننا أن نقول بأنّ العصيان المدني في ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦ يمثل تراجعًا عن انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ . اذن القضية ليست مرتبطة بالتقدّم و التراجع بقدر ما هي مرتبطة بالبحث عن انسب الوسائل لاتّباعها في زمن محدّد دون غيره من الازمان ، و ذلك ما دفع بي للقول بأنّ أداة العصيان الجزئي المتمثّلة في مقاطعة التعامل مع المكاتب الحكومية ليوم واحد و مقاطعة صحف النظام ستكون اكثر فعالية لأنّها أداة عمل للمدي الطويل مقارنة بالعصيان المدني المتمثل في عدم الذهاب للعمل و الذي هو أداة عمل للمدي القصير ، قد يعجز المشاركون في الاضراب عن التمسّك بها لفترة طويلة ، لذلك اري أنّ العصيان المدني الكلي قد أدّي دوره بتفعيل الحراك و الاعداد لمواجهة النظام بأدوات اخري و بالتالي لا يجب تكرار العصيان المدني مرة ثانية في هذا الوقت علي وجه التحديد لأن خصائص أدوات العمل في المدي القصير سوف تبدأ بالظهور و بالتالي ستتراجع حصيلة الايجابيات و تتزايد السلبيات ، اما في هذه المرحلة فالافضل باعتقادي هو التوجّه للعصيانات الجزئية و التي تتيح لاصحابها فرصة افضل للتمسّك بها لزمن اطول ، هذا مع العلم بأن تسمية قصير و متوسط و طويل هي فقط للمقارنة و ليست لتحديد زمن بعينه من الازمان .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
عودة لك Abuzar Omer
عفوا لتجزئة الرّد علي اسئلتك في عدد من المداخلات ، السبب هو أنّي خشيت اذا حصرت كل الردود في مداخلة واحدة سوف تكون طويلة تصعب متابعتها .
اما عن مخاوفك التي أبديتها بخصوص ضياع الجهد و تسلل الاحباط او معالجات النظام للسيناريوهات المماثلة ، فأري أنّها مخاوف لا يمكن أن نقول بأن حديثي عن العصيان الجزئي هو البيئة الملائمة التي يمكن أن تنمو فيها تلك المخاوف دون سواها من البيئات ، فتلك مخاوف واردة الحدوث مع كل التصوّرات بما فيها العصيان المدني او الاضراب عن العمل او التظاهر ضد الحكومة او حتي حمل السلاح في وجه اجهزة و جيش و انصار النظام ، لذا فإن توجيهها لتكون واردة فقط عندما اتحدث انا عن عصيان جزئي - فذلك سوف لن يلغي آثارها علي الخيارات الاخري بما فيها العصيان المدني و الذي للامانة أري أنّ تكراره لمرة او مرّات قادمة و بصورته الكلية تلك سيجعله مورد احباط كبير جدا اذا تمّ فشله غير المستبعد ( لاشكال آليات المدي القصير التي تحدثت عنها ) و عند فشله سيكون اكبر مدعاة للاحباط و سيحس الكثيرون بأنّ جهودهم في العمل و الترتيب له قد ضاعت هدر و ذلك قد يدفعهم للحكم عليه بأنّه أداة فاشلة ، علمًا بأن الذي يكون قد فشل حينها الاستخدام الخاطئ للعصيان المدني بصورته الكلية و ليس العصيان المدني كأداة ( و الذي ينقسم لكلي ينجح في المدي القريب ، و جزئي اكثر حظًا في النجاح في المدي البعيد ) . هذا جاتب و الجانب الآخر هو أنّ المعارضون السودانيون لو كانوا يقيمون للجهد وزنًا كبيرًا بهذا القدر يضعه في مثل هذه الدرجة العالية من الحساسية - لحاسبوا انفسهم علي ٢٧ سنة اهدر فيها جهدهم و طاقتهم حكم الحركة الاسلامية و البشير ، و لكن يبدو لي أنّ الامر ليس بمثل تلك الحساسية التي احتواها السؤال ، اما الاحباط فهو قائم و لو كان الاحباط سيوقف الشعب السوداني عن التفكير في النضال لاحبطه فشل خطّة ( مائة يوم لاسقاط النظام ) و التي رفعت شعارها بعض احزاب قوي الاجماع الوطني في فترة سابقة قاربت للعامين ، فايهما أدعي للاحباط ، فشل خطة اسقاط النظام في مائة يوم ام ما جاء بهذا البوست ؟ اما عن سيناريوهات النظام فإن كنت تعني بها محاولاته قمع القائمين بالعصيان المدني - فتلك مسألة يجب أن يضعها في الاعتبار المنادون بالعصيان المدني اولًا ، لأنّ ما اتحدّث عنه هنا سيصعب علي الحكومة معه ملاحقة الناس ، اذ كيف لجهاز الامن أن يعتقل جمهور الناس و ربّات المنازل لأنّهم اختاروا يوم الخميس ليكون يومًا لمقاطعة المكاتب الحكومية اعلانًا لحالة عصيان جزئي يستهدف لفت انظار العالم حول قضايا الصراع في السودان ؟ كما أنّه كيف لجهاز الامن ان يعتقل المواطنون لأنهم رفضوا شراء الصحف التي تدعم النظام ؟ اذن سيناريوهات النظام التي اشرت اليها انت عند اختبارها نجدها تعمل بصورة افضل مع العصيانات الكلية و ليست الجزئية خصوصًا اذا استصحبنا معنا النماذج التي عرضتها لك و بنيت عليها جزء كبير من مادة هذا البوست .
هناك جزئيات اخري جاءت في اسئلتك كالضرب علي الحديد و السؤال عن اذا كان بالامكان ازالة النظام من غير مواجهة و الخوف من عمليات تغيير الجلد ، فتلك قضايا اري أنّ البوست ليس معنيًا بها و باثارتها و كأنّك قرّرت ان تضع لي الكثير من مشاكل السودان السياسية العالقة لأقدّم بشأنها اقتراحات و حلول في هذا البوست .
بصراحة لقد حاولت جاهدًا الاجابة علي كل الاسئلة لكن بعضها ارهقني لأني وجدت نفسي و كأني مطالب بايجاد حلول لكل قضايا السودان السياسية العالقة ، فتلك مسألة انا لا أدّعيها بأي حال ، فارجو ان تقبل منّي هذه الاجابات المختصرة لأن الحوار بهذه الطريقة يبتعد بي عن موضوع البوست الاصلي و الذي لا اود الخروج عنه .
عندما أقرأ الضرب علي الحديد و هو ساخن احس بأن البشير و اسرته في المطار الآن و هم علي وشك الهروب لأن الثورة السودانية ستقضي عليهم ان لم يهربوا ، لقد حدث و أن دخل خليل ابراهيم باسلحته الي امدرمان و مات في تلك المعركة اعداد كبيرة من انصار النظام ، فهل اللحظة الحالية من تاريخ السودان تمثّل اكثر سخونة من تلك اللحظات ؟ كما أنّ جنود الحركة الشعبية قد دخلوا مدينة كسلا في مرّة سابقة و قد هدّدوا كل شرق السودان ، كما انه تمّت عدّة محاولات انقلابية بالخرطوم في مرّات سابقة كثيرة ، و مع ذلك لا زال النظام كما هو ممسك بكل مفاصل الدولة . كل تلك الاحداث لم توصف بأنّها جعلت حديد الانقاذ ساخن يجب الطرق عليه ، فكيف يمكن وصف العصيان المدني الاخير بأنه جعل منها ذلك الحديد الساخن الجاهز للطرق بقوة عليه ؟
الامر باعتقادي بسيط و هو اختلاف في طريقة تفكير كل واحد منّا فأنت تري أن نتائج الاعمال يجب أن تكون آنية . عصيان مدني و عليه الانقاذ تصير حديد ساخن او ان الشعب حديد ساخن يجب الطرق عليه لاستكمال حلقات الثورة ، و انا اري ان الحلول تكون استراتيجية باختيار الأدوات الصحيحة في اللحظة المناسبة ثم انتظار الوقت الكافي لجني ثمار تلك الاعمال . المواجهات مع النظام تتعدّد بتعدّد المعارك و الميادين ، فمثلًا لا يمكن ان ندعو القوي المسلحة لحسم معركة في انتخابات نقابة المحامين او الاطباء ، كما أنّه لا يمكن ان نطلب من اهل جبال النوبة ان يتقدّموا بعريضة احتجاج لقائد الانتنوف التي تقصف اهلهم في كل مكان . اذن تلك قضايا شائكة و بصراحة لا اري أن الحديث عنها يصلح في هذا المكان . اما عن روبرت غابرييل موغابي فهو ليس الاسوأ في المنطقة خصوصًا و انه كان اول رئيس تم انتخابه ليرأس حكومة بلاده ، اما كونه صار دكتاتور و قاد الاقتصاد الزيمبابوي الي هذا الحال فلا علاقة لذلك بنظام البشير . و ان كان الانتهازيون في كل مكان .
اعرف أنّي قد قصّرت في تقديم اضاءة حول الاسئلة المطروحة و اعتذر لك عن ذلك لأن الامر غير مقصود ، فقط الاسئلة كانت كثيرة و لا تسير علي وتيرة واحدة و كأنّي بفتح هذا البوست قد صرت مطالبًا بتقديم حلولًا جذرية لكل مشاكل السودان السياسية و في هذا البوست بالتحديد .
اكرر شكري لك كثيرا علي فتح أبواب متعددة للحوار في هذا البوست . كن بخير .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
الأخ وليد شكرا على مجهودك الكبير في التحليل. حقيقة منذ زمن لم أقرا موضوع يناقش بهدوء و عقلانية طرق و أساليب و كذلك مالىت مواجهة النظام بشكل فعال و بأقل التكاليف و بأنجع الوسائل و لأضمن النتائج. خاصة أنه في الفترة الأخيرة تكاثرت الدعوات المختلفة و لكن لأن معظمها غير واقعي و بعضها خيالي و غير منطقي كان تاثيرها على المتابعة سالب جداً. كما تُظهِر الناس و كأنها تتخبط او في حيرة من أمرها. فعلا الناس تحتاج لنقاش موضوعي لأن أي خطأ أو خطوة غير محسوبة تعود بالفشل أضعاف مضاعفة. و في نفس الوقت تعطي الحكومة فرصة لمجابهة الموقف. الناس تحتاج لجهة تثق فيها و في دعواتها و إلا ..سوف تنفض من حولك و تجد نفسك في الساحة وحيدا.
المرحلة القادمة تحتاج للحكمة و التخطيط الداقي و وضع البدائل المدروس و الواقعية. شكرا الأخ وليد أنت اصبت كبد الحقيقة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
الاخ محمد عبد الله الحسين لك التحايا و اشكرك للمشاركة في الحوار .
يا اخي قد افترضت الحركة الاسلامية أنّ السودان لا اهل له و قد نسي قادتها جميعهم أنّ الشعب السوداني هو الذي صنعهم و أنّ تفوّق الحركة الاسلامية السودانية علي قريناتها في المنطقة الافريقية و العربية لم يأت إلّا كنتاج طبيعي لتفوّق نضالات الشعب السوداني و ارثه العظيم ضد المستعمرين و دكتاتوريات العساكر ، و حين آل للحركة الاسلامية امر السودان بقوّة السلاح نسي انصارها نضالات شعب السودان و رفضه للسيطرة و الغزو منذ حملات الصحابي عبد الله بن أبي السرح و التي اوقفها رماة الحَدَق و تراجع بعدها المسلمون و سعوا للمصالحة بعد أن عجزوا عن دخول السودان بقوّة السيف . ذلك هو السودان الذي نعرفه و ليس لأحد أن يضطهد اهله ايما كان السبب و الامر.
اشكر كثيرًا لهذا المررر الجميل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
شكرا وليد على الكتابة الممتازة .
من ثمار هذا العصيان علينا .. أن أعاد إلينا فضيلة التفكير في الكيفيات الني يستطيع من خلالها الشعب السوداني امتلاك المبادرة والقدرة على استرجاع الدولة السودانية.. ولنقل استقلالها يا صديقي .. فما حدث ويحدث أشبه بالاستعمار.
النقطة الجوهرية ااكثر الحاحا في حديثك (كما فهمتها) تدور حول جدوى اعادة العصيان وتكراره ..
في يقيني أن الأمر مطروح الآن .. ويحتمل كثيرا من مقومات النجاح .. وسيساهم مساهمة واسعة في تصعيد العمل الثوري الجماهيري .. وسيدفع وسيتكامل مع العمل السياسي وآلياتو المختلفة حتما,
تنادى الناس لاضراب في 19 ديسمبر .. فاذا ما تم الاتفاق بشكل نهائي على ذلك .. نحن امام سيناريوهان
الأول أن يكون ذلك اسهاما ايجابيا .. او أن يكون ذلك ونتائجة تراجعا في مسار الخلاص الوطني .. فما هي العوامل التي ستحسم الأمر ؟!
العامل الاول الجماهير .. وبقياسي وكأحدى نتائج عصيان 27 نوفمبر .. ارجح جدا اتساع دائرة العصيان جماهيريا ومناطقيا .. سيكون التحفز الجماهير اكبر .. والاعلامي أكبر بكثير (لا تصادر الصحف السودانية عبثا) .. ساتناول ذلك في العامل الثالث
العامل الثاني االاداء الحكومي في التعامل مع الازمة السودانية بشكل عام .. والجانب الاقتصادي والامني بشكل خاص .. وللاداء الحكومي علاقة عكسية مع نجاح العصيان الثاني .. ومما نشاهده اكتفي بايراد 3 شواهد.. تخبط الاداء الحكومي حول القرارات الاقتصادية .. التحرك الخارجي لعمر البشير نحو الامارت لتسول الدعم ونتائج ذلك. والثالث التعامل الامني البليد كاغلاق الصحف ومحاسبة المعتصمين وعقاب المؤسسات الخاصة والعامة التي شاركت (اغلاق بعض المدارس ومصادرة ترخيصها بالاضافة للاعتقالات).. واعتقد ان النظام قد تعامل بشكل سيء تماما .. ولعل تضارب تصريحاتهم وهزليتها في غالبها دليل على ما نقول .. كما لن تفضي التحركات الامنية البليدة الا لاتساع دائرة المظالم والغبن للجميع .. الصحفي والصحيفة والطالب والمدرسة والموظف والعامل والمواطن بالاساس.
العامل الاعلامي .. في المنابر .. في قنوات التواصل الاجتماعي .. في الصحف العالمية والمحلية .. في القنوات الاحبارية .. تمددت دائرة العلم بالاعتصام السوداني المعجز الذي تم وحتى غادر محتواه الاعلامي الاطار الاعلامي الضيق وانتشر بين الناس جميعا.. كل من اعرفة يتحدث عن الاعتصام بشيء من الفخر والاعتزاز الوطني ... تمت حالة استقطاب حادة وغير مسبوقة في المجتمع السوداني ... تكتل غير مسبوق تجاه النظام .. وكأن الشعب قد قال كلمته الأخيرة وانتهى الامر.
العوامل كثيرة ولكن بتناول ال 3 اعلاه أقول:
سيكون الاعتصام القادم .. وهو قادم لا محاولة .. مسمارا اضافيا في نعش الانقاذ .. وهو آلية ناجعة بالتأكيد .. ليست الوحيدة .. ولا يمكن تكرارها كثيرا ولكنها وضمن معطيات الراهن الآني .. وسيلة عبقرية وناجحة دونما شك.
مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: محمد حيدر المشرف)
|
هناك شيء آخر جدير بالملاحظة و هو قد يؤثر تأثير سالب . هناك بعض الذين كانوا يناصرون النظام و الذين لربما ادركو خطأهم أو نتائج مناصرتهم و بدأوا في نقده و الإنفضاض من حوله. هؤلاء يجب ضمهم لصفوف الجماهير و اعتبار موقفهم مكسب و في نفس الوقت خصماً على النظام. بدلاً من أن نرميهم بجرم أو خطأ مواقفهم السابقة (في غباء نُحْسَد عليه) و ننسى أننا لا زلنا نقف في الشاطيء و بذلك نخسر المؤيدين و ننسى أننا نحتاج لكل جهد و لكل موقف يساعدنا في هد جدران النظام. يجب أن لا نوصم مثل هؤلاء التائبين أو المتراجعين بالنفاق أو بأنهم حصان طروادة للنظام و بأنهم يودون أن يجدوا لهم مخارجة. و كيف لا نعطي للبشر مهما كانوا فرصة للتوبة أو التراجع أو تصحيح الخطأ ؟ أليست الحياة كلها تجارب و خطأ يعقبه صواب؟ ما هذه العقلية التي تذكرنا بمن يعطوا صكوك الغفران؟ ما قصر النظر هذا؟ ما هذه العقلية البائسة؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: محمد حيدر المشرف)
|
التحايا لك محمد حيدر المشرف ، و اشكرك كثيرًا علي هذه المداخلة المليئة بآراء كثيرة تحفّز علي استمرارية الحوار ، كما اعتذر لك و لكل المتداخلين الآخرين لأنّي تأخّرت بالتعليق علي مداخلاتكم و لم يكن ذلك عن قصد و انّما لظروف خارجة عن ارادتي كما هو الحال دائمًا عندما نتعامل مع متغيّرات الحياة التي ارهقتنا بعشوائيتها ، اذ أنّ الناس يخططون بكل حماس لأجل تسيير شئونهم فتأتي الحياة بمعادلات اخري لم يضعها احدهم في اعتباره حينما تصوّر و خطّط و نفّذ مشاريعه الحياتية التي ينتظر ملامستها او الارتقاء بها الي قمم التفوّق و النجاح .
أجد نفسي لا اختلف معك كثيرًا فيما تناولته ، فقد وجّهت الضوء نحو نقاط متعدّدة و في درجة عالية من الاهمية - آمل أن استطيع التعليق عليها بصورة مفصّلة تشرح ما نلتقي حوله و ما نختلف فيه إن كانت هناك اوجه اختلاف ، و ارجو المعذرة إن جاءت تعليقاتي بدرجة أقلّ مما يتوقّعه المتابعون ، فالقضايا كثيرة و شائكة و متداخلة و يصعب تناولها جميعًا في بوست واحد علي صفحات هذا المنبر الجامع .
ارتأيت أن أبدأ نقاش مداخلتك الشاملة ، من جزئها الاخير و ذلك لاعتقادي أنّه هو الجزء الاكثر وضوحًا لملامح رأيك الذي استشهدت لأجل ايضاحه بآراء كثيرة تدعم ما تراه و تفكّر فيه و هو رؤيتك بأنّك تدعم عصيان ١٩ ديسمبر الذي تضاربت الأقوال حول جدواه ( هذا بالطبع ما فهمته أنا من مداخلتك و ليس بالضرورة أن يكون صحيحَا و لكنه يمثل حجر الزاوية الذي سوف أبني عليه تعليقي عن هذه الجزئية الاخيرة من مداخلتك ). اعتقد أنّك اوفيت الوصف حقّه و مزيد ، عندما تحدّثت عن العامل الاعلامي و انتشار خبر عصيان ٢٧ نوفمبر في المنابر و قنوات التواصل الاجتماعي ، الصحف العالمية و المحلية ، القنوات الاخبارية و تمدده و انتشاره بين الناس . تلك بطبيعة الحال مؤشّرات جيّدة تقود الي تأكيد فاعلية العصيان المدني يوم ٢٧ نوفمبر و اليومين التاليين خاصة حينما نضيف اليها استشهادك و انت تقول : ( كل من اعرفه يتحدث عن الاعتصام بشئ من الفخر و الاعتزاز الوطني ) . او حديثك عن حالة الاستقطاب الحادة في المجتمع السوداني و التكتل غير المسبوق تجاه النظام و كأن الشعب قال قولته الاخيرة و انتهي . اوافقك الرأي حول ما قدّمته انت من اطروحة اعتقد انها سليمة جدًا عندما ننظر اليها من بوابة كونها تقديم مفصّل يعرض شواهد و صور نطّلع من خلالها علي نجاح عصيان ٢٧ نوفمبر و اليومين التاليين ، و لا اعتقد أنّ المفتاح الاساسي لحوار قضية عصيان ٢٧ نوفمبر يكمن في تقديم شواهد تدل علي النجاح ( فتلك هي العتبة الاولي في مدرج الحوار حول ذلك العصيان المدني ، تلك العتبة التي اعتقد أنّ كثير من المراقبين يتّفقون حولها ) ، لذلك دعنا نثبتها كما جئت بها انت ( و دون اي تعديل ) و لكن دعنا ايضًا نتقدّم خطوة واحدة او بضع خطوات في مسار تحليلنا لعصيان ٢٧ نوفمبر سعيًا للوقوف علي حقائق او مشاهدات تعيننا علي قراءة ما سوف يأتي من خطوات تلي ما اتفقنا عليه من نجاح العصيان في ايامه الثلاثة و لو كان ذلك النجاح بدرجات متفاوتة تصاعديًا كان ذلك التفاوت او تنازلي . يمكنني ربط ما اود أن أقوله حول هذا الجزء الاول من مداخلتك الاخيرة - بجزء آخر جاء في صياغ نفس المداخلة في طرفها الاخير و هو الجزء المتعلّق بتوقّعاتك حول عصيان ١٩ ديسمبر بأنّه سيكون مسمارًا إضافيًا في نعش الانقاذ و هو آلية ناجعة ( كما وصفته ) و بالتأكيد ليس الوحيدة و لا يمكن تكرارها كثيرًا و لكنها و ضمن معطيات الراهن الآني وسيلة عبقرية و ناجحة دونما شك . انتهي الاقتباس. اذا اردت مناقشة هذه الاطروحات وفقًا لما قدّمته لك من تصوّر - فيمكنني أن أقول إن قضيّتي الاساسية هي أنّ العصيان أداة عمل للمدي القصير ( كما اوردت ذلك في مرّات سابقة ) ، و الاشكال الناجم عن عدم جدوي تكرار العصيان المدني بالنسبة لي يأتي من قناعتي بأنّ العصيان المدني ( المرتبط بعدم الذهاب الي العمل ) يشبه كثيرًا الغوص داخل الماء . فالانسان يمكنه أن يغوص داخل الماء لاستكشاف بعض اسرار البحار ، او لاصلاح سفينة متعطّلة او للاستمتاع بتلك الرياضة التي يعشقها الملايين - و لكنه دونما شك لا يستطيع الغوص داخل الماء بغرض اتخاذ الماء مسكنًا له بديلًا عن الارض . هنا يأتي الحديث عن الانسان الذي يحمل معه اوكسجين ، اما في حالة عصياننا المدني و الذي لا تدعمه نقابات تقاتل لأجل مصالح منتسبيها ، او اتحاد نقابات ينظم عمل كل النقابات بالدولة و يجهر بدعوة احداها لمناصرة الاخري و التضامن معها حال نزل باعضائها مكروه . إذن حال العصيان المدني عندنا تحت هذه الظروف الناقصة للحراك النقابي - سيكون ليس بمثابة غوص في الماء ( باوكسجين ) كما هو حال مستكشفي اسرار البحار ، و لكنه بلا شك سيكون بمثابة غوص داخل الماء لبضع امتار يعقبه خروج سريع لأجل استنشاق الهواء و ذلك ما يجعله امرًا صعبًا او حتي قاتل و مستحيل ، لذلك أقول إنّ تكرار العصيان المدني ( في ظروفه الحالية ) سيكون بمثابة الاصرار علي مواصلة الغطس في الماء و إن كانت الحقيقة البديهية تقول بأنّ الانسان لا يستطيع أن يدوم طويلًا عند غطسه في الماء . فالموظفون و العمّال سوف لن يستطيعوا الدخول في عصيانات مدنية متكرّرة او لمدّة طويلة لأن ذلك سوف يضع معايشهم في خطر حتي و لو لم تقم بفصلهم الحكومة او إدارات المصانع و الشركات ، و هذه البديهة مفادها أنّ العمال و الموظفون يبيعون ساعات عملهم للحكومة و المصانع و الشركات و يكون ذلك بمثابة مصدر دخلهم الوحيد و الذي لا يمكن أن يخاطروا بفقده لمجرّد أنّ هناك مجموعة بالفيس بوك او الوتساب قد طرحت عليهم فكرة الدخول في عصيان مدني لأجل اسقاط النظام ، و حتي الذين وافقوا علي الدخول في عصيان سابق قد يجدون من الصعب عليهم تكرار ذلك المشهد ( الخطر ) مرّة اخري ، خاصة اذا كانت قد انذرتهم إدارات شركاتهم انذارًا اخيرًا بالفصل عند تكرار المشاركة في عصيان . اذن مطالبة العمال و الموظفين بالدخول في عصيان مدني آخر ستكون بمثابة وضعهم في مواجهة مع مصالحهم الشخصية في وطن تمسك فيه الحكومة بكل الملفّات و هم يدركون تمامًا السيرة السيئة للحكومة في حملات الفصل التعسّفي من الخدمة لكل الذين لا يقبلون برامجها ، كما لا تخفي عليهم حقيقة صعوبة الحصول علي عمل في وطن كالسودان يقوم فيه كل شئ علي المحسوبية و الولاء للحاكمين في ظروف عطالة شاملة عصَفَت بمئات الالوف من الخرّيجات و الخريجين و هم يحترقون يومًا بعد يوم في انتظار فرصة عمل تفي لهم و لو بجزء يسير من احتياجاتهم المادية في وطن تتصاعد فيه الاسعار بوتائر متزايدة جرّاء استشراء التضخم و الذي هو ناجم عن عجز الحكومة و فشلها في ادارة الاقتصاد . لقد كان عصيان ٢٧ نوفمبر ناجحًا بكثير من المقاييس ، و هي تلك المقاييس التي اوردتها انت و يمكن إضافة مقاييس اخري اليها ، و لكن ليس ذلك ما يهمني في هذا الامر - بقدر ما تزعجني الدعوة التي ينادي اصحابها بتكرار العصيان المدني في يوم ١٩ ديسمبر ، و رغم احترامي الكامل لمواقف المنادين بذلك العصيان المدني و رغم اعترافي الكامل بحقهم للنداء بذلك العصيان - الا أنّي اري أنّ الجهة الراعية لامر العصيان لم تسعي لمعالجة آثار العصيان السابق ( استعادة المفصولين او ارجاع الرخص المسحوبة او إطلاق سراح المعتقلين ) ، و رغم عدم معالجتها لآثار العصيان السابق فإنها ايضًا لم تعلن عن خطّة لحماية الذين سيشاركون في العصيان القادم ، و بالتالي فإن الدّعوة لعصيان مدني بهذه الطريقة التي تشبه المخاطرة بوظائف و موارد دخل المشاركين - ستكون بلا شك محرّك قوي ( لنقطة الانقلاب ) تلك النقطة التي عندها سيتراجع عدد المشاركين في العصيان ، فحينها سيجد المواطن لنفسه العذر في عدم المشاركة حفاظًا علي مصالحه الخاصة التي قد تتأثّر بصورة مباشرة بالعصيان . و هذا ما اخشاه ، لذلك لا أجد نفسي من مناصري الدّعوة لعصيان ١٩ ديسمبر . و هناك نقطة اري انها اساسية يجب استصحابها عند دخولنا في مجاهل هذا الحوار ، و هي أنّ الجماهير لم تر يومًا أنّ مجئ او حتي بقاء حكومة الانقاذ قد كان بسبب قصور او تقصير منها ، و بالاحري فإن الجماهير تعيب علي قادتها السياسيين انهم لم يدافعوا عن الديمقراطية لافشال الانقلاب ، كما انهم لم يكونوا فاعلين في استصدار خطط و برامج و موجّهات تقود الجماهير للوصول الي الديمقراطية التي يسعي لها الجميع . و الحال كذلك فإنّ الجماهير سوف تتوقّع من قادتها الكثير - فهل قادة العمل السياسي بالسودان سيكونون في مقدّمة الطليعة التي ستشارك في العصيان المدني المعلن يوم ١٩ ديسمبر ؟ اذا جاءت الإجابة بلا علي السؤال اعلاه ( من وجهة نظر الجماهير ، ليس وجهة نظري او وجهة نظرك ) فإن للجماهير حينها قول لا يستطيع تغييره السياسيون . لذلك اري أنّ تكرار العصيان مرّة اخري، ثم عدد آخر من المرّات سوف يأتي بنتائج متراجعة ( عدد المشاركون سيتناقص كلّما طالت فترة الاعتصام او تكرّرت دوراته ) . هذا كما اوضحت في مرات سابقة انه ناجم عن طبيعة العصيان المدني نفسها و الذي هو أداة عمل للمدي القصير تنجح في تجميع الناس و توحيد رؤيتهم ثم لفت العالم الي القضايا التي دخلت لأجلها الجماهير في اعتصام ، و لكن لا يمكن بأي حال استخدامه كأداة استراتيجية لتغيير حكومة بقيت بالسلطة لمدة ٢٧ عام و لها سجل دامي عند التعامل مع قضايا الحكم و المعارضة و المعارضين. كما أنّ الصراع الدّائر حول السلطة ( الآن ) لم يصل الي مستويات متقدّمة يمكن من خلالها للعصيان المدني ان يخنق الحكومة كما حدث لحكومة عبود في اكتوبر من العام ١٩٦٤ ، اذ لا زالت حكومة الانقاذ تسيطر علي سلاح الدولة و وظائفها و شركاتها و كل ما يختص بها في القري و المدن ، بالاضافة الي قبضتها الشاملة علي الصحافة و الاعلام و استفادتها من الاتفاقات الإقليمية في منطقة دخل فيها الاسلام السياسي الي قلوب اعداد كبيرة من الجماهير - يري بعضهم أنّ المساس بحكومة الخرطوم يعني مساسًا بالاسلام ، هذا بالاضافة الي المعونات التي تتحصّل عليها حكومة الخرطوم من بعض الدول العربية كنتيجة لشروط التبادل التجاري الجائر بين تلك الدول و السودان تحت ظل حكومة البشير . او قد يأتي ذلك العون كنتاج لطمع بعض تلك الدول في مصالح اقتصادية او اراضي تحصل عليها من الحكومة المفلسة (حكومة السودان ) ، او لاعتيادهم علي دخول حكومة السودان في سرداب الارتزاق من القضايا كما هو حادث فيما اسماه السعوديون عاصفة الحزم و التي لا علاقة بدولة السودان بها طالما انها تأتي في اطار الصراع السني الشيعي ( خاصة و ان حكومة البشير لا تحمل رأي اخلاقي حول الشيعة بدليل تحالفها السابق مع ايران ) ، و لكن البحث عن مداخل جديدة لاموال الخليج هو ما يدفع الحكومة للقيام بمثل تلك المواقف المذهلة ، و بالطبع فإن تلك الدول لن تكتفي بمنح حكومة السودان المال و بالضرورة فإن مصالح ( الحكومات القابضة ) تتجاوز المؤازرة و المال و تصل الي درجة الدعم العسكري و الدفاع ( كما حدث بين نميري و القذافي من جهة ، و نميري و السادات من جهة اخري ) . اذن كل هذه القضايا و قضايا اخري شائكة غيرها يجب أن يضعها في حسبانهم الدّاعون او المشاركون في ذلك العصيان . لهذا اري جدوي المقاطعة الاقتصادية الجزئية او العصيان الجزئي عن التعامل مع المؤسسات الحكومية ، كأن يعمل الداعون للاعتصام علي لف الجماهير حول فكرة مقاطعة المؤسسات الحكومية يوم واحد فقط من ايام الاسبوع مع مواصلة التعامل معها بصورة طبيعية فيما تبقّي من ايام ، و اري ان يكون يوم الخميس هو ذلك اليوم لأن العمل فيه يبدأ عند الساعة التاسعة صباحًا و تغلق المؤسسات فيه ابوابها مع الجمهور عند الساعة الثانية عشرة ظهرا . اذن عمليًا فهو يوم من ثلاث ساعات فقط و لذا فإن مقاطعة المؤسسات الحكومية فيه سوف لن تتضرّر منها الجماهير بل انها ستأتي بفوائد كبير في لفت نظر العالم لقضية الشعب السوداني و تضع ثقافة العصيان الجزئي موضع التنفيذ ، ذلك العصيان الذي سوف يزداد يومًا بعد يوم نسبة لسهولة الامر ، كما أنّ مقاطعة جرائد النظام ستعود علي تلك الجرائد بخسارات مادية طائلة في حين ان الجماهير ستقوم بذلك دون أن تتأثّر بطول او قصر فترة تلك المقاطعات ، كما أنّ افقار جرائد النظام قد يضطر الحكومة لدعمها بالمال لمواجهة الخسائر التي قد تتعرّض لها تلك الجرائد ، و عليه سوف يمثّل ذلك الدعم ضغطًا علي الحكومة ( المفلسة ) مما يعجّل من و تائر انهيارها الاقتصادي الوشيك ، و ما يحدث مع جرائد النظام يمكن تكراره مع شركات جهاز الامن - خاصة و ان الجهاز يموّل جزء من اعماله من ارباح تلك الشركات . و هذه المقاطعات الجزئية للنظام تأتي ميزتها في كون الجماهير لن تتضرّر منها و هي في مسعاها لاحكام القبضة حول عنق السلطة و اجهزتها ، اذ انه لن يتوقّع احد المشاركين في المقاطعة ان جهاز الامن سيقوم باعتقاله او فصله من العمل لكونه لم يشتري منتجات احدي الشركات الامنية التابعة للجهاز ، و تلك هي مصادر قوّة المقاطعة الجزئية او حتي العصيان الجزئي حين يتعلّق الامر بقضايا لا ترتبط مباشرة ( بأكل عيش الجماهير ) ، كما أنّ العصيان الجزئي قد يكون بوسائل متعدّدة بهدف تحقيق نتائج متنوّعة تصب جميعها في صالح الثورة السودانية ، كأن يتم توجيه الجماهير بأن تقوم بتحديد خمس او عشر دقائق في اليوم او الاسبوع او حتي في الشهر لا يتبادل فيها الناس في تلفوناتهم سوي رسائل تتحدّث عن الثورة و تنقل اخبارها و تدعو للعصيانات و المقاطعات الجزئية ، و دون شك أنّ الجماهير سوف تبدع في ذلك المجال ان علمت ما هو المطلوب منها بالضبط و ان لم يهدّد ذلك عملها او قوت من تعول ، و تلك العصيانات و المقاطعات الجزئية ستتراكم يومًا بعد يوم و ستصبح يومًا ما عملاقًا لن يستطع مواجهته النظام و حينها يمكن أن يتم تدعيم ذلك المسار بعصيان مدني شامل يقصم ظهر الدولة بعد ضمان مشاركة كل الفئات تسريعًا للحظة الفعل الثوري و التي يعجز فيها عن مواجهة الجماهير النظام .
اعتذر عن طول المداخلة و سوف اعود لاحقًا لمواصلة الحوار بمناقشة الجزئيات الاخري بمداخلتك و الوقوف عند المداخلات المتبقّية و التي قدّمها آخرون و فتحت مسارات جديدة و أضاءت نقاط معتمة لم يتناولها البوست بالحوار .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التفكير الاستراتيجي و التفكير الآني - بين (Re: وليد زمبركس)
|
الرائعة مني عمسيب و الرائعون Abuzar Omer و محمد عبد الله الحسن و محمد حيدر المشرف . لكم التحايا . فقد كنت وعدت في مرّة سابقة بأن اعود لمواصلة الحوار حول مشاركاتكم التي رفدتم بها البوست . الآن استأذنكم لأوقف الحوار في هذا البوست و كلّي امل أنّكم ستتفهّمون موقفي و الدوافع وراء هذا القرار المفاجئ - فأنا لا اود أن يكون بوستي مفارقًا لخط الجماهير في هذه المرحلة العصيبة التي انتقل فيها نضال شعبنا الي مربّع مواجهة مفتوحة مع حكومة الحركة الاسلامية و لا عودة بعدها الي الوراء . فالقول لجماهير شعبنا و حين تقرّر جماهير شعبي فلا صوت يعلو فوق الشعب . لهذه الاسباب و لاسباب اخري قرّرت أن اوقف النقاش في هذا البوست ، فأرجو المعذرة و بالتأكيد سوف يتواصل الحوار بيننا في براحات اخري فالمنبر عامر بالقضايا و المواضيع و ليس التوقيت ملائمًا لمواصلة الحوار في هذا البوست . عليه سوف اوقف التداخل في هذا البوست اكبارًا و إجلالًا لرغبة شعبنا الجسور في اشعال نار المواجهة مع حكومة الحركة الاسلامية بالطريقة التي يري و الوسيلة التي يريد ، و انما نحن تلاميذ في مدرسة هذا الشعب العظيم ، و حين يستعصي علينا فهم الدروس الوطنية نجلس علي الارض صاغرين و نسأل سيد الشعوب عن الإجابات التي عجزت عن فهمها عقولنا الصغيرة .
جنبك نبتة نبتة نكبر نحن يابا نسألك انت وانت ورينا الاجابة علمنا الرماية والحجا والقراية والمشي بي مهابة في الضحي والظلام
علي ضوء ما تقدّم فسوف لن أقوم برفع البوست مرّة ثانية و ارجو ألّا يقوم احد برفعه .
اشكركم كثيرًا و اعتذر لبنات و أبناء شعبي إن كان قد جاء فتح هذا البوست في توقيت غير ملائم .
لكم التحايا و لشعبنا العظيم المجد و الخلود .
| |
|
|
|
|
|
|
|