رسالة الشاعر صلاح احمد ابراهيم للرئيس البشير

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 03:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-22-2015, 12:33 PM

عمار محمد ادم
<aعمار محمد ادم
تاريخ التسجيل: 07-01-2009
مجموع المشاركات: 2160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رسالة الشاعر صلاح احمد ابراهيم للرئيس البشير

    11:33 AM Jul, 22 2015
    سودانيز اون لاين
    عمار محمد ادم-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخ الفريق عمر حسن أحمد البشير رئيس مجلس الإنقاذ الوطنى – الخرطوم
    تحية طيبة واحتراما وبعد ....
    أرجو أن أتقدم لك وللأخ الكريم نائبك بالشكر لما استقبلتمانى به من حفاوة وتقدير وتواضع وأدب جم بما جعلنى ألهج بالثناء عليه كلما وافت مناسبة.
    واستطرادا للأفكار التى طرحتها فى لقرائنا الأول، ووفاء بوعدى بتقديم مقترحات مكتوبة فى لقاء ثان لم يكتب له أن يتم، شاكرا لكم تحديد موعد فى جدولك الزدحم ومن على بابك وما بين يديك كثير.
    هأنا- طمعا فى إصغائكم الصبور، ولما رجوته منكم من سعة صدر وحلم، بحيث لا تؤخذ كلماتى إلا على أفضل مأخذ من إخلاص وصدق ومحبة وإخاء ورغبة فى المساعدة، وإن لم تسركم فليس المراد أن أسركم بأن أغشكم ثم ليس قصدى أبدا التقليل من شأنكم أو الإهانة أو الاستهانة حاشاكم وحاشاي.
    أتقدم إليكم بهذه الأفكار والمقترحات، محاولة للتوصل إلى مخرج صدق من صدام هو فى نظرى آت آت، مع جزء من الشعب أو جزء من الجيش أو تحالف من هذين، صدام لا ضرورة له ولا جدوى فيه، على أنه سيكون هذه المرة مريرا والطائفتان فى النار- إذا على ماذا؟ وهذا سواء تم اقتسام السلطة مع جون قرنق أم لم يتم، ولا أظن- لمعرفتى بمكر جون قرنق وبعد طموحه- سيتم.
    هذه الأفكار والمقترحات ربما كانت هي التى حدت بكم لدعوتى للقائكم ولكنها بالتأكيد هي حدت بى لتلبية دعوتكم الكريمة، رغم نظرة سوء وريبة من يعضهم لأننى فعلت حيث ما كان ينبغى لى فى نظرهم أن أفعل، وما همنى من يرضى أو يأبى إذا كان ضميرى بوصلتى، والله وحده من أرجو وأخاف.
    إن فى تصرف أم الطفل الحقيقية – صاحبة الوجعة- فى قصة عدالة سليمان الحكيم حين قضى بإعطاء نصف الطفل المتنازع عليه، لكا واحدة من الامرأتين المتنازعتين عليه، إشارة لنا بما ينبغى أن نفعل فى مثل هذه المواقف وهدا ما جئت أسعى به لمن فى يده مقاليد الحكم الآن، ولمن ينازعه عليها بحق أو بغير حق من هذا أو من ذاك لا يهم.
    أرجو أن تجد من الوقت والصبر وسعة الصدر ما يجعلك تقرأ كلماتى حتى الآخر، فلعل فهيا ما يحقن دما، وما ينبه غافلا، وما يجنب فتنة، وما يؤلف بين قلوب "فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". ولعل فيها ما سيبرهن على أنه خطوة عملية فى طريق الحكمة والواقعية والرشد، فالتاريخ يلاحظ ويدون، ومصائر الأمم ليس تعلما من خلال الوظيفة، ولا ارتجالا دون تحسب العواقب، وفى جميع الحالات الله هو المطلع على الأفئدة، "والدى عرض الأمانة على الأرض والسموات والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا"....
    صلاح أحمد إبراهيم :
    أهم الشروط لإعطاء جدوى لمصالحة وطنية كبرى:
    استطراد إذن لما طرحته فى مقابلتى معك أيها الأخ الكريم بحضور نائبك الأخ الموقر"الزبير" ولكيلا لا أطيل بالتكرار، أرجو تبيان الآتى:

    (أ‌) السلام الزئبقى المستحيل:
    (1) تنطلق الخرطوم –أيا كانت الحكومة التى فيها- من منطلق خاطئ حيال جون قرنق ولكأنها تصرفات "غردون" حيال "المهدى" فى حالتى دعوة المهدى للسلم أو قتاله معه (وشتان بين ثائر حقيقي وبطل قومى من جهة، وبين ثائر مزيف من جهة أخرى هو مجرد بيدق فى يد قوى أجنبية تكيد لوطننا وتعمل على تغيير ملامحه لضمان مصالحها فيه على المدى البعيد). هذا المنطلق الخطئ هو أنها –حكومة الخرطوم، سواء جاءت عن طريق الصوت الانتخابى أو البندقية- تمثل الشرعية بينما يمثل الطرف الآخر "الخروج على الشرعية" ، يمثل " التمرد". هكذا تبدأ مخاطبتها له، "من فوق"، تارة بدعوته للتفاوض معها "دون شروط مسبقة"، وتارة بدعوته "لإلقاء السلاح" دون أن تلقيه هي إذ تعتبر نفسها "الشرعية" مجسدة، وتارة ثالثة بوعده "بالعفو العام عنه". بينما فى تعاليها وتوهمها هذا، يظل هو يهزمها يوما بعد يوم ويكتسب أرضا جديدة ويفتح جبهة جديدة. أمر مخيف بحق ولكنه حقيقى.

    (2) أما رده على ما تسميه حكومات الخرطوم المتعاقبة " مبادرات السلام " و " مساعي السلام " فهو التظاهر بالقبول مع تذييل قبوله بشروط تعجيزية مشبعة باحتقار واضح أو مغفل . ثم يذكر داعية السلام بأن شرعيته هو نفسه مشكوك فيها ‘ فهي إما جزئية أو قائمة أساس خاطئ ‘ أو لا يزيد على ما لحركته المتمردة من شرعية سوى أن حركته كانت أسبق للتمرد بالإضافة إلى كونها أوسع تأييدا ، وربما احتراما بحيث تمتد إلى الخرطوم نفسها سواء على شكل شخصيات مؤيدة وتنظيمات حليفة ، أو على شكل طابور خامس من العيون والأيادي الجاهزة للعمل في أية لحظة . أمر مخيف بحق ولكنه حقيقي .
    (3) وحيث إن ميزان القوى بينه وبين حكومة الخرطوم ، هو الذي يحكم حاجة جون قرنق إلى السلام أو إلى استئناف الحرب ، أو إلى استبقاء حالة " لا حرب ولا سلم " الواضح أن حكومات الخرطوم ( كما هي كل حكومة تواجه حرب عصبات من جهة ، وتذمر شعبها بسبب معاناته اليومية المتفاقمة وعجزها عن تلبية مطالبه بحجة تكاليف الحرب الباهظة ) هي التي في مأزق – لا هو . هي التي في لهفة السلام – لا هو . هي التي تتكبد قواتها الهزائم والعار – لا هو . هي التي أخذ مموّلوها ومصادر دعمها الاقتصادي والعسكري يمولونها ويتناقصون وينقصون من دعمهم - على عكس ما هو حادث له وهي التي بدأت صورتها في الخارج تهتز بشدة دبلوماسيا وإعلاميا بعكس التي أخذت تبدو على أفضل حال ، ومعسكره يعكس معسكر التماس والازدياد واحتمالات النصر وإمساك المبادرة ، لا معسكرها المنقسم الإدارة بين سلم وحرب ، المشتت الأهواء بين حكومة ومعارضة ، المزنوق بين مطالب متصاعدة لا تلبي وبين إمكانات هابطة ومتردية باضطراب . أمر مخيف بحق . ولكنه حقيقي .
    (4) سمة حكومات الخرطوم دائما هي حالة التخبط المستمر والاضطرار والدفاع المستيئس عن النفس والرثاثة . وهي التي عليها أن تبرهن لمن تريد منه عونا أو قرضا في الغرب براءتها ومرونتها وتنازلاتها – لاجون قرنق . وهي التي عليها أن تتفهم بعد , طريقة تفكيره وعمله وكيفية التعامل معه ووضع خطة بإزائه –لا هو . وهي التي تشن حربها العسكرية والإعلامية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية بأدوات صدئة وخربة ,وبخزانة خاوية ومدينة ، وبحلفاء يزدادون ضجرا منها يوما بعد يوم ، ويمدون جسورهم له ، ينصحونها بالإسراع والاجتهاد في إيجاد تسوية بأي ثمن – لا هو . وهي التي تعمل بعنصر بشرى ثقته في نفسه وفي قياداته وفي قدرته على شن الحرب . وفي إيمانه بحاضر السودان ومستقبله في تناقص يوما بعد يوم . أمر مخيف بحق . ولكنه حقيقي .
    رحيل عصفور أم درمان
    (5 ) قرنق يعرف أعداءه تماما . يعرف أسرارهم جميعا ويعرف نقاط ضعفهم . لا يعترف بشرعية لهم سواء جاءوا عن طريق الانتخابات أو الانقلابات . ولكنهم لا يعرفون عنه كثير شيء . جواسيسه وأعوانه منهم وفيهم وفي كل مكان ومرفق في الدولة ، وهم لا جواسيس لهم عنده ، على الأقل بالصورة الفعالة . هو يعرف طريقة تفكيرهم –أو عدم تفكيرهم– ونواياهم ، وهم لا يعرفون عنه شيئا في الصميم . حكام الخرطوم يتغيرون ويبدأ كل واحد منهم من الصفر ، ويقوم بنصيبه في تفصية ضباط الجيش المدربين الذين عليهم مواجهة الموقف ، وذلك لضمان أمنه واستمراره في الحكم ، وليس في أغلب الأحيان للمصلحة الوطنية . ضباط جيشنا الحقيقي أرباب معاشات ومرتزقة في الخليج ، وتجار بالعمولة ، ومقاولون . فانظر كم أنفق شعبنا على تأهيلهم سدى ، وهل يكتب نصر لبلد هذا شأنها ؟
    وجون قرنق يملك مستشارين عالمين وباحثين ومخططين ومفكرين ، وقادة الخرطوم – أيا كانوا – يرتجلون المعرفة والقرار ،" رزق اليوم باليوم " ، لا يعتمدون على دراسات لها عمقها إحاطتها ، أو مشورة لها جدواها ونفاذها ، بل وهم أحيانا " لحم رأس " فكيف بإمكانهم كسب حرب بهذه الصورة المزرية ؟ إن أفضل ما تتوصل إليه حكومة في الخرطوم من الحلول ، وهو " الحفاظ على الوضع القائم كما هو " . ولكنه ليس بحل قط ، فبه تستمر الحرب على صورة استنزاف في الموارد وفي المعنويات ، بما يفتح أبواب التذمر المدني في جبهة جيشها الخليفة . أما جون قرنق فلا استنزاف لديه ولا تذمر مدني . فلماذا عجلته لإيجاد تسوية لا يجد منها إلا نصف ما يريد . الثمرة بدأت في النضوج – في نظره – فلماذا لا ينتظرها تقع على طرفه كلها بدل أن يتكرم عليه متكرم بقضمة ؟ حالة " لا حرب ولاسلم " تخدمه تماما . فهي تجعل حكومة الخرطوم في مواجهة مع شعبها في حرب مطلبية لا قدرة لها عليه ، موجهة خلال ذلك أجهزة أمنها بذلك ضده سواء جاءت بانتخابات أو بانقلاب ، وذلك في صراع بين الدولة والنقابات ، بين الحكومة وشتى قطاعات العاملين والمتعاملين ، صراع هو رصيد مجاني لجون قرنق ، يوهن عدوه ويوهن العدو به نفسه ، ويوجه بندقية الدولة ودبابات الدولة إلى الشعب الذي تدعي حكومته أنها تمثله – هي لا جون قرنق . أمر مخيف بحق . ولكنه حقيقي .
    (6) السلام ليس فى صالح حركة قرنق إلا بمقدار ما هو مطية لإحراج الخرطوم ولكسب الوقت لإضعافها. وما يهم قرنق هو ما يدفع به للأمام –لا السلام بحق ذاته ، ولا ما فيه مصلحة حكام الخرطوم ، ولا ما فيه مصلحة الشعب بعد أن ضحى سلفا بشعب الجنوب بقسوة متناهية- شعبه هو. ما يريده هو السلطة الكاملة فى الخرطوم ، دون شراكة أو اقتسام ، السلطة المطلقة ، لا أقل. أن يكون أول حاكم جنوبى للسودان كله (تصريح قديم للهيرالد تربيون). لقد بدأت الرياح تجرى لمصلحته تماما وبدأ التخاذل يدب فى أوصال حكام الخرطوم حيث لا بديل أمامهم غير مصالحته ، هم يعرفون ذلك وهو يعرف ذلك وهو الذى يختار ولا مصلحة له فى اختيار ما ينقذهم. وكما قال المتنبى : "كل حلم أتى بغير اقتدار ، حجة لاجئ إليها اللئام". والحلم هنا هو الدعوة لسلام دون القدرة على الصمود فى الحرب والصبر عليها. قرنق يعرف ذلك ويستخدمه بمهارة. وهو بانتظار تسليمه السلطة فى الوقت المناسب بالحرب أو الحيلة. هذا ما لا يحتاج إلى برلمان أو مؤتمر حوار ، لاستنتاجه وكل شيء يقرب إليها. إنها الكتابة التى تبدو على الجدار واضحة لمن له معرفة بالتاريخ أو المنطق. وإذا لم يتضح ذلك لقادة الشمال حتى الآن فسوف يتضح لهم غدا. لقد تحول مدفع الدبابة من اتجاهه إلى قلب الخرطوم ، وصار الضابط المقاتل حارسا لمداخل الخرطوم وقاضيا وسياسيا ومحاربا للحزبية وللفساد وحاكما لإقليم ولم يعد فى مواجهته على ساحة الوغى. أمر مخيف بحق ، ولكنه حقيقى
    صلاح أحمد إبراهيم
    (7) واهم إذن من يعتقد أن جون قرنق الذى رفض احترام برلمان أتى بانتخابات شهد على سلامتها وديمقراطيتها الإعلام العالمى وممثلو الدول الأجنبية ، انتخابات جاءت عقب انتفاضة شعبية عارمة لاسترجاع الديمقراطية ، سيحترم مؤتمر حوار اختارته حسب تقديرها حكومة جديدة فى الخرطوم ، استلئمت السلطة بالبندقية. حكومة وضعت قادة الأحزاب الممثلة فى ذلك البرلمان ، وقادة النقابات الذين أتوا عن طريق انتخابات حرة ، فى السجن بدون محاكمات حتى الآن. لا لشيء إلا أنهم كذلك: سياسيون ونقابيون. ولماذا يحترمه ويحترم توصياته جون قرنق –مع احترامى- وقد رفض حتى إرسال مراقبين عنه إليه؟ من حق كل جهة أن تنسب لنفسها الشرعية وتأييد الشعب والتفافه ، ولكنه سيبقى تصورا ذاتيا فى نظر غيرها فى الداخل والحارج ، ما لم يتم إخضاع ذلك التصور الذاتى للمقاييس المتعارف عليها أو المرتضاة.
    ( وللغرب –ولا يمكن البتة التغاضى عنه- مقاييس محددة للشرعية وللقبول الشعبى شئنا أم أبينا. والغرب –إذا أخذنا فرنسا مثالا عليه ، وكما توصلت إليه من تحرياتى لدى مسؤولين- يرى بكل صراحة أن ثورة الإنقاذ لا تجد التأييد من أقسام مهمة فى الشعب والجيش ، وتلاحظ أن الذين قاموا بها لا يزالون يتولون حراستها حيث لا تملك أن تضمن ولاء غيرهم ، وترى أنها تمثل الجانب الإسلامى وحسب ، بل إن سبعة من أعضاء قادتها إسلاميون متشددون فلا بد من مواجهة شديدة فى النهاية ، وإن الغرب لن يمد لها يده بعون محسوس ، وإن عون البلاد العربية كالسعودية وغيرها مجرد مسكنات لمريض تريحه من وقت لآخر ولكنها لن تشفيه ، وإن الذى سبق وتحمس لها لا يريد أن يتورط معها بأكثر مما فعل ، وإن العناصر التي أحست بأنها خدعت في القوات المسلحة لابد لها من أن تنتهز أول فرصة للحركة ، وأخيرا أن عمرها لن يتعدى هذه السنة في تقدير بعضهم في الغرب نقلا عن استنتاجات سفاراتهم . وهو رأي لا يخص فرنسا وحدها ، بل يعكسه الإعلام الغربي المؤثر ، والإعلام العربي – وحتى الإعلام المصري الرسمي الذي أخذ في التراجع والخفوت . ولا بد أ ن سفارات السودان في الخارج تعكس هذه الصورة القاتمة ، وما يكتب عنكم هو في الواقع حقيقة مقداركم لديهم ، فلا بد إذا من عمل سريع ، عمل لتغيير الأوضاع جذريا ، عمل يبعد المنافقين وأهل اللسان الحلو ، وتصوير الواقع في أحسن صوره إخفاء الحقيقة المزعجة ، حتى يمكن تفادي التنبؤات القاتمة وبالإمكان ذلك . وهذا هو هدف هذا التقرير ، حيث لا بد من المبادرة المذكورة فيه لإحداث الاختراق المطلوب دون حاجة لتناحر وتنافر وما هو أسوأ .
    (9) فالسلام سيبقى زئبقيا مستحيلا طالما كانت المساعي الجادة نحوه من جانب واحد فقط. ونتيجة اضطرار وضغوط لا نتيجة حكمة وحلم وتكرم ، ثم جاءت بلا قوة وقدرة تفرض تلك الإدارة المخلصة لإحداث التصالح وإقامة السلام. من هذه الحقيقة ينبغى الانطلاق. وما يغرر هذا المنطق موقف الجبهة الشعبية لتحرير السودان –"تحرير السودان" لمن يتذكر- كما جاء فى منشوراتها. فما هو موقفها هذا؟

    (ب) هدف الجبهة الشعبية ومنظورها لجهود السلام والتسوية
    (1) "تحرير" السودان بأكمله. ممن؟
    من "عنصر" أقلية يحكم السودان بغير وجه حق لا عدديا ولا تاريخيا. بهذا فهي لا تريد فتح ملف السودان من عبدالله جماع وعمارة دنقس بل منذ ما قبل "بعنخى" اعتمادا على التزوير التاريخى والعددى. فالشعب الذى كان يحكم أثيوبيا القديمة ، دولة كوش وما آلت إليه ، هو شعب النوبة الذى ارتضى التآخى والتناسل والتعايش مع العرب الذين فعلوا ذات الشيء مع أهل الشرق والغرب فى السودان وصاروا جمعا أغلبية فى داخل السودان اليوم ، هذا إذا تغاضينا عن دعوى قومية من أهل الجنوب بانتساب إلى قبائل الشمال. ومهما يكن الأمر ، فهذا بعض مقصود الجبهة الشعبية لمصطلحها الجوهرى "تحرير السودان". فهو تحرير "قومى" أو بل "عنصرى".
    والتحرير الثانى تحرير "طبقى" ، وهكذا تزعم أقوالها لا أفعالها ، تعنى به كسر التحالف "النيوكولونيالى" بين طبقة متميزة فى الخرطوم والغرب. بكلماتها "إنهاء التحالف غير المقدس الذى دان فى شكل الميمنة النيوكولونيالى لعلاقات التبعية الاقتصادية التى أتى بها الحكم الاستعمارى" – وثيقتها ، "شكل صيد للسودان" من وثائق ندوة "البيرقن" وبالتالى تحريره من جيس السودان "الرجعى" كما وصفته منصفه.

    (2) ما هو رأي جون قرنق وأتباعه من جنوبيين وشماليين فى الجيش الذى ......... ضباط منه لاستلام مقاليد السلطة مزمعين القيام بجهود سلام التسوية معه ويعتبرون ذلك التزامهم فى الحل حيث فشلت الحكومة المدنية فى ........ ، حكومة ائتلاف الأحزاب؟
    تقول الجبهة الشعبية: " إن هيئة الضباط عموما ، والقواد العسكريين بخاصة ، يكادون يكونون معا مستمدين من طغمة الأغلبية لكلمة الميسورة صاحبة الامتيازات ...... المجتمع المتصلة بهم. إن مصالح وطموحات الشرائح العليا فى المؤسسة العسكرية متطابقة مع مصالح الطغمة الحاكمة ومتعارضة تماما مع جمهرة أفراد الرتب الدنيا فى الجيش" وترى أن العسكريين "تدخلوا ولا يزالون مستمرين فى التدخل فى السياسة. شهيتهم للسياسة لم تغب فى الحقيقة عن بال الطغمة الحاكمة التى استمرت منذ اليوم الأول تتحرك لتأمين مساندة الجيش بتحويله إلى مؤسسة نخبوية مصالحها لا تنفصل عن مصير السادة"- نفس الوثيقة المشار إليها.
    وهكذا لجون قرنق تعريف واضح لضباط جيشنا وليس لضباط جيشنا تعريف واضح له. لهذا يعرف ما سيفعله بهم ، ولا يعرفون هم ماذا يفعلون به.
    (3) إذن ، لا السلطة الجديدة التى جاء بها تحرك جزء من هذه المؤسسة العسكرية التى تحتقرها –كما أوضحنا- وتعاديها وتنوى إنهاءها حركة جون قرنق ، ولا مؤتمر حوار السلام الذى تنظمه الآن هذه السلطة الجديدة التى تنظر إليها حركة جون قرنق نفسها نظرتها إلى المؤسسة التى انبثقت منها هذه السلطة الجديدة ، بإمكان أي منهما تحقيق ما عجزت عن تحقيقه الحكومات السابقة ، لأنه يحتقر هذه السلطة الجديدة ولا يعترف لها بشرعية ، ويحتقر تركيبتها ويحتقر المصدر الذى انحدرت منه- طبقيا كان أم عنصريا.
    (4) تنهى الحركة الشعبية موقفها الاستراتيجى الراسخ والتزامها الأيدلوجى والعنصرى بقرار رهيب إذا لم تضعه كل حكومة فى الخرطوم نصب عينيها فإنها تتحرك خبط عشواء ، ألا وهو : "هذه الحالة لا يمكن استمرارها ويجب إنهاؤها".
    فالأمر ليس اقتسام سلطة شمال وجنوب ، أو بين سلطة دولة فى الشمال وعصابات تمرد فى الجنوب أو على الحدود ، وليس توزيع ثروات واختصاصات ، وليس قضية "شرعية" و "عصيان" ، ولا هو مسألة سلام وطنى دائم أو تسوية سياسية قومية كبرى بل هو ببساطة فى نظر الجبهة الشعبية "ثورة" شاملة وحقيقة تقلب عاليها سافلها. ولا يعرف جدية هذا الموقف وخطورته إلا من يقارنه فى جوانب شكلية وليس من حيث المضمون الثورى ، فالقياس إذن مع الفارق النوعى الكبير ، بالسلام الذى أبرمت اتفاقية بشأنه فى باريس خلال مستهل السبعينيات بين كيسنجر والمفاوض الفيتنامى "لى دوك ثو" رفض هذا نصفه من جائزة نوبل للسلام لأنه اعتبر تلك الاتفاقية اتفاقا مرحليا وحسب. فالسلام لا يحل فى نظره إلا بسقوط "سايجون". وبالفعل سقطت. هكذا السلام لا يحل فى نظر جون قرنق إلا بسقوط الخرطوم ، الأمر الذى يستبعده الجميع على أنه مستحيل ، وما دروا أن مستحيل اليوم قد يكون ممكن الغد. المسألة فى نظر جون قرنق مسألة وقت. من الذى يصح من العضة أولا.
    صلاح أحمد إبراهيم
    (5) الوصول لهذا الهدف الاستراتيجى ، تلجأ الجبهة الشعبية إلى تظاهر بقبول الدعوة للسلام ، إلى قبول تكتيكى لمساعى السلام بغرض التمويه لاكتساب سمعة بالمرونة ولإشاعة الفتنة والفرقة فى صفوف العدو فى الخرطوم ، لجعله يتخلى عن يقظته واستعداده ولإشاعة الربكة فى الجبهة الخلفية ، وللتشويش على المقاتل فى الجبهة الأمامية ، وطعنه فى صميم تصميمه وروحه المعنوية وثقته فى قيادته ، وتشكيكه فى جدوى القتال وجدى الصمود وجدوى الاستبسال والشهادة والمسألة لا تتعدى مسألة وقت وهي مجرد مشاجرة بين الإخوة على التركة لا أكثر ، يا للحماقة.
    والآن تكتسب حركة قرنق ، بتظاهرها بالسعي للسلام وقبول المبادرات الخاصة به هادفة لتفتيت عدوها بالتقسيط ، تكسب فى نظر العالم الخارجى ونظر قسم له اعتباره من شعبنا صفة كونها المدافعة عن الديمقراطية وعن حريات الشعب حتى فى الشمال ، وعن حقوق الإنسان وعن العلمانية فى وجه الهوس الدينى الإسلامى وعن الحكم المدنى وحكم القانون.
    هذا ما يلى على حكومات الغرب –وهي بدون ذلك لا تحتاج إلى حفز- بأن تفكر كثيرا فى التعامل مع الحكم القائم فى الخرطوم الآن ، فقد صارت الليبرالية هي كلمة السر للمرور إلى الصداقة والعون والتفاهم معها مظهريا ، ناهيك عن التعاطف الأصلى سرا وعلانية. إن موقف الغرب من البلاد الاشتراكية جدير بالتأمل فى هذا الصدد.
    (6) هذا ، ولدى الحركة الشعبية مخطط جاهز ، ومعلن عنه ، لكيفية الإطاحة بأية حكومة فى الخرطوم. جاهز ومعلن عنه لكيفية إسقاط السلطة فى الخركوم وفى النهاية فى الخرطوم. إسقاط السلطة المنتخبة ديمقراطيا ، وأكثر من ذلك السلطة المتوصل إليها عسكريا الآن. هذا المخطط توجزه العبارة الآتية مستعدة من نفس المصدر المذكورة أعلاه:
    "أظهرت تطورات السنوات الخمس ونصف السنة الماضية ، بأن حكومة الخرطوم أكثر ما تكون عليه هشاشة وانكشافا ، عند ما تواجه معارضة مترادفة على الجبهتين : السياسية والعسكرية. ومن ثم ، فإن الجمع بطريقة واعية بين العمل السياسى الجماهيرى والصراع المسلح ، لا غنى عنه لانتصار الثورة فى السودان".
    أي انتصار الجبهة الشعبية ، و فى السودان قاطبة لا جنوبه فحسب. ويستطردون :"فى هذا الصدد ، فإن تكوين تحالف وطنى ديمقراطى عريض القاعدة كإطار للمزح بين الصراع المسلح والعمل السياسى الجماهيرى يظهر كقضية جديرة بالاعتبار". وهكذا ... لمن تدق الأجراس .
    هذا هو طريق السلام الدائم فى نظرهم وبكلماتهم ، وكما يعكسه الواقع على ساحة العمل اليومى ، وليس مبادرات السلام الخرطومية التى تتوهمها خبط عشواء حكومات الخرطوم المتعاقبة وإن أعدى أعداء الإنسان ، هو... التوهم ، واستبداد الحقيقة الموضوعية بالأمانى الذاتية وتؤخر أسهل الطرق.
    فمن يظن أنه محقق سلاما ...... الجبهة الشعبية خارج نطاق تصورات الأيدولوجية ومخططاتها وبالرغم من رجحان الميزان العسكرى والدبلوماسى والسياسى والمعنوى لغير صالحه رجحانا لا جدال فيه ، دون تقديم مسببات معقولة لظنه هذا ، واهم هو نفسه موهم لغيره.
    (7) هذا التحالف الذى تصورته الجبهة بوضوح تام بدأ سلفا فى التشكيل. وقرنق عن طريق تصريحاته وإذاعاته دعا إليه سلفا ويستعد لكي يكون قائده. لقد اكتسب حلفاء جدد بالمجان. وهو يستعد يكون قائد الانتفاضة المقبلة والمخطط لها فى أدبيات حركته ، والتى أعلن أنه سيدعو شعب السودان إليها ، والتى يتوهم أنه سيدخل هذه المرة بها. هذا بينما ترى السلطة الجديدة أنها ستحل قضية الحرب الأهلية وتحقق السلام عن طريق المؤتمر الذى دعت إليه فى الخرطوم وقاطعه جون قرنق فمن أين التفاؤل؟

    إذن يحاول جون قرنق الالتفاف من حول حكومة الخرطوم الجديدة ليصل إلى قوى سياسية واجتماعية لها ما يدعوها للتذمر ، لصياغة تحالف معها ، وذلك بدعوته إلى إطلاق السجناء والمعتقلين من سياسيين ونقابيين ، وبتساؤله عن مدى شرعية السلطة الجديدة ، وعن الفرق بين خروج قادة السلطة الجديدة على الشرعية الانتخابية السابقة لها ، وخروجه هو بالأقدمية ، وكذلك بندواته التى عكستها وسائل الإعلام العربى والغربى بما أظهره وكأنه المدافع عن حقوق الأنسان السودانى، الحامى للديقراطية بما يرشحه موضوعيا حليفا للمعارضة الصامتة التى الآن فى الشمال بلا قائد. وعما قليل تنطبق الكماشة التى تصورتها حركته: تصعيد للحرب فى الجنوب وفى حاضرتى السودان الأوسط شرقا وغربا من جهة ، وتصعيد العمل المعارض فى الشمال فى شتى صوره الممكنة ابتداء بعدم التعاون الصامت ، والتذمر ، وتخفيض الإنتاجية وربما التخريب ، وفى النهاية الانتفاضة العارمة مهما كانت شراسة الإجراءات القمعية التى لا بد أن تتحول إلى مواجهة دموية كما أومأ إلى ذلك الأخ "ايدام" عند لقائه بالسودانيين فى المملكة المغربية.
    كل ذلك يصب فى احتياطى جون قرنق ويقربه من هدفه البعيد.
    ( مما يساعده أيضا ما قر فى الأذهان بأن السلطة الجديدة تمثل الاتجاه الإسلامى (رغم صدور نفي بذلك ، ولكن طبيعة التعيينات التى تمت والمصطلح المستخدم والشائعات الدائرة إلى آخره ، تنفى عمليا هذا النفي الصادر) وأنها عازمة على تطبيق الشريعة الإسلامية ، فلا بد إذن من إعلام حثيث ، ويؤسفنى أن الإعلام داخليا وخارجيا لا وجود له ولا قيمة ولا جدوى. إنه إعلام غائب أو غائم أو غبي رغم أن جون قرنق بالمقابل يعمل بإعلام له حضوره ووضوحه وحصافته فهو إعلام واصل.
    المعروف فى الإسلام أن المريض ترفع عنه التكاليف الدينية حتى يتعافى ، والسودان مريض فمن طالبه بالتكاليف الشرعية (أي تنفيذ حكم الإسلام حاليا رغم التمزق الدائر حول ذلك حتى بين المسلمين أنفسهم) فكمن يطالب مشرف على الهلاك بالصوم أو الصلاة. والدين الإسلامى دين عقل ومنطق تبيح فيه الضرورات المحظورات.
    إن موقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديبية جدير بالاقتداء والاستلهام. وموقف خلفائه من بعده. ولا يطالب بالشريعة فى مثل ظروف السودان العصيبة إلا ناوى ضرر بالسودان وبالإسلام ، ومتعجل أحمق يسعى لكي ينقض المسلمون عن إسلامهم وغير المسلمين إلى غيره ، على حين بالإمكان إذا أرجئ الأمر إلى بعد تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية وترك الأمر لخيار الشعب الديمقراطى فيما بعد ، وللمجادلة بالتى هي أحسن ، فبالإمكان أن يتم الله نوره. إن الصليبية العالمية والغرب الطامع الحاقد (الذى يؤسفنى أننا بحاجة إليه ولو مؤقتا فليس من الحكمة استعداؤه) مع إعلام سودانى هزيل لا يشرح ما المراد ، وإعلام إسلامى لا يزيل التوجسات القديمة ولا يجلى حقيقة الإسلام ، وتجربة إسلامية مشوهة بل هي كريكاتور ومسخرة بالإسلام تمثلها قوانين سبتمبر بتطبيقاتها المنافية للعدالة السماوية والوضعية ، كل ذلك يجعل من الضرورى تأخير الأمر إلى ما بعد تنقية الأجواء. إن إرجاء البحث فى موضوع علمانية التشريع السودانى أو إسلاميته يفيد الإسلام والشرع الإسلامى ولا يضره فى شئ مثلما ما لم يضر الإسلام من قبل عدم فرض الشريعة الإسلامية طوال عهود. من هنا يجب تقديم الأهم على المهم ، والتوصل إلى شرع الإسلام –كما فى الحديبية- بما يظهر وكأنه نقيض ذاك والعبرة بالنتائج. أقول هذا من ضمير إسلامى يحرص كل الحرص على مرضاة الله ، ولا متاجرة أو مزايدة أو مغامرة بشرع الله لأغراض دنيوية بمبررات تسلك بالإسلام مسالك ليست فى صالحه.
    صلاح أحمد إبراهيم

    (ﺠ مؤتمر الحوار حول السلام كطريق للسلام:
    (1) إذا كان هذا المؤتمر هو أملنا فى تحقيق السلام ، ثمة ملاحظات رغم ترحيب به كمنبر لتهوية القضية فكريا فى السودان وإن رأى البعض ضرورة توسيع قاعدته التمثيلية. ولكن آخرين يرونه مجرد هيئة استشارية لسلطة تستند فى شرعيتها على

    نفسها وبندقيتها –مع الاعتذار عن صراحتى ، أليس الأمر فى قراراته كذلك ؟ فصلاحيته فى اتخاذ قرار باسم شعب السودان صلاحيات يمكن أن تخضع للتساؤل التالى، والمشاركون فيه يشاركون بصفتهم الشخصية وعن طريق إفادات شخصية ، وإذا كانت السلطة قد التزمت بالعمل بتوصياته فتبرعا منها حيث لا صفة رسمية له.
    (2) رفض جون قرنق هذا المؤتمر ولم يتنازل حتى بإرسال مراقبين عنه ، فمع من يريد هذا المؤتمر أن يتحاور ؟ بل لقد طالب قرنق كشرط أساسى للدخول فى حوار ، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وقادة النقابات ، وتوسيع الحكومة. إذن ستجد السلطة القائمة فى الخرطوم نفسها أمام هذا الجدار الذى لا يمكن لها أن تنفذ إلى ما وراه وهو السلام ، إلا إذا فتحت منه منفذا هو الديمقراطية والانفتاح أو ما هو أشبه بذلك. عليها إذن قبل أن تفعل ذلك خضوعا لإملاءات قرنق أن تفعله مبادرة منها.
    (3) وحتى لو قبل حون قرنق توصيات مؤتمر هذا موقفه منه ، فلا يمكن تنفيذ توصيات مؤتمر الحوار من أجل السلام إلا فى مناخ ديمقراطى.ولا يمكن لقرنق أن يجلس فى مائدة مفاوضات موضوعها الأوحد تحقيق أكبر قدر من الديمقراطية فى السودان مع حكومة عسكرية أصلا ، وصلت للحكم بانقلاب عسكري ، يحكمها ضباط رأي حركته فيهم واضح وغير حميد. لهذا ، على أن تحضر للديمقراطية من الآن فظروف المصالحة المحتملة فى نظرها الآن تختلف عن ظروف اتفاقية أدييس أبابا التى وقعها نميرى مع حوزيف لاقو. فلا حون قرنق سيرضى بديلا عن الديمقراطية فى الخرطوم ، ولا هي باستطاعتها أن تفتي فى مصير الوطن برمته دون تحكيم الشعب الذى تحبسه فى بيوته فى العاشرة مساء كل يوم ، ثم تتوقع تحبيذا من أحد. وتحكيم الشعب دون حريات حقيقية (حتى ولو كان ذلك فى شكل استفتاء) لا يمكن اعتباره هو حكم الشعب. ولا أحسب أن جزءا كبيرا من الشعب سيقبل الاشتراك فيه على هذا النحو. فبدون حوار شعبى ديمقراطى مفتوح فى أهم قضية مصيرية تواجه الشعب لايمكن اعتبارها محليا وعالميا إلا مسخرة.
    (4) ومنطقيا ، أقل مستويات المنطق ، الذى يسعى للتفاهم والحوار مع متمرد حامل بندقية تلطخت يداه بدماء شهداء الواجب وبدماء العز والأبرياء ، والذى يسعى للتفاهم والحوار والاتفاق (مع عفو كامل) مع عدو الشعب والوطن المسؤول عن دمار السودان ومعاناة شعبه والمتحالف مع أعداء السودان وشعبه ، المتسلح منهم لا يمكن أن يستنكف عن حوار مع حامل القلم فى الخرطوم: السياسيين وقادة النقابات والمخالفين وأهل الفكر من المخلفين. لايمكن أن يكون الضرر الذى ألحقه هؤلاء بالوطن –إن كان ثمة ضرر- أكبر مما فعله المدعوون الآن للحوار والتفاهم والاتفاق. وكذلك لا يمكن أن يكون "الفساد" صار ساحة الحرب التى تشغل وسائل الإعلام اليوم هو الجرم الأكبر فى السودان ، أكبر حتى من القتل ورفع السلاح الحديث وإسقاط الطائرات المدنية وتجويع الأطفال واغتصاب النساء مما هناك توثيق كامل له. إذن ، لا بد من وضع الأمور فى نصابها الصحيح.
    (5) ومن ثم ، فإن طريق المصالحة الوطنية الكبرى يمر بلا جدال أو شك عبر مصالحة صغرى تتم فى الشمال. إن الحب أو الكراهية ، والبراءة أو الذنب ، والخلاف أو الاتفاق ، والاحترام أو التحقير ، لا دخل لها فى إنجاز هذه المصالحة التى هي بنت المنطق والضرورة ، إلا بمقدار ما لها فى المصالحة المزمعة مع المتمردين حملة السلاح الذين كرس مؤتمر الحوار من أجل السلام لإيجاد قاعدة للتفاهم معهم والتوصل على حل. من لم يعترف بهذه الحقيقة البسيطة سائر فى طريق التحالف مع العنف ضد شعبه ، وفى طريق تفضيل الحلول القمعية على الوحدة الوطنية ، غير مستوعب لدرس انتفاضتي أكتوبر وأبريل ، وغير مدرك للتحولات الجارية الآن فى العالم وبخاصة البلدان الشيوعية.

    (6) فى النهاية ، سيضع مؤتمر الحوار من أجل السلام تصورات للسلام فى الجنوب ولكنه يكون قد أهمل وضع تصورات للسلام فى الشمال نفسه (على الأقل ، الدكتور فرانسيس دينق أوعز بشئ كهذا فى مداخلاته). لقد انتهزت فرصة وجودى بالعاصمة لتحسس آراء المواطنين من مختلف الاتجاهات ولقد وجدت تمسكا شديدا بالديمقراطية (أي الحقوق النابعة منها) رغم امتهان الأحزاب السياسية لها ، لكن الديمقراطية شئ والأحزاب شئ آخر. الديمقراطية اسما على غير مسمى شئ ، والديمقراطية ممارس حقيقية وحقوقا تعايش وتمارس شئ آخر، قد يكسب مؤتمر الحوار السلطة الجديدة وقتا فى حسبانهم ولكنه لن يحل مشكلاتها الكثيرة المتفاقمة فى الشمال ولن يخف عناء الشعب المتزايد والعناء يدفع إلى اليأس وإلى المغامرات النابعة من اليأس.

    (د) نزع المبادرة من يد قرنق:
    (1) جون قرنق له علاقات دولية بل وأحيانا عربية ، وسمعة دولية إن لم تكن أحيانا عربية ، أفضل بصراحة مما لحكومة السودان بالأمس أو اليوم. وإذا كان وجود منصور خالد ( وزير خارجية السودان الأسبق وهو شمالى ويدعى السلام والله أعلم) وجوده بجانبه تثبيتا للشبهة فى نظر شعبه ، فإن ذلك بالمقابل رأس مال للمتمردين.
    وجون قرنق على عكس ما يتظاهر به من ثوررة وتقدمية واشتراكية (تماما كما تظاهر قبله بذلك من أمثال "جوناس سافيمبى" فى أنغولا ، ثم تكشفوا عن مجرد جواسيس وعملاء ودسائس بعد أن بان المكشوف وسقطت الأقنعة) عدو مبين لشعب السودان ، عدو ذو نوايا انتقامية عنصرية ، ومستبد متسلط من الطراز الأول لا يتفف عن شئ ، ومشوه للحقائق ، ومنكل بالأبرياء ، تدعمه جهات شتى جميعها لا يضمر الخير للسودان ولا لشعبه ولا مناص من استنهاض الشعب بأسره لدحره دحرا يليق بالخطر الذى يمثله مهما كلف ذلك. والمواجهة قادمة قادمة على أية حال ، وستفرض علينا حين يتحتم الدفاع عن الأرض والعرض والحقيقة.
    (2) يمكن القيام بمبادرات سلام تجريب السلام معه جنوحا للسلم. ولكن التوهم بأن المبادرات التى تتخذ والاتفاقيات التى تتم ، سواء بإشرك شخضيات -شمالية أو جنوبية أو معا- ذات نفوذ وخبرة وتأهيل ، أو بإشراك قوى أخرى أو وسطاء آخرين (كارتر ، موسوفينى ، غالى ، هيلى ، مريام ، أوباسانجو إلى آخره) يمكن أن تحترم وشكل الحل النهائى والسلام الدائم فأمر سيفضى بنا قليلا قليلا إلى طريق الخسران. فلا بد من تنبيه الشعب الغافل وتجميعه وتمتين لحمته ، وفصم التحالف المزمع بين حركة جون قرنق وبينه. وعدم السماح لهذه الحركة بخديعته وتنفيذ مخططها الذى أشرنا إليه آنفا. هذا ما لا يمكن إلا بخطة بديلة تحول دون التحالف بين صراع مسلح فى الجنوب ومقاومة مدنية ديمقراطية (حتى ولو فى أدنى الحدود) فى الشمال ، إلا إذا برهنت السلطة الجديدة على قدرتها على كسر قمقم احتكار السلطة ومحاولة قمع المنازعين عليها وتصفيتهم بالقوة ، وإلا بكسر قمقم عزوها الشرعية للنفس ونكرانها على الآخرين ، وبالتالى إلا إذا برهنت على قدرتها على توفير المنبر الذى فيه مكان للجميع بمختلف ميولهم. لو نجحت فى ذلك فإنها بمثل هذه القيادة الحكيمة ستبرهن فعلا لا قولا وحسب بأنها قيادة إنقاذ بحق.
    لا بد إذن من مصالحة فى الشمال تمهيدا. بغير هذه المصالحة فإن قنبلة زمنية ستبقى مزروعة فى قلب الخرطوم لا تنزع فتيلها إجراءات القوة.
    (3) وبدون هذه المصالح فى الشمال وأعنى بها فوق كل شئ مع النقابات أساسا ، لن تستمر لنا مصداقية العمل الجاد لحل قضية المشكل الديمقراطي فى السودان كله، وسيبقى جون قرنق هو صاحب المصداقية. ولا ننسى أن سفراء الدول الغربية وإعلامها يصونون بالإمساك عن مد يد عون له مغزاه ما لم توفر الحريات فى السودان. هذا ومنظمة العفو الدولية بكل آلتها الإعلامية الضخمة قد بدأت فى التحرك سلفا.
    صلاح أحمد إبراهيم
    (4) إن المصالحة الصغرى هي الخطوة الأولى للمصالحة الكبرى. وإن بدأ حوار فى هذا الصدد ، وإيجاد صيغة ملائمة دون العودة بالضرورة لحزبية الماضى فى صورتها النابية تلك ، كما كانت هي عليها وبرهنت بها على إفلاسها وفضت الناس من حولها ، ولكن بما يضمن أكبر قدر من المشاركة الشعبية بما يرضى الشعب على اختلاف منازعه ، (أو أغلبه) وبما يطمئن السلطة الموجودة الآن –من الجهة الأخرى- بأنها قابضة على زمام الحكم الذى عرضت نفسها للخطر من أجله ، أمر ضرورى ، إن الدافع الوطنى الذى لا ينبغى التشكك فيه لهذه السلطة ، وإحساس القوى بامتحان التاريخ لها ، وبمحنة البلد ، ورغبتها الصادقة فى إنقاذ حقيقى ، يمنحنا التفاؤل بإمكانية بدء هذا الحوار المنشود.
    (5) وبهذه المصالحة الحكيمة المدروسة يمكن إعطاء مضمون لمعنى الإنقاذ ومصداقية لقومية ثورة الإنقاذ ، ولكونها "ثورة" حيث الثورة هي التغيير الشامل الجذرى بالشعب وللشعب. يجب دراسة الإنقلابين العسكريين السابقين فى السودان وكيف انتحلا صفة الثورة وانتهيا إلى كونهما مجرد حكمي استبداد كرههما وأطاح بهما الشعب وأدانهما ويدينهما إلى الأبد حكم التاريخ الذى لا يرحم وذاكرة الشعب القوية. وكذلك تجاربنا مع ديمقراطية مشوهة ، قاصرة ، عقيمة فى معظم جوانبها ، ولكن لا غنى عن مقوماتها الأساسية المطلقة (بمعنى ألا يشترط بالضرورة عودتنا إلى النموذج الديكتاتورى الطائفى القديم بوجود أحزاب أنانية برهنت على فشلها وفسادها وضررها وقصورها وخلوها هي نفسها من الديمقراطية).
    (6) وتبقى ذات مغزى كبير تجربتنا المؤسفة مع كل من الخليفة عبدالله ونميرى. كلاهما اعتمد على جهاز أمنى قوي ، وعلى ولاء ودعم قبلى أو حزبى أو فئوى ضيق سلطه على بقية الشعب ، مما قضى على الالتفاف القومى والوحدة الوطنية الشاملة ودمر الاقتصاد وأشاع التذمر وسهل للعدو ابتلاعنا.
    (7) إن الجندى الذى يدافع عن الحرية منتصر ، والمدفوع للدفاع عن القمع والاستبداد مندحر. هذا هو الدرس الذى علمنا إياه أبو التاريخ "هيرودوتس" وهو يبرر لنا انتصار اليونان على الفرس فى "سلاميس".
    ونحن نريد النصر لشعبنا لا الهزيمة ، فلا غنى من اقتناع الشعب بأنه يملك الحرية حقا وعليه أن يدافع عنها. ومن ثم ، لا غنى عن الإجابة عن كافة الأسئلة المطروحة حول ذلك فى أوساطه ، وبأن الإنقاذ حقيقة وليس شعارا ، وأن هناك مكانا لكل مواطن فى الوطن للعمل والأمل ، بما يدفعه للتعاون الكامل والمبادرة فى حماس ، من الضرورى استبعاد خوف الواحد من الآخر ، والتصرف من منطلقات التوجس والاستئثار والتشكك ، وبالإمكان توفير ضمانات حقيقية لاستمرار المصالحة المنشودة إذا كانت هناك حكمة ورغبة وإرادة ، وفى ظنى أنها متوافرة ولكن تحتاج إلى صياغة ملموسة.

    (ﻫ مقترح لشكل ديمقراطى ولكن عملى لتفادى الكارثة:
    (1) ما حدث حدث ، واستلمت طائفة من القوات المسلحة السلطة باسم "ثورة الإنقاذ". لا يمكن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء ، وبخاصة لن يستطيع ذلك من لم يقبل بالسلطة القائمة ومن يعتبرها "انقلابا عسكريا" و "اغتصابا" يدينه ميثاق وقعته والتزمت به جهات سودانية ذات تأثير وسط الشعب ، أو من لم يعتبرها حركة اعتمدت على الاستيلاء على السلطة بالطريقة التى استولت بها على السلطة إلى آخره. ليس من خيار إلا القبول باستمرار السلطة الجديدة ، والواضح أن قسما من الشعب حتى ولو كان صغيرا لا يقبله لأسباب شتى ، أو الإطاحة بهذه السلطة بدءا بالمقاومة السلبية (عدم التعاون ، عدم الاكتراث ، العمل البطئ أو اللاعمل ، التخريب الخفي) وانتهاء بالعصيان المدنى العام والانتفاضة الشعبية دون استبعاد انضمام جانب من الجيش مهما صغر ، هذا بالإضافة إلى عمليات من جون قرنق...
    وفى نظرى أن كلا هذين البديلين غير مقبول تماما ولن يفضي بنا إلى طريق الرشد ، ولا تتحمله هشاشة أوضاعنا الاقتصادية والسياسية والعسكرية. فلا بد من بحث عن حل عملي يرضى جميع الأطراف ، من فى السلطة ومن هو خارجها ، إلى أقصى حد ممكن. ولذا أتقدم بكل احترام بالاقتراح التالى.
    رحيل عصفور أم درمان
    (2) أرى أن النموذج البولندى هو أفضل حل. ظلت بولنده تحت حكم شيوعى –عسكري ديكتاتوري بمظلة سوفيتية رغم معارضة الشعب ومقاومته بما أدى بالاقتصاد إلى طريق مسدود. وجاء ضغط الغرب فلم يكن بد من حل يضع كل هذه العوامل فى اعتباره وكان ما كان من حل وسط ذكي عقب البلاد صراعا مريرا وفتح الطريق للسلم مصالحة وطنية مجدية.
    (3) وبناء عليه ، أن تطلق السلطة القائمة اليوم القادة النقابيين من السجون ، وأن تجري انتخابات حرة وديمقراطية وبإشراف جهات محايدة قيادات النقابات القائمة الآن وحمهور النقابيين، وبالقانون الانتخابي المعمول به قبل مجئ السلطة الحالية التى عليها الاعتراف بالنتيجة المتوصل إليها عن طريق تلك الانتخابات أيا كانت.
    (4) تشرك قادة النقابات فى تشكيل حكومة جديدة يحتفظ فيها مجلس قيادة ثورة الإنقاذ بوزارتي الدفاع والداخلية. ويختار هو من بينه مجلسا لرأس الدولة ، أو يشكه كله ، أو يكتفى برئيس واحد للدولة ويبقى أعضاء مجلس قيادة ثورة الإنقاذ رؤساء للجان الوزارية وغيرها من اللجان يتمتعون بصوت الترجيح فى حالة تساوى الأصوات. أما اللجان فتكون بالاتفاق بين ممثلى النقابات ومجلس قيادة ثورة الإنقاذ. هذه اللجان تضع الخطط والسياسات.
    (5) يشكل الجانبان أيضا لجانا وزارية ومصلحية والمؤسسات الحكومية لمراجعة جوانب الأداء مشاكل التيسير والإنتاجية والعنصر البشرى بما فى ذلك حق الاستئناف للمفصولين عملا بالمبدإ الإسلامى "البينة على من ادعى" علما بأنه ليس من الإنصاف ولا مصلحة الخزانة الخاوية ولا مستويات الكفاءة فى الخدمة المدنية الاستمرار فى سياسة تثير نقمة جانب كبير من المواطنين بلا عائد له جداوة. إنه سلاح ذو حدين يصيب المتضرر منه ومتخذ القرار نفسه ، ولا تتحمله بلادنا ويكفى ما أجرم به نميرى ضد اقتصادنا وخدمتنا المدنية ، ببند معاشات وتعويضات موازية لا قدرة لشعبنا على تحملها. وأخيرا فإن شرح سياسات وقرارت الدولة ومبرراتها للشعب ودعوته لإبداء آرائه حولها واستلهام شوراه ضرورى لتطمين المواطنين وقطع السنة المخرصين.
    (6) تكوين لجان من كافة المواطنين بلا استثناء إلا من تثبتت عليه موانع تحدد فى قانون تشكيل هذه اللجان ، بانتخاب حر مباشر بإشراف لجان انتخابية محايدة ونزيهة وتخضع للطعن ، تمثل المواطنين فى مستوى الحي والحلة فى كافة أنحاء السودان ، فى كافة ما يتعلق بهم ، وتتسلسل أعلى فأعلى لتشكيل مجالس المدن والمحافظات وترسل هذه حسب النسبة العددية ممثلين لمجلس نيابى أعلى بشكل جديد يدعى ، المواطنون لتقديم آرائهم حوله ويكون الترشيح دائما شخصيا وليس حزبيا ببرنامج يقدمه المرشح حتى ولو كان برنامجا سابقا لحزب من الأحزاب.
    (7) لا الأحزاب ولا النقابات يمكن القضاء عليها بقرار من أعلى كما برهنت تجارب السودان السياسية من قبل. بل إن محاولة القضاء عليها بهذه الطريقة يمد من أجلها ويدفع بها للتعبير بطرق أخرى عن وجودها. ولهذا فإن وضع الأحزاب تبت فيه هذه الجهات الثلاث: السلطة القائمة ، والنقابات ، واللجان الشعبية المقترحة. أو يدعى المواطنون لحوار بهذا الصدد.
    صلاح أحمد إبراهيم
    ( متى تحققت بهذه الطريقة المصالحة فى السودان الشمالى وتوحدت الجبهة الداخلية وراء الحكومة والجيش ، وعرف جون قرنق استحالة اختراق هذا التلاحم المتين يعرف أن هامشه فى المناورة لم يعد كما كان.
    خاتمة:
    إننى إذ أضع هذه المقترحات بين يديك أيها الأخ الكريم ، أكون قد قمت بجهدى كاملا فى سبيل مساعدتكم ، أعمل بقول خير من قال فى بنى البشر :"انصر أخاك ظالما أو مظلوما" بما أوضح فى ذلك ، وأنت أخى لا جدال.
    بهذا أفى لك بوعدى بتسليمك مقترحاتى كتابة ، وأكون قد أبرأت ذمتى أمامكم وأمام الشعب والوطن وأمام ضميرى ، الذى ساقنى للقائكم مطمئنا ، بريئا من رغبة أو رهبة. وفوق كل هؤلاء ، أمام الله الديان علام الغيوب.
    سدد الله خطاكم لما فيه منفعتكم ومنفعة شعبكم من تحسبونهم ضدكم ولعلهم ما نهضوا فيما نهضوا فيه إلا باعتقاد كونهم ... إن كان ذلك صوابا أو خطأ... على الحق ، أنه واجبهم الأخلاقى أو الوطنى. ثم لا أزال دائما كما كنت ، خادم الشعب والوطن دون انتظار مقابل قط.
    وفقكم الله والسلام عليكم ،،،
    أخوك المخلص
    صلاح أحمد إبراهيم
    كتبت هذه الرسالة فى الخرطوم بتاريخ 12
    سبتمبر 1989م وأرسلت فى النصف الثانى من
    سبتمبر 1989م.
    وبالله التوفيق.

    _____________________________________
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de