الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظار ليلة العبور

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 06:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-05-2015, 08:40 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظار ليلة العبور

    07:40 PM Oct, 05 2015
    سودانيز اون لاين
    عليش الريدة-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    الليلة التي أرقت بابكر زولاني
    أو

    في انتظار ليلة العبور

    كان بابكر زولاني يقف كعادته الصباحية على الشارع الرئيسي ، منتظراً الحافلة التي تقله إلى مكان عمله ، ورغم أنه كان يقف على مبعدة من باقي الجمهور المنتظر ، ورغم أن الوقت كان مبكراً نسبياً ,إلا أن المكالمات العديدة التي أجراها والتي تلقاها في انتظاره ذاك ، كانت تصل مضامينها بوضوح لآذان ذلك الجمهور ، فصوته الجهوري كان دائماً ما يتمرد على محاولات التخفيض التي ظل يمارسها هو دن جدوى .. وفجأة انجرفت دراجة بخارية بصاحبها من على الشارع وتطوَحت في اتجاه الجمهور الذى سارع بإخلاء المكان، وسط صيحات الفزع والاستنكار ، وعندما أوشك بابكر على إنهاء آخر مكالمة أجراها, تبيَن له أن الدراجة على بعد مسافة قليلة من الاصطدام به ،و بالكاد استطاع أن ينحرف عن مسارها سنتمترات قليلة ، لكنها على قلتها كانت كافية لتجنبه الاصطدام الوخيم بتلك الدراجة ، التي انكفأ ت أخيراً بصاحبها ولفظته على وجهه في التراب.. وتحرك زولاني مباشرةً نحو صاحب الدراجة ودمه يغلي من الغضب .. إن هذه القيادة المتهورة كانت من الممكن جداً أن تسبب للناس أذىً جسيما ، لذلك يستحق هذا الرجل الأرعن أن يُلقن درساً لن ينساه، لكن الرجل عندما رآه متجهاً نحوه بادر قائلاً :
    أنا آسف يا أستاذ ، لقد حاولت أن أتفاداك ، لكن هذه الدراجة اللعينة خذلتني, هل أصبت بسوء؟
    وكانت هذه المبادرة مثل الجدار الذى تصطدم به كرة (البنغ بونغ ) المسرعة, فيعكس اتجاه حركتها تماماً ، فقد تغيرت ملامح زولاني فوراً وقال :
    حصل خير يا رجل ، المهم كيف حالك أنت ؟
                  

10-05-2015, 09:30 PM

طلحة عبدالله
<aطلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: عليش الريدة)

    عليش الأريب
    ياخ الصبح تنفس
    ورانا دوام الله يعزك
                  

10-06-2015, 04:43 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: طلحة عبدالله)

    سلام يا طلحة..
    أنا على سفر من امبارح الصباح..جيت عطبرة (الإنت بريتنا بيها دي)..(ياحواش حوش، من ناس عطبرة مايقروا هذي المداخلة )..إذكرتك في قهوتين غشيتن،الشباب (هلالاب ومريخاب) حزينين ومحبطين ومنكسرين، ويتبارون في احتساء الشاي..
    وإذكرت برضو العبارة دي(قهاوي عطبرة مقابر الأحزان) وبصراحة ماعارف القالا منو، وإحتمال كمان أكون ألّفتا أنا هسة ..
    في المسجد الكبير بعد صلاة العصر قام واحد يخطب (سيماه لاتبدو كسيماء الذين يتصدون لمثل هذه المهام عادة)..وبعد شوية عمك إظنو طلع شيوعي، نزليك في الحكومة دق في الأنكل.. قام في واحد ملتحي قاعد في كرسي في أقصى اليمين،بقا يرد علي زولك دا..وأصواتم علت وإدّاخلت، وأي واحد فيهم مواصل في كلامو وماشغال بالتاني الشغلة.. والمصلين يضحكوا..وأنا أعييييط..
    قلت في سري ناس عطبرة ديل جنّهم دا أصلوا مابخلوا ؟..
    ولولا أني على سفر لكنت مكثت في مصلاي حتى ينقضي هذا المشهد البديع..
    *دي قصة الزعيم الحكيت ليك عنا أثناء تشريفك لينا في آخر بوست لي..كل ما ألقى زمن ح أشوت منا جزء..
    شكرا وتحياتي.
                  

10-06-2015, 08:59 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: عليش الريدة)

    كانت على وجهه تبدو بعض الخدوش الطفيفة ، وإحدى ذراعيه قد تورمت ورماً ظاهراً , لكنه قال : أنا بخير ..الحمد لله
    : نعم ، الحمد لله, هذه سلامة , لكن ذراعك تحتاج لعمل صورة بالأشعة ، لابد من أن تذهب للمستشفى الآن .
    : شكراً على اهتمامك ، سأتصل ببعض المعارف ليأتوا إلى ، أرجو أن تتفضل أنت ، يبدو أنى قد عطلتك
    :انتظر ، لا تتصل بأحد
    وقبل أن يشرح بابكر شيئاً للرجل ، أخرج هاتفه واتصل بابنه وطلب منه الحضور إلى مكان المحطة,ثم قال للرجل :
    منزلي قريب من هنا, سنحفظ فيه الدراجة وسأذهب معك إلى المستشفى لعمل الصور اللازمة.. وحاول الرجل بكل استماتة الاعتراض على هذه الخطة الكريمة ، لكن اعتراضاته ذهبت أدراج الرياح.
    وبعد حين كانا يستقلان عربة أجرة في طريقهما للمستشفى.. قال زولاني
    : يا أخي لا تكن حساسا هكذا ، الدنيا ليس فيها شيء يستحق ،ويبدو على أي حال أنك رجل محترم ، لذلك تستحق أن تكرم ، وأنا لا أفعل شيئا غير الواجب..
    وقال
    : لقد كونَت علاقات كثيرة بمثل هذه الصدف ، فدائماً ما تحدث معي مواقف تبدو سيئة في البداية ، لكنها تصبح في النهاية أساس لعلاقات متينة ، ولديّ الآن صديق عزيز يقيم في دولة خليجية اسمه عباس ، لقد تعرفت عليه في سفرية بالقطار قبل نحو خمس سنين ، كان ذلك القطار قديماً جداً ، وقد صدق حدسي به ، فقد تعطل بنا في مكان ما شمال أبى حمد ، هل مررت على تلك المناطق من قبل ؟ وقبل أن يرد صاحب الدراجة ، استمر بابكر: طبعا تعرف أنها مناطق قاحلة جدا,ً ومكثنا في مكاننا ذاك ثلاثة أيام كاملة حتى أٌصلح ذلك العطل ، وبالمصادفة وطأ عباس على قدمي, وكنت طبعا لا اعرفه في ذلك الوقت، ولأني كنت مستاءً جداً ، تجادلت معه بعض الشيء ، ثم لكمته على وجهه ، وتطورت بعد ذلك الأمور بيننا للغاية ، لكن هل تعرف إلى ماذا انتهت ؟ لم نصبح صديقين فقط ، وإنما شملت الصداقة حتى أسرتينا ، والآن ابنه يدرس في إحدى جامعاتنا من ضمن أبناء الشهادة العربية ، ورغم أن أهلهم كثر هنا ، إلآَ أنه يقضي معظم وقته معنا في البيت ..
                  

10-06-2015, 09:07 AM

طلحة عبدالله
<aطلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: عليش الريدة)

    طريق السلامة باذن مسخر الأسفار
    Quote:
    (هلالاب ومريخاب) حزينين ومحبطين ومنكسرين، ويتبارون في احتساء الشاي

    عجبني للمارقوت .. خلي جرايد المدرجات تنفعم ..
    واصل يا سمح وأنساك من فارغة هلال مريخ دي .
                  

10-06-2015, 10:22 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: طلحة عبدالله)

    وقال زولاني
    : وأيضاً في إحدى المرات التي ذهبت فيها للإستاد لمشاهدة مباراة بين فريقي القمة ..
    ولكن بابكر قاطع نفسه صائحاً
    : ها قد وصلنا إلى المستشفى .
    وعند إجراء التحاليل والصور, كان صاحب الدراجة يأخذ الاحتياطات اللازمة حتى يخفى اسمه عن بابكر ، وبعد ما إطمأنا على أن الأمور جيدة رجعا إلى المنزل , حيث أصر بابكر إصراراً كبيراً على الرجل أن يتناول وجبة الإفطار قبل أن يسمح له بأخذ الدراجة والانصراف ، وعندما حانت ساعة الخلاص أخيراً ، حان معها السؤال الذى كان يتحوَط له الرجل منذ البداية ، قال بابكر:
    لم تخبرني باسمك حتى الآن ؟
    قال الرجل دون تردد :اسمى عبوري
    ورغم أن زولاني قد بذل جهداً مقدراً ليمنع نفسه من الضحك ، إلّا أنه استسلم في النهاية وغرق في موجة من الضحك المغتصب ، لكنه تمالك نفسه وقال مواسياً :
    لا توجد مشكلة ، يمكنك أن تناديني ببكوري ، وهكذا تصبح حالتنا واحدة..
    ثم أخرج بابكر تلفونه قائلاً
    :ملني رقم هاتفك حتى احفظه .
    قال صاحب الدراجة الذى يبدو أنه قد تحوَط لهذا الطلب أيضاً
    : ليس لدى هاتف حالياً, ولكن دوَن لي أنت رقم هاتفك في ورقة وسأتصل بك عندما اشترى هاتفاً .
    ونجحت هده الخطة أيضاً,لأن زولاني نسى أن صاحب الدراجة عندما وقع له الحادث
    كان ينوى الاتصال ببعض المعارف ..وبعدما انفك الرجل أخيرا من قبضة بابكر الفولاذية ، قذف بالورقة وأقسم في نفسه بأغلظ الإيمان ألا يأتي بهذه الأنحاء مرة أخرى.
    عندما دخل بابكر إلى مكتبه كانت الساعة تقترب من الواحدة ظهراً ، وفور دخوله أخبره زملاؤه بأن المدير ينتظره.
                  

10-06-2015, 02:59 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: عليش الريدة)

    كان مدير المؤسسة رجلا رزيناً ونزيها ومهنياً من الطراز الرفيع ، لكنه كان يعترف في قرارة نفسه بالفشل في تقويم الموظف زولاني ، ولقد حاول كثيراً دون يأس أن يصلح من أمره لكن كان الفشل دائماً مصير تلك المحاولات ، ومازال المدير لا يستطيع منع نفسه من الابتسام عندما يتذكر محاولاته الأولى مع بابكر ، فقد حدث في إحداها أن فقد السيطرة على أعصابه واحتد في الكلام معه ، فما كان من بابكر إلا أن خطف (مطفأة السجائر ) التي تزيِن مكتب المدير وقذفه بها ، ولو لا أن المدير كانت استجابته الجسدية عالية ، لشقت تلك الكتلة المعدنية وجهه.. في تلك الحادثة غضب المدير غضباً شديداً, وكتب التقرير الذى كان سينهي خدمة زولاني بالمؤسسة دون ريب, لكن قبل أن يرفعه للجهات العليا حدث شيء جعله يغير رأيه ويمزق ذلك التقرير ، فقد توفى في تلك الأيام عم عبدو البواب ، وكان رجلاً مسناً ومزَاحاً ومحبوبا من جميع الموظفين والعمال ، لكن في اليوم الذى توفي فيه, لم يستسلم أحد للحزن كما فعل زولاني ، فقد أخذ يبكي كما يبكي الطفل الذى وطأ على الجمرة ، بكاءً صادقاً وعفوياً ، ويعبَر عن الألم الكثيف النابع من صميم الخلايا الحسية .. وانشده المدير من منظر دموع بابكر التى كانت تنهمر مثلما ينهمر المطرعلي زجاج العربة الأمامى.. وأمام تلك الشلالات الصادقة اتخذ المدير قراره ومزق ذلك التقرير..
    وبعد فترة قصيرة حدث شيء آخر جعله ينظر إلى زولاني من زاوية أخرى مغايرة تماماً ، فقد أصدر هوقرارات إدارية لحسم حالات التسيَب فى المال العام, ويبدو أن تلك القرارات لم تعجب بعض الموظفين الذين كانت لهم علاقات متداخلة ببعض النافذين في الجهات العليا ، فسرعان ما أخطرته تلك الجهات, بأن هناك لجنة قد شكلت لإجراء تفتيش إدارى على المؤسسة, وطلب منه التعاون مع تلك اللجنة ، وبدأت خيوط المؤامرة تتضح بعدما حضرت تلك اللجنة إلى المؤسسة ، إذ كان من ضمن صلاحياتها الاستماع إلى شهادات الموظفين فيما يخص تنفيذ خطة العمل الإدارى والمالي بالمؤسسة ، وكاد المدير أن يدفع ثمن نزاهته, لولا المجهودات المعتبرة التى تبرع بها بابكر ، فرغم أن سوء التفاهم كان قائما بين الإثنين ، إلاَ أن زولاني لم يكتف فقط بالإدلاء بشهادة جيدة فى حق مديره ، وإنما سعى لإقناع وحشد كثير من الموظفين للتشجَع والإدلاء بنفس شهادته لتلك اللجنة ، وبدا كأن المؤسسة انقسمت لمجموعتين.. وكان النصر فى النهاية لمجموعة بابكرزولاني ، وبقى المدير فى منصبه .
    لكن المدير رغم فهمه المتأخر لبابكر, إلاَ أنه دائماً ما كان يلوم نفسه على فشله فى خلق شىء بديع من تلك البذرة القابلة للتطور على حسب قوله ،كان يحدث نفسه باستمرار
    :إن بابكر مثل الحصان البرى الجموح,يحتاج فقط إلى سائس محنك, يستطيع استقطاب تلك الطاقة العشوائية الجبَارة وتهذيبها, ثم الدفع بها فى الاتجاه الرئيسى للمضمار.. ووقتها لن يستطيع أحد أن يتخيل كثرة الأرقام القياسية التى ستُحطَم ..لكنى فشلت للأسف الشديد في أن أصبح ذلك السائس المحنك.
    واليوم بعد أن حكى بابكر سبب تأخره بالتفصيل الوافي ، قال المدير:
    يا زولاني ما قمت به شىء طيب ، لكن واجبك الأهم هو الالتزام بقوانين عملك ، فأنت تأخذ أجر عن هذا العمل.
    : اعلم ياسيدى ، لكنى لم أذهب من تلقاء نفسى لأبحث عن ذلك الرجل , فالظروف هي التي دفعت به الىَ , ولم أرض أن أتركه لوحده, وبالنسبة لأجرى فأنا لا أمانع أن تخصموا منى عدد الساعات التي تغيبتها .
    :الأمر ليس بهذه البساطة ، وعلى أى حال أنا أريد منك إن حدث لك شىء مماثل أن تتصل بي في وقته وأنا سأمنحك إذن التغيب اللازم ، أنت تعرف أن بعض الموظفين ضمائرهم سيئة, وقد يحدث تغيبك المتكرر عن العمل دون إذن بعض الفوضى ، هل فهمتنى يابابكر ؟
    :نعم ياسيدى
    :جيد ، والآن يمكنك الانصراف .
                  

10-06-2015, 07:37 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: عليش الريدة)

    وعندما عاد زولاني إلى المكتب ، كان زميله جلال منهمك في شرح شىء ما لباقي الزملاء ، ولسوء حظ جلال أنه لم يلحظ دخول بابكر إلى المكتب ، وإلاَ ما كانت الإمور ستؤول به إلى تحمل تلك الخسارة الباهظة فيما بعد ..
    كانت هناك رزمة من الأوراق على طاولته ، أشار إليها جلال قائلاً:هذه نسخة بخط اليد من بحث رسالة الماجستير التي أنوي مناقشتها بعد ثلاثة أيام .
    كان جلال دائماً ما يثير لدى بابكر مشاعر الاحترام والإعجاب ، فالثقافة العالية, والجدية في التعامل مع الغير ، إضافة للأدب الجم والتواضع ، كل تلك الصفات التي يتمتع بها ، جعلت بابكر ينظر إليه بعين الانبهار والاعتراف بالمرتبة الشريفة ، ورغم أن جلال كان يعامل بابكر بدماثته المشاعة للجميع, إلاَ أنه في الواقع كان يغلَف بتلك الدماثة حذره الشديد ، المنبعث من خوفه من خروقات بابكر المرعبة والمفاجئة..
    استمر جلال فى حديثة بصوته العميق واسلوبه المنمَق
    : البحث عنوانه ( أساليب معالجة آثار التآمر الخارجي والحصار الاقتصادي المباشر وغير المباشر على السودان )
    واستمر جلال يشرح في بعض من طرق ذلك التآمر الذى تمارسه الدول الكبرى, وكيف انهارت كثير من الدول الصغيرة نتيجة لذلك التآمر ، وتطرق إلى الأساليب غير التقليدية التي ضمنها في بحثه لمجابهة آثار ذلك التآمر.
    قال : لكن لدى مشكلة بسيطة في البحث ،فقد سلمته لإحدى المكتبات قبل فترة لطباعته بالكمبيوتر وتغليفه،و حتى الآن لم يتموا المطلوب،ولابد أن يُكمل الأمر اليوم أو غدا بالكثير، لأن المناقشة ستكون بعد غد ، لكنى سأسافر عصر اليوم لأمر مهم, ولن أعود إلا بعد غد, ولا أدرى كيف أتابع معهم .

    وهنا تحديدا انقضَ زولاني, كما ينقضَ الباز على الكتكوت الصغير وصاح قائلا
    :أنا سأتكفل بإكماله لك .
    ورغم أن المفاجأة كانت ساحقة تماماً ، الاَ أن جلال تمالك نفسه بسرعة مناسبة وقال بهلع :لا لا يا بابكر, لا تتعب نفسك فأنا...
    : امرأتي طالق إن لم أطبع لك هذا البحث وأيضا على نفقتي ، هذه أبسط مساعدة أقدمها للوطن يا رجل ، هل تعتقد أنك لوحدك تحمل مثل هذه الهموم؟
    وعندما يئس جلال وعرف أن التملص لن يجدي ،أخذ يوصي بابكر كما يوصى المدرب لاعبيه قبل بداية المباراة التي هو واثق من أنهم سيخسرونها
    : البحث بمكتبة الحرية أنت تعرفها طبعا،وتذكر يابابكرسأنتظرك أمام باب القاعة رقم (6 ) في مركز الجامعة للاجتماعات ، دراسة الرسالة ستكون الساعة السادسة مساءً ، لكنى سأكون هناك منذ الرابعة ، وتذكر يابابكر إن تأخرت عن ذلك الموعد فلن تكون هناك فرصة أخرى إلا بعد ستة أشهر ، أرجوك يابابكر لا تخذلنى ..وأنا سأتابع معك بالجوال..
    : إطمئن يا رجل ، فالأمر بسيط للغاية وسأقوم بإجراء اللازم .
    ومضت الأمور على عكس توقعات جلال تماما ، فقد بذل بابكر مجهوداً مقدراً حتى أتم أمر الطباعة والتغليف وكافة المتطلبات الأخرى ، ووصل إلى مركز الاجتماعات في اليوم المحدد مبكرا ساعة كاملة عن موعد المناقشة، لكنه وقع فى خطأ بسيط ، إذ أنه بدلاً من أن يذهب إلى القاعة رقم (6 ) , ذهب الى القاعة رقم ( 3 ) ، وهناك للأسف الشديد ,و لسوء حظ جلال, اضّطر بابكر إلى أن يمضى قرابة الساعتين ، كان منهمكاً فى معالجة أمر ما ، وكان هاتفه يرن ويرن ويرن ، لكن تلك الضوضاء المسرفة التي كانت بداخل القاعة رقم ( 3 ) لم تمكنه من سماع الرنين المتكرر ، وفى النهاية استطاع بابكر بطريقة ما معالجة ذلك الأمر, وخرج يبحث عن جلال ، ولم يطل به البحث كثيرا, فهناك في أحد الأركان المنعزلة في صالة الاستقبال الرئيسية عثر عليه ، كان جلال المثقف والدمث, يبذل مجهوداً جباراً للحفاظ على صفاته المميزة ..
                  

10-07-2015, 06:19 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الليلة التي أرقت بابكر زولاني..أو في انتظا (Re: عليش الريدة)

    وبطريقة مباشرة مد إليه بابكر بالبحث قائلاً
    : أنا آسف يا جلال لأنى تأخرت عليك، لقد أتيت الى هنا قبل وقت طويل ، لكنى دخلت إلى قاعة أخرى بالخطأ ، وخمَن ماذا وجدت فيها ؟ لقد كان هناك اجتماع للجمعية العمومية لبنك ( الوفاق ) ، كانوا أناس محترمين جداً مثلك, وأخذوا يتكلمون في البداية بنفس طريقتك التي تتكلم بها ، لكنهم سرعان ما تجادلوا ، ثم في نهاية أمرهم أصبحوا يتعاركون ويتقاذفون بالأحذية ، كان منظراً عشوائياً جداً من أناس محترمين ، ولقد أخذ الأمر منى زمناً طويلاً, حتى استطعت في النهاية أن أصلح بينهم.. كيف جرت الأمور معك أنت؟
    قال جلال بهدوء : لم يجر معي شىء ، لقد أجَلوا مناقشة الرسالة لستة أشهر ،لكنى طلبت منهم مهلة إضافية حتى العام القادم ، كما أنى طلبت أيضا تغيير موضوع البحث ، هل تود أن تعرف الموضوع الجديد ؟

    : نعم
    : حسناً.. سيكون عن التآمر والحصار الداخلين في البلاد، هل فهمت شيئاً ؟

    :لا.
    : تماماً كما توقعت.. يا بابكر زولاني، أنا أعتقد أنك أنت وأمثالك أكبر مؤامرة اقتصادية واجتماعية وسياسية يمكن أن تحاك ضد هذا الوطن ، أنتم في الواقع تشكلون التهديد الأمني الأسوأ, والحصار الاقتصادي الأخطر ضد البلاد والعباد , ويا زولاني منذ هذه اللحظة وحتى يتوفاني الله, لن تكن لك بي علاقة نهائياً حتى علاقة السلام والتحايا ، وبحثى هذا أحفظه معك لعلك تنتفع به ، أما أنا فلا أحتاجه بعد الآن .
    و انصرف جلال تاركاً زولاني مثل الصخرة التي هوت من أعلى الجبل,فتفتتَت إلى شظايا صغيرة ..

    وبعد ساعات من تلك المحادثة القاسية ، كان زولاني يتقلَب على فراشه محاولاً النوم دون جدوى , لو كان من قال ذلك الكلام, شخص آخر غير جلال لكان لبابكر حينئذ تصرف آخر معه ، كان سيتصرف بطريقته المعهودة في مثل هذه المواقف ، تلك الطريقة التي تسمح له عندما يأوي إلى فراشه, بالولوج في النوم العميق بسهولة تامة، كان عندما يخلع حذاءه قبل أن يستوي راقداً ، يخلع معه كل الأحقاد والهموم التي اكتسبها في نهاره, وعندما يصحو فجراً ، يصحو معه قلبه ناصعا ونظيفا مثل القطن المنفوش بالضغط الكهربائي..
    لكن في هذه الليلة ، قُدَر لبابكر زولاني لأول مرة في حياته أن يجرَب رهق السهاد ، غمغم :
    أنا أحب وطني, وعلى استعداد لأن أبذل روحي في أي وقت رخيصة من أجله ، وأحب كثيراً من الناس, لا لشىء ,إلاَ لأنى أعرف أنهم يحبون هذا الوطن ، فكيف يوصمني جلال بتلك التهم الشنيعة، يبدو أنه كان يفهمني بطريقة خاطئة طوال فترة تعارفنا.
    وعندما يئس زولاني تماماً من القدرة على النوم ، نهض من فراشه وأضاء المصباح ، ثم تناول بحث جلال عن ( أساليب معالجة آثار التآمر الخارجي والحصار الاقتصادي المباشر وغير المباشر على السودان) وأخذ يقرأه بتركيز شديد حتي أطل عليه ضياء الفجر الباهي.
    تمـــت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de