أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الريفية/الوطنية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 11:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2016, 09:40 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الريفية/الوطنية

    09:40 AM May, 26 2016 سودانيز اون لاين
    د.أسامة عبدالحليم-الدوحة
    مكتبتى
    رابط مختصر تجربة موظفي الخدمة العامة في العمل في مدن وأرياف السودان غالبا ما تمضي الى طي النسيان دون توثيق لها في أضابير الدولة من أجل تراكم الخبرات أو المكتبات العامة حتى ولو من أجل الانس الجميل وقد يكون ما نحن بصدده يقع في الضرب الثاني من الكتابة قبل أن أدخل في هذه الذكريات لابد لي من بعض التنويهات التي أراها مهمة سيرة هذه (الايام) "ايام في شمال دارفور" تناولتها عدة اقلام، وهي اقلام بعض الاطباء الذين كانوا في شمال دارفور في الفترة 1995-1996 وقد وردت افادات الاطباء في متن هذه المذكرات دون ترتيب.- لقد تم نقل اقتباسات الاطباء من ثم وضعها في هذه المذكرات دون اعتبار للتسلسل الزمني للاحداث .- قد يجد القاري كثير من العبارات الدراجية والتساؤلات الشخصية مكتوبة وقد تعترض الرواية او ثنايا الاحداث.- تم جمع مادة هذه المذكرات في 2016 بينما دارات احداثها قبل نيف وعشرون عاما، لذا نعتذر عن اي سهوٍ قد يرد تجاه الاحداث او الاسماء او المسميات الواردة فيها او سقطت من ذاكرة كاتبي الافادات.- تحمل رواية الأحداث الرؤية الخاصة للراوي دون سواه وأن تطابقت وجهات النظر أحيانا
    شكر و تقدير
    نيابة عن أصدقائي كتاب ذكريات * أيام شمال دارفور* أتقدم بالشكر لكل من أسهم بابدأ الرأي والنقد والتوجيهة والشكر تخصيصاً للصديق الكلتب المجيد عبدالعزيز دكين على مساهمته القيمة في كثير من النقاط توجيهاً ونقداً بناءً و التي كان لها أثر ايجابي في تحفيزي و زملائي على مواصلة التوثيق وفق منهج يهتم بكافة جوانب المادة التي ستتطلعون عليها في الأجزاء بعد الثاني عشر

    (عدل بواسطة د.أسامة عبدالحليم on 05-27-2016, 02:40 PM)

                  

05-26-2016, 09:52 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    سيرد أسم الزميل كاتب الجزء المحدد من خلال تقدمة قصيرة أقتضاها تجميع كتابات الزملاء التي وصلتني في أوقات متداخلة
                  

05-26-2016, 10:03 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور
    الجزء الأول
    الخبر الصادر عن اعلام حزب المؤتمر السوداني عن اضراب أطباء مستشفى المالحة أثار في الرغبة لكتابة بعض ذكريات ايام شمال دارفور وباعتباري اول طبيب يعين لمنطقة المالحة الصحية وما يسمى وقتها بمستشفى المالحة وفق خطة أعلنها وزير الصحة لولاية شمال دارفور الراحل د.خليل إبراهيم تطبيقا لسياسة المناطق الصحية و من هنا اطلق الدعوة لرفقاء الشدة بمشاركتي الكتابة عن تلك الفترة المهمة من حياتنا

    قبل كل شئ اترحم على د. خليل إبراهيم وأتمنى أن يكون قد صدق النية والمسيرة منذ خروجه من صفوف المجرمين الى صفوف الثوار حتى استشهاده و أعتقد أنه كان كذلك.

    بعد محاولات مستميتة فشلنا في خلق اصطفاف ووحدة لصغار الاطباء حول شروط خدمة أفضل للأطباء المشمولين في كشوفات الخدمة الإلزامية تختصر علينا بضع سنين من الافقار والتجهيل ... وبعد فترة وبعد ان وضح لنا جليا فشل مساعينا قررنا الرضوخ والذهاب لقضاء الخدمة الإلزامية بعد انهيار كتلة الممانعة التي اسست على رفض الضيم الواقع على الأطباء ... ذهبنا إلى ولاية شمال دارفور لطلبها لعدد كبير من الأطباء لقضاء فترة الخدمة الإلزامية والخدمة الريفية لمدة عام واحد ... ...ذهبت في صحبة عدد مقدر من الأصدقاء وشركاء الموقف تجاة قضايا المهنة والوطن ... وفي زمن أساءت الإنقاذ المعاملة لكل من ينتمي لمهنة الطب وجردتها من كثير من اخلاقياتها و إمكانياتها المادية والبشرية ... لقينا في مكاتب تنسيق ولايات دارفور ومن د.خليل نفسه تعامل يشبه أهل دارفور واهل السودان ولا يشبه الإنقاذ ... وصلنا دارفور و كان لنا فيها وفد مقدمة احسن استقبالنا وترتيب اقامتنا ..بعد عدة أيام من وصولنا دعانا دكتور خليل بواسطة مدير مكتبه الجمالي حسن جلال الدين(استشهد في عملية الزراع الطويل) الى رحلة ترفيهية و في أثناء الرحلة تكلم د.خليل عن تقسيم الولاية الى بضع وعشرون منطقة صحية وارسال طبيب لكل منطقة صحية ثم بدأ يقرأ في كشف تنقلاته لتلك المناطق التي لم يكن أغلبها يملك أي شيء من معينات العمل الطبي وكان أغلبنا يسمع بتلك المناطق لأول مرة وساورد بعض من اذكر من الإخوان ومناطقهم وادعوهم للإضافة والتصحيح فأنا اكتب من الذاكرة أحداث مرت عليها واحد وعشرون عاما
    معاوية عبدالقادر ... امبرو
    معاوية الشفيع... كرنوي
    الصادق ادم ...جبل سي
    عبدالعزيز... طويلة
    كمال (رحمة الله عليه) ...كتال
    أسامه عبدالحليم... المالحة
    ابوبكر الصادق ...سرف عمرة
    الطيب ....سريف بني حسين
    جون باسكوالي فتابرنو
    وكان هنالك بعض الإخوان قد ذهبوا الى مناطق صحية شبيهة قبل صدور فرمان د.خليل إبراهيم وهم
    سعود سلطان ...الرحل(ديل تبع موسى هلال)
    عبدالغفار... الطويشة
    لاحظت شفقة في الوجوة وسمعت همهمات عندما نودي على إسمي منقولا لمحلية المالحة ..حدثتني نفسي ان لابد أن في الأمر شئ خاصة بعد أن تكاثر المعزين من حولي وكان المدير المالي للوزارة من ابناء المالحة ومن أسرة ملك الميدوب، القبيلة التي تسكن محلية المالحة فسارع إلى تطميني، الأمر الذي جعلني اتيقن بأن المنطقة مصنفة لدي أهل دارفور أنفسهم بمنطقة شدة، وهو الأمر الذي لم أجده حينما ذهبت اليها ، كان هنالك إحساس عام بأن هذا الأمر لابد أن يكون مجرد تنظير وكسب سياسي معني به مواطن دارفور وبأن الإنقاذ قد أوصلت له الخدمات الطبية حتى باب بيته ولم نكن نحن سوى ادوات هذا العمل الدعائي ذلك لأن الطبيب مهما بلغ من علم لايستطيع تقديم خدماته من غير معينات العمل الطبي،كان د.خليل جادا في تنفيذ سياسة المناطق الصحية وهي بالمناسبة سياسة تقوم على أسس علمية ومفصلة في SUDAN NATIONAL FORMULORYولكن وبما ان الخدمة الإلزامية قد وفرت للانقاذ كم هائل من الأطباء فقد قرر الوزير التنفيذ ابتداء بالشق الدعائي منها،هذا ما كنت أعتقده حينها وأترك الرؤية الحالية لتلك السياسة التي مورست في قطاع الصحة -وكنا ادوات فيها- لبقية الأصدقاء خاصة الذين كان لتخصصهم الحالي علاقة برسم السياسات الصحية .
    التصق إسم الطبيب بإسم المحلية المنقول لها فأصبحت من وقتها أسامه المالحة وهناك الصادق سي،وكمال كتال، وعبدالعزيز طويلة وهكذا ألحقت محلياتنا بأسماءنا،أصبحنا في ربكة لعلمنا بعدم وجود اي معدات تساعدنا على اداء عملنا فأصبحنا في بحث مستمر عن ادوات طبية في مخازن المستشفيات والمنظمات ومدرسة الدايات بحثا عن أي شئ يمكن أن يعين، كنت الكبش الاملح الأول للعمل الدعائي هذا إذ قرر وزير الصحة،رئيس لجنة الأمن وأمير المجاهدين بدارفور الكبرى ان يقوم بزيارة لشمال شرق دارفور (الصياح...المالحة) و أن يصطحبه الطبيب (مجند) "أسامه المالحة" ضمن الوفد الرسمي المرافق لسعادته، وتلك رحلة أعود لها في حلقة اخرى بالتفصيل الممل و المهم انني عدت حينها مع الوفد للفاشر لان المحلية لم تكن مستعدة لإستقبال طبيبها.
                  

05-26-2016, 10:26 AM

عباس محمود
<aعباس محمود
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1441

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أخي الفاضل العزيز د.أسامة عبد الحليم

    شكرا علي هذه الكتابة والتي سأعلق عليها بعد أستمرارك في البوست.

    يا دكتور غايتو الأنجليز أصلوا ما قصروا لقد كتب الكثيرون منهم عن تجاربهم في السودان.

    عندك نموذج لي كده كتاب (حكايات كانتربري السودانية ) .

    أجمل الأمنيات لك وللأسرة الكريمة

                  

05-26-2016, 10:52 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: عباس محمود)

    أيام شمال دارفور
    الجزء الثاني
    لم تكن محلية المالحة مستعدة لاستقبالي من حيث السكن والترحيل ومعينات العمل و لا الراتب الشهري الذي فرض على كل محلية عين لها طبيب ... لذلك فضلت المحلية وبلطف متناهي أن اعود بصحبة وفد الوزير وهذا ما حدث.
    كان معاوية امبرو والذي أصبح لاحقا معاوية امكدادة (معاوية عبدالقادر) ثاني ضحية وحقيقة هو الضحية الأولى اذ ذهب الى امبرو للبدء في ممارسة عمله وعند عودته روى كثير من القصص عن العمل دون معينات وهو رجل صاحب طرفة ومقدرة عالية على الحكي الممتع ..سوف أترك له رواية مااصابه من عنت وصعوبات ممارسة مهنة الطبيب الحاوي ،المهم عاد "معاوية امبرو" ،امكدادة لاحقا للفاشر بتلك الروايات فازدادت جولات البحث تلك حتى اصبحنا خبراء يستعان بنا في جرد مخازن الوزارة.
    اورد هنا مساهمة الأخ د.معاوية عبدالقادر في التوثيق لتلك الفترة الهامة من حياتنا على ان اواصل برفد الكتابة بما يجود به معاوية وبقية الأصدقاء من رأي أو تصحيح او إضافة:

    "بعد الوليمة الفاخره، بدأ د.خليل توزيعنا علي نواحي شمال دارفور ومعظمنا خالي ذهن عن المنطقه واهلها وجغرافيتها لان معظمنا ببساطه يجد نفسه لأول مره في دارفور. كنت منبهراً، والأجواء كانت مختلفه، ورغماً عن تظارف د خليل لكن الصرامه لا تخطئها العين في تقاسيمه "ولدنا معاويه تمشي تخدم اهلك في امبرو" قالها خليل وهو ينظر الي مباشرة ، قلت في ذهني "امبرو بتاعت حنانك؟" ولا امتلك اي فكره علي الإطلاق غير اني خمنت ان (امبرو) قد يكون اسم مكان وكنت أظن اني سابقى في الفاشر استمتع بـ(القدوقدو) وكوارع (ام السر). رددت تلقائيا باني درست في أوربا وساكن ام درمان ، امبرو شنو التوديني ليها؟ فكان رد خليل: "امشي كدي شوف اهلك ديل وجرب". أكلتها في حناني ولكن ابتساماتي الخبيثه لم اقدر علي إخفائها عندما تم توزيع زملائي الي مناطق لم أتشرف قبلاً حتى بسماع أسمائها وقلت لنفسي معزياً الموت مع الجماعه عرس والبتابت شينه بعد ده.
    جاء اليوم الموعود وقد أخذ خليل عنوه عربه أصلا تابعه للتحصين كان صادرها سابقا وأعطاها لمحلية (كرنوي) وتم تعميرها حديثاً ليعطيها لمحلية امبرو مع احتجاج كثيف من محلية كرنوي. المهم قبل طلوع الشمس كنا اخي معاويه الشفيع وانا في طريقنا خارج الفاشر في اتجاه (كتم) حيث تم توزيعه الي كرنوي
    كانت الهايلوكس تشق الطريق بسهوله بسبب براعة سائقها وهو شاب يصغرنا سنا في كامل الاحتراف ، يجلس الزعيم ( معاوية الشفيع) بيننا غير مرتاح وأرجله ممدودة بالتفافه لليمين حيث اجلس انا معصوراً ولا اجرؤ علي اخراج كوعي من الشباك خوفا من اشواك الشجر الذي تحتك بالسياره ، اما في صندوق السياره - مع متعلقاتنا وبعض حاجيات - فيجلس مجموعه من الناس بكل ارتياح ويتبادلون الحديث منهم العم عبد الماجد فني ثلاجات الطاقه الشمسيه.
    الطريق بدا رتيب ومتشابه لحين ، اذكر توقفنا في منطقة (كفوت) المشهوره أنذاك بدجاجها المشوي وكان البعض يروج بأن الدجاج عباره عن غربان كفوت الشهيره ، توقفنا في كتم والانبهار لم يفارقني من الخضره وبهاء المدينه ، نزلنا بالسوق والتقينا بعض التجار من أهل امبرو وكرنوي حيث تبادل من معنا في السياره حديث بلغة الزغاوه، قطعاً لم نفهم منه شي ولم نقابل محمد الفيل كباشي الذي وقتها كان طبيب مستشفى كتم ، واصلنا الطريق وانا اتساءل - والنهار أكثر من منتصف - متى سنصل والاجابه: "بعد القوز داك" ، ولا نصل، توقفنا مره اخري في قرية جندي اخر معنا في السيارة، وكان بها سوق عامر ولأول مره اري زيت اللالوب وهو يباع في زجاجات ولا ادري فيما يستخدم. مررنا بخور (سواقين) وبعدها قرب (اوركوري) توقفنا في خزان (اورشي) لان مجموعه من أبناء امبرو بقياده الامير محمود ابن الملك علي محمدين ملك (دار توِر) ومعهم الشرتاي ادم صبي شرتاي (دار قلا كرنوي) وآدم ضابط محلية امبرو كانوا في انتظار السياره محل النزاع ودار نقاش غاضب وأخذنا العم عبد الماجد انا ومعاويه جنباً وطلب مننا التزام الهدؤ وان هؤلا الناس أهل، وأبو القدح بعرف محل بعضي اخوه ، وقد كان، تحركنا بعدها في كونفوي من ثلاثة سيارات ، اللاندروفر الخاص بامبرو يقوده عم حسن وسيارة اللاندكروزر وفيها الشرتاي وحرسه وسيارتنا وكنا في الطريق الي المحطه التي طال انتظارها...امبرو" .
                  

05-27-2016, 02:46 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    سلام أخونا وصديقنا عباس محمود وعبرك التحايا والتمنيات القلبية الطيبة لكل أصدقاءنا بمدينة العين
    وفي انتظار مساهمتك و رأيك
                  

05-28-2016, 09:07 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور
    الجزء الثالث ( مواصلة لرواية د.معاوية عبدالقادر)

    كان الليل قد ارخي ظلامه عندما دخلنا امبرو ولم استطع تبين ملامح المكان في ذلك الوقت الا اني كنت امني روحي بشئ شبيه لكتم. نزلنا في ميز موظفي المحليه والذي صار لي فيه مسكن في المستقبل الآني ، معاويه في اتزانه وسكينته وانا في حيرتي ، أقول ليه "ده شنو؟" يقول لي :"شوف شعوب العالم التعبانه البتنظروا باسمهم ديل علي الواقع" وقد كان. الطريف في الامر ان احدهم كان قد اصطاد حُباره كبيره وكانوا يجهزون في لحمها، ووقتها تم الاتفاق علي ان اواصل الرحله الي كرنوي ومن ثم العوده بالسياره المختلف عليها لامبرو، ولكن دناوتي كانت اعظم لتذوق لحم الحباره، وقد فعلت وندمت لاحقاً أشد الندم. تحركنا في نفس المساء بصحبة الشرتاي ادم صبي وحرسه علي متن اللاندكروزر المريح وكان القمر كامل التكور تكاد تلمسه بيديك من شدة قربه وذلك الجمال لم يوقف الغثيان الذي أصابني بسبب لحم الحباره و "الموشن سيكنيس" ، في كل لحظه أودّ ان أوقف السياره وأفرغ مافي بطني يطلب مني معاويه "خد نفس عميق واتنفس بي خشمك" ، في الاخر لم يجدي مسك النفس وتوقفت السياره وانا في قمة الاحراج والخجل انه "من اول كده تجيب ليها طراش" وقد تندر اخي معاويه من هذه القصه.
    دخلنا كرنوي في جنح الظلام ولكن المكان رغماً عن ذلك بدا اكثر من مبهج ، ملامح ليليه لسوق يبدو عامر ، مبني تحت التشييد بالطوب الأحمر وعدد مقدر من البيوت الحجرية طراز الرديف تظهر رغم أنف الظلام وقد احسست بكثير من الراحه مع قدرها من الحسد لحظ معاويه.
    توقفت السياره وترجلنا وأخذ بعضهم حاجياتنا مع الترحيب، منزل الشرتاي ادم صبي العامر ، ضوء الرتاين يوضح معالم لبيت حرص صاحبه ان يكون في منتهي النظافه ، دخلنا الديوان وكان السقف عالي والتهويه ممتازه ، عماره بسيطه وكميه من المساحات ، علي الحائط صور فوتغرافية لم أتبين ملامحها ، خارج الديوان يوجد دهليز ترقد علي جنباته ازيار تاماويه نداها يتلألأ مع ضوء الرتينه
    شربنا شاي بـ"الشيح متين" وتحدث معنا الشرتاي بلطف وكان لا يكبرننا كثيراً في السن ورزين وتبدو مكانته العاليه باينه في شكل التعامل الذي يحيط به حيث دلانا علي مكان نومنا وطلب ان ناخذ تمام راحتنا.
    ولكن بعد برهه قصيره تم استدعاؤنا للشفخانه والتعب يأخذ مجراه ، احد المعلمين يتاهب للذهاب لمستشفي كتم وبما ان المدينه فيها طبيبين فلا مناص من الواجب وقد عرف الجميع بوصولنا. في السكه راينا السياره معده لنقل الاستاذ وجازها مرفوع ، في الشفخانه التقينا د. دوسه المساعد الطبي وقد اوضح لنا ان المريض انطعن حقنة ملاريا غلط وعنده ، خراج مهول في الاليه وتحتاج للفتح العاجل ، يوجد مشرط وصحن كلوي بالشفخانه ولكن لا شاش ، وبما ان معاويه سيظل في كرنوي وتجنباً لأي نوع من الاحتكاك مع د دوسه في المستقبل وبحكم مكانته في المجتمع قررنا ان أقوم انا بفتح الخراج حال موافقة المريض والذي وافق بدون تردد نسبة لحالته ووعثاء السفر، استعنا بالدموريه وزن عشره بدل الشاش علي ان نقوم بالعمليه صباح اليوم التالي باكراً. عدنا الي بيت الشرتاي وفكرة النوم تسيطر حتي علي انفاسنا ورغم ذلك لم استطع النوم جيداً حيث احداث اليوم تتصارع في راسي مع احساس انني في عالم جديد بكل المقاييس. السادسة الا قليلاً كنت لا ازال "متدروخ" وانا مجبر علي الاستحمام بطريقة "حي ووب" وبباقي الماء، نسمه رائحة من الجلد المدبوغ ظلت عالقه في انفي رغم البروت . شربنا شاي اللبن مع لقيمات ساخنه وتم اخذنا للشفخانه وانا مشغول أتأمل ما حولي
    الادوات تغلي في اناء على كانون علي في الفحم مع والدموريه بحسبان انها تعقمت ، تم فتح الخراج بصوره طيبه رغم تألم الاستاذ وتجلده وتم عمل الفتيله من الدموريه علي ان يحضر الرجل للغيار والمتابعه اليوميه. توهمت لوهله ان تلك كانت اول عمليه يجريها أطباء في تلك الأنحاء. في الطريق لزيارة مستشفي كرنوي الريفي تحت التشييد مررنا بالسوق الذي يضج بالحياة ولفت نظري وجود قهاوي جيده وحتي صاجات بيع طعميه وكان ذلك غريباً قليلاً. أيضاً وقعت عيناي علي أطفال حقاً يقودون العربات ذات الدفع الرباعي بمنتهي البراعه والمسؤلية. المستشفي كانت تحت الإنشاء وهي مشروع يحتاجه الناس بشده، قائم علي العون الذاتي وتمويل من المحليه ، قام احد الأعيان بالشرح مستهدفا معاويه علي أساس انه طبيب المستشفي القادم، ولكن المكان كان ابعد ما يكون من الجاهزيه. اصر السائق الشاب ان نذهب معه لمنزله وقد كان ، كان يحتجز صقراً ضخم في قفص
                  

05-29-2016, 12:20 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    فوق
                  

05-29-2016, 12:40 PM

عباس محمود
<aعباس محمود
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1441

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    Up
                  

05-29-2016, 12:40 PM

عباس محمود
<aعباس محمود
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1441

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    Up
                  

05-29-2016, 08:05 PM

Moawia Abdelgadir

تاريخ التسجيل: 11-12-2010
مجموع المشاركات: 6

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    شكرا أخي أسامه واترحم علي أرواح دكتور خليل والجمالي ومعاويه يانس ودكتور كمال كتال
                  

05-30-2016, 10:56 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: Moawia Abdelgadir)

    أهلا معاوية
    تعرف أول مرة أعرف انك عندك عضوية في سودانيز أونلاين ....
    جيد أن تكون هنا لتتولى دفة هذا البوست
                  

05-30-2016, 12:34 PM

حماد الطاهر عبدالله
<aحماد الطاهر عبدالله
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 2159

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    د. أسامة
    تحياتي
    شكرا لك ولزملائك الأطباء ممن ذهب طواعية أو مجبرا أخاك لا بطل لتلك المناطق النائية بإنسانها الطيب.
    Quote: ذهبت في صحبة عدد مقدر من الأصدقاء وشركاء الموقف تجاة قضايا المهنة والوطن

    لست طبيبا وعجبني الموضوع للإطلاع عليه ونقله لفلذة كبدي ولدا وبنتا أطباء والولد عمل بدارفور فترة الإمتياز
    بنصيحة مني فقد ذهب هو وزملاء له للعمل بمدينة الجنينة وضواحيها، وكنت متابعة لتجربتهم وهي كتجربتكم
    تستحق الكتابة وبها طرائف كثيرة خاصة في مناخ الحرب الموجود بالمنطقة خلال الفترة ما بعد عام 2003م وقد
    أتموا ما عليهم من مدة وإستقر بعضهم هناك وخرج البعض ومنهم ولدي ظافرين تطبيقا للطب ومالا وعلما وعلاقات
    لم تزل مستمرة فالعمل هناك مدرسة قائمة بذاتها فاكتبوا تجاربكم ووثقوها للأجيال القادمة وشكرا لكم.
                  

05-30-2016, 12:14 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور
    الجزء الرابع
    كان اليوم جمعه ..ذهبنا لجامع كرنوي والذي كان متواضع مقارنة بحجم المدينه ، جلسنا في المفارش البلاستيكية وارد ليبيا وكل جزء من أسفل ظهري يؤلمني ولم أكن حتى متوضئ وانا ارمق معاويه بطرف عيني واحتقر منافقتي وكنت اعتقد ان نفس الخواطر تدور في ذهنه ، ميكرفون موصول ببطارية سياره وخطيب وخطبه لم أعي منها شي لاني كنت مشغول بتحريك قدمي ومؤخرتي التي تؤلم بسبب الجلوس الطويل والأرض اليابسه. في محطة جمارك كرنوي التقينا ظابط المحطه والذي كان حريصاً لملاقاتنا ، نابغه من أبناء توتي وينتظر دوره في الرتب الشرطيه فقد تم الحاق الجمارك بالشرطة وسيتحول كل الملكيين الي رتب الميري ، كان معه في زيارة عمل قصيره ظابط جمارك محطة الطينه وهو من أبناء الجنوب ، لا اذكر اني رايته بعدها لكن معاويه فعل في زياراته للطينه بعد ذلك. اصر نابغه للمقيل معه واكمال اليوم حيث كان علي الذهاب لامبرو ، تم ذبح نعجه عاقر اكراماً لنا ولكن اتضح انها تحمل تؤام من النعاج في بطنها وتم تحذيري بان ذلك سيسبب الإسهال ولم أبالي ، اكلنا واكملنا باقي اليوم ما بين السوق وميز الجمارك وعدنا بجوز من الشباشب وكميه من صابون إمبريال ليثر هديه من نابغه علي امل اللقاء في الخرطوم ولم يحدث ذلك.
    قضيت ليله هادئه ونمت جيداً بدأت اشعر بنوع من التعود. صباح اليوم التالي كنت في مقعد السياره الأمامي بعد ان تم الاتفاق علي ان تدفع محلية امبرو تكاليف تعمير السياره وبعدها لم اتابع هذا الامر لا من قريب ولا من بعيد عملا بنصيحة العم عبد الماجد وركبنا السكه بعد البريه متوجهين صوب الوجه النهائية ......امبرو.....نهاية رواية د.معاوية عبدالقادر...
    استقر معاوية عبدالقادر الى حين في أمبرو وحتى يرفدنا بتفاصيل فترته في امبرو التي انتهت سريعا ليصبح معاوية أم كدادة اواصل معكم رحلتي الأولى الى المالحة ضمن وفد د.خليل إبراهيم وزير الصحة الولائي ..أراد د.خليل باصطحابي معه إيصال رسالتين، رسالة الأولى لجميع الأطباء الموزعين على المناطق الصحية بأنه جاد في تنفيذ سياسته والرسالة الثانية هي الشق الدعائي الذي يخدم إنجازات النظام في القطاع الصحي بإيصال الخدمات الصحية لحدي خشم الباب كما اوردت سابقا وتدعيم زيارته للمالحة بانجاز ماثل للعيان و ماعزز هذه القناعة لاحقا أن علمت بالخلاف بين محلية المالحة ود.خليل حول منطقة العطرون من خلال الهتافات التي قوطع بها خطابه و التي كانت تنادي بالعدل والإنصاف ... المهم تم إبلاغنا بالسفر قبل يوم من موعده فسألت الرسول ان كان علي أن أحمل معي كل اغراضي ام أن لي عودة للفاشر فكانت الاجابة بأنه لا يدري شيئا فاخذت جزء من ملابسي وكتابين طبيين لطب وجراحة الطوارئ وأخر كتاب عمليات جراحية (ما فيهو صفحة مشروطة هههه) لتدعيم الطبيب الحاوي بشوية علم عند الحوجة .... جاءت العربية تأخذني من الميز بعد منتصف النهار وخرج رفاقي لوداعي ... ركبت العربة ..لاندكروزر تشبه التاتشر ولكنها استيشن وكان داخل العربة العربة الأمين العام والمدير الطبي لمستشفى الفاشر و المدير المالي للوزارة وهو من عائلة الصياح ملك الميدوب سكان المالحة وأعتقد أن السيارة كانت مخصصة لأمين عام المستشفى ...التقينا بباقي الوفد داخل حوش وزارة الصحة الولائية وكان الكنفوي يتكون من ثمانية سيارات كانت فيها سيارة للحرس وهو من الشرطة وسيارة أخرى للفنانين ومعداتهم الموسيقية ... تعجبت في البداية عندما عرفت أنهم مغنين ولكن بعد ذلك عرفت ان المعازف (الكتابة بنفس سلفي)جزء أساسي من اللقاءات الجماهيرية للدستوريين وبقية السيارات للوزير والوفد المرافق له... كان أغلب الوفد يرتدي الزي العسكري الذي يرتديه الدفاع الشعبي بمن فيهم د.خليل اكملنا الرحلة بسبعة إذ تعطلت عربتنا على مشارف مليط
    وتم اعادة توزيعنا على بقية السيارات وأصر الوزير على ان اصطحبه في سيارته فواصلت معه حتى مليط وفي الطريق كان متلطفا جدا معي وقبل وصولنا لمليط قال لي انا عارف الشباب لو حصلت ليك اي مشكلة نحن بنقيف معاك الا اذا جابوك لي في مشكلة بنات هنا أنا ذاتي ببقى ليك مشكلة وقد ظل طوال فترة وجودنا في دارفور يحذر من مسائل البنات دي .... وصلنا مليط ليلا قضيت الليل ود.راشد مع د. مجدي صالح (مجدي مليط) في منزله مع بعض الوفد وفي الصباح الباكر جاءت العربة اخذتنا لنلتقي ببقية الوفد عند قصر ملك قبائل البرتي ,حيث تناولنا الإفطار معه وقد كان الوزير قد انجز بعض المهام المتعلقة بحكومة الولاية مع محلية مليط باكرا ..وصلنا قصر الملك وهو مبنى ملكي لديه بوابة كبيرة عليها برجان صغيران عليهما حرس ...دخلنا عليه فأحسن استقبالنا واهتم بسؤالنا فردا فردا من أين نحن
    وعن المدة التي قضيناها في دارفور.. وعلى خريطة السودان وضح لنا بشرح دقيق اماكن انتشار قبيلة البرتي في السودان والشخصيات المشهورة منهم وذات الأثر في تأريخ السودان وتجولنا على الصور المعلقة على الحائط وكانت في أغلبها لشخصيات من البرتي في اماكن متفرقة من السودان يمارسون وسائل كسب عيشهم.... اكرمنا الرجل وتمنى لنا رحلة آمنة وعند مغادرة مليط قررت البحث عن عربة اخرى فانتقلت الى العربة التي انتقل اليها مدير طبي م. الفاشر د. راشد وهو يكبرني بسنوات قليلة ..خريج الاتحاد السوفيتي ومثلي من ابناء كوستي مما ممكننا من ادارة ونسة جميلة في المشترك الكوستاوي وأعطاه إحساس بالمسئولية الأبوية إتجاهي وكان خط دفاعي الأول عندما أحس بأنني يمكن أن اتورط في مشكلة اذا تم جرجرتي لمواقف لا توافق قناعاتي وكان يضحك ويقول لي بعد تمشي المعسكر بتجي في الخط وكان يقصد معسكر الخدمة....
    تحركنا الى الصياح والطريق اليها طريق غير معبد ولكنه مطروق واضح المعالم لا اذكر ان كانت تلك المنطقة الشبيهة بالوداي قبل ام بعد الصياح وهي منطقة تواجد النهابة (عصابات النهب المسلح) لاحظت عندما ما مررنا بها, اخرجت الأسلحة وساد الصمت العربة فلا تسمع سوى اصوات المحركات ....دخلنا الصياح بعد ثلاث ساعات كاملات ذهبنا أولا الى الشفخانة حيث وجدنا المساعد الطبي و شيوخ القرية في انتظارنا ..أول ما تفقد د. خليل تلاجات الطاقة الشمسية وقدم لنا أنا ود.راشد شرحا حول أهمية ال cold chain وال EPI وضرورة المحافظة عليه وتفقده بصورة مستمرة وأشاد بالمساعد الطبي ..بعدها انفرد بدكتور راشد لدقائق ومن ثم جلسنا في شكل مربع وضعت لنا كراسي من جهة المباني واحضر لنا غداء جيدا فيه ما لذ وطاب من اللحوم ..لم اكل كثيرا لأني أخاف الأكل مع السفر و دائما ماتخذلني بطني اذا أكلت في السفر ...اثناء الاكل لاحظت أن الفنانين يجهزون في الساوند سستم وبعد الأكل وقد كان هناك أحد الهتيفة تم جلبه ضمن الوفد واعتقد أنه يعمل في مخازن الوزارة ....وهو كما علمت قديم في الشغلة دي منذ أيام الطيب المرضي ,اعتقد انه من أولاد الريف وأولاد الريف كما يقول ابناء الفاشر مصريين استجلبهم السلطان علي دينار لبناء قصره المنيف بمدينة الفاشر ثم استبقاهم دون إرادتهم كما تقول الرواية وهم الآن سودانيون كاملي السودانية ولهم حي بإسمهم في مدينة الفاشر... المهم بدأ هذا الرجل بصوته الجهوري الهتاف بشعارات الحركة الإسلامية .... فليدم للدين مجده أو ترق منا الدماء فاكمل المنافقون او ترق منهم دماء أو ترق كل الدماء ثم تعالت بقية هتافات الإسلاميين التي نعرفها ...أعقب ذلك شيخ من الصياح بخطاب مختصر مفيد وفجاءة وأنا استمع لكلام ممثل أهل الصياح أتاني الأمين العام وطلب مني مخاطبة الحضور فرفضت رفضا قاطعا ولما واصل في الحاحه و اصرار على أن أخاطب الحضور اوقفه د.راشد بحزم ..بعدها قام د.خليل خطيبا قاطعاً كم من الوعود وختم خطابه بأنه لم يجد أفضل من مدير طبي مستشفى الفاشر ليقدمه لهم طبيبا لمنطقة الصياح الصحية ولم أدري ساعتها هل كان ذلك نتيجة إتفاق مسبق من الفاشر ام ساعة استفرد به في شفخانة الصياح ام من وحي اللحظة وذاك الحماس الطاغي على ما سواه
                  

05-31-2016, 06:45 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    تحياتي أخي حماد والتحية لأبنك وزملائه
    الخدمة الريفية أو ما تسمى بفترة الشدة كما قلت فترة مهمة جداً في تطور الطبيب المهني والانساني ولا شك عندي بضرورتها للدولة وللطبيب ولكن وللأسف الانظمة لا توظفها التوظيف الأمثل ليعود نفعها كاملا لمصلحة المريض والمهنة
                  

05-31-2016, 12:16 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور
    الجزء الخامس
    :..منذ ذلك الخطاب اصبح راشد رسميا رئيسا للفريق الصحي ومديرا طبيا لمستشفى الصياح المستقبلي .... كان راشد باين الرضا منشرح الصدر عند صدور القرار الوزاري وهو الأمر الذي يوضح أن هذا القرار متفق عليه سلفا... بعد خطاب الوزير بدأ الفنان في الغناء وهو من فناني الفاشر المعروفين وان كنت نسيت إسمه ولكن أحد رفقاء الرحلة استنكر عدم معرفتي به وان شيخ فلان امام مسجد من مساجد الفاشر يعرفه وقد شتمه في خطبته الجمعة الفائتة على الطريقة الكشكية(نسبة للشيخ عبدالحميد كشك في شمته للفنان ترباس) المهم بدأ الفنان يغني بأغاني مثل في حماك ربنا واخواتها وعندما رأيت د.خليل والحاشية بدأوا في التبشير فضلت الذهاب للصفوف الخلفية كمن يبحث عن مكان لقضاء حاجته ومن ثم عدت بلفة طويلة للجلوس على الأرض خلف الصفوف ..طبعا ردا على السؤال الذي يدور في الأذهان ..دا كلو لشنو ؟ الإجابة بسيطة حتي لا أبشر أو انقز معهم ....حيث كنت لا أزال كما عهد الطلب لا مجال للون الرمادي ابدا ...وانا في جلستي تلك جاءني الزول بتاع الهتافات داك سائلا وين يا زول فقدناك ؟..تمتمت بشتيمة في سري ... ماتفقد عزيز ولا بردوها كيف دي؟.. مع إبتسامة باهتة ... يازول انت ما بتسمع الغناء ولا شنو؟ أيوة كانت تلك إجابتي ...ليه؟ يازول انت مالك بي؟ خلاص أمشي كمل باقي حفلتك ... رجعت للحفلة وكان الفنانين بلملمون في الساوند سستم والاورغ ... الحمام وين يا اسامة؟ سأل د.راشد.... ما عارفوا داير يبرر لغيابي ولا مزنوق فعلا... المهم تبرع الهتاف (خلينا نسميهو الهتاف يعني بتاع الهتافات لحدي ما نلقى ليهو إسم تاني ..او يسعفني واحد من الأصدقاء باسمه الحقيقي لانو الزول دا حيبارينا بمقدرته العالية على الاغاظة مع وجه برئ جدا) تبرع بالاجابة لا لا الدكتور ما كان في الحمام ...
    الدكتور كان قاعد هناك.. أصلا لانه هو ما بيسمع الغناء ..أنت انصار سنة يادكتور.. مش؟ بس لا عندك دقن ولا بنطلونك قصير ليه !! توالت أسئلته .. ظهر ضيقي منه ولم استطيع اخفائه.قلت في نفسي عمك دا لو سكت ليه وما حسمته الآن بينقر طاري وبيعملني موضوعه ... وطبعا ما مرتب احسمه كيف .. شبكتوا ليك يازول انت واقع ليك من جمل ولا شنو ؟ مالك كلامك كتير كدا ؟ يازول انا لا انصار سنة و لا حاجة...انا بس غناكم دا ما داير اسمعه.. عجبك ولا عندك كلام تاني داير تقوله ؟ أقطع وشك دا مني.... عمك استغرب من الزول دا مالو فجاءة سخن كدة وأنا ذاتي استغربت إن ردة فعلي رغم اني قررتها سلفا قبل ان أقدم عليها ولكنها تصاعدت بصورة غير طبيعية خاصة لمن سمع كلام عمك الهتاف و أسئلته... ذهب الراجل مكسور الخاطر بعيدا عني حتى حسسني بتأنيب الضمير
    سريعا بعد انتهاء الغناء توجهنا الى السيارات ميممين وجوهنا صوب محلية المالحة ... ركبت نفس العربة مع د.راشد الذي وجه لي نصائح في ضرورة التسليم بوضعي كطبيب لمحلية المالحة وأنني سأعيش هناك لمدة عام وعندما وضحت له أنه أخطأ التقدير وأنني لست قلق ولا أحاول أن أغير في هذا القرار .. قلت ليه أعتقد أنني محتاج أسلم بانني محكوم بالناس ديل واتعامل مع الأمر الواقع على الأقل حتى نستمتع بالمعازف والعضة الطيبة دي ..ضحك راشد زي ما بقولوا حتى بانت نواجزه ... ثم قدم لي نصائح عن ضرورة التأقلم على وضع ح تكون فيه قريب من الدستوريين بحكم تواجدنا في الولايات وأننا لا نستطيع الاختباء لأن تقاطعات الحياة اليومية بيننا وبينهم كثيرة ... الطريق من الصياح الى المالحة الجزء الذي قطعناه قبل مغيب الشمس تتبادل فيه الأراضي الصحراوية مع مناطق صخرية ومنخفضات مخضرة أقرب للخيران من الأودية وكنا كلما مررنا بوادي أو أشجار يصمت الركب وترفع الكلاشات من مخابئها الى وضع الاستعداد كذلك الملاحظة اننا كلما مررنا براكب أبل يكون الوضع أكثر اقترابا من ما قبل الاشتباك اذ يتم التصويب نحوه مباشرة من بعض الركاب حتى يتم تجاوزه لتعود الأسلحة الى مخابئها من جديد ويستمر المسير وتعود الونسة كذلك ...السفر مع الدقداق فيه مشقة وتعب بما لا يقارن مع السفر في الطرق المعبدة ويستهلك زمن طويل وكذلك قطع غيار السيارات ...اخيرا وبعد مسيرة ما يقارب الخمس ساعات ظهر لنا ضوء بعيد وكلما اقتربنا من الضوء تظهر المساكن وهي عبارة عن قطاطي تتباعد وتتقارب من بعضها البعض أعتقدت أن ذلك مربوط بالتكوينات الأسرية وسكنها جوار بعض ... بعد فترة اصبح مصدر الضوء بمحازاتنا بما يقارب الكيلو متر فعرفت ان مصدر الضوء ليس مقصدنا وبسؤالي للسائق عرفت ان المبنى المنار هو هيئة توفير المياة حينها بداءت تظهر مباني متفرقة في الصباح تبين لي انها مبنية من الحجر إحداها الشفخانة ولم استطيع تبين شكل القرية في ذلك الظلام الممتد الا من نار هنا وهناك وتسمع أصوات الناس من أماكن متفرقة حول المكان ونحن ندخل القرية إتجاهنا ناحية مبنى بحوش كبير في بداية القرية من حيث دخلناها ...وصلت سيارة د.خليل والشرطة أولا ثم دخلنا بعدهم الى داخل الحوش الكبير بسياراتنا وعرفنا أننا داخل حوش استراحة الجمارك وكانت اصوات الناس لاتزال تاتيني متداخلة ولكنها مسموعة بوضوح حتى تتخيل ان هؤلاء الناس يتحدثون من حولك وكنت استغرب ان هذا الأمر لا يثير إهتمام أحد ....وجدنا د. خليل ومعه د.هاشم دليل مدير عام وزارة الصحة الولائية وهو على ما اعتقد من أبناء قبيلة الزاندي وقد جلسوا على سريرين متقابلين ... وعندما اكتمل وصول بقية العربات وكنا قد تأخرنا عن موعد وصولنا بساعات نسبة لربة الصياح التي يبدو أنها حشرت في البرنامج حشرا لذلك جلسنا لما يقارب الربع ساعة حتى أتى رئيس وأمين عام المحلية والرئيس عادة من اهل البلد وينتخب ويمثل الشق الشعبي في المحلية وسلطته أعلى من سلطة الأمين العام الذي ينتمي لسلك الضباط الاداريين ويبدو أنهم قد انتظروا لفترة طويلة قبل ان يذهبوا لتفقد الطعام والإسكان ...سريعا أحضر العشاء وأيضا كان فيه ما لذ وطاب من اللحوم بأنواعها خاصة الاقاشي وكذلك عصيدة بالتقلية و بقية اكل عامة أهل السودان من فول وطعمية وبيض ... أكلت هذه المرة دون خوف وأستمتعت بكل أصناف الأكل خاصة الاقاشي والتقلية كانت طاعمة ولكن العصيدة كانت قوية وفيها طعم دقيق وريحة الزريعة المخمرة (أرجو ان يسعفني أحد بإسم هذا الدقيق خاصة اللذين قاموا بإدارة الميز) وطبعا بعد زمن أصبحت أستمتع بهذه العصيدة بعد أن ادخلت عليها بعض التعديلات و التي نفذتها الخالة عشة (الطباخة ... المالحة) .. بعد الأكل اصدر د.خليل تعليماته بتوزيع الضيوف على أماكن سكناهم وبات هو ود. دليل في السريريين الذين وجدناهم عليهم في حوش الجمارك مع بعض التعديلات اذ أصر الحرس على وضع ساتر باحد العربات ... بقيت مجموعة الحراسة للمبيت في استراحة الجمارك ... وذهبت مع مجموعة من الوفد للمبيت فى منزل الأمين العام لمجلس المالحة.
                  

05-31-2016, 03:39 PM

نزار يوسف محمد
<aنزار يوسف محمد
تاريخ التسجيل: 05-12-2011
مجموع المشاركات: 4744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    Keep up the good work. Thanks Osama
                  

05-31-2016, 09:50 PM

طارق جبريل
<aطارق جبريل
تاريخ التسجيل: 10-11-2005
مجموع المشاركات: 22556

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: نزار يوسف محمد)

    جميل ياخ هذا السرد
                  

06-01-2016, 09:21 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    شكراً جزيلا باشمهندس بكري أبوبكر على وضع البوست أعلى المنبر
    شكراً طارق جبريل على الاشادة
                  

06-01-2016, 09:46 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور

    الجزء السادس

    تحركنا رفقة السيد طربوش أمين عام المحلية الضابط الإداري الى منزله وهو من أبناء امبرو ولم تكن أسرته معه أيامها ،في الطريق الى بيته لاحظت مجموعات من الناس في شكل دوائر صغيرة منتشرة في المكان وبسؤالي عنهم... عرفت انهم عابري طريق من ليبيا و من العطرون يتوقفون في المالحة لاجراءات الجمارك أو رسوم العبور للعطرون تدفع لمحلية المالحة ورسم العبور كان ساعتها أخر مصدر دخل تبقى للمحلية بعد نزع العطرون منها وتحويله الى مورد ولائي ... هؤلاء الناس هم مصدر الأصوات التي ذكرتها سابقا، ففي الفراغ والهدوء ينتقل الصوت بوضوح عجيب ولولا تداخل ونسة المجموعات المختلفة واختلاف اللغات لسهل علي تميز ما يقولون . منزل السيد طربوش مبني على شكل بيوت اشلاق البوليس ..غرفتان ملتصقتان في الوسط والمطبخ في ركن والحمام ملتصق ببيت الخلاء في ركن أخر ... دخلنا البيت ومن التعب والإجهاد نمت بكامل ملابسي ... فاتني ان أذكر أن وفد من شرطة جوازات الفاشر كانت تقيم أيضا في إستراحة الجمارك, جاءت للمالحة لاستخراج جنسيات لأبناء الميدوب ... نمنا ليلتنا تلك وقد استيقظ الغالبية باكرا ولكنني نمت حتى أتاني من يوقظني لأن الجماعة سألوا عني في إستراحة الجمارك .... أخذت حمام غير سريع بالجردل طبعا ومن ثم ذهبت لاستراحة الجمارك قبل شرب الشاي الذي كان قد حضرته طباخة السيد طربوش ,وصلت الاستراحة وكان الجميع تقريبا في زي الدفاع الشعبي عدا راشد و د.دليل وأهل المالحة وكذلك وجدت في الاستراحة بعض رفقاء د.خليل في حرب الجنوب من أبناء المالحة وقد كانوا مكان احتفائه ... حينما دخلت حوش الإستراحة طلب مني أحد ضباط البوليس معاينة زميلهم الذي جاءته حمى شديده الليلة الفائتة ....سألت الضابط ولماذا لم تسألوا د.خليل او د.دليل ان يكشف عليه الليلة الماضية وصبرتم عليه حتى الآن ..يبدو أنهم خشوا أن يزعجوا الوزير... (لا أظن أن هنالك طبيب ينزعج من القيام بواجبه المهني مهما كانت الوظيفة التي يشغلها) .. المهم عاينت الضابط المريض وكانت حرارته مرتفعة منذ اليوم السابق وقد عاينه المساعد الطبي وأعطاه حقنة كلوركين ثم حقنة أخرى دون تحسن يذكر .. وكان يستفرغ بكثرة فأعطيته محلول وريدي وحقنة استفراغ وخافض حرارة على أن أتي لاحقا مع بقية الأطباء لمعاينته .. ظننت أنني محظوظ بمغادرة الوزير وجماعته الى المحلية أثناء انشغالي مع المريض و لكن خاب أملي عندما قال لي العقيد رئيس وفد الجوازات يللا أنا وعدت الناس ديل اوديك ليهم في المحلية ... قلت ليه وصلني الشفخانة أول علشان اقابل المساعد الطبي أولا ... ذهبنا الى الشفخانة وفي الطريق رأينا سيارات الوفد آتية من إتجاه المدرسة متجه إلى الشفخانة وبالمناسبة كل هذه الاماكن قريبة من بعض ولا تحتاج الى سيارة، وصلنا الشفخانة معهم في وقت واحد ..دخلنا وكان في الإنتظار المساعد الطبي وضابط التحصين والقابلة القانونية - الملاحظ أن مسمى ضابط دي تستعمل بكثرة في الخدمة المدنية السودانية فهناك ضابط الصحة وضابط التحصين وضابط التغذية- المهم التقيناهم قبل الوزير بأقل من دقيقة كانت كافية بتعريفهم بنفسي لاحظت ..وجود مجموعة من النساء الحوامل فعرفت أن اليوم هو كشف الحوامل واسررت في نفسي ان هذا سيكون سبب بقاءي في الشفخانة وعدم الذهاب الى المحلية حيث سيكون هناك احتفال بمقدم الوزير وخطابة وغناء ...جاء الوزير ووفده وناس المحلية وتكلم المساعد الطبي واخذنا في جولة على مباني جديدة مغلقة عبارة عن عنبرين ملتصقين وغرفة أخرى على ما أذكر بالإضافة للشفخانة تمثل ما سمي وقتها بمستشفى المالحة ويبدو أن مشروع المستشفى توقف بعد أن أفلست المحلية بانتزاع العطرون منها وتحويله إلى مورد ولائي.. فوعد د.خليل ببعث الروح في المشروع من جديد ... ختم الوفد الزيارة سريعا وتوجه الجميع الى المحلية ..عدت للشفخانة لكشف الحوامل فوجدت أن القابلة قد صرفتهن على أن تكشف عليهن في اليوم التالي. كان الجمع في المحلية متوسطا من حيث العدد في البداية عندما وصلنا ..بدأت هتافات تتعالى ..الإنصاف ..الإنصاف ..العدالة..العدالة ... وهناك هتافات أخرى ترد فيها كلمة العطرون بكثرة ... ظهرت مقدرة عالية لدكتور خليل على تجاهل تلك الهتافات بل لم يظهر أي امتعاض من تلك الهتافات ..جلسنا على كراسي داخل برندات مباني المحلية في مواجهة الفسحة التي جلس فيها المواطنين في شكل مربع ...ازداد العدد بعد حضور طلبة المدارس ومعلميهم ويبدو أن د.خليل يعرف ناظر المدرسة الثانوية شخصيا إذ جاء الناظر مباشرة اليه وتصافحا بحرارة - خليل كان وزيرا للتربية قبل توليه وزارة الصحة- ثم جلس الناظر بالكرسي المجاور لي ... بدأ اللقاء كما لقاءات الرسميين مع الجمهور كلمات وراء كلمات وهتافات من الهتاف (علوي)..وهذا إسمه كما ذكرني أحد الأصدقاء... أبلغت كل من طلب مني مخاطبة الجمع اعتذاري ولم يصروا ..فكنت مرتاحا أن ذلك لن يحدث ... تحدث مدير الوزارة باستفاضة عن خطط الوزارة ومفهوم المنطقة الصحية ،قدرت أن دكتور خليل قد كلفه بالكلام في الشق المهني ليتولى هو الشق السياسي والمدير العام يتحدث ... أرسل لي د. خليل من يطلب مني الحضور اليه وقد كان المدير العام لازال يتحدث ...نظرت في إتجاه د.خليل وقد كان يفصل بيني وبينه حوالي خمسة الى ستة كراسي .. نظرت إليه فأشار لي ان آتيه فذهبت إليه فقال بحزم سوف تتحدث بعد د.دليل .. انزعجت جدا ولكني سلمت بالأمر السامي وفكرت بسرعة بملامح حديثي العامة إذ يجب أن لا يحتوي على اي موقف سياسي وان لا يرد فيه ذكر د. خليل او سياسته لادارة وتنظيم العمل الصحي بالولاية .. المهم كان قراري أن تكون كلمتي تعريف لأهل المالحة بنفسي ...أشار د.خليل لعلوي ويبدو أنه قد طلب منه أن يقدمني ... أمسك علوي المايك فور انتهاء المدير العام من كلمته ...وقدمني تقديم ركز فيه بانني هدية الوزير لأهل المالحة ... أحسست بصداع خفيف وبعض الرهبة للدقداق الوداني بيهو علوي ... لم تكن هناك منصة للخطابة بالشكل المعروف يعني كان الخطيب يقف على مصطبة البرندة ليواجه الحضور غير بعيد من مكان جلوسي... تحركت من مكاني الى المنطقة التي تركت من غير كراسي ليقف عليها المتحدث لم أتحدث كثيرا وقد قلت على ما استحضر إنني د.أسامه من أبناء كوستي وقد تخرجت من باكستان فهمي لوجودي هنا يأتي من فهم توارثناه عن معنى الإنتماء للوطن ففي نفس الإطار الذي جاء بأبي من شمال السودان الى وسطه ليساهم في توفير الأمن فيه أحضر أنا الى المالحة من كوستي لتقديم خدمات صحية أتمنى أن تكون في المستوى المطلوب ... رغم قصر كلمتي ولكنها يبدو أنها نبهت د. خليل بأن دكتوره ناشط سياسي ... لأنه في تذكير أخر لي عن موضوع البنات ذكر لي ما معناه .. سياسة ما في مشكلة جكس تشوف براك.. الشيء الغريب والذي احبطتني وأوصل لي إحساس أن رسالتي لم تصل هي مقاطعة علوي الهتاف كلمتي القصيرة بالتكبير عدة مرات ... و علوي جاءت قمة إنتاجه في الاغاظة يوم ان إلتقاني في الفاشر بعد عودتنا ومعي أخونا معاوية الشفيع وهو كان عندي ولا يزال مقياس رسم صحة الموقف والالتزام به فقال موجها كلامه لمعاوية وهو يقصدني ليس الفتى من يقول كان أبي ولكن الفتى من يقول هاانذا ... استغرب معاوية كلام الرجل ( أترك لكم وصفه بما تشاؤون) وانا كنت اعتبرت ان تلك الخطبة خطيئة يجب سترها وكانت نفسي تخفف عني بأن الأمر لايتجاوز صغائر اللمم ..لذلك لم أذكرها لأحد راجيا من الله الستر ...و الرجل الهتاف لاينتظر الاستفسار وأسرع بالتوضيح الذي تجاوز مدة الخطبة المستورة حتى وقتها ...تعرف يا دكتور ...د.أسامه دا سياسي كبير والله عمل خطبة في المالحة ماشاالله قاليهم أنا الشبل من ذاك الأسد (مع إبتسامة صفراء).. وجه معاوية لوم خفيف لي فاوضحت له أنني أجبرت على ذلك وقد وضعت كلمتي في الشخصي حتى لا أضطر لموقف سياسي أو نفاقي إتجاه د. خليل.. بدأ على معاوية أن التفسير لم يكن مقنعا له أو أراد ان ينتهي النقاش عند هذا الحد ولكنني متأكد لو كنا منتمين للحزب الشيوعي لقدم فيٌ بلاغ تنظيمي .. أعود للمالحة في الجزء القادم .
                  

06-01-2016, 10:13 AM

ALWALEED ALSHEIKH
<aALWALEED ALSHEIKH
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 884

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    يا سلام يا أسامة سرد جميل أتمنى المواصلة بدون انقطاع مع أمكن
    تحياتي لك و للشباب بالدوحة.
                  

06-01-2016, 10:44 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور

    الجزء السابع

    رجعت و جلست في الكرسي بعد انتهاء كلمتي وسط تصفيق شديد وابتسامة رضا من د.خليل انزعجت لها باعتبار لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ..ورضا خليل معناها إنني جيت في خط ملتهم.. ثم نادى المنادي الهتاف علوي بأن موعد القول الفصل قد حان وقدم للحضور وزير الصحة لولاية شمال دارفور د.خليل إبراهيم محمد .. الذي ذهب الى المنصة وسط هتافات المواطنين المنادية بالعدالة والإنصاف بمايخص العطرون مصدر دخلهم الوحيد الذي استولت عليه حكومة الولاية بعد أن تنازعت معهم عليه محلية امبرو فأحالته الحكومة لمورد ولائي وإنتزعته من محلية المالحة و بإعتبار أن خليل قبليا ينتمي لنفس قبيلة أهالي امبرو كانوا يحملونه ما اعتبروه ظلما وقع عليهم ...لم يكترث كثيرا للهتافات ولكن تحدث لهم في أمر العطرون بأن ما حصل هو سياسة الدولة إتجاه الموارد ذات الدخل العالي ... ثم تكلم عن الاستهداف الاستكبار وكل كلمات ومصطلحات الكيزان التي لا يخلو منها خطابات كل قياداتهم في ذلك الوقت ثم تحدث قليلا في أمر الصحة خططه ،الانجازات وما ينتظر التنفيذ ... الحضور لم يكن يهمهم شيء سوى موضوع العطرون لذلك تشاغلوا عنه بالتحدث مع بعض ..أنهى د.خليل خطابه ومن ثم إبتدأت الربة, لازمة مهرجانات السلطة الخطابية ..لا أذكر إن كانت عضة الفطور قبل أم بعد المهرجان ولكن ما اؤكد عليه أن أهل دارفور يجيدون فن الطبخ في مدنهم وقراهم ... بعد نهاية المهرجان الخطابي تقرر أن نذهب لزيارة بير المالحة وعند إستفسارنا عن ماهية بئر المالحة المراد منا زيارتها اوضح لنا أحد سائقي المحلية والذي سيصبح لاحقا سائقي بأن بئر المالحة هو فوهة بركان خامد منذ فترة طويلة لا يعرف عنها أحد متى كان ذلك ولأن معلومة وجود بركان في السودان جديدة تماما علي تحمست جدا للذهاب للبئر ... ذهبنا في سياراتنا تصحبنا سيارات المحلية وشرطة الجوازات ... وصلنا منطقة البئر وهو محاط بسلسلة صخرية سوداء ووقفنا عند منطقة تنزل منها الجمال الى قاع البئر من أجل الشرب نزلنا من السيارات وتقدمنا إتجاه مدخل الجمال بين الكتل الصخرية وأنا حتى تلك اللحظة لا أعرف ما وراء تلك الصخور ...المهم وقفت على طرف البير وهو بمساحة استاد كرة تقريبا و عمق 60 الى80 متر يزيد او ينقص .... وسط الحفرةهذه هنالك منطقة تظهر سوداء من بعيد وهي منطقة تواجد الماء الذي يرى من بعيد أسود اللون ولا أحد يدري عمق الماء وعلى أطراف البير مزارع واشجار تبدو صغيرة الحجم من فوق وعرفت من أهل المنطقة ان المزارع مملوكة لملك الميدوب والأشجار أغلبها موالح وهنالك أيضا خضروات ....كما ذكرت سابقا بأن هنالك طريق أقل انحدارا تنزل منه الجمال يقودها الرعاة لأن انزلاق جمل واحد في هذا الطريق يؤدي الى هلاك جميع الجمال التي تتقدمه الى قاع البير وهو طريق شديد الانحدار بالنسبة لي، ولكن الداعمين لنزولي كانوا يرونه غير ما أراه وبأن المسافة الى القاع ليست كما يبدو لي ولا الانحدار كذلك...... نزل أغلب الضيوف وبقي أصحاب الأعذار الرسمية نزلت خلفهم ما لايزيد عن العشرة خطوات ...رأيت تحتي إثنان يساعدون د.دليل على الجلوس وينصحانه بأخذ نفس عميق ويسدان الطريق الى القاع الذي لا يزال بعيدا جدا وصلتهم وكان الدكتور يتنفس بجهد واضح ويتسارع معدل تنفسه ولكنه ليس في ضيق شديد جلست الى جانبه وكنت قد قررت في نفسي العودة من حيث أتيت صحبة المريض الدكتور على الا أعاود الكرة مرة أخرى بعد أن احسست بفرق في التقاط الأنفاس عندما وصلت لموقع د.دليل وقال لي أحد أن الامر يحتاج لتدرج في الهبوط للأسفل ويمكننا أن نرتاح قليلا ثم نواصل ولكني وللأسف اصررت على الصعود مرافقا لد.دليل التحايل الذي كلفني الا أرى بير المالحة من قاعها و رغم أنني أملك وصفا تفصيليا لها ولكنها تظل في تفاصيلها نقلا عن من رأي ...وجدير بالذكر ان الحجر الذي يستعمل لصنفرة كعبي الرجلين عند النساء والعرسان من الرجال أغلبه من حجار هذه البير ويسمى حجر السماح ويعتقدون أنها صخور بركانية..... أيضا يروي الأهالي رواية غريبة عن حيوان ضخم كان يعيش في الماء وسط البير وان هنالك طائرة نزلت في البير وأخذ ذلك الحيوان الضخم الى جهة مجهولة .... طبعا نزل اغلب الوفد الى البير والتقوا ملك الميدوب الذي - كما ذكر لي بعض من نزل- لم يبدي أي إهتمام بالوفد وتعامل معهم كأي زائرين للبير وأنا شخصيا لم التقيه في تلك الزيارة ولا في الزيارات التي تلتها .... بعد انتظار صعود الوزير ومرافقيه لساعات قررت العودة لاستراحة الجمارك ورؤية ضابط الجوازات المريض ,طلبت من أحد السائقين توصيلي ود.دليل الذي رفض العودة إلى الإستراحة قبل صعود الوزير ووفده فذهبت وحدي مع احد السائقين الى استراحة الجمارك هناك رأيت المريض وقد خفت عنه الحمى ولكنه في حالة قلق شديد فتذكرت الأعراض الجانبية التي تصيبني عند تناول مضادات الاستفراغ وهذا من واقع المجرب وليس الطبيب فأعطيته فاليوم .. نام بعده لعدة ساعات صحي بعدها وقد ارتفعت حرارته.... عند عودة الوفد عاينه كل أطباء الوفد ...خليل ودليل وراشد واتفقنا على ان يبدأ كنين ومضاد حيوي ولأن الاستفراغ كان قد توقف بدأنا بحبوب مضاد حيوي ولكنه للأسف استفرغها ... طلبنا من المساعد الطبي أن يحضر لنا كنين (جدير بالذكر أن المساعد الطبي من قيادات الادارة الأهلية وله حرس وسلاح وإن كان لا يحمل سلاح ولا يصطحب معه حرسا وهو رجل شهم كريم ) وبعد فترة احضر الكنين ولم يجد مضاد حيوي بالحقن إلا الاستروب والاستروب له محبة خاصة في دارفور ويطلبه المريض – "اديني يادكتور استروب" وهو لاستريبتومايسين الذي يستخدم ضمن مضادات السل.....بدأنا الكينين دون استجابة تذكر.... ليلا قررت ان اعطيه السبترين بأي طريقة وأنا عارف الأعراض الجانبية التي ستصيبه من مضادات الاستفراغ فقد كان قبل إعطائه الفاليوم في قلق شديد حتى ان مرافقيه كانوا يصرون ان "الملاريا طلعت ليهو في راسو...." أعطيته مضاد الاستفراغ وبعد فترة اعطيته السبترين فرجعها بعد فترة أعطيته مرة أخرى السبترين فنزلت في بطنه كما يقولون ... دخلت عاطفيا في أزمة بسبب هذا المريض إذ علمت وأنا امارضه وليس اطببه والطبيب ممرض وممارض فاشل رغم علمه بالتطور الطبيعي للأمراض (natural history of the diseases)من المهم أن اذكر ان جزء من الحالة النفسية والتعاطف الشديد الذي ألم بي كان مرده إلى أنني قد علمت منه في ونسة اثناء ممارضتي له بأنه دفعة أخي المرحوم محمد الذي توفي رحمة الله عليه وهو طالب في كلية الشرطة.. صباح اليوم التالي وهو يوم العودة للفاشر قررت ألا أسافر وابقى لمعالجة الرجل وعندما أخبرت راشد بذلك قالي بدل تقعد إنت يسافر هو .... رأيت الأمر منطقيا واخبرت العقيد رئيس وفد الجوازات ... قال لي أنا ذاتي خلصت شغلي هنا وسوف نعود للفاشر لذلك سوف نعود جميعا ...المهم الصباح كانت حالته أفضل كثير أشرفت على بلعه الحبوب وكان تبقى معنا امبولة واحدة بتاعت كنين فاعطيتها للعقيد وبلعته من حبوب الكنين ومر الأمر بسلام تجهزوا للسفر وكنا أيضا نتجهز للسفر ... أعطاهم ضابط جمارك المالحة مرتبة وضعوها في التاتشر لكي يرقد عليها ..فوجئت بالمساعد الطبي الثاني (للمالحة مساعدين طبيين) والمساعدالثاني "ده كسار تلج مؤسس" تبرع للوزير بمرافقة المريض دون أن يخطرني او يخطر المساعد الطبي الأخر الذي هو رئيسه المباشر قبل حضوري وله عشق مع السفر للفاشر ومليط ولي معه اشتباكات سأرويها في وقتها ..ركبوا تاتشر الشرطة ...أصر العقيد على ان يركب في الخلف مع الضابط المريض وهذا أمر ليس بيسير عند العساكر... ولأن وضع المريض الصحي كان لا بأس به فقد اقترحت عليهم ان يركبوا الاثنين جوار السائق وهذا ما حدث ..... أعطيت المساعد الطبي بقية الأدوية والتوجيهات وودعناهم متمنين لهم سلامة الوصول ..كان من المفترض أن يتوقفوا في مليط للراحة ولكنهم كما علمت لاحقا عندما احسوا بأن زميلهم بخير واصلوا للفاشر بسلام.... توجهنا نحن الى سياراتنا وتوزعنا على السيارات وقبل الخروج من المالحة طلب أحد أعضاء المحلية ان نعاود مريضة في منزلها فرافقت راشد الذي كلف بالمهمة ..قطاطي الميدوب لها شكل مختلف ومظلمة من الداخل ..رأينا المريضة بعد ان تعودت أعيننا على ظلام القطية ...كانت نحيلة جدا ...مريضة جدا كشف عليها راشد مع هستري سريع وشخص حالتها بأنها سل وكان احساسي بأنها مريضة سرطان . . كنت غير مركز سوى في حال هذا التفاوت العجيب في كل شئ حتى في الرضا بالحال المايل ...خرجنا ووجه راشد المساعد الطبي بان يبدأ لها مضادات السل وعندما عدت مرة أخرى للمالحة طلبت من المساعد الطبي اخذي الى بيتها بعد الفطور ... بعد الفطور بدل اخذي اليها أحضرها لي وهي في وضع صحي جيد جدا اذ استجابت استجابة مذهلة لمضادات السل فاعطيتها فيتامينات كل قد اوصاني راشد بأن اوصلها لها.
    بعد ان كشفنا على المريضة واوصينا بالعلاج تحركنا متجهين صوب الفاشر والتي وصلناها بعد ثمانية ساعات من المسير المتواصل الا من توقفات للصلاة والأكل.
    واترك مواصلة هذه الذكريات للصديق معاوية الشفيع ليسرد أيامه في شمال دارفور على أن نكمل معكم رواية وسرد باقي أيامنا في شمال دارفور عبر محطات وأحداث وشخصيات كان لها ماكان من التاثير السلبي والايجابي علينا أو على الولاية دون أن نلزم نفسنا بتسلسل زمني لصعوبة ذلك
                  

06-02-2016, 01:17 AM

Suleiman Todi
<aSuleiman Todi
تاريخ التسجيل: 02-16-2013
مجموع المشاركات: 572

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    د.اسامه. متابعين بشغف
    واصل سردك التوثيقي الجميل
                  

06-02-2016, 07:34 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    اترك مواصلة هذه الذكريات للصديق د. معاوية الشفيع ليسرد أيامه في شمال دارفور
    على أن نكمل معكم رواية وسرد باقي أيامنا في شمال دارفور عبر محطات وأحداث وشخصيات كان لها ماكان من التاثير السلبي والايجابي علينا أو على الولاية
    دون أن نلزم نفسنا بتسلسل زمني لصعوبة ذلك بعد كل هذه السنين
                  

06-02-2016, 08:28 AM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    متابعه يا اسامة مع تحياتى لك والاسرة.
                  

06-02-2016, 08:59 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    تحياتي نزار ولك شكري فأنت من الذين أطلعوا على هذا العمل قبل نشره هنا
    شكراً وليد الشيخ وتحياتي للاخوان بجدة والسودان
    شكراً سليمان وخليك متابع
    أهلا محمد بابكر يبدو اننا كتبنا مداخلتينا في أيامي وأيامك في وقت متقارب وفي أيامي
    وأيامك في باكستان وأيامي في دارفور كثير من الدروس والعبر ورجال ومواقف ... وأرجو أن تترك لنا الباب موارب لنسهم معك هناك
                  

06-02-2016, 09:43 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    الجزء المكتمل من هذا التوثيق بقلم
    معاوية علي الشفيع
    معاوية عبدالقادر
    وشخصي أسامه عبدالحليم
    الاجزاء التي لم تكتمل تخص الاحداث الكبيرة التي كان لها تأثير علينا
    التوثيق لشخصيات مثل
    الراحل د.خليل ابراهيم (اكتمل جزء مقدر منه)
    الراحل ملازم أول (حينها) معاوية أبكر يانس- لم يكتمل بعد
    صديقنا احيمر (نايل كندة أو كندة نايل) أحد الأسرى لحركة داود يحيي بولاد ( أعتقد كانت حركتهم مقيدة بمدينة الفاشر)
    الجزء القادم والاجزاء التي تليها بقلم د.معاوية الشفيع
                  

06-02-2016, 11:27 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)


    أيام شمال دارفور
    الجزء الثامن
    بعد طيران 70 دقيقة، أعلن راديو الطائرة بأن علينا ربط احزمتنا، استعداداً للهبوط، فى مطار الفاشر،(لم اعلم حتى الان ما معنى فاشر بالضبط، رغم تعدد الروايات، ويقولون؛فاشر أبو زكريا، وابو زكريا هو على دينار، لكن يبدو ان ولده زكريا هذا كان خامل الذكر ، هل كان عاطلاً عن المواهب، وإلا فلماذا لم يحدثنا عنه التاريخ؟؟)
    هدرت الطائرة (هدرة) اخيرة قبل التوقف، كان الوقت صباحاً، نزلنا- معاوية عبدالقادر الذى كان فى مغادرته الثانية لام درمان، اذ ان المغادرة الاولى كانت الى روسيا، وأسامة عبدالحليم، ابن كوستى وخريج الباكستان، وشخصى الضعيف- مررنا عبر صالة القادمين، استراحة الميرم تاجة-سميت على الأميرة بنت السلطان المهيب-، كان فى استقبالنا-وهو يقود عربية ميز الاطباء- الدكتور- الشاب فى ذلك الوقت- سعود سلطان، كان صديقى وتوأم روحى، كانت معرفته بصديقَىَّ محدودة، لكنه قام بواجب الاستقبال البشوش على اى حال. ركبنا السيارة - الدبل كابين- وتولى سعود مهمة القيادة والتعريف بمعالم المدينة التى نلقاها على الطريق. كانت طالبات الثانوى فى طريقهن الى المدارس، ما أشاع جوّاً من البهجة فى نفوسنا.
    أعد لنا سعود فطوراً لا اذكر مكوناته الان، كان اسامة متحفظاً، وكان (كعوى*)- ود ام درمان- متوجساً، لكنه كعادته يغطى كل شىء بإشاعة المرح والضحك في ما يليه. كنت -شخصياً- لا احس بأى غربة، فسعود صديق قديم، وكان هنالك محمد عبدالكريم، وهو ايضاً صديقى وقد سكنا سوياً فى الداخلية لحين من الدهر. كنت احس بانهزام ما، فقد كنا قاومنا قرار إرسالنا للخدمة العسكرية الإلزامية، لكن مقاومتنا باءت بفشل صريح ، وها نحن ننفذ القرار، لكننى خففت عن نفسى باننى هنا لخدمة أهلى المحرومين فى دارفور.
    كان استقبال الزملاء- من نعرف ومن لا- رائعاً. وساد جو من المرح والتفاؤل.
    فى الليل زارنا مسؤول الخدمة الإلزامية، كان شخصاً ثقيل الظل، يظن انه خفيفه، جاء بدعابات- او ما يظن هو انها دعابات- نزلت علينا كصواعق، ببساطة تمكن هذا الضابط الكوز من مسح الصورة البديعة التى رسمها زملاؤنا الكرام عن الإقامة فى دار فور.
    لا اذكر بعد كم من الأيام التقينا المرحوم خليل ابراهيم (كان سيف طه يسميه خليل الوزير، فى إشارة لأبى جهاد الشهيد الفلسطيني)، لكنه دبر لنا برنامج ما، رحلة ما، وفيها قام بتوزيعنا على مناطق دارفور المختلفة. كان من نصيبى ان اعمل فى كرنوى- حاضرة الزغاوة التى قصفتها طائرات الحكومة فى ما بعد-، قال الرفاق أننى محطوظ، فالزغاوة اغنياء وكرماء، ويمكننى ببساطة، ان اقول وداعاً للفقر، لكننى كنت انظر الى الامر من زاوية مغايرة.ومن طرائف ما قيل لى أننى بمأمن من (النهب المسلح)،الذى يمارسه الزغاوة فى دارفور- )طارق ما تزعل(+، هذا ما كان يقال- ، لكننى- وللمفارقة- عندما شددت الرحال الى كرنوى بصحبة الشرتاى ادم صبى، وجدت ان زجاج سيارته يزدان بآثار زخات من رصاص، أطلقها - كما اخبرونى- نهابون مسلحون.
    بعد ايام من لقائنا بخليل الوزير، زارنى- فى ميز الاطباء- وفد من مجلس كرنوى، الرئيس كان معلماً متقاعداً، والعمدة، شخص وديع يميل الى المرح، وعم داؤد كان أفصحهم وأكثرهم حماساً وكلاماً، تحدثوا -بحب- عن كرنوى، قالوا ان عندهم مستشفى تحت التشييد
    قال لى عم داؤد- واتذكر ذلك كل يوم هنا- ان الخروف الذى يسميه عرب الخليج، السواكنى، هو فى حقيقة الامر، خروف كرنوى. نحن نصدره من بلدنا ولأنه-تاريخياً- كان يصدَّر من ميناء سواكن، أسموه السواكنى.
    حدثنى عم داؤد عن مشاكل الرعى بين الزغاوة والبنى حسين، حدثنى عن المراحيل، وعن مؤتمر الصلح الذى رعاه الزبير محمد صالح. كان من الواضح ان هناك فتنة نائمة، دعوت الله الا يوقظها احد ..كانت الرحلة الى كرنوى شاقة وممتعة، كما ذكر الأنيق معاوية عبدالقادر، الشهير بكعوى، استمتعت فيها كثيراً ب(المناصيص). توقد نار كثيرة من الحطب على الارض، ويؤتى بسيخة توضع فيها قطعة كبيرة- اكبر من الهُبر بتعبير المصريين-من اللحم ، تشوى قطعة اللحم، ثم توضع على صينية، يخرج الناس سكاكينهم من اذرعتهم،-)قطعتوا قلبنا يا طارق+(-ثم يبدأون فى تقطيع اللحم، بصفتنا اطباء المنطقة- كعوى وانا-، كنا ننال نصيب الأسد من اللحم، وتوضع أمامنا كميات مهولة من شطة الدنقابا والمُرّين، الذى يعرفه أهالى وسط السودان باسم اب غازيه، أكلنا كثيراً ، رغم ان الدنقابا اصابتنى ب Heartburn مازال يلازمنى حتى الان.وصلنا ام برو موقع عمل صديقى العظيم معاوية عبدالقادر، وكان ما وصفه فى مذكراته من أكل (الحبارة) وحتى صلاة الجمعة فى مسجد كرنوى العتيق، مالم يقله كعوى هو ان الامام قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الما عندو محبة، لا يجد الحبة. اعلم ان صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا الحديث، لكننى اتفق مع ذلك الامام، على المحتوى .
    كرنوى، مدينة؟؟ قرية؟؟ بلدة؟؟؟، جميلة لكنها صحراوية - وانا لا أحب الصحراء-، لكننى وقعت فى أسر طيبة الأهالى واحترامهم لىذهبت الى الشفخانة،(ساتجاوز ما سرده اخى معاوية كعوى). تفتقت عبقريتى المتواضعة عن امثل طريقة لخدمة الناس، قلت لهم أننى سأخصص يوماً للحوامل،ويوم لمرضى السكر وضغط الدم،ويوم للأطفال دون الخامسة(لا أذكر إن كنت قد التزمت بهذا البرنامج ام لا). ذهبت الى المستشفى تحت التشييد، كان رائعاً،-آمل انه قد اكتمل الان وقدم خدماته للأهالى-. قالوا ان من كبار داعميه، رجل الاعمال والبر،ادم يعقوب. كان المستشفى بحاجة الى عمل قليل حتى يكتمل، لكنه لم يكتمل طوال العام الذى قضيناه فى دارفور.
    ذهبت الى الخرطوم لمقابلة ادم يعقوب- تتنزل عليه شآبيب الرحمة- لكنه كان غائباً فى عُمرة، وحاولت مقابلة التجانى ادم الطاهر، وكان عضواً فى ما يسمى مجلس قيادة الثورة، لكن شقيقه إسكندر لم يسهل هذا اللقاء.
    أعود الى كرنوى،جاءنى الناس زرافات ووحدانا، حاولت ما استطعت تقديم ما يمكننى . أذكر ان ممن زارونى والدا طبيب النساء الشهير خاطر طوباى، كانا متعلقان بكرنوى، لدرجة ان محاولات ابنهما الى جرّهما معه للعيش بالعاصمة، قد باءت بالفشل،يقيمان فى حى يسمونه فى كرنوى ب(خرطوم طرماى برى)، وترجمتها عن لغة الزغاوة، تعنى (الخرطوم التى تغبِّر ال....مؤخرة )
    المهم أننى استغرقت فى عملى بالشفخانة، مع اجتماعات متكررة مع جماعة المجلس،لتسريع العمل بالمستشفى، لم يكونوا متعجلين لذلك، الامر الذى اثار استغرابى، فكرنوى حاضرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يؤمها الناس من القرى والفرقان للتسوق وقضاء حوائجهم، ومن ضمنها الصحة، كانت الحالات الحرجة، تذهب الى كُتم، مسيرة ثمانية ساعات بالعربة، وكم من النساء أصبن بالناسور بسبب ولادة متعسرة ووصول متأخر الى كُتُم.
    رغم كل ذلك ،علمت ان الولاية قد دعمت كرنوى بمبلغ ٥ مليون جنيه، لعمل معسكر للدفاع الشعبى، ذهبت الى مجلس المدينة محاولاً إقناعهم بان (الصحة) أولى من(الدفاع) بهذا المبلغ، لكننى كنت كمن يضرب حديداً بارداً، وأضفت ذلك الى قائمة الفشل التى استطالت طوال مسيرتى فى عالم الطب.
    كنت اسكن فى منزل حكومى اتقاسمه مع ضابط مجلس من أبناء ام كدادة، كان كوزاً حميداً - لو يصح التعبير-. لم يجمع بيننا شيء سوى النوم فى ذلك البيت القديم، اذ كنت أتناول جميع وجباتى مع نابغ، ضابط الجمارك الذى ورد فى كتابات معاوية عبد القادر، كان نابغ شهماً، كريماً، وكانت عربات الجمارك تجلب له الخضار من الفاشر وكتم، كنا نتناول عنده وجبات شهية، يعقبها لعب الكوتشينة(الحريق)، كان بيته عبارة عن منتدى للأهالى وموظفى الحكومة امثالى. كان من اهم ما تقتنيه فى كرنوى، البطارية والعصاية، فليس هناك كهرباء، والبلد معروفة بالثعابين السامة،(كان عبد الماجد فنّى ثلاجات التحصين، من المتخصصين فى قتل الثعابين).
    كان غفير الشفخانة، العم عرجة، من أبناء المنطقة، شيخاً، مهيباً، صارم التقاطيع، كان يحب عمله ويتفانى فيه، رجل نظيف من الداخل والخارج، حنبلى فيما يخص النزاهة، طرق باب المنزل ذات ليلة كثيفة الظلمة ، اخبرنى ان طفلة لدغتها عقرب، قد أحضرت للشفخانة، لبست على عجل ، حملت اسلحتى البطارية، والعصا، التى لا أتوكأ عليها ولا أهش بها على غنم وان كان لى فيها مآرب أخرى. وجدت الشفخانة خاوية، الا من عم عرجة، قال لى ان أهل الطفلة، أخذوها ورحلوا- وهم فى الأساس قوم رُحّل-قال انها بخير وقد أخذت تلعب حول المكان فاطمأنوا عليها ثم غادروا.سألته ان كان يمكننا اللحاق بهم-وكان معى عربة الحكومة- ضحك بما لا يتناسب مع عتمة ذلك الليل البهيم، وقال ان اللحاق بالرُّحل ، أمر مستحيل. علمت فيما بعد ان الفتاة توفيت فى اليوم التالى، ما خلَّف غصة فى الحلق، تعاودنى كلما سمعت بأخبار الموت الذى استوطن فىدارفور بعد ذلك بسنين.
    • *كعوي :لقب د. معاوية عبدالقادر
    • +طارق: د.طارق محمد أدم الطاهر صيدلي من أبناء شمال دارفور
                  

06-03-2016, 08:33 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)


    زميل من الفيسبوك
    Imad Mahmoud Mohamed Abdalatif · Aljazeira,sudan

    سلام د.اسامة من المتابعين لي سردك الجميل .بوست جميل وكتابه راقية ورايقة .احتمال عشان عملت بشمال دارفور. انا عملت بها ٢٠٠٠ الى ٢٠٠٤ -ما اتزكر اني مريت على الاسامي اللزكرتها .لكن تقريبا بقية التفاصيل متشابهه
    أعجبني · رد · 1 · 31 مايو، 2016 06:59 ص

    Imad Mahmoud Mohamed Abdalatif · Aljazeira,sudan
    اقصد اسماء الدكاترة


    وعليكم السلام أخ عماد وشكراً على الاشادة.... بالنسبة لأسماء الزملاء الاطباء ... لم تصادفهم لن الفترة الزمنية بيننا تتجاوز الخمسة سنوات وقد عاد أغلبهم الى الخرطوم ومن ثم للمغترب الاجباري أو الاختياري
                  

06-04-2016, 10:22 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور
    الجزء التاسع
    سار العمل فى الشفخانة بصورة روتينية، ساعدنى كثيراً الدكتور صالح، درس قبلى بفصلين فى جامعة الجزيرة، من أبناء كرنوى، كان كوزاً منسلخاً، قابلته فى كرنوى وهو فى طريقه الى تشاد ومن ثم، الى فرنسا. علمنى كثيراً من لغة الزغاوة، خاصة ما يساعدنى فى أخذ تاريخ المرض من المرضى، لم يبق فى ذاكرتى- الان- غير tele' latru. Ye وترجمتها (لا تلعب بالنار). المهم أننى اندغمت فى عملى، وعملت جاهداً على إقامة علاقات طيبة مع الأهالى، محطماً الجدار الذى حاول ان يطوقنى به جماعة المجلس الكيزان،.وأذكر اننا كنا فى مناسبة اجتماعية ودار حوار حول كيفية ثبوت رؤية هلال رمضان واختلاف الدول الاسلامية، كان من رأيى ان يترك هذا الامر للسعودية فهى ارض الحرمين، وراعية الحج، ومهما اختلف الناس معها فى الصوم، وعيد الفطر فلا بد ان يمتثلوا لتوقيتها عند الحج، تحدثنا كثيراً وجادلت كثيراً ، حتى قال لى اخفهم ظلاً وأكثرهم جدلاً: دكتور، انت دكتور ولَّا أنصار سنة. وضج المكان بضحك سودانى عامر(دى من بشرى الفاضل).

    كان سوق المدينة كبيراً وعامراً، تأتيه البضائع من تشاد والكاميرون وليبيا، فيه من العطور ما لا تتخيل انه موجود فى تلك البقعة النائية من الارض،. وبالسوق عدد من المطاعم والمقاهي. وكل من يعمل فيها من خارج المنطقة،فأهل البلدة لا يمتهنون غير التجارة والرعى، يجوبون الارض خلف مواشيهم بحثاً عن العشب، يذهبون الى وادى هَوَر، يسافرون خلف جمالهم لبيعها فى مصر. عرفت احدهم -وهو من أسرة كبيرة فى كرنوى- يملك سيارة يسافر عليها اغلب ايام السنة، يذهب إلي تشاد ومصر وليبيا، يعيش حياة مليئة بالمغامرة والإثارة ، ولا تمل محادثته اذا جلست اليه.
    كانت هنالك نقطة الجمارك، كانت تدر أموالا مقدرة على مجلس المدينة وعلى الولاية.كان نابغ ضابط الجمارك يسافر لتوريد عائدات الجمارك فى الفاشر، يسافر فى اوقاتٍ غريبة، دقائق قبل الفجر، نصف ساعة بعد صلاة الظهر، كل ذلك خوفاً من عصابات النهب المسلح التى كانت تنشط فى تلك البقاع.
    وكانت هنالك حامية للجيش، كبيرة نسبياً، يرأسها ملازم صغير السن،ليس من أهل المنطقة .وبحكم كوزنته كان يفتقر لأبسط قواعد التعامل مع الناس، فكان بيننا جفاء بارد. ولا اذكر أننى رأيت شرطياً، رغم انهم موجودين بطبيعة الحال .إيقاع الحياة هادىء فى كرنوى، والناس يحترمون من يحترمهم، وهم- عكس ما كان يقال عنهم- يتقبلون الغريب،ويرحبون به، وليس لديهم مانع - لو أعجبهم خلقه- فى مصاهرته، كما علمت من الدكتور صالح.

    فى احدى عطلات نهاية الأسبوع دعانى نابغ للذهاب الى الطينة فى زيارة عمل بالنسبة له. الطينة هى مسقط راس خليل الوزير، ومنها بعض زملاء دراستى فى الجامعة. مدينة صغيرة، وهى-فى الحقيقة -طينتان، طينة سودانية وطينة تشادية، يفصل بينها خور. زرنا المدينتين، وطفنا بهما، سوقيهما يشبهان سوق ليبيا فى ام درمان.
    قابلنا موظفى الجمارك - او عساكر وضباط الجمارك-فى المدينتين. احتفوا بنابغ، وكالعادة، جىء بالمناصيص،مصحوبة بالدنقابا، أكلنا كثيراً ، قضى نابغ بعض الاعمال مع موظفى الجمارك،فى المدينتين، اشترينا بعض الأشياء من السوق، ثم قفلنا راجعين، وكنت سعيداً برؤية دولة اخرى.
    لم يكن العمل فى الشفخانة، يخضع لاى نوع من الرقابة من وزارة الصحة الإقليمية فى الفاشر، ورغم ان الراحل دكتور خليل، قد أعلن انه يطبق سياسة المنطقة الصحية الا ان ذلك كان- كما أظن- خيالاً راوده ذات ليلة ثم تلاشى الى الأبد، ود. خليل لم يشرفنا بالزيارة للاطمئنان على تطبيق سياسته المزعومة، رغم اننا كنا نسمع عن تحركاته فى المنطقة، لا لأمور تتعلق بالصحة، ولكن لتجنيد (المجاهدين)، والذهاب بهم الى جنوب السودان، كما ان موظفى الوزارة لم يعلموا عن سياسته الصحية شيئاً.لكن عندما أتوا ب(بدعة) الدواء الدائرى، وهو الدواء الحكومى الذى يشتريه المواطن من مرافق الحكومة الصحية، نشط مجلس كرنوى فى شراء الدواء من الفاشر ووضعه تحت تصرف الشفخانة، على ان تورد الشفخانة المال للمجلس حتى يتمكن من شراء الدواء مرة اخرى. وخطر لى ان هذا هو الغرض الاساسى من سياسات سعادة الوزير.على كل حال لم تصمد العملية طويلاً لان المجلس كان يخلط الميزانيات وبنود الصرف، فيذهب مخصص الصحة لرواتب عمال او تذهب ميزانية المدارس لمعسكر دفاع شعبى.
    عودة أولى الى الفاشر:
    ان لم تخنى الذاكرة، قد عدت الى الفاشر حسب طلب مجلس المدينة لاستلام (الدواء الدائرى)، كان الامر مقضياً، وقد خضعنا- للأسف- لسياسة الامر الواقع، لا دواء بلا شراء.يبرر مجلس كرنوى ذلك بان الأهالى فى صحة مالية جيدة، وبإمكانهم شراء علاجاتهم، برّرت لنفسى الامر،اذا كان الناس يحتاجون للدواء فلابد من توفيره حسب القناة الوحيدة المتاحة.

    العودة الى الفاشر مفرحة بدرجة لا يعرفها الا من عمل فى أرياف شمال دارفور وعايش تلك النخبة الرائعة التى عملت هناك فى تلك الأيام، ولربما يعود سيف طه من (اللِّعَيت جار النبى)، محملا عربته بكميات من البطيخ لنزلاء الميز، او يأتى مجدى مليط- سمى هكذا لعمله بمليط التى حياها صوب العارض الغادى،كما خلدها شاعرنا العجيب العباسى- بكميات من المراكيب، جلد الاصلة توزع على سكان الميز، وهكذا.عدت خالى الوفاض، الا من استعداد كامل لدعوة الأخوة، لوجبات دسمات عند (ام السر) صاحبة الطعام الشهى، او مطعم المركز الثقافى حيث الطعام اللذيذ.او دفع قيمة القدوقدو، حيث يقدم فى محل مرطبات نظيف.( كانت كل المراهنات الأخوية فى ميز الاطباء، تتم على القدوقدو، مثلاً: نلعب مباراة مصغرة فى كرة القدم، وعلى المهزوم، ان يوفر القدوقدو للفائزين). وقس على ذلك، الكوتشينة، او حتى المعلومات العامة،( لو كلامى طلع صاح ، تسقينى ٣ قدوقدو)

    اذكر أننى صادفت تواجد خليل الوزير بالفاشر- وخليل، على أيامنا ، لا يتواجد كثيراً فى الفاشر- كان اسامة ، قد عاد من المالحة وزاول عمله بمستشفى الفاشر(التعليمى، ففى الفاشر كلية طب جديدة)، دعانا د. خليل للغداء بمنزله ذات جمعة، لا اذكر فيم دارت الأحاديث، لكنه لم يتطرق الى مناطقه الصحية ولا لهموم الناس الحقيقية .
    الرحلة من الفاشر الى كرنوى، طريق صحراوية غير معبدة، تمر بمحطات رئيسية جميلة، يستريح فيها المسافرون وعرباتهم. ويأكل الناس ويشربون، الماء والشاى وربما القهوة. ثم يواصلون رحلاتهم. أولى هذه المحطات، بعد مسيرة ساعة من الفاشر فى اتجاه الشمال الغربى محطة كفوت إسترحنا فيها-كالعادة- ثم انطلقنا نحو كُتم، وكُتُم-لمن لا يعرفها- مدينة جميلة، تبدو كواحة وسط الصحراء، يمر بها وادٍ كبير، يشق المدينة نصفين، وفى موسم الخريف،عندما يمتلىء الوادى، يمكن ان يعزل نصف المدينة عن نصفها الآخر، أراضيها خصبة، فيها نخيل ومزارع خضروات. كان شيخ قبائل المحاميد، قائد الجنجويد فيما بعد، موسى هلال، يتخذها مقراً له، وله فيها مقام وحاشية وحراس.
    بعد مغادرة كتم ليس هنالك الا الصحراء، مسيرة ثمانى ساعات فى طريق صحراوية غير ممهدة، تصعد السيارة وتهبط، تقابلنا شجيرات يابسة، او جمال يتبعها فتى نحيل.لكن السيادة تظل للصحراء والصمت الذى لا يقطعه الا صوت محرك السيارة. يخيل إليك، من طول الطريق، انها لن تنتهى.
    أذكر اننا فى احدى رحلاتنا هذه دار حديث حول بعد المسافة وكبر مساحة السودان، قال احدهم؛ مساحة السودان ده، اكتر من مليون ميل مربع، بس الخواجة لمن قرر يحسبها، حسب ، حسب، حسب، لما فتر، قال؛ "ياخى ده بكون مليون.."
    عدت الى برنامج عملى فى الشفخانة، لم انجح فى اضافة طوبة للمستشفى،تحت التشييد. وأقيم معسكر للدفاع الشعبى بميزانية بلغت الخمسة مليون جنيه سودانى،فى ذلك الوقت. واتضح لى جليّاً ان مجلس البلدة قد فقد اهتمامه بى، بعد ان لاحظ غياب وزير الصحة نفسه وانصرافه عن سياسات ادعى السعى لتنفيذها، فالمجلس ليس ملكياً، أكثر من الملك.
    صارحتهم برغبتى فى العودة الى الفاشر فلم يمانعوا، أعتقد أنهم أحسوا براحة التخلص منى، ومن نِقَّتى، قالوا فلتكن عودة مؤقتة، ثم بعد ادخال بعض التحسينات فى المستشفى او الشفخانة وإعادة ( تدوير) الدواء الدائرى، أعود اليهم. وهى أمور لم تحدث طوال إقامتى فى شمال دارفور.
    لم يتكرم المجلس بتوفير عربة تقلنى الى الفاشر، فانتظرت- كان نابغ قد نقل من كرنوى الى الخرطوم، والَّا لأقلنى فى احدى عربات الجمارك- انتظرت حتى جاءت عربة لتقل ضابط المجلس الذى اتقاسم معه بيت الحكومة الى ام كدادة، مروراً بالفاشر. ركبت معهم، كانت العربية تقل -بالاضافة لضابط المجلس- مسؤولاً فى الدفاع الشعبى وبعض(المجاهدين). ركبت معهم الى الفاشر وقد ازداد الطريق -الممل اصلاً- أملالاً. أذكر أننى فى هذه الحال، بين هؤلاء القوم، الذين لا تجمع أى صلة بينى وبينهم، ومع بعد المسافة، اذكر انه هبطت على -مرةً واحدة، وبوضوح شديد- معانى عبارات كنت اقرأها كثيراً ، وهى (الأصقاع النائية) و(الفيافى والوهاد)، و(المضطر يركب الصعب ). فور عودتي للفاشر انخرطت مع الزملاء- فى العمل فى مستشفى الفاشر، فى انتظار دخول معسكر التدريب العسكري للخدمة الإلزامية، ثم انقضاء ما تبقى من أشهر العام، للانطلاق الى محطة عملية أخرى.
                  

06-05-2016, 07:06 AM

DKEEN
<aDKEEN
تاريخ التسجيل: 11-30-2002
مجموع المشاركات: 6772

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)



    سلام يادكتور وتحيات طيبات

    كما سبق واسلفت، الكتابة دي – غير انها ضرب من ضروب التوثيق المطلوب- مشوقة جدا.. فهي سيرة لحلال مرمية في المجاهيل وبعض من سيرة اهلها كما انها سيرة في مسيرة بعض اطباء المركز الذين قُذف بهم في هامش الهامش.
    في الحقيقة اجد متعتي في ثنايا الروايات الحقيقية والسير الذاتية والافلام البتكون مستمدة من قصص واقعية، واهيم بجغرافية السودان من سنين باكرات.لذلك ربما وقعت عندي المذكرات موقعا جيدا وكنت اتشوق للعودة اليها عندما اتركها للقيام باي عمل جانبي.. تماما كشخص ينتظرك ليتم ما انقطع من حديث.
    البوست كان سيكون اكثر امتاعا لو تم رفده ببعض الصور لهذه القرى المجدوعة في ضهاري دارفور وصور اخرى للشخصيات المذكورة، وقد يساعد ابناء دارفور الموجودين في المنتدى في ذلك كثيرا ، فاغلب الاسماء المذكورة لشخصيات عامة في تلك المناطق ولها حظوة على المستوى الاجتماعي.

                  

06-05-2016, 05:27 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    شكراً دكين لأرائك وتوجيهاتك التي سلفت والتي ستأتي
    سعيت بجدية للحصول على صور للمجموعة في دارفور وكذك لبير المالحة وللصديق الراحل معاوية أبكر يانس ولم أوفق
    معاوية عبدالقادر لديه صورة في طريق الفاشر مليط أرجو أن ينزلها هنا والدعوة موجة للجميع للمساهمة في ذلك
                  

06-05-2016, 07:57 PM

سيف اليزل سعد عمر
<aسيف اليزل سعد عمر
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 9476

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أجمل مافي الكلام ده انكم كتبتوه وخليتونا نشارك معاكم بكل احاسيسنا...

    معاوية عبد القادر زول كتاب وحكاي وغناي...

    طلت معاوية في البورد دي مكسب كبير....

    عقبال نسمع الدكتور الكبير معاوية الشفيع والدكتور سعود صالح سلطان...

    دي بوست داير قراية بمزاج...

    تحياتى يا دكتور أسامة..
                  

06-06-2016, 09:24 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    سلام ورمضان كريم لكل المتداخلين
    تحياتي سيف اليزل
    الجزئين الساابقين لمعاوية الشفيع والدعوة موجهة لأخونا سعود لمشاركتنا الكتابة
                  

06-06-2016, 09:42 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    ايام شمال دارفور
    الجزءالعاشر.

    نعود في هذا الجزء لمعاوية امبرو ليعاود تدوين ايامه في شمال دارفور من حيث تركناه
    العربه كان يقودها عم حسن وكان يقيم ويعمل في امبرو من سنين عديده كان وسيم التقاطيع رغم سنه وهو أصلا من جبال النوبه وعندما سألته ما الذي أتى به لامبرو رد علي بكلمه واحده (العوين) . في الطريق أشار لي بالتقاطع الي فوراويه مسقط راس ادريس دبي حسب كلامه والسكه الي مزبد وكرب التوم وكنت اسمع ولم ادري بأن الاقدار ستقودني اليهم. بعد مسيره في الخلاء حيث ينطبق وصف معاويه الشفيع تماما ظهرت قطاطي وسط المسكيت اخبرني عم حسن انها بيوت (حداحيد) وهم حسب ما عرفت لاحقاً بطن من بُطُون الزغاوه يعدون اقل شانا حيث يمتهنون الحدادة والعمل اليدوي ولا يسمح لهم بالعيش داخل امبرو فازدادت حيرتي. وصلنا وسط امبرو وبدت لي اكثر من متواضعه مقارنة بكرنوي. توقفنا في مبنى المحليه حيث استقبلني الضابط الاداري ادم ابن الجنينه وكان كوز ثقيل الظل وكان يتباهى بانه كان مجكس بت من امدرمان في جامعة الفرع وبعد قليل حضر بعض المعلمين ومعهم الامير محمود وبعد التحايا والترحيب طلب مني الذهاب والسلام علي ملك علي محمدين وتشرفت بلقاء رجل في حكمته وقد بعث حديثه معي كثير من الطمأنينة وأزاح شئ من القلق وانا في محيط جديد. ذهبنا بعدها الي منزل حجري تابع للمدرسه الابتدائيه حسب ما اعلموني سيكون منزلي في المستقبل ولكن يحتاج للإصلاح وهذا لم يحدث حتي عودتي الفاشر. كنت اتشارك منزلاً من غرفتين مشيد علي طريقة (خلف خلاف) تابع للمحليه مع عدد من الموظفين ومعي في نفس الغرفه (ادم) و(معلا) وكانا شابين لطيفين وكانت الغرفه تستخدم أيضاً للاكل حيث يجتمع الكل لتناول الطعام المكون من العصيده والملاح ولم اتذوق خضار او فاكهه طوال وجودي هناك. كان هناك برميل للماء لغير الشراب مع زيرين تاما لفت قواعدهم بالخيش لضمان البروده وطعم القربه المدبوغه يهيمن علي لون وطعم الماء. ذهبت للشفخانه والتقاني العم عربي محمدو وكان ممرض متقاعد عمل بمستشفى الفاشر زمن الإنجليز وكان لي نعم المعلم والعم واتفقت معه على ان نعمل مع بعض في عيادتين منفصلتين خاصة ايام السوق..بعد ذلك طلبت تلاجة طاقه شمسيه وقد صدق عليها د خليل ولكن تاخر تركيبها الي ما بعد عودتي الي الفاشر. كنت أتناول الافطار في مطعم العم (اب ستو) والذي كان يقدم لي صحن فول كثير التواضع مع خبز يخبزه لي خصوصاً وبعدها أتناول كباية شاي نصفها من السكر يسميها شاي الدكتور والسبب في إصراري تناول الافطار في السوق كان موقف طريف ومحرج في نفس الوقت حيث عدت مره للميز مبكراً وكان الجميع يتناول الافطار في غرفتنا حيث فاحت رائحه كريهه عند دخولي فقررت الرجوع للحوش سريعا حتى لا يظن احد انني داخل وبي بقايا زرطه او قد وطأت بحذائي شئ لكم ان تتخيلوه ولكن لم يبالي احد بالروائح وبإصرار تم دعوتي للدخول واعتقدت ان هناك ظربان او ابو قنفذ ميت أسفل السرائر وعندما أتم الجميع الافطار خرجت واستفسرت معلا عن الرائحه وإذا به يقهقه بأعلى صوته وينده كل الحضور ويخبرهم عن سؤالي وهو يقول ..."يا دكتور ده ود ميسر تأكله باليمين تشمه في الأيسر "...ده الكول وكان هذا طلاقي من العصيده والملاح. تم تعيين ابوبكر كسائق لسيارة الفريق الصحي وكان صوره من الاخ والصديق حسن موسى وبعدها تم الإعداد لرحله علي شرف الدكتور من قبل المحليه والمعلمين لمنطقه غابه خارج امبرو ولأول مره اشاهد واشرب الماء مباشرة من (التمد) واشاهد ايقاد النار بفرك الخشب والفتيله وهي عبارة عن قطن مفتول يحمل مع ابره كبيره وملقاط في سكين الضراع ، تناولت (المرين) مع المناصيص ولأول مره اعرف انه (خره خروف) مطبوخ.
    في مستشفى امبرو الريفى وده اسم الدلع للشفخانه كنت أدير عياده كشف الحوامل وكنت القى كثير من المعاونه من القابلات القانونيات وكن اثنتين وقد تعلمت من ست زهره كيفية كشف الزلالي في البول باضافة عصير الليمون وتكون حلقه بنيه اذا كان الفحص إيجابي ولحسن الحظ كان مقياس الضغط يلازمني. جوار الطاحونة دارت مشاجره واصيب احد المتشاجرين بجرح بالغ في جفن العين اليمين اثر ضربة سكين كادت تودي بعينه وتم احضاره نازفاً يرافقه الشرطي الوحيد في امبرو وكان من شرطة حرس الصيد واحترت ماذا افعل لكن العم عربي اخبرني بان الدكتور الخواجه قد قام بخياطه جرح مماثل بابره وخيط وقد التأم الجرح فقررت ان أكرر نفس المحاوله وبعد تعقيم إبرة خياطه عاديه مع خيطها وضعت تلاته غرس بدون بنج وارسلت المصاب للمساعد البيطري لاجل حقنة terramycin وبعد عشرة ايام ازال عم عربي الغرز وكان الجرح يبدو في التئام. في طرف امبرو كان يوجد محطة لاسلكي تابعه لمكافحة الجراد الصحراوي يديرها شاب من أبناء مدينة بحري (مجدي) ولم اجد اي تفسير لوجود هذا الشاب في هذه المحطه سوى انه امنجي وكنت اتحاشاه ما استطعت. من معالم امبرو منزل مستر مور وكان حاكم كتم وكل اريافها وفهمت انه والزغاوه لم يكونوا دائماً علي وفاق ، البيت مبني علي ألطريقه الإنجليزية بالطوب الأحمر وبه مدخنه عتيقه وبجواره البئر الوحيده العذبه خلاف النقعه التي كان تردها البهائم وقد كنت اقود السياره بنفسي للمساعده في جلب الماء أحياناً للميز كبرنامج للترفيه واكتسبت خبره في سواقة الخلا بعد ذلك. الجدير بالذكر تم تعيين صبي صغير ومشاغب مساعداً للسياره ومساعداً خاصاً لي (ود الجعلي) وقد حضر معي مره الي الفاشر لأول مره في حياته وطلب مني ان اشتري له (نضاره جنصيصه) وقد فعلت وكان سعيداً جداً بها. قررت الذهاب الي مزبد مع فريق التحصيل من المحليه لأزور المناطق الصحيه التى تتبع اداريا لامبرو وكنت جاهزاً فقد كان عندي عصا وبطاريه وراديو وسرير سفري وكم كيلو طحنيه في السياره ، وصلنا مزبد بعد رحله شاقه وهي تقع علي وادي هور قرب الوخايم وكان هناك حاميه صغيره يقودها شاب من أبناء الجزيره برتبه رقيب اول (جعفر) وقد سعدوا بزيارتي بصوره فاجأتني صراحه ولما عرفوا باني كنت طبيب في السلاح الطبي ضربوا لي البروجي وخبزوا لي عيش طازج واقتسمت معهم الطحنيه وزيت للسياره وبعدها التقيت باسي سالم وحسب الروايات كان سالم همباتي زمن مستر مور ولكي يامن شره عينه ك(باسي) لمنطقه مزبد وكان شيخاً كبير في السن تظهر عليه ملامح ألقوه والبأس القديم وكان مصاب بالملاريا ورغم ذلك رحب بي اشد الترحيب وكان معي دربات في السياره اعطيته واحد جلكوز مع الملح وحقنه كلوركوين وصباح اليوم الثاني ارسل في طلبي وكان في حاله جيده واهدي لي اربعه أرطال شرموط غزال واصر بان اذهب وادي هور لأري الغزلان في الطبيعه وقد كان ، كنت قلق في البدايه حيث لا تري اثر للسيارات وكنت استغرب كيف يهتدي السواق للسكه حيث كنت اركز علي قوز الرمله علي يميني وفجأة اجده علي يساري ولاحظت ان حبيبات الرمل كانت كبيره ونظيفه وعندما دخلنا الوديان رأيت أسراب من الغزلان وقال لي مرافقي بدون مبالغه (العربيه ممكن تخش فيهم وتقبض الغزال بايدك). بعد يومين عدت الي امبرو للعمل وطفت بأنحاء المنطقه وقد انضم لي ضابط صحه شاب خريج حديث أصلا من أبناء امبرو وقد بدأت احفظ بعض العبارات التي استخدمها مع المرضى اذكر منها تا يلي؟ اور يلي؟ في وجع بطن؟ في وجع يد؟ وكان المرضى يضحكوا عندما احاول السؤال . اكثر الأشياء التي هزتني احترام الناس البسطاء للطبيب ، كان المرضي عندما يصعدون الي براندة الشفخانه يخلعون احذيتهم ويجلسون علي الارض رغم وجود كنبات جلوس خشبيه وكان بالشفخانه مجهر ضؤي و طارد مركزي يدوي وصبغه وشرائح وعداد دم يدوي وتعلمت كيفية استعمالهم حتي تمكنت في ام كداده لاحقا وبإشراف اخي وصديقي فني المعمل محمد علي ابكر بتحديد الديدان المعويه والتعرف علي بيوضها. الشئ المدهش ان امبرو لم يكن بها مسجد ذات بناء ثابت وكان ان حضر اربعه من الشباب من الخرطوم كمقاولين لتشييد المسجد وبقدر استغرابي للموضوع وشبهة وجود لحسه كنت سعيد ان اتشارك معاهم الونسه دون ان يقلب احدهم رطانه مع الآخرين واقعد انا محرج التفت يمنه ويسره دون ان اعرف عما يدور الحوار. طفت مناطق كثيره في المنطقه وكنت مع تيم التحصين عندما بدا حزام السحائي يأتي من غرب افريقيا وزرت كرب التوم وهي حله عباره عن دونكي تحت الجبل ومحطة جمارك وهي الأقصى للحدود الليبية اعتقد. عملت باخلاص رغم قساوة الظروف ومرور كثير من الأحداث لكن حدث شئ قررت بعده ان أغادر نهائيا المنطقه ، احسست انه وزني ينقص بصوره واضحه وفجاه اجد نفسي محموم وكان ادم ومعلا في اجازه صغيره فلزمت الفراش ولا اعرف ماذا يحدث معي وبدات أخذ كلوركوين ومضاد حيوي وكنت لا أقوى حتى علي المشي ولم يفتقدني إنسان طوال ثلاثه ايام وكنت قد خلطت بقايا عسل مع الماء عشت عليهم بدون اكل لمدة ثلاثه ايام وبعد يومين بدأت استعد قواي وأخبرت المحليه بأنني اريد العوده للفاشر وطلبت إعداد السياره وبعد فتره اعتذروا بان سير المكنه مقطوع ولا يوجد سواق فاضي ولا يوجد جاز ولكني ذهبت للسوق واشتريت صفيحتين جاز وعشره امتار حبل تيل وربطه وادرت السياره بدون مشكله وقررت الصباح ان أقود بنفسي الي كتم وفؤجت الصباح بالأمير محمود وناس المحليه وقد اعادوا سير المكنه ورفعوا جاز للعربيه ومعهم ابوبكر السواق وهم يعتذروا ويطلبوا مني البقاء والعوده ويستغربوا لقوة راسي. تحركت الي كتم ومعي ود الجعلي وعلمت من ابوبكر انهم كانوا منزعجين ان د خليل ينزع العربيه منهم ان انا عدت ولكن كان لابد لي من العوده ايضا بسبب اني لم استلم ولا قرش من المحليه عكس الاتفاق ولم اصرف مرتبي طيلة الشهور هناك ولم يعد معي مصاريف. اما كتم وكباشي دي حكايه اخرى.
                  

06-06-2016, 10:59 AM

معتصم الطاهر
<aمعتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)



    متابعة ..


    فلندع التعليق و التعقيب بعد الذكريات ..
                  

06-08-2016, 10:22 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    شكراً باشمهندس معتصم
    ....عودة ل د.معاوية الشفيع
                  

06-08-2016, 10:44 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    ايام شمال دارفور
    الجزء الحادي عشر

    لا تزال هنالك كثير من المحطات والاحداث المهمة سيكون لنا وقفة فيها نرويها قدر استطاعتنا على استنطاق الذاكرة , معاوية الشفيع بما حباه الله به من حسن التعبير سيتقدمنا في رواية احداث ما بعد التاقلم

    كان من الأسباب التى أغرتنا بالقدوم الى شمال دارفور، أداء الخدمة العسكرية الالزامية والعرض الذى قدمه لنا د.خليل بقضاء فترة محدودة فى معسكر التدريب، ولكن زيارة مسؤول المعسكر،سالفة الذكر، ادخلت بعض الهواجس فى نفوس بعض الزملاء،ان لم يكن كلهم. وزاد الامر ضعثاً على إبالة، أننى قمت بتقديم شكوى رسمية لدى الشرطة ضد أحد ضباط الخدمة العسكرية الكيزان. كنا-وحتى قبل دخول المعسكر- مسجلين كمجندى خدمة وكنا نتقاضى من الجيش رواتب جنود.
    بدأت القصة عندما اضطر صديقنا محى الدين الدقونى، للسفر للخرطوم لبعض الوقت، وشاء القدر ان رواتبنا من الجيش قد بدأ صرفها فى ايام غيابه عن الفاشر، اخذنا رواتبنا ورفض مسؤول الرواتب، ان يصرف مجند راتب مجند آخر(لم نكن نعنى لهم شيئاً غير اننا مجندون)، ورغم ذلك عندما عاد محى الدين من سفره وأخبرناه بان له راتب لدى الجيش وذهب لاستلام قروشه، قال له نفس المسؤول، ان راتبك قد أخده احد زملائك، وعندما استفسر محى الدين عن اسم الزميل الذى استلم له راتبه، نظر المسؤول لاسم محى الدين فى الكشف أمامه ، فرأى إسمى يلى اسم محى الدين،( حرف الميم)، فقال لمحى الدين، صرف لك راتبك زميلك معاوية الشفيع. جاءنى محى الدين ضاحكاً- فقد كان يعلم انهم رفضوا ان يصرفوا لنا راتبه. حكى لى ما حدث وقال لى؛ أريدك ان تأتى معى وتتحدث الى الصراف حتى لا يكون لديه حجة. رحبت بالفكرة وانطلقنا سوياً لمقابلة الرجل. كانت المفاجأة الاولى ان الرجل أصر على موقفه، وعندما أدركت ان ليس فى الامر حسن نية، رفعت صوتى على الرجل وقلت له ان هذا يعنى أننى لص، وانا لن اترك هذا يمر ببساطة. ويبدو ان صوتى كان مسموعاً خارج المكتب وقد أدهش احد الضباط ان هنالك من يصرخ على شخص فى الجيش، فجاء الضابط - الحق أننى تفاءلت عندما رأيت ضابطا يدخل المكتب، ظناً منى أنه سينصفنى ويعطى هذا الوكيل عريف درساً فى الاخلاق-لكن هذا الضابط الملتحى، نظر الى بعدائية وقال لى- فى جفاء واضح-: لماذا تصرخ؟؟. حكيت له القصة، وكانت المفاجأة الثانية، أن قال لى: كلامو صاح. قلت - بهدوء هذه المرة- اذن أنتم تقولون، أننى حرامى، وبما أننى لست كذلك، فاستقدم ببلاغ إشانة سمعة لدى الشرطة،. يبدو أنهما لم يتوقعا رد فعل كهذا، فلم يحركا ساكناًً. خرجت-يتبعنى محى الدين- وانا أغلى من الغضب. حاول محى الدين أثنائى عما اعتزمت،وقال انه لا يريد راتب العساكر هذا،،لكن لم تكن هناك قوة تستطيع زحزحتى عن قرارى. إذ كان واضحاً أن المسألة- الآن- لم تعد مسألة راتب.. سار محى الدين معى مستسلماً. قلت له أن بإمكانه الانصراف، فالقضية، أصبحت قضيتى أنا. لكنه رفض وسار معى الى مركز الشرطة. حدثت شرطى البلاغات فقال لى: لا بد من أمر بفتح بلاغ من وكيل النيابة، ذهبنا الى وكيل النيابة واستصدرت أمراً بتحرير البلاغ وعدت الى الشرطة ففتحت محضراً، ثم عدنا الى ميز الاطباء وقد سرى عنى بعض الشىء.
    ردود فعل الزملاء- وخاصة من كان لا يزال ينتظرهم معسكر التدريب ، وما قد ينتظرهم من عنت العسكر/ المتكوزنة-خاصة بعد استعدائهم بفعلتى- أترك سردها لاسامة او معاوية عبدالقادر(كعوى) أو كلاهما. فردود الفعل هذه، والتعليقات، عادة ما تتم فى غيابى، انا ، خالق المشكلة.
    كان لمحمد عبدالكريم، الصديق، الصدوق، صديق يعمل قاضياً فى الفاشر، قال انه ليس بكوز، واقترح علىَّ ان نزوره ونعرض عليه قضيتى/ قضيتنا، كأطباء تعرضنا للإهانة والاستفزاز المتعمد، ثم نستأنس برأيه. راقت لى الفكرة، فزرنا القاضى الذى احتفى بنا وأكرمنا واستمع إلينا ثم تعاطف معنا. لكنه قال؛ قضيتكم لن ينظر فيها القضاء العادى، وسيحيلكم الى القضاء العسكرى، رغم انها قضية مدنية، لكن الجيش له مكانته فى ظل دولة ظل يحكمها منذ الاستقلال- الا فى جُزُرِ من التاريخ-، عليه أنصحكم بالذهاب لحامية الفاشر والدخول لضابط القضاء العسكري تم تقديم شكواهم هناك. سكت برهة، ثم قال: لحسن الحظ ان الضابط،مسؤول القضاء العسكرى، الأمين الكباشى،درس معى فى الكلية وسأحدثه عن موضوعكم ثم احدد لكم موعداً معه. ودعناه شاكرين ، وقد أوفى الرجل ما وعد. وذات يوم وجدنا أنفسنا امام رئيس فرع القضاء العسكرى لشمال دارفور. الأمين الكباشى، رجل فى اخر عهده بالشباب، تبدو عليه سيماء التصوف وتهذيب لا يشبه الجيش الذى تعاملنا معه،قابلنا الرجل هاشّاً، باشّاً، متعاطفاً، اذ عرف قضيتنا من القاضى صديق محمد عبدالكريم. بعد شرب البارد والشاى اللذان أكرمنا بهما وقدمهما لنا عسكر، بكل احترام، دخل الرجل فى الموضوع مباشرةً، وبعد ان سمع القصة منى-بصفتى الشاكى، والشاهد الموجود أمامه -،قال : شوف يا دكتور، لك كل الحق فى شكواك ، وانا علىَّ تنويرك وعرض حلول عليك، ولك حرية الاختيار، انا لا ألزمك بشىء. القرار لك. اراحنى كلامه وهدّأ من توترى. واصل حديثه قائلاً: يمكننى إلزام اعلى رتبة فى الخدمة الالزامية بتقديم الاعتذار لك، وطبعاً سيصرف زميلك راتبه، كما يمكننى فتح البلاغ الذى توده وإجراء محاكمة فى اطار القضاء العسكرى، وانتظار حكمها.
    كنت قد أحسست بالراحة وشعرت ان اعتبارى قد رُدّ إلى، وانه مازال فى الجيش أناس محترمون وخيّرون. بعد ان شكرت له اهتمامه واحترامه، سألته عما يمكن عن ينتج عن كل خيار وماذا يفضّل هو شخصيّاً؟؟ شرح لى مآلات المحاكمة ، وقال انه - بالطبع- يفضل ازالة التوتر بين الجيش والأطباء بأخف الأضرار وفى أسرع وقت ممكن، ولكن هذا ليس ملزماً لى، وبإمكانى التمسك بفتح البلاغ ومحاكمة المُدّعى عليهم. أعترف بأن معظم غضبى قد زال وشعرت بالاحترام الشديد للرجل، شاورت محمد عبدالكريم بلغة العيون والإشارة ثم قلت؛ انا اقبل بالاعتذار وأتنازل عن البلاغ. تنهد الرجل بارتياح ، أجرى اتصالاً، ثم قال؛ ساستدعى سائقى ليقلكم لقيادة الخدمة الالزامية حيث تجدون قائدها النقيب ابوبكر، وهو - شخصياً - من سيقدم لكما اعتذار الخدمة الالزامية كلها.. قلت بحسم؛ لن اذهب اليه، يجب ان يأتى هو الى ان كان الاعتذار اعتذاراً صمت الرجل برهةً ، اغتصب من نفسه ابتسامة- او هكذا تخيّلت-ثم قال- وهو يتجه الى التلفون-؛ من حقك. أجرى اتصالا، واجهنا، وقال: انتظروا قليلاً. بعد دقائق، دخل علينا النقيب ابوبكر،( هو نفس الضابط الذى زارنا فى الميز، والذى يظن انه خفيف الظل)، هذه المرة كان منكسراً، الى حدٍ ما، قدم اعتذاراً لا لبس فيه ولا غموض. قال ان وكيل العريف اخطأ وسيعاقب، وان الضابط،(تجالف) ولم يحسن التصرف، فللطبيب مكانته واحترامه ، وقال ان سمعة الاطباء ونزاهتهم لا تشوبها شائبة. سألنى الأمين الكباشى ان كنت راضياً، فاجبت، أن نعم.
    كانت هذه المقدمة ضرورية لتوضيح اجواء دخولنا معسكر الخدمة الالزامية فى (شالا). ذلك الاسم الرهيب، حيث اشتهرت شالا بالسجن الذى نزل به عتاة مجرمين وكبار مناضلين.

    -------------------
    ردود افعال الاطباء المجندين.

    جاءني زملائي الأطباء انا اسامه الطبيب المجند وصديق معاوية الشفيع يرجون تدخلي لاثناء معاوية عما اعتزمه من شكوى ضابط الخدمة الإلزامية أمام الجهات العدلية وكنت خالي الذهن عما حدث في مقر إدارة الخدمة الإلزامية ووصول الأمر الى مرحلة محاولة فتح بلاغ في الشرطة لرد الاعتبار... المهم أنني استمعت إليهم وقد بلغ منهم الهلع بما سينتظرنا في المعسكر من تصفية حسابات نتيجة هذا التصرف الأحمق( دي من عندي ولكنها التعبير الدقيق لوصف تقدير الزملاء لتصرف معاوية) قد كان تقديرهم بأن معاوية هو من فسر الأمر بأنه إتهام باللصوصية والسرقة وأن الرجل لم يقل بذلك ...بعد أن شرحوا لي الموقف كاملا أحسست حقا بالرهبة من التبعات التي يمكن أن تترتب على مثل هذا التصرف وقد كنا جميعا في نفس القارب ..اي جميعنا مقدمين على دخول معسكر تدريب الخدمة الإلزامية وبعد تفكير ... قلت لنفسي من العار أن تموت جبانا.. قلت لرفاقي خلوني أسمع منه .. فعلا سألت معاوية عما حدث فأخبرني بالرواية كما رواها أعلاه فسألته عماذا ينوي أن يفعل فأخبرني بنيته اكمال شوط التقاضي الى النهاية رغم أن القاضي أوضح له بأن الأمر من المفترض أن يكون عبر القضاء العسكري... عبرت عن دعمي الكامل له وأن القضية تخصنا جميعا وكنت في نفسي أتمنى لو ينتهي الأمر هنا ولكن لم يكن من خيار سوى إيصال القضية الى نهايتها .. عندما عدت لزملائي بأنني أقف مع خياره في رد الاعتبار لم يكن كلامي مرضيا لهم بل مخيبا لامالهم في إيقاف معاوية من مواصلة إجراءات التقاضي والحقيقة رغم أن الأمر انتهى برد الاعتبار والاعتذار في قضية محدودة التأثير ولكن ظلت دوائر رعبها تنداح حتى إكمال الخدمة الإلزامية. ......
    ردود فعل الأطباء المجندين

    انا معاويه عبد القادر لم يطلب مني احد التدخل في موضوع معاويه واحد الأسباب انه بعض الزملاء بفتكروا اني زول ما جادي وكمان كنت الوحيد وسط الزملاء الذي تم أعاده توزيعه لمكان اخر حيث تم الإبقاء علي كل الذين عادوا من مناطقهم الاصليه الى الفاشر وعرفت من الجمالي رحمه الله عليه انه ده قرار د. خليل شخصياً لانه انا تاريخي يصنفني شيوعي وهذا لم يكن صحيحاً. كنت ابصم بالعشرة علي صحة موقف معاويه خاصة ان الاتهام طرفه محي الدين الدقوني الاصلاً انا كنت (شاميه) في البدايه لأسباب يعلمها معاويه و محي الدين نفسه ولكن لاحقاً وبفضل معاويه أقريت باني كنت متحامل عليه وهو نعم الاخ والصديق... في المعسكر وانا إنسان كاره للعسكريه احد التعلمجيه اظهر تحيز واضح ضدي وسألني مش انت معاويه الاشتكى جنابو ؟ طوالي انتحلت شخصيه معاويه - للمره الأولي لانه لاحقاً في مره تانيه- قلت ليه: اي ده انا، وملاحظ ليك شايلها معاي تقيلة ، لكن احسن ليك تبطل عشان لو الله جابك لي حتشوف حيحصل شنو يا ..... عشان انت الحتمشي تشتكيني وكان بعدها اني ما كنت ولو لمره واحدة طبيبا نبطشيا في المعسكر ولم اذهب لضرب النار ولا شلت سلاح في أيدي ولم ادخل طابور التخرج ومره ذهبت لام كداده مقر عملي اثناء التدريب وكان بقول لي عندما يلاقيني والله يا دكتور معاويه ياخي انت فيك هيبة العسكريه
                  

06-09-2016, 11:00 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    up
                  

06-10-2016, 02:26 AM

Suleiman Todi
<aSuleiman Todi
تاريخ التسجيل: 02-16-2013
مجموع المشاركات: 572

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    يا السلام يا دكتور
    عايشين مع الاحداث والاسماء ووصف الطبيعة تكات تكون مشهادة بالعين او قصة عارف تفاصيلهالانها سمعت كثير وكثير ولكن لم ازورها.بحكم اصولي من تلكم المنطقة الوادعة تكوينها والطيبة اهلها.وكرم الفياض.
    واصل سردك ااجميل
                  

06-11-2016, 04:38 AM

dardiri satti

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 3060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: Suleiman Todi)

    Quote: ولأول مره اري زيت اللالوب وهو يباع في زجاجات ولا ادري فيما يستخدم


    عزيزي ،
    منذ اللحظات الأولى ظللت مشدوداً إلى هذا البوست ،
    وكنت أود أن اأشير لقصص كانتربري السودانية
    ولكن أخاً فاضلاً سبقني إلى ذلك ،
    في عام 1969م ، كنت في زيارة الرفيق ، عليه السلام ، صديق البشير صاحب مكتبة الفاشر
    وأذكر أننا كنا نسهر مع الأستاذ التنقساوي ، فمر علينا أحدهم ،
    وقال له صديق الا ينسى زيت الللوب
    ورغم ماعرفت به من فضول ، لم اسأل فيم يستخدم ذلك الزيت ،
    ولقد ظللت طيلة السنوات القليلة الماضية أؤنب نفسي على ذلك .
    والآن وقد فقدنا معظم غاباتنا ، وكان اللالوب يشكل جزءاً كبيراً منها ،
    يأتي السؤال نفسه : فيم يستخدم هذا الزيت؟
    آمل ألا تأتي الإجابة بعد أن نكون قد أضعنا زيتنا صيفاً!!!
    فهل يستطيع أحد الإخوة أن يجيب عن ذلك السؤال؟؟
    آمل ذلك.
    ولك الشكر والتحايا على هذا الدرس المفيد الذي تقدمه
    تحياتي
                  

06-11-2016, 06:42 AM

dardiri satti

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 3060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: dardiri satti)



    شكرا دكتور أسامة ، شكراً على هذا القص الماتع الجميل
    ما كنت أظنني سأكمل القراءة هكذا إلى النهاية،
    رجائي أن تواصلوا ، بقية الإخوان وأنت ، الكتابة
    فقد قدمتم لنا ملامح جميلة عن قطاع من أهلنا في دارفور ،
    وملامح عن بعض من أشقيائنا وأراذلنا ،
    وهذا كله سوف يساهم ، وبقدر مقدر ، في تعريفنا ببعضنا البعض ،
    ويزيل الكثير من جهلنا بأحوالنا ..
    صدقني ، هكذا ننشر بيننا ثقافة السلام ، بأن نعرف بعضنا البعض،
    بأجمل ما فيبنا، ولن يتم ذلك بالخطب والمقالات السياسية.
    مازال لدي الإحساس أنكم لم تقدموا إلا القليل
    من الشيق من الإمتاع والمؤانسة
    وأنا ، والكل ، بانتظار المزيد ،
    فلكم مني خالص التحيات......


    تحياتي
                  

06-11-2016, 09:17 AM

محمد الامين محمد
<aمحمد الامين محمد
تاريخ التسجيل: 03-07-2005
مجموع المشاركات: 10013

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: dardiri satti)

    متابعين بشغف
    كاحد ابناء الفاشر اعمل في نفس المجال انا و والدي
                  

06-11-2016, 09:52 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    سلام الاساتذة سليمان والدرديري شاكر للمتابعة والرأي ....
    تحياتي الزميل محمد الامين وتحياتي لوالدك أيضا ولكل أهلنا في الفاشر وكل دارفور
    نعم هناك الكثير الذي لم يروى في هذه الحكايات رغم انه تبقى القليل الجاهز للنشر
    هذه الرواية من زاوية نظر ثلاثتنا ولا زلت أنتظر رواية بقية الاخوة رفقاء التجربة للاحداث نفسها أو أحداث أخرى في نفس الفتنرة
                  

06-12-2016, 07:33 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    up
                  

06-12-2016, 06:34 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)


    تحياتى

    ذكريات ذات متعة. وفائدة

    الوقائع والجغرافيا والشخوص تجعلك تتابع بشغف خاصة ان العمل والرحلة جاءت فى ايام الانقاذ الاولى وقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر اولها تحول دكتور خليل مائة وثمانون درجة من الولاء الكامل للإنقاذ لحد القتل من اجلها فتحول الى العداء الكامل لها الى حد انها قتلته ' التجول فى تلك المناطق النائية من المركز والتعرف الى قراها وأسواقها ومعالمها ومدنها هى مهمة لا يستطيع سبر أغوارها الا الاطباءً النابهون والمعلمين النابهين الجوالين فى ارياف هذا البلد القارة

    اتمنى من دكتور اسامة المواصلة وتطوير هذه المذكرات لتصبح كتابا يتداوله الناس
                  

06-13-2016, 10:30 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    تحياتي أستاذ طه
    هنالك جزء عن بعض الشخصيات التي شاركتنا تلك الفترة سنلقي الضوء فيها على جوانب أخرى من شخصياتهم قد تتجاوز فترتنا بشمال دارفور زمانيا ومكانيا
                  

06-14-2016, 10:08 AM

عباس محمود
<aعباس محمود
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1441

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    فوق
                  

06-14-2016, 10:29 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    لدي بعض الصور اذا في متبرع ينزلها في البوست ممكن أرسلها له بالواتساب
                  

06-15-2016, 09:52 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    IMG-20160614-WA0007.jpg Hosting at Sudaneseonline.com





    أم مراحيك طريق الفاشر مليط
    من اليمين للشمال مزمل عبدالعزيز, عبدالله أرباب( مكافحة أمراض الجهاز التنفسي) , أسامه عبدالحليم,معاوية عبدالقادر
                  

06-15-2016, 09:57 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    IMG-20160614-WA0004.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    معاوية عبدالقادر مع العاملين بمستشفى ام كدادة
                  

06-15-2016, 01:54 PM

Muhamed Hassan Abdalla
<aMuhamed Hassan Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-30-2016
مجموع المشاركات: 163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    تشويق وسرد ممتع وبسيط


    ولو سمحت يا اخ اسامة

    شوية شرح او اضافة ل موضوع الحداحيد

    حتي لو في بوست منفصل عشان ما نطلع

    من موضوع البوست

    كيف بعني ممنوعين من العيش داخل المدينة

    معقول لغاية التاريخ القريب دا في ممارسات

    زي دي

                  

06-16-2016, 11:01 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    سلام أستاذ محمد
    هذه الجزئية بقلم د.معاوية عبدالقادر وهو عضو معنا في هذا البورد .... أرجو أن يقوم بالرد عليك اذا قرأ مداخلتك وسوف أتواصل معه أيضا ليرد عليك
                  

06-17-2016, 12:22 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    60.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    الواقفون من اليمين الى الشمال ....سائق عربية الميز ( يحيي), د. حسن موسى كبير جلوس من اليمين الى الشمال د.خالد تاج السر , اسامه عبدالحليم .مزمل عبدالعزيز الصورة يوم دخولنا المعسكر

    (عدل بواسطة د.أسامة عبدالحليم on 06-18-2016, 02:09 PM)
    (عدل بواسطة د.أسامة عبدالحليم on 06-24-2016, 01:08 PM)

                  

06-18-2016, 02:13 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    ايام شمال دارفور.
    الجزء الثاني عشر

    - سيادتك. فى واحد "خُنفُس" هنا.
    كان الصوت يأتى من خلفى وأنا واقف مع عشرات المجندين بمعسكر شالا.فى اول يوم لانضمامنا- ميدانياً- للخدمة العسكرية الالزامية. كنت قد قمت بمعالجة فاشلة لشعرى حتى ابدو كمجند، هروباً من حلاقة "صلعة " صريحة، إذ أننى ما حلقت صلعة فى حياتى، حتى ذلك التاريخ، اما الان، فيا قلب، لا تحزن. اذن فقد كنت اعلم ان ذلك "الخنفس" هو أنا. وكانت صيحة العسكرى،تلك،ايذاناً بصدور الامر من قائد الطابور بأخذنا- فلم أكن الوحيد- لعمل "صلعة نضيفة"، ثم اعادتنا للطابور، وقد نُفِّذ الأمر فى حينه.
    أذكر اننا اضممنا الى المعسكر؛ الصادق السليك، الشهير بالصادق سى(لعمله فى جبل سى)، الطيب فداسى، المعروف بفرّوجى. كمال كتّال( عليه شآبيب الرحمة)، خالد ساوى، وعبدالعزيز، وشخصى الضعيف، ومعذرة لمن فاتنى تذكر اسمه، كنا الدفعة الاولى من الاطباء، المنضمين، ذلك العام.
    بالطبع كان معنا لفيف من المجندين من مختلف المهن. اذكر من بينهم، معلمين كان يملآن المعسكر ضجيجاً وتبين فيما بعد انهما متعاونان مع الاستخبارات العسكرية، وربما جهاز الامن.
    مباشرةً بعد انتظام الطابور الاول، سأل أحد ضباط الصف؛ منو الاشتكانا للبوليس؟؟ كنت اتوقع ذلك، ولا اظنهم كانوا يتوقعون منى، انكاراً. رفعت يدى اليمنى عالياً وقلت؛ أنا.سيادتك. علق احدهم؛ فى زول بشتكى الجيش للبوليس؟؟. استعصمت بالصمت. قال آخر: يازول انت ما نصيح؟؟. ضحكت. وانتهى الامر عند هذا الحد.
    وصف التدريبات العسكرية،وروتين المعسكر اليومى
    إنخرطنا فى التدريبات بكل جدية، (ولا أدرى لماذا)، فلم يكن أحدٌ منا ينوى الانضمام الى الجيش، وحتماً لم نكن لنطيع أمراً بالقتال فى حرب نعلم عبثيتها، عندما كان فى السودان حرب واحدة. على أى حال، كنا فى "روما"، ونفعل ما يفعله أهلها.
    يبدأ البرنامج التدريبى بعد صلاة الصبح،وشرب كوب مملوء بسائل دافىء، قيل لنا، انه الشاى، نتجرعه مجبرين، طمعاً فى بضع مليجرامات من السكر مذابة فيه . ثم لا تكف "طاحونة الصفير" عن الدوران حتى ثلث الليل الاول.يصطف الجميع، على انغام الصافرات، يقال لنا كلام لا اذكره، ولا يهمنى ان اذكره، لكنه - قطع شك- أقل بلاغةً من (كلام الطير، فى الباقير)
    ثم علينا ان نردد بعض الاناشيد الكيزانية، من نوع:
    بين ليبيا والسودان،والعراق واليمن
    وثبةٌ إلى الامام فوق هامة الزمن
    (وفى هذا النشيد نبوءة عظيمة، غير أن الوثبة، كانت فى إتجاه آخر،ليس هو الأمام على أية حال)
    ثم تبدأ "الجكة"،بالدوران حول شالا، السجن والمعسكر، وكانت هذه "الجكة" تزيد تدريجياً وبشكل يومى،حتى بلغت الفاشر(١١كلم)، وبالعودة. واثناء الجرى، كنا نردد "جلالات" الجيش المعروفة حينها، وهى خزعبلات،ركيكة المبنى، فارغة المعنى،بل وفاحشة أحياناً، ولكنها كانت تبث الحماس فى المجندين وتجعلك لا تحس الارهاق ومرور الوقت وبعد المسافة. وقد ادخل "السفهاء" بعض الاغانى الخفيفة، مثل:
    الليلة الليلة اذاى الليلة
    وحِرِق بى نار الكماين ديلا
    مشيت لابوها وحمادة اخوها
    قال لى too late
    البنية ادّوها.
    كجلالات، فخلال "الجكة"، يكون الجيش السودانى فى أقصى درجات التسامح واللبرالية، فالناس يجرون ويبرطمون، وهو المطلوب.
    هناك وقت للافطار، يمر سريعاً، ككل وقت راحة أو حلم جميل. والافطار يتكون من ماءٍ مغلى، بُنّى اللون، - يصرّ العسكر أنهم يرون فيه فولاً- ، ورغيف خبز (بُنّى جداً)، لا يغنى - ولا يمكن ان يغنى- من جوع.فالجهد المبذول- ومن ثم الطاقة المهدرة- تفوق بكثير، المدخول الغذائى من وجبات كهذه.
    هدف التدريب/ المنهج فى الجيش السودانى،( انا اتحدث عن الجيش عندما كان لا يزال عندنا جيش، ولا اقصد المليشيات التى حلت مكانه بعد تدميره) وربما كل جيوش العالم، هو خلق كائن، لائق بدنياً ومطيع للاوامر/ التعليمات. ثم تأتى بعد ذلك ما تسمى ب(العقيدة القتالية)، التى هى فى الاتحاد السوفيتى"العظيم"، نشر قيم الاشتراكية والعدالة، وفى الولايات المتحدة الامريكية،"نشر الحرية، وقيم الرأسمالية"، وفى كوبا،" حماية الحزب القائد للشعب نحو العدالة والمساواة"، وهكذا. كانت عقيدة جيش السودان - حتى مجىء ما يسمى بالانقاذ-هى حماية الوطن من ابناء الوطن، وهى -كما ترون- عقيدةٌ فاسدة، تفترض ان اعداء الوطن، هم أبناء الوطن، وهذا ما سهَل امتطاء الجيش من قبل اصحاب ايديولوجيات كريهة، لا ترى فى السودان- كسودان- عقيدة قتالية كافية،رأى بعضهم- لا غفر الله لهم- ان السودان يجب ان ينحاز الى(عمّال العالم وشعوبه المضطهدة)، ورأى آخرون- حشرهم الله مع فراعينهم- اننا جزء من (أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة)، ورأى فصيل ثالث-قاتلهم الله أنّى يؤفكون- أن (الاسلام هو الحل)، وكلهم امتطوا الجيش لتطبيق رؤاهم المعتوهة، لكن - والحق يقال- كان فى الجيش رجال آمنوا بالسودان كوطن، وانحازوا لشعبه، ككيان ذو قيم وكرامة وانسانية، ومن هؤلاء كثير ممن تدربنا على ايديهم، ومن كانوا لايزالون، احرار من تأثير الكوزنة، وولاءهم لجيش السودان. وكنت تجد (تعلمجياً) بسيطاً يقول لمجند ملتحى- بعد ان جرّه من دقنه-؛دى،برة بتسموها تقوى، عندنا هنا،سفاهة. فيرد المجند- مأخوذاً- ؛هل يا سيادتك. حينها يقول التعلمجى؛ بكرة ما أشوفا.
    على هذا النهج سار تدريبنا فى ذلك المعسكر ، واكتسبنا لياقة بدنية عالية وتعلمنا اشياء عجيبة، من مثل ،( النشاط، بودِّر الغلط)، و((٥% خسائر)، و(العسكرية تصرُّف)، وبمناسبة الاخيرة، كنا نلعب كرة القدم- ضمن انشطة المعسكر- وكان مسؤول الاستخبارات، خصماً لى، وفى معمعة اللعب نجحت فى خداعه، وجعلته يمرر لى الكرة- وهو خصمى- ثم احرزت منها هدفاً، غضب وصرخ ؛ هذا خطأ، قلت له؛ العسكرية تصرف سيادتك. قال :ان التصرف ليس هو الخداع،. لم اعبأ بحديثه، فقد احتسب الهدف، وكنت على قناعة بأن (التصرف) هو الكذب الصراح.كرّت سبحة الايام، ونحن فى المعسكر، نعتاد على الروتين، وسخف العسكر،ونكتسب المزيد من اللياقة البدنية.
    انضم اطباء آخرون- قادمون من ريف الارياف الى المعسكر-، حسام الصاوى، معاوية عبدالقادر،وأسامة عبدالحليم، وآخرون. كانت علاقتى قد توطدت بمعظم التعلمجية وكنت- سرّاً- اتلقى معاملة خاصة منهم. كنت احس بالمسؤولية تجاه اسامة وكعوى واخشى عليهما من جلافة بعض العسكر، واخشى ان يشتبكا مع بعض الرجال ، فلا يغادرا محطة الخدمة الالزامية ثم انعكاسات ذلك على مسيرتهما المهنية فى بلد ربط كل شىء بأداء خدمة الجيش. ومبعث خشيتى ان الرجلين، يأبيان الضيم- او ما يعتقدان انه ضيم- ومستعدان للنزال حتى لو اشارت كل الدلائل الى خسائر محتمة. لكن مخاوفى كانت دون داع، او كان فيها سوء تقدير لمقدرة صديقىّ على التأقلم، والتصرف بحكمة.
    كان لدينا تعلمجى يدعى صديق، لم أر شخصاً قادراً على استعداء الناس مثله، كان كريهاً حد القرف، وكان يثير الرعب وسط المجندين، ويستمتع بذلك كشخص سادى مريض، كان عبدالعزيز، يرتعب منه كما لا يرتعب من أبيه، واحسب أنه لم يشف من ذلك الرعب الى الآن. أما انا فقد كنت احتقر ذلك ال"صديق" منذ ان رأيته فى ميدان الرياضة وهو يرتدى T-shirt طبعت فى صدره وبطنه صورة كبيرة للرئيس التشادى، والعميل الفرنسى إدريس دبى.وترحمت حينها على الجيش السودانى، الذى يسمح بان يقوم بالتدريب فيه، رجل يدين بالولاء لرئيس دولة أخرى. كنت ماهراً بحيث اوصلت لصديق، احتقارى له، دون ان أمكنه من دليل واحد يأخذه ضدى.
    ذات ليلة، وما ان خلدنا للنوم، حتى قام صديق بايقاظنا واخذنا للميدان فى "ادارة داخلية"، استيقظ اسامة بصعوبة وسألنى ماذ ا يحدث، قلت له، يبدو انها ادارة داخلية، لكنى اعتقد ان هذا العسكرى"صديق" قد قام بها دون علم رؤسائه، واصل النوم وسأذهب معه - مع آخرين-حتى لا يتفطن لغياب الاطباء. مكثنا فى الميدان، واقفين، حيناً من الدهر، واستمعنا لكميات مهولة من الكلام الفارغ،(ليس عندى ما أصف به، الادارة الداخلية عند العسكر، غير انها نوع من التعذيب، باختبار قوة تحملك فى الاستماع للكلام الفارغ). كان حدسى صحيحاً، ولم يفتقد صديق- ومن كانوا معه، زملاءنا النائمين ومرت ثلاث ساعات، وقفناها ببرود، ثم تم صرفنا قبل ان يستيقظ "الكموندانات" ويكتشفوا تصرف صديق، الاحمق.
    كان تسلم الملازم اول معاوية ابكر يانس- عليه الرحمة والسلام الأبدى-للقيادة الميدانية لمعسكر الخدمة الالزامية فى شالا، حدثاً لافتاً، فمعاوية كان عسكرياً بارعاً ورجل ذو وعى، كان يحفظ جميع اشعار القدال تقريباً، وكان يفهم فى السياسة بأكثر مما يفعل الصادق المهدى، معاوية كان حاملاً ل"نوط الشجاعة"فى الجيش، رغم انف بنى كوز. كان من قيادات الجيش- حين كان ما يزال عندنا جيش- التى استعادت توريت من قبضة الحركة الشعبية لتحرير السودان. كان الراحل العظيم، جون قرنق قد دعا الصحفيين ووكالات الانباء العالمية لمشاهدة ما اسماه"محرقة الجيش السودانى"، لكن معاوية وبعض قيادات غير كيزانية للجيش ، قادوا الصفوف، ودخلوا توريت مكبدين الحركة الشعبية، خسائر لا تعوض.
    بهذه الخلفية، جاء الملازم اول معاوية، قائداً لمعسكرنا،(كان ينادينى ب"كوكو" اشارة الى النكتة المعروفة وسط العسكر والتى تقول ألا أحد من المجندين يجب ان يحمل إسماً كإسم القائد)، كان يكن احتراماً عميقاً للاطباء، واحتراماً استثنائياً لاسامة عبدالحليم- ولا شك ان اسامة اهل لذلك-قال اننى لا ارى فى الطبيب مقاتلاً، لكنى اراه منقذاً لحياة المقاتلين. حوّل معاوية تدريباتنا الى معسكر مفتوح، بمعنى ان نعود الى الميز ونقوم بأداء العمل، كأطباء، فى مستشفى الفاشر، ثم نحضر للتدريب العسكرى،من الثانية ظهراً وحتى مغرب الشمس ثم نعود الى الميز والمستشفى، كل ذلك مقابل ان يكون لدينا طبيب مناوب، فى المعسكر، طوال ال 24 ساعة، رحبنا بذلك واوفينا بما يلينا من اتفاق ال gentle man هذا، الا فى مناسبة واحدة.
    معاوية انضم بعد ذلك الى معسكر المعارضة فى ارتيريا وتوفى وهو فى طريق العودة الى السودان، وبذلك خسر السودان واحداً من خيرة ابنائه الشجعان .
    قبل ان اغادر محطة الخدمة الالزامية أذكر اننا استدعينا لحضور طابور ضرب النار، والطابور فى الجيش ليس كما يفهم المدنيون من انه عملية صفا وانتباه ومارش، الطابور فى الجيش ، يعنى الطقس، فهنالك طابور ضرب النار، وطابور النعش، المخصص لتوديع العسكرى المتوفى او الشهيد، وهنالك طابور الاعدام،( والعياذ بالله) . بدأ طابور ضرب النار مع الفجر، اذكر هنا ابيات لشاعر شعبى كان صديقاً وزميلا لوالدى فى الشرطة؛
    ودّونا للدِّروة مع الصباح
    وقالوا سوّوا قيام/ انبطاح
    ضربنا "اب عشرة" تراح تراح
    خلاص مرقنا بنلقى الصراح.
    لكننا لم نضرب "اب عشرة"، وانما بندقية" ميخائيل كلاشنكوف".
    بعد الفجر حملتنا سيارات المجروس المعروفة، الى مكان ما لم اعد اذكر اسمه، كان الحضور يضم معظم قيادات حامية الفاشر العسكرية- وبينهم صديقنا النقيب الثقيل، القائد غير الميدانى للخدمة الالزامية-، الذى صب جام خطبه وحديثه على الاطباء،خطر لى ان الرجل اراد ان يوصل لنا رسالة تقول انه- هو ايضاً - خريج جامعة، وحامل بكالاريوس، وانه مثقف- وهذه عقدة كوزية-، قال، مستمتعاً بوقوفنا " انتباه" بلا حول ولا قوة، لسطوة " التعليمات،قال ؛ بقيتوا عساكر،انتو مش بتقولوا العساكر are 3 Ws ؟؟؟قلت له بصوت سمعه؛ 4 (وكان فى داخلى رغبة شريرة تدفعنى ان اشعره اننا ما زلنا نعرف اكثر منه)، اتجه نحوى(لم اكن خائفاً بعد ان خرجت بسلام من معركة الشكوى آنفة الذكر)، قال لى : 3. ردّدت باصرار: 4. قال لى - همساً- ؛ وماهى الرابعة؟؟ قلت: wickedness.



                  

06-19-2016, 00:36 AM

Moawia Abdelgadir

تاريخ التسجيل: 11-12-2010
مجموع المشاركات: 6

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    يا سلام علي السرد الجميل والصياغه الاروع والزعيم معاويه الشفيع يرجعنا عشرين سنه للزمن الطيب وقد تشتتنا الان كلنا في المنافي
                  

06-21-2016, 08:02 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    up
                  

06-24-2016, 01:16 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    سأطر لحجب الجزء الثالث عشر وهو مواصلة لموضوع الخدمة الالزامية انتظاراً لاضافات من أخوة أخرين وأواصل معكم من الجزء الرابع عشر
    أنضم لكتاب هذه الذكريات الاخ د.الصادق أدم ... الصادق سي Assadiq C
                  

06-24-2016, 02:00 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور
    الجزء الرابع عشر
    د. معاوية عبدالقادر
    تحركت السيارة وقرر ابوبكر ان نسلك سكة الجبل وكنت وحدي في المقعد المجاور له و ود الجعلي الصغير في صندوق الهايلوكس وهو في قمة السعادة وهو في طريقه للفاشر لأول مره، كان الجو ملئ برائحة الدعاش بعد رشة مطر خفيفة مما جعلني اسرح واسترجع بعض الاحداث والتي ستظل عالقة في ذاكرتي الى الابد .... عندما استلمت العمل في امبرو علمت ان المحلية سجلت عدد مقدر من حالات الوفاة بسبب لدغات العقارب في فتره ليست بالطويله ومعظمهم من الأطفال بسبب طبيعة المنطقة شبه الجبلية ولسوء الحظ تم استدعائي في احدي المرات للشفخانه بعد صلاة المغرب حيث تم احضار فتاة صغيره ملدوغه وانا في حياتي لم اري مصلاً للعقرب حيث كنا نتعامل مع تلك الحالات بعلاج أعراض السم وابقاء الجهاز العصبي في حالة تيقظ مع دربات (ستريو) ولم أكن امتلك هنا اكثر من اثنين ...واري رغم الاستريو والشاي الثقيل والقهوة ان حالة الفتاة لا تتحسن فسالت عن وجود علاج بلدي وانا في قمة الياس والكل يأمل في مساعدتي فأخبروني بان احدهم يمتلك حجر عقرب لكنه يسكن خارج الحلة ويمكن إحضاره بالسيارة اذا لم يكن هناك مانع من طرفي ووافقت في الحال حيث تم احضار هذا الفكي و بعد حوالي الساعة ووقت العشاء قد دخل ، تبادلنا السلام وبعد حديث قصير بالرطانة اخرج الرجل موس وحجر اسود في حجم الصابونة من مخلاته حيث كان ضوء الفانوس وبطاريتي يساعدانه وقام بفصد رجل الفتاة ووضع الحجر فوق الفصد وأخبرني بان الحجر سوف يسقط تلقاء نفسه عندما يمتص السم لو ان الفتاة محظوظة ولم نتأخر يمكنها ان تنجو... وقد كان حيث غفوت في الشفخانه وعندما استيقظت مع النباه كانت الفتاة جالسه تنظر الي بابتسامه وقد رحل الفكي وأخذ حجره معه بعد ان غلاه في اللبن ليعيد استعماله مرات ومرات ، اعلم ان تصديق أشياء مثل هذه فيه كثير من الصعوبة ولكن من عمل في أرياف السودان يعلم بوجود مثل هذه الأشياء وخلاصة الدرس لم اجلس أبداً في الليالي التي أعقبت هذه الحادثة وارجلي علي الارض بل كنت ارفعها واتقرفص وتعلمت أيضاً ان استخدم نور البطارية في شكل ومضات منعاً لجذب الحشرات وقد اصطدمت في احدى الليالي بالفانوس الذي كان قريباً منه جراده لم ارى في حياتي مثل حجمها المهول وحطمت زجاج الفانوس تحطيماً.... أيضاً تعلمت هناك ان احترم الماء ولا أسرف في استعماله واذكر في اول أيامي عندما ذهبت لتقديم واجب العزاء في احد الأعيان وفوجئت بان هناك كوريه ماء واحده تمرر علي الجميع لأخذ رشفات من الماء مع تقديم عجينه اعتقد أنها تصنع من الدخن وكان الماء خليطاً من النقعة والبئر ذَا الملوحة العالية لدرجة ان الصابون لا يرغي فيه وهو من البئر الجديدة وعندما مر علي الدور كان كميه من الشفاه (الشلاليف) والاشناب قد دخلت فيه وعندما رفعت الماعون لأشرب وانا متوكل على الله فاذا بالماء عكر وله رائحة والأدهى كانت تسبح فيه حشرتين وقد كنت واثقاً من رؤيتي لهم ومعلا بجواري يلكزني أن اشرب وأمرر الماعون ورددت عليه في هلع لكن المويه علي مافيها بها حشرات ويرد علي بسخريه اشرب مش انت دكتور؟ ده بروتين وديل عيال المويه فأغمضت عينيي وكتمت نفسي وأخذت جغمه وبلعت وانا مسلم امري لله وأقول الجابني هنا شنو ؟،.... الناس هناك رغم بؤس الحال في غاية الكرم وكنت دايماً مرحب بي وبعد ذاك الموقف كنت دائما ما افضل شرب الشاي على الماء حيث كنت اعلم ان الشاي ماءه مغلي وعليه شاي وسكر وبرضه بترضي علي كرم الناس هناك. تعلمت كذلك ان استحم بجردل بلاستيك سعة خمسه ليتر ولا أسرف في اهدار الماء , الثروة الغالية لو يعلم الكثيرون,...... جأني يوماً رجل من أطراف الحلة علي حمار مليان عواوير وهو في حاله ليست افضل من حماره واشفقت عليهما وطلب مني ان اذهب معه للمنزل لمعاينه بنته (فوقها حنكلو شديد ليهو شهور وما بتقدر تركب الحمارة) ... في المنزل عاينت شابه صغيره نحيله وشاحبه وتحك في كل أماكن جسمها وهي تدمي ، لم اري في حياتي إصابة حنكلو بهذه البشاعة (الحنكلو الحكو حلو يقوم في الجعبات يحميك القعاد ويقوم في الشطور يحميك الفطور) تماما كالمقولة الشعبية ، لحسن الحظ ان منظمه الصحة العالمية توزع في برنامج الدواء الأساسي الحديد والبنزايل بنزوات مسوح الحنكلو ، اعطيتهم كم عبوة وشرحت طريقة الاستعمال مع حبوب الحديد ومضادات التحسس (وكباسين) بنسلين واوصيت بغلي كل الملابس وكيها وبعد كم أسبوع حضرت الشابة ومعها والدها في افضل حال والحمار ايضا محمل كم قِربه كمنجاني وشريلا وبغو من القضيم وطبعاً لم ارفض هذه الهديه وأنواع المرايس دي اكل وشراب ولا تعيب احدا. السيارة تشق طريقها ولا نسمع الا هدير المحرك واحتكاك العجلات بالصخر وبعض الزغاريد عندما نمر بمجموعه من النساء ونساء دارفور شيالات تقيلة تعجز الكلمات عن وصفهن.... اسال ابوبكر عن عدم وجود مسجل بالسيارة ويجيبني لو حصل صوت المكنه ولا العجل اتغير ما بتسمع لو في مسجل شغال يا دكتور وأغرق في تأملاتي..... توقفنا في احدى الحلال لإعادة ملأ ماء السيارة وتبريدها وكان يوم سوق فتجولت قليلا وإذ بي واقف امام رجل يفرش امامه حبوب منع الحمل (الواحدة دي ) وهي لمن لا يعرف امام كل حبه يوجد اسم احد ايام الاسبوع وينتهي الشريط بحبتين داكنات من الحديد فسألته ده شنو؟ ويعملوا بيه شنو؟.... فرد بانه الحبوب دي بتشيل اي مرض من الجسم يعني لو فوقك رطوبة تبلع الاثنين والخميس والسبت أسبوعين وبعدها تأخذ الاتنين الحمر ، طيب لو عندي وجع راس ما بروح؟ تبلع تلات واربع وجمعه وسبت وبعدين واحده حمراولم استطع ان اعلق بكلمه من الاندهاش فسألته اها والخريف السنة دي كيف؟ قال لي شايف (المخيط) شايل ..معناها الخريف كعب، عرفت لاحقاً ان بعض الزملاء قد مروا بنفس التجربة.... ونواصل المسير وللمرة الثانية وبمحض الصدفة في طريق كتم التقي ملك شريف ادم الطاهر ملك الدور وبصحبته حرس الإدارة الأهلية في تاتشر ترقد دوشكا علي ظهره مرتاحة ونتبادل التحايا، كنا التقينا المرة الأولي أيضاً في سكة كتم واذكر ان كان برفقته دكتور صالح محمد صالح والذي أيضاً التقيته مره اخرى بمحض الصدفة في سوق امبرو وكان في طريقه الى الطينة.... كتم وما ادراك ما كتم مدينه تنحت في الخيال ناسها وطبيعتها.. يا الله ..دخلناها ومررنا بالسوق أولاً عشان اشبع عيني بالخضار والفواكه حيث مصادفة قدر لي ان التقي إنسان وصديق معجون بأخلاق الأنبياء كان في ميز الميريديان في الفاشر يستمع الي تفاهاتي ومشاغلاتي معه وبقيه الاخوان ويضحك من كل قلبه ذو أدب الخرافي ويقول لي بلكنه جنوبيه محببه انت يا زول كلام عجيب ده بتجيبه من وين؟ وأقول ليه من لباس مافي في جوبا ونضحك من قلوبنا ..يا سلام عليك يا جون باسكوالي... كم تألمت لانفصال الجنوب يا زول يا رائع ، جون كان في مأموريه وهو في طريق العوده الى فتابرنو مكان عمله ومعه ناس المحليه ضحكنا ومضي لسببله ونحن قطعنا الوادي صوب المستشفى حيث كان يعمل اخي وصديقي دكتور محمد الفيل كباشي افضل سواقين الخلا وسط كل الاطباء وقد غمرني كباشي بكرمه الأصيل وانا كنت قد فقدت كثير من وزني، كان كباشي يسكن في منزل جميل وظليل ملتصق بالمستشفى الريفي وقد علمت بانني وصلت متأخرا قليلا حيث كان وقبل يومين من وصولي كانت كتم قد احتفلت بزواج احدي كريمات الشيخ موسى هلال حيث علمت ان الاكل تم جلبه بالطائرة من الخرطوم الي مطار كتم وكنت قد صادفته في سوق المدينة وهو على سيارته الفي اكس ار وكانت تبدو عليه الشهامة والأصالة ، صراحة لم احس اثناء وجودي في دارفور باي شيء يشير الى ان الدارفوريين منقسمين لعرب وزرقه ولم اسمع هذه التسميه قط اثناء وجودي وقد كنت شاهد على بداية مناوشه عندما دخلت إبل الى بعض الاراضي المزروعة بالدخن وكادت ان تحدث معركه لولا حكمة الإدارة الأهلية في دار زغاوه الذين اخمدوها. كنت قد حولت احدى السيدات الى كتم لإجراء عملية كحت بعد اجهاض غير مكتمل وطلب مني كباشي ان اقوم بالعملية بما انها مريضتي وقد كان ، كباشي كان طبيب مميز ومحبوب في كتم ...لما شبعت من المطايب وشديت الحيل قررت مواصلة السكة الي الفاشر ابو زكريا وبما ان وقودنا قد نفد وكباشي جازه علي قدر عربيته ,علمت ان ضابط المحلية تربطه علاقه خاصه بامدرمان قررنا الضرب علي هذا الوتر وقد كان الرجل في قمة الذوق وقد فهم الخطة وضحكنا وانا طلعت بصفيحتين جاز تكفي الطريق لأبو زكريا وزودني كباشي بزواده محترمه وفي الصباح الباكر كنا في الطريق مره اخرى و وجهتنا كفوت اولاً. كما ذكر معاوية الشفيع بدانا نتعود علي الطريق ونسترخي واستطعت ان أغفو وايقظني ابو بكر في كفوت وقد حان وقت الدجاج الشهير وتحولنا ثلاثتنا الى ثعالب وتميناها مرجخيص وحبسنا ببركيب(لبن رايب ذو مذاق حلو) ظل طعمه في فمي حتى دخلنا الفاشر ابو زكريا حيث الاحساس لا يوصف ,شوارع زلط وعربات وكهرباء ومويه وحمام بالدش وملاقاة للإخوان، تم استقبالي استقبال حافل وفقد كنت اخر العائدين من المحليات ومساء نفس اليوم بعد الكورة في الميز ذهبنا للاستمتاع بالقدوقدو وكان علي الكسمبر قد سبقنا وأتقدم بي كم كوز. نمت نوم عميق وعندما صحوت كان الجميع قد ذهب للمستشفى وظللت أراقب عم خير الله وهو يملأ الازيار وبعدها بقليل دخل منصور سواق التحصين (جراحه ونوم بالراحة) جملته المفضلة ويخبرني ان دكتور خليل يطلبني في الوزارة حالاً وانا في اشد الاستغراب أن كيف علم بوصولي، ذهبت ووجدت معه رحمة الله عليه مجموعه من محلية امبرو وشبكوني ليك الله اكبر وخليل متحمس ياخي رفعت راسنا وحاديك ثلاجة الطاقة الشمسية ، لكن احسست الجو العام غير ذلك خاصه عندما شكروني وعرفت ان ذلك معناه أنهم قد استغنوا عني وقلت في نفسي بركه الجات منك يا بيت الله ...لاننا كنا نعمل بدون اي معينات وشكلنا عبأ ثقيلاً علي المحليات. تسابيح والباسطة ومطعم الطاقة الشمسية وأم السر جاكم بلا هكذا منيت نفسي. التقينا ود الرشيد مدير سينما الفاشر في سوق المواشي وعرفنا الفلم أمريكي وقررنا مجموعه كبيره الدخول وكانت لا تبعد كثيراً من الميز ومن اجمل الأشياء ان اللوج دايماً ملئ بالعرسان الجدد حيث لا توجد آنذاك وسائل ترفيه متاحه. من السينما على ام السر رأساً حيث نستمتع بالكوارع والضراريب المحترمة وكنت قد استلمت مرتبي عن الفترة السابقة وخيطت كم بنطلون عند الأطرش وقطعت مركوبين واحد فاشر والتاني جنينه. كانت هناك بعض الشخصيات لها علاقه مميزه بالأطباء والميز اهمهم ابو سن ( الولد بتاع الورنيش) كان يدرس ويعمل وانا مثل الآخرين كنت معجب بعزيمته وكدحه رغم سنه الصغيرة وكنا ندفع له بعدل واحيانا كثيره يرجع لنا باقي النقود. شخصيه اخرى لا تنمحي من الذاكرة اخونا احيمر الذي كان يعمل بالميز والذي يدخل النفس بلا دق باب بتهذيبه وصبره علينا وابتسامته وايضاً كان صاحب قضيه و وعي وأتمنى ان يفرد له الزعيم معاويه كرنوي واسامه المالحة مساحه وحتى بعد عودتنا من دارفور التقيته مرتين في الخرطوم وبعدها تشتتنا في المنافي. أيضاً كان يقيم في الميز ويعمل ويدرس في الثانوي ابوبكر وكان لصيق بأخينا دكتور الماحي الرجل الأصيل والذي كان يعامله كابن له وهو يعاني من سكري الأطفال اما عمر فكان من المضامين وحكى لي انه حوكم بسبب امتلاك سلاح وذكر لي اسمه ولم أميزه ومره ونحن نشاهد التلفاز أشار لي الى مدفع عديل تجره احدى سيارات في ساحات الفداء وقال لي (قبضوني بي زي ده) ولم أتمالك نفسي من الاندهاش (يا زول؟ تحلف بالله؟ ده كنت شايله كيف؟) وأجابني (جاريه بي جمل) وتذكرت انني شاهدت قبلها في احدى أسواق الخلا طلقات الكلاش تباع (بالملوه) فخف اندهاشي. لم يتم تعييني بمستشفى الفاشر رسمياً وان كنت اعمل فيها وهذا خلق بعض التوجس وبعدها التقاني الجمالي رحمة الله عليه وأخبرني باني سأذهب للعمل بمستشفى ام كداده ولم ينفع احتجاجي لان دي تعليمات خليل ولم يطل استمتاعي في الفاشر ولان دكتور ام كداده سيذهب للتخصص وفعلاً التقيت دكتور هارون عرجه في الفاشر وهو رجل هادي وذو أدب جم واتفقنا علي ان نذهب سوياً لام كداده للتسليم والتسلم وعلمت منه ان المستشفى كبير وبه بنيه أساس جيده وسأكون وحدي لخدمه منطقه شاسعة جداً وزاد قلقي وانغمست في ملذات الفاشر مع اقتراب موعد المغادرة.

    (عدل بواسطة د.أسامة عبدالحليم on 06-25-2016, 11:18 AM)

                  

06-25-2016, 05:59 PM

DKEEN
<aDKEEN
تاريخ التسجيل: 11-30-2002
مجموع المشاركات: 6772

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    يادكتور سلامات..
    انشغلنا عن البورد مع المشاوير ورمضان وجرعات الحديد..
    لم استطع انزال الصوز، ولكني سعدتُ جدا لرويتها في اطلاعي الأخير، وهي حقا اصافت بعدا اخر للسرد، وما زاغت كثيرا عن المُتخيل.
    يبدو انها ماتزال بكراً تلك الاصقاع، ولايزال انسانها طازجاً بطعم الفطرة والسلام .استمتعت كثيرا بتبدلات الرواة في ذات الموضوع، وصار الأمر وكأنك ترى ريف شمال دارفور بعدة عيون ومن عدة جوانب لان الامر لايقتصر _علي ماهو واضح في الكتابات_ علي الامور المتعلقة بالخدمة الطبية.
    الاضافات التي وضعها زملائك في الخدمة وسعت من الرؤيا ولم تُضق عباراتهم. ويبدو انو بعضكم كان اكثر جهوزية وجا الخدمة دارع كمرتو..لذلك اتفاءل بوجود مزيد من الصور عن تلك المناطق..


                  

06-25-2016, 01:49 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    ايام في شمال دارفور
    الجزء الخامس عشر
    د.صادق ادم- الصادق سي
    كنا نقيم في ميز امدرمان و قد حان موعد اداء الخدمة الالزامية بعد ان قضينا 24 شهرا في فترة الامتياز وقد تم نشر اسماءنا في الجرائد كمطلوبين لاداء الخدمة و كانت الخيارات أمامنا محدودة او تكاد تكون معدومة
    هنا اخبرنا بأن وزير الصحة شمال دارفور سوف يحضر الى ميز امدرمان لرغبته في اطباء لاداء الخدمة و فعلا حضر و قررت الذهاب برفقة عدد مقدر من الزملاء
    وبعد ان قام الوزير خليل ابراهيم بتكملة اجراءتنا في الخدمة الوطنية ذهبنا لمكتب تنسيق الولاية للتذاكر و تم اعطاءنا ظرف به مبلغ من المال ومن ثم حجزت و معي الطيب الامين و خالد ساوي و اعتقد ايضا كان معانا المرحوم كمال و من ثم ذهبنا انا و الطيب الي منزل خالي في الشعبية لأن السفر كان باكراً لكي يوصلنا بعربته للمطار و اعتقد ان تلك الليلة كانت ماطرة..في الصباح الباكر ركبنا الطائرة البوينج التابعة لسودانير وكانت تلك اول مرة اركب فيها طائرة وكذلك الرفقاء لكني عملت فيها صاحب تجارب بالسفر بالطائرات و حاولت ان اهدئ من روع الاخ خالد ساوي الذي كان في حالة خوف و رعب شديدين ومن ثم هبطت بنا الطائرة في مطار الفاشر وكان في استقبالنا ما بتذكر منو لكن بعضهم من الوجوه المعروفة لدينا ...كان الامر بالنسبة لي غريب جدا لاننا وصلنا في ساعة ونيف و بالنسبة لي الفاشر تبعد ساعات او ايام طوال فسبحنا بحمد الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ..المهم كان هناك الكثير من الزملاء الذين نعرفهم وتم انزالنا في الميز البعيد (يسمى شالا) لكننا عدنا و سكنا في ميز المريديان ...المهم توالي وصول الزملاء ومن ثم كانت الرحلة التي أقامها لنا الوزير و تم فيها توزعينا علي المحليات حسب برنامج الوزير الذي ذكره لنا في الخرطوم حيث تم توزيعي الي منطقة جبل سي . ما عارف ليه جبل سي لكن ربما لاني كنت معجب بالاسم و كنت اردده كثير خاصة امام الجمالي الله يرحم..المهم بعد أن تم توزيعي لجبل سي قال لي د.خليل ان ممثل المحلية في المجلس التشريعي لما اخبره ان هناك طبيب تم توزيعه لهم لم يصدق و اخذ يردد دكتور لجبل سي...مرت بنا الايام في انتظار ناس المحليات لاخذنا لمحلياتنا,وأذكر في تلك الفترة كانت الفاشر تعاني من ضائقة شديدة في الكهرباء و الماء تقريبا المدينة بلا كهرباء طول اليوم ما عدا المستشفي و اماكن قليلة اخرى و سمعنا بان د.خليل اقترح في مجلس الوزراء ان يعامل الوزراء كالمواطنين في قطع الكهرباء و تم تنفيذ ذلك عليه هو فقط...في هذا الجو و انتظار الرحيل لجبل سي جاءنا طلاب جامعة الفاشر كلية الطب للذهاب معهم في قافلة الي جبل مرة, كانت فرصة تاريخية لزيارة جبل مرة .. وكان معنا في القافلة من الزملاء :حمد الامين-سعود سلطان-صلاح الجيلي-الطيب كما اعتقد واعتقد كان السفر عصرا ...كنت اري الطلاب وهم يحملون البطاطين و كنت اقول في سري شوف الوهم ديل يحملون البطاطين في الحر دا!...المهم ركبنا البصات قدام مع السواق بالرغم من احتجاج الشرطي الصول الذي كان يرافقنا في القافلة......تحركت البصات اعتقد بصين,و عند منتصف الليل بانت لنا انوار من بعيد ففرحنا علي اساس اننا وصلنا نيالا لكنها كانت أنوار منواشي و ما ادراك ما منواشي حيث ضربنا الشواء الذي يباع بالورك بدلاً عن الكيلو .....و من ثم واصلنا الرحلة حتي بانت لنا من بعيد نيالا و هي تتلألأ ضياءً وبهاءً
    نزلنا في احد الداخليات على أن نواصل المسير صباحا....كانت المياه في نيالا دفاقة والحمام بالدش حتى تخاف من اندفاع المياه..
    في الصباح واصلنا الرحلة الي الجبل عن طريق الشارع المعبد المسفلت ..نيالا- كاس – زالنجي ووسط اجواء رائعة من سحر الطبيعة الخلابة حتي وصلنا نرتتي ونزلنا في استراحتها ...كان المطر في الجبل ينزل بلا سابق مقدمات .اما الرعد فكنت احس باقتراب الموت عند رؤية البرق قبل وصول الصوت حاجة صعبة جدا.. يتردد صداها في الجبال كانت درجة الحرارة بالليل تصل الي ادني درجة و يا دوب عرفت منو الوهم ,و من شدة البرد اطرينا نستلف (اسم الدلع للسرقة) من احد الطلبة غطاء ً كنا نسمي الطالب palsy لأن أصابه facial palsy أثناء القافلة ...المهم استمتعنا بالأجواء الرائعة ....وقمت اثناء القافلة بزيارة الي زالنجي القريبة من نرتتي حيث كان الزملاء الجزولي عمر موسي و بدرالدين ميرغني يعملون هناك...كانت مفاجاة كبيرة للجزولي ان يراني هناك لأنه لا يعلم انني قد اتيت لشمال دارفور و خاصة طريقة المقابلة في زالنجي حيث كنت اجلس في السوق عندما رأيت الجزولي فخلفت رجل علي رجل وانا اقول جزجز جزجز فكان يتلفت متحيرا من هذا الذي يناديه بهذا اللقب الذي لا يعرفه سوى القليل من اصدقاءه...في نرتتي كان زميل لنا في الجامعة يدعي اسماعيل لديه اخ يسكن هناك دعانا للعشاء معه في منزله....مرت الايام سريعا و عدنا الي الفاشر..و في هذه المرة عمك الصول اتحكر قدام في العربية وفي الطريق امر سائق العربة بالتوقف كي يصطاد حبارة لكن السائق قال ليه انت جنيت دا صقر الجديان ممنوع صيده و كانت تلك اول مرة اري فيها صقر الجديان.. هيبة و الله
    عدنا للفاشر... للرفقة الجميلة و الجو جميل و الناس جمال(الجميلين)........ وان تريدي يا ليالي تجمعينا كما كنا .....
    يا سلام علي المغني و المرددين.
    بدأ الزملاء الموزعين علي المحليات في الذهاب واحدا واحدا و كنا كالعروس في انتظار عريسها..حتي اتي دوري و في الصباح اتي الاستاذ محمد صالح رئيس محلية جبل سي شخص مؤدب و متواضع فذهبنا بالعربة الدبل قبين و استلمنا أولاً دواء المحلية الدائري من امين مخزن وزارة الصحة اعتقد انه نفس الشخص الهتيفة الذي ذكره اسامة مالحة ومن ثم انطلقنا لا نلوي علي شئ سوى جبل سي التي ربما تعني الجبل العمودي فمررنا بطويلة و خور طويلة و ما ادراك ما خور طويلة و للذين لا يعرفون تلك المناطق كان الوضع الامني فيها غير مستقر بالمرة و العربات نادراً ما تذهب لتلك المناطق و ايام الاسواق تتحرك العربات بالطوف الامني....المهم وصلت الي كبكابية وتقع مكاتب محلية كبكابية وجبل سي في منطقة تدعي تومي حيث مقر الملك وهو اقل درجةً من السلطان
    عندما وصلنا انزلت في بيت المستشفي وكان د. حسن سولونق ،طبيب كبكابية، غير موجود في المدينة حيث وجدت مجموعة من الاشخاص يلعبون الكوتشينة حتي الساعة الثالثة ظهرا فبشر احدهم بمولود تمت والدته في المستشفي المهم مكثت في المنزل و لم اذهب الي اي مكان و تركت وحيدا في ذلك المنزل الكبير وبعد عدة ساعات دق الباب وقيل لي ان هناك امراة قد وضعت توام الظهر و التاني ما طلع لحدي هسي.. لا اله الا الله ،دي ورطت شنو الوقعت فيها دي قلت في سري بلد ما بعرف فيها اي زول و لا شفت مستشفها ذاتو و في هذه الساعة و لهكذا حالة... المهم جرجرت كرعيني علي المستشفي التي تبعد حوالي مائة متر من المنزل وجدت المستشفي في ظلام دامس والداية مع امراة في حالة انهاك تام و بضعة اشخاص و عرفت زوج المراة وهو الشخص الكان قبيل في الكوتشينة حيث بورك له المولود و كمان طلع هو المساعد الطبي بتاع المستشفي الذي ينوب عن د. حسن طبعا العلم كله طار من راسي في تلك اللحظات و علمت ان العملية ما فيها اي حاجة .. لاخيوط جراحية ولا شاش حاولت جاي جاي ما في اي طريقة و المراة ما عندها اي حيل تدفع به الجنين... قلت ليهم في جفت قالوا نعم و حملنا المراة الي العملية لان غرفة الولادة كانت مظلمة و كاتمة و مصدر الاضاء فيها لمبة ام ضنيب وبطارية الداية.. المهم في تلك اللحظة تذكرت د. محمد الياس كان قد علمني كيفية استعمال الجفت غايتو دخلت الجفت وظبط معاي من اول مرة و جريت الجنين الذي كان نبضه ضعيف و خرج معاي و قالت لي الدايه خلاص يا دكتور زح لي لان الجو كان خانق و رطوبة عالية و جسمي جاري مويه بعد كم دقيقة كدا اسمع ليك الزغاريد... والله قربت ازغرد معاهم ...
    في الصباح ذهبت الي المحلية وكان هناك شخص يرتدي ملابس الضباط الإداريين يتحدث الي مجموعة من الناس عرفت فيما بعد انه المدير التنفيذي لمحلية جبل سي ...كان يقول ليهم و الله امبارح جابوا لينا دكتور انقذ ثلاثة ارواح و هو لا يعلم ان هذه المرأة و اطفالها ربنا فقط خارجهم من الموت المهم كان تلك الليلة امتحان صعب و عسير..
    تحدثنا فيما سبق عن وصولنا الي كبكابية و ما حدث في تلك الليلة الاولي كان ذلك في 20/9/1995....كان وضعي غريبا نسبة لأني من المفترض ان اكون رئيس الفريق الصحي لجبل سي لكن ادارة ومجلس جبل سي موجود بكامله في كبكابية ولا اعتقد ان احدا قد اخبرنا او وضح لنا او تفاكر معنا عما يجب ان نفعله عند ذهابنا الي محطاتنا خاصة واننا حديثي عهد بالعمل و ليس لدينا اي خبرة فترك الامر لنا تماما لكي نفاجأ بهكذا اوضاع ..المهم محلية جبل سي عدد سكانها حوالي 100 الف ليست بها اي مدينة او حتي قرية كبيرة من المفترض ان تكون عاصمتها تومي حيث مقر الملك جمبير رجل هاش باش و مرح
    توجد بها 9 شفخانات واحدة فقط يمكن ان تقول عليها شفخانة بنتها منظمة في تومي.. العاملين بها كلهم معاونين صحيين ما عدا تومي بها ممرض كل المحلية بها 14 قابلة 3 فقط قانونيات (عرفتو ليه نسبة الناسور عالية في دارفور) يوجد مفتش شفخانات يوسف الكوزي حياه الغمام و مسئول التحصين الرجل الهمام محمد عمر وتيمه العامل ،كان التحصين يقوم بصورة دورية بزيارة تلك المناطق وهنا لابد من الاشادة بهذا البرنامج و العاملين عليه لانهم يصلون لاي منطقة في هذا البلد لذلك رتبت معهم لزيارة منطقتي الصحية وكنا قد قمنا مع مفتش الشفخانات بتوزيع الدواء علي الوحدات الصحية ليصير دواءً دواراً.. بعضهم التزم و الاخر عمل نائم بالقروش.
    فقمنا بالزيارة وظلت أسماء هذه المناطق عالقة بالذاكرة :تومي كمونقا عد النبق تمادي برقي مله سقرنج برقو دبلي توتني بورة تبكاينو عيش بره بورنقا كيرنقا كاورا و ارمبا و غيرها من الاسماء التي لم ولن تذكر في التاريخ
    فكنا مع الطبيعة البكر بدون اي رتوش يأتون باحتياجاتهم من سكر ,زيت, شاي ,بن وغيرها من الاسواق المتعددة التي تقام بأيام الاسبوع ....يتم طحن الذرة و الدخن بالمرحاقة والمرحاقة أو المرحاكة لمن لا يعرفها قطعتين من الحجر يطحن بهم...كان بعضهم يعيش في اعالي الجبال و كانت لا توجد طرق للعربات فكان الوصول اليها بالعربات كتسلق جبل افرست لهاوي....المهم عشنا مع الطبيعة بالوديان والجبال والخيران و الطيور مختلفة الاشكال و الالوان صقور الجديان جداد الوادي و الارانب و الثعالب....كنت في كثير من الاحيان اقرص جسمي لكي اعرف هل انا في حلم و لا علم
    من الطرائف مرة في احد المناطق صلينا الجمعة في مسجد من القش كان بجواري الاخ الاكبر يوسف الكوزي مفتش الشفخانات و مترجمي لانه يعرف كل اللهجات المحلية الخطبة الاولي انتهت و جلس لكن مرت دقيقة اثنين ثلاثة و لم يقم ثم بديت اسمع همهمات بدت تزاد شيئا فشيئا حتي تعالت الاصوات فميلت علي يوسف فقال لي ان الامام الاصلي اليوم غير موجود و البديل يقرأ من كتاب به عدد من الخطب لكن الخطبة الثانية كانت واحدة و عمك الأمام البديل ما عرف مكانها فتطوع البعض لبحث له عنها.
    زيارة تلك المناطق اكدت كيف يعيش هؤلاء المواطنين السودانيون علي هامش الحياة واكدت لي بشكل قاطع انه لا توجد حكومة هناك
    واتذكر انه في احد زياراتي مر بنا احد الرعاة كان لديه ثروة حيوانية ضخمة علي امتداد البصر فاستوقفنا و سأل من نحن فلما عرف قال لي انت من ناس الخرطوم المرتاحين الغنيانين فضحكت و قلت ليه انت اغني من اي واحد من ناس الخرطوم ..كان لهذا الراعي اولاده عيانين ملاريا و رمد و حالتهم بالبلاء جابيين من الجنوب بالبهائم لو لم يفعل ذلك لهلكت فعرفت انه مجبر علي هذا لان الدولة لم توفر أي له شئ كما عرفت ان هؤلاء الرعاة مقاتلين اشداء بل ان اطفالهم يتدربون علي السلاح بالمراهنة علي من يضرب ذيل الارنب او رجلها الامامية او الخلفية ...المهم رحلة كهذه مع التحصين لا تقل عن اسبوع وهي تأخذ شهر في معظم الاحيان. ذهبت بين الفاشر و كبكابية او جبل سي خمسة مرات نعود لبعض اللحظات المهمة فيها لاحقا.

    كان هناك وباء كوليرا في المنطقة فانتشرنا في اعالي و سهول جبل سي درءاً للمرض ..وأذكر انه تم تفريغنا من المعسكر لذهاب لمناطقنا وبمناسبة المعسكر اعتقد اننا استعجلنا بدخوله حيث كان يمكن ان نأتي متاخرين بكثير .
    ومن طرائف هذا المعسكر اقصد طبعا الخدمة الوطنية في شالا ان دخل معانا المعسكر واحد حرامي كان سرقنا في ميز المريديان حيث انه في يوم من الايام كنت اخر من بقى في الميز فدخلت الحمام وكنت سامع واحد بتكلم مع الخاله الكانت بتنظف الحوش و عندما خرجت لكي البس هدومي من الدولاب لم اجد اي قطعة فسالت الخاله قالت في واحد ما بعرفو جاء شاكلني حول مستوي النظافة و دخل الاوضه انا قايلهو مسئول ...المهم فتشت ضلف الدولاب الاخري فوجدت ايضا الهدوم ما في الغريبة الا هدوم الطيب بس القاعدة,خرجت من الباب لقيت كنده (احيمر) فاخبرته الخبر فقال لي انه قد رأى شخص شك فيه فحضر بعض الزملاء و ركبنا العربة لكي نفتح بلاغ في الشرطة وفي الشارع قابلنا بعض عساكر الخدمة الالزامية فسألونا عن وجهتنا, فأخبرناهم عن اعتزامنا التوجة الى الشرطة لفتح بلاغ ... فقالوا لنا ما تمشوا الشرطة حقكم بضيع فسألوا كنده عن وصف الشخص ومن ثم ذهبنا الي غسال في احد احياء الفاشر.. كف كفين من العساكر وصف لهم مكان في السوق وعندما وصلنا السوق مكان بيع الملابس لقينا هدومنا معلقة و قد بيع منها قميص في ظرف ساعة من الزمن فاخذ الحرامي للخدمة الالزامية و حلقت له صلعة لكي يصبح مجند لان في ذلك الزمن كانوا بعد التدريب برفعوه على العمليات طوالي.
    واذكر أيضاً اننا كنا في الفاشر و قد وصل اليها والي جديد (يونس الشريف) و كان اول برنامج له هوالقضاء علي النهب المسلح و لذلك قرر عمل مؤتمر في اكثر الاماكن شهرة بالنهب كبكابيا وتصادف في ذلك الوقت ان كان هناك وباء حصبة و كتكوتا (سعال ديكي) و طلب منا المدير العام الذهاب لان الوالي بعد المؤتمر سيزور بعض تلك المناطق حتي احدنا قال ليه انت ما ماشي فقال انا لو كتلوني ما ماش . كان الوزير خليل ابراهيم ابو جهاد كالعادة في الجنوب. المهم في المساء قبل السفر حضر الينا على ما اعتقد مدير توفير المياه و قال لنا انه ذاهب مع وفد الوالي غدا صباحا فقلنا له انحنا ما بنمشي مع ناس الحكومة واننا سنتحرك الصبح فعلا تحركت مع د.الطيب و د.ابوبكر على ما أذكر حتي وصلنا جبال كاورا منطقة مشهورة بالنهب نسمع ليك صوت رصاص الدوشكا يتردد صداه مع الجبال فقال السائق الجماعة كتلو يقصد الوالي ووفده الميمون المهم كنا العربية الوحيدة التي وصلت الى كبكابية و المؤتمر حتى وقتها ما قام ووجدنا هناك ناس التلفزيون القومي وقد وصلوا عن طريق كتم وكانوا في حالة من الخوف و الهلع فزدناهم خوفا وهلعا..عرفنا فيما بعد ان شخصين مسلحين بجيم اعترضا موكب الوالي و تم انزال الوالي من عربته و تدخل الحرس وولعت و اصيب الوالي في يده ,حارسه في الكتف و مدير توفير المياه في الحوض و هرب الشخصين و رجع الوفد الى الفاشر و في طريق مات الحارس بالنزيف ..كان مع الوفد من وزارة الصحة د.محمد سوار ,اعتقد ان مدير توفير المياه اصيب بالشلل و ترك في مستشفي الفاشر اما الوالي فأخذ الي الاردن للعلاج...

    عودة للفاشر ..كنا نتناول الوجبات في الفاشر في الميز الأمامي جوار بوابة المستشفي ...بدا البعض بعد تناول الوجبة يذهب لتناول الشاي عند ستات الشاي تحت أشجار الهجليج أمام المستشفي , في البداية لاقت هذه الخطوةاستنكارالمسئولين وبعض الزملاءلكن شوية شوية بقينا كلنا نتناوله هناك حتي في يوم من الايام اتي خليل الوزير ماري بطريق المستشفي وراي كل الاطباء تحت الشجرة الوريفة فنزل وسط محاولة من بتاع المراسم لمنعه من هذا و جلس معنا وتناول الشاي . كانت لنا امسيات جميلة في قهوة البنابر في سوق الفاشر وهي قهوة مقاعدها كلها من البنابر.من الاشياء الجميلة ايضا دافوري العصرية في ميز المريديان. ..وقد علمت ان الاطباء في الفاشر قد لعبوا مباريتين ضد ضباط الشرطة و ضد الجيش(لم احضر هذا لاني كنت في جبل سي) وان في مباراة الجيش كان الأطباء غالبين واحد صفر وقبل نهاية المباراة بقليل جري القائد (اللواء) خلف الكورة بسرعة و لحق بها بعد خروجها من الملعب بصورة واضحة وسجل هدف التعادل وجري فرحا بهذا الهدف الغير صحيح فصفر الحكم محتسبه هدفا ...وكان الحكم ملازما... وسط احتجاج الاطباء فقال الملازم انتم مجانيين اللواء جري فرحا بالهدف دايرني اقول ما قون.
    من الاشياء التي حضرت نهايتها ايضا اعتقالنا بواسطة جهاز الامن في الفاشر اعتقد بسبب عدم صرف المرتبات لشهور و اعتقد أن ذلك كان عصرا و ساقونا الي مكاتبهم حيث جرت محاولات ارهابنا وقد علمنا انه قبل اعتقالنا تم الاتصال باحد الضباط الخدمة الوطنية ما عارف ان كان هو الملازم معاوية او غيره لاخباره بان مجنديهم قد اضربوا فقال لهم الناس ما عندنا معاهم اى حاجة انتو جبتوهم و جوعتهم ولو كان معهم سلاح زينا كدا كان ممكن يقلعوا من الشارع المهم بعد كمية من الكلام الفارغ و بعد ادراكهم بان المستشفي هناك فارغ قال كبيرهم المغيرب كدا العجبو الوضع كدا عجبو الماعجبو يمشي أهله و تم اطلاق سراحنا .المهم كانت هناك تدخلات من بعض ناس الفاشر راجين من الناس عدم المغادرة. اعتقد ان سبب الاعتقال هو ان بعض العاملين مثل المعلمين كانوا قد اصبحوا يحتجون لعدم صرف مستحقاتهم خاصة بعد اضرابنا الاول و حل الاشكالية بواسطة الحكومة فخافوا من تبعات ذلك الإضراب.. .
    عودةالى كبكابية حيث كنت اسكن مع د. حسن سولونق ذلك الرجل المهذب الكريم كان رجلا شديد الهدوء... وسكن معنا لفترة ضابط الصحة عطا عباس ايضا كان خدمة وطنية و بهذه المناسبة كان هناك عدد من ضباط الصحة اتوا لبرامج الفريق الصحي ايضا وكان هناك عدد كبير من الخريجين من تخصصات مختلفة ادوا الخدمة كمعلمين في ارجاء الولاية المختلفة.
    قمت بزيارة لمدينة كتم مع ناس المحلية حيث انها رئاسة المحافظة ففطرنا في فتابرنو تلك المنطقة الجميلة ومن ثم الي كتم تلك الواحة الظليلة حيث قضيت ليلتي مع د كباشي.ايضا قمت بزيارة لسريف بني حسين حيث د. الطيب (فروجي) و كذلك سرف عمرة (د.ابوبكر) و عرفت لماذا حضر اليها د.ابوبكر الصادق قبلنا و اختار سرف عمرة.
    من الطرائف (معليش ابوبكر) التي حكاها لي د.ابوبكر في سرف عمرة انهم زاروا احد العمد في طواف لهم و كعادة أهل المنطقة كان عايز يذبح ليهم خروف لكنهم اعتذروا بانهم ذاهبون لاكمال طوافهم فحملهم الخروف وعندما وصلوا وأرادوا ذبح الخروف إقترح عليهم ابوبكر وقال لهم ما في داعي نذبحه واحسن نبيعه نستفيد من قروشه وحيث ان السوق قريب من السكن..اشترط عليهم ان لا يبيعوه حتي يوافق هو علي السعر ..المهم بقوا رايحين جايين يخبروه بالسعر العايز يشتري به الزبون حتي جاب سعر كويس فتم بيعه واكتشف ابوبكر بعد ذلك ان مشتري الخروف هو الشخص الذي اعطاهم له كهدية حيث اتي للسوق ووجد خروفه معروض للبيع و خروفه من النوع الممتاز فاشتراه.. انا بعد أن حكي لي ابوبكر القصة دي وهو يضحك...وددت لو أنني دخلت تحت السرير هههه ههههه .. بعدها أبوبكر برر ذلك بالحوجة للفلوس للوقود لاكمال رحلتهم الى الجنينة
    كان لدي د.حسن رجل كبير في السن يطبخ له وكان من الواضح انه ليس بطباخ لكن اهو عمل و خلاص ..كان تقول ليه جيب شاي من السوق يجيب توم وتقول ليه جيب توم يجيب زيت...و كان بعد أن يعد الفطور لنا اقول له أقعد افطر معانا يقول لي انا ما عايز فولكم دا انا بفطر ببغو ..و انا ما كنت عارف البغو دا شنو وفي يوم من الايام قال لي اجيب ليك بغو قلت ليه جيب البغو البتفطر بيهو دا النشوفو فكان ان أحضر لي كورية تبقبق قلت ليه دي ما مريسه!!! قال لي دا بغو ساكت.
    كنت بسخر منه وانه لا يعرف غير كبكابية حتي فاجأني يوماً بسؤال عن سان جيمس بالخرطوم فالتفت اليه مستغربا انت يا عم صالح العرفك بسان جميس شنو؟.. فقال يا والدي انا ما كنت عسكري في الحرب العالمية وكنا في شمال افريقيا ...وبمناسبة الفول كبكابية بتنتج واحد من اجود انواع الفول وبتكلفة بسيطة جداً لكن للاسف للاستهلاك المحلي فقط.. وكيف يرحل؟
    بالرغم من اننا كنا في اكثر المناطق شهرة بالنهب الا انني كنت مطمئن اطمئنان شديد ،ما عارفه جاي من وين، باننا لن يحدث لنا شئ .في مرة كنا في طريقنا للفاشر تحركنا بعربة منظمة save the child.
    وبعد ماتجاوزنا جبال كاورا ومع نور العربة ظهر لنا شخص يلوح بقميصه في اشارة لكي نقف له في واحدة من اخطر اماكن النهب عندها الناس بتقطع النفس... لكن السواق قال له عشان بقيف ليك وتلقاها عند الغافل وداس بنزين عرفنا فيما بعد ان عربة لوري كان يتم نهبها وعندما ضرب فيهم نور عربتنا فر هذا الشخص.الملاحظ كان عربات الصحة لا تنهب حتي ان د.حسن قال مرات كان بجيب المرتبات من الفاشر لمستشفى كبكابية بعربته و لوحده.... مرة واحد من النهابه التائبين قال لي نحن ناس دواس و مشاكل ولو اتعوقنا بودونا للدكتور ما بسألنا الضربك منو بعلاجنا وخلاص فكيف ننهبهم . .والدكاترة تاني ما بجونا في دارفور...منطق برضو مش كدا؟

                  

06-25-2016, 04:21 PM

dardiri satti

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 3060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    Quote: منطق برضو مش كدا؟


    أيوا ... كدا يادكنور
    الأذان أذن ... وما قدرت اقوم للفطور لحدي ما أكمل ...
    شكرا لكم ... شكراً على متعة الأنس
    تحياتي
                  

06-27-2016, 10:49 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    up
                  

06-27-2016, 01:25 PM

نزار يوسف محمد
<aنزار يوسف محمد
تاريخ التسجيل: 05-12-2011
مجموع المشاركات: 4744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    شكرا أسامة
    سرد مشوق وملئ بالمعلومات . نحتاج لمثل هذا التوثيق ا
    لمهنى لفهم الواقع ومن ثم العمل على معالجته فنيا وبكل إحترافية .
                  

06-29-2016, 09:48 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    شكرا يا نزار على المتابعة
    نعم السودان واعد ان صدقت النوايا وأمتلكت الارادة
    عندما ذهبت في احدى جولات التحصين ..رأيت المواطن السوداني في تلك المناطق البعيدة عن المركز يغالب الطبيعة القاسية ولا معين له من البشر سوى خواجات المنظمات غير الحكومية ولا حكومة سوى الادارة
    الاهلية التي تطاردهم من أجل جباية ضرائب القطعان عن حيواناتهم التي يرعوها ويعالجوها ويحمونها دون عون حكومي يذكر
    أبديت سخطي للمساعد الطبي وهو من أعيان الادارة الاهلية أن كيف للادارة الاهلية أن تتسلط على أهلها وتأخذ حق الناس (نيابة عن حكومة لم توفر لكم ولهذه القطعان شيئا) فللحكومة واجبات في توفير الامن والرعاية الصحية للراعى قطعانه وتوفير المياة
    وقد رأيت كيف أن منظمة غير حكومية أقامت بمنطقة عين بسارو خزاناً حبست فيه المياه الموسمية لتتوافر أغلب أيام العام مما أدى الي هجرة موسمية لفرع من الكبابيش( العطوية) لتلك المنطقة وقد طعمنا (تحصين) أطفالهم أثناء تواجدهم هناك

                  

07-01-2016, 01:59 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    up
                  

07-02-2016, 12:37 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    ايام شمال دارفور

    الجزء الثالث عشر

    الخدمة الوطنية الالزامية

    قد لا يختلف اثنان في أهمية وجود الخدمة الإلزامية كرافد مهم لسد النقص في خدمات الدولة، عسكرية كانت ام مدنية خاصة في تلك الدول التي تعيش حالة استنزاف دائم لمواردها البشرية في هذين القطاعين الهامين لاستمرارية الدولة وتأمينها ، وفي الدول الشمولية تكون لها مهمة أخرى تتعلق بترسيخ و شحن المجندين بمفاهيم ورسائل مشروع الدولة الفكري والعقدي ان وجد وتكون أداتها الماضية في تشكيل عجينة الشباب وفق حوجة النظام دون أن يكون هنالك فكر منافس أو نقاش حر

    وبالقياس نجد أن الخدمة الإلزامية المسماة وطنية في السودان لم تحقق ذلك بل أدعي بأنها لم تعمل على ذلك .. ما تم من ممارسات باسم الخدمة الوطنية من قبل هذا النظام من اذلال وامتهان للكرامة لا يمكن أن يكون عملاً وطنياً يحبب الشباب في خدمة الوطن وحماية أرضه . فلا الكشات ولا المعاملة المهينة في مقراتها يمكن أن ترتبط في ذهن المجند وأسرته بمفهوم الوطنية والفداء .. كان ذهاب الشباب للمنسقيات في حد ذاته مغامرة تدخل الهم والغم والخوف من المعاملة المهينة التي يجدها هناك ولعل جيلي كله لايزال يذكر نائب المنسق الذي كان مجرد ذكر اسمه ( لا أستحضره الان) يثير الكراهية و الغثيان وهو يتعمد إهانة المجندين الجامعين خاصة الاطباء وكان كثيرا ما يكرر أنه قد فاته دخول الطب بدرجات قليلة . . .لم يكن إهدار الكرامة والاحساس بالمهانة هي الحاجز الوحيد بيننا والخدمة الالزامية، فكأطباء كان لنا رأي وقضية واضحة على الاقل بالنسبة لنا اذ كنا على قناعة بضرورة تمكيننا من تسير مستقبلنا وتطورنا المهني في أقصر فترة ممكنة تماما كما بقية المهن علما بأننا كنا من أوائل الدفع ضحايا تمديد فترة الامتياز لسنتين ،بالإضافة لفترة الشدة والتي قد تطول أو تقصر حسب منطقة عمل الخدمة الريفية (الشدة) ..ليضاف لها فترة الخدمة الالزامية وبذلك يقضي الطبيب من ٤-٥ أعوام قبل البدء في تكيف مستقبله المهني . . وبما أننا أخترنا ان نكون اطباء كنا على قناعة بأن سنوات وزارة الصحة سنوات مستحقة على ان يتم التفاوض معها لانقاص سنتي الامتياز الى سنة واحدة .. لم نترك الامر دون محاولات خلق رأي عام وسط الاطباء و تجميع المتضررين والتواصل مع كبارنا ولكننا فوجئنا بحالة الخوف الذي يعيشه الوسط الطبي بعد التكلفة الباهظة التي دفعها نتيجة اضراب أول التسعينات وبعد فشلنا في احراز أي نجاح في هذه المسألة على مدار عام من الحراك ،كان ان اتخذنا قرارنا بالذهاب الى دارفور كما ذكرت في الجزء الاول ..
    الجدير بالذكر أن اول تجنيد للأطباء قبل فترة الامتياز طبق على زملائنا ونحن تقريبا في نهاية الامتياز وهذه الدفعة دربت في المعسكر المعروف باسم قبر الكلب وهو معسكر ذو سمعة سيئة تقارب سمعة بيوت الاشباح ... وأذكر أن أحد زملائنا الذين كانوا على عجلة من أمر إكمال ما يليهم من جبايات عمرية قد ذهب الى قبر الكلب وأكمل تدريبه هناك وكان يأتينا بأخبار مطمئنة من هناك وفي نهاية فترته دعى ضباط المعسكر لوليمة بمنزل أسرته وعند حضور الضباط تعمدوا درشه درشا معتبراً أمام والديه مما دفع بكثير من الذين أقنعهم زميلنا هذا بالذهاب لقبر الكلب وكانوا حضوراً لتلك الوليمة أن يغيروا رأيهم ...

    في وقت ما ظهر تنافس بين ادارة الخدمة الوطنية والسلاح الطبي حول ادارة الاطباء المجندين وقد كنت أعتقد أنه من الافضل لنا أن نكون تحت اشراف زملائنا الأطباء العسكريين بدلا عن الاهانات والتعامل السيء في المنسقيات ولكن اتضح لي بأنني قد أحسنت الظن بهم كثيراً إذ قام الرائد طبيب الذي كلف بالمهمة فور إستلامه لمنصبه بعمل كشة للأطباء بكافتيريا مستشفى الخرطوم مما أدى الى تزايد غضب الأطباء ولم يهدأ الوضع الا بعد اعتذار عوض الجاز نيابة عن الدولة وقد كان في ذلك الوقت الوضع أصلا متوترا بين الاطباء والحكومة ... لا يداخلني الشك أن اطباء الخدمة الوطنية قد وفروا مصدرا هاما للقوات المسلحة فلم يكن معروفا قبل ذلك ان الاطباء العسكريين يدفع بهم الى المتحركات القتالية وهو الامر الذي أصبح عاديا بعد الخدمة الوطنية ورغم العدد المقدر من الشهداء والمفقودين والأسرى من أطباء الخدمة الوطنية لم نسمع بحدوث ذلك وسط الاطباء العسكريين اذا استثنينا قائد السلاح الطبي الذي قتل في حادثة طائرة أبراهيم شمس الدين
    .. وعلى صعيد مجموعتنا وكما ذكرت سابقاً كان الهدف من ذهابنا الى دارفور ان ننجز مطلوبات او اشتراطات التقدم المهني المتمثل في الخدمة الإلزامية وفترة الشدة في سنة مدمجة وهو النهج والحافز الذي سارت عليه الولايات لإغراء الأطباء للعمل بها.....

    أعلن لفتح معسكر تدريبنا للخدمة الإلزامية في النصف الثاني من فترتنا بها وقد كنت وقتها في الخرطوم التي كنت قد ذهبت اليها لأمر أسري طارئ ... حينما عدت للفاشر كان قد مضى ما يقارب الأسبوعين على فتح المعسكر وكان معسكرا مغلقا ... ذهبنا له بعد عدة أيام من وصولي للفاشر حسب الترتيب الذي أعد بإتفاق بين وزارة الصحة الولائية وإدارة الخدمة الإلزامية حتى لا تترك مستشفيات الفاشر دون اطباء ...كانت هنالك مجموعة قد سبقتنا الى المعسكر من ضمنها معاوية الشفيع ... ولحقت بهم رفقة خالد تاج السر ،مزمل عبدالعزيز وحسن موسى كبير...وقبل ذلك بيوم حلقنا الصلع وتجهزنا نفسيا لدخول المعسكر ... عند وصولنا للمعسكر مساءً, تسلمنا النمر والملابس والاحذية وبعدها مباشرةً أدخلونا في رياضة خفيفة لأننا كنا قد وصلنا متأخرين ثم بعد الادارة ذهبنا لسكننا وهو كرنك يسكنه المجندين الاطباء...سريعا معاوية الشفيع عمل لنا تنوير وارشادات في كيفية التعامل مع التعلمجية ومسئولي المعسكر.. كان من المتوقع خروج معاوية وبقية الاطباء فور دخولنا ولكن تم ابقائه وهو أمر اثار في كثير من التوجس والريبة وحسبت ان الامر له علاقة بشكوى معاوية ضد ضابط الخدمة الوطنية و التي سبق ذكرها في الاجزاء السابقة ولكن معاوية حرص على تطميني بأن الامور تحت السيطرة ... صحينا اليوم التالي باكرا وأخدنا حمام سريع وصلينا الصبح ومن ثم بدأت طوابير الصباح ..البداية كانت ب في حماك ربنا في سبيل ديننا وهو النشيد الذي يبدأ به التدريب كل يوم وبعد التمارين الصباحية وعلى الساعة العاشرة صرفنا للإفطار وكان قد بلغ مني الاجهاد مبلغا حتى احسست بالمرارة في حلقي وكان الفطور عدس وكنا نتحلق كل عشرة مجندين حول صحن وكان اغلب عشرتنا من المجندين الجدد وكلنا تقريبا لم نستطيع الاكل فوزعنا خبزنا على البقية فأنجزوا الصحن كاملا... حضر أحد التعلمجية ونظر لصحننا النظيف وقال الصحن دا أكله المجندين الجدد؟ فقلنا ..نعم .. .. قال تدريب دا ما مظبوط لو كان مظبوط كان حلقك صار أشبه بمريض الملاريا ( اسأل تعلمجي ولا تسأل طبيب) وبالضبط دا كان مذاق الطعام في حلقي ...نادى تعلمجي على تعلمجي أخر أقل رتبة وطلب منه درشنا حتي تصير حلوقنا ملاريا...ملاريا أو كما قال وكان التعلمجي المكلف بدرشنا صغير السن ،طيب القلب أول ما بدأ معانا قال الحلقه ببقى ملاريا.. ملاريا ممكن ينصرف ... رفعت ايدي و انصرفت ثم تبعني الاخرين ...
    أيضا من الطرائف ايام المعسكر المفتوح ان رجلي تورمت تورم شديد ... نصحني بعض الاخوة بوضعها في الجبص وازوغ بذلك من باقي التدريبات والبعض الاخر نصحني بمواصلة التدريبات ولا أنقطع ..المهم واصلت التدريبات وكان قد خف الورم صباح اليوم التالي وعندما ذهبنا الى المعسكر وكان قد بدأ اعدادنا لجري المسافات الطويلة تدريجيا ... كنت اتوقع أن تكون الجكة اتجاه الفاشر فإخترت الصف الاخير وما أن بدأنا في التدريبات الرياضية تم إدارة الطابور في الاتجاه المعاكس لمدينة الفاشر لأصبح في الصف الاول بدلا عن الصف الاخير ومن ثم بدأنا في الركض وفور خروجنا من سور المعسكر وكانت الارض عليها حفر صغيرة من مشي الابقار عليها ...المهم لم يمضى وقت طويل حتى بدأت أثقل الخطى وأحس بالألم فأتأخر الصفوف ..الثاني الثالث ، الرابع حتى وصلت صف معاوية عبدالقادر الذي اصبح يتأخر معي وهو يضحك ..قلت ليه يازول الموضوع دا ما فيهو ضحك أمشي كمل الجكة بتاعتك , قال لي: أفوتك وين انا ..انشاالله افوتك مكسر .

    من الطرائف أيضا تمارين (البش أب) دي ابت لي كلو كلو . .. وما في طريقة تتصرف فيها ... التعلمجي اللابس فنيلة ادريس دبي الذي ذكره معاوية الشفيع اتلحني ليك وتوعدني ... في الادارة بالليل، نادى التعلمجي: مستجد ما يعرف يعمل بشّام (push up) يطلع برة .... مع محاولتي الخروج خطوة للامام واحد من المجندين قال لي طنش .. لما طنشت التعلمجي طنش ... شكرت المجند على النصيحة ..قال لي يازول انا خفت على نفسنا من السهر ...يا أخي لو بطريقتك بتاعت الصباح ديك لحدي الحول القصة دي ما بتظبط معاك...
    حادثة اخرى يوم خروجنا من المعسكر المقفول حضر الينا الأخ يحي سائق عربة الميز ليقلنا للميز حوالي الساعة العاشرة وكنا قد انتهينا للتو من التمارين الصباحية فحملنا اغراضنا مسرعين للعربة كأننا كنا خائفين من أن يغيروا رأيهم ويبقوا علينا في المعسكر...انطلقنا الى الفاشر وفي الطريق قابلنا موظفات من الوزارة وركبناهن معنا وركب بعضنا في صندوق العربة ( بوكس دبل قبين) ويبدوا أن شكلنا ورائحتنا أدخلت فيهن حزنا وتأثرا بالغين فقالت إحداهن والدمع يغالبها و يفر من عينيها والله الحكومة دي كلو كلو ما كويسة بالله شوف عملت في الدكاترة ديل شنو!؟!
    واصلنا بعد ذلك في المعسكر المفتوح...حتى ضرب وباء الكوليرا ولاية شمال دارفور وطبعا تكتمت عليه الوزارة المركزية بل أنكرته عندما أذاعته ال بي بي سي فتم اخراجنا من المعسكر نهائيا وارسالنا لمحلياتنا وقد قام الاطباء الذين كانت محلياتهم جزء من مناطق الوباء بعمل عظيم في مكافحة الوباء وقايةً وعلاجا ً.. و رغم شح الامكانيات المتوفرة لهم استطاعوا أن يقللوا من الوفيات ومن انتشار المرض حتى لم تعد تسجل حالات جديدة.. كنا متأكدين أنه لولا قرار د. خليل لما سمح لنا بالخروج لمعالجة المرضى والسيطرة على المرض ولو هلك الناس جميعاً. ..
    في اخر فترة التدريب طلب منا العودة للمعسكر لضرب النار فذهبنا وامتنع جزء أخر عن الذهاب بعذر شرعي( العسكرية تصرف) .. .. وصلنا مساءً ولم يكن هنالك وقت لكثير من التدريب على السلاح فركزنا على كيفية أطلاق النار فقط ... كنت مصرا على ضرب النار وكنت أعتبره الثمرة الأساسية لفترة الخدمة الالزامية... عندما ذهبنا الى ساحة الرماية في صباح اليوم التالي وهي تبعد مسافة طويلة عن المعسكر نقلنا اليها بشاحنات الZY الضخمة ... كذلك الماء والطعام و جميع ضباط و ضباط الصف والجنود العاملين في المعسكر ،كذلك بعض ضباط فرقة الفاشر وكان الجو إحتفاليا الى حد ما ... وصلنا تلك المنطقة النائية وبدأت تدريبات اصابة الهدف والغريبة أن الذين كانوا دقيقين في إصابة الهدف من أبناء دارفور كان العساكر يصفوه بالنهابي نسبة لجماعات النهب المسلح الذين اشتهروا بالمهارة العالية في الرماية... بعد الافطار دلقوا جميع براميل المياه على الارض وتخلصوا من باقي الاكل لنكمل باقي اليوم دون أكل أو شرب ولا أدري حتى اليوم ما هي الحكمة من ذلك ثم استمر ضرب النار ولاحظت اننا لم نتوقف لصلاة الظهر وتقريبا أكمل جميع المجندين ضرب النار بين صلاة العصر والمغرب لينادي لصلاة الظهر والعصر جمع تأخير فصلينا وتحركنا للعودة لشالا ( المعسكر) الذي وصلناه ليلا


                  

07-04-2016, 11:04 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    أيام شمال دارفور

    الجزء السادس عشر

    شخصيات شكلت جزء من اللوحة

    خليل ابراهيم

    رحمه الله رحمة واسعة وتقبله شهيدا بما ختم به حياته وجعل شهادته كفارة لسنوات شراكته مع نظام الفساد والاستبداد
    لم يكن معروف لدينا قبل نيتنا التوجه الى دارفور .. بعدها بدأت المعلومات تترى عن شخصيته (الكوز الدباب) بما يناقض الشخص الماثل امامنا و نراه ونقابله طوال فترة تواجدنا في دارفور فقد كان ذي شخصية لينة الجانب في تعاملها معنا مع حزم عند اتخاذ القرار ،قلبه معلق بحركته الاسلامية في مركز قرارها وساعده يدفع به عن دولتها في الاطراف البعيدة عن مكان تكليفه الوزاري و كان على اعتقاد ان كل اعمالهم تقع في باب الاجتهاد ذو الأجر والأجران فيصيب في تثبيت أركان دولتهم فينال أجران ...رضاء المركز عنه ومغالبة عملاء الاستكبار و يترك (يجلي) مهام وظيفته كوزير معني بصحة المواطن في ولايته بحسبانه جهاد اصغر وفي ذلك ينتظر الاجر الواحد ...بالرجوع لشخصيته وتكوينه النفسي وعلاقاته بمحيطه سألنا من عاصروه في عهد الطلب فكان أن اجمعت الأراء على سلبية أدواره خاصة في معارك العنف الطلابي لا يفرق في ذلك بين ذكر أوأنثي.. كنت قد رافقته في سيارة خصصت له من مكتب تنسيق الولايات الى مستشفى ام درمان وذلك قبل ذهابي لدارفور وعند دخولنا لمكتب مدير طبي مستشفى ام درمان وكانت المدير الطبي وقتها منكبة على ورق تراجعه فألقينا عليها السلام فردته ليس بأحسن منه ولم ترفع عينيها عن الورق الا بمقدار النظرة الأولى التي هي لها ولم تزدها مثقال لمحة ودعمتها بدعوة للجلوس ... وقد بدا لي ان د.خليل لم يرتاح لهذه المقابلة فاسرع بسؤال لا يخلو من تعجب، الظاهر عليك ما عرفتيني يا دكتورة؟ ... سارعت الدكتورة باكمال توقيعاتها ووتحركت لتجلس على كرسي كان بمقابلتي ..ثم اجابت ..كيف ما بعرفك يا خليل انا ما جيتكم مع فلان وفلان في جامعة الجزيرة وأسسنا ليكم التنظيم . تغيير حال خليل وصار كما التلميذ و قال هي يا دكتورة ..... انتي ما شيختنا .. وتحدث بأدب جم عن تلك الايام وعرج لفترة توليه ادارة مستشفى امدرمان اذ انه كان مديرا طبيا لها ،حينها رأيت ان اترك الدكتور وشيخته لذكرياتهم المشتركة .. .. وشهادة من عاصروه فترة عمله كمدير طبي لمستشفى امدرمان كانت أشد مرارة من شهادة من زاملوه في الحركة الطلابية و أورد أخفها وطأة على محبيه
    "تميزت فترة توليه منصب المدير الطبي لمستشفى ام درمان بالعنف والارهاب والمعالجات الامنية لكافة قضايا المستشفي... في العام 1990 وبعد قمع اضراب الاطباء كان مدير م. ام درمان د.عبد الجليل محمد والمدير الطبي قد هاجر للسعودية وكانت م. ام درمان عبارة عن ثكنة للامن لان عددا كبيرا من النقابيين كانوا بها فاحضروا خليل من معسكرات التدريب والجهاد ليكون مديرا طبيا ولكنه في الواقع كان نزقا متعجرفا متشككا يعامل الاخصائيين وكأنهم سخرة لديه مما سبب تذمرا واسعا وكثرت اصطداماته مع الاطباء وهكذا رفع المدير للوزارة عدة شكاوى ولكن يبدو انه كان مسنودا من الشيخ الترابي شخصيا ولكن التذمر والتهديد بترك المستشفى من كبار الاطباء تواصل حتى اضطرت الوزارة لسحبه وتعيين آخر مكانه ومنها اعتقد ذهب اميرا للمجاهدين بدارفور ثم وزيرا ... كانت فترة عمله قصيرة كمدير طبي لا تتجاوز بضعة اشهر ولكنها ظلت بأثارها السيئة لعدة سنوات"
    ذلك كان سلوكه عندما كان صغيرا في هرم السلطة و يبدو أن كان يطور قدراته القيادية مع صعوده سلم التنظيم والسلطة ليتمكن من إستيعاب المختلف فكريا وسياسيا .... و يعتقد البعض أن شعوره بقيمته كأصل عالي القيمة في رصيد الحركة الاسلامية تعاظم حينما استدعته قيادة التنظيم والدولة لانقاذ جوبا حينما بلغت القلوب الحناجر وانجزت رعود الامطار الغزيرة اغلب مهامها ولم يتبقى لها الا أن تغرق مياها الجارفة جوبا ...فتولي تجييش المجاهدين وقد كنا شهود على جهده في انقاذ دولة الترابي- البشير وقتها ولم يعد لولايته الا بعدما قام بما كلف به...
    لفائدة القراء نذكر بالمعروف من سيرة الرجل اذ تم بعد ان فارقنا الولاية اعادة استثمار همته العالية وولائه التام للتنظيم في ولايات أخرى ولكن الملاحظ أنه رغم عطاء د.خليل الكبير لم يتم ترفيعه في السلطة التنفيذية فقد ظل يدور في نفس المستوى الولائي حتى مغادرته السودان للدراسة في هولندا وعندما عاد كان النظام والتنظيم قد انقسم فقال قولته المشهورة والتي رواها عبدالرحيم عمر محي الدين في كتابه عن الحركة الاسلامية (لا يستحضرني اسم الكتاب الان) ..حينما وجد النتظيم قد انشق ووجد أخوانه الاسلاميين قد ولوا وجوههم شطر السلطة وتركوا شيخهم وحيدا ملوما محسورا يقلب كفيه على ما أنفق فيها من جهد حتى تصل الحركة الاسلامية للسلطة ... فسأل خليل إخوانه ان كيف لهم ان يتركوا الشيخ فقالوا أن الخيار كان بين الشيخ والسلطة فاختاروا السلطة فقال بل الشيخ فالشيخ هو من أتى بالسلطة ...فانحاز الى شيخه ثم بعد ذلك كون حركته المسلحة والتي ظلت تهمة أنتماءها للشعبي تطاردها الى يومنا وذلك لصدق ولاء د.خليل لشيخه .... أمر أخر في مسلك خليل الثائر حدثني به من أثق فيما يقول أنه التقاه في أجتماع لقوى معارضة أيام تسويق نفسه وحركته كجزء من المعارضة أن خليل في جزء من إجابته عن السؤال الذي ظل يطارده عن علاقته بالحركة الاسلامية والاسلام السياسي في جزئية من أجابته أوضح بأن للدين رب يحميه بمثلما حمى عبدالمطلب جد الرسول (ص) إبله و حمى الله بيته.

    يواصل د. معاوية الشفيع سيرة د. خليل

    كنت عائداً ميز الاطباء في أم درمان، من أحد "مشاوير الحيارى"، عندما أخبرني بعض الزملاء، بأن طبيباً يدعى هيثم دقش جاء يبحث عنى. عرفت فيما بعد ان الدكتور هيثم هو المدير الطبي لمستشفى الفاشر"التعليمى"، وانه حضر بمعية وزير صحة شمال دارفور، باحثين عن أطباء ليعملوا في حاضرة شمال دارفور ومدنها. وان صديقي سعود سلطان قد رشحني لهذه (المهمة المقدسة)،. سألت عمن هو وزير صحة شمال دارفور، فقيل لي أنه الدكتور خليل إبراهيم،(اتخرج من جامعتكم ياخى)، احتجت وقتاً للحفر في دهاليز الذاكرة، واخرج بما حكاه لنا، "سنايرنا" ،في كلية طب الجزيرة، عن حادثة عنف سياسي وحيدة، طالت الجامعة، حتى دخلناها نحن في أواخر عام الانتفاضة 1985, وتتلخص الحادثة في انه عندما (جن النميري)، واعلن عن "قوانين سبتمبر"، أصر طلاب "الاتجاه الإسلامي"(اسمهم في ذلك الوقت، وهذه سانحة لأشهد للترابي بالمقدرة الفائقة في نحت الاسماء الفضفاضة، لتسهيل"الخم")، اقول أصر طلاب الاتجاه الاسلامي على ان يخرج طلاب جامعة الجزيرة في مسيرة هادرة لتأييد ما أسموه بالشريعة، لكنهم اضطروا في النهاية للخروج منفردين، ثم عادوا الى الجامعة بقيادة خليل ابراهيم،لتأديب "المارقين"، فتفجر العنف، وخسرت الاقلية (الاتجاه الإسلامي)، في مواجهة الاكثرية، بقية ( طلاب الجامعة)، وعرفت تلك الواقعة ب(موقعة البرميل)، في إشارة الى أنه - عندما ثار النقع وحمى الوطيس- وجُد احد عناصر الاتجاه الإسلامي مختبئا في برميل.
    نعود الى هيثم دقش ووزير الصحة بولاية شمال دارفور. في مساء نفس اليوم حضر الدكتور خليل مع الدكتور هيثم الى ميز الاطباء، ويبدو ان اتصالاتهم قد أثمرت عن استجابة عدد لا باس به من الزملاء، اجتمع بهم د. خليل، واوضح عرضه المتمثل، في قضاء خدمة الزامية "مخففة"، وحوافز مالية، مغرية.
    بدا الرجل واثقاً منه ومتحدثاً كauthority، لا يرجع لأحد وان ما يقرره-هو- أمر نافذ، لا محالة، كان يتحدث بصوت خفيض، وبتهذيب، ويتعمد ان يوضح لسامعيه انه طبيب ويكن لمهنته، وقبيلتها كل احترام. وقد وجدت ان للرجل "كاريزما"، لا تخطئها العين ولا الأذن.
    كان ما كان من ذهاب اسامة معه-لزيارة شيخته-، وكان ما سردناه عاليه من ذهابنا إلى دارفور.

    الاحيمر

    إحيمر اسمه الحقيقي نايل كنده أو كنده نايل من أبناء جبال النوبة حملته أقداره الى الخدمة في ميز الاطباء واحداً من اسرى حركة داود يحي بولاد ...جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان الذين وقعوا في الاسر كان وقتها على ما أظن حراً حرية جزئية إذ لا تتجاوز حرية حركتهم مدينة الفاشر وفي نفس الوقت كان احيمر طالبا مجداً في احدى ثانويات مدينة الفاشر بالإضافة لعمله بالميز ... شاب لماح وصاحب بديهة حاضرة لا يتكلم عن أيام معارك بولاد وجيشه الشعبي كثيرا ... كنا أحياناً بعد أن نعود من المعسكر حينما أصبح التدريب في معسكر مفتوح ...نعمل نهاراً بالمستشفى وعصراً نذهب لمعسكر شالا للتدريب لنعود مساء للميز ... كنا احياناً نعيد بعض التدريبات وكان إحيمر يراقبنا بعدم صبر واضح على الاخطاء في التدريبات ....حتى تدخل يوما ليدربنا كأفضل ما يكون التعلمجي ... هذا كان مدخلنا للنقاش حول عسكرية الجيش السوداني والجيش الشعبي لأعرف لأول مرة انهم يقرؤون من نفس الكتاب وان كانوا يختلفون في العقيدة القتالية وادوات ترسيخها في المقاتلين ولكن تتطابق حد التوأمة التدريبات الرياضية والعسكرية والعلاقة السببية ظاهرة اذ ان اغلب قيادات الحركة العسكرية هي خريجة العسكرية السودانية ...
    كأغلب أسر أهلنا في الجبال كانت اسرة احمير موزعة بين الحركة الشعبية والجيش السوداني إذ لديه شقيق ملازم بالجيش السوداني... كان يعرف مشكلته وين وكيفية حلها ومن هو العدو ولا يخلط بينهم ... يعتقد انني ومعاوية متمردين بس أولاد خرطوم مما جعل تمردنا تمرداً نعاماً ولكننا في التمرد نحن وهو سواء ... لديه ملاحظات نبيهة جدا في مجمل الحياة واستأنس برأيه في كثير من الأمور الفاشرية... أمين جدا اذ كان يساعدني في ادارة الميز التي كانت دورية بيننا كأطباء فكان نعم المساعد الأمين ... كنت أتمنى أن أكون على تواصل معه ولكني فقدت أي اتصال به وقد علمت انه قد غادر الفاشر بعد سنوات قليلة من مغادرتنا لها ..وأتمنى أن يكون الله قد وفقه وحقق ما يصبوا اليه على الصعيد الشخصي فالحال على صعيد الوطن ماثل أمامنا ولا يخفى على أحد... وأكون شاكراً لو ساعدني من القراء من يعرفه في الوصول اليه

    معاوية أبكر يانس

    لم نلتقيه قبل دخول المعسكر كما الحال مع ثقيل الدم النقيب قائد الخدمة الوطنية في الولاية والذي كان كثير التردد على سكن الأطباء مطلقا الدعابات ثقيلة الدم التي ظاهرها وباطنها الوعيد باليوم الموعود يوم انخراطنا في معسكر التدريب الأمر الذي كان يصيبنا بكثير من التوتر كلما اقترب موعد دخول معسكر التدريب ، لم نرى الراحل الشهيد الملازم أول حينها معاوية ابكر يانس الا داخل المعسكر ...قائدا شبه مقيم به ...كان صاحب رؤيا مختلفة لمسألة الخدمة الإلزامية على وجه العموم وللخريجين على وجه الخصوص ، مثقف، مهذب تأريخه العسكري مشرف في الجيش أو حين تمرد عليه ... تجنب أن يكون له صداقات معنا رغم انه عاملنا بكثير من الاحترام أولا ..ثم صدقنا الود بعد انتهاءنا من معسكر التدريب ... إن لم تخني ذاكرتي هو من ابناء نيالا وتتوزع عائلته بين الخرطوم ونيالا...والده ضابط شرطة بالمعاش وأعتقد أن والده بعد ذلك تولى منصبا تشريعيا بولاية جنوب دارفور ... كان معاوية من ضمن القوة التي أنتزعت توريت (ابطال توريت - صيف العبور) من قوات الحركة الشعبية ... جاء الى الخدمة الالزامية بشمال دارفور يسبقه تأريخه العسكري الذي جعل له كلمة واحترام وهيبة وسط ضباط الصف والجنود في المعسكر ... كان يعتقد أن الجيش والحركة الاسلامية لا يلتقيان ولكن المال والطموح يفتحان باب الجيش امام الحركة الاسلامية وكان مجاهرا برأيه لذا لم اتوقع له الاستمرار في الجيش كثيرا ...اذكر أن هنالك ملازم من ابناء جبل أولياء من الاستخبارات العسكرية كان يتابعه كظله و كان معاوية يعرف أن الرجل يتجسس عليه وأذكر أنه قد قام بتسجيل جلسة مسامرة كان فيها كثير من الغناء والنقاش السياسي وقد فقد الملازم شريط التسجيل ومارس علينا كثير من الضغوط لمعرفة مصير ذاك الشريط ولم يحصل عليه وظل الشريط مجهول المصير حتى يومنا هذا....
    تم أخرجنا من العسكر لمواجهة وباء الكوليرا الذي عم بعض محليات الولاية فذهب جزء مقدر من الاطباء لمحلياتهم وبقي البعض بالفاشر يعملون بجد لمكافحة المرض و ظل الراحل في تواصل معنا ليتم استدعاءنا للمعسكر أستعدادا لضرب النار ...وصلنا ليلة ضرب النار واعطينا دروس مكثفة لنضرب النار اليوم الذي يليه ولم يتم ضمنا لطابور التخريج
    في الليلة التي تخرجنا فيها أخذنا الراحل في سيارته ضمن مجموعة من المتخرجين لمنطقة خلوية في اطراف مدينة الفاشر حيث جلسنا نتسامر ونغني حتى بعد منتصف الليل ومن بعد ذلك أصبح أخا وصديقا مقربا من الجميع ... كنت وكذلك معاوية الشفيع مشغولين بمسألة الانتماء للقوات المسلحة كمنظومة دولة يفترض فيها القومية والانتماء لفكر سياسي ...وكنت قد لاحظت غياب المنهج الذي يرسخ لعقيدة قتالية داخل المعسكر حتى في وجود المنسقين الملكية وادخال بعض الانشاد الديني على الجلالات في ظل تيار جارف ضد كل ما يمكن أن يطلق عليه شغل ملكية ساكت ...و الملكية تهمة ينكرها حتى الكوز قائد الخدمة الالزامية والذي كان يوصم من قبل عساكره بتلك التهمة لانه إنضم للجيش بعد تخرجه من جامعة الخرطوم ضمن كيزان التمكين.... كان الراحل يملك اجابات ذكية لاسئلتي وأسئلة د.معاوية الشفيع ...
    بعد اكمال فترتنا في دارفور ..تواعدنا على ان نلتقي في الخرطوم لاكمال أجراءات اخلاء طرفنا من الخدمة الالزامية وفعلا ذهبنا اليه في بيت أهله في جبرة بعربة عم عبدالقادر والد معاوية و للاسف وجدنا ملفات كل المجندين الا ملفي ووعدني بارسال ملفي فور عودته للفاشر وقد فعل.. بعد فترة علمت أن سعادتو معاوية قد انضم لجيش الأمة والذي تركه بعد أن عاد حزب الأمة للسودان حينما اصطادوا فيلاً في جيبوتي .. فأنخرط الثائر معاوية في الجيش الشعبي و كان قائد ثان الجبهة الشرقية حين أيام نيفاشا ومرض وتوفى (رحمة الله عليه) وهو يشرف على عودة جنوده للسودان..
                  

07-07-2016, 09:44 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    التهاني لجميع قراء سودانيز أون لاين وأسرهم بعيد الفطر المبارك
                  

07-10-2016, 05:48 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    فوق
                  

07-13-2016, 09:06 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    up
                  

10-02-2016, 11:30 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)

    الاعتداءت على الاطباء
    مؤسف جداً ما يتعرض له الطبيب السوداني من اعتداءات لفظية وبدنية ... ومن غير المقبول أخلاقيا ً الدفع بمبررات صر الو ش والتعالي في الوقت الذي لازالت فيه تبعات هذه الاعتداءات ماثلة

    العنف الرسمي لا يوجعنا مثل اعتداء مواطن يعاني ما نعاني فهي نيران صديقة رغم سبق الاصرار والترصد وهذا لا يعني أن يفلت أي مجرم اعتدي على كادر طبي من العقاب
    لا نعمم حتى لا نقع فيما نهينا عنه ولكن جزء من العسكريين حين ما يأتي الى المستشفيات المدنية يقصدها من أجل حظوة لا ينالها في المستشفى العسكري ودا مدخلي لرواية حادثة حصلت لأخونا معاوية عبدالقادر اثناء فترة الامتياز
    أعتقد سمح الكلام في خشم سيدو
    نخلي معاوية يروي الحادثة وهي الحادثة التي أدت لصدور قرار بمنع العسكريين من دخول المستشفيات المدنية

                  

10-02-2016, 02:24 PM

عبد الباقي الجيلي
<aعبد الباقي الجيلي
تاريخ التسجيل: 06-23-2004
مجموع المشاركات: 1613

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)


    د. أسامة عبدالحليم ....


    دائماً ما أعتقد أن الأطباء يجيدون التعبير عن المواقف والشخصيات أكثر من غيرهم ، لأن دراستهم وعملهم يطغى عليه التحليل والتشخيص ...

    واصل السرد الممتع ....

    مع تحياتي ....

    ومحبتي لكل من يحمل اسم عبدالحليم عبدالجليل ... ففلراحل معتصم في أفئدتنا ذكرى لا يمحوها تقادم الأيام والسنون ....
                  

10-03-2016, 11:08 AM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: عبد الباقي الجيلي)

    أهلا بعبدالباقي صديق ورفيق راحلنا معتصم
    اذكر أننا التقينا في اللاماب من 23 سنة وكنت انت رفقة فتحي محمد موسى
    لك خالص محبتي ومثلها لأهلك واحبائك وتحياتي لفتحي
    ورحم الله معتصم رحمة واسعة وجعل البركة في ذريته الى يوم الدين
                  

10-04-2016, 12:36 PM

عبد الباقي الجيلي
<aعبد الباقي الجيلي
تاريخ التسجيل: 06-23-2004
مجموع المشاركات: 1613

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: د.أسامة عبدالحليم)



    نعم هو ذاك يا دكتور ...

    ورحم الله فقيدنا الجميل معتصم .... وبارك في ذريته ....

    تحياتي وتسم
                  

01-10-2017, 01:03 PM

د.أسامة عبدالحليم

تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 453

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام شمال دارفور* ذكريات أطباء الخدمة الر� (Re: عبد الباقي الجيلي)

    نعود لهذا البوست في مقتلة نيرتيتي والجنينة .. جرحنا النازف ودمنا الذي يفيض فلا يروي ظمأ القتلة المتعطشين لمزيد من دمنا
    لطلاب ما قبل الانقاذ هل كنت تصدقون أن زملاءكم في السكن والدراسة يمكن أن يتحولوا لسفاحين
    شخصياً عندما غيروا هتافهم من فلتسل من الدماء الى فلتسل منهم دماء أو تسل كل الدماء كنت أعتقد أن الامر لا يتجاوز اظهار القوة والتمكين حتى جاءوا ببيوت الأشباح لاذلال الموطنين المناضلين واعلان الجهاد قتلا لمواطني الجنوب
    وتأتي دارفور لتكمل المأساة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de