عبد العزيز سام (حركة الزغاوة جناح مناوى) .. يتوعد "عربان" السودان .. شوف ليك جقاوات جزها .. (صور)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 11:57 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-08-2015, 06:05 AM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبد العزيز سام (حركة الزغاوة جناح مناوى) .. يتوعد "عربان" السودان .. شوف ليك جقاوات جزها .. (صور)

    06:05 AM Aug, 08 2015
    سودانيز اون لاين
    بريمة محمد-الولايات المتحدة، ولاية فرجينيا
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين




    الأسم والكنية: عبد العزيز عثمان سام ..
    رئيس اللجنة القانونية لحركة مناوي .. (هذا المسمى الوظيفى هو محض تخمينى .. لأننى لم أجد المسمى مكتوب ولكن أعلم أنه يشغل المنصب تحت هذه المسمى أو غيره)



    وبالأمس القريب فى بوستى المقروء .. تحت عنون: هذا الزغاوى المتمرد .. شوف ليك جقاوة جزة .. البوست الذي رددت فيه علي رئيس اللجنة الأنسانية لحركة مناوي الأستاذ ترايو أحمد علي .. وقلت له شوف جقاوة جزة .. وأن هزيمة "قوز دنقو" لا يمكن أن يحولها بنفخ الشدوق إلي نصر أجوف .

    هنا أيضاً أقول للمتمرد عبد العزيز سام .. شوف ليك جقاوات كتيرة جزها ..!

    بريمة

    (عدل بواسطة بريمة محمد on 08-08-2015, 06:18 AM)
    (عدل بواسطة بريمة محمد on 08-08-2015, 06:26 AM)

                  

08-08-2015, 06:15 AM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد العزيز سام (حركة الزغاوة جناح مناوى) .. (Re: بريمة محمد)


    عبد العزيز سام .. رجل خريج قانون جامعة الخرطوم .. وبحكم أن لرجل قانونى .. فأن يكتب ويكتب .. حتى تكاد تفقد الأمل فى أسشراف رؤيته التى يريد أن يقولها .. والرجل كتب مقالات تعادل سفر كامل ..
    والرجل كما فى صورته المتشاءلة .. منتفخ الأوداج بقراءته للقانون .. ومنتفخ أشد بثوريته وحتمية رؤاه .. بتشليع السودان إن لم يستجب عربان السودان لتحذيراته ..

    دعونى أولاً نضع لكم أخر أنتاجه الفكري ..
    Quote: فى ذكرى ثورة التحرير: العنصرية والأنانية هما أسِ الدَاءَ (1)
    08-01-2015 03:07 AM


    الأنانية والعنصرية كلمتان ذوات مدلول مُتحِد ومتحالف ومتداخل، هى كلمات مفتاحية للوقوف على، والنظر فى كل بلاوى السودان منذ خروج الإنجليز. وكل تعريفات العنصرية والأنانية وحُبْ الذات التى وضعها العلماء والباحثون، وتثاقف عليها الناس عبر العصور والأزمان تتقاصر وتتواضع عن التعبير عن العنصرية التى تزكم الأنواف، والأنانية التى تحكم كافة مناحِى الحياة فى السودان.
    والدواوين الحكومية فى مركز اتخاذ القرار فى السودان زاخرة بقرارات مُهِمَّة ومصيرية أتخِذت بسبب "تذييل" الملف المعنِى بكلمة "شفرَة" معلومة فى إطار"التوصية" النهائية هى: (محسبوك/م)! وهى أوغَل كلمة فى الجهر بالعنصرية والفساد فى معايير اتخاذ القرار على المستوى الرسمى للدولة السودانية، وأداة ظالمة من أدوات التمييز العنصرى والإقصاء والفرز والأنانية لمصلحة أبناء المركز المُهمْيِن على كافة مفاصل اتخاذ القرار فى الدولة والمستفيدين الوحيدين منها، ضد من هم خارج دائرة المركز السودانى. وينسحب ذلك على شغل الوظائف العامة والترقيات. وخاصة عند الدخول إلى مدخل الخدمة العامة فى الدولة بمعنى الوزرات المهمة "السيادية" مثل الخارجية والداخلية، وبالأخص عند دخول الكليات العسكرية التى تُخرِّج أسوأ أدوات العنصرية والأنانية ممثلة فى ضباط الجيش السودانى الذين ظلوا يحكمون السودان جهراً وسِرَّاً لمصلحة المركز، ويُعمِلون كل صنوف الظلم دون رقيب أو حسيب لتمكين أهل المركز من ممارسة السلطة وأكل الثروة مطلقاً دون وازِع من قانون أو ضمير.
    وفى سبيل توفير ذلك التمكين لأهل المركز ظلت المؤسسة العسكرية السودانية فى حالة حرب دائمة مع شعوب السودان الأخرى، وصلت حروبها تلك فى خاتمة المطاف إلى حروب إبادة جماعية وتطهير عِرقى، فى ظل غض طرف واضح وتأييد ضمنى من الشق المدنى للمركز ممثلاً فى المؤسسة السياسية السودانية المعروفة.
    ويجب على ضحايا تلك الحروب من أبناء شعوب السودان الأخرى أن لا ينخدعوا للأصوات المدنية من مؤسسات المركز السياسية وغيرها التى تلعن وتنتقد وتسِبْ وتتظاهر بمقاومة آلة الدمار والموت المسماة زوراً بالمؤسسة العسكرية، لأنها هى المظلة الوحيدة التى تُسَخَّر 70% من موارد الدولة المادية لتأمين وضمان إستمرار كافة مؤسسات المركز فى إحتكار السلطة والثروة وجهاز الدولة، وهم يمارسون ذرّ الرماد فى عيون بقية سكان السكان بالتظاهر بمخالفة حكم العسكر ولكنهم فى قرارة أنفسهم يؤدون فروض الولاء والطاعة للمؤسسة العسكرية حامية حِمى المؤسسة المدنية السياسية ومجتمعها المدنى والأهلى، وعلى المستوى الروحى يدعون الله فى أدبار صلواتهم أن يحفظ الله ويعين المؤسسة العسكرية حامية حمى دولة المركز الدائم.
    وأحدث مثال عملى وعفوى/تلقائى لحماية وصون المؤسسة العسكرية من المؤسسات السياسية للمركز، ما بدر عفوياً من زعيم مؤسسة سياسية عريقة هى حزب الأمة القومى تتمثل فى "الجِرْسَة" التى ضربها زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار الصادق المهدى فى ردَّة فعل عفوية لقرار المحكمة العليا لدولة جنوب أفريقيا بتوقيف المتهم عمر حسن أحمد بشير "رئيس" السودان المطلوب للعدالة الجنائية الدولية. حتى وزير خارجية النظام بروفسير/ إبراهيم "غردون" الذى أجهش بالبكاء فرحاً لنجاة التمهم من القبض هرباً بطرق ملتوية من جوهانسبيرج، لم تكن دموع غندور تلك أكثر صدقاً "ثكلِى" الإمام الصادق المهدى فى مسعاه لحماية المتهم من القبض عبر خطابه "الفضيحة" الذى أرسله لقادة إفريقيا المجتمعون هناك بوصفه رئيس وزراء منتخب سابق للسودان تم طرده من الحكم بإنقلاب عسكرى قاده نفس الضابط الذى خلفه فى الحكم وإرتكب فظائع وانتهاكات جسيمة ضد أهل دارفور إتهِمَ بموجبها بواسطة المحكمة الجنائية الدولية، ولكن رئيس الوزراء المخلوع الصادق المهدى دافَعَ بكلِ ما أوتِى من قوة عن ممثل المؤسسة العسكرية السودانية حامى حمى دولة المركز! فيجب على شعب السودان التأنِّى فى قراءة هذه الرسائل وفهمها بعمق أكبر.
    والسؤال هنا، وفى هذا الموقف بالتحديد، هو: لماذا يرفض الإمام المهدى هذا القبض على متهم قتل الشعب السودانى وسحله واغتصب الحرائر فى دارفو التى كانت حتى وقت قريب معقل حزب الأمة Strong hold ؟ لماذا يرفض الصادق المهدى مثول عمر بشير أمام العدالة؟ هل يخاف الإمام الصادق، حقيقة، الفوضى والعنف إذا ذهب البشير إلى لاهاى كما يدَّعِى؟ وأى عنفٍ أعنف وأمرَّ من عنف عمر بشير القائد الأعلى لجيش السودان ومليشيات الجنجويد التى تعمل بامره ؟ أمْ أنَّ الإمام الهُمَام يخشى زوال دولة الظلم، دولة المركز.. لأنه بزوال تلك الدولة ستتغير معايير إقتسام السلطة والثروة فى السودان! وإذا زال دولة الظلم هذا وحل محلها دولة العدل والقسط لن يهنأ هؤلاء بعُشرِ ما ينعمون به الآن.. يدربون أبناءهم فى ذرَّوة سِنام الحكومة المركزية وأجهزة الدولة يعِدّونَهم لتولى الحكم مستقبلاً، فكيف لا يحمُون النظام القائم "على الأقل كمركز تدريب لأبناءهم" ويجهرون بأنَّ النظام جِلدهم ولن "يجرُّوا" فوقه الشوك! تقول لى الإمام مِنُو؟.. أدوار يقومون بلعبها لذرِّ الرماد فى عيون الغلابة لكنهم شركاء فى مؤسسة "شراكة" فاشلة وآيلة إلى السقوط.
    إذاً، السودان ظلَّ يُحكَم من الكلية الحربية المؤسسة العنصرية الخاصة جداً لأبناء المركز السودانى، وإذا نزعتَ من المركز هذه المؤسسة و"سودنتها" بعدالة فإن الظلم والعنصرية والأنانية كآفات متجذرة فى السودان ستزول وإلى الأبد.
    وأهل المركز لفرطِ أنانيتهم لا يرسلون إلى هذه المؤسسة العسكرية الأسْوِيَاء والأذكياء من أبناءهم، بل يرسلون إليها أناس يتسمون بالرعونة وعديمى حِكمة "ساديون" قُساة قلوب بلا رحمة ودمويون.. شديدى التماهى مع هويتهم المزيفة التى يدفعون ثمن الإنتماء لها قتلاً لأبناء البلد والتنكيل بهم لدمجهم فى الهوِّية المُتخيَّلة التى يلتصقون"كالفِطريات" بإطارها الخارجى بينما لُبّ تلك الهوية فى "جزيرة العرب" التى تزدرى إدعاء "عرب" السودان الإنتماء لهويتهم، وتنظر إليهم بإحتقار وسخرية، وأحدث مثال لذلك الإزدراء ردود أفعال القرَّاء العرب فى مواقع التواصل الإجتماعى حول قرار إنضمام السودان للعملية العسكرية للتحالف العربى ضد متمردى اليمن المعروفة بـ (عاصِفة الحزم ) منتهى السخرية والإستخفاف إقشعرت منها جلودنا نحن غير العرب، امَّا "عربنا" السودانيون فلا أعرف كيف شعروا وامتصوا تلك الصدمة العنيفة !.
    وأستطيع القول، بثقة، أن العنصرية والأنانية السودانية هى مجال خصب للدراسة والبحث العلمى لسَبرِ أغوارهاِ وكشف دوافعها وأهدافها وأضرارها ونتائجها الكارثية حتى الآن، ليعرف الناس خطلِها وخطورتها وأثرها الذى خلفته فى الماضى، وما سيلحقه من وتوتر وتخلف، ثم تشظى وانهيار فى المستقبل.
    والسؤال الجوهرى والأساسى Ultimate قبل أن ينفض سامر الكلام بين "السودانيين" حتى الآن So far هو: أما زال ممكناً إمكانية عيش أهل السودان سوياً تحت مظلة دولة حديثة سليمة البنيان يتفق "فسيفساء" شعبها ويتراضون على عهدٍ وميثاق، قوامه إتاحة وضمان: الحريات، خاصة وعامة، وحقوق إنسان، ثم هوية مُعَّبٍرة عن الجميع، ومواطنة متساوية، وتشارك عادل فى السلطة وإدارة دولاب الدولة، وتوزيع منصف للثروة بين جميع الشعوب القاطنة فى أرض السودان، كما يتساوون فى أداءِ الواجبات جميعها، على قدمِ المساواة؟. هل ما زال ذلك ممكناً أم أننا نحرث فى البحر، ونبيع السمك فى البحر، والطير فى الهواء؟
    إذا كان ذلك ما زال ممكناً فسأواصل جهدى هذا متوكلاً على الله وعلى الطاقة التى إستمدّها منه، ومن ذلك الأمل الذى يخبو بريقه يوماً بعد يوم. وإلا فنبهونى أجاركم الله لأوفِر طاقتى ووقتى للكتابة عن مولود آخر سيقدم حتماً إذا إقتضى الحال، إسمه دولة أخرى تقام فى إحدى أركان هذا السودان الفانى، هرباً من الظلم والعنصرية والأنانية. وكنتُ قد ضربتُ لكم مثلاً من دارفور، يقول:"اللقمة الكبيرة بتفرتِك الضرا".. أرجو أن لا يسألنى أحد القراء المتعالين لغوياً وثقافياً من زُمرَة المتماهِين فى الغير، أنْ ماذا أرِدتَ بذلك مثلاً؟ تباً لسوءِ الإنتماء، والمتماهى أيها الناس لا يُبدِع أبداً لأنه يبذل كل جهده ووقته وفكره فى التقمص والذوبان فى شخصية الهوية التى يتماهى فيها! فلا وقت للمتماهى يفكر فيه، وقته كله للتقليد فهو كالظل يتحرك تبعاً لأصله المُفتَرض.
    وتحقيق هذه القيم والمعانى والمبادئ والأهداف التى تُمكن من تجسيد فكرة الدولة الواحدة "الشركة العامة" متعددة المُلاك حاملى الأسهم والمساهمين فى الإدارة.. لا أحد فى السودان يدَّعِى حمل فكرة كاملة أو حل جاهز لفك شفرة العنصرية والأنانية التى لازمت الحكم فى السودان. لذلك أريدُ أنْ أسلِطَ الضوءَ على مواقع مُظلِمَة فى واقِعنا السودانى المُعَاش، لذلك تجدنى غير مقيد بمرجعية محددة، ولا تحِدّ أفكارى حدود، ولا تضبطنى ضوابط لفظية محددة فيما أزمع طرحه.
    وجُلَّ إهتمامى ينْصبّ على أنَّ هنالك مشكلة كبيرة لا ينعدل حال السودان دون الوقوف عندها وكشف نتائجها وقراءة مآلاتها وإيجاد وإقتراح حلول نظرية لها. ثم التحاور والتشاور بجِدِّية وصراحة حول هل نحن السودانيون الحاليون، مستعدون لترك وإنكار واقعنا الوخِيم هذا؟ والإنتقال إلى مرحلة تمهيدية "فسيحة نسبياً" من حيث المدى الزمنى، نجرِّب ونتدرَّب فيها على رؤي وبرامج نتفِق عليها، وتنازلات كبيرة يقدمها الطرف "المنتفع" من هذا الواقع الظالم منذ ميلاد السودان الحديث بعد خروج الإنجليز، ثم الاتفاق على "عقد إجتماعى جديد"؟.
    أم، هل يخشى الحاكمون من أهل المركز، بمختلفِ حِقَبِ حُكمِهم، إن إعترفوا بحقيقة تنوع السودان؟ أليس من حقِهم أن يخشوا ويفزعوا من زوال مجدهم وذهاب هويتهم الزيف التى مكَّنتهم من السلطة والثروة قهراً وقسراً حيناً من الدهْر بإستخدام المؤسسة العسكرية؟، وإبدالها بهوية حقيقية تُعبِّر عن جميع مكونات المجتمعات والشعوب القاطنة فى السودان؟ والهوية الحقيقية للسودان سهلة التحقيق فقط أنْ تأتى بنماذج لكل السودانيين من كلٍ(زوجين إثنين) ثم إحضار مصوِّر مُحترِف لإلتقاط صور جماعية لا تغادر أحداً، ملونة طبعاً، ومن جوانب وجِهَاتٍ مختلفة، ثم إحالة تلك الصور إلى جهة محترفة فى تعريف الهوِّية ليسمى لنا هوَّية مجتمع يشمل كل الذين حَوَتْهُم هذه الصور، وذلك بعد الإطلاع على مذكرة "تعريفية" لأعراقهم ودياناتهم وثقافاتهم وتاريخ إرتباطهم بهذه الأرض. بهذا وغيره من إجراءات أخرى تكميلية نستطيع تعريف الهوية السودانية الشاملة للجميع. وهى على صعوبتها أسهل المشاكل حلاً.
    أمَّا الصعوبة والتعقيد فى موضوع الهوية السودانية فمبْعَثه الناس الذين يصعدون المنابر فى تهوّرٍ ومغامرة ليختزلوا هوِّيات شعوب سودان كلها فى هويَّته هو"حقيقية أو مُتخَيَّلة. فيثير بذلك النعرات والشك والضغائن فتنشب الحروب وتُرَاق الدماء.. ثم يأتى صاحب الفتنىة ذات نفسه ليقرر أنَّ تلك الدماء قد أريقت فى مرضاةِ الله جهاداً للخونة الذين يريدون الذهابَ بريحِ الدولة العربية المُسلِمة المؤمنة، المتوضئة الراكعة الساجدة، وذلك لخدمة أجندات أجنبية، وإملاءات أمريكية وصهيونية! ولكن شعوب السودان والبشرية كلها تعرف من الذى يفتن ويقتل، ولحساب من يرتكب تلك الموبقات، ليعود بنا القهقرى إلى عصورٍ أفلت نجمها.
    ومن الذين يهاب أمريكا ويتودد لكسب وُدِّها ورفع العقوبات عنها؟ ويتضرع لها أن أغفرى لنا زلة لساننا يوم هتفنا:"أمريكا روسيا قد دنَا عذابها، علىَّ إذ لاقيتها ضِرابها!؟" طيب ما لاقيتِها الآن، ما يمنعُكِ من ضِرابها؟.. ما أهلككم غير حصاد ألسِنتِكم وسوء طويتكم؟ ومتى يفهم حُكام السودان أن الهُوِّية هى كالبصْمَة لا يمكن أن تُزَيَّف؟.
    ثم مواطنة متساوية بين جميع سكان السودان، وما يستدعى ذلك من إصلاح "وجْدَانَات" أقوام قامت على الفرز والترتيب بين مكونات المجتمع السودانى إلى درجات، أولى وثانية وثالثة وهكذا، ووطَّنُوا أنفسهم على هذا التقسيم، فهل الذين قاموا بهذا الفرز والتقسيم والمستفيدون من نتائج ذلك الظلم مستعدون لمعالجة أنفسهم طبياً ونفسياً، وتهيِأتِها للقبول بالمواطنة المتساوية بين جميع أفراد الشعب السودانى فى الحقوق والواجبات والدرجة والوضع الإجتماعى؟
    هل الحكام الحاليين والمؤسسة العسكرية التى تحمى حِمَى دولة الظلم القائمة مستعدة حقيقة لتقديم تنازلات كبيرة ومؤلمة؟ السؤال الذين ظلوا طوال عمرهم وعمر آباءهم واجدادهم منتفعون من هذا الواقع الوهمى الخيالى القائم على أركان وركائز وأعمدة أساسية كاذبة؟
    أريد أن أقول مباشرة أن المجتمع السودانى الذى تأسس عليه الدولة السودانية"الحديثة" الحالية هو عبارة عن وَهَمْ كبير، مجتمع إفتراضى"مصنوع" صناعة، ومعمول عمل بأيدى مستفيدة من هذا الواقع.. وكيف يتم تفكيك هذا الواقع المجتمعى الكاذب، وإعادة تعريفه هَوَوِيَاً وثقافياً ومصيرياً ضد مصلحة المنتفعين من هذا الواقع؟ وهُم الأقوى لأنهم يهيمنون على السلطة والثروة وأدواتهما من إقتصاد وثقافة وإعلام يخدم مصالحهم؟.
    وأنَّ الشكل القادم، المفترض، للمجتمع والدولة السودانية، أو ما يُسمِيه أهل القانون "ما ينبغى أن يكون" "Ought to be" ملحوظة: فى الثقافة والفقه القانونى إستخدام كثيف لهذه العبارات والمصطلحات لأن القانون فى حدِ ذاته قائم على فكرة الإصلاح المستمرContinuous Reform ومن بابِ أولى أن تقوم بِنيَة المجتمعات التى يحكمها القانون أيضاً على إعمال مبدأ الإصلاح الإجتماعى المستمِر، وليس دفن الرؤوس فى رمال زاحِفة لتكريس أمجاد وهمية زائلة.
    هذا، وقد أسهب الرئيس الأمريكى باراك اوباما فى خطابه لقادة أفريقيا فى أدريس أبابا- إثيوبيا الأسبوع الماضى فى إظهار هذه المفاهيم والقيم والحض عليها لبناء دول ومجتمعات قائمة على الحرية والكرامة الإنسانية والمساواة والديمقراطية فى الممارسة وصولاً إلى الغاية السعيدة وهى مجتمع السمو الإخلاقى والعدالة الإجتماعية والرفاه. طبعاً رئيس السودان غير مؤهل لحضور مثل هذا الإجتماع لأسباب معلومة، ويشعر المرء بحزن عميق لكونه مواطن فى دولة رئيسها غير مؤهل ليس فقط للسفر إلى الدنيا للتمثيل والتواصل وتبادل المنافع فحسب، بل الرئيس غير مؤهل حتى لحضور إجتماع على مرمى حجر من الخرطوم، فى اديس أبابا حيث يجتمع القادة الأفارقة بضيفهم إبن القارة الإفريقية الذى أهَّلَ نفسه لحكم أمريكا العظمى.
    فى الشقيقة يوغندا يقولون بفخر وزهو إفريقى أصيل، أن أوباما أختصار لعبارة:OBAMA: Organic Black African Managing America ، لو كان ذلك إبن أفريقيا، كينى الأصل، وقد ذكره الأفارقة بفخر وتقدير كبيرين، فبماذا يوصف الأفارقة إبنهم الفريق والمشير فى الإبادة الجماعية والتطهير العرقى/عمر حسن أحمد البشير؟ مافى زول يقول البطن "بطرانة"! لأنها لا تكفى لتبرير إنجاب الولدين: أوباما وعمر.
    لذلك يقتضى هذا المسعى الكبير نحو التحول والتعديل الكبير فى بنية المجتمع الحالى إلى إرادة كبيرة من جميع الأطراف، وخاصة الطرف صاحب المصلحة من الواقع الراهن أو "الواقع كما هو الكائن Situation is “ وهم أهل المركز وحاضنته العرقية والإجتماعية هم سكان الشمال النيلى الذين حلَّوا محل المستعمر الأجنبى، ولم يبادروا من تلقاء أنفسهم بإجراء التعديلات المهمة والتجميلية معاً لجعل كل شعوب السودان حاملى أسهم حقيقيون فى شركة الوطن، لكنهم سجلوا البلد شراكة بينهم بإسمهم وأجبروا الآخرون، عبر مؤسسة الجيش، على الإستكانة والخضوع لواقع ليس لهم فيه شيئ، فأصبح الواقع السودانى يدار بشراكة Partnership بين مكونات محددة هى التى إستلمت زمام البلد من الأجانب كما أسلفت. بدلاً من شركة Company يحمل "أسهُمِها" جميع سكان السودان بالتساوى والإنصاف عبر معايير يتم الاتفاق عليها لقسمة راس المال "الوطن" إلى أسهم متساوية، أرضاً وموارد بشرية ومادية، وتأسيس عقد إجتماعى ومنهج يتراضى عليه الجميع يكون شاملاً، ويُضَمَّن فى دستور، أو يحفظ فى الصدور، فالعبرة بالإلتزام الذى يسبُقه إيمان.
    ويُعاب على"الشراكة"عادةً أنها تقوم على رؤوس الأشخاص وتقوم لتحقيق أهداف ومنافع شخصية للشركاء، بينما "الشركة" تصلح وتتسع للوطن بجميع بناته وأبناءه، وآفاقها أرحب بالضرورة، وتنماز بأنها تقوم على مصالح عامة وعليا، ثُمَّ أنَّ من صفاتِ الشركة "الديمومة".
    قلنا ونكرِر للأهمية: أن الشركة تتفوق على الشراكة بأنَّها تنفرد وتتفرِّد بصفة "الديمومة" فحَمَلَة "الأسهم" فيها يذهبون ويأتون، يموتون ويرثهم أبناءهم وأحفادهم ولكن الشركة "الوطن" تبقى وتدوم ما قامت السماوات والأرض"دائمة"! وهذه الصفة تُعرَف فى فقه قانون الأعمال بمبدأ الـ (Perpetual Succession) وهو ما نفقده الآن فى السودان، لأنَّ الذين إستلموا البلد من الأجانب سجلوه "شراكة" خاصة بهم، بدلاً من أن يأسسوا السودان شركة عامة يملكها كل الشعب السودان ويفوض الشعب مجلس إدارة (حكومة) لإدارتها لمصلحة جميع المُلَّاك كما فعل بقية "الآباء المحققين للإستقلال Finding Fathers" فى كافة دول العالم.
    لماذا لم يّبْنِى الآباء المؤسسين السودان شركة عامة مملوكة لجميع شعوب السودان؟ وشخصية إعتبارية ذات سيادة تمثل كرامة وشرف وأمل شعوب السودان قاطبة، تكون دائمة ومستمرة ما بقيت السماوات والأرض؟ لماذا سجلوه "شراكة" خاصة بهم؟.
    ودليلنا على هذا التوصيف هو أن الشراكة التى ظلت تحكم وتتصرف فى السودان الكبير تصرفات المالك المسجل مِلِك عين لعموم السودان ظلَّ حامِيها الجيش "السودانى" فى حربٍ مستمِرَّة مع سكان السودان غير الشركاء فى تلك الشراكة الصغيرة. والآن أتعس السودانيون هم أصحاب تلك الشراكة التى تكبدت خسائر ماحِقَة هددت "مَحَلْ" الشراكة وهى الوطن والبقرة الحلوب بالزوال والفناء، فأصبح الوطن يضمحِلْ ويتفتت ويتقطع من أطرافه إرباً، وفى وَهَنٍ على وَهَنْ.
    السؤال متصاعد إلى أنْ يجد الناس الإجابة: هل أهل تلك "الشراكة" فطنوا الآن لخطَلِ ما اقدموا عليه، او أقدم عليه سلفهم وورثوه منه ؟ وهل هم مستعدون لـ"حَلّْ" تلك الشراكة عند هذا الحد"To dissolve such a partnership"؟ وإقامة شركة من ذات أصول الشراكة وريعها منذ "الإستقلال"؟ هل هم مستعدون حقاً وحقيقة لتصويب أخطاء ذلك الماضى الذى أسسه سَلفَهُم؟ أم هم مصمِمُون على السير فى درب ذلك السلف، "To step into their shoes" فوق جماجِم بقية الناس؟
    هل "الخَلَفْ" الذين حملوا لواء إدارة البلاد من "سلفِهم" أولئك ما فتئوا يزمعون الإستمرار فى رفع شعارات أمم هلكوا من قبلهم بقولهم "هذا ما وجدنا عليه آباؤنا ونحن فيه سائرون؟" وفى تلك الحالة مطلوب منهم طلبٌ واحد فقط لا ثانى له: لا تطلبوا من شركاء الوطن الإعتراف بشراكتكم تلك، وبالتالى مقاومتها بغية إفنائها وتحطيم أركانها وقتل "محلها" أو الوطن، وبناء "شركات" حقيقية على أنقاضها، ولا ينتقص ذلك من "إرثكم" شيئاً فأنتم لا تمكلون كل الوطن.
    وهذا حق مشروع ومعترف به كونياً ما إقتضت الظروف اللجوء إليها إستِجارةً.. ما حق تقرير المصير إلا إحدى آليات ممارسة حق الشعوب فى تحقيق هويتها ونيل حقوقها وصون كرامتها الإنسانية وإستغلال مواردها البشرية والمادية برُشد.
    لا يوجد خيارٌ ثالث، وما فيه السودانيين منذ فجر خروج المستعمر إلى الآن من تناطح وإقتتال وإنفصال وإراقة دماء شعوب بأكملها هو إنكار لضوء الشمس من رمدٍ، أو طعم الماءِ من سقمٍ، ليس فض شراكة الوطن بحلٍ حكيم ولكنه خيار مُرّ، ولا يجبُرُ على المُرِ إلا الأمَّرَ مِنهُ.
    ثم أنّ العنصرية كالحرية الشخصية ليست شراً مطلقاً ما ضُبِطت بضوابِط وقُيِدَت بشرائط، أمَا الأنانية فهى خِصلة سيئة من خصالِ الأنفسِ الشحِّ وتعمقها فى النفس التربية السيئة. ومن الطبيعى أن ينتمى الإنسان إلى أسرته الصغيرية ثم إلى مجتمع قريته ثم مدينته ومحافظته وإقليمه ثم إلى السودان الكبير، ولا يلام الإنسان أن يحمل لتلك الكيانات الجغرافية والإجتماعية الحاضنة التى انحدر منها الولاء والتقدير والإنتماء، ويحق لكل إنسان أن يُعبِّر عن ما إكتسب من قيم ومعارف وثقافات ومهارات، كل ذلك شيئ طبيعى ومحمود، ويساعد فى بناء مجتمع متعدد كمجتمع السودان إذا تم إدارة ذلك التنوع بحكمة وإنصاف من حيث إقرار التماثل بين جميع المكونات، بحيث لا يتم تفضيل مكون على مكون آخر. وإعمال العدالة، بحيث يكون الناتج الوطنى مزيجاً ونسيجاً يشكل نسيج شامل لا يُغيِّب أى مكون أو يُظلَمْ، ولا يبخس احداً شيئاً من أشياءه!. ومراعاة الشمول، فى معنى أن يكون المشهد الوطنى (القومى) شاملاً لكل انماط المجتمع من هويات وأديان ومهارات وفنون وموروثات ومعارف.
    وتكون العنصرية ضارَّة ويجب أن يمنعها القانون بالتجريم والعقوبة وتعويض الطرف المضرور من الطرف المتسبب فى الضرر (لا ضرر ولا ضرار) عندما تتجاوز الممارسة العنصرية حدود الخاص ويتعداه للإضرار بالآخر/ين، بمعنى لكل إنسان الحق فى الإعتداد بنفسه وخصاله وميزاته ومهاراته ونسبها إلى اصله ووطنه واهله إلى الآخر، ولكن لا يتعدى ذلك التباهى وذكر المحاسن والصفات إلى مقارنتها بالآخر بغرض الحط من قدره/م فى مقابل إعلاء قدر نفسه وشانه.
    وللعنصرية شأن كبير ومساحة لممارستها وميادين لعرضها فى مجتمعات مثل مجتمع العرب، وشعر العرب مليئ بالعنصرية التى ترفع من شأن الشاعر صاحب النشيد وقومه مقارنة باقوام وعشائر أخرى لا تكتمل موضوع القصيدة إلا بالحط من قدرآخرين مقابل رفع شأن نفسه وقومه، فشعر المديح والهجاء لا تنتجان مدلولهما إلا بالحط من شان الآخر. كالشاعر العربى الذى ينشد بكل فخر: ونشربُ إن شرِبنَا الماء صفواً، ويشرب غيرنا كدرَاً وطيناً، وإذا بلغ الفِطام لنا صبياً، تخرّ له الجبابر ساجدينا! ما هذا؟
    وأسوأ منه شاعر عربى آخر قال فى ذمِ عشيرةٍ عربيةٍ أخرى: وما سُمُّوا بنى العجلان إلا لقولهم: خذِ القعب أيها العبد وأحلب وإعجِل! ما هذا العنف، (طيب دا لو ما كان عربى زيو كان قال له أيه؟)
    وإلى كبير شعراءهم الذى أتى كافوراً يرجوا منه نوالاً، لمّا فتح مصراً وجلس على عرشها يحكمها، ولعلَّ كافوراً لم تعجبه عنجهية وطريقة تصرف ذلك "الجلف" فلم يأمر له بما يلبى غروره وآماله وتطلعاته من نوالٍ، فهجى كافور بأبيات وهرب بعدها يولى الدبر، لا يدرى الناس كيف تصدر من شخصٍ سوى كان قد سبقها بقصائد مدحٍ وتذلل وإنكسار لنفس الكافور من باب: أغثنِى يا فداك أمى وأبى !؟ كأن هذه اللغة لا تصلح إلاَّ للشتم واللُئم، رغم أنها لغة أكرمها الله بتنزيل القرآن على لسانه، ولكن العرب تستعمل هذه اللغة أداة للجفاء وسوء القول وفاحشه، والحربُ أولها كلام، حتى كادت اللغة العربية ان تكون أداة للشتم والجفوة والنفور والبغضاء.
    ويعانى السودان منذ البداية إختلالات كبيرة وضارة فى المحصلة المجتمعية الوطنية النهائية وذلك بممارسة العنصرية السالبة والتى تماثل كما اوردت أعلاه الممارسة المطلقة للحرية الشخصية، عندما يتعدى ممارسة الحق الخاص حدوده للإضرار بالحريات الشخصية للآخرين. فقد أضرَّت العنصرية العرقية لبعض المكونات الإجتماعية السودانية بالمكونات العرقية الأخرى ضرراً بليغاً ومستمراً، فنفَّرَت عن الإنتماء لوطن يتشاركونه مع من يصر على إيذاءهم بالتمييز ضدهم والحط من مكانتهم.
    كما أسلفت فإن لكل مجموعة الحق فى الإعتداد بأشياءها والتعبير عن ذلك ولكن دون النزول بذلك إلى الإضرار بالآخرين، لأنهم لهم نفس الحق فى الإعتداد بالذات أفراداً وجماعات، ولا يحق للآخرين تناولهم سلباً وإيذاءهم والحط من قدرهم بحال، وهذا أدنى درجات الإضرار عنصرياً.
    أمَّا الدرجة الأعلى من الإضرار عنصرياً هو عندما ترتبط العنصرية ومظاهرها بالحق العام وسياسة الدولة وثقافتها وممارستها العملية، بمعنى إدخال المفاهيم العنصرية وممارستها ضمن سياسات الدولة وبرامجها المتنوعة. وهذا هو محور تناولنا فى الجزء الثانى من هذا المبحث وإلى لقاء.
    (نواصل فى جزءٍ ثانى)


    وسوف أعود بمقاله الثانى علي صدر المنبر الأن ..

    بريمة
                  

08-08-2015, 06:25 AM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد العزيز سام (حركة الزغاوة جناح مناوى) .. (Re: بريمة محمد)


    وهنا المقال الثانى .. ومنتظر عبد العزيز أن ينشر مقاله الثالث .. أستغرب ماذا يريد أكثر مما قال! ..
    Quote: أوردتُ فى الجزء الأول بعض المقترحات، وأسئلة وخواطر عامة، ومحاولة إيجاد تعريفات جديدة لبعض المؤسسات العامة التى تم إستغلالها للهيمنة على السلطة والثروة لمصلحة أهل المركز، وإستخدامها لقمع بقية السكان خارج دائرة المركز.
    وسألتُ سؤالاً مُهِمَّاً ينبنى عليه مستقبل السودان القادم أو ينفضّ سامِرُه. والسؤال موجَّه تحديداً لأهل المركز الذين إحتكروا حكم السودان بالحديد والنار، وإستغلوا موارده وقمعوا بقية السكان عبر المؤسسة العسكرية بنت الكلية الحربية السودانية عبر العصور والأزمان.
    وسيبقى هذا السؤال هو "الوِتِد" الذى يدور حوله فكرة هذا العمل: هل بالإمكان تحقيق دولة سودانية عادلة بعناوين حقيقية؟ ماذا يرى الذين زوَّرُوا تلك العناوين؟ وهل ما زالت مصلحتهم مرتبطة بذلك الجُرمْ إرتباط الحذاء بالقدم؟
    هل العودة إلى جادَّة الطريق تتناسب ومصالح أهل المركز؟ وما هى خياراتهم الأخرى غير الإستمرار فى هذا الوضع المِعْوَّج؟ وهل أهل المركز مستعِدُون لإفناء إرثهم المُخجِل وترك السودانيين ليبدأوا فى تكوين دولتهم العادلة على الحق والعدل والقِسط؟ وذلك ليس فقط الاحتمال والأكيد والممكِن، ولكنه الخيار الحتمى فى خاتمة المطاف، أو الطوفان!
    سيعود كل السودان ليتحد ويتوحد مرَّة أخرى على مبادئ وقيم وأهداف عادلة عدا المركز الظالم هو الذى يجب أن يذهب بأفكاره ووجدانه السقيم وأمراضه المزمنة من حيث أتى، ويعلم الجميع من أين أتى هؤلاء! ولا اقصد بـ "هؤلاء" أهل الإنقاذ، ولكن أهل المركز الذين انجبوا "عصابة الإنقاذ" الوجه الحقيقى للمركز بدون أى "كريمات" أو مساحيق تجميل. الإنقاذ هو نموذج المركز، فى زمن الوعى، بكلِ قبحِه وأى حديث خلاف ذلك مردود على قائله حتى يسوق الدليل على صحته.
    وهل أهل المركز مستعِدُون لترك الأنانية؟ وسأكتبُ فى حلقات قادمة نماذج معاشة، تمشى بين الناس لأنانية أهل المركز، لكن الآن نسأل فقط: هل بإمكان أهل المركز فطم أنفسهم من الأنانية والظلم بعد طول رِضاع؟؟ هل ذلك ممكن لمن شبَّ وشاب على تلك الموبقات المُهلِكَة، وقد ورَثَها أباً عن جِدْ؟.
    لكنَّ أهل المركز هؤلاء طفقوا، طوال تاريخهم الطويل يذعِنون الآخرين من أبناء السودان للخضوع والإندماج، ثم الإنصهار فى مؤسستهم الظالمة "على سُكَات"! دون أدنى إستعداد منهم للبحث الجاد فى حلول حقيقية للأزمات التى خلقوها بأنانيتهم المفرطة. وينظرون إلى نداءات الحلول العادلة بعيون مرتابة تخشى زوال النعيم (السُحت) الذى رفلوا فيه سنين عدداً، فما اصعب الفطام على من مارسَ الرِضاع دهراً.
    وأقول فى هذا الجزء الثانى، أن الدرجة الأعلى من أضرار العنصرية والأنانية تتحقق عندما ترتبط بالسياسة العامة ونظام الحكم، وكراهية الآخر الشريك فى الوطن وتحقيره بلا سبب غير رفضه للظلم ومطالبته بالعدل.
    تطورت العنصرية والأنانية فى السودان بعد خروج الإنجليز لتلبس ثوب الدولة وتسكنُ فى سياساتها وجهازها، وصارت لغتها التى تتحدث بها.. تشكَّلت العنصرية فى مظاهر أعمق وأخطر وأحدث، وذلك بخروجها من ضيق الإنتماء العرقى والجهة الجغرافية إلى رحاب سياسات الدولة وتنظيمات المجتمع الرسمى والمدنى والأهلى.
    قامت الحكومات السودانية جميعها دون فرز، بتجميل العنصرية والأنانية بمساحيق خادعة وبرَّاقة وفرضتها، قسراً، كثقافة وآجبة الإتباع لجميع شعوب السودان إن شاءوا العيش فى السودان. بمعنى أن الحكومات السودانية المتعاقبة قد إعادت انتاج شعوب السودان فى ثقافة وقناعة ومصلحة المركز وأجبرتهم على التماهى فيها. فألصقوا بقية شعوب السودان بجدار هوية وثقافة المركز الزائف. إستنساخاً لإلتصاقهم هُمْ أهل المركز السودانى بالجدار الخارجى لهوية وثقافة العرب، وتماهيهم فيه. كأنهم يعاقبون شعوب السودان تعويضاً لأنفسهم من المهانة وهدر الكرامة الإنسانية التى يعانونها بإلتصاقهم الطوعى بهوية وثقافة لا يمتُّون إليها بصلة. كأنهم يقولون لشعوب السودان الآخرين، علّىَ وعلى أعدائى. هُمْ بذلك يعوِّضون أنفسهم من بقية شعوب السودان بكل "سادية" الثمن الباهظ الذى دفعوه وهم يعيدون انتاج أنفسهم فى هوِّية وهمية وثقافة غريبة.
    أكرر، بعد أن تماهى أهل المركز السودانى فى هوية غريبة غير متحققة الشرائط، وتبنُّوا ثقافة دخيلة على شعوب السودان، لم يكتفوا بخطل تلك الأفعال الغبيِّة، لكنهم فرضوا تلك الهوية المتوهَّمَة، وبِنتُها الثقافة الزيف على عموم شعوب السودان من خلال كل شيئ: فرض اللغة، ومناهج التعليم وأجهزة الإعلام وعموم جهاز الدولة، وقننوا ذلك بتشريعات وقوانين ألصقوا بموجبها السودان إلى مؤسسات إقليمية ودولية لا تمت لشعوب السودان بصلة، مثل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى، وتنظيم القاعدة و"داعش" ورهنوا شعوب السودان بتلك الرهونات الباطلة، باهظة الثمن.
    ماذا كانت النتيجة؟
    قدموا السودان للعالم على أنها دولة عربية مُسلِمة وبالتالى، صار للسودانيين غير العرب، ثلاثة خيارات: أمّا أن يتركوا السودان وتذهبوا إلى مكان آخر من هذا الكوكب يبحثون فيه عن ذاتهم وهويتهم. أو أن يعيدوا انتاج أنفسهم وتشكيلها لمواكبة كونهم عرب سودانيون. أو أن ينتفضوا لتحرير السودان أرضاً وشعباً من هذا الخطف والأسر الباطل والظالم.
    ولمّا كان الخيار الأول مستحيلاً لأن السودانيون غير العرب هم شعوب أصلية نبتوا من تراب السودان ولم يعرفوا الهجرة والرحيل. والخيار الثانى تم محاولات تطبيقه قسراً وقهراً لكنه فشل وخاب لأنه ضد طبيعة الأشياء، وضد إرادة الخالق عزَّ وجلّ! لأن الله القادر المُرِيد كان بإستطاعته خلق السودانين عرباً أو فرس أو ساكسون، لكنه خلقهم سودانيون لحِكمةٍ يعلمها هو المُريد! ولا يحق لأحدٍ من خلقه العُصَاة، مهما تماهى وأُستُلِب، أن يقرر شيئاً فى خلقِ الله بالمخالفة لإرادته.. وكان الخيار الثالث هو الخيار فى خاتمة المطاف، المناهضة والمقاومة والتحرر والإنعتاق.
    نعم التحرر والإنعتاق، لأن الذى قام به أهل المركز هو إستعباد لأهل السودان وسلب لحريتهم وكرامتهم الإنسانية وجعلهم عبيداً لا إرادة لهم ولا حقوق، كالأنعام وأضلَّ سبيلاً. فحَقّ على أهل السودان الثورة لإسترداد حريتهم وكرامتهم من أهل المركز. وكل من يقول خلاف ذلك منتفع من الراهن الماثل، أو متلذذ ومستمتع بالعبودية.
    وبهذه المناسبة العبودية مريحة جداً للعبد لأنه ليست له أعباء صعبة من تخطيط ووضع سياسات وتفكير وحماية ومقاومة، العبد مسئولياته بسيطة ومريحة تتلخص فى التنفيذ المطلق لأوامر سيده وخدمة مصالحه، مهام بسيطة ومُريحة!
    مثال العبيد السعداء بخدمة سادتهم: أنظر إلى الوزراء والولاة "الهامشيين" من أبناء السودان خارج المركز فى الحكومات المتعاقبة، وانظر إلى الأدوار الموكلة للجنجويد وقوات الدعم السريع والمنشقين من حركات التحرر، وغيرهم ممن خضعوا لحكم المركز وقبلُوا بعبوديته لهم.
    هذا الواقع المُخجِل جعل من جميع السودانيين، عرب وغير عرب، مسخاً مشوَّهَاً. فلا عرب السودان صاروا عرباً حقيقيون يعترف بعروبتهم ونقاء عِرقهم عرب الجزيرة العربية لبّ العروبة ومركز منح شهادتها، ولا صار بقية سكان السودان غير العرب سودانيون أحرار فى أرضهم و وطن أجدادهم. والسبب هو سرطان العروبة التى أصابت السودان، وفاقد الشيئ لايعطيه!
    وعليه، صار الفريقين: عرب السوان وغير العرب الذين فرِضَت عليهم عروبة زائفة فى مأزق، كالخفَّاش الذى هو من الثديات ويدَّعِى الإنتماء إلي مملكة الحيوان، ولكنه طائر فى نفس الوقت!
    هكذا السودان أرض غنية بالموارد، وشعوب عظيمة ضاربة بجذورها فى هذا التُراب، ضيَّعَهم أدعِياء أنانيون قدِمُوا إليه بليلٍ بهِيم.
    أنواع العنصرية فى السودان متعددة، بدأت بالعنصرية العرقية يوم خروج المستعمر الأجنبى، وكانت فى نفس الوقت عنصرية جهوية/ إقليمية لم تشمل حتى"أعراب" أقاليم السودان الأخرى فى قسمة الثروة والسلطة وجهاز الدولة (لو كان هناك عرب أقحاح دخلوا السودان، فليسوا هم عرب الشمال النيلى الذين يرجح أنهم نتاج إختلاط أجناس أفريقية جاءوا من الهضبة الإثيوبية بالنوبة وبقية السودانيين أيام حضارتى مروى وكوش).
    هذه العنصرية العرقية، الإقليمية والجهوية، ورَثَت الدولة السودانية وجهازها من الإنجليز فى مؤامرة تمت بين الطرفين سُمِّيَت بـ "الإستقلال"، ولم تكن إستقلالاً أبداً، لكنها شيئ آخر.
    يُعَاب على هذا النمط الأول من العنصرية فى السودان أنها إنتهت إلى أن إستأثر أبناء إقليم واحد بحكم السودان على مستوى السلطة، وإنفردوا بمواردها المادية على مستوى الثروة، وهيمنوا على جهاز الدولة دون أبناء الأقاليم الأخرى، وقبل هذا وذاك شوهوا هوية السودان وإختزلوه فى هوية مزيفة لا تُعبِّر عن حقيقتهم هُمّْ، دعك من هوية شعوب السودان الأخرى.
    المرحلة الثانية من العنصرية فى السودان هى الإنتقال من رابطة العرق والإقليم إلى مرحلة الفكر والرؤى والبرامج السياسية عبر تنظيمات سياسية (أحزاب) وأخرى فئوية، نقابات وجمعيات ثقافية ومهنية، وروابط ترفد أجهزة الدولة والمجتمع.. قامت جميعها بذات معادلة إقتسام السلطة والثروة غداة خروج الإنجليز، بحيث تم تبنِّى سيناريو قوامه تحول العنصريون العرقِيون إلى عنصريين سياسيين وعنصريى مجتمع مدنى بنفس قواعد العنصرية العرقية/ الإقليمية، فى إطار تطور طبيعى Process.
    ولتسهيل فهم هذه المرحلة، تحول العنصريون الأوائل إلى قادة أحزاب سياسية ورجال دولة وزعماء طوائف دينية، وطلائع سلطة، و"أفندية" خدمة مدنية، و روابط متعلمين ومثقفين (نادى الخريجين).. وتملَّكوا كل هذه الشرائح المجتمعية المهمة ملكية عين، ومارسوا أقسى درجات العنف ضد أى شخص من خارج هذه العصبة العنصرية يجرؤ على النهوض لإعلان نفسه زعيماً أو قائداً لأى تنظيم سياسى أو مجتمعى.
    مثال قمع بقية أبناء السودان، تلك البيانات العنصرية التى خرجت ضد قادة حركة 1924م التى قادها أبطال حقيقيون من أبناء السودان القديم بقيادة ضابطين هما: على عبد اللطيف وعبد الحفيظ الماظ! عنف لفظى رهيب وتآمر أدى إلى إستشهاد أولئك الأبطال ممسِكين بمدافعهم يذودون عن فكرة سودان حقيقى وأفضل وأعدل كانوا يحلمون به. وأى حديث من هؤلاء العنصريين فى تمجيد وتأييد أبطال ثورة 1924 هو نفاق وهُرَاء كاذِب أشتُهِرُوا به أباً عن جد.
    تجنباً للإطالة أختم هذا الجزء بالقول أن تاريخ السودان وجغرافيته، ثقافته ونضالاته وجهاز دولته وعلماءه وكل من تبوأ منصباً منذ خروج الإنجليز هو تاريخ زائف قام على إلغاء وتعطيل وتغييب قسرى للغالبية العظمى من سكان السودان، ويقع باطلاً لأنه قام على باطلٍ ووَلَغَ فيه.
    فلا الذين حكموا السودان (رؤساء وحكومات)عبر إنقلابات عسكرية بإستخدام مؤسسة الموت والدمار المسمى زوراً بالكلية الحربية هم رؤساء حقيقيون، ولا الذين تم انتخابهم للزعامة هم زعماء صادقون لكونهم جاءوا على ظهور مفاهيم ورؤى كاذبة ومضلِلة ومستوردة وغريبة على شعوب السودان.
    لذلك، يمكن القول أنَّ السودان دولة لُوِّثَت أرضها البِكرة الخصبة بحرثِ بذور أفكار أجنبية غريبة، فأنبتت نباتاً خمطاً، غثاً وهزيلاً. مثال ذلك الأحزاب السياسية السودانية غالبيتها العظمى قائم بالوكالة عن أفكار مستوردة من الخارج لا تُنبِت الخير فى أرض السودان. "الكيزان" من مصر، والإتحادى قام على فكرة الإتحاد والإندماج مع مصر، وحزب الأمة من إيران، والشيوعى من روسيا، والبعث من سوريا والعراق .. إلخ.
    وقلَّ ما تجد فكراً سياسياً نبت أصله فى السودان سِوَى الفكر الجمهورى الذى أبدعه الأستاذ العَالِم الشهيد/ محمود محمد طه.. ثم أفكار ورؤى وبرامج حركات التحرر الثورى الوطنى التى نشأت وتطورت مؤخراً لتخليص السودان من زيف الأفكار والأحزاب المستوردة التى تريد حكم السودان بالوكالة عن تنظيمات سياسية أجنبية، وبالبذور المُعدّلة وِرَاثِياً.
    (فى جزءٍ ثالث، سأتناول نماذج العنصرية والأنانية فى السودان.)


    وعبد العزيز سام .. كما ترون لا يكتب لكي يحاوره إنسان .. بل يكتب خلاصات حتمية .. مؤداها .. أن يتم تنفيذها وإلا والطوفان ..
    وردة كلمة الطوفان .. بكثرة فى مقالات عبد العزيز المتعددة .. يتوعد فيها ويهدد .. سواء عربان السودان عامة .. أو عربان المركز بصفة خاصة.

    بريمة
                  

08-08-2015, 06:52 AM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد العزيز سام (حركة الزغاوة جناح مناوى) .. (Re: بريمة محمد)


    نبد معكم فى نشر .. ما كتبه عن عربان السودان .. أكثر مما كتب المقالان المرفقان .. اعلاهما.. وهناك سلسلة 5 مقالات تحت ذات العنوان: عربان السودان ..
    Quote: عُربَان السودان، وإشكال الهُوِيَّة(1)

    عبد العزيز عثمان سام- نوفمبر 2012م
    mailto:[email protected]@gmail.com


    قبل كتابة هذه المادة، كنت قد قرأت المُرافعة الرائعة والشجاعة للأستاذ/ صلاح عووضة حول المتحف القومي السوداني وحقد الطيب مصطفي عليه لخلوِه من تراث للعربان القرشيين!! ولستُ أدري إن كان للعربان، في الأصل، تراث أو حضارة أو مدنية غير استرقاق وسبي الناس ووأد المواليد(الإناث) وتدمير شواهد الحضارة والمدنية التي بناها الآخرون، والقتل بهدف الإبادة والإغتصاب. إن الغِل الذي يشوِي صدور العُربَان ويعتمل وُجدَانهم السقِيم بالفطرة، هو ما يدفعهم دفعاً لإشعال حروب والإبادة والتطهير العرقي.. وبهذه المناسبة أريد أن أسلط الضوء علي ميزة أساسية في العرب وهو الغِل، الذي يدفعهم دفعاً لإتيان كل الموبقات التي أُشتهِرُوا بها،لذلك عندما أراد الله سبحانه وتعالي أن يبعث سيدنا محمد(ص)رسولاً ونبياً خاتماً لتبليغ رسالته، كان لا بُدَّ للمولي جلَ وعلا أن ينزَع الغِل من صدر النبي محمداً(ص)،وحادثة المَلَك الذي أرسله الله ليشِقَّ صدر النبي الكريم(ص)ضمن السيرة الثابتة التي لا يختلف عليها الناس. ولكن ماذا يعني لنا اليوم، تلك العملية التأهيلية للرسول الخاتم لأداء رسالات ربه؟؟
    في رأي المتواضِع، ذلك يعني جملة أشياء أهمها أنَّ: العربي العادي الذي يملأه الغِل والبغض والكراهية، وبالتالي الحُمق وقلة الحِكمة والتريث والتروي والكياسة والفطنة في تدبُر الأمور، ليس أهلاً لحمل الرسالة وتبليغها ورعاية شئون الناس وتأمين الحياة الكريمة لهم. بمعني، أنَّ العربي العادي لا يصلح لإدارة الحكم الراشد ورعاية شئون الناس، لذا تتسم أنظمة الحكم لدي العرب بالقهر والقمع والإستبداد والفساد وعدم الشفافية والشمولية والطغيان despotism.
    والأمر الآخر الذي ينمازُ به الحكم عند العرب، هو أنهم لا يؤمنون بالحريات بل يسوقون الأقوام كالأنعام، ولا يؤمنون بالرأي الآخر في معني المعارضة، وينكِلون بالخصوم، وبالتالي لا يؤمنون بالتداول السلمي للسلطة، ولا تنتهي فترات الحكم في الدول التي يحكمها عرب إلا بالحديد واقتلاع الحكم إقتلاعاً بوسائل عنيفة بعيدة كل البعد عن التحضر الذي بلغه هذا العصر من تاريخ البشرية.
    فإذا كان تاريخ العرب في السودان قد إتسم وإتصف بكل هذه الموبقات المُهلِكة فكيف له أن يوضع في متحف قومي للتاريخ؟ فالمكان الطبيعي لتراث العُربان السودانين هو المحاكم الجنائية، محلية ودولية، ثم المقاصِل والسجون، مع الأعمال الشاقة، أمّا المتاحف فهي لحفظ الأعمال العظيمة التي ينجزها شعوب عظيمة لخير البشرية وليس لهدمِها وتدمِيرها.
    أنظر إلي أطول فترة حكم في السودان بعد خروج المستعمر الأجنبي، فترة عمر البشير الذي جاء عبر وسيلة متخلِفة (انقلاب عسكري علي حكومة منتخبة)، وحكَمَ عِقدين ونيف من الزمان وما زال، إذا أردنا أن نضع في المتحف القومي (بعد مئة عام) انجازات نظام عمر البشير فماذا نضع في جناحه؟؟ مصادرته للحريات العامة وقمعه لشعوب السودان؟؟ أم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وإغتصاب الحرائر في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق؟؟ أم بيوت الأشباح وإغتصاب الصحفيات والصحفيين والأطباء وجميع المهنيين؟؟، لا.. أفضل أن ندعَ في جناح نظام عمر البشير لقطات من لحظات اندماجه المُفرِط في الرقص وهو بالبذة العسكرية رفيعة الرُتبة(المشير) جنباً إلي جنب مع تعامله الهمجي مع المحكمة الجنائية الدولية التي اتهمته بقتل شعوب بلاده بمئات الآلاف، فطلبت منه وقف القتل والإبادة والمثول أمام المحكمة للرد علي المزاعم التي تشير إلي أنه ونظامه متورطون في قتل وأبادة شعوب دارفور، وكان رد البشير معلوماً للكافة وسارت به الركبان في اتجاهات الدنيا الأربعة، بل وطبقت حلفه بأغلظ الأيمان بعدم الخضوع للقانون عنان السماء، وأنَّ الدنيا كلها تحت جزمته!! أوكي، دع الجيل القادم يضع في جناح نظام البشير في متحف السودان القومي مصنع اليرموك لصناعة آلة الموت والدمار داخل العاصمة القومية، وفي قلب أحياء سكنية آهِلة بالسكان، وفضيحة تفجيرها بطائرات قطعت الفيافي والبحار والنجود دون أن ترصدها (رادارات) السودان، إن كان للسودان رادارات أصلاً!!
    نعود لإتمام فكرة الغِل كملازم أساس للجنس العربي دون غيره من أجناس البشر، قلنا أن الغِل الذي يعشعش في صدر الإنسان العربي يحجبه من الإبداع والإعمار ويدفعه إلي التدمير والإهلاك، وفي أحسن الأحوال، إلي الظلم والكراهية والبغضاء والتنابز والشتم، وبالتالي فهو جنس يعجز عن الإبداع والإنتاج، فتجد جناحه في المتحف القومي خالٍ من أي مقتنيات بسبب العدم، وفاقد الشيئ لا يُعطِيه.
    مشكلة عرب السودان أنهم متماهُون في الهوية العربية، ولن يُبدِعوا أبداً، أخذو من آبائهم العرب أسوأ ما في العروبة (الغِل)، وتنكَّروا لأفضل ما رضِعوه من أثداءِ أمهاتهم الإفريقيات السودانيات، التسامح والحب والسلام والعدالة والكرم والحصافة والحِكمة.
    أنظر إلي الظواهر السالبة جداً في الثقافة السودانية الحالية وتحديداً عندما نتحاور ونتبادل الرؤي والأفكار، مثل هذه الفكرة التي أطرحها الأن وقد طرحها قبلِي من هُم أكثر مِني معرفة وخبرة وأبلغ لغةً.. أنظر إلي الألفاظ والعبارات التي يستخدِمها السودانيون في التعبير عن آرائهم!! لا يوجد في الكرة الأرضية شعب يحمل ضد بعضه البعض، هذا القدر من الغِل والكراهية والإحتقار والرفض لبعضهم البعض، من أين أتينا بهذه الزِراية لبعضِنا البعض؟؟ هل هو من الغِل الذين أتي به إلينا العرب، وهل ذلك الغِل هو سبب الكراهية التي تعتمل صدور السودانين تجاه بعضهم البعض، وهي كفيلة بإستمرار الحروب والنزاعات، وكافية لتفتيت السودان إرباً إرباً.
    في زمن الوعي والإستنارة والشفافية وحكم القانون والحريات والحكم الرشيد، حيث العالم أصبح قرية واحدة أو كاد، وعرفَ الناس حقوقهم وواجباتهم، لا يتخيلنَّ أحداً منكم أنه من الممكن ان نبني البلد ونعمِّرُها ونطورها بالغلِّ والكراهية والإستهبال السياسي.. وتنوعنا يمكن أنْ يكون عنصر قوة كما قال الرئيس أوباما في خطاب النصر للفترة الرئاسية الثانية في قمة سخونة خطابه. ولكن بعد أن ننزع الغِل والكراهية والتحقير والإزدراء من صدورنا، بعد أن نتساوَي في المواطنة، ويتطلب ذلك أن نتداوي من أدوائنا التي سببها الغِل.
    الذين يقرأون هذا المقال سيعلق بعضهم، أسفلِه، بإسمه المموّه طبعاً، أن كاتب المقال عنصري ومتمرد وحاقد و(عَبْ) كما يحدث دوماً، لأن الغِل يُعمِي البصيرة ويعدم الحِكمة، ويفتح أبواب مخازن الكراهية والبغضاء التي تملأ صدور معظم السودانيين، أمَّا أصالة أو إكتساباً، من باب لكُلِّ فعلٍ ردّ فعل، وكاتب المقال بعد أن أوضح وأوصل فكرته، يدعوكم لتعلوا ظهره بسياط غلِكم غير آبهين، وهو الذي ظَلَّ يعفو، كل ليلةٍ قبل أن ينامَ، عمّن ظلمه.
    أقول للمتماهين هَوَيِياً(المتماهي هو الذي يغير هويته) من عربان السودان أن المتماهي ثقافيا وهويياً (من هوية) لا يُبدِع ولا ينتج أبداً، لماذا؟ لأن المتاهين لا يدخلون في منظومة الإبداع لدي تلك المجموعة المنتمون إليها لأنهم يقضون جلّ وقتهم في التشبه والتقليد من الأصل، فيعطلون بذلك مَلَكَة الإبداع التي تأتي من الانسجام والتصالح مع النفس والبيئة، وينتج أبناء هؤلاء هويات منحرفة، فالشخص القويم هويياً هو الذي يحكم علي نفسه علي ضوء الطريقة التي يعتقد أنّ الآخرين يحكمون عليه. لذا تتضائل عوامل الانتاج الفني خصوصاً لدي السودانيين المستعربين(الذين لا يتفاعلون مع بقية الثقافات السودانية) من غناء ومسرح وكوميديا وسينما.. ألخ، فيدخلون في محورين، الأول هو: التبعية والتقليد من أصل الأصل فتكثر بذلك شغف مشاهدة القنوات والبرامج ذات الأصول العربية. أمّا المحور الثاني فهو: محاولة انتاج فني ضئيل ومنبوذ وغير منسجم، فيظهر ذلك جلياً في الأغاني الهابطة والبرامج المنفِرة.
    في ورقة قيِّمة بعنوان:مشكلة الهوية في شمال السودان إعداد الأستاذ/ مبارك عبد الرحمن أحمد (2009) جاء ما يلي حول عوامل أزمة الهوية في شمال السودان:
    أولاً: هناك تناقض بين تصور الشماليون لذواتهم، وتصورات الآخرين لهم. فالشماليون يفكرون في أنفسهم كعرب، ولكن العرب الآخرين لهم رأي آخر، فتجربة الشماليين في العالم العربي، وخاصة في دول الخليج، أثبتت لهم بما لا يدع مجالاً للشك، أن العرب لا يعتبرونهمم عرباً حقاً، بل يعتبرونهم عبيداً. وقد تعرض كل شمالي تقريباً للتجربة المريرة بمخاطبته كعبد.
    يمثل عرب الشرق الأوسط، وخاصة عرب الجزيرة العربية، والهلال الخصيب، لبَاب الهوية العربية التي تهفو إليها أفئدة الشماليين السودانيين. "فهؤلاء العرب الأقحاح" يحتلون مركز هذه الهوِّية، ويتمتعون بصلاحيات إضفاء الشرعية أو سحبها من إدعاءات الهامش. ويمثل الشماليون السودانيون من الجانب الآخر، الدائرة الخارجية من الهوية العربية، ويحتلون الهامش ويتطلعون إلي إدنائهم للمركز، كعلامة من علامات الإعتراف.
    وكما قال شارلس تيلور:"يمكن أن يلحق بالشخص أو المجموعة من الناس، أذي حقيقي، وتشويه حقيقي، إذا عكس لهم المجتمع الذي حولهم، صورة عن أنفسهم، تنطوي علي الحصر والحط من الكرامة والإحتقار". وقد كان المركز العربي أبعد ما يكون عن الإعتراف بالشماليين السودانيين عندما سماهم "عبيداً".
    فإشكال الهوية في السودان أمره عجب، ياتي "عُرباننا" هولاء الذين لا ولم ولن يأتوا من الجزيرة العربية بصكوك تثبت أنهم عرب، بل (تحت تحت بسمعوا في السعودية والخليج نعت عبيد عديل) يعودون من هناك ليسومُونَنا نحن السكان الأصليون indigenous سوء العذاب ويشتموننا عبيداً إنتقاماً، ويقرأون علي مسامِعنا(علي مستوي الرئيس)أشعار المتنبي في الملك النوبي كافور لمَّا يئس المتنبي من نيل ما يأمل من عطاء كافور، فتتحرك في دواخل المتنبي الغِل والكراهية لكافور.. كما أن عُربان السودان الذين ينظر إليهم (أعراب) الجزيرة العربية (عبيداً) يأتو لـ (يتسدوا فينا نحن) ما عانوه من الذين يتماهون فيهم من عُربَان الحجاز والهلال الخصيب!! هذا ظُلم.
    ماذا جنينا غير أنَّ أجدادكم أتوا هذه البلاد (عزَّابَة) فزوجناهم خِيرة بنات السودان فأنجبوكم فتنكرتم لأمهاتكم وأخوالكم في حجودٍ هالكٍ مُهلِك !! ألا يعرف عُربان السودان أنَّ الجنَّة تحت أقدام الأمهات؟ أو لم يسمعوا المثل المُفعم بالحِنِّية: الخال والِد. والغريبة أننِي سمِعتُ أن أحدَ كبرائِهم كان يضرب أمّْه !! من أين أتي هؤلاء؟؟
    (نواصل)


    بريمة
                  

08-08-2015, 07:24 AM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد العزيز سام (حركة الزغاوة جناح مناوى) .. (Re: بريمة محمد)


    لن أورد أكثر من هذه المقالات .. فهى وحدها أغرقت البوست بالكفاية ..

    ونبدأ سؤالي لهذا المتمرد: هل ما يطرحه هنا .. بحق وحقيقة يساعد فى بناء وطن سودانى يتسامح فيه أهله ويتساموا فوق جراحهم المثخنة بسبب الحروب؟

    وجاييكم بكرة بإذن الله ..

    بريمة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de