عذراء على الحدود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 02:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2015, 12:21 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عذراء على الحدود

    12:21 PM May, 04 2015
    سودانيز اون لاين
    ابو جهينة-السعودية _ الرياض
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين




    إهداء إلى إبننا الأستاذ / عثمان محمد صالح

    ***
    تقديم : طلب مني صديقي أن أجلس للاستماع لقصة الفتاة الأثيوبية التي أستخدمها للعمل مع أسرته ،
    وقال لي بأنها قصة تستحق الاستماع إليها ونشرها،
    فجلست أستمع إليها محاولا الغوص في كل شاردة وواردة رغم لغتها العربية المتواضعة. وقد كان...

    ***
    أديس أبابا .. صيف 1986 م
    تصبب العرق منها بغزارة وهي تستمع بقلب واجف لما جرى لصديقتها العزيزة ..
    ودَتْ لو كانت إلى جوارها في تلك اللحظات ..
    مرَ الأمر كالإعصار مخلفا كومة من الدهشة والرهبة والذهول ..
    وهو أمر اعتادته معظم فتيات الحى ..
    حدث برُمّتِه لصديقتها التي لا يتجاوز عمرها الستة عشر ربيعا ..
    شابة هادئة متوسطة الجمال تحلم بحياة هانئة مع من تحب ..
    أرغموها على الزواج من رجل تعدى الأربعين ..
    لا شغل له غير التردد على الحانات .. جاحظ العينين مترهل الكرش ..
    وحسب عادات وتقاليد تلك الأيام في تلك الأمصار، والتي لا زال البعض يزاولها هناك ..
    فإن الزواج مرهون فقط برغبة الرجل الذي يجد نفسه قادرا على إطعام الفم الذي سيأويه معه في بيته.
    فإن رفضت الفتاة أو رفض أهلها تزويجها للمتقدم يتم اختطافها واغتصابها لوضع أسرتها أمام الأمر الواقع ..
    وليس أمام أسرتها حينئذ إلا الرضوخ لهذا الزواج الشبيه بالدفن بالحياة كالموؤدة تماما..
    أي محاولة من الفتاة للهرب فمعنى ذلك أنها في نظر الكل ليست بعذراء ..
    فيلوك الناس سيرتها و سيرة أسرتها لسنوات وتتناقلها الأجيال ولن تتزوج شقيقاتها من بعدها ، فهن في نظر الناس شقيقات الفاجرة .. و سيبْقيْن كذلك للأبد ...
    تراقصت كل هذه الأشياء أمام عينى ( أبرار ) وهي تجلس القرفصاء أمام منزلها على أطراف العاصمة أديس أبابا .. تتناوشها الأوهام والمخاوف من المجهول المتربص.
    تتوقع في أي لحظة نفس مصير صديقتها ..
    لم لا ؟ فهي تفوق صديقتها جمالا ، وتنتمي إلى أسرة متواضعة عددا ونسبا ويعيش أهلها فقرا مدقعا..
    راحت لتزور صديقتها الضحية.. وجدتها جالسة في فناء منزل الزوجية .. تنبش الأرض بعصا في يدها ..
    وكأنّ أيام الزواج التي إنقضتْ في لمح البصر قبل أيام لم تعد تعنيها ..
    تجلس كبقايا إنسانة دفنوا حياتها وأطفئوا شعلتها وداسوا على بهاء روحها ورونقها ..
    ألقتْ عليها التحية .. ردتْ دون أن ترفع رأسها .. وانزلقت دمعة تخبر بما يعتلج في صدرها ..
    قالت أبرار : أعذريني لعدم حضوري للتهنئة .. لم يكن هناك داعٍ لها بالطبع ..
    قالت الفتاة : إذن لِم لَمْ تأت لتعزيتي ؟؟
    وقفتْ الكلمات في حلق (أبرار) كالغصة .. لأن صديقتها تحتاج بالفعل إلى تعزية .. بل إلى مواساة ..
    أهذه عروس لم تمض غير أيام قليلة على زواجها ؟ وكأنها تجلس لتقبل العزاء في ميت ..
    إنتابها خوف دفين من مصير مماثل.
    وبالرغم من أنه لم يحدث ما يجعلها تقلق أو تخاف .. إلا أنها فكرت في الهرب .. فالمصير المشئوم لا بد أنه يكمن على مقربة منها و هي لا تدري .
    عاشت متحفزة .. فقلبها يحدثها بأن وراء الأكمة ما ورائها ..
    ذات صباح .. أفاقت ( أبرار ) من نومها و شيء ما يعتصر قلبها ..
    أحسَتْ بهدوء غريب يكتنف البيت ..
    أطلت من النافذة .. وجدت رجالا و نساءا يخرجون من باب الفناء يشيعهم أبوها و من خلفه أمها منكسة الرأس ..
    دق قلبها بعنف ..
    هبت واقفة .. وأسرعت للقاء أمها ..
    قالت الأم من تحت أسنانها : مبروك يا إبنتي ... زواجك بعد غد من( ياسين ) التاجر ..
    دارت بها الدنيا .. و لم تحس بنفسها إلا على فراشها و أمها تنضح الماء على وجهها ..
    ياسين التاجر لديه حفيدات يكبرنها سنا ..
    أمسكتْ بيد أمها و من بين دموعها إستعطفتها أن ترفض هذه الجريمة ..
    أشاحت الأم بوجهها .. فهي تعرف نتيجة الرفض ..
    طفتْ إلى ذاكرة ( أبرار ) أحداث ليلة عرس صديقتها ..
    جف حلقها .. وأحست بأن ساقيها لا تحملانها ..
    حينها .. توهجت عيناها بأمر أسَرَتْه في نفسها ..
    وفي سكون الليل البهيم .. والكل نيام ..
    تسللت ( أبرار ) في هدوء على أطراف أصابعها تحمل ( بقجة ) ملابسها ..
    وبنقرات متفق عليها فتحتْ لها إبنة عمها وزوجها نافذة غرفة مطلة على الشارع تسلقته ( أبرار ) بخفة مَرَدُّهَا الخوف من المصير المحتوم والوأد المنتظر ..
    و عند إنطلاق أول خيوط من شعاع الشمس ، انطلقت بها قريبتها و زوجها إلى محطة القطار لتنطلق نحو الحدود و هي تذرف دمعا سخينا لأنها تعرف ما سيلحق بأمها و أبيها ..
    وحمدت الله أنه لا شقيقات لديها ..
    و في الحدود .. و لأنها لا تحمل أوراقا ثبوتية لدخول ( جيبوتي ) ..
    كان لا بد من الإتفاق مع بدْو قبائل الحدود لنقلها مع هاربات أخريات إلى ( جيبوتي ) عبر الصحراء على ظهور الإبل ..
    رغم خطورة السفر ووعورة الطريق والخوف من امتطاء ظهور الإبل .. إلا أن الإنعتاق من ربقة زوج يكبرها سنا أو اختطافها واغتصابها والزواج بها قسرا كان يعطيها قوة و شجاعة لركوب المجهول والانطلاق في سراديبه ..
    أغمضتْ ( أبرار ) عينيها طوال الرحلة ، فهي تخاف أن تنظر إلى الأرض والمطية التي تركب عليها تتهادى في طرق وعرة و غير سالكة هربا من أعين حرس الحدود ..
    فتيات كثيرات هاربات من ظلم أو من عار يشاركنها الصمت في عتمة ذلك الليل ..
    صمت يخبيء بين طياته الألم والخوف والأمل والرجاء ..
    برودة ليل الصحراء لم تحس بها .. كان كل همها أن تبتعد قدر المستطاع ..
    لا تدري أين ستذهب من هناك .. ولكنها تفكر في الذهاب إلى السودان ثم إلى جدة ..
    إبتسمتْ في مرارة و هذا الحلم البعيد يداعب خيالها البكر ..
    نزلت دمعات حارة على خديها عندما تذكرت أمها وأبيها وشقيقها الصغير ..
    في أول ليلة للمبيت في ليل الصحراء البارد ..
    قام البدو بعمل دائرة من الإبل بعد أن أناخوها و هي تجتر مخزونها في صوت لا يعلوه غير همهماتهم ..
    تجمعتْ الفتيات وانكمشن .. متوجسات .. يتلمسن الأمان في الإلتصاق ببعضهن البعض ..
    وقف بدوي طويل القامة فوقهن واقتلع من بينهن فتاة نحيفة وحـملها على كتفه و هي تصـرخ وتولول كمن يحمل حملا حنيذا للذبح ..
    واختفى بها بين طيات التلال المحيطة ..
    وتنامى صراخها وعويلها يتردد صداه بين جنبات التلال السوداء .. تستغيث بهن و هن أحوج منها للعون ..
    سرعان ما هدأ الصوت .. وعاد السكون المخيف يلف الفتيات ..
    عاد البدوي وجلس يرتشف قهوته و كأن شيئا لم يكن ..
    و لم تعد الفتاة إلا بعد وقت طويل تحبو .. وأمل الهروب من الواقع يطغى على آلام اللحظة.
    وجاء آخر وحمل قطعة من الخشب المشتعل وبدأ يتفحص بقية البنات بعين تتوهج مع شعلة النار كعينى ذئب متعطش للإفتراس ..
    قامت ( أبرار ) ولاذت بالفرار نحو التلال.. فهي تعرف أن الدور سيأتيها لا محالة..
    فهي أجملهن ..
    كانت تجري و كأن الأرض تسحبها للخلف .. تسمع أنفاسها المتلاحقة أحيانا وأحيانا حفيف ثوب الرجل خلفها ..
    لحق بها البدوي .. أمسك بها من شعرها المسترسل وشدها إليه .. و حملها على كتفه و هي تئن دون أن تطلق صرخة .. فقد إحتبس صوتها ..
    تراءى لها أبوها وأمها وشقيقها الصغير ..
    رن في أذنها صوت جدتها و هي توصيها بتجنب أولاد الحرام وبنات الحرام ..
    وطاف أمام عينيها خيال ( عبدالله ) إبن عمها الـذي إغـترب و لم يعد و كـانت تود لو عـاد و تزوجها ..
    وقفزت أمام عينيها صديقتها و هي تنبش الأرض وتسألها التعزية والمواساة ..
    شعرت أنها رأس بلا جسد .. فقد أصاب الخدر كل أجزاء جسدها من الخوف ..
    و لامست يدها مقبض خنجر على خاصرة الرجل .. فإستلته ..
    وعندما طرحها أرضا و ناخ كبعير متخم ليقبض ثمنا مضاعفا لتهريبها .. كان الخنجر قد إنغرس في أحشاءه حتى المقبض..
    سمعت له شخيرا وحشرجة و هو ينقلب على ظهره ممسكا بالخنجر المغروس ..
    أحستْ أبرار لحظتها أن لديها قوة حصان و قلب قاتل لا يعرف الرحمة ..
    وانطلقت لا تلوي على شيء ..
    رغم عشرات العيون التي تبرق في الصحراء وعواء الضواري يُحَوِل السكون إلى إيقاع يجعل الرعب يسري في الأوصال .. ..
    لحق بها البدو ..سحبوها من رجليها سحبا على الأرض ..
    وتناوبوا التهامها رجلا بعد رجل طوال الليل ..
    إمتلأت عيناها بحبات الرمل .. حتى لم تعد ترى شيئا ..
    إنهالوا عليها بالسياط بعد ذلك إنتقاما لزميلهم ..
    وصلتْ إلى ( جيبوتي ) جسدا بلا روح .. ألمها النفسي يعلو على جراحها ..
    تنقلت بين خدمة البيوت والمستشفيات و هي لا تتكلم حتى حسبتْ هي نفسها أنها فقدت القدرة على الكلام ..
    بعد وصولها إلى مدينة (جدة) بعد ثلاث سنوات من هذه القصة .. أحستْ بأنها وصلتْ إلى الجنة الموعودة ..
    فقد تنسمتْ ريح حبيبها وفارس أحلامها القديم ( عبدالله ) إبن عمها ..
    عندما عرفتْ من بعض القادمين أنه قد تزوج من فتاة مقيمة في جدة .. إنكفأ ما تبقى من روحها داخل نفسها الممزقة ..
    حتى حلمها الوحيد سرقته إمرأة أخرى ..
    تعيش و كأنها في حلم مرعب ..
    تصحو من النوم مذعورة ..
    تنام و هي تهذي بألأحداث الجسام التي مرتْ عليها..
    غيَرتْ إسمها إلى ( زمزم ) .. تقول أن الإسم القديم يجعلها تنتفض واقفة و كأن شخصا يعرض أمامها حياتها السابقة بكل تفاصيلها المؤلمة ..
    تسقط قطرات من دموعها لتطفئ بعض الجمرات في ( موقد الفحم) الذي تجهز عليه قهوتها ..
    تنظر من بين الفينة والأخرى لصورة مهترءة بالأسود والأبيض تضم أسرتها ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de