|
انقلب السحر على الساحر
|
وشهد شاهد من اهلها .. وأخشى ان يكون مجرد فضفضة ومتنفس لسوق أم دفسو ... المقال نقلاً عن جريدة الصحافة للكاتب الفلتة المهندس ( كما يحلو له ) اتفضلوا : وادونا رايكم في المكن دا . بالذمة .. أين الذمة ؟؟
عثمان ميرغني [email protected]
أمس الأول نشرت إحدى الصحف ( أفلت اسمها من ذاكرتي) خبرا يقول ان عددا قليلا جدا من الوزراء والدستوريين هم الذين ملأوا بيانات إقرار الذمة، الذي يفترض أن يسجل فيه كبار المسئولين والتنفيذيين والنظاميين بيانات ذمتهم المالية هم وأسرهم حتى يمكن مقارنة الحال قبل تولى المنصب و بعده . ورغم أن الأمر يبدو كما لو أن الوزراء الذين لم يقدموا بيانات الذمة متهربون من استحقاق الشفافية المطلوب في العمل العام ..إلا أننى أقدر عكس ذلك .. بل لو كنت المسئول لما أضعت دقيقة من وقتي في تقديم هذه البيانات إطلاقا .. لسبب بسيط هو ان العملية كلها في النهاية مجرد «وهم» .. إجراء صوري محض لا يراقب ذمة ولا يرهق ضميرا مسترخيا.. المال العام لا يتكعبل فيه إلا ضعيف منزوع الظهر.. فالأقوياء المعصومون من المساءلة يديرون المال العام كأخص ما يديرون به حر مالهم الشخصي.. يهبون بغير حساب لمستحقي الرضاء .. ويمنعون بغير حساب عند الضجر.. ربما محاسب صغير ليس في عهدته الا بضعة أُليفات لا يقمن صلبه.. إذا أضاع منها شيئا تداولته مجالس المحاسبة الإدارية وأودت به خارج الوظيفة ، بل ربما لاحقته في المسار الجنائي حتى تقيم وليمة على سوء حظه العاثر الذي جعله من أكلة الألاف البسيطة.. لكن الأقوياء الأصفياء .. الذين يلتهمون ملايين الدولارات .. ويبتلعون ربما مشاريع كاملة.. هؤلاء أقصى ما يصيبهم من مصيبة المال العام أن يتم نقلهم الى إدارة أخرى أو مشروع آخر..!! هل سمعتم بالأحكام التي أصدرتها الشرطة في حق ضباطها المسئولين عن سقوط عمارة جامعة الرباط ؟؟.. أكثر قليلا من غرامة قيادة السيارة بدون ترخيص..وأقل قليلا من رسوم الترخيص نفسها .. كأنما التي وقعت «قطية» صغيرة في ريفي مدينة الخليلة..وكأنما مال الشعب الفقير ورثة أيتام لا ظهير لهم . لماذا بالله - إن كنت المسئول - أقدم اقراراً بالذمة ..؟؟ أي ذمة ..بالذمة ..!!. الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» عندما قال :« إنما أهلك من كان قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه .. وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ..»، لم يكن يقصد أن يعذبنا في المدرسة بحفظه وتسميعه في حصة الدين وتكبد العقاب اذا جاء يوم التسميع ولم نسرده كاملا .. بل كان يقصد أن ميزان العدالة اذا اختل.. ومايز بين السادة والمسيودين.. واكتيل لكل حسب وزنه فإن «الهلاك» هو النتيجة المستحقة بلا أدنى ريب.. لا ينفع في ذلك ذكاء أو تدبير بشري قاصر مهما ظن صانعوه أنهم مقتدرون . من الحكمة إماطة أذي القوانين التي لا تحرسنا عن الطريق.. حتى لا تخدعنا فنظن أنها تقفل الثغرة بينما هي مشرعة على مصراعيها .. مهتوكة العرض والذمة.. فإما نراقب ذمم المسئولين وكبار التنفيذيين بقوانين فاعلة لا خداع أو تحايل فيها أو نتركهمهم وحالهم .. فلن يفعلوا أكثر مما فعل بنا ..وللسودان رب يحميه!! المحك أن تسمح الحكومة لنا نحن الشعب بالإطلاع على ذمم الدستوريين.. وكبار التنفيذيين! وفي كل الأحوال ستظهر فالقصور لا تبنى تحت الأرض ..!!
|
|
|
|
|
|