الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إليه سبيلا !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 03:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-29-2015, 12:38 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إليه سبيلا !!

    11:38 AM Sep, 29 2015
    سودانيز اون لاين
    مامون أحمد إبراهيم-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    الثلاثاء 15 ذوالحجة 1436 ه الموافق 29 سبتمبر 2015

    أما آن لأمة الإسلام أن تحيا في سبيل الله ،، بعد أن مات الأُلوف منهم في سبيله ؟!!

    وهذا حال أمة يفترض أنها أرقى وأفضل أمة أُخرجت للناس ! ولكنهم يموتون عفصاً وركلاً تحت الأقدام ،، ويطأ بعضهم بعضا في تدافع بغيض مريع مأساوي ، لا يمت للإسلام ولا لمعانيه الأصيلة العظيمة النبيلة بصلة !! ..
    يحدث هذا في أعظم مؤتمر إنساني على ظهر الوجود ! ،، بعد أن كان من المفترض أن تسمو وتعلو و تبرُز فيه ، أرقى وأجمل أواصر المحبة والتوادد والمعاني والقيم الإنسانية الرفيعة النبيلة ، التي أتى بها النبي الكريم ( محمد ) خير خلق الله قاطبة على مر الدهور !. ولتتجلى فيه الشيم والأخلاق السمحاء العليا ،، كالصبر والأناة والحلم ، وتقديم الآخرين على النفس ، وأن تحب لأخيك ما تُحب لنفسك ، وبالتالي تُحِب له ما تُحِب لأسرتك ولوالديك وأطفالك وأولادك وبناتك !
    ولا غرو أن الله الحليم العلي القدير قد وضع الإطار العام الذي يتحرك على ضوئه المسلمين ،، حينما قال وهو جل من قائل :
    (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ! صدق المولى العلي القدير العظيم ،، عز وجل .
    وعن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : قلت : يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال : " عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة " .
    ( جهاد لا قتال فيه ! ) ، في إشارة بليغة ، ترمز إلى لطافة وإنسانية أكبر تجمع إنساني على وجه الأرض ، أو كما يُفترض أن يكون ! ،، وحين تتجسد جماليات الجماعة الرشيدة المفترضة ، والمُضمنة سلفاً في تعاليم النبي العظيم ، الودود ، الشفوق ، اللين ، الصبوح ، السمح المسامح المتسامح ، وصاحب الخلق العظيم ، وما خطه للناس من نظم سمحاء مُحكمة ، تجلت في حسن التنظيم وتراص الصفوف في الصلاة ! الكتف بالكتف ، والقدم بالقدم ، والجلوس حين ينتهي الصف ،، وعدم تخطي الرقاب !! ،، أمة لم يترك لها نبيها الكريم شاردة ، ولا واردة ، ولا حركة ، ولا خطوة تقربهم إى الله ، إلا وقد ذكرها لهم ،، ولا شاردة ولا واردة تبعدهم من الهلاك والنار ، إلا وقد حذَرهم منها !
    (تصادم الحشود وتدافعها هكذا ، وموت الناس تحت الأقدام في أضخم محفل إنساني عرفته البشرية ، لوصمة عار كبرى في جبين كل مسلم !)
    ( وحين يُفترض أن يكون (حج بيت الله الحرام) سمة من سمات تقدم البشرية ، لما خطه النبي الكريم لها من تعاليم راقية محكمة يُراعي فيها الجار جاره ، ويحتفي برفقاء الطريق وعابري السبيل ، ويؤثِر على نفسه ولو كان به خصاصا ،، قيُقدِم الآخرين على نفسه ، و يُوقِر كبار السن والعجزة النساء والأطفال ، ويراعي المرضى وذوي الإحتياجات الخاصة ،، ويتحلى بأخلاق النبي الكريم العظيمة ، من صبر وحلمٍ وأناة وتحمُلٍ للأذى ، ووصلٍ للخير ، وسعة صدر وانفراج للأسارير ، وحلاوة وطلاقة ، وطيب معشر .. ليخرج كأعظم مهرجان أو كرنفال إنساني على مر العصور ، فتتجلى وتسمو فيه الأخلاق والشيم الرفيعة ، وكل المعاني الإنسانية النبيلة والقيم العليا .. وتستخدم خلاله أرفع وأحدث نُظم التنظيم والتقنيات في العالم ، وعلى نسقٍ يفوق ، أرقى الكرنفالات والمهرجانات على وجه الأرض ! ... فالحج إلى الله أولى بالإحتفال بأرقى مايكون من وسائل وتقنيات ونُظُم بشرية حديثة ) !!
    ( ومهما كانت سلامة ودقة التنظيم ومهما بلغت إدارة هذه الحشود البشرية الهائلة من حذق وحِنكة ودراية ، فلا يُمكِن أبداً ضمان سلاستها وانسيابيتها وسلامتها بمعزل عن سلوك المسلم ومدى تحليه بتلك الأخلاق السمحة والسمات الفاضلِة التي هي روح الدين وغايته أصلاً !ّ)
    (وبعد أن أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود مراجعة خطط الحج) ،،

    ( كما أن إدارة الحشود والمناسك ذاتها تحتاج إلى تطوير ، مواكبة للعصر وتمشياً مع زيادة التعداد البشري المهول ) ..
    (( هذا التلاقي الدامي المميت الذي حدث للحشود ، كان من الممكن جداً تفاديه بابتكار نُظم جديدة لإدارة الجماعات في الحج لأن تكون مثلاً في شكل ( فرق مميزة ) ( Groups ) .. والمعروف أن كل الفرق البشرية في عالم اليوم ، و في أي عمل إنساني أو تحرك على الأرض ، دائماً ما تحتاج إلى ( قائد ) Leaders . هذا القائد يُفترض أن يكون مدرباً تدريب عالي يحيث يُمكنه من استشعار الخطر وإعطاء إشارة للتوقف أو الإلتفاف للخلف أو الجلوس على الأرض في تراص منظم إذا اقتضت الحاجة ! ،، كما يُمكنه التفاهم مع عن طريق جهاز مخصص له ، مع الإدارة الأمنية ، ورؤساء الفرق ! ))

    هذا مثال لما يُمكِن أن يكون من تطوير ..

    أما آن للمسلمين أن يدعوا ثقافة الموت وأن يحيوا في سبيل الله ؟!ّ!
    وأن يُعمِلوا كل تفكير إسلاموي عصري مسالم ، ومناسب لهذا الزمان !! فالإسلام بحر من العلوم لا ينضب ! ..

    ولكن ، هل هناك من خللٍ أو قصور في التعاطي مع هذا الأمر ككل ، وفي ركن أساسي من أركان الإسلام ؟!!
    وهل يكمن هذا القصور مثلاً في صمت الفقهاء والعلماء ووقوفهم موقف المتفرج من هذه الكوارث والمآسي التي تحدث سنوياً بإسم الإسلام في ممارسة شعائر المسلمين ، وفي ركن من أركان الإسلام ؟! ،، أم في إحجامهم عن إصدار فتاوي تتناسب مع العصر ، يمكن لها أن تحقن دماء المسلمين ، وتُحسِن من صورتهم ، وتُظهِر للعالم ، الإسلام في مستواه الإنساني الراقي الرفيع ،، وتُبرز معانيه السامقة السامية ، والسابقة لكل الحضارات الإنسانية السالفة ! ...

    أم أن الخلل في بعض تلك الجماعات الإسلامية التي تأتي للحج وكأنها تأتي لقتال أو لعراك مع الأعداء ! وهي غير مُدرِكة لمعنى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال)! ،، فتراهم يتكاتفون ويتماسكون في (تحيز وعصبية مقيتة) لحماية أنفسهم ، ولإخافة الآخرين وإرعابهم وازاحتهم عن الطريق ، وليدوسوا كل من أمامهم ، وهم غير مُبالين بالنساء ، ولا بالعجائز ، ولا بالمرضى ، ولا بالعجزة وذوي الحاجات الخاصة !! ،، في تصرفٍ كريه ، مقيت ، لا يمت لأخلاق الإسلام الفاضلة بأي صلة ! ،، كما أنه ينم عن جهلٍ كبير بأصول هذا الدين السمح ، وغاياته الكبرى ، وأهدافه السامية في ممارسة تلك الشعائر الإسلامية الرفيعة ! ،، والتي قوامها وهدفها الأساسي هو طريق الحبيب المصطفى ، وشفقته على الناس ، ومحبته لهم ، ورأفته ، ورفقه بهم .. ولا غرو أنه القائل :
    ( إن الله يعطي على الرفق ما !!لا يعطي على غيره ) !!

    أما آن لهذه الأمة أن تحيا في سبيل الله ، وأن تحتفي بحياتها الطيبة ! ثم ترسل رسالتها للعالمين بأن يحيوا حياة طيبة ، ويعيشوا عيشة راضية ، ويرتقوا في سبيل الله ؟!!
    أما آن لنا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، ونحن ( خير أمةٍ أُخرجت للناس ) ،، أو يُفترضُ أن نكون ؟!!
    أما آن لنا أن نستحضر المُنكر في عالم اليوم :

    • ( فهذا التصارع والتصادم والفوضى وعشوائية التدافع في أي تجمع بشري في مكان ما ، مُنكر مُعيب ، وخطأ جثيم ! ).
    • (الإرتجال أياً كان نوعه ! وعدم النظام والإنتظام ، مُنكر مُعيب ، وخطأ جثيم في عالم اليوم !)
    • (العشوائية والغوغائية والهمجية ، مُنكرات في عالم اليوم ! )

    وما آن لك أيها المسلم أن تأمر بالمعروف وتمارسه قولاً وفعلاً وعملاً ،،

    • بأن تكون راقياً ، ومتحضراً ، وملتزماً بروح العصر وبمواثيقه الإنسانية الراقية ، المُفترضة !
    • وأن تلتزم بدورك في الصف ، فلا تتخطي الرقاب !
    • وأن تقدم العون للناس وتتحمل أذاهم ، وتُراعي الضعفاء والمرضى ، والنساء ، وكبار السن ، وذوي الحاجات الخاصة !
    • وأن تؤثِر على نفسك ولو كان بك خصاصا !
    • وأن تتحلى بكل سلوك ومسلك حضاري ، فتتحرك بوعي ، وتخطو بانتظام واطمئنان ، وأن تتحلى بالثقة بالآخرين وحسن الظن ، وحسن التقدير ..
    • وأن تنتبه للآخرين من حولك في لُطفٍ وأناة وسكينة ، وأن تُراعي من هم من خلفك ، ومن أمامك ، وعن يمينك ، وعن يسارك ، فتُميط عن طريقهم الأذى ، راجِلاً كنت أم راكِباً ، بأن تفسح للسائقين الطريق بأدب وبرفق واحترام ، وبصبر وأناة ، وأن تستخدم إشاراتك الضوئية لصرف الأذى عن الناس وتنبيههم للخطر ، وأن تُقدِمهم عليك بأن تؤثِر على نفسك ، فتفسح لهم الطريق !!

    هذه هو الناموس الإجتماعي الإنساني الأفتراضي الذي انتظم العالم المتمدن اليوم ! ... ولقد كان الإسلام سباقاً وسابقاً لكل هذه البشرية ، إذ جعل الله فخر هذه الأمة (الحبيب المصطفى ) متصدراً للريادة بلا أي منازع ! حين يشهد له التأريخ والمؤرخون بأنه أول المتمدنين وأرقاهم وأنقاهم وأطهرهم وأكثرهم رقياَ وسماحة ورحمة وشفقة ورفقاً بالعالمين !! .... فلعل كل هذه الأمم من حولنا ، قد كانوا أكثر ذكاءً حينما اقتبسوها ، وسرقوها من بين أيدينا ، ومن أمام ناظرينا ،، وتركونا حيارى ، و مدعاة للتندر ولسخرية القدر !

    وعجبي لأناس مسلمين في هذا الزمن العجيب ، وهم يتلذذون بالموت ويتوهمون الشهادة في موقفٍ يطأ فيه الإنسان أخيه الإنسان !!! كما أنهم يتمنون الموت بحجة ذلك الموقف العظيم !!! ،، وعجبي لأناس يتوهمون الشهادة بين أناسٍ عُزّل ونساء وأطفال وعجزة وكبارسن ؟!! .... فمن أين لهم بهذا الفهم ؟!! ،، إذاً فليأتوا لنا بحديث واحد يدعونا إلى الموت و نيل الشهادة بالتدافع والمشي على رقاب الآخرين ؟!! ... فلعمري أنه عدم المعرفة الفاضحة بأمر هذا الدين الحنيف ،، والذي هو في الأساس ، دين رحمة ومحبة ورفقٍ وسلام !
    وكيف يتسق هذا مع قوله تعالى :

    ( كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السؤ ! ) .. وكيف يتفق مع : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وكيف يتسق مع : ( ولا تمنوا الموت فإنه ملاقيكم ) ؟!! .. و كيف يتفق مع قول الله ( وما أرسلناك إلا رحمة على العالمين ) ؟! ...... و كيف يتفق مع قول النبي الكريم : :"لأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون على الله من أن يراق دم امرئ مسلم ؟!!
    وكيف يتسق مع قول : عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ( لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل رجل مسلم ) ..
    وكيف يتفق مع قول : ابن عمر رضى الله عنهما يوماً الى البيت او الى الكعبة حينما قال: ( ما اعظمك واعظم حرمتك والمؤمن اعظم حرمة عند الله منك ) !! ..
    يا سادتي الكرام ، إن هذا الدين الذي يأمر بإماطة الأذى عن الطريق ، وإغاثة الملهوف ، وإكرام الضيف وعابرالسبيل ،، وإيواء اليتامى ،، ويقول صاحبه العظيم ( والله لا يؤمِن ،، والله لا يؤمِن ،، والله لا يؤمِن .. قالوا من يا رسول الله ؟! قال : من بات شبعاناً وجاره جوعان ! ) ويقول : ( من له فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له ، ومن له فضل زادٍ فليعد به على ما لا زاد له ! ) ...

    هذا دين صاحِبُه لعلى خُلقٍ عظيم ،،، ولا يُمكن بأي حال من الأحوال أن يرضى أو يقر بنفوق أتباعه هكذا تحت الأقدام دوساً على الرقاب ، وفي ركن أساسي من أركان الإسلام !! ،، بينما هم في ضيافة الرحمن الحليم الكريم الودود الرحيم !! ،، وعجبي من قوم أنساهم تفرقهم وتشرزمهم ،، كل معاني الوئام والإنسجام والتآلف والتآخي ، والرقة والرفق بينهم ،، وأنساهم مزايا لحمتهم الأساسية بأنهم (جسد واحد) وأنهم ( كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا )! ولا غرو أنهم في أطهر وأشرف بقعة على ظهر الأرض !! ...
    إذاً فما قولهم بكلام الحبيب المصطفى حينما قال :
    ( إتق الله حيثما كنت وأتبع الحسنة السيئة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) ...

    أحبتي الكرام ،، يقول الحديث الكريم :
    ( إستفت نفسك ولو أفتوك الناس ) ،،

    وعليه ، فإنني أرجو أن استفتي نفسي في هذا ،، ولا أقول بأنني مؤهلاً تماماً لهذه الفتوى ،، ولكنني أقترح الآتي :

    بأنني لن أشارك بعد اليوم ما حييت في أمرٍ كهذا ! ، ولا في أي موقفٍ يُمكن أن يُعرِض أرواح الناس للهلاك ، أو يُمكِن أن يُداس الناس فيه تحت الأقدام حتى الموت ! ... فلعمري إنها لكبيرة على قلبي ، وعلى نفسي !! وأنه من الأخيّر لي والأبرك علي ، أن أُعاقب على موقفي هذا أشد العقاب ، من أن أشترك في قتل أي إنسان آدمي تحت أقدامي ! .. و أسأل الله لي ولكم المغفرة ..

    كما أقترح وبلا أي تردد ، بأن كل شرط من شروط الإستطاعة قد انتفى عني تماماً في مثل حالتي هذه !!! ،، وليس في وُسعي ومقدوري أن أفهم الآن ، سوى :
    أن الإستطاعة لا تكون بالمال فقط ! ،، ولكن في ظني أنها تشمل كل مناحي الحياة الأخرى ،، من صحة ،، وسلامة ، وأمن وأمان ، وعدم تعريض حياة الآخرين للخطر !!
    ( ولا يُكلّف الله نفساً إلا وُسعها ) !! ...
    فلا سبيل لي ولا طاقة لي إلى حجٍ يُمكِن أن يُعرِض حياة الآخرين للخطر !
    هذا على صعيد الإستطاعة المالية ، واحتياطات الأمن والسلامة المتعلقة بسلامة الجميع ،،،،،

    أما عن ما تقتضيه تلك الإستطاعة المادية من شروط ، بالنسبة لحالتنا السودانية الخاصة ،، وما يعانيه أهلنا بالسودان من شظف للعيش ، والمكابدة ، وقلة الحيلة ، وما يعانونه من فقر مدقع ! ، فكيف يجوز لي كمواطن عادي ذي دخل محدود أن أدخر مالاً أستطيع معه حج بيت الله الحرام ، ومن حولي أولئك الألوف من الجوعى والمعدمين ،، والأرامل والأيتام ،، ومن ليس لهم قوت يومهم ،، ومن لا يملكون ثمن العلاج والدواء ،، ومن لا يملكون مصروفات المدارس ، ولا حق الكتب والدفاتر ،، ومن لا يملكون سكناً ولا مأوى ولا حق الكهرباء والمياه !!! ،، واستناداً إلى حديث الحبيب المصطفى الذي لا ينطق عن هوى :
    ( والله لا يؤمِن ، والله لا يؤمِن ، والله لا يؤمِن ،،، قالوا من يا رسول الله ؟! قال من بات شبعاناً وجاره جوعان ! ) ،، وعلى هذا يمكنني أن أقيس ! ،، إذ كيف يجوز لي حج البيت الحرام ، والنبي الكريم يُحذرني ( بشخصه الميمون ) و ينفي عني صفة الإيمان ،، إذا نمت مُتخماً بالشبع ، وجيراني جوعى لا يملكون قوت يومهم ؟! ،، أو لايملكون حق العلاج ، ولا ثمن الدواء ! ..

    وتحضرني هنا قصة أحد التابعين من أهل السلف الصالح القريبين من عهد النبوة ، كما تقول الرواية :

    فلقد قيل في الحكاوي الموثقة التي تواردت وانتقلت على ألسنة الناس ، أن رجلاً ثرياً صالحاً من التابعين كان يحجج الناس في كل عام ويساعدهم على إكمال نصاب تكلفة الحج حينذاك .. وفي سنة من السنوات ،، عزموا النية وشدوا الرحال قاصدين حج بيت الله الحرام، وكان الناس يسافرون في قافلة بالجمال ، في رحلة قد تستغرق شهور ريثما يصلوا إلى مكة المكرمة ! .. وانطلقت القافلة في ذاك العام حتى وصلت منتصف الطريق ،، ولكن حدث ما حدث ،، بينما كان الرجل الصالح الورع يمشي بمؤخرة القافلة ،، حين رأى ما رأى ،،
    كان هنالك طفلان يجران بهيمة ( ميتة ) ! فتأخر الرجل عن القافلة وتبعهما في صمت حتى دخلا منزلهما ،، فصفّق الرجل بأدب ملقياً بالتحية على أهل الدار .. فخرجت إليه إمرأة ،، فقال لها : أمسلمون أنتم ؟! قالت : بلى ،، فقال : أما علِمتُم بأن الميتة حرام ؟!! قالت : بلى نعلم ،، ولكن هؤلاء الأطفال اليتامى لم يذوقوا الطعام منذ أيام ! ،، فقال لها الرجل : دعوها وسوف أعود لكم في الحال ،، ثم أخذ البهيمة ولحق بالقافلة ،، ثم أمر الدليل بايقاف القافلة ،، ثم نادى فجمع الناس .. فقال لهم :
    أيها الناس لقد وجدنا في عامنا هذا ماهو أولى من الحج ،، ثم حكا لهم الموقف .. كان الناس حينذاك يحملون مؤنة الطريق ذهاباً واياباَ .. فقال لهم الرجل : ما قولكم إذا استخرجنا من مؤنتنا ما يكفي لعودتنا إلى الديار ، وتصدقنا بها إلى هؤلاء اليتامى ؟!! فوافق الجميع على هذا مستبشرين ومهللين ، واستخرجوا كل مؤنة الطريق إلى الحج فوضعوها على ناقة من النياق ، ثم ذهب الرجل بها إلى تلك الأسرة المعدمة ،، ثم عادوا أدراجهم قانعين !!
    هذا ما حُكي من سيرة الأولين الأتقياء من قصص ،، ولعمري فأنا أُصدِقُها تماماً لأنها تتماشى مع كل ما نزل من الدين القويم ، على خير خلق الله أجمعين .

    وتمشياً مع إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ( مراجعة خطط الحج ) ،، أرجو أن أقترح الآتي :

    • إعتماد مبدأ ( التمثيل الدولي ) لتقليل هذا العدد الهائل للحجاج .. فمثلاً عدد 40 حاج لكل دولة ، يكفي لتمثيل أفراد أي دولة في الحج .. ( وهذا على سبيل المثال ) .
    • إنتهاج الدول لمنهجية معاينة الحجيج وتأهيلهم معرفياً وثقافياً وأخلاقياً وتدريبهم تدريباً عملياً على إجراءات الأمن والسلامة وكيفية التحرك والتصرف عند الإختناقات أو الإصتدامات أو عند حدوث الحرائق والحوادث ( ومنحهم شهادات معتمدة بذلك ).
    • التدريب والتوجيه على أساس تمثيل الحاج لشعبه أو لدولته المنطلق منها إنطلاقاً من قاعدة ( وجعلناكم شعوباُ وقبائلاً لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) صدق الله العظيم .. وعليه تقع على الحاج مسؤولية تمثيل دولته والظهور بأفضل مظهر لائق ،، تمشياً مع المؤتمرات والتجمعات والكرنفالات الإنسانية العصرية المتمدنة ( فالحج أولى بأن يكون أعظم كرنفال إنساني على وجه الأرض ! ) ..
    • تحديد مسارات خاصة لكبار السن والمرضى وذوي الإحتياجات الخاصة .
    • إخضاع المتقدمين للحج بكل دولة لمعاينات وكورسات تأهلية ويمكن تكون تحت إشراف ( منظمة المؤتمر الإسلامي على سبيل المثال ) .
    • توجيه ريع أموال المتقدمين الذين عقدوا نية الحج لبيت الله الحرام ، والذين لم يحالفهم حظ الإختيار ، لأعمال خيرية تنفع الناس والعباد .. كتوسيع الطرق ، وتجهيز المستشفيات ... فمثلاً يُمكِن أن توجه هذه الأموال لتوسعة وتعبيد ( الطرق السريعة ) التي أودت بحياة الكثير من الناس !! .. وأن يُخيّر المستطيع الذي نوى الحج ولم يقع عليه الإختيار في هذا .

    كما يجيش بالصدر بعض اقتراحات أخرى لأجل تطوير ممارسة هذا المنسك المقدس العظيم .. و أرجو أن أصيغها في شكل تساؤلات ، إن كانت ممكنة أم لا ؟! ،، فالغاية الكبرى دوماً هي منفعة المسلمين وتحقيق الغرض الأسمى لمعاني الإسلام : الأمن ، والرخاء ، والسلام ، والطمأنينة ! ،،
    فهل يا تُرى يُمكن ، أو يجوز الإجتهاد في مسألة مناسك الحج ، وتمديد مواقيته وعدد أيامه وشعائره ومراحله ؟!! وبالتالي يُمكِن أن يتوالى أداء الشعائر ، ليتم بسلاسة وانسيابية وبسهولة ويُسر ، وعلى مراحل ، ودون ازدحام ،، في مظهرٍ حضاريٍ مُتقدمٍ يُذهِل الكون ! ،،،،
    (هذه مجرد تساؤلات يمكن سحبها أوالتنازل عنها إذا اقتضى الأمر)

    وإني لأرجو صادقاً ، من كل القائمين على الأمر بالدول الإسلامية ، الإتفاق على تقليل هذه الأعداد الهائلة إلى الحد الذي يضمن سلامة الجميع .. كما أرجو اعتماد مبدأ التمثيل الدولي لأداء هذا المنسك العظيم .

    وفي النهاية لا يسعني إلا أن أختتم بوحي هذا بهذه الصورة الجميلة المُصغرة ، لما يدور في خلدي من تصور لأداء مناسك الحج في المستقبل ، وما سوف تؤول إليه في القريب المرتقب و (الزاهر بإذن الله) ، لأمة مُسلِمة راقية يُنتظر منها أن تكون :
    ( خير أمةٍ أُخرِجت للناس ) .

    الحجيج هم :

    أُناسٌ مسالمون متحابون يأتون من كل حدبٍ وصوب ، وقد برئت صدورُهم من الحقد والغِل والبُغض والحسد .. جميلون ،، هينون ،، رقيقون ، سهلون ، رُحماء بينهم ، ومُتخلِقون بأخلاق نبيهم الحبيب المصطفى ! حين يأتون وهم حاملين لواء الإسلام ، ومتقلدين بأعلام دُولِهم وشعوبهم ، وبشعارات السلام والوئام والرفق والمحبة ، متأسين بخير الناس للناس وبأعظم من مشى على سطح الأرض ، في تظاهرة عالمية سلمية مُنظمة ، ومنتظِمة ! وفي اصطفاف مُرتب ومنتظِم كأرقى ما يكون من مسيرات العالمين الموزونة المُتزِنة الإيقاعات والخُطا ! في أنبل وأجمل تظاهرة إنسانية يُمكِن أن تكون على ظهر الوجود ،، لجماعاتٍ مُرتبة منسجمة ومتراصة بأحسن وأروع مما يكون في أي عرض من عروض أعظم كرنفالات ومهرجانات الإحتفالات على هذا الكون ! ... تلك الوفود والحُشود المنتظرة ، والتي تفوق في حُسن تنظيمها واصطفافها وتحرُكِها ، وتشكيلها ، وروعتها ، وسحر جمالِها ، أعظم كرنفالات الدنيا ومهرجانات الكوكب المنطلق بسرعة الضؤ إلى ملاقاة الله العزيز العلي القدير ، اللطيف الخبير ! ...

    (هو كرنفال الكون البديع المُرتجى ، ومهرجان الحب الكبير والسلام الحقيقي المأمول) !

    وبإلله نستعين ،،

    مع أخلص التحيات والأشواق ..
                  

09-29-2015, 07:53 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )

    صدق الله العظيم
                  

09-29-2015, 07:53 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )

    صدق الله العظيم
                  

09-29-2015, 08:49 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    Quote: أما آن لأمة الإسلام أن تحيا في سبيل الله ،، بعد أن مات الأُلوف منهم في سبيله ؟!!
                  

09-29-2015, 09:56 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    Quote: وهذا حال أمة يفترض أنها أرقى وأفضل أمة أُخرجت للناس ! ولكنهم يموتون عفصاً وركلاً تحت الأقدام ،، ويطأ بعضهم بعضا في تدافع بغيض مريع مأساوي ، لا يمت للإسلام ولا لمعانيه الأصيلة العظيمة النبيلة بصلة !! ..
                  

09-29-2015, 10:58 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    Quote: ( جهاد لا قتال فيه ! ) ، في إشارة بليغة ، ترمز إلى لطافة وإنسانية أكبر تجمع إنساني على وجه الأرض ، أو كما يُفترض أن يكون ! ،، وحين تتجسد جماليات الجماعة الرشيدة المفترضة ، والمُضمنة سلفاً في تعاليم النبي العظيم ، الودود ، الشفوق ، اللين ، الصبوح ، السمح المسامح المتسامح ، وصاحب الخلق العظيم ، وما خطه للناس من نظم سمحاء مُحكمة ، تجلت في حسن التنظيم وتراص الصفوف في الصلاة ! الكتف بالكتف ، والقدم بالقدم ، والجلوس حين ينتهي الصف ،، وعدم تخطي الرقاب !!
                  

10-01-2015, 05:08 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    *
                  

10-02-2015, 09:34 AM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحج ، وعِظم المأساة ! ،، وحين لا يُستطاع إ (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    هو أولمبياد الإنسانية السنوي الفريد وكأس عالمها المجيد المرتقب ،، وسوف يكون أرقى تجمع بشري على ظهر الوجود !!


    و سيُعلي الله كلمته ورسله والمؤمنون ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de