عماد عبد الهادي-الخرطوم بعد ما يشبه الانحسار لنشاط الحركات المتمردة في إقليم دارفور غرب السودان، بدأت تلوح في الأفق بوادر حرب جديدة قد يكون طرفها مليشيا قبلية، هي قوات مجلس الصحوة الثوري التي ساندت الحكومة في وقت سابق بحربها ضد المتمردين. ويتزعم قوات مجلس الصحوة الثوري موسى هلال الذي كانت تتهمه بعض الجهات الدولية بالإشراف على مليشيات الجنجويد، وقد برزت قواته بعد مشاركتها في الحرب ضد المتمردين في الإقليم لأكثر من عشر سنوات قبل فتور العلاقة مع الحكومة مؤخرا. ودبت الخلافات الجديدة بين قوات هلال ذات القوام القبلي المنتشرة في مواقع محددة بشمال دارفور مع الحكومة قبل نحو أربع سنوات، وتبادل فيها الطرفان كثيرا من الاتهامات. لكن لم تبلغ تلك الخلافات مدى يثير الانتباه إلا حينما اعتقلت الحكومة إسماعيل الأغبش -أحد أبرز قادة مجلس الصحوة- في مطار الخرطوم وهو يتأهب للسفر إلى تركيا قبل أسبوعين، ليظل في معتقله حتى الآن رغم نداءات المجلس بالإفراج عنه أو تقديمه للمحاكمة. وزاد من حجم الخلافات دخول قوات الدعم السريع الحكومية منطقة انتشار مجلس الصحوة أثناء ملاحقتها متمردين فارين بعد هزيمتهم في عدة مناطق بإقليم دارفور. ودفع الحدثان قيادة مجلس الصحوة للتهديد بتصفية أسر مسؤولين في البلاد، وإعلان أن حربها لن تدور في دارفور وإنما سيكون مسرحها الخرطوم في حال استمرار اعتقال الأغبش.
تصعيد اللهجة وصعدت قيادات مجلس الصحوة من لهجتها بعد إصدارها ثلاثة بيانات -عبر تسجيلات صوتية بثت على وسائط التواصل الاجتماعي- متهمة بها الحكومة بتدبير أكثر من محاولة اغتيال فاشلة لزعيمها هلال. وفي حين واصل مجلس الصحوة نهجه التصعيدي وحث قواعده القبلية على الاستعداد لما هو قادم، قلل الحزب الحاكم في السودان من احتمال تمرد المجلس على الرغم من طرح الأخير خيار المواجهة العسكرية وإمكانية التحالف مع جهات أخرى لم يسمها. واستبعد رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان عضو المكتب القيادي بالحزب الحاكم أحمد إمام التهامي دخول مجلس الصحوة في مواجهة مع الحكومة، لافتا إلى أن هذه الجماعات ساندت القوات المسلحة خلال الفترة الماضية ولا يمكن أن تخوض حربا ضدها. كما استبعد -في تعليقه للجزيرة نت- ما روج له مجلس الصحوة من خطة حكومية لاغتيال هلال، مضيفا "أن الرجل جزء من المؤتمر الوطني وزعيم قبلي يعمل في المصالحات القبيلة والسلام الاجتماعي". لكن عضو قيادة مجلس الصحوة هارون مديخير لم يستبعد الدخول في مواجهة، قائلا "لأن تلك قد اقترب موعدها، وستكون بالتحالف مع جهات أخرى". وبرأيه فإن "هذا النظام لا تجدي معه غير لغة البندقية"، مشيرا إلى أنه لم يف بعهده لموسى هلال "ولم يحفظ له جميلا بل عمد إلى استخدام أبناء قبيلته في حرب داخلية وخارجية دون أبناء السودان الآخرين". وكشف مديخير للجزيرة نت عن تلقي تنظيمه اتصالات من الحكومة لاحتواء الأزمة، وأضاف أنهم رفضوها إلى حين "وفاء النظام بعهوده".
آراء أخرى أما المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر فاستبعد -في تعليقه للجزيرة نت- حدوث مواجهات عسكرية، كاشفا عن أن بعض العناصر القبلية التابعة لهلال أصبحت جزءا من مكونات القوات النظامية، سواء الدعم السريع أو غيرها. بينما رأى رئيس المجموعة السودانية للدراسات الإنمائية والسكان حاج حمد محمد خير، أن هذه المجموعات القبلية لن تهدأ ما لم تعد لها ذات الرعاية التي وجدتها من قبل. وباعتقاده فإن الحكومة فرطت بالمساهمة في تكوين جماعات ضغط هي بالأساس "مجموعات متفلتة"، متوقعا حدوث مواجهة مع الجيش القومي "طال الزمن أو قصر".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة