نحتفل اليوم الاربعاء 18 يناير 2017 بالذكرى ال 32 لإستشهاد الاستاذ العظيم في يوم الجمعة 18 يناير 1985 .
كثيرة هي الدروس والعبر التي يمكن ان نتدبرها من هذه الملحمة الحلاجية . ولكن نكتفي بالإشارة ادناه ، مثالاً وليس حصراً ، لسبعة من هذه العبر :
اولاً :
في كل الاديان السماوية والوضعية ، وكذلك في الميثاق العالمي لحقوق الانسان ، الطريق إلى حظيرة الدين ، أي دين ، طريق ذو اتجاهين … إلى ومن . إلا الدين الاسلامي فيزعم بعض اتباعه ، بان الطريق إلى حظيرة الاسلام طريق لاتجاه واحد ، وهو الطريق الذي يقود إلى الحظيرة ، ولا يوجد طريق للخروج من الحظيرة بعد دخولها . يتقولون بذلك رغم ان الآية المحكمة رقم 29 في سورة الكهف تقول بصراحة :
ثمار ( الفكرة ) هم تلاميذ ومريدو الاستاذ العظيم ، وقيادات وكوادر وقواعد الحزب الحمهوري . هؤلاء وهؤلاء ملائكة يدبون على الأرض ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) ، ( يحبهم ويحبونه … يجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ، ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ، وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) .
قال :
لم أتشرف بمقابلة الرسل والانبياء ، ولكن سعيد الطيب شايب قد أغناني عن هذا الشرف الباذخ .
وسعيد لمن لم يسعد بمعرفته هو احد قادة الحزب الجمهوري .
في المحصلة انت تحرص على حقك في حرية التعبير عن افكارك ، وحقك في حرية المعتقد ، وحقك في حرية إختيار الحزب السياسي الذي تنوي الانضمام اليه … فلماذا تنكر هذه الحقوق على الآخر ؟
ثانياً :
حاول كثير من قادة الدول العظمى ، ومنهم الرئيس الامريكي ريقان ، والصغرى التدخل لدى الرئيس نميري ومراجعته في امر الحكم باعدام الاستاذ العظيم . كما حاولت منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية إثناء الرئيس نميري عن إغتيال الاستاذ العظيم لفكره .
ولكن دون جدوى .
لماذا ؟
لان الرئيس نميري ديكتاتور لا يؤمن بالراي الآخر ، ولا يقبل المراجعة والتراجع عن قرار ظالم اتخذه ، لانه لا يُري قومه إلا ما يرى . بل صار قوم نميري يصرخون في وجه الطفل الذي قال بعفوية :
الفرعون عريان يا ابوي .
يؤكد إغتيال الاستاذ العظيم ، لفكره ، أهمية النظام الديمقراطي ، الذي يضمن الشورى ، وتبادل الاراء ، وإحترام الرأي الآخر ، والأهم : إستقلال القضاء .
لو كنا ننعم بنظام ديمقراطي في يوم الجمعة 18 يناير 1985 ، لما إغتال الديكتاتور نميري الأستاذ العظيم .
ومن ثم واجب كل مواطن ان يجاهد في سبيل إسترداد الديمقراطية ، حتى لا تتكرر مأساة الاستاذ العظيم ، في إغتيال المفكرين والرواد لآرائهم وافكارهم ، في دولة ديكتاتورية .
نلاحظ ان بعض قادة الاحزاب السياسية السودانية يرفعون ( السيف ) في وجه من يخالفهم الرأي ، ويعتبرون رأيهم من كرامتهم الشخصية ، غير مسموح المساس بها وبه .
درس من دروس ملحمة إغتيال الاستاذ العظيم هو التوكيد على إن واجب كل مواطن شريف ان ينزع البرقع من وجه أي سياسي يحمل ( السيف ) في وجه معارضيه في الرأي ، ويعريه دولياً ، وإقليمياً ، ومحلياً ، حتى يعرفه الناس على حقيقته ، وينبذونه لنفاقه ووقاحته .
ثالثاً :
في يوم الجمعة 18 يناير 1985 ، إغتال السفاح نميري الاستاذ العظيم .
وبعد 87 يوم على يوم الإغتيال ، إنتفض الشعب السوداني في يوم السبت 6 ابريل 1985 ضد السفاح نميري ، واطاح به وبنظامه الاستبدادي .
صار الاستاذ العظيم قرباناً تأكله النار للانتفاضة ، والقداحة التي أشعلت النار في وجدان الشعب السوداني ، فدفعته للانتفاض ضد من إغتال الاستاذ العظيم ، وضد من إغتال أمال الشعب في حياة كريمة .
في هذا السياق ، نذكر بواقعة ذات صلة ، حتى لا نبخس الناس اشياءهم ، ولاننا نعرف إن آفة حارتنا النسيان .
في يوم الجمعة 5 ابريل 1985 ، وفي خطبة الجمعة في مسجد السيد عبدالرحمن في ودنوباوي ، القى السيد الامام كلمة مؤثرة طالب فيها الجيش السوداني بأن ينضم لمسيرة الإنتفاضة ، مسيرة الديمقراطية ، مسيرة الحق ، وأن لا يقف مع الجبت والطاغوت ضد إرادة الشعب . ثم عقد السيد الامام اجتماعات مع بعض قادة الجيش في نفس يوم الجمعة ، وكان أن اعلن الجيش في يوم السبت 6 ابريل 1985 ، انضمامه للإنتفاضة ، التي كتب السيد الامام ميثاقها .
رابعاً :
لم يطو التاريخ صفحة الاستاذ العظيم ، بإنصرافه الجسدي في يوم الجمعة 18 يناير 1985 ، فقد ظل موجوداً بوجود واستمرار ونماء ( الفكرة ) .
قال :
قدر الناس كما اراد لهم رب الناس ، وغاية كل إنسان هي ان ( يكون حيّا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله ) .
خامساً :
رفض الرئيس البشير تسجيل الحزب الجمهوري في مدابرة وإنتهاك صارخ لحق اساسي من حقوق الانسان ، الذي يكفل حرية التعبير والتجمع وتكوين الاحزاب السياسية .
كما تواصلت ، خلال الاسبوع السابق لذكرى إستشهاد الاستاذ العظيم ، استدعاءات النظام لمنسوبي الحزب بقصد الارهاب والترهيب ، فطالت الاستدعاءات :
+ البروفسور حيدر الصافي ، الامين السياسي للحزب .
+ الاستاذ عصام الدين خضر ، نائب الأمين العام للحزب .
+ الاستاذ ابراهيم بركات ، عضو اللجنة التنفيذية للحزب .
واعضاء الحزب الآتية اسماؤهم :
+ الدكتورة فاطمة جمال .
+ الاستاذ اسامة نصر الدين .
+ والدكتورة هدى ابراهيم كمبال .
وأكد الحزب الجمهوري ان هذه الاستدعاءات لن تزيدهم في الحزب الا اصراراً علي المضي قدماً ، لإنتزاع حقهم الدستوري في التنظيم والتعبير سلميا، ولن يثنيهم وعد او وعيد .
سادساً :
تدور هذه الأيام بعض الورجغات في البلاد العربية والاسلامية حول التطبيع مع اسرائيل .
في هذا السياق ، وفي ستينات القرن المنصرم ، وفى قمة فوران المد القومى العربى الذى قاده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، دعا الاستاذ العظيم الى الصلح مع اسرائيل على أساس الاعتراف المتبادل ، وحل قضية فلسطين عبر التفاوض ! مذكراً العرب بأن قضيتهم ليست اسرائيل ، وانما هى اقامتهم على قشور من الدين ، وقشور من حضارة الغرب ، مما جلب عليهم الخسران المبين.
وقتها ، كان هذا الرأى غريباً على كل العرب!
ولكنها نبؤة قد انبنت على قراءة دقيقة للتاريخ ، وبصيرةٍ ثاقبة بالمستقبل ، جعلت الاستاذ العظيم وكأنه آت للعرب من مستقبلهم الذى هم عن رؤيته قاصرون .
ايدت الأحداث صدق رأي الاستاذ العظيم ، وأبانت صدق بصيرته لكل من يرى ، أو يلقي السمع وهو رشيد !
هناك نبوءة ثانية للأستاذ العظيم لم تتحقق بعد !
قال :
( من الأفضل للشعب السودانى أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الدينى ! وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية ! إذ إنها بلا شك سوف تكشف مدى زيف شعارات هذه الجماعة ! وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً ، حتى لو بالوسائل العسكرية ، وسوف تزيق الشعب الأمرين ! وسوف يدخلون البلاد فى فتنة تحيل نهارها إلى ليل ! وسوف تنتهى بهم فيما بينهم ! وسوف يقتلعون من أرض السودان إقتلاعا ) !
انتهى الإقتباس !
قال الأستاذ العظيم هذا الكلام عام 1977 … قبل 40 عاماً ! بقي أن ننتظر اقتلاعهم من أرض السودان ، لتكتمل فصول النبوءة ؟
طوبى للاستاذ العظيم ، وهو في جنات ونعيم ، بين الشهداء والقديسين ، وحسن اولئك رفيقاً .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة