أيها المسلمون: إن من خير ما بذلت " /> النبي -صلى الله عليه وسلم . النبي -صلى الله عليه وسلم .

النبي -صلى الله عليه وسلم .

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 11:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالرحمن الحلاوي(عبدالرحمن الحلاوي)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2008, 09:27 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النبي -صلى الله عليه وسلم .

    الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاح عن
    بصائرنا ظلمة الغواية، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى،
    المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للمالكين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
    الدين.
    أما بعد:
    > أيها المسلمون: إن من خير ما بذلت فيه الأوقات، و
    شغلت بهالساعات هو دراسة السيرة النبوية العطرة، والأيام المحمدية الخالدة، فهي
    تجعل المسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين، وربما تخيل أنه
    واحد
    من هؤلاء الكرام البررة التي قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة.
    وفي السيرة يتعرف المسلم على جوانب متعددة من شخصية
    النبي
    الخاتم - صلى الله عليهوسلم - ، وأسلوبه في حياته ومعيشته، ودعوته في
    السلم
    والحرب وفيها أيضا: يتلمس المسلم نقاط الضعف والقوة؛ وأسباب
    النصر والهزيمة، وكيفية التعامل مع الأحداث وإن عظمت.
    وبدراسة السيرة النبوية يستعيد المسسلمون ثقتهم
    بأنفسهم،ويوقنون بأن الله معهم وناصرهم، إن هم قامو بحقيقة العبةدية، له
    والانقياد لشريعته :
    { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } [محمد:7] ،
    { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا
    ويوم يقوم الأشهاد } [غافر:51]
    > { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز }
    [الحج:40].
    وهذه عبارة عن رؤوس أقلام وجمل يسيرة في سيرة النبي
    المصطفى عليه الصلاة والسلام، قصد بها فتح الطريق أمام ناشئة المسلمين
    وشبيبتهم لدراسات أعمق لهذه السيرة النبوية الخالدة. قال الله تعالى : {
    محمد رسول الله } [الفتح:29].
    نسبه : هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن
    هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن عبد
    مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن
    عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه واتفقوا أيضا أن عدنان من
    ولد إسماعيل عليه السلام.
    أسماؤه :
    عن جبير بن مطعم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم -
    قال: «إن لي أسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي
    الكفر،وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد »
    [متفق عليه]. وعن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله يسمي لنا نفسه أسماء
    فقال : أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة »
    [مسلم].
    طهارة نسبه :
    اعلم رحمني الله وإياك أن نبينا المصطفى على الخلق
    كله قد صان الله أباه من زلة الزنا، فولد من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح، فعن
    واثلة بن الأسقع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « إن الله عز وجل اصطفى
    من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة
    قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم » [مسلم]، وحينما
    سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله قال : « هو فينا ذو نسب، فقال هرقل:
    كذلك الرسل تبعث في نسب قومها » [البخاري].
    ولادته :
    ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني
    منه، وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر. قال ابن كثير:
    والصحيح أنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري،
    وخليفة بن خياط وغيرهما إجماعا.
    قال علماء السير : لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت له ثقلا، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب. وفي حديث العرباض بن سارية قال: سمعت رسول الله يقول
    : «
    إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته،
    وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، أنه
    خرجمنها نور أضاءت له قصور الشام » [أحمد والطبراني]. وتوفي أبوه وهو حمل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته
    بأشهر وقيل بسنة، والمشهور الأول.
                  

02-20-2008, 06:10 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    في مولده صلى الله عليه و سلم



    أَبَانَ مَوْلِدُهُ عَنْ طِيبِ عُنْصُرِهِ

    يَا طِيبَ مُبْتَدَإٍ مِنْهُ وَمُخْتَتَمِ



    يَوْمٌ تَفَرَّسَ فِيهِ الفُرْسُ أَنَّهُمُ

    قَدْ أُنْذِرُوا بِحُلُولِ البُؤْسِ وَالنِّقَمِ



    وَبَاتَ إِيوَانُ كِسْرَى وَهُوَ مُنْصَدِعٌ

    كَشَمْلِ أَصْحَابِ كِسْرَى غَيْرَ مُلْتَئِمِ



    وَالنَّارُ خَامِدَةُ الأَنْفَاسِ مِنْ أَسَفٍ

    عَلَيْهِ وَالنَّهْرُ سَاهِي العَيْنَ مِنْ سَدَمِ



    وَسَاءَ سَاوَةَ أَنْ غَاضَتْ بُحَيْرَتُهَا

    وَرُدَّ وَارِدُهَا بِالغَيْظِ حِينَ ظَميِ



    كَأَنَّ بِالنَّارِ مَا بِالمَاءِ مِنْ بَلَلٍ

    حُزْنًا وَبِالمَاءِ مَا بِالنَّارِ مِنْ ضَرَمِ



    وَالجِنُّ تَهْتِفُ وَالأَنْوَارُ سَاطِعَةٌ

    وَالحَّقُ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنىً وَمِنْ كَلِمِ



    عَمُوا وَصَمُّوا فَإِعْلاَنُ البَشَائِرِ لَمْ

    يُسْمَعْ وَبَارِقَةُ الإِنْذَارِ لَمْ تُشَمِ



    مِنْ بَعْدِ مَا أَخْبَرَ الأَقْوَامَ كَاهِنُهُمْ

    بِأَنَّ دِينَهُمُ المِعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ



    وَبَعْدَمَا عَايَنُوا فيِ الأُفْقِ مِنْ شُهُبٍ

    مُنْقَضَّةٍ وِفْقَ مَا فيِ الأَرْضَ مِنْ صَنَمِ



    حَتَّى غَدَا عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ مُنْهَزْمٌ

    مِنَ الشَّيَاطِينِ يَقْفُوا إِثْرَ مُنْهَزِمِ



    كَأَنَّهُمْ هَرَبًا أَبْطَالُ أَبْرَهَةٍ

    أَوْ عَسْكَرٍ بِالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي



    نَبْذًا بِهِ بَعْدَ تَسْبِيحٍ بِبَطْنِهِمَا

    نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أَحْشَاءِ مُلْتَقِمِ




    الفصل الخامس

    في معجزاته صلى الله عليه و سلم



    جَاءَتْ لِدَعْوَتِهِ الأَشْجَارُ سَاجِدَةً

    تَمْشِي إِلَيْهِ عَلَى سَاقٍ بِلاَ قَدَمِ



    كَأَنَّمَا سَطَرَتْ سَطْرًا لِمَا كَتَبَتْ

    فُرُوعُهَا مِنْ بَدِيعِ الْخَطِّ بِاللَّقَمِ



    مَثْلَ الغَمَامَةِ أَنَّى سَارَ سَائِرَةً

    تَقِيهِ حَرَّ وَطِيسٍ لِلْهَجِيرِ حَميِ



    أَقْسَمْتُ بِالْقَمَرِ المُنْشِقِّ إِنَّ لَهُ

    مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَةً مَبْرُورَةَ القَسَمِ



    وَمَا حَوَى الغَارُ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ كَرَمِ

    وَكُلُّ طَرْفٍ مِنَ الكُفَّارِ عَنْهُ عَميِ



    فَالصِّدْقُ فيِ الغَارِ وَالصِّدِّيقُ لَمْ يَرِمَا

    وَهُمْ يَقُولُونَ مَا بِالْغَارِ مِنْ أَرِمِ



    ظَنُّوا الحَمَامَ وَظَنُّوا الْعَنْكَبُوتَ عَلَى

    خَيْرِ الْبَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ وَلَمْ تَحُمِ



    وِقَايَةُ اللهِ أَغْنَتْ عَنْ مُضَاعَفَةٍ

    مِنَ الدُّرُوعِ وَعَنْ عَالٍ مِنَ الأُطُمِ



    مَا سَامَنيِ الدَّهْرُ ضَيْمًا وَاسْتَجَرْتُ بِهِ

    إِلاَّ وَنِلْتَ جِوَارًا مِنْهُ لَمْ يُضَمِ



    وَلاَ الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ

    إِلاَّ اسْتَلَمْتُ النَّدَى مِنْ خَيْرِ مُسْتَلَمِ



    لاَ تُنْكِرِ الْوَحْيَ مِنْ رُؤْيَاهُ إِنَّ لَهُ

    قَلَبًا إِذَا نَامَتِ العَيْنَانِ لَمْ يَنَمِ



    وَذَاكَ حِينَ بُلُوغٍ مِنْ نُبَوَّتِهِ

    فَلَيْسَ يُنْكَرُ فِيهِ حَالُ مُحْتَلِمِ



    تَبَارَكَ اللهُ مَا وَحَيٌ بِمُكْتَسِبٍ

    وَلاَ نَبيُّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ



    كَمْ أَبْرَأَتْ وَصِبًا بِاللَّمْسِ رَاحَتُهُ

    وَأَطْلَقَتْ أَرِبًا مِنْ رِبْقَهِ اللَّمَمِ



    وَأَحَيتِ السَّنَةَ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ

    حَتَّى حَكَتْ غُرَّةً فيِ الأَعْصُرِ الدُّهُمِ



    بِعَارضٍ جَاَد أَوْ خِلْتَ البِطَاحَ بِهَا

    سَيْبًا مِنَ اليَمِّ أَوْ سَيْلاً مِنَ العَرِمِ


                  

02-20-2008, 06:29 AM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)



    الأخ الكريم عبد الرحمن الحلاوي جزاك الله عنا خير الجزاء ......
    ومما لاشك فيه أن السيرة النبوية هي المفتاح الرئيس للأخذ من هذا الدين ، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها عبر ودروس لنا ولغيرنا فبها تنار الدروب وتزال الخطوب ويتيسر ما تعسر ويهون ما قسي واستصعب أو استشكل ، فاللهم صلي على حببيك وخليلك المصطفى محمد بن عبد الله ما ذكرك الذاكرون وما غفل عن ذكرك الغافلون ، صلاة عليه وعلى آل بيته وأصحابه الغر الميامين ، الذين أعلوا راية الدين وجاهدوا في الله حق الجهاد وكانوا بفضلك خير العباد والزهاد ...
                  

02-20-2008, 09:58 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: انور الطيب)

    الأخوان أنور وسميح في ميزان حسناتكم إن شاء الله ، ومزيداً من إلقاء الضوء على شخصيته صلى الله عليه وسلم .
                  

02-20-2008, 10:00 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم الرسالية

    الخصائص الرسالية هي الأمور التي اختص الله بها رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم في رسالته، وأفرده بها عن غيره من الأنبياء .

    ويأتي على رأس هذه الخصائص القرآن الكريم؛ فقد كانت معجزة القرآن الكريم على رأس الخصائص الرسالية التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: { وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا } (الشورى:52)، وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم .

    وإذا كان القرآن الكريم في مقدمة الخصائص الرسالية التي أكرم الله بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن حفظ الله سبحانه لهذا الكتاب من التبديل والتحريف خصوصية أخرى لهذا النبي الكريم، فقد أخبر سبحانه بأنه تولى وتعهد بنفسه حفظ القرآن، قال تعالى: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } (الحجر:9). في حين أن الكتب السماوية الأخرى، لم يتعهد سبحانه بنفسه أمر حفظها، بل ترك ذلك إلى أهلها، قال تعالى: { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله } (المائدة:44) ولما ترك سبحانه أمر حفظ التوراة والإنجيل للأحبار من اليهود، والربانيين من النصارى، صار حالها إلى ما صارت إليه، من التغيير والتبديل والتحريف .
    ويتبع خصوصية القرآن الكريم، اشتمال هذا الكتاب على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وتفضيله عليها بالمفصل من السور والآيات؛ فقد اشتمل القرآن الكريم على السور الطوال، والسور المتوسطة، والسور القصار؛ قال صلى الله عليه وسلم: ( أُعطيت مكان التوراة السبع، وأُعطيت مكان الزبور المئين، وأُعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفُضِّلت بالمفصَّل ) رواه أحمد ؛ فكان علم الكتب السماوية السابقة علمًا خاصًا مجملاً، وكان علم القرآن علمًا عامًا مفصلاً .
    ويلحق بخصوصية القرآن الكريم، إعطاؤه صلى الله عليه وسلم خواتيم سورة البقرة، ولم تعط لنبي قبله؛ قال عليه الصلاة والسلام: ( إني أوتيتهما من كنـز من بيت تحت العرش، ولم يؤتهما نبي قبلي ) رواه أحمد ، يعني الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة .
    ومن خصائصه الرسالية عليه الصلاة والسلام ذكره في الكتب السابقة، والتبشير بقدومه، قال تعالى مخبرًا عن ذلك: { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل } (الأعراف:157)، وقال تعالى: { وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } (الصف:6) .
    وأخرج البخاري عن عطاء بن يسار ، قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: نعم، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا } (الفتح:8) .
    ومن خصائص رسالته صلى الله عليه وسلم أنها رسالة عامة للناس، قال تعالى: { وما أرسلناك إلا كافة للناس } (سبأ:28)، وقال أيضًا: { وأرسلناك للناس رسولا } (النساء:79). في حين كانت رسالات الأنبياء السابقين خاصة بأقوامهم، كما أخبر عن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة ) رواه البخاري و مسلم .
    وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه اختص بكثرة الأتباع، وكثرة المؤمنين برسالته؛ في حين أن الأنبياء السابقين لم يؤمن بهم إلا القليل من الأتباع، ولم يصدقهم إلا القليل من الأنصار، بل إن بعض الأنبياء لم يؤمن به إلا الرجل والرجلان فقط؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ( لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيًا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد ) رواه مسلم .
    ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله بعثه رحمة للعالمين، وهداية للناس أجمعين؛ قال سبحانه: { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } (الأنبياء:107)، وقد ثبت أن بعض الصحابة رضي الله عنهم، طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المشركين، فأجابهم قائلاً: ( إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم، وأخبر أيضًا أنه جاء رحمة وهداية للناس أجمعين، لا كما يصفه بعض الظالمين بالقسوة والإرهاب؛ وكان شعاره الذي رفعه عبر سنوات جهاده: ( إنما أنا رحمة مهداة ) رواه الدارمي وغيره .
    وأخيرًا، فإن من خصائص رسالته صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين، وآخر المرسلين، فلا نبي بعده، فبه ختم الله الرسالات السماوية، وبشرعه أتم الله دينه؛ قال تعالى: { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } (الأحزاب:40)، وجاء في الحديث: ( وخُتم بي النبيون ) رواه مسلم .
    وقد شبه عليه الصلاة والسلام رسالته بين رسالات الأنبياء، برجل بنى بيتًا على أحسن ما يكون البناء، لكنه ترك منه موضعًا لم يكمله، فاعتبر رسالته صلى الله عليه وسلم خاتم الرسالات التي سيتم بها إتمام بناء الرسالات السماوية على الوجه الأكمل والأفضل؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وُضعت هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين ) رواه البخاري و مسلم .
    هذه جملة من الخصائص الرسالية التي اختص الله بها رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، وهي ولا شك تبين مكانة هذا الرسول الكريم بين الرسل، وتبين كذلك منـزلة شريعة الإسلام بين الشرائع السماوية، وهي في الوقت نفسه تلقي مزيدًا من الضوء على قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } (المائدة:3) .
                  

02-20-2008, 06:20 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    وصف الله لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
    قال تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ عن عطاء رضي الله عنه قال قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا - رواه البخاري

    كان خلقه القرآن
    عن عائشة رضي الله عنها قالت كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن - رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وزاد مسلم يغضب لغضبه ويرضى لرضاه

    دفع السيئة بالحسنة
    لما أراد الله هدي زيد بن سعية، قال زيد لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم إلا اثنتين يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا
    قال زيد فقلت يا محمد، هل لك أن تبيعني ثمرًا_ معلومًا لي _ فباعني فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب، فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه وهو في جنازة مع أصحابه ونظرت إليه بوجه غليظ وقلت له يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب إلا مطلاً
    ونظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه ثم رماني ببصره فقال يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتصنع به ما أرى؟ فلولا ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك
    ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، وقال أنا وهو كنا أحوج إلى غير ذلك منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزد عشرين صاعًا من تمر مكان ما روعته
    فذهب بي عمر فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعًا، وقال لي ما دعاك إلى أن فعلت ما فعلت وقلت ما قلت؟
    قلت يا عمر لم يكن من علامات النبوة شيء إلا عرفته في وجه النبي صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، وقد خبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا، وأشهدك أن شطر مالي صدقة على أمة محمد

    ثم توفي في غزوة تبوك مقبلاً غير مدبرًا - رواه الطبراني في (الكبير) ورجاله ثقات، ورواه أيضًا ابن حبان والحاكم والبيهقي ورواه أبو نعيم في الدلائل

    الرسول صلى الله عليه وسلم يعتق من أرادوا قتله
    عن أنس رضي الله عنه قال إن ثمانين نزلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الصبح، يريدون أن يقتلوه، فأخذوا فأعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالىوَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً سورة الفتح آية 24- رواه مسلم والترمذي وأبو داود

    كان أحسن الناس خلقًا
    عن أنس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا - الحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي

    وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم - رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن

    لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا
    عن عبد الله بن عمرو قال لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا - رواه البخاري

    من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في المصافحة والمحادثة والمجالسة
    عن أنس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له - رواه أبو داود والترمذي بلفظه

    وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك - رواه الطبراني والترمذي

    وروى مسلم وما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فقال لا

    كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بحسن الخلق
    عن عائشة رضي الله عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي - رواه أحمد ورواته ثقات

    وقال صلى الله عليه وسلم إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا - رواه البخاري

    وروي عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه قال بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسط إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة متى عهدتني فحاشًا، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس- أو ودعه الناس- اتقاء شره - رواه البخاري

    كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من سوء الأخلاق وينهى عن اللعن


    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق - رواه أبو داود والنسائي

    وقال صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا - رواه مسلم

    وقال صلى الله عليه وسلم لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة - رواه مسلم

    وعندما قيل له ادع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة - رواه مسلم

    أما من لعنه الرسول صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه، وليس هو أهلاً لذلك، كان ذلك له زكاة وأجرًا ورحمة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شارط ربه على ذلك كما في الحديث اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرًا رواه مسلم

    خلقه صلى الله عليه وسلم مع الخدم
    عن أنس رضي الله عنه قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا - رواه الشيخان وأبو داود والترمذي

    وعنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم ، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟
    قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله - فذهبت رواه مسلم وأبو داود

    خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله
    قال صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، وما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم - رواه ابن عساكر عن علي، والترمذي عن عائشة، وابن ماجة عن ابن عباس

    ومن دلائل شدة احترامه وحبه لزوجته خديجة رضي الله عنها، إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها)، وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه - رواه البخاري

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم إذا خلا بنسائه ألين الناس وأكرم الناس ضحاكًا بسامًا - رواه ابن عساكر بسند ضعيف

    وروى مسلم أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا شربت من الإناء، أخذه صلى الله عليه وسلم فوضع فمه على موضع فمها وشرب، وإذا تعرقت عرقًا وهو العظم الذي عليه اللحم أخذه فوضع فمه على موضع فمها

    وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية رضي الله عنها رجلها حتى تركب على بعيرها - رواه البخاري

    وأوصى صلى الله عليه وسلم بالمرأة الزوجة، فقال استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا - رواه الشيخان

    وقال صلى الله عليه وسلم بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ثم لعله يعانقها وفي رواية جلد العبد - رواه البخاري

    وقال صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم أخرجه أحمد بإسناد حسن، والترمذي وقال حديث حسن صحيح

    وقال صلى الله عليه وسلم إن من أعظم الأمور أجرًا النفقة على الأهل - رواه مسلم

    ملاعبته ومفاكهته لأهله
    عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس اقدموا فتقدموا، ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس تقدموا فتقدموا، ثم قال لي تعالي أسابقك فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك - رواه أحمد

    حلم النبي صلى الله عليه وسلم
    كان مما يحبه صلى الله عليه وسلم من الصفات صفتا الحلم والأناة وقد قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة - أخرجه مسلم

    وعن أنس رضي الله عنه قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذبة شديدة، فنظرت إلى صفحة عنق النبي، وقد أثر بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك،فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا، فإذا قام قمن قيامًا حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه، فحدثنا يومًا فقمنا حين قام، فنظرنا إلى أعرابي قد أدركه، فجبذه بردائه فحمر رقبته، وكان رداؤه خشنًا، فالتفت إليه، فقال له الأعرابي احملني على بعيري هذين، فإنك لا تحملني من مالك ولا مال أبيك
    فقال صلى الله عليه وسلم لا وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا أحملك حتى تقيدني من جذبتك التي جبذتني، وبعد ذلك يقول له الأعرابي والله لا أقيد لها فذكر الحديث، ثم دعا رجلاً فقال له احمل له على بعيريه هذين، على بعير شعيرًا، وعلى الآخر تمرًا، ثم التفت إلينا فقال انصرفوا على بركة الله - رواه أبو داود والنسائي

    ما انتقم لنفسه وما ضرب خادمًا ولا أمره
    عن عائشة رضي الله عنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم
    وفي رواية ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله - رواه مالك والشيخان وأبو داود

    تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
    من أقواله صلى الله عليه وسلم في الثناء على التواضع وذم الاستكبار
    ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضاعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر رواه البخاري

    -

    ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله رواه مسلم وظاهر الحديث يعني الرفعة في الدنيا والآخرة

    -



    عن أنس رضي الله عنه قال إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت - رواه البخاري
    وعنه أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت يا رسول الله، إن لي إليك حاجة فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها - رواه مسلم

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله - رواه البخاري
    وقال صلى الله عليه وسلم لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت - رواه البخاري
    وعن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته - رواه النسائي والحاكم وقال على شرطهما وأقره الذهبي، ورواه الترمذي في العلل عنه، وذكر أنه سأل عنه البخاري فقال هو حديث تفرد به الحسين بن واقد

    وعن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم - رواه البخاري واللفظ له ومسلم

    وعن سهل بن حنيف قال كان صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم - رواه أبو يعلى والطبراني والحاكم يسند ضعيف
    وذكر المحب الطبري أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر وأمر أصحابه بإصلاح شاة، فقال رجل يا رسول الله، علي ذبحها
    وقال آخر يا رسول الله، علي سلخها
    وقال آخر يا رسول الله، علي طبخها
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي جمع الحطب
    فقالوا يا رسول الله، نكفيك العمل
    فقال صلى الله عليه وسلم قد علمت أنكم تكفونني، ولكن أكره أن أتميز عليكم

    وعن أبي أمامة الباهلي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا - رواه أبو داود أبن ماجة وإسناده حسن

    من مظاهر تواضعه صلى الله عليه و سلم
    أولاً : كان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله
    عن الأسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قال كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة - رواه مسلم والترمذي
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم - رواه أحمد

    ثانياً : كان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار
    عن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يعود المريض ويشهد الجنازة ويأتي دعوة المملوك ويركب الحمار، ولقد رأيته يومًا على حمار خطامه ليف - رواه أبو داود والطيالسي ونحوه عند الترمذي وابن ماجة

    وعن حمزة بن عبد الله بن عتبة قال كان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار عريانًا ليس عليه شيء - رواه ابن سعد مرسلاً بسند ضعيف

    ثالثاً : كان صلى الله عليه وسلم يجيب الدعوة ولو إلى خبز الشعير
    عن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي في الشمائل
    الإهالة السنخة أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث

    رابعاً : كان صلى الله عليه وسلم لا يدفع عنه الناس
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان صلى الله عليه وسلم لا يدفع عنه الناس ولا يضربوا عنه - رواه الطبراني في الكبير وحسنه السيوطي وذلك لشدة تواضعه صلى الله عليه وسلم وبرأته من الكبر والتعاظم
    وعن الحسن قال والله ما كانت تغلق دونه الأبواب، ولا تقوم دونه الحجاب، ولا يغدى عليه بالجفان، ولا يراح عليه بها، ولكنه كان باروزًا، من أراد أن يلقى نبي الله لقيه

    رحمة النبي صلى الله عليه وسلم
    قال تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ وقال تعالى فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ وقال صلى الله عليه وسلم عن نفسه إنما أنا رحمة مهداه - رواه ابن سعد في الطبقات، والحكم في النوادر عن أبي صالح مرسلاً، والحاكم عن أبي هريرة وقال على شرطهما وأقره الذهبي وقال صلى الله عليه وسلم إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذابًا - رواه البخاري في التاريخ عن أبي هريرة

    نماذج من رحمته صلى الله عليه وسلم
    أولاً : رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال
    عن عائشة رضي الله عنها قالت كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم ويدعو لهم رواه الشيخان وأبو داود
    يبرك عليهم أي يدعو لهم ويمسح عليهم
    يحنكهم التحنيك أن يمضغ التمر أو نحوه ثم يدلك به حنك الصغير

    وعن أنس رضي الله عنه قال ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث رواه الأربعة
    وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمه - رواه البخاري
    وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة لمن يموت وله ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث، بفضل رحمته إياه - رواه البخاري
    الحنث أي الإثم، والمعنى أنهم ماتوا قبل أن يبلغوا

    وكانت تفيض عيناه لموتهم، وقد سأله مرة سعد بن عبادة يا رسول الله ما هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء - رواه البخاري

    وخرج على الصحابة رضي الله عنهم وأمامة بنت الربيع، ابنة زينب، على عاتقه، فصلى، فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها - رواه البخاري
    وقبل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من لا يرحم لا يرحم رواه البخاري
    وجاءه أعرابي فقال تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة - رواه البخاري

    ثانياً : رحمته صلى الله عليه وسلم بالإناث
    شبه الرسول صلى الله عليه وسلم النساء بالقوارير، إشارة إلى ما فيهن من الصفاء والنعومة والرقة، وإلى ضعفهن وقلة تحملهن؛ ولذا فإنهن يحتجن إلى الرفق وله توجيهات كثيرة ومواقف عملية في هذا المجال، ومن أبرز الأمثلة على ذلك
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وكانت معه نساء منهن أم سليم، وغلام أسود يقال له أنجشة يحدو، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أنجشة رويدك، سوقًا بالقوارير رواه البخاري


    وقد عثرت ناقته ذات مرة، ومعه عليها زوجته صفية، فطرحا على الأرض، فلحق بهما أبو طلحة رضي الله عنه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم عليك بالمرأة رواه البخاري


    وروى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو، وضم أصابعه رواه مسلم


    وقال صلى الله عليه وسلم من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن، كن له سترًا من النار رواه الشيخان


    وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة إعالتك ابنتك الفقيرة التي رفضها زوجها، وليس لها غيرك رواه البخاري وابن ماجة


    وكان صلى الله عليه وسلم يحب بناته حبًا جمًا، فقد روي أن ابنته فاطمة كانت عندما تأتيه يقوم لها، ويأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها في مكانه الذي كان يجلس فيه رواه أبو داود


    وقال صلى الله عليه وسلم إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه رواه الشيخان




    ثالثاً : رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوانات
    عن عائشة رضي الله عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم يصفي للهرة الإناء فتشرب الحديث رواه الطبراني في الأوسط، وأبو نعيم والحاكم وصححه، والدار قطني وحسنه، لكن قال ابن حجر ضعيف، وقال ابن جماعة ضعيف لكن له طرق تقوية


    وقال صلى الله عليه وسلم ما من مسلم غرس غرسًا فأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له به صدقة رواه البخاري


    وقال صلى الله عليه وسلم بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرًا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له قالوا يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ فقال في كل ذات كبد رطبة أجر رواه البخاري

    رابعاً : رحمته صلى الله عليه وسلم بالضعفاء عمومًا
    لقد حث صلى الله عليه وسلم على كفالة الأيتام لضعفهم وحاجتهم للرعاية، فقال أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى رواه البخاري
    وحث صلى الله عليه وسلم على إعالة الأرامل والمساكين، فقال الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل رواه البخاري


    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة رواه أحمد بإسناد حسن
    أحرج أي ألحق الحرج، وهو الإثم، بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك وأزجر عنه بشدة


    وقال صلى الله عليه وسلم ابغوني الضعفاء، فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم رواه أبو داود، وأحمد وإسناده صحيح، وأخرج البخاري نحوه
    ولقد شملت رحمته صلى الله عليه وسلم الخدم والأرقاء فقال صلى الله عليه وسلم من كانت له أمة فأدبها ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران رواه الشيخان

    وروى أبو ذر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم رواه مسلم


    وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاء به، وقد ولى حره ودخانه، فليقعد معه فليأكل، فإن كان الطعام قليلاً فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين (أي لقمة أو لقمتين) رواه مسلم

    وروى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من أساء معاملة من هم تحت يديه فلن يدخل الجنة رواه الترمذي وابن ماجة

    وقال صلى الله عليه وسلم من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه رواه مسلم

    وقال صلى الله عليه وسلم لأبي مسعود، عندما رآه يضرب مملوكًا له اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فانتهى عن ضربه وأعتقه حتى لا يمسه الله بعذاب نتيجة هذا الفعل رواه مسلم

    وأمر صلى الله عليه وسلم بأن يعامل المماليك مثل معاملة الأبناء، وكان صلى الله عليه وسلم يوصي – وهو في فراش الموت- بحسن معاملة الأرقاء

    خامساً : رحمته صلى الله عليه وسلم بالأعداء في الحرب والسلم
    كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر مع المسلمين في الحديبية، فنزل سبعون أو ثمانون رجلاً من التنعيم يريدون الفتك بالمسلمين، فأخذوا، فأعتقهم رسول الله دون عوض عقاب من رواية البخاري
    وقد قبل الفداء من أسرى بدر، وعفا عن قريش وأهل مكة يوم فتح مكة، وأطلق سراح أسرى حنين
    وعفا عن غورث بن الحارث على الرغم من محاولته قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فجاء غورث إلى قومه بعد هذا فقال لهم جئتكم من عند خير الناس من رواية البخاري

    عن جابر رضي الله عنه مر بنا جنازة، فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا، فقلنا إنها جنازة يهودي
    فقال صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم الجنازة فقوموا - رواه الشيخان، وزاد مسلم إن الموت فزع
    وفي الصحيحين عن سهل بن حنيف فقال صلى الله عليه وسلم أليست نفسًا؟

    ونهى صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان والأجير، ما داموا غير مشاركين في قتال المسلمين
    و كان صلى الله عليه وسلم إذا بعث بعثًا أو جيشًا أوصاهم قائلاً لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا رواه مسلم
    وكان صلى الله عليه وسلم له خادم يهودي، فكان إذا مرض عاده، فعاده مرة فعرض عليه الإسلام وأبوه حاضر، فقال له أطع أبا القاسم، فأسلم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي أنقذه من النار رواه البخاري

    سادساً : رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته
    قال تعالى : لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم : رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وقول عيسى عليه السلام : إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فرفع يديه وقال اللهم أمتي، وبكى
    فقال الله عز وجل يا جبريل، اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟
    فأتاه جبريل عليه السلام، فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قاله وهو أعلم
    فقال الله يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك رواه مسلم في كتابه الإيمان

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا رواه الشيخان والترمذي وأحمد

    وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفى، أترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين المتلوثين الخاطئين رواه ابن ماجة ورواه أحمد عن ابن عمر ورواه عنه أيضًا الطبراني، قال الهيثمي رجاله الصحيح غير النعمان بن قراد وهو ثقة

    وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطيت سبعين ألفًا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل، فزادني مع كل واحد سبعين ألفًا رواه أحمد وأبو يعلى

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة، وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء رواه مالك والجماعة لابن ماجة لكنه رواه عن حديث عثمان بن أبي العاص، مع اختلاف في الألفاظ

    تيسير النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه
    قال صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا رواه البخاري
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيًا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه، وأهرقوا على بوله ذنوبًا من ماء، أو سجلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين رواه البخاري
    وقال صلى الله عليه وسلم في الرفق من يحرم الرفق يحرم الخير رواه مسلم
    وقال صلى الله عليه وسلم إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه رواه مسلم
    وقال صلى الله عليه وسلم وإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه رواه مسلم

    حياء النبي صلى الله عليه وسلم
    قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وقال صلى الله عليه وسلم الحياء لا يأتي إلا بخير رواه البخاري


    وقال صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت رواه البخاري

    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه رواه الشيخان

    وعن أنس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدًا بشيء يكرهه رواه أحمد وأبو داود والنسائي في اليوم والليلة والترمذي في الشمائل، قال العراقي وسنده ضعيف

    وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده رجل به أثر صفرة، وكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يواجه أحدًا بشيء يكرهه، فلما قام الرجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم للقوم لو قلتم له يدع هذه الصفرة أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وإسناده صحيح وذلك لأن الصفرة من أثر طيب النساء، ويكره للرجل أن يتطيب بما له لون، بل يتطيب بما له رائحة فقط

    وقالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن رجل شيء لم يقل له قلت كذا وكذا، قال ما بال أقوام يقولون كذا وكذا رواه أبو داود، وأخرجه النسائي بمعناه، وهو صحيح

    أما الحق فلم يكن الرسول يستحي صلى الله عليه وسلم منه؛ لأن ذلك من التفقه في الدين وروت أم سلمة رضي الله عنها أن أم سليم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فقال : نعم، إذا رأت الماء - رواه البخاري

    الوصية بالجار
    قال صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه رواه البخاري ومسلم
    وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك رواه مسلم
    وفي رواية ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف رواه مسلم
    وقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره - رواه البخاري
    وفي رواية من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره - رواه ابن ماجة

    حثه صلى الله عليه وسلم على صلة الأرحام
    لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن من أحب الأعمال إلى الله تعالى بر الوالدين البخاري
    قال رجل من الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟
    قال : أمك
    قال : ثم من؟
    قال : أمك
    قال : ثم من؟
    قال : أمك
    قال : ثم من؟
    قال : أبوك - رواه البخاري ومسلم

    وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أجاهد؟ قال ألك أبوان؟ قال نعم، قال ففيهما فجاهد رواه البخاري ومسلم
    وجعل صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر
    قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالها ثلاثًا، فقال الصحابة بلى يا رسول الله، قال الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - رواه البخاري

    وقال صلى الله عليه وسلم عن الله حرم عليكم عقوق الأمهات رواه البخاري
    وحث صلى الله عليه وسلم على صلة الوالدين المشركين والأقارب المشركين، وجعل صلة الرحم من أسباب دخول الجنة والبسط في الرزق، وقطعها من أسباب دخول النار
    قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة قاطع (أي قاطع رحم) رواه البخاري

    وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي
    فقال : لئن كنت كما قلت، فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك - رواه مسلم
    المل أي الرماد الحار


                  

02-20-2008, 06:34 AM

عبد الرحمن الطقي
<aعبد الرحمن الطقي
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 3925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    بورك فيك أخي عبد الرحمن الحلاوي

    و صلى الله على النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم

    ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيراً )
                  

02-20-2008, 06:59 AM

سميح جمال

تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبد الرحمن الطقي)

    الهم صلى على النبى محمدا
    الطاهر بن الطاهر بن الطاهر.
    صلى الله عليه وسلم.
                  

02-20-2008, 08:37 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبد الرحمن الطقي)

    وفيكم يا سمي ، وقصدنا بهذا البوست نصرة نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وعشمنا في مسلمي العالم باتباع سنته والسير على نهجه قولا وفعلاً حتى يصبح للحب معنى إن المحب لمن يحب مطيع
                  

02-20-2008, 10:24 AM

البشير دفع الله
<aالبشير دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 3014

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الاخ عبدالرحمن الحلاوي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

    وجعلها الله في ميزان حسناتك
                  

02-20-2008, 10:29 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: البشير دفع الله)

    الأخ البشير ، وبارك الله فيكم وجزيتم خيراً ، وكن قريباً
                  

02-20-2008, 10:40 AM

Zain alAbdin El idrissi


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته الأخ عبد الرحمن
    ربنا يجزيك خير على هذا البوست القيم المفيدوربنا يجعله
    في ميزان حسناتك
    وصل الله على سي دنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    أهلا بمن خلق الوجود لأجله

    سر الوجود وفاتح الأقفال

    أهلا بمغني العالمين بجوده

    دنيا وأخرى غنية المفضال
                  

02-21-2008, 03:38 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: Zain alAbdin El idrissi)

    وجزاكم الله خير الجزاء ونسأل الله القبول وأن يطابق قولنا فعلنا وان كون ممن يسمع فيعمل .شكراً Zain alAbdin El idrissi
                  

02-21-2008, 03:43 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    معجزات الرسول صلي الله عليه وسلم

    ذكر شيء من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

    المعجزات :هي كل أمر خارق للعاده مقرون بالتحدي وهو صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء معجزات وقد قيل أنها تبلغ الفا وقيل ثلاث آلاف .والله اعلم .
    نذكر منها :1- القرآن الكريم :وهو أعظم المعجزات الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه فإن القرآن معجزه إلى يوم القيامه .
    2-انشقاق القمر ليله البدر حتى افترق فرقتين كما قال تعالى :إقتربت الساعه وانشق القمر )
    3- أن الله زوى ـ أي جمع ـ له الأرض كلها فضم بعضها لبعض حتى رأها وشاهد مغاربها ومشارقها قال تعالى :وان ملك أمته سيبلغ مازوى له منها .
    4- حنين الجذع إليه لما فارقه إلى المنبر وصار يخطب على المنبر بعد ما كان يخطب عليه ولم يسكن حتى اتى إليه فضمه وأعتنقه فسكت .
    5-نبع الماء من بين أصابعه .رواه البخاري )


    6- تسبيح الحصى بكفه .رواه أبن عسكر من حديث أبي داود وغيره .
    7-تسبيح الطعام حين وضع عنده _ أي بين يديه فنطق كما في البخاري عن أبن مسعود .
    8- تسليم الجحر والشجر عليه بالنطق .رواه أبو نعيم في دلائل النبوه .
    9-تكليم الذراع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره أنه مسموم .رواه البخاري .
    10-أن البعير شكا إليه الجهد ـ أي المشقه ـ أن صاحبه يجيعه ويتعبه .رواه أبو داود .
    11-شهاد الذئب له بالنبوه .رواه الطبراني وابو نعيم .
    12-انه جاء مره إلى قضاء الحاجه ولم يجد شيئا يستتر به سوى جذع نخله صغيره وأخرى بعيده عنها .ثم أمر كلا منها فأتتا إليه فسترتاه حتى قضا حاجته ثم أمر كلا منهما بالمضي إلى مكانها .راواه الأمام أحمد والطبراني .
    13-أنه قربت منه ست من الأبل لينحرها فصارت كل واحده تقترب منه ليبدأبها .رواه أبو داود والنسائي .
    14-أن عين قتاده بن النعمان الأنصاري سقطت يوم أحد فردها فكانت المردودةأحـد(أقوى) من العين الصحيحه .رواه الحاكم وغيره من عدة طرق .
    15-أن عين أبي طالب ـرضي الله عنه ـ برأت من الرمد حين تفل فيها .متفق عليه .
    16- أن عبد الله بن عتيك الأنصاري أصيبت رجله حين نزل من درج إلى رافع أبن ابي الحقيق لما قتله فمسحها بيده الشريفه فبرأت .رواه البخاري .
    17- ان أبي بن خلف كان يلقي المصطفى فيقول ان عندي قعودا أعلفه كل يوم أقتلك عليه فيقول بل أنا أقتلك إن شاء الله فطعنه يوم أحد في عنقه فخدشه غير كثير ،فقال :قتلني محمد فقالوا :ليس بك بأس قال :انه قال كأنا أقتلك فلو بصق علي ليقتلني فمات .
    18-أنه أخبر أميه بن خلف أنه يقتله فقتل كافر ا يوم بدر .رواه البخاري .
    19-أنه عد لآصحابه في بدر مصارع الكفار فقال :هذا مصرع فلان غدا ويضع يده على الأرض ،وهذا ،وهذا ،فكان كما وعد .وما تجاوز احد منهم موضوع يده .رواه ابو داود.
    20-انه أخبر عن طوائف من أمته أنهم سيركبون وسط البحر أي يغزون في البحر كالملوك على الأسره ومنهم أم حرام بنت ملحان فكان كما أخبر . رواه البخاري .
    21-أنه قال في الحسن بن علي ان ابني هذا سيد ولعل الله ان يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كما قال .فانه لما توفى ابوه بايعه اربعون ألفا على الموت فتنازل عن الخلافه لمعاويه حقنا لدماء المسلمين .رواه البخاري .
    22-أنه أخبر في شأن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ انه ستصيبه بلوى شديده يريد قتله فكان كما قال .رواه البخاري .
    23 -انه أخبر بمقتل الأسود العنسي في صنعاء اليمن في الليله التي قتل فيها في المدينه ،فجاء الخبر بما اخبر به .ذكره ابن اسحاق وغيره .
    24-انه أخبر بقتل كسرى كذلك في ليلة مقتله الخبر كما ذكر.
    25-أخبر عن الشيماء بنت الحارث السعدية أخت رسول الله من الرضاع أنها قد رفعت في خمار اسود على بغله شهباء فكان كذلك .رواه أبو نعيم .
    26-أنه دعا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن الله تعالى يعز به الأسلام أبابي جهل أبن الهشام فأصابت دعوته عمر فأصبح مسلما فعز بإسلامه كل من أضحى مسلما .
    27-أنه دعا لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بذهاب الحر والبرد عنه فكان علي لايجد حرا ولا بردا ،رواه البيهقي .
    28-أنه دعا لابن عباس بفقه الدين وعلم التأويل فصار بحراً زخاراً واسع العلم .
    29- أنه دعا لثابت بن قيس بن شماس بأنه يعيش سعيدا ويقتل شهيدا فكان كذلك .
    30-انه دعا لآنس بن مالك بكثره المال والولد وبطول العمر فعاش نحو المائه سنه وكان ولده من صلبه مائة وعشرين ولدا ذكرا ،وكان له نخل يحمل في كل سنه حملين .
    31-انه قال في رجل أدّعى (منافق)الإسلام وغزا معه وأكثر قتال الكفار مع المسلمين أنه من أهـل النارفصدق الله تعالى مقتله ،فأنه أصابته جراحه فقتل نفسه بيده عمداً ‍‍‍‍‍‍(وقاتل نفسه في النار أعوذ بالله ) متفق عليه .
    32- كان بينه وبين عتيبه بن ابي لهب أذى فدعا عليه بأن يسلط الله عليه كلبا من كلابه فقتله الأسد . رواه ابو نعيم وغيره .
    33-انه لما شكا إليه شاك قحوط المطر ـ أي حبسه وانقطاعه وهو فوق المنبر في خطبة الجمعة فرفع يديه إلى الله تعالى ودعا .وما في السماء قطعة من السحاب فطلعت سحابة حتى توسطت السماء فاتسعت فأمطرت فقال :اللهم حوالينا ولا علينا فاقلعت وانقطعت .متفق عليه
    34- أنه أمر عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ ان يزود اربع مائه راكب اتو إليه من تمر كان عنده فزودهم منه والتمر كان مقدراه كالفصيل الرابض فزودهم جميعا وكأنه ما مسه أحد .رواه أحمد وغيره .
    35-انه اطعم الألف الذين كانوا معه في غزوة الخندق من صاع شعير ودون صاع وبهيمة ـوهي ولد الضأن فأكلوا وشربوا وأنصرفوا وبقي بعد انصرافهم عن الطعام اكثر مما كان من الطام .متفق عليه .
    36- انه أطعم اهل الخندق ايضا من تمر يسير اتت به إليه جاريه .رواه ابو نعيم .
    37-انه أطعم جماعه من أقراص شعير قليله بحيث جعلها أنس تحت ابطه لقلتها فأكل منها ثمانون رجلا وشبعوا كلهم وهو كما أتى لهم كأنه لم يمسه أحد كما جاء في الصحيحين عن أنس .
    38-أنه أطعم الجيش حتى وصلوا إلى حد الشبع من مزود ـ وهو وعاء التمر ـورد مابقى فيه لصاحبه ابي هريره .ودعا له بالبركه فأكل منه في حياته إلى حين قتل عثمان ـ رضي الله عنه .
    39-أنه حين تزوج بزينب بنت جحش أطعم خلقا كثيراً من طعام قدم إليه في قصعه ثم رفع الطعام من بينهم وقد شبعوا وهو كما وضع أو أكثر .كما رواه أبو نعيم .
    40- أنه في غزوة حنين رمى الكفار بقبضه من تراب وقال :شاهت الوجوه فامتلأت اعينهم ترابا كلهم وهزموا عن أخرهم .رواه مسلم وغيره .
    41-أنه لما أجتمعت صناديد قريش في دار الندوة وأجمعوا على قتله وجاءواإلى بابه ينتظرون خروجه فيضربونه بالسيوف ضربه رجل واحد خرج عليهم ووضع التراب على رأس كل واحد منهم .
    42- معجزة الأسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .
    ـــــــــــــــــــ
    نقلته لكم من كتاب : بهجه الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين
    تأليف عبد الله جار الله
    الطبعه الأولى 1404
    الصفحه :253 _257
                  

02-21-2008, 03:44 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    غيبيات أخبر عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم

    من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم إخباره عن الكثير من المغيبات ، سواء ما حدث منها قبل بعثته أم بعدها، أو ما تعلق بأخبار حياة البرزخ ، وأحداث يوم القيامة والجنة والنار، أو الإخبار عن العوالم الأخرى، كالجن وغيرها.


    فمما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن الأمم السابقة قصة جريج العابد، التي ثبتت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كان رجل في بني إسرائيل يقال له جريج يصلي، فجاءته أمه، فدعته، فأبى أن يجيبها، فقال: أجيبها أو أصلي؟ ثم أتته، فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته، فقالت امرأة: لأفتنن جريجاً، فتعرضت له، فكلمته، فأبى، فأتت راعياً، فأمكنته من نفسها، فولدت غلاماً، فقالت: هو من جريج، فأتوه، وكسروا صومعته، فأنزلوه، وسبوه، فتوضأ، وصلى، ثم أتى الغلام، فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي ، قالوا: نبني صومعتك من ذهب، قال: لا إلا من طين ) فهذه من الأخبار الماضية التي وقعت في الأمم السابقة وأخبر عنها صلى الله عليه وسلم.


    ومن المغيبات ما بشر به صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذكر منازلهم في الجنة، كما فعل صلى الله عليه وسلم مع الخلفاء الراشدين ، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً مما لا يسع المجال لذكره
    وكذلك ما بشر به صلى الله عليه وسلم بعض زوجاته ، فقال: ( بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب، لا صخب
    فيه ولا نصب ) متفق عليه. وبشر مؤذنه بلال رضي الله عنه بقوله: ( فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ) متفق عليه.

    ومن المغيبات إخباره صلى الله عليه وسلم عن أناسٍ أنهم من أهل النار، من ذلك ما ثبت في الصحاح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة، ولا فاذة، إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه، كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، فجرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه- أي طرفه- بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه
    فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً، أنه من أهل النار- وذكرنا قصته - ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل
    عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ) متفق ! عليه ، وهذا لفظ البخاري .


    ومن المغيبات - غير ما تقدم- إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن وعلامات الساعة وهذا كثير؛ من ذلك ما رواه أسامة رضي الله عنه قال: ( أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم- أي حصن - من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر ) متفق عليه.

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال، ما حدث به نبي قومه، إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه ) متفق عليه.

    وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم - خيمة من جلد-، فقال: اعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص- أي مثل داء يميت الدواب فجأة- الغنم، ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من
    العرب إلا دخلته، ثم هدنة، تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية -راية-، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ) رواه البخاري .

    وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله ) متفق عليه.


    ومن المغيبات إخباره صلى الله عليه وسلم عن العوالم الأخرى؛ كالجن والملائكة وغيرها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير ) رواه مسلم .

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ) رواه مسلم .

    تلك المغيبات وغيرها كثير من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، التي خُصَّ بها، كان لها من الفوائد العظيمة، والآثار الجليلة، ما جعل رسالة الإسلام مميزة على غيرها من الشرائع ، محفوظة بحفظ الله لها ومؤيدة بتأييده إياها، لا يعرفها أحد معرفة صحيحة إلا سلّم القياد لها وأذعن لحكمها، ولا ينصفها شخص إلا دخل في ركابها وسار على
    هديها

    إنها الرسالة الخاتمة، العامة، الشاملة، اللهم اهدِ عبادك لما أكرمت به خاتم رسلك، والحمد لله رب العالمين.
                  

02-21-2008, 03:46 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الحياة الدنيوية لصفوة خلق الله محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه

    كانت الحياة الدنيوية لأشرف الرسل، وأكرم خلق الله، وخير البرية محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه، مثالاً وبرهاناً أن الله لا يختار الدنيا لأوليائه وأحبابه، وإنما يختار لهم الآخرة {وللآخرة خير لك من الدنيا}.

    وكانت كذلك سلسلة متواصلة من الاختبارات والابتلاءات.

    فقبل الرسالة نشأ النبي صلى الله عليه وسلم في أسرة فقيرة فقد مات أبوه قبل أن يولد، ولم يترك له من الميراث إلا أمة هي أم أيمن رضي الله عنها.

    وقـد عانت أمه حتى وجدت مرضعاً له، وبقي في كفالة جده عبدالمطلب ثم لم تلبث والدته حتى توفيت وهـو طفل صغير، ثم تبعها جده عبدالمطلب، فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كفالة عمه أبي طالب، الذي كان فقيراً، كثير الأولاد، وهكذا نشأ النبي يتيماً فقيراً قد من الله عليه بالمأوى عند جده، ثم عمه. قال تعالى {ألم يجدك يتيماً فآوى}.

    وعمل النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام أجيراً في رعي غنم الأثرياء من أهل مكة فقال: [رعيت الغنم على قراريط لبعض أهل مكة]، والقيراط عمله صغيرة في قيمة الفلس.

    ولما شب لم يكن له مال ليتاجر فيه كأهل مكة الذين كانت التجارة هي عملهم الأساس. فإن مكة ليست ببلـد زرع، وإنما عيش أهلها على التجارة واستجلاب البضائع، والبيع في أسواق الحج.. وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم بالتجارة مرات قليلة في مال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. وكان أهل مكة يقارضون بأموالهم. (والقراض أن يعطي رب المال ماله للعامل ليتاجر فيه ثم يكون الربح بينهما وإذا وقعت الخسارة وقعت في المال وخسر العامل عمله)، وهذه المعاملة التي كان أهل الجاهلية يتعاملون بها جاء الإسلام وأقرها، فهي صورة من صورة الشركة في الإسلام.

    ولم يتوغل النبي في التجارة، ولا كانت هماً له.

    وبعد أن تزوج من خديجة رضي الله عنها، انصرف إلى العزلة والتعبد، فكان يأخذ زاده من طعام وشراب، ويخرج خارج مكة، وقد اختار جبل حراء الذي وجد كهفاً (مغارة) في أعلاه سكنها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يمكث فيها الليالي ذوات العدد حتى إذا فنى الطعام الذي معه، ونفذ الماء رجع إلى مكة مرة ثانية، ثم يكون من شأنه أن يتزود من الطعام والشراب لأيام أخرى يقضيها وحده في غار حراء.

    ووجد صلى الله عليه وسلم في هذه الخلوة راحته وسعادته واطمئنان قلبه، وحببت إليه هذه الخلوة والابتعاد عن الناس، ومن كان في مثل هذه الحال فإن الدنيا لا تكون له على بال.

    وكان هذا إعداداً من الله له ليحمل بعد ذلك ما لا تستطيع حمله الجبال.

    وأتاه الوحي من الله، وحمله الله سبحانه وتعالى رسالته إلى العالمين، وأمره بإبلاغ دينه إلى الناس كافة في الأرض كلها.

    وهذه الرسالة تبديل كامل لما عليه الأمم كلها من العقائد والنظم والتشريع والآداب والأخلاق، وفيها إكفار أهل الأرض كلهم: اليهود والنصارى والعرب المشركين والمجوس، وتسفيه لأحلامهم وحكم عليهم بالنار والعذاب والخسران هم ومن مضى من آبائهم إن ظلوا على ما هم عليه من الدين والخلق والسلوك والتشريع..

    ومع ضخامة هذه المهمة وثقلها، وتكاليفها الباهظة فإن الله سبحانه وتعالى لم يضع تحت يد النبي صلى الله عليه وسلم كنزاً من المـال ينفق منه، ولا وسيلة معجزة خارقة للعادة تحمله هنا وهناك ليبلغ رسالة ربه، بل ولم يرفع عنه السعي الواجب ليكسب عيشه وعيش أولاده، وكان صلى الله عليه وسلم قـد رزق بولدين القاسم وعبدالله ماتا سريعاً، وبأربعة من البنات هن زينب،ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، عليهن السلام جميعاً ظللن في كنفه. والبنت ليست كاسبة.

    وكان على النبي صلى الله عليه وسلم الذي حمل هذه الأمانة العظمى أن يسعى فيها وأن يجد ويجتهد، فانتهى بذلك عهد السكون والخلوة والسلامة من الناس والبعد عن شرورهم..

    يوم الطائف!! وما لقي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:


    ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم من ماله في هذا الوقت دابة يركبها، ولو حماراً يحمله إلى مكان بعيد عن مكة ليبلغ رسالة ربه، ولما أراد الذهاب إلى الطائف لم يجد إلا قدميه، وعندما رآه أهل الطائف وهم أهل الغنى والثراء، وقد أتاهم من مكة ماشياً، وليس معه أحد.. لا صديق، ولا مرافق، ولا خادم، يقوم بخدمته.. ثم يقول لهم بعد ذلك [أنا رسول رب العالمين]!!، استنكروا هذا جداً، ولم تتقبل عقولهم المريضة، ونفوسهم الإنسان رخيصة أن يكون هذا الذي أمامهم وهو على تلك الحال من الضعف والفقر هو رسـول الله حقاً وصدقاً، إذ كيف يكون رسول الله خالق الكون الذي يكلفه بالبلاغ للناس جميعاً، ولا يضع له ولو ردابة في الخدمة ليبلغ عليها رسالة ربه!!

    وكان من شأنهم ما قصه النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قائلة: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: [لقيت من قومك ما لقيت!! وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذا عرضت نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلال، فلم يجبني إلى ما أردت -فانطلقت وأنا مهموم- على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب -وهو المسمى بقرن المنازل- فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم!! فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد، ذلك!! فما شئت؟‍‍! إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين - أي لفعلت، (والأخشبان هما جبلا مكة، أبو قبيس والذي يقابله وهو قعيقعان) - قال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئاً].(متفق عليه)

    وقد روى ابن اسحاق هذه الحادثة بتفصيلاتها فقال: لما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن نالته منه في حياة عمه أبي طالب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصرة والمنعة بهم من قومه، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله تعالى، فخرج إليهم وحده!!

    فحدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي. قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وعمد إلى نفر من ثقيف هم سادة ثقيف. وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة: عبدياليل، ومسعود، وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح، فجلس إليهم فدعاهم إلى الله وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه.

    فقال أحدهـم: هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك!! وقال الآخر: أما وجد الله أحداً أرسله غيرك!! وقال الثالث: والله لا أكلمك أبداً لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام!! ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك!!

    فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، وقد قال لهم -فيما ذكر لي- إن فعلتم ما فعلتم بي فاكتموا علي، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه فيذئرهم ذلك عليه.

    وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه. فعمـد إلى ظل حبله من عنب جلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف، قد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما ذكر لي- المرأة التي من بني جمح، فقال لها: ماذا لقينا من أحمائك!!

    فلما أطمأن قال -فيما ذكر- [اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو تحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك].

    قال: فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة، وما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس وقالا له: خذ قطفاً من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه. ففعل عداس ثم ذهب به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قـال له كل، فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فيه قال: [بسم الله] ثم أكل، ثم نظر عداس في وجهه ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس؟ وما دينك]، قال: نصراني وأنا رجل من أهل نينوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من قرية الرجل الصالح يونس بن متى]، فقال له عداس: وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ذلك أخي كان نبياً وأنا نبي]، فأكب عداس على رسول الله يقبل رأسه ويديه وقدميه. قال يقول أبناء ربيعة لأحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك!!

    فلما جاء عداس قالا له: ويلك يا عداس!! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي قالا له: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه.

    وقد ذكر موسى بن عقبة نحواً من هذا السياق إلا أنه لم يذكر الدعاء وزاد، وقعد له أهل الطائف صفين على طريقه، فلما مر جعلوا لا يرفع رجليه، ولا يضعهما إلا رضوخهما بالجحـارة حتى أدموه فخلص منهم وهما يسيلان الدماء فعمد إلى ظل نخلة وهو مكروب، وفي ذلك الحائط عتبة وشيبة أبناء ربيعة، فكره مكانهما لعداوتهما الله ورسوله.

    النبي صلى الله عليه وسلم يستدين ثمن الراحلة التي يهاجر عليها إلى المدينة:

    ولما أذن الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة بعد أن أجمعت قريش أمرها على قتله، رأت أن هـذا هو السبب الوحيد الذي يمكن أن يوقف دعوته، وأن نفيه خارج مكة أو حبسه فيها، لن يمنع من انتشار دعوته في مكة وخارجها.. أقول لما عزم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج مكة وأذن الله له في الخروج منها لم يكن يملك راحلة يركبها، وهو رسول رب العالمين، الذي له ملك السموات والأرضين، ولما عرض النبي صلى الله عليه وسلم أمر الهجرة على الصديق أبي بكر رضي الله عنه، فرح أبو بكر بذلك فرحاً شديداً، وكان يعلم أنه لا بقاء له والرسول صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أن اشتد على المسلمين الأذى وهاجر عامتهم إلى الحبشة، ولم يبق إلا من له عهد مع قريش أو عصبة قوية تحميه، وكان أبو بكر قـد اشترى راحلتين من ماله، وكان تاجراً ميسوراً فعرض على النبي صلى الله عليه وسلم إحداهما ليهاجر عليها فقبلها النبي بثمنها.

    الصديق يرتب أمر الهجرة خطة ومالاً:

    ورتب أبو بكر شأن الهجرة كله، الرواحل، والزاد، ودليل الطريق (عبدالله بن أريقط) وكان غلاماً للصديق، والاختفاء في نواحي مكة حتى يخف الطلب ويأمن الطريق، وكيفية وصول الزاد إليهما، ومعرفة أخبار قريش مدة الاختفاء حتى يخف الطلب، فقد كان رأس أبي بكر مطلوباً مع رأس النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قريش جعلت مائة من الإبل لمن أتاها بالنبي أو صاحبه حياً أو ميتاً.

    وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الصديق الذي لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم من أهل الأرض كلهم ناصر بعد الله إلا هو، الذي رافقه في هجرته جاعلاً حياته مع حياة النبي صلى الله عليه وسلم وروحه دون روحه. قال تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذي كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا...} الآية

    وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لا يحمل مالاً ولا متاعاً، والراحلة التي حملته كانت من مال الصديق ديناً على النبي صلى الله عليه وسلم، وحق للنبي صلى الله عليه وسلم قبل موته أن يذكر الصديق مشيداً بمنزلته وفضله فيقول: [إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن] (متفق عليه)

    النبي صلى الله عليه وسلم ينزل المدينة بلا مال أم متاع:

    ويسكن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وينزل أولاً ضيفاً على أبي أيوب الأنصاري، ثم يعرض شراء أرض المسجد وكانت خربة فيها قبور لبعض المشركين، وبقايا نخل لا يثمر، فيقول أصحاب الأرض: والله لا نقبل ثمنها إلا من الله!!

    فيكون وقفهم هذا أعظم وقف في الإسلام (المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم) ويشتري النبي بجوار المسجد أرضاً يقيم فيها حجرات لزوجاته. كانت الحجرة لا تسعه قائماً يصلي، وتسع امرأته. قالت أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها: (كنت أنام في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم يصلي من الليل فإذا أراد أن يسجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما). (متفق عليه) وهذا من ضيق المكان.

    فهل تتصور الآن غرفة لا تسع مصل ونائم!!

    أنس بن مالك أعظم هدية في الإسلام:


    ولما سكن الرسـول بيته جاءته أم سليم الأنصارية الصحابة العابدة الفقيهة الحصيفة كاملة الدين والعقل فأهدت له ابنها، وقالت: يا رسول الله هذا خادمك أنس!!، فكان أنس بن مالك رضي الله عنه خـادم النبي صلى الله عليه وسلم لعشر سنين!! لم يعرف خادم في الدنيا أشرف ولا أجل ولا أعظم منه فشرف الخادم بشرف المخدوم، وهل أجل وأعظم وأشرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولو قدر لنا أن نرى خادم رسول الله لخدمناه لخدمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

    منزل بلا أثاث أو رياش:

    وعاش النبي صلى الله عليه وسلم في منزل لا يعرف الأثاث ولا الرياش، فلم يكن فيه بساط قط، ولا كان يستر حيطانه من الطين شيء من الأصباغ بل ولا تسويه بالملاط.

    ولما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم الطائي وهو ملك طيء وسيدهم وحبرهم، وقد علق صليباً من الذهب في صدره، واستضافه النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم ما يقدم لضيفه ليجلس عليه إلا وسادة واحدة من ليف وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لضيفه ليجلس عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض!!

    منزل بلا مطبخ ولا نار!!

    ولم يعرف بيت النبي صلى الله عليه وسلم مطبخاً قط، ولا كان فيه فرن قط، وكان يمر شهران كاملان ولا يوقد في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم نار قط، وكان يعيشون الشهر والشهرين على الماء والتمر فقط.. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين، ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار!! قيل: فما كان طعامكم. قالت: الأسودان: التمر والماء!!!

    ولم يكن يجد آل محمد صلى الله عليه وسلم التمر في كل أوقاتهم، بل كان رسول الله يمضي عليه اليوم واليومين وهو لا يجد من الدقل (التمر الردئ) ما يملأ به بطنه.

    ولم ير رسـول الله صلى الله عليه وسلم الخبز الأبيض النقي قط، وسأل عروة بن الزبير رضي الله عنه خالته عائشة رضي الله عنها هل أكل رسول الله خبز النقي؟ فقالت: ما دخل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلاً قط، ولا رأى رسول الله منخلاً قط.. قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نطحنه ثم نذريه (مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه!! ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشبع من خبز الشعير هذا يومين متتالين حتى لقي الله عز وجل!!

    قالت أم المؤمنين رضي الله عنها: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتالين حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وكانت تمر الأيام على أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجدون ما يأكلونه لا تمراً ولا شعيراً إلا الماء.

    ولقد جاء للنبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله أنا ضيفك اليوم!! فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تسع زوجات عنده، ترد كل واحدة منهن (والله ما عندنا ما يأكله ذو كبير!! والمعنى من طعام يمكن أن يأكله إنسان أو حيوان) فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أخذه إلى المسجد عارضاً ضيافته على من يضيفه من المسلمين فقال: [من يضيف ضيف رسول الله!!]

    وأقول: الله أكبر!! رسـول رب العالمين، ومن له خزائن السموات والأراضين لا يوجد في بيته خبزة من شعير أو كف من تمر يقدمه لضيفه!!

    اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الذي أرسلته رحمة للعالمين وسيداً للبشر أجمعين، وأعليت ذكره في الأولين والآخرين، واحشرني تحت لوائه يوم الدين.

    وعاش النبي صلى الله عليه وسلم حياته لم يجلس في طعامه على خوان قط، ولا أكل في (سكرجة) قط (السكرجة: هي الصحون الصغيرة) ولم يعرف لا هـو ولا أصحابه المناديل التي يجفف بها الأيدي بعد الطعام قط.

    هذه ثياب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

    وكان عامة أصحابه لا يجد أحدهم إزاراً ورداءاً معاً، بل عامتهم من كان له إزار لم يكن له رداء، ومن كان له رداء لم يكن له إزار!!

    وكان يستحيون من رقة حالهم إذا جلسوا أو مشوا أن تظهر عوراتهم!!

    وكان يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلوا وليس لإحدهم إلا الإزار أن يخالف بين طرفيه ويربطه في رقبته على عاتقيه!! حتى لا يسقط إزاره وهو يصلي!!

    وفي عهد التابعين رأى أحدهم جابر بن عبدالله الأنصاري يصلي في إزار قد عقده من قبل قفاه!! وثيابه موضوعة على المشجب فقال له: تصلي في إزار واحد؟! فقال: إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك!! وأينا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

    واختار النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيش حياته كلها متخففاً من الدنيا، مقبلاً على الآخرة، ولما فتحت له الفتوح، وكان له الخمس من مال بني النضير وخمس الخمس من خيبر، والخمس من فدك وكلها أراض ترد غلات كبيرة جعل كل ذلك في سبيل الله، وجاءته نساؤه يطلبن التوسعة في النفقة، فأنزل الله سبحانه وتعالى عليه {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وإن كنتن تردن الله ورسـوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً}

    ولما نزلت هذه الآية على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم أن هذا الخيار قد يصعب على بعض زوجاته، وكان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة رضي الله عنها، وكانت في وقت نزول هذه الآية طفلة صغيرة لم تكمل الحادية عشرة من عمرها.

    فبدأ النبي بها صلى الله عليه وسلم وقال لها: [يا عائشة إني عارض عليك أمراً فلا تستعجلي فيه حتى تستأمري أبويك!!]

    وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أن أبويها لا يمكن أن ينصحا لها بفراق النبي صلى الله عليه وسلم!! فلما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم عليها الآية وفيها تخيير بين الحياة مع النبي مع التقشف والتخفف من الدنيا، وترك التوسع فيها، وبين الطلاق. قالت: يا رسول الله أفيك أستأمر أبوي!! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة!!

    الله أكبر... ما أعظم هذا!! هذه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فتاة لم تبلغ الحادية عشرة من عمرها... أي فقه وفهم ورجاحة عقل ودين كانت تحمله هذه الحِصَان الرازن الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها. ثم قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: ولكن يا رسول الله لا تخبر أحداً من زوجاتك بالذي اخترته!!

    ومرة ثانية أقول الله أكبر... عائشة أم المؤمنين التي اختارت الله ورسوله والدار الآخرة وآثرت الحياة مع النبي صلى الله عليه وسلم مع الزهد والتقشف والتقلل من الدنيا يظهر فيها كذلك معاني الأنثى الكاملة، والزوجة الغيور المحبة لزوجها التي تريد أن تستأثر به (وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) ، وترجو أن يسقط في الاختبار غيرها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم!!

    ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها: [لا تسألني واحدة منهن عما اخترتيه إلا قلت لها!!]

    نعم المعلم أنت يا رسول الله!! فقد كنت كاملاً في كل نواحيك!!

    فأنت خير زوج لأزواجك، وخير صديق لأصدقائك، وخير صاحب لأصحابك، وخير شريك لشركائك، وخير جار لجيرانك، وفي النهاية خير رسول لأمته. فصلى الله عليك وعلى آلك وأزواجك الطيبين الطاهرين الذين صحبوك في هذه الحياة الدنيا على أتم صحبة، فكانت زوجاتك الطيبات الطاهرات خير النساء، ومن أجل ذلك جعلهن الله أمهات لكل مؤمن بمنزلة الأم الرؤوم الحنون. كما كنت يا رسـول الله أباً لكل مؤمن بمنزلة الوالد الرؤوف الرحيم {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهن}

    وفارقرسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا يوم فارقها وهو في ثوبه الخشن، ومنزله المتواضع، عيشه الكفاف، ولم يترك ديناراً ولا درهماً بل مات وهو مدين بثمن ثلاثين صاعاً من شعير طعاماً لأهل بيته كان قد اشتراها من يهودي ورهنه النبي درعه!!

    وأخرجت عائشة رضي الله عنها للناس رداءاً وكساءاً غليظاً فقالت: توفي رسـول الله صلى الله عليه وسلم في هذين!!

    فسلام الله عليك ورحمته وبركاته عليك يا رسول في العالمين.
                  

02-21-2008, 03:47 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    أقوال بعض المستشرقين اللذين أعجبوا بالرسول العظيم صلى الله عليه وسلم

    بين يديك جلة من أقوال بعض المستشرقين الذين أعجبوا بشخصية الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم)، ومع كونهم لم يرتدوا عباءة الإسلام فإنهم قالوا كلمة حق سطرها التاريخ على ألسنتهم وفي كتبهم وتراثهم، وما أحبوه كذلك إلا لأن أنصبته قد فاضت بكم من الرقي الشخصي والأخلاقي والحضاري إلى أبعد حد مما جعلهم معجبون به إلى حد جعلهم يسطرون فيه الكتب ويذكرون شخصه في كل وقت. وهذا جزء من كل ما قالوا في عظيم شخصه وصفاته الجليلة

    1- مهاتما غاندي:*

    غاندي
    "أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسفا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".

    2- راما كريشنا راو*:
    "لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا".

    3- ساروجنى ندو شاعرة الهند:*
    "يعتبر الإسلام أول الأديان مناديًا ومطبقًا للديمقراطية، وتبدأ هذه الديمقراطية في المسجد خمس مرات في اليوم الواحد عندما ينادى للصلاة، ويسجد القروي والملك جنب لجنب اعترافًا بأن الله أكبر.. ما أدهشني هو هذه الوحدة غير القابلة للتقسيم والتي جعلت من كل رجل بشكل تلقائي أخًا للآخر".

    4- المفكر الفرنسي لامرتين: *

    لا مارتين
    "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم.

    لكن هذا الرجل (محمدا (صلى الله عليه وسلم)) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.

    لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي (صلى الله عليه وسلم) موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته (صلى الله عليه وسلم) وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث.

    فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة).

    هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم) الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم).

    بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟

    5- مونتجومري: *
    إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.

    6- بوسورث سميث: *
    لقد كان محمد قائدا سياسيا وزعيما دينيا في آن واحد. لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة. ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.

    7- جيبون أوكلي: *

    جيبون وكلي
    ليس انتشار الدعوة الإسلامية هو ما يستحق الانبهار وإنما استمراريتها وثباتها على مر العصور. فما زال الانطباع الرائع الذي حفره محمد في مكة والمدينة له نفس الروعة والقوة في نفوس الهنود والأفارقة والأتراك حديثي العهد بالقرآن، رغم مرور اثني عشر قرنا من الزمان.

    لقد استطاع المسلمون الصمود يدا واحدة في مواجهة فتنة الإيمان بالله رغم أنهم لم يعرفوه إلا من خلال العقل والمشاعر الإنسانية. فقول "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" هي ببساطة شهادة الإسلام. ولم يتأثر إحساسهم بألوهية الله (عز وجل) بوجود أي من الأشياء المنظورة التي كانت تتخذ آلهة من دون الله. ولم يتجاوز شرف النبي وفضائله حدود
    الفضيلة المعروفة لدى البشر، كما أن منهجه في الحياة جعل مظاهر امتنان الصحابة له (لهدايته إياهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور) منحصرة في نطاق العقل والدين.

    8- الدكتور زويمر: *
    إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.

    9- سانت هيلر: *
    كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبي بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية وهما العدالة والرحمة.

    10- إدوار مونته: *

    عرف محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم.

    11- برناردشو: *

    برناردشو
    إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه
    القارة (يعني أوروبا).

    إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.

    12- السير موير: *
    إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم.

    13- سنرستن الآسوجي: *
    إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق
    عظماء التاريخ.

    14- المستر سنكس: *
    ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.

    إلى أن قال:
    إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد ـ بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ـ إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة.

    15- آن بيزيت: *

    من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد
    فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم.

    هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفياً لها طيلة 26 عاماً ثم عندما بلغ الخمسين من عمره - السن التي تخبو فيها شهوات الجسد - تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص.

    فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سبباً إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية.

    16- مايكل هارت: *
    إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.

    فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته.
    ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.

    17- تولستوي: *

    تولستوي

    يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.

    18- شبرك النمساوي: *
    إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.

    -------------------------------------------------------------------------

    (1) مهاتما غاندي في حديث لجريدة "ينج إنديا" وتكلم فيه عن صفات سيدنا محمد صلى الله علية وسلم

    (2) البروفسور رما كريشنا راو في كتابه "محمد النبي".

    (3) لامرتين من كتاب "تاريخ تركيا"، باريس، 1854، الجزء الثاني، صفحة 276-277.

    (4) مونتجومرى وات، من كتاب "محمد في مكة"، 1953، صفحة 52.

    (5) بوسورث سميث، من كتاب "محمد والمحمدية"، لندن 1874، صفحة 92.

    (6)إدوارد جيبون وسيمون أوكلي، من كتاب "تاريخ إمبراطورية الشرق"، لندن 1870، صفحة 54.

    (7) الدكتور زويمر الكندي مستشرق كندي ولد 1813 ـ 1900 قال في كتابه (الشرق وعاداته).

    ( العلامة برتلي سانت هيلر الألماني مستشرق ألماني ولد في درسدن 1793 ـ 1884 قال في كتابه (الشرقيون وعقائدهم).

    (9) الفيلسوف إدوار مونته الفرنسي مستشرق فرنسي ولد في بلدته لوكادا 1817 ـ 1894 قال في آخر كتابه (العرب).

    (10) برناردشو الإنكليزي ولد في مدينة كانيا 1817 ـ 1902 له مؤلف أسماه (محمد)، وقد أحرقته السلطة البريطانية.

    (11) السير موير الإنكليزي في كتابه (تاريخ محمد).

    (12) العلامة سنرستن الآسوجي: مستشرق آسوجي ولد عام 1866، أستاذ اللغات الساميّة، ساهم في دائرة المعارف، جمع المخطوطات الشرقية، محرر مجلة (العالم الشرقي) له عدة مؤلفات منها: (القرآن الإنجيل المحمدي) ومنها: (تاريخ حياة محمد).

    (13) المستر سنكس الأمريكي: مستشرق أميركي ولد في بلدته بالاي عام 1831، توفي 1883 في كتابه: (ديانة العرب).

    (14) آن بيزينت: حياة وتعاليم محمد دار مادرس للنشر 1932.

    (15) مايكل هارت: في كتابه مائة رجل من التاريخ.

    (16) ليف تولستوي «1828 ـ 1910» الأديب العالمي الذي يعد أدبه من
    أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية.

    (17) الدكتور شبرك النمساوي
                  

02-21-2008, 03:48 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

    أولا: أهمية الحدث:
    - يجتمع في شهر ربيع الأول أحداث ثلاثة، وهي مولد النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة ووفاته. ولا ريب أن كلاً منها كان حدثاً مهمًّا في حياة المسلمين، لا بل وفي حياة الثقلين أجمعين.

    - ويوافق بعض المسلمين النصارى وغيرَهم من الوثنيين، فيجعلون حدث المولد أهمَّ الأحداث الثلاثة، بل ويعتبره بعضهم أهمَّ أحداث السيرة النبوية قاطبة.

    - والحق أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم حدثٌ مبارك، حيث أشرق صلى الله عليه وسلم على الأرض بمولده، لكن هذا الحدث ليس له تميز عن سائر ولادات الناس لو لم يبعث ويرسل عليه الصلاة والسلام.

    - والحدث الأهم من ولادته هو هجرته صلى الله عليه وسلم التي أوجدت لنا المجتمع المسلم والدولة المسلمة التي استمرت قروناً طويلة، وقدمت للإنسانية حضارة فريدة على مرّ الزمن، ولأهمية هذا الحدث أرخ به عمر بن الخطاب والمسلمون بعده التاريخ الإسلامي. وقد روى ابن أبي شيبة عن الشّعبيّ أنّ أبا موسى كتب إلى عمر: إنّه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ, فجمع عمر النّاس, فقال بعضهم: أرِّخ بالمبعث, وبعضهم: أرِّخ بالهجرة, فقال عمر: (الهجرة فرّقت بين الحقّ والباطل فأرّخوا بها) [المصنف 7/26]

    - والحدث الأهم في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاته عليه الصلاة والسلام، لأن وفاته صلى الله عليه وسلم ليست كوفاة سائر الناس، ولا كسائر الأنبياء؛ إذ بموته صلى الله عليه وسلم انقطعت النبوات، وانقطع خبر السماء ووحي الله عن الأرض.

    - وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظم هذه المصيبة التي حلت بالمسلمين فقال: ((يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعَزَّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي)) [ابن ماجه (1599)]، قال السندي: \"((فليتعزّ)) ويخفِّف على نفسه مؤونة تلك المصيبة بتذكّر هذه المصيبة العظيمة، إذ الصّغيرة تضمحلّ في جنب الكبيرة فحيث صبر على الكبيرة لا ينبغي أن يبالي بالصّغيرة\". [حاشية السندي على ابن ماجه (1599)]

    - وها هي أم أيمن رضي الله عنها بكت حين مات النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لها تبكين فقالت: (إني ـ والله ـ قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيموت، ولكن إنما أبكي على الوحي الذي انقطع عنا من السماء). [أحمد (12179)]

    - وعن أبي بردة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) [مسلم (2531)].

    قال النووي: \"((وأنا أمنة لأصحابي, فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون)) أي: من الفتن والحروب, وارتداد من ارتدّ من الأعراب, واختلاف القلوب, ونحو ذلك ممّا أنذر به صريحًا, وقد وقع كلّ ذلك\" [شرح النووي (8/316)].

    قال أبو العتاهية:

    اصبر لكـل مصيـبة وتجلَّد واعلـم بأن المـرء غير مخلَّـد

    واصبر كما صبر الكرام فإنها نُوبٌ تنوب اليوم تكشف في غد

    أوما ترى أن المصائب جمـة وترى المنيـة للعبـاد بمرصـد

    فإذا أتتك مصيبة تشجى بها فاذكر مصـابك بالنبي محمـد
                  

02-21-2008, 03:48 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الحبيب صلى الله عليه وسلم


    كيف كانت هيئته وصورته التي صوره الله عليه فنشتاق إليه أكثر ونحبه أكثر بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ...

    فتعالوا معي واقرأوا هذه الأحاديث

    كان ابغض الخلق إليه الكذب
    كان ابيض ، كأنما صيغ من فضه ، رجل الشعر
    كان ابيض ، مشربا بحمره ، ضخم الهامة ، أهدب الأشفار
    كان ابيض ، مشربا بيض بحمره ، و كان اسود الحدقة ، أهدب الأشفار
    كان ابيض مليحا مقصدا
    كان احب الألوان إليه الخضرة
    كان احب الثياب إليه الحبرة
    كان احب الثياب إليه القميص
    كان احب الدين ما داوم عليه صاحبه
    كان احب الشراب إليه الحلو البارد
    كان احب الشهور إليه إن يصومه شعبان [ ثم يصله برمضان ]


    كان احب العرق إليه ذراع الشاه
    كان احب العمل إليه ما دووم عليه و إن قل
    كان احب ما استتر به لحاجته هدف أو حائش نخل
    كان احسن الناس خلقا
    كان احسن الناس ربعه ، إلى الطول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، اكحل العينين ، أهدب الأشفار ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ، ليس له أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضه
    كان احسن الناس ، و أجود الناس ، و أشجع الناس
    كان احسن الناس وجها ، و أحسنهم خلقا ، ليس بالطول البائن ، و لا بالقصير
    كان أخف الناس صلاه على الناس ، و أطول الناس صلاه لنفسه
    كان أخف الناس صلاه في تمام
    كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، و لكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، و يقول : السلام عليكم ، السلام عليكم
    كان إذا أتى مريضا ، أو أتي به قال : اذهب البأس رب الناس ، اشف و أنت الشافي ، لا شفاء ألا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما
    كان إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، و إذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال
    كان إذا أتاه الرجل و له اسم لا يحبه حوله
    كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه ، فأعطى الأهل حظين ، و أعطى العزب حظا
    كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان
    كان إذا أتى بباكورة الثمرة وضعها على عينيه ثم على شفتيه ، ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان
    كان إذا أتى بطعام سال عنه اهديه أم صدقه ؟ فان قيل : صدقه ، قال لأصحابه : كلوا و لم يأكل و إن قيل : هديه ، ضرب بيده ، فأكل معهم
    كان إذا اخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، و كان يقول : انه ليرتو فؤاد الحزين ، و يسرو عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها
    كان إذا اخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن
    كان إذا اخذ مضجعه قرا { قل يا أيها الكافرون } حتى يختمها
    كان إذا اخذ مضجعه من الليل قال : بسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي ، و اخسأ شيطاني ، و فك رهاني ، و ثقل ميزاني ، و اجعلني في الندى الأعلى
    كان إذا اخذ مضجعه من الليل ، وضع يده تحت خده ثم يقول : باسمك اللهم أحيا ، و باسمك أموت ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور
    كان إذا أراد الحاجة ابعد
    كان إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض
    كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه و هي حائض أمرها أن تأتزر ثم يباشرها
    كان إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد
    كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع
    كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك ، يوم تبعث عبادك ( ثلاث مرات )
    كان إذا أراد إن يستودع الجيش قال : استودع الله دينكم ، و أمانتكم ، وخواتيم أعمالكم
    كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة
    كان إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ وضوءه للصلاة، و إذا أراد أن يأكل أو يشرب و هو جنب غسل يديه ، ثم يأكل و يشرب
    كان إذا أراد أن ينام و هو جنب غسل فرجه ، و توضأ للصلاة
    كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه
    كان إذا أراد غزوه ورى بغيرها
    كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا
    كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد ، و أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره ، و خير ما صنع له ، و أعوذ بك من شره ، و شر ما صنع له
    كان إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفه : و يأتيك بالأخبار من لم تزود
    كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك و بهائمك ، و انشر رحمتك ، و أحيي بلدك الميت
    كان إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم و بحمدك ، و تبارك اسمك ، و تعالى جدك ، و لا اله غيرك
    كان إذا استن أعطى السواك الأكبر ، وإذا شرب أعطى الذي عن يمينه
    كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة
    كان إذا اشتدت الريح قال : اللهم لقحا لا عقيما
    كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، و إذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء
    كان إذا اشتكى رقاه جبريل قال : بسم الله يبريك ، من داء يشفيك ، و من شر حاسد إذا حسد ، و من شر كل ذي عين كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات و مسح عنه بيده
    كان إذا اصبح و إذا أمسى قال : أصبحنا على فطره الإسلام ، و كلمه الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، و مله أبينا إبراهيم ، حنيفا مسلما و ما كان من المشركين
    كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبه ، لم يزل معرضا عنه حتى يحدث توبة
    كان إذا اعتم سدل عمامته بين كفتيه
    كان إذا افطر عند قوم قال : افطر عندكم الصائمون ، و أكل طعامكم الأبرار ، و تنزلت عليكم الملائكة
    كان إذا افطر قال : ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق و ثبت الأجر أن شاء الله
    كان إذا افطر عند قوم ، قال : افطر عندكم الصائمون ، و صلت عليكم الملائكة
    كان إذا اكتحل اكتحل وترا ، و إذا استجمر استجمر
    كان إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذى أطعم و سقى ، و سوغه و جعل له مخرجا
    كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث
    كان إذا أكل لم تعد أصابعه بين يديه
    كان إذا التقى الختانان اغتسل
    كان إذا انزل عليه الوحي كرب لذلك و تربد وجهه
    كان إذا انزل عليه الوحي نكس رأسه و نكس أصحابه رؤوسهم ، فإذا اقلع عنه رفع رأسه
    كان إذا انصرف انحرف
    كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ، ثم قال : اللهم أنت السلام ، و منك السلام ، تباركت ياذا الجلال و الإكرام
    كان إذا أوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذى أطعمنا ، وسقانا ، و كفانا ، و آوانا فكم ممن لا كافي له ، و لا مؤوي له
    كان إذا بايعه الناس يلقنهم : فيما استطعت
    كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : بشروا و لا تنفروا ، و يسروا و لا تعسروا
    كان إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل : ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا و كذا
    كان إذا تضور من الليل قال : لا اله إلا الله الواحد القهار ، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار
    كان إذا تكلم بكلمه أعادها ثلاثا ، حتى تفهم عنه ، و إذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم عليهم ثلاثا
    كان إذا تهجد يسلم بين كل ركعتين..
                  

02-21-2008, 03:50 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    رؤيا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام

    نص السؤال

    سمعنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه (من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لايتمثل بي ) فما مدى صحة هذا الحديث ؟وما تأويله الصحيح ؟

    اسم المفتي:الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    فهذا الحديث صحيح حيث رواه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما بألفاظ متقاربة ويرى فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا أن هذه الرؤيا المذكورة في الحديث خاصة بأصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذين رأوه في حياته رؤية حقيقية وإليك التفصيل في هذه المسألة كما ذكره الشيخ ـ رحمه الله ـ باختصار وتصرف
    يقول فضيلته:

    تلقيت هذا الحديث النبوي الشريف من بداية طلبي للعلم، والتلقي عن شيوخنا الأوائل، منذ أن كنا شداة مبتدئين، لا مصدر لنا فيما نتعلم إلا ما نسمعه من شيوخنا. ثم لما شببنا قليلا عن الطوق، وأخذنا بدراسة الفقه وأحكامه بالتفصيل بدأ تفكيري بعد ذلك بضرورة التعمق في دراسة هذا الحديث رواية ودراية، للتوفيق بينه وبين ما يقرره الفقهاء من عدم جواز أخذ الأحكام عن طريق الرؤيا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام.

    ثم ازداد شعوري بضرورة تلك الدراسة والتمحيص كلما نشر بعض القائمين على أحد المساجد، أو بعض المقيمين في نطاق الحرمين الشريفين، شيئًا من النشرات السنوية بأنهم رأوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام، وقال لهم كيت وكيت، وأن يبلغوا الناس ونحو ذلك، مما ينشره بعض المستغلين للمشاعر الدينية عند عامة المسلمين ودهمائهم.

    وكم سمعنا من بعض المريدين من أتباع بعض شيوخ الطرق الصوفية أنه يفعل كذا وكذا من عبادات أو عادات، لأن شيخه أخبره أنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمره بذلك.
    قد يكون الشيخ صادقًا في أنه رأى ما رأى في منامه، ولكن يبقى هذا بابًا مفتوحًا لاستغلال عقول السذج، ويبقى السؤال مطروحًا: وهو: ما قيمة رؤياه هذه في ميزان علم الشريعة ؟
    بعد أن وهبنا الله تعالى من المعرفة ومفاتيحها ما نستطيع أن نخرج به من دائرة الاعتماد المطلق على ما نسمع من شيوخنا الأوائل، وأصبحنا متمكنين أن ننطح المصادر بأنفسنا، وأن نرد الموارد الأصلية، ونغوص فيها ونمحص، رأيت أن أسلك الطريق العلمية الصحيحة في دراسة ما يتعلق بهذا الحديث النبوي الشريف، حديث رؤيا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام.

    فعمدت قبل كل شيء إلى النظر في سنده وصحته، فإن كان ضعيفًا فقد كفيت العناء، فإذا بي أجد أنه صحيح ومروي من طرق عديدة من عدد من كبار الصحابة رضي الله عنهم، بصيغ وألفاظ مختلفة في بعضها لكنها متقاربة. وقد أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما.

    ووجدت أن علماء الحديث المحققين، كالعلامة ابن حجر في فتح الباري يتفقون مع الفقهاء في أنه لا تؤخذ الأحكام من هذه الرؤيا، وأن من رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه يأمره بفعل أو ينهاه فعليه أن يعرض ذلك على أصول الشريعة وقواعدها التي قررها الفقهاء فما وافقها من رؤياه جاز له فعله، وما لا فلا.

    وبعد لأي ما وجدت لنفسي التعليل وارتضيته، وهو أن الله تعالى لم يتعبدنا بأخذ الأوامر والنواهي من الرؤيا المنامية مهما كانت، وإنما تعبدنا بأخذ الأحكام والأوامر والنواهي من النصوص، نصوص الكتاب والسنة. وليس في هذا رد لحديث الرؤيا الثابت، ولكن مع التسليم بحصة هذا الحديث، ليست الرؤيا هي الطريق المشروع لأخذ الأحكام، وتلقي الأوامر والنواهي، فلا إشكال.

    آراء الشراح في معنى هذا الحديث:
    شراح هذا الحديث النبوي لهم في تفسيره كلام كثير وتصويرات عديدة ويمكن تصنيفهم إجمالاً إلى فريقين:
    ـ فريق المتحفظين الذين يحددون المقصود بهذا الحديث النبوي، ويقيدون شموله، فيقولون: إن المراد بهذا الحديث من يرى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه على صورته المعروفة، جريًا مع الرواية التي جاء فيها: "فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي".
    وهؤلاء يفسرون المراد بصورته المعروفة أن يكون الرائي رآه في صورة تتفق مع ما ورد من أوصافه الجسمية، وحليته وهيئته ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
    فأما إذا رآه على حالة مخالفة، كما لو رآه أبيض الشعر مثلا فلا عبرة لرؤياه.
    وينقل العلامة ابن حجر دليلا على ذلك يؤيده هو، ما أخرجه الحاكم عن عاصم بن كليب، قال حدثني أبي، قال: قلت لا بن عباس: إني رأيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام قال صفه لي، قال: فذكرت الحسن بن علي فشبهته به، قال ابن عباس: قد رأيته. قال ابن حجر: وسند هذا الحديث جيد.

    وفي طليعة هذا الفريق من الشراح المتحفظين: محمد بن سيرين، ثم القاضي عياض وهم لا يقيدون مدلول هذا الحديث النبوي بزمان ولا بأشخاص، وإنما يقتصرون على تقييده بأن يرى الرائي الرسول على صورة لا تخالف أوصافه المنقولة ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
    الفريق الثاني: هم الموسعون وهم الذين يرون أن المراد بهذا الحديث أن كل من رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام فإنه يراه حقيقة، سواء كانت رؤياه إياه على صفته المعروفة أو على غيرها.

    وفي طليعة هذا الفريق المازري والنووي، وقد تعقب النووي ما قاله القاضي عياض قال ما نصه:
    "هذا الذي قاله القاضي ضعيف، بل الصحيح أن يراه حقيقة سواء كانت على صفته المعروفة أو غيرها كما ذكره المازري".
    لكن العلامة ابن حجر تعقب رأي النووي هذا وقال عنه: "إن هذا الذي رده الشيخ يعني النووي تقدم اعتباره عن محمد بن سيرين إمام المعبرين، وإن الذي قاله القاضي أي عياض هو توسط حسن".
    والرأي الذي انتهيت إليه واطمأنت إليه نفسي في فهم المراد بهذا الحديث النبوي أنه خاص بعصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعصر صحابته الكرام، وليس له امتداد في الزمان ولا في الأشخاص. وحينئذ يكون قد انتهى حكمه بوفاة أخر صحابي من الصحابة الكرام الذين عايشوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو شاهده أحدهم ولو مرة واحدة، وتعرف صورته الحقيقة.

    فبعد وفاة كل من كانوا يعرفون هيئته وصورته الحقيقة عن مشاهدة وعيان في حياته صلى الله عليه وآله وسلم انتهى حكم هذا الحديث، ولم يعد ينطبق على من يرى من أهل العصور اللاحقة في منامه شخصًا يقوم في روعه هو، أو يقول له الشخص المرئي نفسه، أو يقال له: إنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يشمل الحديث النبوي المذكور شيئا من هذه الرؤى التي يراها أحد من الأجيال اللاحقة بعد وفاة جميع الذين كانوا يعرفون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصورته وهيئته الحقيقية عن مشاهدة وعيان. وما الرؤى التي يرى فيها أحد من الأجيال اللاحقة في منامه شخصًا يقال له إنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا كسائر الرؤى التي يرى فيها ما يرى من أشخاص أو أشياء أو أحداث ولا تفترق عن هذه الرؤى العادية في شيء.

    ذلك لأن الحديث النبوي المذكور قد اتفقت جميع رواياته التي أوردناها على أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما قال: "من رآني" أو قال: "من رآني في المنام". وضمير المتكلم في قوله: "من رآني" عائد إلى الرسول، أي إلى شخصه بذاته وهيئته، أي بصورته الحقيقية التي كان عليها. وهذا لا يتحقق إلا لمن يعرف صورته الحقيقة. وهم أصحابه الكرام الذين عايشوه، أو رآه أحدهم ولو مرة واحدة. فأما من لم يره ولا يعرف صورته الحقيقة فلا يمكن أن يقال: إنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه، لأنه لا يعرفه بصورته وهيئته الحقيقة، فكيف يصح أن يقال إنه رآه. بل كل منا في مثل هذه الرؤى أن أصحابها رأوا شخصًا لا يعرفونه، قيل لهم، أو قال هو لهم، أو قام في روعهم أنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا كله من قبيل الأحلام العادية، التي قد يتمثل فيها الشيطان للنائم في صورة شخص ما غير شخصية الرسول الحقيقة، ويوحي الشيطان فيها للنائم أو يقول له إن ذلك الشخص الذي رآه هو الرسول. فهذه الرؤى كلها لا ينطبق عليها الحديث الذي هو محل البحث، والذي خاطب به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ صحابته الكرام الذين يعرفونه شخصيًا، بقوله لهم "من رآني" أو "من رآني في المنام". إذ لا يستطيع أحد بعدهم أن يزعم أنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بصورته الحقيقة، وهو لم يعرفه!!

    هذا التفسير وهذا التعليل مستفاد بوضوح من التعبير بياء المتكلم في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "من رآني" وهو الصيغة الواردة في جميع الروايات ، وهو واضح كل الوضوح لمن يحسنون فهم النصوص، فهو مقتضي التعبير بياء المتكلم.

    ثم إذا نظرنا إلى التعليل الوارد أيضا في نص الحديث بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "فإن الشيطان لا يتمثل بي" وفي رواية صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه: "فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي" وهكذا ورد فيها التعبير بلفظ: أن يتمثل في صورتي). أقول: إذا نظرنا إلى هذا التعليل الوارد في نص الحديث نفسه والتعابير التي جاءت فيه: "أن يتمثل بي" "أن يتمثل في صورتي" يزداد المعنى الذي ذكرته وضوحًا، وهو أن الحديث مقصور على من يرى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهيئته وصورت الحقيقية التي يعرفها من قبل، كما يدل عليه ضمير المتكلم في قوله "رآني" وقوله: "أن يتمثل بي" وهذا كان كافيًا للدلالة على هذا المعنى، وهو أن هذا الحكم مخصوص بمن يرى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهيئته الحقيقية التي يعرفه بها من قبل، ولكن جاءت رواية مسلم عن جابر رضي الله عنه بلفظ "أن يتمثل في صورتي" حاسمة في الموضوع، ونافية لكل احتمال آخر. فمن الذي يعرف صورته وهيئته الحقيقية عليه الصلاة والسلام إلا من لقبه ؟
    ولا ننكر أن أن من الناس قومًا صالحين صادقين يرون في المنام أنهم رأوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورة قد تتفق وقد تختلف مع صفاته وحليته المنقولة المدونة، ولكنها – أي رؤياهم – لا تدخل تحت هذا الحديث الذي انقضى حكمه، وإنما هي رؤيا من الرؤى العادية، وتعبر كما يعبر غيرها.

    هذا، وقد طرح علي سؤال يقول: إذا صح هذا الفهم في هذا الحديث، واعتبر حكمه موقوتًا ومنتهيًا بوفاة آخر صحابي ممن عرفوا صورة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهيئته الحقيقية، فماذا تقول إذن بالرؤيا الصالحة التي ثبت في السنة الصحيحة أنها تكون صادقة، وورد عند الترمذي أن الرؤيا الصالحة بشرى من الله ، وروي عن عبادة ابن الصامت أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".
    وأقول إن حديث رؤيا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مخصوص بأصحابه الذين يعرفون صورته الحقيقية ولا يشمل من بعدهم من الأجيال (كما استقر عليه رأي وفهمي) لا أقصد به أن كل رؤيا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد انقراض أصحابه هي رؤيا باطلة حتمًا، أو أضغاث أحلام من الشيطان، بل أقصد أن من يرى الرسول في منامه، ولا يعرف صورته من الأجيال اللاحقة بعد الصحابة الكرام فرؤياه ليس لها تلك الخاصية التي بينها هذا الحديث النبوي موضع هذا البحث. بل هي رؤيا كسائر الرؤى، فيمكن أن تكون من الرؤيا الصالحة، ويمكن أن لا تكون، ما دام الرائي لا يستطيع أن يقول إنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورته الحقيقية لأنه لا يعرفها.

    ومعلوم أن الرؤيا الصالحة مدارها على ذات الرائي لا على المرئي: فإذا كان الرائي من أهل الرؤيا الصالحة (وهم الصالحون الاتقياء، الورعون الذاكرون لله تعالى باستمرار والمتصلون به بقلوبهم) فإن رؤياه تكون صالحة، سواء أرأى فيها الرسول أم رأى أمورًا أخرى، فإن الرؤيا الصالحة ليس من ضرورتها أن يرى فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل قد يرى أمورًا أخرى، فتكون رؤياه صالحة ذات دلالة على ما يقع. وإذا رأى فيها الرسول فهي أيضًا رؤيا صالحة، لكن لا لأنه رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل لأن الرائي من أهل الرؤيا الصالحة.

    وأما إذا كان الرائي ليس من أهل الرؤيا الصالحة – فإن رؤياه – ولو رأى فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحسب ما خيل إليه أو قيل له في المنام – هي رؤيا عادية. وكونه رأى فيها الرسول لا يجعل لها المزية التي جاء بها الحديث النبوي موضوع البحث وهي أنها رؤيا حق وحقيقة بل هي رؤيا من الرؤى العادية، لأنه لم ير الرسول في صورته الحقيقية، التي لا يعرفها إلا صحابته الكرام، والتي عليها (فيما أرى) محمل هذا الحديث الوارد بشأنها أنها كرؤيته والسماع منه في اليقظة.

    وأخيرًا ـ وبعد أن نشرت هذا الرأي ـ وقعت بطريق المصادفة، على نص صريح من ذلك في كتاب القوانين الفقهية للعلامة ابن جزي المالكي في الباب الثالث عشر على الرؤيا في المنام، حيث يتكلم عن الرؤى المنامية وحقيقتها عند المحققين وأنها: "أمثلة جعلها الله دليلا على المعاني كما جعلت الألفاظ دليلا على المعاني" ثم بين أنواع الرؤى وما يعبر منها وما لا يعبر، ثم قال: قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي". وقال العلماء: لا تصح رؤيا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قطعًا إلا لصحابي رآه حافظ صفته حتى يكون المثال الذي رآه في المنام مطابقًا لخلقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتهى كلام ابن جزي (القوانين الفقهية ص/379/ط. دار الفكر).

    فلما قرأت ذلك شعرت كأني قد وقعت على كنز ثمين !! وحمدت الله تعالى على ما وفقني إليه من الفهم السديد في هذا الموضوع، وتيقنت صحة هذا الفهم.
    والله أعلم

    المصدر: إسلام أون لاين
                  

02-21-2008, 03:51 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الرسول في عيون الصحابة

    وصف أم معبد:

    قالت أم معبد الخزاعية في وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لزوجها، حين مر بخيمتها مهاجرًا:

    رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق لم تعبه تجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشعاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطح، أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود، لا عابس ولا مفند.



    * وصف علي بن أبي طالب:

    قال علي رضي الله عنه وهو ينعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - لم يكن بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، وكان جعداً رَجلاً، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم، وكان في الوجه تدوير، وكان أبيض مشرباً، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، دقيق المسربة، أجرد، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معاً، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.


    * وصف هند بن أبي هالة:

    كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه -لا بأطراف فمه- ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً لا فضول فيه ولا تقصير دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً -ما يطعم- ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها - سماح - وإذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام.

    وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه. يؤلف أصحابه ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره.

    يتفقد أصحابه - ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره الذي يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.

    كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن - لا يميز لنفسه مكاناً - إذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق متقاربين. يتفاضلون عنده بالتقوى، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم -لا تخشى فلتاته- يتعاطفون بالتقوى، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة، ويؤنسون الغريب.

    كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه قد ترك نفسه من ثلاث الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا. لا يتنازعون عنده الحديث. من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق، ويقول إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ.

    * وصف عمرو بن العاص:

    عن ابن شُمَاسَةَ المهَرِيِّ قال حضرنا عمرو ابن العاص فذكر لنا حديثاً طويلاً فيه: "وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنت أطيقُ أن أملأ عيني منهُ إجلالاً له، ولو سئلتُ أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه".

    وصلى اللهم على خير الأنام سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.



    المصدر: إسلام أون لاين
                  

02-21-2008, 03:52 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    واجبنا نحو رسول الله "صلى الله عليه وسلم"



    إن للرسول صلى الله عليه وسلم حقوقًا وواجبات إذا أداها المسلم نفعه الله به، وأسعده بشفاعته، وأكرمه بورود حوضه، وسقاه من ماء كوثره.

    فإذا كنت محبًّا صادقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:

    1 - طاعته واتباعه في كل ما أمر به، والعمل بسنته، والحكم بقرآنه والإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.

    2 - اترك الفحش، وهو كل ما قبح وساء من قول أو فعل.

    3 - أخفض صوتك، وأغضض منه إذا نطقت، وخاصة في المجتمعات العامة، كالأسواق والمساجد، والحفلات وغيرها، ما لم يقتضي الأمر ذلك.

    4 - ادفع السيئة التي قد تصيبك من أحد بالحسنة، بأن تعفو عن المسيء، فلا تؤاخذه، وتصفح عنه بأن لا تعاقبه، ولا تهجره.

    5 - اترك التأنيب المذموم لخادمك، أو زميلك أو ولدك، أو تلميذك، أو زوجتك إذا أخطئوا أو قصروا.

    6 - لا تُقصر في واجبك، ولا تبخس حق غيرك، حتى لا تضطره إلى أن يقول لك: لِمَ فعلت كذا...؟ أو لِمَ لم لا تفعل كذا؟ لائمًا عليك، أو عاتبًا عليك.

    7 - اترك الضحك إلا قليلاً، وليكن جلّ ضَحِكك التبسم.

    8 - العمل ومشاركة الآخرين، والسرور بذلك إظهارًا لعدم التكبر.

    9 - عدم الرضا بالمدح الزائد، والإطراء المبالغ فيه، والاكتفاء بما هو ثابت للعبد، وبما قام به من صفات الحق والفضل والخير.

    10 - لا تنطق ببذاء ولا جفاء، ولا كلام فاحش ولو مازحًا.

    11 - لا تقل سوءاً ولا تفعله.

    12 - لا تواجه أحدًا من إخوانك بمكروه.

    13 - لا تكثر المزاح، ولا تقل إلا الصدق.

    14 - ارحم الإنسان والحيوان حتى يرحمك الله تعالى.

    15 - احذر البخل، فهو مكروه من الله والناس.

    16 - نم باكرًا، واستيقظ للعبادة والاجتهاد والعمل.

    17 - لا تتأخر عن صلاة الجماعة في المسجد.

    18 - احذر الغضب وما ينتج عنه، وإذا غضبت فاستعذ من الشيطان الرجيم.

    19 - الزم الصمت، ولا تكثر الكلام فهو مسجل عليك.

    20 - اقرأ القرآن بفهم وتدبر، واسمعه من غيرك، واعمل به.

    21 - كن شجاعًا، وقل الحق ولو على نفسك.

    22 - اقبل النصيحة من كل إنسان واحذر ردها.

    23 - أحب للناس ما تحب لنفسك.

    24 - كن نظيفًا في مظهرك ولباسك.

    25 - تمسك بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى تدخل في قوله: "إن من ورائكم أيام الصبر، للمُتمسك فيهن بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم".

    المصدر: إسلام أون لاين
                  

02-21-2008, 03:53 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    فضائل النبي صلى الله عليه وسلم

    أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بفضائل جمّة ، وصفات عدة، فأحسن خلْقَه وأتم خُلقه، حتى وصفه تعالى بقوله:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4)، ومنحه جل وعلا فضائل عديدة، وخصائص كثيرة، تميز بها صلى الله عليه وسلم عن غيره، فضلاً عن مكانة النبوة التي هي أشرف المراتب، ونتناول في الأسطر التالية شيئاً من فضائله صلى الله عليه وسلم:

    فمنها أنه خليل الرحمن فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله، ولو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلا، إن صاحبكم خليل الله ) رواه مسلم . وهذه الفضيلة لم تثبت لأحد غير نبينا وإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.

    ومن فضائله أنه شهيد وبشير، فعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً، فصلى على أهل أُحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: ( إني فرط لكم - أي سابقكم - ، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أُعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ) متفق عليه.

    ومن فضائله أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قال تعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } (الأحزاب:6).
    قال الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" : "فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لشيء، ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجب عليهم أن يقدموا ما دعاهم إليه، ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه ، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم، وتطلبه خواطرهم".

    ومن فضائله صلى الله عليه وسلم أنه سيد ولد بني آدم، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، وقال أنا سيد القوم يوم القيامة ) متفق عليه.

    وهو صلى الله عليه وسلم أمان لأمته، حيث جاء في الحديث الصحيح ( النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) رواه مسلم .

    ومن فضائله صلى الله عليه وسلم أنه أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يشفع ، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع ) رواه مسلم ، وهو صاحب المقام المحمود ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا - أي جالسين على ركبهم -، كل أمة تتبع نبيها، يقولون يا فلان اشفع، يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود ) رواه البخاري .

    تلك هي بعض فضائل نبينا الكريم، ورسولنا العظيم، الذي اختاره الله ليكون خاتم الرسل المكرمين ورحمة للخلق أجمعين، نسأل الله أن يجمعنا به، ويدخلنا مُدخله، وألا يحرمنا شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
                  

02-21-2008, 03:53 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    عبادته صلى الله عليه وسلم

    عبادة الله وحده هي الغاية من خلق المكلفين، كما أخبر بذلك مولانا رب العالمين في محكم كتابه المبين: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات:56)، وهي الوسيلة إلى تحقيق سعادة الدارين.

    والعبادة في الإسلام لا تقتصر على الشعائر التعبدية الظاهرة المعروفة، بل هي أعم وأوسع، كما بين ذلك أئمة المسلمين وعلماؤهم كشيخ الإسلام ابن تيمية الذي عرفها بأنها "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة".

    ومن خلال هذه المقالة سوف نتناول بعض جوانب عبادته صلى الله عليه وسلم، فهو خير العابدين لله سبحانه وتعالى، وسيرته العطرة، توضح ذلك وتبينه خير بيان.

    فقد كانت عبادته صلى الله عليه وسلم شاملة متنوعة، لا يطغى فيها جانب على آخر، فكان صلى الله عليه وسلم يحرص على العبادات بكل أنواعها : العامة والخاصة، المفروضة والمندوبة، القلبية والبدنية.

    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب السبق في كل نوع من العبادة، فهنيئاً لمن اتبعه واقتفى أثره.
    فهذا المغيرة بن شعبة يصف لنا اجتهاده في ذلك فيقول: ( قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى ورمت قدماه، قالوا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال أفلا أكون عبداً شكوراً ) متفق عليه.

    ومن العبادات التي كان يُكثر منها النبي صلى الله عليه وسلم ويحافظ عليها، الصيام، ووصفته زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان ) متفق عليه واللفظ للبخاري .

    أما في مجال الصدقة، والمبادرة إليها، والمسارعة نحوها، فقد كان صلى الله عليه وسلم صاحب عبادة عظيمة، ومسارعة عجيبة، يُرشد لذلك تلك الحادثة التي يرويها الصحابي الجليل عقبة بن الحارث رضي الله عنه، حيث قال: ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فلما سلم قام سريعاً، فدخل على بعض نسائه، ثم خرج ورأى ما في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته، فقال ذكرت وأنا في الصلاة تبراً- أي ذهباً- عندنا، فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا، فأمرت بقسمته ) رواه البخاري .

    ومن العبادات التي كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة في شهر رمضان عبادة الاعتكاف في المسجد، والمكث فيه للصلاة والقراءة والذكر وتقوية الصلة بالله عز وجل، والتفرغ لذلك، فقد ذكرت عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) متفق عليه واللفظ للبخاري .

    وهكذا أخي القارئ الكريم نجد في عبادته صلى الله عليه وسلم لربه أسوة لمن بعده من العابدين، فهنيئا لمن عرف السبيل فسلكه، ونجى بنفسه من الظلم والهلكة، وصلى الله وسلم على خير العابدين، ومنارة الهدى والسالكين، والحمد لله رب العالمين
                  

02-21-2008, 03:54 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    ضحك النبي صلى الله عليه وسلم

    الضحك صفة كمال في الإنسان كبقية الصفات التي تميزه عن الحيوان، وهي مبعث سرور، ودليل صحة، وسبب ألفة ومحبة، ووسيلة دعوة وتأثير، ولفتُ نظرٍ وشدُّ انتباهٍ للآخرين، إلا أنه لا بد من ضابط لهذه الصفة الطيبة، حتى لا تخرج عن طورها، فتنقلب إلى ضدها.

    ولذلك كان ضحكه صلى الله عليه وسلم مشتملاً على كل المعاني الجميلة، والمقاصد النبيلة، فصار من شمائله الحسنة، وصفاته الطيبة، لقد كان ضحكه تربية وتوجيهاً، ودعوة ومداعبة، ومواساة وتأليفاً، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ألا يُكثر الإنسان من الضحك، ولا يبالغ فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا هريرة:... أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وكان من صفته صلى الله عليه وسلم أنّ ضحكه كان تبسماً.
    ضحكت لك الأيام يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأعـوام
    وتوقف التـاريخ عنـدك مذعناً تملي عليه وصحبـك الأقـلام
    اضحك لأنك جئت بشرى للورى في راحتيك السـلم والإسلام
    اضحك فبعثتك الصعود وفجرها ميلاد جيلٍ مـا عليـه ظـلام

    فدينه صلى الله عليه وسلم رحمة، ومنهجه سعادة، ودستوره فلاح، ولذلك فهو يهشّ للدعابة، ويضحك للطرفة، ويتفاعل مع أصحابه في مجريات أمورهم وأحاديثهم.

    ومواقف ضحكه صلى الله عليه وسلم متعددة متنوعة:

    منها ما يكون مع الأصحاب المقربين، عندما يضحك صلى الله عليه وسلم ممازحاً ومواسياً أصحابه الكرام، فهذا أبو هريرة كما في البخاري يقول: إن كنتُ لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمرّ ولم يفعل.
    ثم مرّ بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مرّ بي أبو القاسم، فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي، وما في وجهي.
    لقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحمل سراً من الأسرار، عرف أن له حاجة، فتهلل في وجهه متبسماً.
    ثم أخذه معه، فوجد لبناً، فأرسله إلى أهل الصفة وأتى بهم، وسقاهم جميعاً حتى انتهى إلى النبي وقد روي القوم كلهم، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم القدح، ونظر إلى أبي هريرة فتبسم، ثم ناوله إياه، ليشرب.

    ومن ضحكه صلى الله عليه وسلم ما يكون مع الأعراب الغلاظ الشداد، يضحك معهم ليشعرهم بالسعة والرحمة والنعمة التي جاء بها الإسلام، وأن الدين فيه فسحة ورفق ولين، فيقابل الإساءة بالإحسان، والعبوس بالضحك، فعن أنس بن مالك قال : ( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء ) متفق عليه.

    ومن ضحكه ما يكون فرحاً بانتشار الإسلام، وذلك عندما دخل صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت مِلحان وهي من محارمه، فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه، فنام رسول الله، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ( ناس من أمتي، عرضوا علي غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج - وسط- البحر، ملوكاً على الأسِرّة، أو مثل الملوك على الأسرة ) متفق عليه.
    يضحك النبي من ذلك لأنه رأى البشرى، رأى تلامذته وأتباعه وكتيبته، سيركبون البحار والمحيطات؛ غزاة في سبيل الله، ينشرون لا إله إلا الله في الآفاق، ويعبرون بها حدود الزمان والمكان.

    إن قوماً عاشوا معه صلى الله عليه وسلم، ورأوا ابتسامته، وتحيته، ويسره، وسهولته، لتمنوا أن يفقدوا الآباء والأمهات والأبناء والأنفس، ولا يشاك هو بشوكة.

    إن جيلاً رباه المصطفى صلى الله عليه وسلم على تلك المعالم، وهذه التعاليم، لجديرٌ بأن يفتح المعمورة، وتدين له الدنيا كلها، صغيرها وكبيرها، عزيزها وذليلها.
                  

02-21-2008, 03:55 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    صاحب الكوثر صلى الله عليه وسلم

    هذه وقفة أخرى مع بعض خصائص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، تلك الخصائص التي تبين مكانته العظيمة ، ومنزلته الرفيعة ، مما اختصه به سبحانه عن غيره من الأنبياء وسائر خلقه .


    فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه صاحب الكوثر ، وهو النهر العظيم الذي وعده الله به في الجنة ، يُسقى منه أتباعه من أمته ، ويُبعد عنه آخرون لمخالفتهم لما جاء به ، وانحرافهم عن نهجه صلى الله عليه وسلم ، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد ، إذ أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسماً، قلنا : ما أضحكك يا رسول الله. قال : لقد أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ {إنا أعطيناك الكوثر ، فصل لربك وانحر ، إن شانئك هو الأبتر}(الكوثر:1-3) . ثم قال أتدرون ما هو الكوثر ؟ قلنا الله ورسوله أعلم قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير ، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم ، فأقول رب إنه من أمتي ، فيقول إنك لا تدري ما أحدث بعدك)رواه الإمام مسلم.

    والكوثر نهر داخل الجنة يصب ماؤه في الحوض ، ويطلق على الحوض "كوثر" لكونه يُمدُّ منه ، فالنهر مادة الحوض .
    قال أهل العلم : مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به ، أن الله خصّ نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالكوثر ، المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة المشتهرة ، التي يحصل بها العلم القطعي ، وأجمع على إثباته السلف وأهل السنة من الخلف.


    ومن خصائص نهر الكوثر أنه يجري من غير شق ، وحافتاه قباب ، وترابه مسك ، وحصاه لؤلؤ ، قال-صلى الله عليه وسلم- بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف ، قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر )رواه البخاري.
    وعن أنس رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {إنا أعطيناك الكوثر} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري ، ولم يشق شقا ، فإذا حافتاه قباب اللؤلؤ ، فضربت بيدي إلى تربته فإذا هو مسكة ذفرة ، وإذا حصاه اللؤلؤ )رواه الإمام أحمد وصححه الألباني .


    ومن خصائص هذا النهر أن له آنية كثيرة للشاربين ، ففي الحديث هل تدرون ما الكوثر ؟ قلنا الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة ، آنيته أكثر من عدد الكواكب ) رواه النسائي ، وصححه الألباني .


    ومن خصائص هذا النهر- إضافة لما تقدم - أن لونه أشد بياضاً من اللبن ، وطعمه أحلى من العسل ، ففي مسند الإمام أحمد (أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما الكوثر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها كأعناق الجُزُر- الإبل- ، فقال عمر بن الخطاب : إنها لناعمة يا رسول الله . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آكلوها أنعم منها)وصححه الألباني.


    فهنيئاً للمتبعين لرسول الله ، المقرَّبين منه يوم القيامة ، الشاربين من حوضه ، فهم الفائزون يوم يخسر الخاسرون ، وهم السعداء يوم يحزن المحدِثُون المبدلون ، والحمد لله رب العالمين.
                  

02-21-2008, 03:56 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الرسول – صلى الله عليه وسلم- القدوة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
    فنحن ننتمي إلى الإسلام، وهذا الانتماء هو الذي شرفنا الله - تبارك وتعالى- به وسمانا به . ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو إمام الدعاة، وهو القدوة والأسوة والداعية المعلم الذي أمر الله تبارك وتعالى باقتفاء نهجه، وأن نقتدي به في عبادتنا ودعوتنا وخلقنا ومعاملاتنا وجميع أمور حياتنا، قال تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [يوسف:108]، وقال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21]

    أولا : أهمية الموضوع :
    وتتضح أهمية موضوع الرسول – صلى الله عليه وسلم- القدوة في النقاط الآتية :
    1- إن الناظر في الأوساط التربوية اليوم ليلحظ قلة القدوة الصالحة المؤثرة في المجتمعات الإسلامية، رغم كثرة أهل العلم والتقوى والصلاح .
    2- إن المتأمل في خضم الحياة المعاصرة يجد الأمور قد اختلطت، والشرور قد سادت، وأصبح النشء والشباب يُرددون : (نحن لا نجد القدوة الصالحة.. فلماذا؟) .
    3- إن كثيراً من الناس اليوم بدلاً من أن يتخذوا سيرة نبيهم وقدوتهم محمد – صلى الله عليه وسلم -، تراهم قد انشغلوا بالمشاهير من الممثلين أو اللاعبين، وما تراهم إلا استبدلوا
    الذي هو أدنى بالذي هو خير .

    ثانيا : وجوب الاقتداء بالرسول – صلى الله عليه وسلم-:
    يجب على كل مسلم ومسلمة الاقتداء والتأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -; فالاقتداء أساس الاهتداء، قال تعالى : "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21] قال ابن كثير : "هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله – صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أُمِرَ الناسُ بالتأسي بالنبي – صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه –عز وجل-" (1).
    فمنهج الإسلام يحتاج إلى بشر يحمله ويترجمه بسلوكه وتصرفاته، فيحوِّله إلى واقع عملي محسوس وملموس، ولذلك بعثه – صلى الله عليه وسلم- بعد أن وضع في شخصيته الصورة الكاملة للمنهج- ليترجم هذا المنهج ويكون خير قدوة للبشرية جمعاء .
    لقد كان الصالحون إذا ذكر اسم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -; يبكون شوقا وإجلالا ومحبة لَهُ، وكيف لا يبكون؟ وقد بكى جذع النخلة شوقا وحنينا لما تحوَّل النبي - صلى الله عليه وسلم -; عنه إلى المنبر، وكان الحسنُ إذا ذَكَرَ حديث حَنينَ الجذع وبكاءه، يقول : "يا معشر المسلمين، الخشبة تحن إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- شوقا إلى لقائه؛ فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه" (2).
    يقول ابن تيمية -رحمه الله- : "وإنما ينفع العبد الحب لله لما يحبه الله من خلقه كالأنبياء والصالحين؛ لكون حبهم يقرب إلى الله ومحبته، وهؤلاء هم الذين يستحقون محبة الله لهم" (3).
    ولا بد من تحقيق المحبة الحقيقية لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -; وتقديم محبته وأقواله وأوامره على من سواه (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون اللهُ ورسولُهُ أَحَبَّ إليه مما سواهما..) الحديث (4).
    إن واجبنا الاقتداء بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -; وجعلها المثل الأعلى للإنسان الكامل في جميع جوانب الحياة، واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -; دليل على محبة العبد ربه، وسينال محبة الله تعالى لَهُ، وفي هذا يقول الله –عز وجل- " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [آل عمران:31]. فسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- كانت سيرة حية أمام أصحابه في حياته وأمام أتباعه بعد وفاته، وكانت نموذجاً بشرياً متكاملاً في جميع المراحل وفي جميع جوانب الحياة العملية، ونموذجاً عملياً في صياغة الإسلام إلى واقع مشاهدٍ يعرفُ من خلال أقوالِهِ وأفعالِهِِ فيتبع رسولَهُ محمداً – صلى الله عليه وسلم-، ويجعل اتِّبَاعَه دليلا على صدق محبته-سبحانه-.
    كما أن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم- أصل من أصول الإيمان الذي لا يتم إلا به، عن عمر –رضي الله عنه- قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : ((والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين)) (5).
    ولقد كان الصحابة جميعا-رضي الله عنهم- يحبون النبي – صلى الله عليه وسلم- حبا صادقا حملهم على التأسي به والاقتداء واتباع أمره واجتناب نهيه؛ رغبة في صحبته ومرافقته في الجنة، قال تعالى : "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً" [النساء:69] وفي الحديث "المرء مع من أحب" (6).
    وجاء في حديث أنس –رضي الله عنه-; بلفظ قال:"شهدت يوم دخل النبي – صلى الله عليه وسلم- المدينة فلم أَرَ يوماً أحسنَ ولا أضوأََ منه" (7)، وفي رواية :"فشهدتُه يومَ دخلَ المدينةَ فما رأيت يوماً قَط كان أحسنَ ولا أضوأَ من يوم دخل علينا فيه، وشهدته يوم مات فما رأيت يوماً كان أقبحَ ولا أظلمَ من يوم مات فيه –صلى الله عليه وسلم-" (8).

    ثالثا : أمور مهمة في الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم- :
    - ومن الجوانب المهمة في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ أن سيرته - صلى الله عليه وسلم- في إيمانه وعبادته وخلقه وتعامله مع غيره، وفي جميع أحواله كانت سيرة مثالية في الواقع، ومؤثرة في النفوس؛ فقد اجتمعت فيها صفات الكمال وإيحاءات التأثير البشري، واقترن فيها القول بالعمل؛ ولا ريب أن الإيحاء العملي أقوى تأثيراً في النفوس من الاقتصار
    على الإيحاء النظري؛ لهذه العلة أرسل الله تعالى الرسل ليخالطهم الناسُ ويقتدوا بهداهم، وأرسل الله سبحانه الرسولَ – صلى الله عليه وسلم- ليكون للناس أسوة حسنة يقتدون به، ويتأسون بسيرته، قال المولى – عز وجل- " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21]، وقد أمرهم -صلى الله عليه وسلم- بالتأسي به فقال :"صلوا كما رأيتموني أصلي" (9)، وقال – صلى الله عليه وسلم- :"لتأخُذُوا مناسِكَكُم" (10).
    وقال بعضهم في الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم- والتأسي به :

    إذا نحن أدلجنا وأنت إمَامُنـا *** كفى بالمطايا طِيبُ ذِكراكَ حاديا
    وإن نحن أضلَلْنَا الطريقَ ولم نجدْ*** دليلا كفَانَا نُورُ وَجْهِكَ هَاديـا (11)

    ومن الأمور التي يجدر التنبيه عليها أيضا في الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم والتأسي به:
    - العمل بسنته باطنا وظاهرا: مثل سنن الاعتقاد ومجانبة البدعة وأهلها. والسنن المؤكدة : مثل سنن الأكل واللباس والوتر وركعتي الضحى، وسنن المناسك في الحج والعمرة ..
    - تطبيق السنن المكانية : الذهاب إلى مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والصلاة في مسجده، والصلاة في مسجد قباء، والصلاة في الروضة الشريفة، وهي من رياض الجنة التي ينبغي التنعم فيها والاعتناء بها، قال – صلى الله عليه وسلم- : ((ما بين بيتى ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)) (12).
    - الإكثار من الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -; كما في قوله : ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)) (13).
    رابعا : حاجة الأمة إلى القدوات دوما بعد الرسول – صلى الله عليه وسلم-:
    إن الاقتداء بالرسول – صلى الله عليه وسلم- في الدعوة إلى الله تعالى ليس بالموضوع الهين، فإنه أمر جلل، والأمة الإسلامية اليوم، وهي تشهد صحوة وتوبة وأوبة إلى الله تعالى، وتشهد -في الوقت نفسه- مناهج وطرقاً مختلفة في الدعوة إلى الله.. هي أحوج ما تكون إلى معرفة منهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنهج الأنبياء الكرام في الدعوة إلى الله؛ فليس هناك منهج يقتدى به في الدعوة والعلم والعمل إلا منهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن تبعه من الصحابة الكرام والسلف الصالح .
    فمنذ عهد الصحابة –رضوان الله عنهم- ومن تبعهم من الصالحين والعلماء والدعاة وأهل الفضل والتقى على مر العصور خلفوا سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- في عطائها وإيحائها وتأثيرها؛ لأنهم ورثة الأنبياء، يقتدي بهم الناس في اتباع هدي الرسول – صلى الله عليه وسلم- والعمل بسنته، وبقيت سيرهم بعد وفاتهم نبراساً يضيء طريق محبيهم إلى الخير، ويرغبهم في السير على منهج الحق والهدى .
    وعلى الرغم من اختفاء تلكم الشخصيات عن العيون إلا أن سيرها العطرة المدونة لا تزال بقراءتها تفوح مسكاً وطيباً، وتؤثر في صياغة النفوس واستقامتها على الهدى والصلاح، قال بشر بن الحارث : "بحسبك أقوام تحي القلوب بذكرهم، وبحسبك أقوام تموت القلوب بذكرهم".
    ذلك أن القدوة لا تزال مؤثرة وستبقى مؤثرة في النفس الإنسانية، وهي من أقوى الوسائل التربوية تأثيراً في النفس الإنسانية، لشغفها بالإعجاب بمن هو أعلى منها كمالاً، ومهيأة للتأثر بشخصيته ومحاولة محاكاته، ولا شك أن الدعوة بالقدوة أنجح أسلوب لبث القيم والمبادئ التي يعتنقها الداعية.
    وفي التأكيد على أهمية القدوة الحسنة في الداعية أو الأستاذ وأثر ذلك في تلاميذه، نقل الذهبي : "كان يجتمع في مجلس أحمد زُهاء خمسة آلاف أو يزيدون، نحو خمس مئة يكتبون، والباقون يتعلّمون منه حُسْنَ الأدب والسَّمت" (14).

    وقبل أن نختم موضوعنا يجدر بنا أن نطرح تساؤلا مهما كثيرا ما يرد : ما السبب في قلة القدوة المؤثرة إيجابياً في الوسط التربوي ؟
    وتكون الإجابة على هذا السؤال بالأمور التالية (15):
    1- عدم توافر جميع الصفات التالية في كثير من الأشخاص الذين هم محل للاقتداء:
    أ- الاستعداد الذاتي المتمثل في طهارة القلب وسلامة العقل واستقامة الجوارح.
    ب- التكامل في الشخصية أو في جانب منها بحيث يكون الشخص محلاً للإعجاب وتقدير الآخرين ورضاهم، مع سلامة في الدِّين وحسن الخلق .
    ت- حب الخير للآخرين والشفقة عليهم والحرص على بذل المعروف وفعله والدعوة إليه، فمن كان على هذه الصفة أحبه الناس وقدروه وتأسوا به، ومن فقد هذه الصفة لم يلتفتوا إليه.
    2- عدم تسديد النقص أو القصور الذي قد يعتري من هم محل للاقتداء كالآباء والمعلمين وأهل العلم في صفة من تلك الصفات مما يصرف الناس عن التأسي بهم، وهذا يرجع إلى عدم إدراك هؤلاء للواجب، أو عدم تصورهم لأثر القدوة في التربية والإصلاح، أو لضعف شخصي ناتج عن استجابة لضغط المجتمع ، أو لسلبية عندهم نحو المشاركة في تربية الناشئة وإصلاح أفراد المجتمع.
    3- مزاحمة القدوات المزيفة المصطنعة للتلبيس على الناس وإضلالهم عن الهدى وتزيين السوء في أعينهم، وصرفهم عن أهل الخير وخاصة الله، فقد أسهم الإعلام المنحرف والمشوب في صناعة قدوات فاسدة أو تافهة، وسلط عليها الأضواء ومنحها من الألقاب والصفات والمكانة الاجتماعية ما جعلها تستهوي البسطاء من الناس أو ضعاف النفوس والذين في قلوبهم مرض، وتوحي بزخرف القول الذي يزين لهؤلاء تقليدهم ومحاكاتهم.
    4- "العناصر الخيرة قليلة في سائر المجتمعات، فما يكاد العامة يرون نموذجا جيداً حتى يسارعوا إلى الالتفاف حوله والتعلق به" (16).
    ومن هنا تأتي الحاجة ملحة لأن نعيد إلى الناس بيان حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم- القدوة والأسوة الحسنة للناس جميعا، ونعنى بتربية الأبناء والشباب، وإعطائهم الصورة الصحيحة للقدوة الصالحة، وإبرازهم الشخصية المستحقة للاتباع والاحتذاء.
    ونختم موضوعنا؛ في الرسول – صلى الله عليه وسلم- القدوة، بأن المسلم إذا راقب الله تعالى في عباداته ومعاملاته ودعوته وأَجْرَاها وَفْقَ ما أمر الله عز وجل; وما أمر رسوله – صلى الله عليه وسلم- كان مقتديا برسول الله – صلى الله عليه وسلم- .
    اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
                  

02-21-2008, 03:57 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    واجب المسلم تجاه السنة النبوية

    لا شك أننا أمام هجمة جديدة على السنة النبوية الشريفة، ونرى أنه على المسلم المعاصر بعض الواجبات تجاهها، منها:

    أولا: اعتقاد حُجيتها:

    أول ما يجب علينا تجاه السنة النبوية أن نعتقد حجيتها، وأنها المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله جل وعلا، والبعْدية هنا في الفضل، أما في الاحتجاج فحجية السنة كحجية الكتاب ومن واجبنا أن نعتقد أن كليهما وحي من عند الله جل وعلا.

    فعن حسان بن عطية قال: "كان جبريل ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن".

    وقال تعالى: {وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وكان فضل الله عليك عظيمًا} [النساء:113]. وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى . إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3 و4)؛ ولذا عنون الخطيب -في "الكفاية"- بقوله: ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي السنن عن المقدام بن معد يكرِب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني أُوتيت القرآن ومثله معه، ألا لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه حلالاً فأحلوه، وما وجدتم فيه حراما فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"، والأدلة على حجية السنة كثيرة مشهورة، والكلام في ذلك يطول فنكتفي بهذه الإشارة الموجزة الواضحة.

    ثانيا: عدم معارضتها بآراء الرجال وأذواقهم، والذبّ عنها وردّ شبهات المنافقين واللادينيين؛ فالواجب تقديم النقل على العقل، وفي الحقيقة ليس في السنة الصحيحة ما يعارض العقل الصحيح أو صريح المعقول وحيثما توهمنا التعارض في الظاهر فلنعلمْ -دون تردُّد- أن الحق ما جاءت به السنة الصحيحة وأن العقل -لا محالة- سيدرك ذلك عاجلا أو آجلا.

    فالسنة لا تُعارَض بآراء الرجال، ولكن ليس معنى ذلك أن المرء -لأول وهلة- إذا قرأ حديثا يخالف أقوال العلماء يتجرأ، ويقول: هؤلاء العلماء خالفوا الحديث، ولا يكلف نفسه أن يعرف مستند العلماء ووجه قولهم؛ فهذا التصرف من الجهل والتطاول على أهل العلم، وإنما المقصود أن المسلم إذا بحث في معنى الحديث، وقول مَن خالف الحديث من العلماء، واجتهد في ذلك فظهر له أن الحديث كما فهمه، وأن العلماء قرروا ما فهمه ومَن خالف لم يظهر لمخالفته وجه راجح، فحينئذ عليه الأخذ بالحديث دون قول مَن خالفه.

    أما أن تكون المسألة مجرد تسرُّع وتطاول على العلماء مع الجهل بوجه الحديث وعدم تكليف النفس الوقوف على تفسيره عند السلف والعلماء فهذا شذوذ وإفساد وليس تمسكا بها.

    ثالثا: بذل الأسباب لحفظها من الضياع:

    وحفظ السنة من الضياع أمر تكفل به رب العزة جل وعلا حين قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9)، ولكن ذلك لا يعفينا من السعي في حفظها كما سعى الصحابة في حفظ كتاب الله من الضياع والتحريف، مع أن الله جل وعلا متكفل بحفظه، ومن ثم جمع أبو بكر رضي الله عنه القرآن وكتب عثمان رضي الله عنه المصاحف، وكما اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ كتاب الله جل وعلا فكذا كانت عنايتهم شديدة بالسنة والمحافظة عليها ولنا فيهم أسوة حسنة.

    لقد كان سعيهم في حفظها من الضياع بوسيلتين، هما الحفظ والتدوين، ولكل منهما دوره في حفظ السنة، فإنه إذا فُقد الرجال الحفاظ بقيت المخطوطات والكتب، فيحملها قوم من جديد، وإذا فقدت المخطوطات والكتب بقي الرجال يحملون السنة في صدورهم، فيمكن كتابتها من جديد.

    رابعا: الاجتهاد في تنقيتها من الكذب وتمييز صحيحها من ضعيفها:

    وهذا الواجب -وهو تحقيق الحديث النبوي- فرض كفاية، ولا يزال ملقى على عاتق الأمة منذ وقوع الفتن في الصدر الأول وإلى الآن.

    وليس مطلوبا من المشتغلين بعلم الحديث أن يكفّوا عن مواصلة جهودهم في هذا الشأن والاستفادة من مشايخه، كلا، وإنما المطلوب ألا ينسوا دورهم في قيادة الأمة، وفي حفظ عقيدتها وشريعتها في الواقع العملي من المسخ والتحريف.

    خامسا: تدارسها والسعي إلى نشرها وإحيائها وتبصير الناس بها:

    فينبغي أن يشيع بيننا دراسة الحديث النبوي الشريف وفهمه، وليكن ذلك في بيوتنا وفي مساجدنا، كلٌّ حسب طاقته، فقد يلتقي البعض على دراسة "الأربعين النووية"، ويقرأ آخرون في "رياض الصالحين"، وآخرون يتدارسون "جامع العلوم والِحكَم"، وآخرون يتدارسون كتب السنة كالصحيحين وغيرهما.

    ثم ينبغي لمن وعى ذلك أن يسعى في نشره وتبصير الناس به كما في الحديث الصحيح عند أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نضر الله امرءا سمع مقالتي ووعاها فأداها كما سمعها فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع" ويلحق بذلك إحياء السنن المهجورة وحث الناس عليها، وإحياء السنن المهجورة هو المقصود في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: "مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء.."، فالحديث وارد في إحياء سنة وحث الناس عليها، وقصته أن قوما فقراء مخرقي الثياب قدموا المسجد، فقام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدق عليهم فتبعه الناس واقتدوا بفعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث مُثنيا على ذلك الرجل.

    لكن توجد هنا ملاحظة: وهي مراعاة التدرج والرفق في إحياء هذه السنن، فبعض الناس قد يستنكرون -بشدة- بعض السنن بعدما قضوا دهرا طويلا من أعمارهم لم يسمعوا بها، وحينئذ ينبغي أن يكون موقفنا وسطا بين طرفين، بين مَن يتجاهل هجران تلك السنة ويرى عدم المحاولة في هذه الحالة، ومَن يريد تغيير هذا الهجران بشدة -أو على الفور- مهما أدى إليه من فتنة أو نفور أو وحشة بين الناس وحَمَلة السنة، فالأول متقاعس عن القيام بدوره نحو السنة، والآخر أراد القيام بدوره، لكن دون فقه، كمن يبني قصرا ويهدم مِصرا، فليس كل مَن ابتغى خيرا أقدم عليه دون نظر في العواقب، وإلا فكم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعل خير ولكن توقفوا دفعا لشر أو مفسدة أكبر، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "لولا قومك حديث عهدهم -قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس، وباب يخرجون، ففعله ابن الزبير". ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه لما أتم عثمان رضي الله عنه الصلاة بمِنى، وكان ابن مسعود يريد السنة، وهي القصر إلا أنه أتم الصلاة وراءه قائلا: "الخلاف شر"، إلى غير ذلك من الأمثلة.

    والمقصود هو الحرص على إحياء السنة، لكن مع التدرج واتقاء الشرور التي ربما يكون دفْعها أحب إلى الله تعالى من الإتيان بتلك السنة.

    سادسا: التمسك بها والتزامها، علما واعتقادا، وعملا وسلوكا والتحلي بأخلاق أهلها:
    وهذا هو المقصود لذاته من حفظ السنة ودراستها، فالعلم يراد للعمل وسعادة العبد في الدنيا والآخرة في التمسك بما في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلحق بها ما سنَّه الخلفاء الراشدون لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعشْ منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ بدعة ضلالة".

    وقال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"، وقال صلى الله عليه وسلم: "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: مَن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي".

    فمن أعظم التمسك والعمل بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الرجوع إليها مع كتاب الله تعالى عند التنازع وردّ الأمور إليها، لا إلى قوانين البشر، ولا يتحقق إيمان لأحد إذا لم يكن احتكامه للكتاب والسنة، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ} (النساء:59)، وكما قال العلماء فالرد يكون إليه صلى الله عليه وسلم في حياته وإلى سنته بعد مماته، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء:65)، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} (الأحزاب:36).

    قال ابن سِيرين: "كانوا -أي الصحابة- يتعلمون الهدى (أي السيرة والهيئة والطريقة والسَّمْت) كما يتعلمون العلم".

    وقال بعضهم لابنه: "يا بني لأن تتعلم بابا من الأدب أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين بابا من أبواب العلم".

    وقال أبو حنيفة: "الحكايات عن العلماء أحب إليَّ من كثير من الفقه؛ لأنها آداب القوم وأخلاقهم".

    وقال الحسن البصري رحمه الله: "إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين".

    وقال ابن المبارك رحمه الله: "تعلمت الأدب ثلاثين سنة، وتعلمت العلم عشرين سنة".

    وعن الحسن قال: "كان طالب العلم يرى ذلك في سمعه وبصره وتخشعه".

    ونختم بقول الشافعي رحمه الله: "ليس العلم ما حُفظ، العلم ما نَفع".
                  

02-21-2008, 03:59 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    لهذا ندافع عن محبتنا للرسول

    حينما كان المسلمون أمةً واحدة، وكانت تلك الأمة تضم بين جنباتها أعراقًا كثيرةً منها العربي والفارسي والرومي والحبشي؛ كانت عقيدة الإسلام تصهر في بوتقتها كل هاتيك الثقافات المتنوعة؛ لتنفي خبثها وتنقي الطيب منها وتحفظه حكمةً للمؤمنين أولى الناس بالحق.

    وكانت تلك الأمة الواحدة تتحمل رسالتها وتقوم بوظيفتها الجليلة في إصلاح نفسها وعالم الناس، في ظل التعلق بشخصية النبي الكريم الذي اصطفا الله تعالى وأدبه واصطنعه لبلاغ رسالته، وأرسله رحمةً وهدايةً؛ ليخرج به الناس من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإسلام؛ حتى شهد بذلك الكافر المجاهر بالعداوة.

    قال أبو سفيان في زمان جاهليته لزيد بن الدثنة -رضي الله عنه- وقد اقتاده المشركون ليقتلوه خارج أرض الحرم: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا عندنا الآن مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي. قال أبو سفيان: ما رأيت في الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا(1).

    ولم تكن هذه المحبة ضربًا من التعصب للسيد المقدم في الأمة، ولا مجرد تقديرٍ لقائدٍ متفردٍ في الحكمة؛ بل هي ركن أصيل في اعتقاد كل مسلمٍ مؤمنٍ، ولقد قال الرسول نفسه -صلى الله عليه وآله وسلم-: «لا يؤمن الرجل حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين»(2).

    وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك». فقال له عمر: فإنه الآن، والله لأنت أحب إليَّ من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الآن يا عمر»(3).

    مكانة الرسول في قلوب الصحابة

    ولقد كان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- باب معرفة الله تعالى ومعرفة شرعه وتفصيل تكاليف أوامره ونواهيه لعباده على النحو الذي تترجمه كلمة التوحيد الواجبة «لا إله إلا الله، محمد رسول الله». وكان اتباعه هو باب الفوز بمحبة الله تعالى ورضاه: ]قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ[ (آل عمران: 31- 32).

    لكن العمل لا يكون طاعة بمجرد الاتباع حتى ينضم إليه الرضا والتسليم: ]فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [(النساء: 65). وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به»(4).

    وكما جمع الله تعالى بين طاعته وطاعة رسوله، جمع بين محبته تعالى ومحبة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وقرع من يقدم على محبة الله والرسول محبة شيءٍ من الخلق مهما كانت مكانته في نفس العبد: ]قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ[ (التوبة: 24).

    وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار»(5).

    لهذا رقد علي بن أبي طالب في فراش الرسول ليلة الهجرة، وكان أبو بكر الصديق رفيق هجرته يغاير في جهات مسيره معه خوف مفاجأة العدو، وكانت نسيبة بنت كعب أم عمارة المازنية تترس عنه بجسدها في غزوة أحد. وحينما هجا بعض مشركي قريش رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أجابه حسان بن ثابت رضي الله عنه قائلا:

    هجوت محمدًا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء

    هجوت مطهرًا برا حنيفًا أمين الله شيمته الوفــاء

    أتهجوه ولست له بكفءٍ فشركما لخيركمـا الفداء

    فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمدٍ منكم وقاء(6).

    هذه أمثلة تبين مكانة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في قلوب أصحابه، وقد عبرت عنها أفعالهم وأقوالهم التي تتعاظم على الحصر، ورسخ القرآن الكريم هذه المكانة بتشريع نسقٍ خاص في التعامل مع الرسول الكريم، على نحو ما نجده في صدر سورة الحجرات: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ[ (الحجرات: 1- 3).

    ومما يظهر انفعال الصحابة -رضي الله عنهم- بهذه الآيات ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه بإسناده عن أنس بن مالك أنه قال: لما نزلت هذه الآية ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار.

    واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- سعد بن معاذ، فقال: «يا أبا عمرٍو، ما شأن ثابتٍ؟ أشتكى؟» قال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكوى. قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال ثابت: أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنا من أهل النار. فذكر ذلك سعد للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل هو من أهل الجنة»(7).

    ونقل القرطبي عن القاضي أبي بكر بن العربي قوله: «حرمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به»(8).

    والرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- صاحب الشفاعة، والمجيء إليه من أسباب قبول استغفار المذنب الظالم لنفسه بإذن الله تعالى الذي قال في محكم كتابه: ] وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا [ (النساء: 64).

    وكل ذلك حكمه جارٍ حياة الرسول وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى بلا فصل. وقد قال -صلى الله عليه وآله وسلم- حينما أمر بالإكثار من الصلاة عليه في يوم الجمعة المشهود: «أكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي». قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرِمْت؟ يقولون: بليت، فقال: «إن الله -عز وجل- حرم على الأرض أجساد الأنبياء»(9).

    وأخرج أبو داود في سننه حديثين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعهما، وأولهما: «ما من أحدٍ يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام». والثاني: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم»(10).

    ولهذا لا يشعر المسلم المؤمن أن صلته برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- منقطعة؛ بل هي موصولة بالصلاة عليه، واتباع سنته وتحري الاقتداء به في كل ما شرعه الله من الأعمال.

    وهكذا يكون النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- حيا على الدوام في قلوب أمته، والصلاة عليه جارية على الدوام من الله تعالى والملائكة والمؤمنين: ] إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ (الأحزاب: 56).

    ولقد عظمت هذه الأمة مكانة نبيها، ورعت حرمتها في حياته وبعد مماته صلى الله عليه وآله وسلم. واجتمعت كلمتها على أن النيل من جنابها كفر بواح يعاقب الله عليه، وتعدٍّ سافر يجب على الأمة دفعه بكل إمكاناتها المتاحة في إطار ما شرع الله؛ مصداق قوله تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا [(الأحزاب: 57).

    وقوله -تبارك اسمه- في المنافقين المستهزئين بالله ورسوله: ]وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ[ (التوبة: 65، 66). وقوله في حق نبيه: ]إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ [(التوبة: 40).

    هوس الإساءة

    ونحن نعيش زمانا كثرت فيه شارات التعدي على الإسلام ورسوله وتشريعاته ومقدسات أمته، التي غدت من أكثر الأمم شتاتا على كثرة أسباب توحدها لو تيقظ أبناؤها، وتمسكوا بحقيقة دينهم، ونصروا أهدافه السامية، وأتاحوا لتشريعاته أن تحكم، ولسنة نبيهم أن تسود بينهم سيادتها في أسلافهم الذين قادوا عالمهم بالإسلام إلى سبيل النور، وأضاءوا له طريق الحضارة التي تحفظ الإنسانية، وتضمن قيم العدالة بين الناس جميعا.

    ومع ذلك فالعالم الإسلامي الآن ثائر غضبا على الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، التي نشرتها الصحيفة الدانماركية (جيلاندز بوستن - Jyllands-Posten)، قبل أربعة شهور يوم الجمعة 26 شعبان 1426هـ - 30 سبتمبر 2005م. ثم أعادت نشرها مجلة (مغازينت) النرويجية في العاشر من شهر يناير 2006م باسم حرية التعبير، غير عابئة بما سبق هذا التاريخ من تظاهرات آلاف المسلمين واعتراضات عدد من سفراء الدول الإسلامية في الدانمارك في غضون شهر أكتوبر 2005م، ولا بموقف وزراء خارجية الدول العربية في التاسع والعشرين من ديسمبر.

    ثم طفق عدد من الصحف الغربية يعيد نشر الرسوم مستنكرا موقف المسلمين من حرية التعبير التي ينبغي أن يمهد لها الطريق في دول العالم الإسلامي الذي يرزح بدونها في بحار التخلف؛ لتكون طوق نجاته. فهل نسأل أنفسنا: مم تكون النجاة؟!

    والحق أنني لم أستغرب هوس الصحف الغربية بإعادة نشر تلك الرسوم الساخرة من نبي الإسلام، ولا سعي القائمين عليها في سبيل ترويض المسلمين وقيادتهم إلى هاوية العلمانية؛ لكن العجب كل العجب من جرأة صحف تصدر في بلاد إسلامية وعربية على إعادة نشر بعض تلك الرسوم!.

    وثمة أمر آخر لكنه لا يدعو إلى العجب بل إلى الحيرة، وهو سر اختصاص الرسوم الدانماركية بذلك الموقف الحكومي والجماهيري العام، برغم أن هذه الإساءة الأخيرة ليست الأولى ولا الأشد فيما يصيب نبي الإسلام وشريعته من صحافة الغرب وساسته ورجال الدين المسيحي المتعصبين؛ بل من العسكر الذين جعلوا حربهم ضد الإسلام والمسلمين باسم مقاومة الإرهاب حربا مقدسة.

    وأيا ما كان السبب فقد طفح الكيل وأدرك السيل الذبى، وحان للمسلمين أن يلموا شعثهم، ويتجاوزوا محنة افتراقهم وانشغالهم عن هويتهم الإسلامية الواحدة. ولن يتم ذلك إلا بوقفة مع النفس ومراجعة دقيقة لمجالات التقصير وأسبابه، دون أن نجعل من تجاوزات الآخرين وتآمرهم السبب الوحيد لما نحن فيه الآن. قال العقاد:

    أنصفت مظلومًا فأنصف ظالمًا في ذلة المظلوم عذر الظالم

    ويمكننا أن نقول: إن المظلوم الذي لا يسعى إلى حفظ حقه يظلم نفسه مرتين؛ في ترك حقه، وفي إعانة الظالم على نفسه. والقوة لا تعني الاعتداء على المخالف؛ لكنها تحفظ من اعتداء الظالم الجائر، وليس القوي من يأخذ ما ليس له، وإنما القوي الذي يقدر على حفظ ما هو له.

    ونعم يجب علينا أن ندافع عن عقيدتنا، وعن محبتنا لرسولنا الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، لكن من الواجب أيضا أن تكون منافع الدفاع أكثر من الأضرار، ومن اللازم أن تكون لذلك الدفاع خطته، لا أن تكون خطواته عمياء عشوائية غير مشروعة تغلب العاطفة فيها عقل الملتزم بالدين.

    ولقد كان في المشركين من هجا الرسول الكريم وأساء إليه بالباطل؛ فكيف كان الرد والدفاع عن النبي. ذكر ابن عبد البر أن الذين كانوا يهجون رسول الله من مشركي قريش: عبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب.

    فقال قائل لعلي بن أبى طالب: القوم الذين يهجوننا؟ فقال: إن أذن رسول الله فعلت. فقالوا: يا رسول الله، ائذن له. فقال رسول الله: إن عليا ليس عنده ما يراد في ذلك منه، أو ليس في ذلك هنالك. ثم قال: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان: أنا لها. وأخذ بطرف لسانه وقال: والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء. وقال رسول الله: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ فقال: والله لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. فقال له: إيت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك. فكان يمضى إلى أبي بكر ليقف على أنسابهم؛ فكان يقول له: كف عن فلانة وفلانة، واذكر فلانة وفلانة. فجعل حسان يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة (11).

    وهكذا نجد عليا الفارس الشاعر الفصيح لم يتعجل الجواب، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يستبعد الفارس المنشغل بالحكمة والعلم عن مهمة تتبع مناقص المشركين ومعارضة قولهم في الرسول الكريم، وحينما انتدب شاعره حسان بن ثابت لم يكتف بكفائته الشعرية الصالحة لهذا المقام، وإنما أحاله على أبي بكر العالم بأنساب القوم ومثالبهم؛ لكي يتمكن من إصابتهم دون أن يمس الرسول الكريم.

    ونحن اليوم يلزمنا أن ندافع عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وننتصف له ممن اعتدى على مكانته؛ لكن دون أن نمس شخصية الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- بسوء، ودون أن ننسب إلى دعوته السمحة ما هي منه براء.

    إننا بحاجة إلى الرد الفوري، كما أننا بحاجة إلى ما يحفظنا من تكرار هذا السفه في المستقبل. وإذا كانت المقاطعة الاقتصادية الشعبية هي الحل المطروح؛ فهل هي مع الدانمارك ومنتجاتها الغذائية فقط؟! وإذا كان الحوار هو الحل الذي يدعو له ساسة الغرب، فهل يتضمن حوار الأديان أو حوار الثقافات الإساءة إلى عقائد المخالفين، والسخرية من مرتكزات ثقافتهم؟! ويبقى بعد ذلك محاكمة النفس، والثورة الإصلاحية لتقصيرها؛ حتى تبرأ من ضعفها الذي يغري الجائرين ويجعلها لقمة سائغة في أفواههم.


    --------------------------------------------------------------------------------

    ** الأستاذ بكلية أصول الدين- الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد.

    (1) عن الإمام محمد بن جرير: تاريخ الطبري- 2/ 79، ط1، دار الكتب العلمية- بيروت، لبنان 1407هـ.

    (2) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإيمان- باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان. وأخرجه مسلم في صحيحه واللفظ له: كتاب الإيمان- باب وجوب محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين، وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة.

    (3) أخرجه البخاري في صحيحه منفردا: كتاب الأيمان والنذور- باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم.

    (4) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: «أخرجه الحسن بن سفيان وغيره، ورجاله ثقات. وقد صححه النووي في آخر الأربعين».. فتح الباري بشرح صحيح البخاري- 13/ 289، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، ط دار المعرفة- بيروت، لبنان 1379هـ.

    (5) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإيمان- باب حلاوة الإيمان. وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه واللفظ له: كتاب الإيمان- باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان.

    (6) انظر الإمام ابن عبد البر: الاستيعاب- 1/ 344، 345. تحقيق علي محمد البجاوي، ط1، دار الجيل- بيروت، لبنان 1412هـ.

    (7) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان- باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله.

    (8) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن- 16/ 307، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني، ط2، دار الشعب- القاهرة، مصر 1372هـ.

    (9) أخرجه الإمام أحمد في مسنده- 4/ 8. وأخرجه أبو داود في سننه- 1/ 275، 2/ 88. وأخرجه النسائي في سننه (المجتبى)- 3/ 91. وابن ماجه- 1/ 345، 524. وقال الحافظ ابن كثير بعد أن نقل الحديث من مسند الإمام أحمد، وعزاه أيضا إلى أبي داود والنسائي وابن ماجه: «وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والنووي في الأذكار».. تفسير القرآن العظيم- 3/ 515، ط دار الفكر- بيروت، لبنان 1401هـ.

    (10) أخرجهما أبو داود في سننه- 2/ 218. ونقلهما الحافظ ابن كثير، وذكر تفرد أبي داود بروايتهما- يعني تفرده بين الكتب الستة-، وذكر أن النووي صحح الحديثين في الأذكار، وأن الثاني منهما أخرجه الإمام أحمد في مسنده.. تفسير القرآن العظيم- 3/ 515، 516. وقد أورد الحافظ ابن حجر هذه الأحاديث، وله كلام نفيس في خصوصية حياة الأنبياء في قبورهم بدلالة الرواية، والأولوية في العقل المعتمد على الدلالة القرآنية المثبتة لخصوصية حياة الشهداء عند ربهم؛ فراجعه: فتح الباري- 6/ 488.

    (11) ابن عبد البر: الاستيعاب- 1/ 341، 342.



                  

02-21-2008, 04:00 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    أزمة الكاريكاتير.. قضية رابحة ومحامون تعساء

    "قضية رابحة ومحامون تعساء".. هذا هو ديدن التعامل العربي والإسلامي مع كثير من القضايا التي تواجهنا، وآخرها قضية الرسوم الكاريكاتورية الدانمركية المسيئة. كل العقلاء في العالم انتقدوا تلك الرسوم، ونظروا إليها من إطار واسع مهموم بأثرها على ما تم بناؤه من جسور تفاهم وخلق أرضيات مشتركة بين العالم الغربي والعالم الإسلامي.

    الأصوات الغربية التي ناصرت المسلمين أضعاف أضعاف الأصوات التي أيدت نشر الرسوم المذكورة، لكن الآن انقلبت الصورة بسبب غوغائية مظاهر وأساليب الاحتجاج الإسلامي؛ التي نجحت بتفوق في زيادة أعداد الخصوم، وعززت معسكر المتحاملين، ودفعت إليهم أصواتا كثيرة من الذين فوجئوا بحجم الرد ودمويته.

    هناك ألف طريقة وطريقة للاحتجاج ولخلق أوسع جبهة ممكنة من الأصدقاء والمؤيدين على أرضية أن مثل هذا الاستسهال في التعرض لمقدسات مئات الملايين من المسلمين لا يؤدي إلا إلى زيادة التطرف وشحن العداء بين الغرب والإسلام.

    لكن أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه من حرق وتدمير وتهديد بالقتل وعنف حقيقي ضره أكثر من نفعه؛ فإن ذلك كله يندرج في خانة تدمير الذات وحرقها قبل تدمير أي شيء آخر.

    إثارة سياسية متعمدة

    والأسوأ من ذلك كله أن هناك توظيفاً سياسيًّا كبيراً اشتغلت عليه دول ومنظمات رأت أن لها مصلحة آنية في إثارة الهيجان العربي والإسلامي إلى مداه وبلا حدود، وبحيث تتم إزاحة الاهتمام عن قضايا محددة تواجهها تلك الدول والمنظمات.

    وإلا فكيف يمكن تفسير حرق وتدمير سفارات يُفترض أنها تتمتع بحصانة دبلوماسية وحماية أمنية فائقة في عواصم لم يُعرف عنها سوى الضبط والقمع الأمني في أقصى مداه؟ ولماذا لم تقم تلك العواصم والمنظمات بتجييش الشارع وإثارته عندما ثبت أن البعض قد اعتدوا على المصحف ذاته في سجن أبو غريب؟

    لماذا لم يجرؤ من شربوا لبن السباع في مواجهة دول هامشية مثل الدانمارك والنرويج معروف عنها مواقفها المسالمة بل والمؤيدة للحقوق الفلسطينية، ومعروف عن منظماتها غير الحكومية نشاطها الكبير في البلدان العربية وفي دعم كثير من أنشطة المجتمع المدني على القيام بأقل القليل عندما كان الطرف الآخر هو الولايات المتحدة؟ لماذا لم يُسمح حينها بحرق السفارات الأمريكية في العواصم التي فاجأتنا ثورتها وذودها المدهش عن المقدسات؟

    والأغرب من ذلك كله هو التغاضي عن أولية أساسية وهي أن هذا التحشيد لا يؤدي إلا إلى تحشيد مضاد، وإلى استفزاز الطرف الآخر بحيث أصبح تكرار نشر تلك الرسوم بمثابة الرد على التحدي المتطرف الذي لا يولد إلا تطرفا مضادا.

    في بريطانيا خرجت قلة متطرفة تحمل شعارات أمام السفارة الدانماركية تحمل تهديدات مثل ''أوروبا، سوف يأتيك ابن لادن''، و''أوروبا سوف يأتيك الحادي عشر من سبتمبر الخاص بك''، و''لتسقط حرية التعبير''، وسوى ذلك من تهديدات بقطع الرؤوس وإراقة الدماء.

    قبل التظاهرة كان الرأي العام بأغلبه مؤيدًا للمسلمين ومتضامناً معهم بسبب ما تعرضوا له من إهانة لمشاعرهم جراء تلك الرسوم؛ لكن بعد المظاهرة وما نقله الإعلام من غوغائية بعض المشاركين فيها انقلب الرأي العام، وصار السؤال الكبير هو: لماذا يهددوننا وهم في عقر دارنا؟ كيف يهتفون ضد حرية التعبير وهي الحرية التي سمحت لهم بالتظاهر أصلاً؟

    وهكذا نسقط ثانية في اختبار المجادلة والحوار وإقناع الخصوم ونحن أمة ''وجادلهم بالتي هي أحسن''، نسلم قيادنا بسرعة مدهشة للأعلى صوتا والأكثر جعجعة والألحن تعبيرا ونتواطأ على إسكات صوت العقل بشبه إجماع مثير.

    ليس ثمة أي تردد في إدانة نشر الرسوم بالفم الملآن، لكن علينا أن نقدم تلك الإدانة بصورة حضارية ومقنعة لتوسيع دائرة الأنصار والمؤيدين وحتى لا يتكرر الأمر. لكن الطريقة التي تمت بها الأمور لحد الآن خسرتنا القضية.

    والشيء المستفز في المسألة كلها هو سهولة وقوع مثقفينا وإعلامنا في الخطاب الغوغائي المهرج، الذي سعدت به أنظمة ديكتاتورية كثيرة في المنطقة تريد أن تتمسح بالإسلام وتختبئ خلف شعاراته لتهرب من مسئوليات جسام تواجهها على جبهات أخرى.

    صراخ التطرف

    بيد أن خسائرنا في هذه القضية الحساسة لا تتوقف عند علاقاتنا مع العالم الخارجي، بل تمتد إلى عالمنا الداخلي، ذلك أن صراخ التطرف وعلو خطابه الانفجاري في كل الجهات طال بشظاياه النسيج المجتمعي العربي والإسلامي نفسه.

    ففي معظم البلدان التي دوى فيها صوت التطرف ومظاهراته التي أطلقت صرخاتها بلا بوصلة دب الرعب في أوصال مسيحيي تلك البلدان، وفي أوساط غير المسلمين. بل إن انطلاق وحش التطرف على إيقاع الإغراءات الرسمية له بالوثوب فاقم من التوترات الطائفية الموجودة بين المسلمين أنفسهم سنة وشيعة كما حدث في باكستان وأفغانستان حيث سقط عشرات القتلى في وسط معمعة التظاهر والصخب التي دمجت بين رفض الغرب ورفض الآخر المختلف في الطائفة.

    مثقفونا وإعلاميونا يتحملون جزءا كبيرا من المسئولية، فعوض أن تكون العقلانية والتأني هي بوصلة الجميع، وأن يُصار إلى عقلنة الرد وتفعيله في اتجاهات تعظم من المكاسب عند الطرف الآخر، فقد نكص كثير منهم عن دورهم المفترض، ولحقوا بالخطاب الغوغائي خشية أن تدرج أسماؤهم في قائمة "أعداء الأمة" التي يعدها التهريج ويروج لها،

    وبدل أن يكون الإعلام الواعي والعقلاني قائدا مسيراً ومنوراً لملايين الأميين الذين يسقطون فريسة أي خطاب غوغائي أو شراك ينصبها لهم نظام ما أو أيديولوجية ما لتوظيفهم لخدمة هدف ما، فإنه يرضى بدور التابع لذلك الخطاب ويلحق به؛ لأجل غايات سياسية تافهة ننخرط جميعا وبلا وعي في نظرية صدام الحضارات التي خطها لنا اليمين الأمريكي المتطرف.

    وبالضربة القاضية نخسر ما جمعناه من تأييد بالنقاط عبر سنين طويلة من جهود المخلصين الذين دأبوا على دحر مقولات الاستشراق الكلاسيكي. ماذا استفادت جماهير الغاضبين التي أحرقت ودمرت سفارات ومقار لجمعيات إنسانية أوروبية سوى أنها دفعت صحفاً ومجلات عديدة في العالم لإعادة نشر الرسوم على سبيل التحدي والاستفزاز المقابل، وبالتالي مضاعفة الإساءة؟ أليس صحيحاً أنه لو كان الرد حضاريا لما توسعت دائرة السب والشتائم التي يتعرض لها العرب والإسلام في كل مكان وبشكل متزايد هذه الأيام؟



                  

02-21-2008, 04:01 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    عمرو خالد: لم نوفِ حق النبي بعد!

    اقترح الداعية عمرو خالد وسيلتين عمليتين لنصرة "رسالة" النبي صلى الله عليه وسلم في كلمة ألقاها في العاشرة من مساء السبت 11-2-2006 على قناة اقرأ؛ ردا على الرسوم الكاريكاتيرية الدانماركية المسيئة.

    وأكد أن المسلمين بكل ما فعلوه من احتجاجات -مقبولة أو غير مقبولة- لم يوفوا بعد حق النبي صلى الله عليه وسلم .

    وحدد واجبا عمليا على المسلمين؛ يرى فيه نصرة حقيقية لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قائلا: "لأكون عمليا، أطرح طريقتين للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومد أيدينا بالتواصل معه العالم:

    أولا: أن يكتب كل شاب وفتاة رسالة للدانماركيين للتعريف بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم التي يجهلونها، والتأكيد على رغبتهم في التعرف على الشعب الدانماركي، وتحقيق مراد الله في الآية: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}.

    ويمكن للجميع أن يكتبوا تلك الرسائل على بريد موقع عمرو خالد.نت، أو إرسال فاكس لقناة اقرأ، وسنترك باب استقبال الرسائل لمدة أسبوع، ثم ننقحها ونترجمها، ونرسلها لشعب الدانمارك. وأنصح بعدم إرسال تلك الرسائل إلى السفارات حتى لا تختلط برسائل الاحتجاج.

    ثانيا: أقترح عليكم فكرة أرجو أن تبدوا رأيكم فيها على موقع عمرو خالد.نت، وهي إقامة مؤتمر للشباب المسلم في كوبنهاجن بالدانمارك؛ تنقله تليفزيونات العالم، لمناقشة ثلاثة محاور: التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ووسائل مقترحة للحوار والتواصل بين المسلمين وشعب الدانمارك، وتعريف مفهوم حرية التعبير كما يراه الشباب المسلم. ونحتاج في ذلك لاختيار شباب مسلم ناجح، ومثقف، يجيد اللغات، فأرى أن رسالة هؤلاء في التعريف بدينهم أكبر من مسئولية العلماء الكبار".

    وتساءل عمرو في مقدمة كلمته: "هل وفَّينا بهذا حق رسول الله؟"؛ إذ ينبغي أن ينشغل كل إنسان بهذا السؤال لأننا سنلتقي بالرسول صلى الله عليه وسلم". وأجاب بدوره: "لا.. لم نوفِ حقه بعد!! فما قمنا به مجرد احتجاج لوصف حبنا للرسول صلى الله عليه وسلم، وما زال على عاتقنا مهمة تعريف الآخر؛ فالطلبة في مدارس الدانمارك يسألون المدرسين عن "محمد" الذي ثارت حوله الضجة، ولكن المدرسين ليس لديهم أدنى خلفية يروون بها عطش التساؤلات".

    ويستدرك عمرو خالد قائلا: "تنبهوا إلى أن نبرة الاحتجاج لا تمت بصلة لمهمة التعريف بالرسول، وتساءلوا لو أن الرسول بيننا الآن، وقد أسيء إليه؛ هل كان يغضب لنفسه أم يستثمر القضية لخدمة رسالته؟ فالاحتجاج الذي رأيناه كان لـ"شخص النبي صلى الله عليه وسلم" وليس لصفته "رسول الله". وإن كنا نحب الرسول فعلا؛ فعلينا أن نهتم بأهم شيء كرس له النبي صلى الله عليه وسلم حياته؛ وهو: تعريف الأرض برسالة الإسلام، وهداية البشرية".

    ولنا –أمة محمد– توصيفان في طرح الداعية عمرو خالد؛ أشار إليهما: "لنا صفتان مع النبي صلى الله عليه وسلم:

    - اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وواجبنا تجاه تلك الصفة رد غيبته والنصرة له.

    - ورثة الرسالة: فالأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما حَمل رسالة هذا الدين".

    ويؤكد عمرو خالد: "لو كان التعارف بيننا وبين شعب الدانمارك، لما وقعت الإساءة؛ فالرسول سعى للحوار مع العالم كله حتى تصل رسالته لجميع الناس، وقد كلفنا الله بالتعريف بالإسلام لكل شعوب الأرض، والحوار من أجل الفهم المشترك؛ كما ذكر في كتابه الكريم:

    - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13)

    - {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (آل عمران: 110).

    وأضاف: "يجب أن نعترف بأسباب عدم معرفة الغرب للرسول صلى الله عليه وسلم:

    - قصور من المسلمين في التعريف برسول الله صلى الله عليه وسلم.

    - هناك أياد ماكرة تريد عزل المسلمين عن العالم؛ فلما ظهرت الفضائيات وزادت فرصة المسلمين في التعريف بدينهم، والتواصل مع الشعوب، أثارت هذه الأيادي الخافية ما هو قبيح في المسلمين، لعزلهم عن العام".

    وكان عمرو خالد قد ألقى كلمة الأسبوع الماضي من ذات المنبر الإعلامي -قناة اقرأ- عن أزمة الرسوم، ولكنه اكتفى فيها بمجرد تحليل الأزمة، وتوجيه كلمة للغرب عن أهمية الرسول في حياة المسلمين، وضرورة عدم المساس به حتى لا يذهب العالم في اتجاه صدام الحضارات.




                  

02-21-2008, 04:02 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي -صلى الله عليه وسلم . (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    ثمرات الانتصار للنبي المختار

    لعلي لا أبالغ إن قلت: إن أحدا لم يكن يتوقع قوة الانتصار للنبي المختار صلى الله عليه وسلم، وسعة دائرته في المجــالات والدول والهيئات؛ فقد صار الحدث خبرًا يوميا في سائر النشرات الإخبارية، وأصبح حديث المجالس، وانشغل به عموم الناس وخاصتهم؛ بل صارت له صلة بالدول والحكومات، ولعل من المناسب -في البداية- إيجاز القول في صور هذا الانتصار ومنها:

    1- الاستنكار القوي والاعتراض الشديد على الاستهزاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من خلال خُطب الجمع، ومقالات الصحف، ومشاركات الإنترنت.

    2- إنشاء مواقع وصفحات إلكترونية خاصة بالحدث، وتقديم وتيسير سبل الاحتجاج والمخاطبة للجهـات الدانماركية والنرويجية خاصة، والجهات الإسلامية والأوربية والدولية عامة.

    3- الدعوة الواسعة الأصداء، الجامعة بين القول القوي والتحرك والتنفيذ العملي في شأن مقاطعة البضـائع الدانماركية على الفور بإخراجها من المحلات والأسواق التجارية.

    4- العناية الإعلامية الكبيرة من خلال التغطية والمتابعة الإخبارية، والبرامج والحلقات المباشرة وغير المباشرة الخاصة بالحدث، مع الاستضافات والحوارات حول الموضوع.

    5- التذكير والتشجيع الشعبي الجماهيري العام من خلال أحاديث المجالس والديوانيات، ورسائل الجوالات، والبريد الإلكتروني والملصقات والمطبوعات والإعلانات الكبيرة، وملصقات السيارات بزخم كبير لم يُشهد له مثيل.

    6- التحرك الحكومي السياسي الذي تمثل في استدعاء السفراء، واستنكار الحدث رسميا، ومقاطعة بعض الأنشطة والبرامج الدانماركية في المجالات الثقافية.

    7- طرح الموضوع من خلال وجهات النظر المعاصرة، والمصطلحات المتداولة دوليا، مثل: حوار الحضارات، واحترام الأديان والمقدسات وإدراجها ضمن منظومة حقوق الإنسان.

    8- التحرك الشامل في المجالات التخصصية المختلفة؛ إذ شارك في الانتصار المحامون والتجار والصناع والأكاديميون والطلاب والصغار والكبار والرجال والنساء.

    9- التضحية بالوقت والجهد والمال للإسهام في جوانب النصرة المختلفة كل بحسبه ووفق قدرته.

    10- المتابعة والرصد لآثار الحدث وردود الأفعال الناشئة عن المقاطعة الاقتصادية، والمراسلات الاحتجاجية، والمحاولات القانونية.

    ويمكننا القول: إن الأمة الإسلامية في العصر الحديث قلَّما قابلت حدثًا كان له مثل هذا التأثير في القلوب والنفوس، والأقوال والأفعال، والمواقف والمبادئ، ولا عجب في ذلك فالأمر يتصل بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، نبي الصدق {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ...} [الزمر: من الآية 33]، ونبي الرحمة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]. ونبي الشفاعة العظمى والمقام المحمود {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]. "سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفَّع" [رواه مسلم]، النبي المصطفى والرسول المجتبى الذي لا يصح لنا إسلام، ولا يثبت لنا إيمان إلا بالإيمان بنبوته، وصدق محبته، والإقرار بعظمته، والاتباع لسنته، فله في قلوب المسلمين المكانة العظمى والمحبة الكبرى، يجددون بها ما كان عليه أسلافهم من الصحابة رضوان الله عليهم كما وصفهم واحد من أعدائهم، وهو عروة بن مسعود الثقفي حيث قال: "أي قوم والله!! لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا يُعظمه أصحابه ما يُعظّم أصحاب محمد محمدًا، والله إن تنخَّم نُخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدّون النظر إليه تعظيمًا له" [رواه البخاري]. وكانوا يفدونه بأرواحهم ولسان حالهم ومقالهم يجسّد مقالة أبي طلحة الأنصاري يوم أحد: "نحري دون نحرك يا رسول الله"، فلا مجال للتعرض لمقامه، أو الانتقاص لقدره صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاءت تلك الهبة العظيمة التي يمكن أن نرى خيراتها ومنافعها الجديرة بالاهتمام والاغتنام، وهذه بعضها نوردها تحدُّثًا بنعمة الله:

    أولا: الفوائد المعنوية التربوية

    1- ظهور وإظهار قوة وصدق محبة وعظمة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في نفوس المسلمين.

    2- تحرك الغيرة الإيمانية والحمية الإسلامية انتصارًا ودفاعًا عن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام.

    3- تجلي صورة وحدة وتكاتف الأمة في الملمات عندما يتعلّق الأمر بالأمور العظام كالتعرّض لخير الأنام صلى الله عليه وسلم.

    4- رفع الهمم وشحذ العزائم بثبوت قدرة الشعوب الإسلامية على العطاء والتأثير، وإزالة أسباب العجز والتفريط والتقصير.

    5- ازدياد الوعي بأهمية وعظمة دور الدين عند المسلمين، وكونه الأساس الذي ترتبط به حياتهم، والتعميم لذلك في واقع المسلمين، والتعريف به لغير المسلمين،

    ومعارضة كل ما يُعارض ذلك من الناحية الفكرية أو العملية.

    6- الشعور والإدراك الحقيقي لمعنى الإساءة إلى الدين، والعدوان على مقدسات المسلمين، والانتباه إلى نظائر ذلك في أفعال الآخرين كالصهاينة الغاصبين في فلسطين، والأمريكان المجرمين المحتلين في العراق وأفغانستان، وغير ذلك من صور وممارسات العدوان.

    7- التأكيد على أهمية عقيدة الولاء والبراء، والفهم الصحيح لها في ظل وجود العدوان والاعتداء.

    8- ازدياد روح البذل والتضحية والعطاء على حساب رغبة المسلم وشهوته، أو المحافظة على ماله وثروته، أو الإيثار لسلامته وراحته.

    ثانيا: الفوائد العملية الحياتية:

    1- الوضوح العملي للأثر القوي للاقتصاد من خلال أثر المقاطعة للبضائع والمنتجات الدانماركية، وأهمية توظيف القدرة الاقتصادية للدفاع عن الأمة وتحقيق مصالحها.

    2- بروز أهمية الاستقلال الاقتصادي وخاصة في مجال الغذاء والدواء، وأهمية رفع شعار "نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع".

    3- ظهور أهمية التكامل الاقتصادي بين الدول العربية الإسلامية، والتركيز على إحياء التوجه نحو التكامل بين الدول الإسلامية وهي كثيرة في عددها، وغنية في مواردها، ومتنوعة في منتجاتها.

    4- وضوح الأثر الإيجابي لوسائل الإعلام عند استخدامها في المجالات المهمة والقضايا الجوهرية في حياة الأمة، ووجود العناية بذلك من خلال الاستخدام المتميز لشبكة الإنترنت، والمناداة بإنتاج الأشرطة والأقراص الممغنطة، والعمل على إعداد إعلانات وبرامج تلفزيونية، وعبّر عن ذلك الكاتب أحمد أبو زيد في الحياة فقال: "هذه الأحداث الجسام هي التي تشكل وعي أبنائنا، وهي التي تجعلهم يهتمون بشأن الأمة العربية والإسلامية، بعد أن عمدت معظم القنوات الفضائية إلى تهميش وتسطيح قضاياهم من خلال بث وتركيز متعمد على حياة المشاهير من المطربين والمطربات ونجوم الرياضة من اللاعبين، حتى بات معظم الشباب من الجنسين على دراية تامة بأدق تفاصيل هذه الشخصيات التي أقل ما يُقال عنها إنها لم تضع لبنة واحدة في بناء المجتمع وتقدمه ولحاقه بركب الحضارة والتطور التكنولوجي" [ صحيفة الحياة- الجمعة 4-1-1427هـ].

    5- وضوح قوة تأثير الجانب السياسي في شتى صوره؛ فالمملكة التي استدعت سفيرها، واستنكر مجلس وزرائها، واعترض مجلس شوراها، يُعد فعلها نموذجًا للأثر والتأثير الإيجابي فيما يتعلق بعقيدة ومقومات وهوية الأمة، كما يبدو الأثر مضاعفًا عند توافق وتطابق العمل الحكومي والشعبي كما في هذا الأمر.

    وهكذا نرى أن هذه النصرة أبرزت تسخير الأمة لبعض قدراتها الاقتصادية والإعلامية والسياسية وغيرها في الاتجاه الصحيح المرتبط بهوية الأمة وتحقيق مصالحها، وتجلّى الأثر الإيجابي لذلك، لقد كانت النصرة شاهدًا على محبة حقيقية لا زائفة، وغيرة صادقة لا كاذبة، وحركة عملية لا دعائية، وإيجابية جماعية لا فردية، ومن هنا ينبغي اغتنام هذه الفوائد والعمل على الحفاظ عليها أولا، وتطويرها وحسن توجيهها واستثمارها ثانيًا، ونريد لها أن تكون مستمرة لا منقطعة، ومنضبطة لا فوضوية، وشرعية لا مزاجية، وهذا ما سأكتب عنه بإذن الله.



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de