|
Re: .. بضع ذكريات فنية وأخرى متفرقة طريفة.... (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
الله عليك يا عبدالرحمن و تحية خالصة أثرت فينا ذكريات جميلة لعروس الرمال و سنى دراستنا بها. بحكم عمل الوالد رحمه الله بمدرسة خورطقت الثانوية،فقد تلقيت تعليمى بمدرسة الابيض الأهلية بحى الميرم.
خورطقت نفسها كانت جامعة (بل أكثر) بمقياس اليوم، كانت داخلياتها تتنافس فى النشاط المسرحى ، كل داخلية كانت تحاول أن تبز الأخريات باستضافتها لأحد فنانى الأبيض المشهورين، صديق عباس، ابراهيم موسى أبا، عبدالرحمن عبدالله. كان التقليد أن يكون مقدمى الليلة من أبناء المعلمين (ضباط الداخلية) و كانت هناك جوائز فى نهاية الموسم لأفضل داخلية و يشمل ذلك تكريم أفضل المقدمين. جبت مع الوالد مدنا كثيرة بحكم تنقله من مدرسة إلى اخرى، ولكن فترة خورطقت كان لها وقع خاص لن يمحى من الذاكرة.
لك كل الود و التقدير.....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .. بضع ذكريات فنية وأخرى متفرقة طريفة.... (Re: Osama Siddig)
|
Quote: خورطقت نفسها كانت جامعة (بل أكثر) بمقياس اليوم، كانت داخلياتها تتنافس فى النشاط المسرحى ، كل داخلية كانت تحاول أن تبز الأخريات باستضافتها لأحد فنانى الأبيض المشهورين، صديق عباس، ابراهيم موسى أبا، عبدالرحمن عبدالله. كان التقليد أن يكون مقدمى الليلة من أبناء المعلمين (ضباط الداخلية) و كانت هناك جوائز فى نهاية الموسم لأفضل داخلية و يشمل ذلك تكريم أفضل المقدمين. |
شكرا لك أخي أسامة صديق وانت تحكي عن خورطقت تلك المنارة التعليمية التي حرمنا من الالتحاق بها بعد ثورة التعليم التي قام بها اللواء محمد طلعت فريد في أواخر عهد عبود .. والتي أنشأ إثرها مدارس ثانوية عليا عديدة في أنحاء متفرقة من السودان .. كانت مدرسة الأبيض الثانوية إحداهما وقد قبلنا بها.. مدرسة الابيض الثانوية إحتلت مباني مدرسة الأبيض الأهلية الوسطى السابقة و بنيت لكم تلك المدرسة التي درستم بها في ( حي الميرم ).. سعدنا بمشاركتكم ودمتم ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .. بضع ذكريات فنية وأخرى متفرقة طريفة.... (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
عقب تعييني بوظيفة مساعد المفتش الزراعي بفرع البنك الزراعي بعطبرة كان الإخوة من أبناء العمومة يزوروني هناك من آن لآخر، فقدم إلينا مرة الطيب عيسى وأبوبكر الفحيل وعمر الفحيل و أمضوا معنا أياما جميلة .. إحتفى فيها زملائي بالبنك بقدوم أشقاء زميلهم أمين.. تلك الزيارات رغم أنها سريعة وخاطفة.. غير أن الزملاء بالمكتب كانوا ينتهزونها فرصة للتعبير عن تقديرهم لي بكرمهم الفياض.. فيولمون ويطعمون.. يوم وصلنا الطيب أقيمت مأدبة وقام خبيرنا للحلة بتسبيكها و كانت وجبة غير مسبوقة .. غير أن الطيب ما أن امتدت يده للطعام حتى توقف سائلا، يا أخوانا اللحمة دي لحمة شنو فأجاب عبدالغفار أنها لحمة تيس.. فامتنع الطيب عن الأكل . .. و حزن عبدالغفار أن الضيف المحتفى به لن يشاركنا تلك الأكلة التي بذل فيه الإخوة جهدا كبيرا ، وأضطررنا أن نستأذن و نذهب للمطعم الذي كنا نرتاده أنا وزميلي في السكن أخونا عوض..وعوض هو سوداني غير أنه ولد في مصر وتربى فيها و جاء بعد التخرج ليعمل في السودان.. إعتاد عوض كلما جلسنا إلى إحدى طاولات المطعم أن ينادي الجرسون ويسأله عما لديهم .. ويعدد الجرسون و يحصى قائمة طويلة من الأطعمة.. لكن عوض بعد أن يستمع في أناة للقائمة يسأله أن كانت لديهم بامية. (عندكو بميا ). فيرد الجرسون بالإيجاب ويبادر عوض بأن يطلب منه طلبا من البامية .. هكذا كل يوم لا يمل عوض من ترديد سؤاله ذاك .. ولا ينتبه الجرسون إلى آخر المطاف هو طلب البامية.. ويوم وصلنا أبوبكر الفحيل تهيأ الزملاء لإعداد وجبة إفطار غير عادية.. وأحضر (نقد) الفسيخ ولوازم إعداده من البصل والصلصة والفول السوداني والشطة والليمون و بدأت مهمة تجهيز الإفطار.. وللمرة الثانية يصاب عبدالغفار بخيبة الأمل أن أبوبكر لن يشاركهم تلك الوجبة.. لماذا يا أبوبكر.. ولله متأسفين أمبارح قابلنا أخ عزيز كان معنا في الأبيض أيام الدراسة وهو الآن ضابط بسلاح المدفعية وقد دعانا لأن نفطر معه و نحن الآن في طريقنا إليه لتلبية الدعوة.. وهنا بعد الكثير من الإلحاح قبل الزملاء إعتذارنا وأخذنا عبدالغفار بالسيارة إلى بوابة سلاح المدفعية بعطبرة وعاد أدراجه.. أما صديقنا الضابط فكانت معرفتي به ضعيفة.. غير أنه كان أكثر معرفة بابي بكر.. التحق جنديا بالقوات المسلحة.. وشاءت إرادة المولى أن يترقى ضابطا إثر أحد الإنقلابات على النميري وعودته إلى سدة الحكم.. في داخل مباني السلاح سألنا عن الملازم فلان .. فدلونا على مكتبه.. وصلنا وقرعنا الباب .. وأذن لنا بالدخول.. جلسنا بعد التحية إلى كرسيين إلى جانب طاولة الضابط الكبيرة العالية.. وبعد دقائق توقعنا أن يدعونا مضيفنا إلى غرفه الطعام.. غير أنه سألنا مستنكرا.. إنتو يا أخوانا جايين تفطروا معانا.. أجبنا .. نعم.. طيب تجونا الساعة تسعة.. قلنا وماذا إن حضرنا الساعة تسعة؟؟ قال .. لا .. أنتو ما عارفين أنحنا قاعدين نفطر الساعة ستة صباحا !! صمتنا .. وأصابتنا الحيرة... ولله ما عارفين.. لا أنحنا هنا بنفطر من الساعة ستة.. تأكد لنا أننا أمام حالة فريدة من المواقف غير المعهودة طيب ليه ما نبهتنا من أمس يا أخي.. يمكن كان جيناك من الساعة خمسة.. لا .. أنحنا فطرنا من قبيل.. وقمنا من مجلسنا مغادرين.. و ودعنا مضيفُنا غير مبال و لا متأسف للذي حصل.. وقلت لأبي بكر .. دعنا نذهب عسى أن ندرك الفطور في المكتب.. وصلنا مكتبنا.. ووجدنا الجمع قد قضى علي صحن الفسيخ الشهي ولحسوه تماما.. فانطلقنا إلى المطعم الذي اعتدنا ارتياده مع أخينا عوض..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .. بضع ذكريات فنية وأخرى متفرقة طريفة.... (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
وأنا حديث التخرج عملت في البنك الزراعي بعطبرة و كنا نقدم سلفيات للمزارعين في المنطقة من شمال مشروع الزيداب حتى جزيرة مقرات في التخوم الشمالية لمنطقة الرباطاب.. وكنا أيضا نمول المترات والمشاريع على نهر عطبرة.. قدم الأستاذ حامد جعفر إلى البنك ينشد قرضا.. وجلس إلى مكتبي لأكمل له إجراءات التسليف..ثم لاحظ الأستاذ حامد إسمي مكتوبا بالكامل أمام طاولتي و سألني إن كنت إبن الأستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى الذي كان مفتشا للتعليم في مديرية دارفور في أوائل الستينات ورددت بالإيجاب.. فنهض الرجل يحييني بحفاوة وترحاب مرة ثانية وقال لي أنت لا تعرف المعروف الذي أسداه لي والدك، فقد كنت حديث التخرج وتم تعييني في مدرسة نائية في أقصى جنوب دارفور.. شددت الرحال إلى هناك لكني إضافة للبعد والمشقة رزيت بالعمل مع ناظر سامني من المعاملة غير الكريمة ما لم أقدر على احتماله.. و حررت خطابا لمكتب التعليم طالبا نقلي.. كان رد مفتش التعليم انه سيمر على المنطقة في ظرف وجيز وسوف يعمل على حل مشكلتي.. وبالفعل جاء المفتش غير أنه بعد أن درس حالتي.. إعتذر لي أنه لا يستطيع نقلي من مديرية دارفور لمديرية الشمالية.. لكنه قال لي سوف أنقلك إلى مدرسة ستسعد فيها بمن ستعمل معه.. ولقد نقلني إلى مدرسة كتم .. وكان ناظرها الأستاذ إبراهيم شيبون.. ولعمري لقد صدق الأستاذ عبدالرحمن عيسى.. فلم أر من قبل ولا من بعد من يماثل الأستاذ إبراهيم شيبون خلقا ..
قلت له مفتخرا، وإبراهيم شيبون هو أيضا أخي الأكبر.. تذكرت في تلك اللحظة والدتي زهرة بت الفحيل والبشر بائن في وجهها و إبراهيم قادم من كتم من دارفور.. تلك كانت أول مرة أشاهده فيها وكنت الحظ تلك المودة والمحبة البادية في وجه إبراهيم وأعجب حين أسمعه يدعو والدتي بأمي زهرة.. وعلمت إذاك أن إبراهيم هو ابن خالتي عائشة بت الفحيل الأخت الكبرى لأبناء الفحيل والتي توفيت مبكرا..
وابراهيم شخص غير عادي.. رجل أتم مكارم الأخلاق.. شهم ، كريم، بار بوالده وإخوته وأهله.. وسيم طلق المحيا، جميل و صارم في غير قسوة..لا يخشى في الحق لومة لائم، دعي ذات مرة لإجتماع يعقده والي ولاية شمال كردفان وكان وقتها ( فيصل مدني مختار) في أوائل عهد الإنقاذ وتأخر وصول الوالي ساعة كاملة والجميع في انتظاره، ثم لما حضر إعتذر للجمع عن تأخره وشرع في حديثه.. غير أن إبراهيم تصدى له قائلا أن ليست تلك سمات القادة، وأخبره أن العديد من الناس تعطلت مصالحهم وهم في إنتظاره، ونصحه أن من الأحرى أن يكون أكثر دقة ولا يتأخر وتعجب الحاضرون من هذا الذي ينتقد الحاكم.. غير أن الوالي إعتذر ثانية ووعد أن يكون دقيقا مستقبلا.. كان كثيرا ما يؤمنا لصلاة الجمعة في مسجد حاج جقود، وكنت أجد في خطبه مواضيع غير مطروقة وتربية بناءة للمصلين تخللها مواضع الآيات الكريمة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية.. والمصلون كنت تجدهم مشدودين إلى الخطبة منتبهين ويودون لو لا تبدأ الصلاة ولا ينقطع الإمام عن حديثه.
حدث ذات مرة خلال عمله بالتربية والتعليم أن وجد أحد زملائه على غير العادة حزينا. وسأله عما به.. فأخبره زميله بما كان من أبناء عمومته وبناته لما تقدم لخطبة إحداهن... كيف أنهم رفضوه وأساءوا إليه بسبب أصل والدته التي هي من جنوب البلاد.. قال له إبراهيم، أيفعل أهلك بك هذا ؟؟ أشهد ألله أنني أزوجك الآن أختي.. وكتب إبراهيم إلى عمه وقال له " لقد زوجت أختي فلانه بزميلي فلان" وبالفعل كان رد عمه أن نعم الزوج الذي تختاره أنت لابنة عمك. وفي أيامه الأخيرة.. قابل شخص العم نصري عبدالوهاب وطلب منه أن يزورا إبراهيم في بيته الثالث الجديد، فقال له نصري أني أعرف أن لإبراهيم بيتين فقط.. لكن الشخص قال له لقد بنى إبراهيم بيته الجديد وهي دار فسيحة تشع بهاء وضياء فيها سرير في وسط المنزل عليه فراش أبيض.. وقال إن إبراهيم كان في انتظارهما هناك.. تلك رؤيا حكاها لي العم نصري وقال لي لقد عرفت بعدها أن إبراهيم سيغادرنا قريبا...
وفي أم روابة كنا أنا وأبن خالي أبوبكر الفحيل ذات يوم ضيوفا على إبراهيم في منزله الحكومي حيث كان يعمل في مكتب التعليم بعد الظهر.. تغدينا وتوجه إبراهيم إلى داخل منزله ليستجم بينما سولت لنا أنفسنا ذلك اليوم أن نقوم بمغامرة ما.. فقد ترك إبراهيم مفتاح العربة الميركوري تحت الوسادة في السرير الخارجي المفرش في تلك المظلة.. أخذنا المفتاح وأدرنا ماكينة العربة وأنطلقنا نجوب بالعربة شوارع أم روابة الفسيحة .... عدنا بعد ساعات .. لنجد إبراهيم وسائق العربة وأهل بيته في الشارع في انتظارنا.. أوقفنا العربة في وجل وهبطنا منها وسلمنا المفتاح في تأدب لإبراهيم دون أن نتفوه بشيء..
أخذ إبراهيم المفتاح منا وناوله للسائق وقال له بلهجة حاسمة.. خذ هذا المفتاح وأكشف على سيارتك إن كانت سليمة أم لا؟ ثم خذ هذين الولدين إلى الشرطة وافتح بلاغا ضدهما.. وألجمتنا كلمات إبراهيم.. تدخل السائق بالإعتذار إنابة عنا وكذلك تدخلت زوجته الحاجة كلتوم راجين أن يتجاوز عنا هذه المرة.. غير أن إبراهيم كان جادا جدا في قراره ولا شيء سيثنيه.. كرر كلماته الصريحة للسائق.. وبلهجة آمرة هذه المرة.. وتأكدنا أننا محجوزون هذا الليلة في الحراسة.. ومرت دقائق خلناها دهرا في انتظار أن يعفو عنا إبراهيم .. مر الوقت بطيئا ونحن مستنصرين بالسائق والحاجة كلتوم إلى أن تنازل إبراهيم أخيرا.. غير أنه أشاح عنا وأعطانا درسا لن ننساه ما حيينا..
رحم الله آباءنا وأمهاتنا من آل الفحيل وآل شيبون... ورحم الله أخانا الأكبر إبراهيم وأزواجه وجعل مثواهم الجنة إنه سميع قريب مجيب الدعاء
| |
|
|
|
|
|
|
|