في لحظة ، تحت وطأة أمور ضاغطة ،خالجته مشاعر متضاربة ، فقد اعتاد أبداً ترويض نفسه على الصمت ريثما يستعيد نضجه العقلي ، ولكن هذه اللحظة كادت أن تغتاله غيلة ، دون أن يرجف لها طرف ، فتنهد طويلاً ، دارت في ذهنه عدة تساؤلات وهو يقول ماذا أريد من هذه الحياة ؟؟ حاول أن يفك طلاسم حياته التي أصبحت دوامة فاترة بلهاء لا يحس لها معنى أو قيمة ، افاق وعيه فجأة وبدأ يجتر ذكريات أيامه الخوالي ، وجراحاته التي اندملت ، تحسس جسده المنهك ، بدأ الركض نحو المستقبل مصارعاً كبد الحياة منتصراً لحاجاته ، بدأ ت علامات الدهشة والاستغراب لهذا التغير في المستقبل ، كأنما تدور عقارب الزمن لتعيده إلى الماضي السحيق ، اختلطت أمامه الصور والشواهد والإيحاءات ، أحس بمرارة الفشل في التوفيق بين ماضيه وحاضره ومستقبله ، انقشعت أمامه أشياءه ، حينها وجد أن مسارات الزمن قد سبقته الخطى في موج متلاطم وزحام خانق ، يمر أمامه الناس والأشياء وحول ناظريه تغطي سحابة زرقاء رأسه الحاسر ، ارتفع الصراع الداخلي ، صرخ ، حتى أسمع من حوله ثم سقط مغشياً ، لم يجد من يسعفه ، إلا حرارة الشمس التي أمطرته بوابل من الأشعة ، استيقظ ، فأفاق من لحظته وخرج من تلك التجربة المريرة بخلع ثوب الوحدة والبحث عن صورة الذات بعيون الآخرين .
05-01-2006, 11:26 PM
إدريس محمد إبراهيم
إدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762
أرى في بطل هذه القصة (غصة حلق) فارساً نبيلاً في مواجهة زمان مادي موغل في الانتهازية وحب الذات ... ولما لم يجد من يفهمه أو يؤازره انسحب على ذاته وانهار ...
هذه مجرد رؤية عابرة أخي عبد الرحمن ... ونحن في انتظار المزيد وعيوننا تنظر بتفاؤل جم لهذه السحب المكتنزة بالخير الوفير ...
مع خالص جبي وتقديري ؛؛؛
05-02-2006, 01:50 AM
عبدالرحمن الحلاوي
عبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714
أبوذر بابكر اسم لذلك الصحابي المتمرد على الدنيا لك التحية ، وأنت تمدح الحلاوين قلب السودان النابض وأنفه الذي يعطس بها ، شكراً مرورك السمح دا وأكيد الرحمابي وبدر الدين الشين نماذج حلاوية تعبر عن نفسية الحلاوين وخيالهم . أعجبني التعليق الذي ينم عن معرفة كامنة في النقد :
Quote: لكنها عريضة وشاسعة ومليانه بالمعنى
لا أدري ما قصدته في هذه المدلولات ، ولكن حسب فهمي البسيط أن هذا النوع من الكتابة يحتمل عدة أوجه ، ولكن القصة مليء بالمصافات المنطقية ، وفيها صراع نفسي ، خالية من الاستطرادات التي لا شأن لها بالقصة ، فيها تلميح لطيف ، توافرت فيها أبعاد الشخصية الثلاثة ( الخارجية والداخلية والاجتماعية) . اكتفي بهذا واترك حرية التحليل للقاريء . شكراً لهذا المرور الحلو مع سبق الجمال وترصد الرؤية الثاقبة ( لحظة التنوير)
05-02-2006, 03:36 AM
أبوذر بابكر
أبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8629
كتابة القصة القصيرة وخلق عالمها، فى نظرى من اصعب أنواع الكتابة لأن الكاتب يضع العديد من الرؤى ويشكل الكثير من الصور لإيصال المغزى يقوم بهذا وذلك وهو يدرك أنه مؤطر، ولا أقول محدد، بحيز حجمى، إذا جاز التعبير، وهو هنا قصر النص، ومن هنا أتت الصعوبة، كما يقول دائما استاذنا عيسى الحلو
وأجدك يا عبد الرحمن قد أنجزت كل ذلك بطريقة جميلة ومحتشدة بالتعبير
ومن هنا لم أجد وصفا أفضل من وضع المقاربة بين "القِصر" و "العرض" فكون أن النص قصير، فهو فى أحيان كثيرة قد يفشل فى إيصال كل ما يريده الكاتب، لذا تتسع الرؤية ويزداد عرضها لتحمل ما يراد من معنى
وأحييك مرة ثانية ومزيد من الخلق الجميل
وعبرك أحى أصدقائى الحلاوين الحلوين وكل الأهل هناك
05-06-2006, 03:23 AM
عبدالرحمن الحلاوي
عبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714
Quote: كتابة القصة القصيرة وخلق عالمها، فى نظرى من اصعب أنواع الكتابة لأن الكاتب يضع العديد من الرؤى ويشكل الكثير من الصور لإيصال المغزى
من البدهيات أن الغرض من السرد القصصي القصير نسبياً إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما ، والغالب أن تركز القصة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة ، وإذا لم تتوفر هذه الشروط فلابد من توفر الوحدة الواحدة التي تحرك الأحداث ونغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف ، فالتوتر وتكامل الانطباع عنصرين مهمين في الصراع الدارمي للقصة ومن سمات تلقيها بالإضافة إلى أنها كثيرًا ما تعبر عن صوت منفرد لواحد من جماعة مغمورة. ووجدت القصة القصيرة طوال التاريخ بأشكال مختلفة؛ مثل قصص العهد القديم عن الملك داوود، وسيدنا يوسف وراعوث، وكانت الأحدوثة وقصص القدوة الأخلاقية في زعمهم هي أشكال العصر الوسيط للقصة القصيرة. ولكن الكثير من الباحثين يعتبرون أن المسألة أكبر من أشكال مختلفة للقصة القصيرة، فذلك الجنس الأدبي يفترض تحرر الفرد العادي من ربقة التبعيات القديمة وظهوره كذات فردية مستقلة تعي حرياتها الباطنة في الشعور والتفكير، ولها خصائصها المميزة لفرديتها على العكس من الأنماط النموذجية الجاهزة التي لعبت دور البطولة في السرد القصصي القديم. ويعتبر ( إدجار ألن بو ) من رواد القصة القصيرة الحديثة في الغرب . وقد ازدهر هذا اللون من الأدب،في أرجاء العالم المختلفة، طوال قرن مضى على أيدي ( موباسان وزولا وتورجنيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسن )، ومئات من فناني القصة القصيرة. وفي العالم العربي بلغت القصة القصيرة درجة عالية من النضج على أيدي يوسف إدريس في مصر، وزكريا تامر في سوريا .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة