قد يكون الوجود في المحيط الأفريقي تفرضه الجغرافيا قبل التجانس العرقي، وهو وجود لم يكن في يوم ما محور نقاشٍ..! وإن كان لنا من قول فيجب الإقرار بوجود تفارقات إثنيةٍ في الفضاء الأفريقي، تلك التي لم تترك لنا من سمات سوى تقارب لون بشرة وشعور بدونية أحكمها الإستعمارالأوربي في عقولنا تجاه كل ما هو أبيض..!. أن البحث عن تكاملٌ عرقي أو ثقافي في المجاهل الأفريقية حتماً لن يقودنا بعيداً من تلك الحدود التي خطها الرجل الأبيض.!، لكن بالرغم من ذلك تنبئنا بوابات السودان جميعها عن عجزنا في ترسيم كيانات تحمل قدرة البقاء إقتصادياً وإجتماعياً.! وبالتالي سياسياً دون الدخول في صراعات والكيانات المجاورة.
مما يؤسف له إن لقاءنا الأفريقي تحكمه رابطة المحرومين والخانعين عند موائد الأغنياء.
وبوجود هذه الكيانات الإفريقية أصبحت وحدة حركتنا كقارة مرهونةٍ بما تجود به تلك الموائد وبخاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.!.
فهل يمكن أن نصمد في دعاوي إنتماء تحكمها المصالح التي هي ليست بأفريقية في المقام الأول؟.
إن الهروب أفريقياً لن يكون حلاً لإشكالية المجتمع السوداني، اولاً لأنه هروب نحو بحر من السراب وثانياً لأن أفريقيا، لا العرق ولا الثقافة، يمكن أن تغطي سوءة التركيبة الإجتماعية الثقافية السودانية ولأنها أصلاً دعوةً لشرذمة السودان المنقسم فعلاً، وهي بالنتيجة إحماء لنيران عصبيةٍ عرقيةٍ نحاول تجاوزها في سودان الغد..
إن وجودنا في الإطار الأفريقي لا يعدو ان يكون ضمن إطار عمل سياسي يخدم دول القارة في مواجهة الهيمنة الغربيةٍ، وهو أيضاً تكاتف إقتصادي بقدر ما يسمح لنا به إقتصاد السوق المفروض على الفقراء والسالب لحقوقهم ومواردهم، لكنا لسنا في حلم طوباوي نأمل أن يحقق وحدة أشتات ينبشون ما يقتاتون به يومهم.
وبدهيٌ ألا وجود لإطار ثقافي أفريقي نتنادى حوله أو ننسج أحلام مستقبلية في محرابه.
إن ما يحكم وجودنا الأفريقي السياسي هو ما تمليه مصالح مجتمعنا وتضامننا مع نضالات بقية الشعوب الأفريقية حتى نحقق إنفكاكاً من الهيمنة الغربيةِ، في وقت يلوح في الأفق الغياب القسري لحركة التحرر الوطني وإحلالها بحركة التبعية للنظام العالمي الجديد..!