1 لِيقرأَ سِيرتَكَ الكدحُ تضّافرُ الأشجانُ لاِستِيعابِ آهاتَكَ المكتُومةِ لِيغمُرَ المكانَ صوتُ كمانٍ سارِدُ غِناءَ الأحزانِ والظِّلالِ لن تعرِفَكَ اللُّغةُ، لِتغرِفَ لِغرقِكَ زوارِقُ أو ما يكفِي من الماءِ لِغرقٍ يليقُ أيهذا الذي كفَ كفُكَ عن الإِتِيانِ بأنجُمٍ من سماواتٍ قابِعةٍ في التِّلالِ البعِيدةِ كي تتهيّأَ في البيتِ خُبزاً ومدامَ هيأت لكَ قلبِي قدمينِ فأسكُبَ حرائِقَكَ.
2 وإن اِدّخرتَ حَزنَكَ في زوايا قصِيّةٍ عن مرمَى الدّمعِ، أو خلّيتَ شجوَ أشجانِكَ بين القصبِ المُرشّحُ بِأزمِنةٍ مجهُولةٍ لِيُصبِحَ ناياتً مشحُونةً بِالنّعِيقِ، ...، لن ينفعَ يا صدِيقِي إلا أن تستخدِمَ وإن لِمرّةٍ كُلَّ حِصّتِكَ في الصُّراخِ، أن تُحرِّرَ أدمُعِكَ بِطرِيقةٍ تخُصُّكَ، أن تهدُرَ بِاشتِياقِكَ كُلُّهُ لِلبِلادِ، أن تُجهِزَ على كُلِّ ما فيكَ من أرقٍ...
3 وهكذا أعدَّ العِيدُ كعكَ الأشجانِ فطرنَا في فضاءٍ حزِينٍ.
4 مرّةً أُخرى يتعرّى الشّارِعُ من مُوسِيقاهُ الصّخابةِ ويتجرّعُ من مآسيهِ الجّمةَ ألوانَ الشّجنِ.
5 ولكم تلعثمَ الكلامُ لما أنصتَ المدَى لِندِيِّ صوتَها واِكتشفَ الضّوءُ بينِي وبينِها أنهُ من رحِيقِ رُوحِها يستمِدُّ معناهُ والظِّلالَ.
6 ستُعِدُّ لِي من برِيقِ عينِيها هذا المساءُ سهرةً موفُورةُ النّزقِ مُفخّخةٌ بِالعِطرِ والغزلِ وبِدورِي سأستجِيبُ لِسحاباتِ الرُّوحِ ولن أتوانَى عن الغرقِ.
7 هل استنِدُ على جِدارٍ ينقضُّ حالما يلمحُنِي؟!
8 أدلِفُ بيتِي كالكلِمةِ التّائِهةِ في جُملتِها..
9 أنتَ تكتمِلُ بِالكلامِ وأنا أبدأُ بِالصّمتِ.. فلا تأخُذُنِي لاِكتِمالِكَ من حبلِ اِبتِدائِي..
10 ظلّ طيّبُ الرُّوحِ والملامِحُ، إن اِلتفتَ في فرحٍ أو أسىً تجِدُ أصابِعَهُ مُشتعِلةً لكَ لِتعبُرَ مُنعطفٍ ما، إن برأيٍّ صائِبٍ أو فِعلٍ، حتى بعد فِراقِنا الذي مضى عليه أكثرُ من العِشرينَ سنةٌ، حتى مع اِحتِجابِهِ المُخِيفِ عن أحلامِي، وعن فضاءِ صحُوِي، وعن تدفُّقِ نبضِي، وعن مُوسِيقى رُوحِي الجارِفةِ، وعن شُطآنِ أطفالِي التي أصنعُ قوارِبَها بِيدِيّ، وعن ضِحكتِي الدّافِئةِ بِضوضائِها...الخ، لا تدعُنِي يدُهُ المُختبئةُ بِمهارةٍ يخبِرها هو وحدهُ في عينِيّ حين تترقرقانِ أسىً على شيءٍ يشتعِلُ في طرفٍ ما من الكونِ، وطنِي... آهٍ كم تتلألأُ رُوحِي بِالأشواقِ إِليكَ...
11 لم أعرِفْ بعدُ كيف أمكننِي النّومَ لِتُراوِدُني أحلامُ صدِيقٍ بعِيدٍ لم أعرِفْهُ بعدُ وقد أخبرُونِي مُؤخّراً أن أحلامَهُ تمشِي أثناءَ النّومِ. لم أعرِفْ بعدُ كيفَ تحقّقتْ تِلكَ الأحلامُ وأضحتْ واقِعاً أعِيشُهُ بِدهشةٍ لا تفتُرُ، فقد تزوجتُ المرأةَ التي كان يحلُمُ بها هذا الصّدِيقُ، وأنجبتُ الأبناءَ الذين حلُمَ بِهمْ واسميتُهم بأسماء تخصُّهُ وهكذا وهكذا... الذي أعرِفُهُ جيداً أنه لو قُيضَ لِي الاِلتِقاءُ بهذا الصّديقِ فإننا سنلتحِمُ في معركةٍ الخاسِرُ الوحيدُ فيها هو هذه الأسرةُ الرّائِعةُ، ولأننا لن نقدِرَ على إِهدارِ الأحلامَ فإننا سنلتحِمُ بجسدٍ واحِدٍ سيُغادِرُ من أمامِ المِرآةِ لِيلحقَ بِاِجتماعِ عملٍ ما.. 6/7/2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة