محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-28-2015, 02:27 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً

    02:27 PM Apr, 28 2015
    سودانيز اون لاين
    عبدالله الشقليني-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين






    محمد مفتاح الفيتوري.. وداعاً




    آه... يا وطني
    لكأنك، والموت والضحكات الدميمة حولك،
    لم تتشح بالحضارة يوماً،
    ولم تلد الشمس والأنبياء

    الفيتوري



    (1)

    ها هو يرحل ويذهب إلى الغيبة الكُبرى . يحمل صولجان الهوية مُقسمة على أرجاء الوطن ،انداحت إلى ليبيا ، وثقافته من مصر ، ومنبته خلوة قرآنية .عندما كان قريباً من الرحيل ، استيقظت الأقلام لتحاسبه على قضية السلطة والمثقف . ألم يفتح المولى لنا صفحة العافية حين كتب الشاعر في الستينات بعد ثورة الشعب الأولى " أصبح الصبح ولا السجنُ ولا السجان باقٍ "؟ ، ألم يردد ذات البيت الشِعري الرئيس الراحل القذافي في أوائل التسعينات عندما جاء هو لزيارة للسودان وبرفقته رئيس السودان لهدّ حائط سجن كوبر ؟! . ألم يُحرك الشاعر الفيتوري تلافيف الصندوق الذي حمله صاحب الكتاب الأخضر بين كتفيه ليُنطق بالحق ؟!. إذن شاعرنا الضخم قد حرَّض الأفاعي لتبتلع سُمَها ، وهي في قمة السلطة ، وهو في سلطته الشعرية أعلى وأسمى .

    (2)

    أيمكننا بركلة قدم أن نزيح ثقل أصحاب الأعمدة الثقافية بتيجانها منذ الأستاذ " جمال محمد أحمد ، والدكتور منصور خالد ، والمهندس مرتضى أحمد إبراهيم والدكتور بشير عبادي ، وإبراهيم منعم منصور ، وغيرهم من الذين ينظرون الوطن مادة خام تنتظر وفاء بنيها ولو أعسرت أن تجد رأساً للدولة إلا وهو دون البروفيسور التجاني الماحي ، الذي استقال من حزبه أيام الديمقراطية الثانية وقال " إنهم لا يقرءون التاريخ " ورجع لجامعته يُدرّس حتى رحل ! . التاريخ لم يزل رطب القلب، بعلاقة المثقف بالسلطة ، ودون الجميع الشاعر الذي قال :
    أعز مكانٍ في الدُنا سرجِ سابح .. وخير جليس في الزمانِ كتابُ

    (3)

    لم يكن الفيتوري في أُخريات أيامه يستطيع أن يتحدث بطلاقة أو يكتب . ولماماً كان يحيط بما يحدث ، كان يريد أن يزور موطنه بجواز سفر سوداني ، فقد عُرض عليه جواز السفر المغربي ، وشكر المساعي الرسمية التي حفّته بالجّلال . وانتظر طويلاً وبعد جهد نفرٍ كريم : صدر الجواز الدبلوماسي السوداني، وأدمعت العين التي ضنَّ عليها الوفاء كثيراً . كان في حاجة ليرى وطنه ، ولتلك الأمنية قدرة عصية لا تتحقق إلا بالمال. هو هينٌ للبعض ، وهو منال عسير لديه .تضخم السودان في وجدانه ، قبل أن تنطوي بسطة العُمر ، ويسكت القلب الكبير فلم ير وطنه !.

    (4)

    ينهض الآن شاعرنا من رقدته ، ويراه كل حواريي الشِعر في موضع الندى ، يجيئ صوته الجهور يدغدغ الأسماع يقول :
    ( سوف أترككم سادتي لأني شَبِعتُ من الوعود ، وأنا لا أحب الشكوى )

    سيدي الشاعر ،
    سنصبح مشرق كل شمس ، ونتذكر أن الطيبين وحدهم لا يطيقون الحياة بعد أن عظُمتْ المآسي . يبدأ الشِعر الآن في الجلوس إلينا ، يُسامرنا من جديد بدون كاتبه . يرجع الصدى في كل لمحة مشهد ، وانعطاف العُمر على الهويّات الملتبسة ، بأعلامها تَزحَم الدُنيا بتقاطيع إفريقيا الأم ، تُغني بلسان عربيٍ فصيح .
    وطننا أعظم من الالتفات لصدى الأعراق ، واحتباس الحرارة في صدور بنيها والبنات . كان شاعرنا الفخم يُحسن الجلوس ويُحسن الكتابة والقول ، يتلمس أثر الطوطم في الثقافة البعيدة القريبة .يطْرَب قلبه حين يُنبش الذاكرة البعيدة المنسية في التاريخ ،فتُنازعه نفسه بين هويّات مُتعددة ، كل واحدة تريده لنفسها . لذا كان شِعره قريب لنفوس المُتنازعين بين عجينة الأجساد ، وعجينة اللغة وأعماق الثقافة الضاربة الجذور ، والمتنوعة المناهل .
    رسم شاعرنا ملامح الأم الأولى والآباء المسافرون إلى مولد الشمس علّهم يلحقون بموطن الإله القديم .
    نعِدُك أيها البلسم الشافي لكل الهويّات المتناحرة ، أن نزرع في كل بيت من بيوت وجداننا شجرةً طيبة ، أصلها طيب مثلُكْ ، وستمتلئ هي في مُقبل الأيام بالرُطَب . طعمها بين الحامض والحلو ، لنُعيد اكتشافك واكتشاف ما كتبتْ ، بعد أن نزيل الغشاوة عن عيوننا ، فالشُعراء حقاً لا يموتون .

    عبدالله الشقليني
    26أبريل 2015

    *
                  

04-28-2015, 03:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: ا



    لفيتوري: شرق الشمس غرب القمر .. بقلم: صديق محيسي
    نشر في سودانايل بتاريخ: 25 نيسان/أبريل 2015
    من كتاب مذكرات في الثقافة والصحافة

    في عام 1960 وصل محمد مفتاح الفيتوري لأول مرة إلي السودان منهيا غربة دامت ما يقارب الثلاثين عاما , الفيتوري الذي بزغ نجمه الشعري في مصر والعالم العربي, واعتمدت ثورة يوليو المصرية قصيدته ( أغاني افريقيا) في المنهج الدراسي الجديد للثورة وعاد إلي السودان بدعوة من حكومة عبود, التقاه اللواء طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل في احدي زياراته إلي القاهرة وطلب منه المجيء إلي بلاده ليسهم في الحركة الأدبية , وصل الفيتوري إلي مطار الخرطوم وكان في استقباله احمد إسماعيل شيلاب, وطه عبد الرحمن, وهما شاعران وموظفان في الوزارة , تسلم الفيتوري رئاسة تحرير مجلة هنا امدرمان التي غير اسمها فيما بعد الي مجلة الإذاعة والتلفزيون, كان ذلك حدثا كبيرا في الأوساط الأدبية إن يعود شاعر مثل الفيتوري إلي ارض الوطن.
    عندما ذهبنا إليه في مكتبه بوزارة الإعلام, سعيد احمد خير, ومحمود محمد مدني يرحمهما الله ويوسف عيدابي, وعثمان الحوري , وصافحناه احسسنا كأنما نصافح مخلوق من كوكب أخر, كان السرور يملؤنا ونحن امام هذا الرجل القصير قلق الحركة , سريع الكلام , تخرج الكلمات من فمه كنقاط المطر, قدمنا له أنفسنا كشعراء شباب معجبون به وبشعره وإنتهي اللقاء بدعوة منه لنا في مطعم فندق الشرق المشهور يومذاك , كان الفيتوري ولا يزال شديد الاعتداد بشاعريته , يجيد الإلقاء المرافق بالحركة كأنه يقف علي خشبة مسرح, يحرك يديه ملوحا بها في الهواء ,متوعدا الطغاة منتهكا بلاطهم, وعروشهم ينازل استبدادهم بكلمات صاخبة وحارقة.
    اختار الفيتوري حي بري سكنا له عندما وصلت زوجته الفلسطينية المصرية من غزة ,استأجر بيتا هناك, واشتري سيارة ايطالية ماركة فيات, كان يطوف بنا شوارع الخرطوم ليلا ننتقل من حديقة إلي حديقة, ومن فندق إلي فندق, يغدق علينا بالمال في نهاية كل سهرة عاصمية , لم يدخل الفيتوري في معارك أدبية مع الحرس الشعري الذي كان يقوده الشاعر ضخم الجثة منير صالح عبد القادر الذي أطلق عليه محمود ابوالعزائم اسم (ايفان الرهيب,) لم يدخل فى معارك كما فعل ذلك زميله محي الدين فارس , تعامل الفيتوري مع الساحة الأدبية باستعلاء شديد , ولم يسهر مع الشلل الأدبية التي ميزت عصر الستينات, كانت معظم سهراته تتم مع محمد احمد محجوب ,وتوفيق صالح جبريل,و قيلي احمد عمر, ومصطفي راشد كيشو ملك الفنادق الذي كان الفيتوري يسميه بتاجر النوم , ومع ذلك فانه كان يفضل دائما إن يكون معنا نحن الشباب حيث الاحترام والإطراء المستمر, امتاز الفيتورى بدرجة جيد في تغيير مواقفه السياسية, والارجح انه لم يكن سياسيا اصلا, , ولما كانت لا توجد في البلاد أصلا مجلة ثقافية فان الفيتوري خلق من مجلة الإذاعة والتلفزيون ذلك المنبر الثقافي الذي يلتقي فيه الغناء مع الشعر ,مع المسرح ,مع النقد, وقد استمر الفيتوري يرأس تحرير المجلة حتي أسقطت الثورة الشعبية العارمة في الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1964نظام الرئيس عبود وعودة الديمقراطية مجددا إلي البلاد ,فعين الفيتوري رئيسا لتحرير صحيفة النيل لسان حزب الأمة بالرغم من انه لم يكن عضوا في هذا الحزب ,لكنه سرعان ما اختلف مع حزب الامة ليلتحق بجريدة الناس كمدير لتحريرها , وهنا ك كتب رباعياته المشهورة سقوط دبشليم التي يهاجم فيها من طرف خفي الصادق المهدي, بعد إن تنكر للشاعر حسب قوله عندما صار رئيسا للوزراء

    وهب دبشليم مغضباً
    وقال بيدبا
    - تنام يا مولاي مهموماً وتصحو متعباً
    وأعجبا!!
    تلبس تاجاً من ذهب
    وجبة من الحرير والقصب
    وحولك الحجاب والحراس بالآلاف
    ثم تخاف؟
    أهذه خاتمة المطاف؟

    جريدة الناس التي التحق بها الفيتوري كان معروف عن صاحبها محمد مكي محمد بموالاته للسياسة الأمريكية في المنطقة , وكانت تنشر مقالات من مكتب الاتصال الأمريكي في الخرطوم ضد الثورة الفيتنامية باعتبارها ثورة شيوعية يؤيدها الاتحاد السوفييتي وليس ثورة وطنية ضد محتل أجنبي , وكانت تكتب ضد الثورة في الجنوب اليمني علي الاستعمار البريطاني . ولمحمد مكي حكاية غريبة مع زميلنا الراحل محمود مدني الذي له صلة نسب به, كان مدني عليه وردية السهرة الأسبوعية في المطبعة ,وراجع الصحيفة صفحة صفحة ليعطي بعدها مدير المطبعة التوجيه بالطبع , ولاحظ محمود إن من بين المواد تقرير طويل يرقد علي صفحة كاملة يهاجم الثورة الفيتنامية فلم يعره اهتماما لمعرفته بمواقف رئيس تحريره من الشيوعية والشيوعيين, وغادر المطبعة مطمئنا علي اكتمال الجريدة , ولكنه فوجي صباح اليوم الثاني باسمه علي رأس التقرير مما احدث ضجة وسخطا كبيرين فى الوسط الصحفي خصوصا علي صعيد اصدقاؤه الشيوعيين الذي يعادون "مكي الناس ", وعند استجلاء الأمر اتضح ان مكي جاء إلي المطبعة بعد مغادرة محمود ووضع اسمه علي التقرير ليحقق شرط مسئول الاتصال الأمريكي الذي اشترط إن ينسب التقرير إلي إي كاتب سوداني حتي تكون له قيمة
    يحكي الفيتوري انه بعد تركه جريدة الناس تعطل عن العمل , وكان يجول علي مكاتب الصحف بلا هدف, وفى هذه الأثناء اتصل به صديق له يدعي كمال عبد الماجد كان يعمل موظفا بالسفارة الأمريكية وهو مقرب جدا من محمد مكي عارضا علي وظيفة جديدة
    ذهبنا معا حيث التقانا موظف هام لا ادري ما وظيفته , ولكنه ذي نظرات غامضة تنم عن انه شخصية خطيرة ,يستمر الفيتوري , قدم لي عقدا لأعمل رئيسا لتحرير نشرة صحفية يصدرها المكتب الإعلامي بالسفارة تسمي ( الاتصال ) براتب قدره ثلاثمائة جنيه , وهو راتب وزير في ذلك الزمان, قلت له لكني الان مسافر الى القاهرة فأبدي استعداده فورا لأن يشتري لي تذاكر السفر ذهابا وايابا مع نثريات مريحة , وزاد , واذا احتجت لمزيد من المال يمكن ان تتصل بسفارتنا هناك وسأذودك بأسم شخص تلتقي معه ,طرحت الموضوع علي زوجتي التي نصحتني بصرف النظر عن العرض كلية وان عبد الماجد يكون قد باعك للأمريكان وقبض مبلغا محترما , يقول الفيتوري من أول وهلة اكتشفت ان الوظيفة لم تكن رئاسة تحرير نشرة ولكنها كانت محاولة شراء شاعر .غير ان الفيتوري لم ما اذا كانت عملية الشراء قد تمت ام لا ؟

    غادر الفيتوري السودان في بداية السبعينات بعد إن استولي النميري علي الحكم وذهب إلي ليبيا ليأمر له القذافي بالجواز الليبي و ليعينه ملحقا إعلاميا لليبيا في عدد من سفاراتها بالخارج, في المغرب ,وروما , والقاهرة , وبيروت , والجامعة العربية, وعندما كتب الفيتوري مرثيته الشهيرة في عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني الذي أعدمه النميري طلب الأخير حسب الفيتوري من السلطات اللبنانية طرده من بيروت , فخير بين تسليمه إلي السودان , أو الذهاب إلي دمشق , فغادر إلي دمشق ومنها جال في بلاد العالم .
    . فى عام 1973 توجهنا إلى القاهرة إنا , ويوسف السنبلي والروائي الراحل محمود محمد مدني في زيارة إلي دمشق رتبها لنا الراحل محمد أبو القاسم احد أهم مؤسسي حزب البعث في السودان ,كان الهدف الظاهر من الزيارة أنها للتعريف (بثورة مايو ) ولكن الهدف غير المعلن هو محاولة تجنيدنا كأعضاء فى حزب البعث , ذهبنا إلى هناك والتقينا ( بأهم شخصية في الحزب وهي صلاح جديد الأمين العام للحزب قبيل إن يطيح به حافظ الأسد فى انقلاب قصر عام 1970 .
    فى دمشق نظم لنا برنامج سياسي وثقافي للتعريف بإنجازات حزب البعث كان من بينها لقاء مع رجل سوريا القوي حينذاك, سألنا أول ما سألنا كم عدد الذين (صفتهم ) واعتقلتهم الثورة قلنا حوالي ثلاثمائة لا أكثر نقصد المعتقلين, لم يصدق الرجل ما قلنا , فر الم تكن هناك (رشيشة ) فسألناه ماذا يعني بالرشيشة, فضحك ولم يجاوب على سؤالنا ,وعندما غادرناه شرح لنا المرافق حكاية الرشيشة فعرفنا ان الرجل كان يقصد كم عدد (الخونة والرجعيين الذين قتلوا بالرشاشات, فتعجبنا من الامر , وقلنا للسائق في السودان عندنا وجبة اسمها (الرشوشة ), وهي تختلف عن وجبة الريشة التي يقصدها صلاح جديد.
    سهرنا في دمشق في غرفة الروائي المعروف لزكريا تأمر تحت البدرون , شاركنا في تلك الجلسة محمد الماغوط , وسعدالله ونوس , وهاني الراهب ,شوقى بغدادى , واحمد دحبور , كان الحديث يدور عن الناقد السوداني محي الدين محمد , اعترف زكريا تأمر بانه أول من قدمه للقراء العرب عندما كتب في مجلة الآداب عن مجموعته (صهيل الجواد الأبيض) , استمع الجميع للروائي الراحل محمود مدني وهو يستعرض لهم تطور الرواية فى السوداني, فكانت جلسة مفعمة بالشعر, والنقد يجمعنا فيها عصر المد القومي العربي عندما كان الشعر يبشر بيوتوبيا الوحدة العربية من المحيط الي الخليج .
    غادرنا دمشق متوجهين إلي القاهرة للاسترخاء والراحة , ولإفراغ أدمغتنا من الحشو الثوري الذي لم يفارقنا حتي سلم الطائرة حيث زودنا بكراتين من مؤلفات ميشيل عفلق ومنيف الرزاز ,وصلاح البيطار , وشبلي العيسمي الذى اختفى في بيروت قبل ثلاثة اعوام في ظروف غامضة رجح إن تكون ورائها المخابرات السورية .
    في القاهرة كان الفيتوري أول من اتصل بنا عندما علم بوجودنا زارنا في شقتنا بشارع عبد الخالق ثروت ووجه لنا دعوة عشاء تسبقها مشاهدة اول عرض لمسرحيته الجديدة (سولارا ) التي كانت بطلتها النجمة المسرحية يومذاك زوجته أسيا عبد الماجد, جئنا إلي المسرح مبكرا وسط عدد كبير من المثقفين والكتاب والنقاد, شرفنا الفيتوري بأن أجلسنا فى مقدمة الصفوف بعد نهاية المسرحية توجهنا إلى شقته الراقية في قاردن سيتي التي تنبض بالفخامة , أمضينا معه ليلة ساحرة في حضرها أشهر نجوم مصر , فريد شوقي , اشرف عبد الغفور ,عبد الرحمن الابنودي ,يوسف الشريف , وملك ظرفاء مصر محمود السعدني .كان الجميع ينصت للفيتوري وهو يحكي عن تجربة سولارا وكيف إن النص الشعري يمكن إن يملك قوة التعبير أكثر من النثر , وروي لنا كيف كان وهو طفل في الإسكندرية يصغي في الليل لعزيف الريح في البحر وهي تزمجر وسط السفن السوداء وهي تمخر البحر المتوسط كحيوانات خرافية , غاص بنا الفيتوري بعيدا فى أعماق البحر والشعر معا ,ينقلنا من زمن إلي زمن كأنه قبطان عنيد يتحدى ظلمات البحر مشرعا أشرعته يملأها الهواء مبحرا في غير هدي , يطارد تجار الرقيق , والنخاسين فى إفريقيا , شاهرا حرابه يطعن بها صانعي الشرور وأباطرة الاستبداد في كل مكان .
    في عام 1975كان الفيتوري احد أهم شعراء المربد ذهبنا إليه حسن الطاهر وروق , وعوض برير , ومحمد عبد الجواد يرحمهم الله فى فندق الرشيد وسط العاصمة بغداد , كان لفيف من الشعراء قادمون من كل إنحاء العالم العربي موزعون على طاولات الفندق الفخيمة بأبسطها الخضراء وجدرانها المحلاة بصورة ضخمة لصدام حسين فيما يمر رجال ذوى نظرات مريبة يرخون أذانهم مثل خفافيش معلقة في خرائب , أنهم عيون صدام ترصد الضيف والمواطن علي السواء, صافحنا الفيتوري وهو ينهي معركة مع منظمي حفل الافتتاح كان متوترا بعض الشيء , ولكنه سرعان ما حكي لنا سر توتره , كان الأمر متعلقا بترتيب الشعراء قبل بداية حفل الافتتاح , لقد وجد الفيتوري اسمه الرابع فى برنامج الاحتفال بعد نزار قباني , ومحمد مهدي الجواهري , ومحمود درويش هاج وماج الفيتوري مهددا بمغادرة بغداد كلها وعدم المشاركة في المنتدى الشعري إذا لم يوضع اسمه بعد الجواهري مباشرة, ودون إن يجد حرجا من احد اعلن الفيتوري انه اشعر شعراء العرب وإفريقيا جمعيا ,وهو مؤسس مدرسة كاملة للأفريقانية مع سينغور, وايمي سيزار, بل هو رائدها بلا منازع ولن يقبل بأي حال من ان يكون ترتيبه الرابع فوقف منظمو المؤتمر حائرين فى الأزمة التي خلقها هذا الشاعر القصير , ولما انسدت كل السبل لعلاج الموقف تدخل الرئيس صدام حسين شخصيا وأمر إن يكون ترتيب الفيتوري الثاني بعد الجواهري, وفى يوم الافتتاح الذي حضره صدام أرسلت إليه فى المنصة التي كان يقف عليها ورقة صغيرة اتضح أنها من الرئيس العراقي نفسه يطلب من الفيتورى ان يستهل قصائده برثاء زعيم الحزب السوداني عبد الخالق محجوب الذي أعدمه النميري شنقا فشرع الفيتورى صادحا بصوت جهوري أجش

    حين يأخذك الصمت منا
    فتبدو بعيداً..
    كأنك راية قافلة غرقت
    في الرمال
    تعشب الكلمات القديمة فينا
    وتشهق نار القرابين
    فوق رؤوس الجبال
    وتدور بنا أنت..
    يا وجهنا المختفي خلف ألف سحابة
    في زوايا الكهوف التي زخرفتها الكآبة
    ويجر السؤال، السؤال
    وتبدو الإجابةُ نفس الإجابة
    ***
    ونناديك..
    نغرس أصواتنا شجراً صندلياً حواليك
    نركض خلف الجنائز..
    عارين في غرف الموت..
    نأتيك بالأوجه المطمئنة
    والأوجه الخائفة
    بتمائم أجدادنا..
    بتعاويذهم حين يرتطم الدم بالدم..
    بالصلوات المجوسية الخاطفة
    بطقوس المرارات
    بالمطر المتساقط في زمن القحط..
    بالغاب، والنهر، والعاصفة!
    ***
    قادماً من بعيد على صهوة الفرس..
    الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية
    يا فارس الحزن..
    مرِّغ حوافر خيلك فوق مقابرنا الهمجية
    حرِّك ثراها..
    انتزعها من الموت..
    كل سحابة موت تنام على الأرض
    تمتصها الأرض..
    تخلقها ثورة في حشاها
    انترعها من الموت يا فارس الحزن..
    .. أخضر..
    قوس من النار والعشب..
    أخضر..
    صوتك..
    بيرق وجهك..
    قبرك..
    لا تحفروا لي قبراً
    سأرقد في كل شبر من الأرض
    أرقد كالماء في جسد النيل
    أرقد كالشمس فوق حقول بلادي
    مثلي أنا ليس يسكن قبرا
    لقد وقفوا..
    ووقفتَ..
    - لماذا يظن الطغاة الصغار
    - وتشحب ألوانهم –
    إن موت المناضل موت القضية
    أعلم سر احتكام الطغاة إلى البندقية
    لا خائفاً..
    إن صوتي مشنقة للطغاة جميعا
    ولا نادماً..
    إن روحي مثقلة بالغضب
    كل طاغية صنم..دمية من خشب
    ..وتبسمت
    كل الطغاة دُمىً
    ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة
    وهو يعلق أوسمة الموت
    فوق صدور الرجال
    انه بطل ما يزال
    - وخطوت على القيد..
    - لا تحفروا لي قبرا
    سأصعد مشنقتي
    وسأغلق نافذة العصر خلفي
    وأغسل بالدم رأسي
    وأقطع كفي..
    وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر
    فوق حوائط تاريخه المائلة
    وسأبذر قمحي للطير والسابلة
    ***
    قتلوني..
    وأنكرني قاتلي
    وهو يلتف بردات في كفني
    وأنا من ؟
    سوى رجل واقف خارج الزمن
    كلما زيَّفوا بطلا
    قلت : قلبي على وطني!

    دوت الأكف بالتصفيق , استمر التصفيق لأكثر من دقيقة تخلل هذا المشهد نساء بكين من تأثير هذا الرثاء المفعم بالحزن والبطولة والكبرياء , استدعي الفيتوري مشاهد الرعب التي نشرها النميري فى كل إنحاء السودان بحثا عن كل من ساند انقلاب التاسع عشر من يوليو , كانت صور الشيوعيين فى كل مكان علي الجدران وأعمدة الكهرباء فى المدن , والأرياف , الإذاعة والتلفزيون لا يكلان من ترداد نداءات تطالب الناس بالتبليغ عنهم , وتهدد من يؤونهم بالعقاب الشديد الذي يصل الى درجة الإعدام ,سطع في سماء القاعة صور عبد الخالق محجوب وهو محاط بثلة من العسكر متجهمي الوجوه شاكي السلاح يقودونه إلى قاعة المحكمة وهو رابط الجأش يبتسم لجلاديه كأنما هو مدعو ليحاضر من فى المحكمة ليس ليحاكموه, كان النميري ممتلئا غضبا تضطرب دواخله بمشاعر شتي تظهر على وجهه المغضن المرهق من طول السهر بجانب إستدعاء القصيدة لصورة عبد الخالق وهو يتحدى جلاديه برزت صور للشفيع احمد الشيخ وجهه مثل ارض قمرية من كثرة ما ضربه ابو القاسم محمد إبراهيم وعسكره الجهلاء , وفجأة يخرج من متن القصيدة فاروق حمد الله , وبابكر النور وهاشم العطا , وابوشيبة مكبلة أرجلهم بالقيود الحديدية يرسفون فيها , يهتفون بحياة الوطن وهم يمشون بخطوات ثابتة إلي ( دروات ) الموت الشاخص حيث يربطون, وينهمر عليهم مطر الرصاص يصب علي صدورهم فتتدلى رقابهم إلي صدورهم محدقين فى الأرض التي روا ترابها دما

    في ياقوت العرش انشد الفيتوري
    دنيا لا يملكها من يملكها
    أغنى أهليها سادتها الفقراء
    الخاسر من لم يأخذ منها ما تعطيه علي استحياء
    والغافل من ظنّ الأشياء
    هي الأشياء!
    تاج السلطان الغاشم تفاحه
    تتأرجح أعلى سارية الساحة
    تاج الصوفي يضيء
    على سجادة قش
    صدقني يا ياقوت العرش
    أن الموتى ليسوا هم
    هاتيك الموتى
    والراحة ليست
    هاتيك الراحة

    غادر الفيتوري المنصة والتصفيق يتابعه حتى جلس في مقعده وسط معجبين يتحلقون حوله مصافحا إياد كثيرة كولي للشعر والثورة.
    في شارع السعدون بكهرمانته التي تحمل جرة تتدفق منها الماء كنا علي موعد مع حفل غداء أقامه الراحل العظيم بدر الدين مدثر عضو اللجنة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي, كان الحضور قامات من المثقفين المصريين , عبد الرحمن الشرقاوي , وعبد الرحمن الخميسي , واحمد حمروش , وحسين فهمي , وعبد الرحمن الأبنودي, وسليمان فياض , ومحمود السعدني , ومحمود أمين العالم ,عتاة مفكري اليسار المصري فى ذلك الزمان, كان الفيتوري نجم الحفل بلا منازع ,كنا نحن السودانيون حسن الطاهر زروق وعوض برير وعبد الله ادم (عبود ) وصلاح نوح الخبير الزراعي فى الامم المتحدة , روي لنا الفيتوري انه غادر السودان إلي بيروت بعد إن كتب قصيدته في رثاء عبد الخالق محجوب والتي استفزت النميري, قال الفيتوري استدعيت فى مكتب الامن للتحقيق معي فى القصيدة ولكن تدخل مأمون عوض ابوزيد وزير الداخلية حينذاك فأخلى سبيلي ثم طلب مني مغادرة البلاد, لم يكن الفيتوري صادقا فى هذه المعلومة فالقصيدة كما يعرف الكثيرون كتبت فى الخارج وبعد شهور من إعدام عبد الخالق .
    جال الفيتوري كما قلنا فى العديد من الدول وفي عام1980 شرف الفيتوري مهرجانا للشعر فى الدوحة كان نجمه بلا منازع , وفى منزل الصديق القاص الدكتور مصطفي مبارك كنا علي دعوة عشاء التقينا هناك, البروفسور صالح عريفي , وصالح دفع الله , والراحل محمد السيد الذي كان يعمل رئيسا لقسم الترجمة بوزارة الإعلام القطرية , كانت أمسية جميلة تبادل فيها محمد السيد والفيتوري الذكريات في وزارة الاستعلامات والعمل في سنوات حكم الرئيس إبراهيم عبود, حكي الفيتوري عن عدم إستلطاف فوراوي وكيل الوزارة له , ورد عليه محمد السيد إن فوراوي فعل ذلك لان الفيتوري كان مقربا من الوزير طلعت فريد وهو الذي قابله فى القاهرة أيام مباحثات مياه النيل وأقنعه بالعودة إلي السودان .
    قبل إن يغادر الفيتوري الدوحة متوجها إلي ايطاليا اقمنا له اسرة تحرير الشرق القطرية حفل عداء في نادي كان الحضور ناصر العثمان رئيس التحرير ورياض عصمت رئيس القسم الثقافي بالصحيفة عين فيما بعد وزير ا للثقافة في سوريا ولاجئء الان في فرنسا ,اجرينا رياض وانا حوارا مطولا مع الفيتوري حكي فيه مسيرته الشعرية.
    كنت معه في غرفته بالفندق, ولما هم بترتيب ملابسه وأشياؤه أشار إلى كرتونة فى ركن الغرفة , وطلب مني إن أخذها كهدية منه إلي فأستفسرت ما بداخلها فعلمت منه أنها لشعراء وأشباه شعراء لا يريد إن يزيد وزن الطائرة بهم , فحملت الكرتونة وهي لا تزال في مكتبتي دون إن أفضها.
    مثلما كان الفيتوري شاعرا متقلب المزاج حاد التعامل مع الذين لا يستلطفهم, كان أيضا متقلب المواقف السياسية أو أصلا لايمارس السياسية , فهو قبل إن يعمل مع أول نظام ديكتاوري فى السودان ,وقبل إن يعمل رئيسا لتحرير صحيفة النيل لحزب الأمة, وان يعمل مع محمد مكي صاحب جريدة الناس المتهم بالتعامل مع المخابرات الأمريكية, كان الفيتوري سودانيا وليبيا معا, اشتراكيا ,ورأسماليا. معا ,كان ضد الطغاة , وفي بلاط الطغاة , كتب شعرا فى زعيم الحزب الشيوعي السوداني , وفى سقوط تشاشيسكو وفي صدام حسين, وفي غسان كنفاني, وجميله بوحيرد , ومع كل ذلك كان الفيتوري شاعرا مثلما كان المتنبي شاعرا , رحم الله الفيتوري رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد انطوي سجل كامل من عصره .

    mailto:mailto:[email protected]@hotmail.commailto:[email protected]@hotmail.com
    //////////

    *
                  

04-28-2015, 09:58 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً (Re: عبدالله الشقليني)

    رحم الله الفيتورى الذى عمل وزيراً للثقافه وسفيراً لها بلا مقابل ورسّخ بعبقريتة
    أجمل وجه وأروع طلعة للوطن الذى أنجبه وعرّف به العالمين بلا مقابل
    وأحتفى به أشعاراً ذاع صيتها وأمتد محيطها وأرتقى بها فوق الشعراء
    شاعراً للمجد والثورة والجمال وشاعرا عارفاَ سالكاً مجذوباً تجلت عبقريته
    فى الآفاق وأستعرت جذوة جلوته فى المنابر كلها رحمه الله وغفر له
    ولطف به وبعثه الفردوس والعزاء لك يا شقلينى.


    منصور
                  

04-29-2015, 04:31 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً (Re: munswor almophtah)




    أقام منتدى السودان الفكري بنادي السودانيين جزء من عزاء وبعض تأبين يوم الاثنين
    27 أبريل ، وقرأنا عنه وبعض سيرته وقرأت المقال ، وكان سعادة الدبلوماسي السابق " فخر الدين كرار " والعميد معاش " السر أحمد سعيد " متقدمي المنصة .
    رحم الله الفقيد وأسكنه مع الزمر التي أحبها صاحب الوقت وخصص لها ما لا عين رأت ولا خطرت على قلوبنا من أنعمٍ . لك الشكر الجزيل على الكلمات الطيبات في حق من تلون بالهويات المختلفة والأعراق المتداخلة والثقافات العابرة للبلدان ، وأعماله العابرة للقارات .


    *
                  

04-29-2015, 08:08 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً (Re: عبدالله الشقليني)

                  

04-29-2015, 08:20 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً (Re: عبدالله الشقليني)

                  

05-01-2015, 02:07 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد مفتاح الفيتوري .. وداعاً (Re: عبدالله الشقليني)

    عالياً
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de