|
وت الشارع – النعمان حسن- أمريكا استغلت طمع التجمع في السلطة وإصرار الحكم عليها لتمزيق السودان (4)
|
01:10 PM Jul, 15 2015 سودانيز اون لاين محمد نجيب عبدا لرحيم-السعودية ـ الرياض مكتبتى فى سودانيزاونلاين
صوت الشارع – النعمان حسن- أمريكا استغلت طمع التجمع في السلطة وإصرار الحكم عليها لتمزيق السودان- حلقة (4)
في هذه الحلقة وقفتي مع الحوار الذي أجراه الزميل بهاء الدين احمد إدريس مع الخبير الاقتصادى الدكتور محمد الناير وكنت قد توقفت في الحلقة السابقة على عكس ما توهم الدكتور إن النظام الحاكم لم يستفيد من الكروت التي يملكها لاستغلال موقف أمريكا ورغبتها في فصل الجنوب وهيمنتها على مفاوضات نيفاشا لم يستغل هذا الكروت لإلغاء المديونية التي تثقل اقتصاد السودان والتي بلغت مليارات الدولارات وان الطرف المفاوض من جانب السودان أهدر هذه الفرصة التي كانت ستستجيب لها أمريكا فورا لو انه ساوم أمريكا على ذلك إلا انه أهدر هذه الفرصة الذهبية كما يراها الدكتور.
ولكن الحقيقة كما رايتها وهو رأى خاص بالطبع فان أمريكا هي التي كانت تملك كروت الضغط على الطرف الآخر وليس النظام الحاكم وان أمريكا أحسنت استغلالها وحققت ما تريد بل ولا تزال تستغلها لتنفيذ مخططها كاملا في تمزيق السودان لهذا لم يكن الطرف السوداني هو الذي يملك كروت الضغط ولن يتوفر له ذلك إلا إذا تحررت كل قواه السياسية من شهوة السلطة وأصبح همها الأوحد وحدة الوطن وتعايش أهله عنصريا وقبليا ودينيا وليصبح المواطن هو الهم الثاني بعد الوطن ليعيش في مساواة وعدالة اجتماعية.
هذه هي نقطة الخلاف الجوهرية وهى الحقيقة بالرغم من إن المظاهر الخادعة قد تصور الأمر على غير حقيقته,
وتستحضرنا بهذه المناسبة رواية تحكى إن رجلا غاب عن موطنه سنوات بعد أن تحول لزعيم عصابات تعلم فيها كل فنون القتال إلا أنه لما تاب وعاد لموطنه حرص على أن يغير صورته بتجنب أي احتكاك أو شجار مع أي من بلدياته إلا أن هناك رجلا عرف بأنه مشاغب فدخل في مشادة مع زعيم العصابة التائب وفشلت محاولاته لتجنبه لأنه انقض عليه وامسك برقبته بعنف مما دفع بالحاضرين التوسل إليه ليفرج عن رقبته وهو لا يستجيب لندائهم وكانت المفاجأة لهم انه عندما سقط الرجل مغشيا عليه بينما زعيم العصابة يضحك فتكشف لهم أن زعيم العصابة كان قابضا على( ضلع الرجل ) حتى تمزقت تحت قبضته وأعجزته عن الكلام لهذا كان عاجزا عن الاستجابة لندائهم حتى أفرج عنه زعيم العصابة ليتضح انه هو الذي كان مسيطرا على الآخر .
هذا هو ما تكشف عنه الحقيقة فبالرغم من المشهد الكاذب فان الطرف السوداني في نيفاشا لم يكن مالكا لأي كروت أو أمريكا هي القابضة على (ضلع السودان) العاجز عن أي مقاومة كما إن أمريكا لم تكن قابضة على ضلع النظام وحده وإنما قبضت قبله على ضلع التجمع لتصيخ قابضة لضلع الحكم والمعارضة مما عبد الطريق لتنفيذ مخططها لكل سهولة دون مقاومة.
والسبب في ذلك أن أمريكا عرفت كيف تستغل طمع أحزاب التجمع و رموز الفشل الوطني لثلاثة فترات من حكم الديمقراطية للعودة للحكم حتى لو كان المقابل لعودتهم للسلطة تمزق وحدة السودان كما عرفت كيف تستغل رغبة الطرف الثاني الرافض للتفريط فيها حتى لو كان المقابل تمزق السودان وبصفة خاصة فصل الجنوب لما يشكله من خطر على فرض الحكم الإسلامي في السودان.
لهذا كان الطرفان طوع أوامر أمريكا بعد أن أصبحت هي الكرت الرابح لمن يريد أن يسترد السلطة أو البقاء فيها ودعونا تحت ظل هذا الواقع أن نتوقف مع أهم الأحداث التي شهدها السودان وكان لها ارتباط مباشر بتمزق السودان وفصل جنوبه بل وتهديد ما تبقى منه.
أولاً وقبل أن يكمل النظام عامه الأول تحت زعامة الدكتور الترابي أقدم على إبرام الاتفاق الذي عرف يومها باتفاق بون ألمانيا مع الفصيل المنشق عن قرنق لتمسكه بوحدة السودان والمطالب بفصل الجنوب والذي تضمن الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره ذلك الاتفاق الذي رعته المخابرات الغربية ووقع عليه من جانب النظام اكبر مساعدي الدكتور الترابي الدكتور على الحاج إلا إن ذلك الاتفاق قوبل بموجة قوية من الرفض من التجمع قبل أن ينقلب على نفسه ويصبح مؤيدا له ومن قرنق كما ووجه برفض قوى مؤثرة المؤتمر الإسلامي العالمي الذي كان الدكتور الترابي نفسه من دعاته واتخذ من السودان مقرا له قبل أن يغادر في وقت لاحق بعد أن لم يعد مرغوبا فيه إرضاء لأمريكا ففشل الاتفاق لتنصل الحكم منه مجبرا مما دفع بفصيل الحركة المنشق عن قرنق أن يصبح قوى متمردة ثانية وداعية للانفصال بما سميت بجبهة الإنقاذ من الداخل.
ثانيا وفى فبراير عام 92 لم تعد أمريكا راغبة في العمل السري لتنفذ مخططها فتعمدت أن تكشف عن وجهها ونواياها تجاه تمزيق السودان بإعلان مباشر تداولته كل أجهزة الإعلام يومها حيث أعلنت لجنة الشئون الإفريقية بالكونجرس الأمريكي عن قرار أصدرته ينص على ضرورة أن تعمل الحكومة الأمريكية على تحرير السودان من الاستعمار العربي وقد كان واضحا من إعلان ذلك القرار أن تعمل أمريكا في العلن بعد أن سمت العرب مستعمرين للسودان ومن جانب ثاني إغراء غير العرب في السودان أن يعملوا للتحرر من الاستعمار العربي وإنهم موعودون بالدعم المباشر من أمريكا باعتباره دعم للتحرر من الاستعمار ولقد كان القرار يومها خبيثا يكشف عن ذكاء أمريكا لأنها لم تسميه الاستعمار الإسلامي حتى تضمن مشاركة المسلمين غبر العرب في عملية التحرر لأنهم بالطبع لن يشاركوا في عمل معادى للإسلام ولكن عنصريتهم غير العربية تحثهم على المشاركة في تحرير السودان من الاستعمار العربي وهو ما تسبب بالفعل في انتشار الحركات المتمردة في أكثر من منطقة في السودان وليس الجنوب وحده واللافت هنا إن التجمع الوطني المعارض والمستقر يومها في القاهرة ولندن كما كان نفس موقف النظام الحاكم فلم يصدر من أياٍ منهما موقف رافض يدين القرار ويصنف أمريكا عدو للسودان.
بعد أن كشفت نواياها علانية فصمتوا وعملوا كما يقول المثل (أضان الحامل طرشة) بالرغم من أن أكثر من صحفي وكنت شخصيا واحدا منهم تناولوا ذلك القرار في جريدة الخرطوم التي تصدر في القاهرة وجريدة الوفد إلا إن أيا من قادة التجمع والسلطة لم يصدر من أياٍ منهما موقف خوفا من ردة فعل أمريكا ومن ذلك اليوم بدا السباق بين الطرفين للتقرب من أمريكا معارضة تطمع في دعمها لإسقاط النظام ونظام يطمع في كسب رضاها حتى لا تدعم معارضيه ليبدأ السودان مشوار الضياع الذي ستكشف عنه الوقائع في الحلقة القادمة والأخيرة من هذه السلسلة لتروا كيف كانت نتائج سباق التجمع والنظام على إرضاء أمريكا وما جره هذا السباق على السودان وكونوا معي.
|
|
|
|
|
|