|
نهاية الأفاعي
|
12:41 PM Oct, 28 2015 سودانيز اون لاين عبدالدين سلامه-الامارات مكتبتى فى سودانيزاونلاين
إن ما تقوم به القوات الحوثية في تعز من قصف عشوائي للمدنيين، متسببين بمزيد من القتلى الذين تجاوز عددهم العشرين، يعدّ جريمة حرب بامتياز، وجرائم الحرب التي ارتكبتها مليشيات الحوثي والمخلوع صالح ضدّ الشعب اليمني كثيرة وقد تستعصي على العدّ، وليس المعيار الدولي لجرائم الحرب الذي يختص بمحكمة الجنايات الدولية وحده يجب أن يكون المقياس والهدف، فأخلاقيات المجتمع اليمني والعربي عموماً، تعتبر هذه الجرائم أكبر من مجرد جرائم حرب، والعقوبة بالسجن أو الإعدام لفاعليها لا تعدو كونها عقوبة جسدية لا يأمن المجتمع عبرها نهاية الدوافع التي تفضي لمثل هذه الانتهاكات الخطيرة، فعقاب الحوثيين وصالح مسألة لا يمكن للشعب اليمني التنازل عنها، ولا حتى المفاوضات المزمع إجراؤها برغم بعض التكهنات بإمكانية تأجيلها بسبب ظروف الحرب والميدان وأعمال الحوثيين الإرهابية في تعز، يمكن أن تقرّ تنازلاً أو مرونة تمكّن المجرمين من الإفلات من العقاب، فالمفاوض لو تنازل عن ذلك الحق فإن ذوي الضحايا في بلد كاليمن يؤمن بثقافة الثأر وتغلب عليه الطبيعة القبلية، لن يتخلو عن ذلك، وستعود الفوضى الأمنية لليمن من جديد بفضل تلك الثأرات، لذلك يبقى من المستبعد جداً أن يحظى الحوثيون وصالح بما حظي به صالح بفضل المبادرة الخليجية التي سعت لتجنيب البلاد كارثة لم يشأ المخلوع صالح إلا أن يوقعها فيها ولو بعد حين، وبذلك فقد كل شيء في الوقت الحالي، فقد فقد البقية الباقية التي كان يتمتع بتأييدها حتى بعد الاتفاقية الخليجية التي خرج بموجبها من السلطة سليماً معافى لا يلاحقه أحد، وخسر منصبه في حزب المؤتمر بعدما قام قادة الحزب بعزله، وفقد الحماية الأميركية التي اكتسبها بالمراوغة و(الفهلوة)، والتي كان يصوّر للأميركان فيها مواجهته لتنظيم القاعدة الذي ساهم في استجلابه إلى اليمن ومنحه العديد من المزايا السرية ليجعله رئة يتنفس عبرها بقاء الحماية الأميركية، كما صنع الحوثيين الذين كان يتسوّل بحروبهم الصورية الستة دعم الدول المحيطة، إضافة لتنظيم الإخوان المتأسلمين الذي كان يستخدمه عند الحاجة.
المخلوع إذاً حاول تحصين نفسه بعدد من القنابل الموقوتة ومنها الجيش الخاص الذي أنشأه على حساب البلد وباسم اليمن، ولكن من يقوم بتربية الأفاعي لا يمكن أن يأمن لدغاتها، وقد بدأ يحصد ما زرع بعدما أخذت تلك القنابل الموقوتة تنفجر بين يديه بدلاً من أن تحميه.
فالحوثيون الذين خدعهم وحاول خوض حرب تدمير الدولة اليمنية متستراً بهم، خصمت فعائلهم ما تبقى من شعبيته، وكشفت ظروف المعارك الميدانية كذبه الصريح الكامن في التناقض بين إنكار تحالفه معهم والإقرار به، بينما الإخوان المتأسلمون بدأوا في التخلّي العلني عنه ومحاولات الانقضاض عليه بالرغم من أنهم لا يقلون عنه سوءاً.
وجيشه الذي أنفق عليه أموال الشعب اليمني قد بدأ يتهاوى في ميادين المعارك، وفقد معظم جنوده وقادته وعدّته وعتاده ولم تتبق أمامه غير المحاولات اليائسة التي تجسّد لحظات الاحتضار.
أما الحوثي فقد فقد الكثير هو الآخر، فارتهانه لصالح من جهة وإيران من جهة أخرى أدخله في وحل لا يستطيع اجتيازه ولا التراجع عنه، وخطابه السياسي الذي بدأه مراوغاً بالمطالب المعيشية للشعب في صنعاء قبل أن يستغله للانقضاض على السلطة الشرعية ومطاردتها حتى خارج اليمن، اختلف عن خطابه اليوم، وما تبقى له من رجال يعانون العديد من أعراض الإحباط واليأس والهزيمة والمصير المجهول بعدما كانوا يتلذذون بمطاردة الحكومة الشرعية قبل أشهر.
الطرفان إذاً سيذهبان للتفاوض عملياً وهما فاقدان لكل شيء، فاحتلال منطقة هنا، أو إثارة شغب هناك، أو محاصرة منطقة ما وقصف مدنييها الأبرياء، لا يلغي حقيقة الهزيمة الماحقة التي ارتدت بالطرفين المتحالفين، من استيلائهما على كامل التراب اليمني قبل أشهر قليلة، مقارنة بالوضع الراهن الذي يخوضون فيه حروباً خاسرة على بعض الجيوب والجبهات، وقبولهم بشرعية الرئيس هادي وحكومته وقبولهم الجلوس إلى طاولة التفاوض، وتقديمهم التنازلات الكبيرة حتى ولو كان الأمر مراوغة، فإن ذلك كله لا يعني سوى أنهم انهزموا هزيمة نكراء.
وبالرغم من محاولاتهم التجمّل ببعض العمليات اليائسة في المناطق اليمنية أو الحدود السعودية، إلا أن ذلك التجمل يبدو كمكياج مسنّة، لا يمكن لعطارتها أن تصلح ما أفسده الدهر.
محاربة الحوثيين وصالح، يجب أن تكون محاربة شرسة لأفكارهم مثلما هي شرسة لقتالهم، فموت صالح أو الحوثي وحده لا يمكن أن يجعل المنطقة تأمن ميلاد ألف صالح وحوثي جديد، لذلك يجب أن تتزامن مع هذه الحرب حرب فكرية للقضاء على أية مفاهيم تقود للتعاطف معهما ولو من فئة قليلة، ولو حدث ذلك فستكون الفترة القادمة هي بداية نهاية الشيطانين المتحالفين دون شك.
|
|
|
|
|
|