|
|
 رواية «شاورما».. توثيق لتاريخ السودان السياسي والاجتماعى في قالب روائي
|
09:09 PM Aug, 18 2015
سودانيز اون لاين
زهير عثمان حمد-ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ -ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
مكتبتى فى سودانيزاونلاين
رواية «شاورما».. توثيق لتاريخ السودان السياسي والاجتماعى في قالب روائي
t
اكرم ابراهيم البكرى –
mailto:[email protected]@hotmail.com –
رواية شاورما للكاتب السوداني عماد البليك تأتى في 152 صفحة وهى صادرة عن دار مومنت بالمملكة المتحدة وهى العمل الخامس من ضمن سلسلة روايات من السودان
الرواية غلب عليها الأسلوب الكلاسيكي القائم على السرد والتوصيف الدقيق، وهذا الأسلوب يندرج تحت مدارس السرد التقليدية القائمة على نقل الواقع من نواحيه المتعددة إلى قالب أدبي، في هذه الرواية يتخذ عماد البليك منحى آخر في البناء الدرامي للرواية السودانية يختلف عن المألوف والسائد فهو يطرح من خلال السرد هذا التغيرات السياسية خلال ثلاث حقب زمانية من تاريخ السودان الحديث هي الحكم العسكري الثاني والذي اصطلح على تسميته بحكومة مايو والحقبة الزمانية الثانية وهي الحكومة المدنية التي اصطلح بتسميتها بالديمقراطية الثالثة والحقبة الزمانية الثالثة هي حكومة البشير الحالية، وتشرح الرواية تأثير تلكم التغيرات السياسية على الواقع الاقتصادي بصورة كبيرة مما أدى إلى انحرافات في القيم والموروث السوداني الأخلاقي وبالتالي كان التغيير في النسيج الاجتماعي.
الرواية مرتبطة بالواقع السوداني وتحكي مأساته وتناقضاته، وتسلط الضوء على سلبياته وإيجابياته.
إن أكثر ما يثير الانتباه في هذه الرواية هو عنوانها الذي يثير الفضول ويبعث مكامن الاهتمام لدى المتلقي فكثير من الروايات الجيدة من الناحية اللغوية والحبكة الدرامية والسرد الممتاز لم تجد الاهتمام الكافي بسبب الإخفاق في اختيار عنوان جيد.
تعتمد رواية شاورما على السرد والانتقال بين محطات الذاكرة وحياة بطل الرواية التي اتسمت بالاتزان الأخلاقي برغم الظروف السيئة والتي كان من المفترض أن تؤثر على مسار حياته، إلا انه كان حريصا بدافع لا إرادي على التمسك بالقيم الروحية بصورة كبيرة ومن خلال سرد الراوي نستطيع أن نلاحظ البعد الصوفي والقوة الخفية التي تلازم المتصوفة وأصحاب الباطن وهنا تكمن حقيقة خفية في الرواية وانعكاساتها من خلال شخصية العجوز الذي صادف البطل عند هروبه على سطح القطار، ومحاولة الكاتب في استلهام تراث قديم من الروح الصوفية بحيث يبدو الأثر الصوفي واضحاً في الرواية ويتشكل السرد من خلال نسيج صوفي قائم على التسامح الديني والمصارحة مع الذات ومحاربة النفس الأمارة بالسوء وترك شؤون العباد لرب العباد وعدم الخوض في أمور الآخرين ونلاحظ أن علاقة بطل الرواية بالتركي الذي يصفه بـ(عمي) تجسد علاقة الشيخ بالحوار وبالجانب الأخر تتجسد علاقة قائمة على الغيبيات ما بين البطل والعجوز.
يثير عماد البليك في رواية شاورما عددا من الأسئلة مثل هل التخلي عن الأخلاق والتسامح في المجتمع السوداني هو سبب انتكاسته وأصابته في مقتل أم هي التغيرات السياسية المتلاحقة التي أثرت في النسيج الاجتماعي السوداني، تجلت النزعة الصوفية نوعاً ما في الرواية فانسجمت دلالاتها مع السرد والتقلبات السياسية في الحقب المشار إليها سابقاً.
وفى اتجاه آخر تتطرق الرواية لمفهوم السلطة الأبوية في المجتمع السوداني، ولا يخفى علينا بأن هذا النوع من التسلط له جُذوره الضاربة في النسيج الاجتماعي السوداني وتمثل سيطرة الأب على نظام الأسرة وتدنى مكانة المرأة في المجتمعات الريفية وهنالك يتم استغلال النساء بصورة وحشية وهذا يدلل على أن كينونة المرأة في تلكم المجتمعات تعانى مرارة الاضطهاد
ويصور الكاتب من خلال سرده نموذج للواقع السوداني ويشرح حياة مجتمع مريض يعانى من تشوهات كبيرة، فكل الأعطاب والتشوهات المجتمعية التي تم شرح تفاصيلها في الرواية تعكس بصورة أو بأخرى مشاكل مجتمعات عربية تعاني من نفس الأعراض، فالانتقادات التي ساقها البليك في شاورما هي انتقادات لواقع ماتت فيه القيم والأخلاق والتسامح.
الرواية بكل حيثياتها إلا أنها لم تتطرق للجنس بصورة صارخة كما هي عادة أغلب الروايات العربية، كاتب الرواية حاول جاهدا الخروج بنص متوازن لا يعتمد الإثارة الجنسية وبدل من ذلك اعتمد على السرد الواقعي الممزوج ببعض الخيال، والملاحظ في شخصيات الرواية ليس لها أسماء إذ اعتمد المؤلف على الوصف وتوصيف الشخصيات وغالباً ما يكون الوصف بعلامة تميز الشخص الموصوف مثل الأعرج، البدين… فلم يكن هنالك ابتكار في شخصيات الرواية ولم يخالج الخيال الكاتب في تلكم الشخصيات.
بنى المؤلف قصته على مستويات متعددة تتداخل فيما بينها دون فواصل واضحة ومن خلال أفكار متلاحقة وحقائق موضوعية قائمة على تغيرات سياسية مرت بالسودان خلال فترات زمنية محددة، وبالرغم من اعتماد الراوي على السرد الكلاسيكي إلا انه جعل الرواية أكثر اشتعالاً طيلة الوقت واعتمد على عنصر التشويق لمتابعة الأحداث فلم يشعر المتلقي أن هنالك حلقة مفقودة أو جزء من تفاصيل الرواية يحتاج لتفسير، واشتركت كل مكونات الرواية من مكان جغرافيا وشخصيات وتحولت قرية البطل والمدينة الكبيرة إلى قلب ينبض وكانت اللغة جزءا تتمرحل ما بين اللغة القاطعة كسرد تبنى أحداث الرواية إلى تلك المعاني الشاعرية الشفافة والتي تأتى كمتطلبات ضرورية في بعض الأحيان
عموماً يمكن أن نعتبر راوية شاورما جزءا من كتابة تاريخ السودان الحديث فهي توثيق سياسي اجتماعي في قالب روائي.
|
|
  
|
|
|
|
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست