قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول)

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 09:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-21-2015, 06:56 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول)

    05:56 PM Mar, 21 2015
    سودانيز اون لاين
    Mohamed Yousif-Vienna
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول)

    أصحاب الشجاعة والشخصية القوية دائما ما يبدون
    أشرارا للآخرين.
    لم تصبح الجنة جنة إلا بعد أن طُرِدنا منها.
    يتغير كل شيء قليلا بمجرد أن يتم قوله.
    دون كلمات أو كتابة أو كتب لم يكن ليوجد شيء
    اسمه تاريخ، ولم يكن ليوجد مبدأ الإنسانية.
    هيرمان هيسى

    تقديم
    عليك أن تجرب المستحيل لتصل إلى الممكن.
    هيرمان هسى
    ISBN:978-1-4685-7797-6(sc), ISBN:978-1-4685-7798-3(e)
    قراءة في كتابات هيرمان هيسى (الجزء الأول) (
    نتناول مؤلفات الكاتب الأتية : "بيتر كاملسلد") 1( و "اذا استمرت الحرب") 2( و "هائم ...متجول") 3( و "ديميان" ) 4 ( و"تحت العجلة") 5( وبشئ من الاسهاب كتابه "سيدهارثا") 6( .وبإذن الله سنتناول كتابيه "لعبة الكرات الزجاجية") 7( و " نَرْجِس و قولدمند") 8( في كتاب أخر)الجزء الثاني (.
    هيرمان هيسى من أسرة مسيحية إنشقلت بالتبشير وترعرع في جو فكرى ومنذ طفولته بدأت مواهبه في الرسم
    والشعر تبرز. ولد في كالو)ورتمبرغ( بألمانيا في 2 يوليو 1877وتوفي في مونتانيولا تيسن بسويسرا في 9 أغسطس 1962 . عاش بداية شبابه مع عائلته المحافظة وجوها المدافع عن البروتستانتية بشكل مفرط؛ وكان هذا السبب الذي دفعه للهرب والاستقلال عن السلطة العائلية والاعتماد على نفسه والإنخراط في مجال العمل وبشكل قاسي، حيث بدأ عمله كساعاتي ومن ثم إلى بائع كتب في مكتبة ومن ثم إتخذ التأليف والكتابة منهج في حياته وعمله وتزوج ) ثلاث مرات.تضمنا سيرة ذاتية مختصرة للكاتب تحت ملاحظات) 9.من أشهر رواياته هي "لعبة الكريات الزجاجية " وهي غزيرة وذات أسلوب صوفي ثقيل الشرح. رغم أن توجهه الأدبي في بادئ الأمر كان يتوجه إلى الشعر إلا أنه في ما بعد ألف روايات فلسفية عديدة ومتنوعة؛ وكان يغلب على بعض الروايات طابع التفكر العقائدي المتشكك مثل رواية دميان؛ وحصل على جائزة نوبل في الأدب بروايته "لعبة
    . الكريات الزجاجية " عام .1996
    في خريف عام 1898 أصدر اول كتاب له إحتوى على قصائد بعنوان "الأغاني الرومانسية" وفي صيف عام 1899 مجموعة من النثر بعنوان "الساعة الواحدة بعد منتصف الليل" ولم تجد رواجا يذكر. كرس نفسه للكتابة بعد نشر كتاب بعنوان ) بيتر كاملسلد( 1( عام 1919 . انتقل هيرمان هسى إلى سويسرا بعد معارضته (
    لالمانيا وتسليحها في الحرب العالمية الاولي. خلال الحرب العالمية الأولى, عاش هيرمان هسى في سويسرا المحايدة. وكتب واستنكر النزعة العسكرية والنزعة القومية,وحرر مجلة عن أسرى الحرب والمعتقلين. اصبح مقيما دائما في سويسرا عام 1919 , ومواطنا عام 1923 , وأقام في بلدة مونتاقنولا. اهتمامه بالموسيقى و نظريات التحليل النفسي) 0 1 ( و التفكير الشرقي كان له أثر بالغ فى شخصيته. فخلال رواياته وشعره نقل فكرته الرئيسية والتى تتناول خروج الانسان من أنماط الحضارة المؤسسة لأئجاد روحه الجوهرية مع مناشدته لتحقيق الذات واحتضانه للتصوف الشرقي. اشمئزازه من التعليم التقليدي عبر عنه في كتابه "تحت العجلة") 5( متناولا قصة طالب ذكى
    ونشط انقاد الى الدمار الذاتي. إن كتاباته لمأساة درامية تعكس تجربة إنسانية في حقبة معينة من تاريخ البشرية هنا يكمن السر في عبقرية كاتبنا. السر الذى يصاحب الكتابات الخلاقة فيجعلها في توهج عبر السنين وهو
    الذي يجمع بين أناس غدوا بعد رحيلهم أشبه بالأساطير. زيارته للهند في وقت لاحق تمخضت بروايته سيدهارثا , وهي رواية تستند إلى بداية حياة بوذا. الكتاب يتناول قصة ابن تمرد ضد ابيه )احد افراد طبقة الكهنوت العليا عند الهندوس (والعادات والتقاليد المحكومة بالطريقة البراهمان) ( الإله الهندوسى . وفي نهاية المطاف وأخر إنتاج له كان "لعبة الكريات الزجاجية "وهي حكاية خلابة عن تعقيدات الحياة الحديثة ا ولكلاسيكية في الأدب الحديث حيث أتم و حقق ماكان يصبو اليه.وبهذا الإنتاج . الأخير فاز هرمان هيسى بجائزة نوبل في الأدب عام 1996
    ومات في سويسرا منفاه الإختيارى في عام 1962 . اعتراضاته ومواقفه ضد الحرب انعكست فى كتابه "اذا استمرت الحرب". وكتب عن نفسه "إيماني السياسي هو ديموقراطي ونظرتى للعالم نظرة فردانية". يعنى نظرتة الإجتماعية بتفضيل حرية الفرد على سيطرة الدولة أو السيطرة الجماعية. وفى كتابه هذا خاطب اصدقائه بعد اتهامهم له بالخيانة للوطن وقال لهم " أيها الأصدقاء ليس بهذة اللهجة" وعدد لهم مساوئ الحرب والدمار الذى سوف تسببه للوطن وماحوله. ناشد المثقفين الألمان ألا يعودوا إلى جدال القومية ، أدت الى وقت لاحق كنقطة تحول كبيرة في حياته. للمرة الأولى وجد نفسه محاطاً بصراع سياسي عنيف في الصحافة الألمانية بالاعتداء عليه، والكراهية واصبح الأصدقاء القدامى أعداء. كتب مخاطبا وزيرا فى الحكومة الألمانية "فى هذه الامسية وبعد عمل
    شاق طلبت من زوجتى ان تسمعنى سوناتة من بيتهوفن. و مع سماع صوت الموسيقى عدت من عالم الهَرْ و ج والمَرْج والقلق إلى العالم الحقيقي يعطينا متعة وعذاب, والواقع الذى نعيشه ونعيش من أجله. وقرأت موعظة في السلوك بعبارة أساسية "تقول لاتقتل" . سعادة الوزير بالرغم من هذا لم استطيع النوم واصابنى قلق واضطراب وفجأة تذكرت خطبة لك قلت فيها ان حكومتك تدعو للسلم ولستم دعاة حرب وقتل ولكن لم يحن بعد الوقت
    للمفاوضات وليس لنا خيار سوى ان نذهب الى شن حرب بشجاعة. السيد الوزير موسيقى بيتهوفن وكلمات الكتاب المقدس كليهما ماء من نفس النبع اما خطابك و خطاب زملائك الحكام لا ينبعان من ذالك النبع لفقدانهما الحب والإنسانية.
    كانت رواياته المبكرة تقليدية, ولكن بعد نشر مؤلفه ديميان ) 9( فى عام 1919 )الرواية هي قصة هيرمان هيسى في شبابه وقد نشرها اولا بإسم سنكلير كمؤلف وبعنوان "قصة شاب( وهى قصة الشاب الألماني سنكلير فى مُقْتَبَلُ البُلوغ تتناول النضج خلال العقد السابق للحرب العالمية الأولى. فإن تحليله يعكس الشعور بالضيق فى أوروبا و الأدب الألماني آنذاك. وأدرك سينكلير حقل الخير ممثلا بالرب خشية من والديه واخته الصغيرة البريئة
    بمعزل عن حقل الشر المظلم , التي يجسدها كرومر فرانز الانتهازي النفعي, وهو أكبر سنا منه, والذى ابتز سنكلير بالكذب و ممارسة السرقة . وأقدم الفتى ديميان وانقذ سينكلير من براثن كرومر واعطاه تصورا جديدا وجعله يغوص في عمق الذات حتى يكتشف جهوده ومصيره وقدرته المتميزة بصرف النظر عن توافق الآراء على العادات والتقاليد . وقد أسقط هيرمان هيسى اضطراب سينكلير كإنعكاس للحالة النفسية المدمرة التى اجتاحت
    أوروبا قبيل الحرب . وهى دراسة فرودية متاثرة بنظرية سيغموند فرويد) 12 ( صاحب نظرية التَّحْليلُ النَّفْسِيّ مع النتشية لفردرك ) نتش) 13 والذى طور فلسفته في أواخر القرن التاسع عشر المتمركزة على عظمة الفرد. و أصبح هيرمان هسى مبدع طَلْق و مُسْتَحْدِث ومُبْتَكِر و خَلأَّق . تعمقت علاقته مع رومان رولان
    19 ( وهو أديب فرنسي والزملاء مثل برتولت بريشت ( ( 15 ( و هانز كاروساس) 1 6( وأندريه جيد) 17 ( ومارتن بوب) 18 ( وستيفان تسفايغ) 19 ( وغيرهم، ومن الموسيقيين أمثال إدموند فيشر) 20 ( و
    يوجين تشارلز فرانسيس دعلبيرت) 1 2 . )قال: "لا متعة في الكثير من الأمور وعدم التفكير في الكثير من الأمور التي هي فخر للإنسانية اليوم، وأنا لا أعتقد في التكنولوجيا، لا أعتقد في فكرة التقدم، نعم ولا حتى في
    الديمقراطية، وأنا لا أعتقد في المجد والتفوق في عصرنا، ولا في أي من قادتهم ".
    بعد الحرب العالمية الثانية، تناقص إنتاجه وكتب فقط القصص القصيرة والقصائد،. وقد تحول تركيز عمله أكثر فأكثر بهدف أن تصبح المراسلات أكثر وأكثر شمولاً. تلقي حوالي 35ألف رسالة.
    هيرمان هيسى، الذي لم يكن يعرف أنه كان مصابا بال اللوكيميا منذ فترة طويلة، توفي في ليلة 9 اغسطس 1962 في نومه.

    بيتر كامينزيند:
    "في البدء كانت الأسطورة. الله، في سعيه للتعبير الذاتي، وظّف روح الهندوس،
    واليونانيين، والألمان مع الأشكال الشعرية وما زال يوظّف روح كل طفل مع الشعر
    كل يوم. "
    هيرمان هيسى
    بيتر كامينزيند) 1( أول رواية لهرمان هيسه،ونشرت في عام 1909 ، وتحتوي على عدد من المواضيع التي كانت تشغل بال هيسى في وقت لاحق ، أبرزها البحث عن هوية الفرد الروحية والمادية في خضم الخلفيات للطبيعة والحضارة الحديثة ودور الفن في تشكيل الهوية الشخصية. نمط رواية بيتركامينزيند هو النمط الذى
    يطلق عليه إسم بيلدونجسرومان ) 2( بالألمانية.
    تبدأ الرواية بالعبارة، " في البدء كانت الأسطورة. الله، في سعيه للتعبير الذاتي، وظّف روحا لهندوس، واليونانيين، والألمان مع الأشكال الشعرية وما زال يوظّف روح كل طفل مع الشعر كل يوم.
    الرواية شاعرية بحتة، وبطلها يطمح إلى أن يصبح شاعرا يستثمر حياة الرجال مع الواقع في أكثر الأشكال جمالا. بيتر كامينزيند يذكرك بسهولة ابطال هسى في رواياته مثل سيدهارثا وجولدموند. مثلهم، عان كثيرا، وخضع للعديد من الرحلات الفكرية والبدنية، والروحية. في رحلاته العديدة بتجربة المناظر الطبيعية المتنوعة في ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وسويسرا، وكذلك مجموعة واسعة من المشاعر التي يحملها البشر في مراحل مختلفة من حياتهم. في مرحلة لاحقة من حياته تجسد المثل الأعلى له القديس فرنسيس الذى كان يهتم بالمعوقين. بيتر كامينزيند، في شبابه ترك قريته الجبلية مع طموح كبير لتجربة العالم. يتميز كامينزيند بحب وافر للطبيعة. ولذلك، أمضي الكثير من الوقت في تسلق الجبال والتجول وهو في سن العاشرة. وهذه من خصال كاتبنا هيسى الذي كان معجبا بالطبيعة.
    يتبع
                  

03-21-2015, 07:29 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول) (Re: Mohamed Yousif)

    الطفولة والبلدة نيميكون
    يبداء كامينزيند قصته حينما كان طفلا في قريته الصغيرة الجبلية "نيميكون". قال" كطفل كنت لا أعرف أي أسماء للبحيرة والجبال والأنهار حيث نشأت. كنت احدّق إلى بحيرة زرقاء خضراء واسعة ممهدة في الشمس، متلألئ وبأضواء صغيرة وملتفة بهطولات الجبال وعلي قممها إمتلأت فجواتها بالجليد اللامع والشلالات الرقيقة، وفي أسفلها رياض منحدرة مضيئة بها البساتين والاكواخ وماشية جبال الألب الرمادية. البحيرة وارواح الجبال
    حفرت مفعولها بكل فخر في روحي البرئة الفارغة والملئة بالتوقعات." القرية نيميكون تقع على منحدر ثلاثي تحصره على جانبين من نتوءات صخرة ومن جهة أخرى بالبحيرة. مسار واحد يؤدي إلى دير مجاور، الثاني إلى قرية مجاورة أربعة ونصف ساعات سيرا على الأقدام. غيرها من القرى المجاورة متاخمة للبحيرة يمكن الوصول إليها بالقوارب. ألاكواخ، بنيت من الخشب الإطار بالنمط القديم. نادراً ما يتم بناء منزل جديد يتم إصلاح المباني القديمة كما يستدعي الحال. إذا عدت إلى القرية بعد غياب طويل سوف تجد كل شيء كما هو دون تغيير يذكر. الرجال المسنون يموتون ليحل محلهم آخرون يسكنون الأكواخ نفسها ويحملون نفس الأسماء وتقريبا جميع السكان، سلالة واحدة و على الأقل ثلاثة أرباع منهم يندرجون تحت إسم كامينزيند. منزل والد بيتر عليه العبارة التالية: بني هذا البيت فرانسيسكا كامينزيند، في إشارة لا إلى والد بيتر ولكن لسلفه جده. سرد كاتبنا علي لسان بيتر واصفاً سكان القرية "كان لدينا أناس طيبون وسيئون والبارز والمتواضع والقوي والعاجز جنبا إلى جنب مع عدد من الأذكياء وازدهر هناك قليل من من الحمقاء و البلهاء. كل هذه الأصناف من البشر ذو قرابة و تَزَاوَجَ و تتصارع بعضها البعض تحت سقف واحد. حياتنا كانت مثالا للحياة البشرية بكاملها. لدينا ميل للكآبة. ولكن كنا سعداء أن يكون بيننا مجموعة من البلهاء قدموا لمسة من التغيير وبعض المناسبات للضحك والسخرية.
    منهم عمي كونراد. كان خبيثاً و مدفوع بروح طموحة يحسده الآخرين. ومع ذلك لا شيء نجح فيه. ولم يستسلم للفشل. وكان شعور والدي تجاه كونراد بين إعجاب واحتقار. كل مشروع جديد لكونراد جعله حافلا بالفضول والإثارة. كونراد جاء بفكرة أول مركب شراعي في قريتنا. عمي قد نسخ الشراع من كليشيه على الخشب. كل القرية صارت تتحدث عن المشروع الجديد لكونراد كامينزيند. وهو حدث لا محمد محمود يوسف
    ينسى _______والقارب أطلق أخيرا في يوم عاصف في أواخر الصيف. والدي لم يحضر التدشين ، لخوفه من كارثة وشيكة الحدوث ولخيبة أملي لم يسمح لي بالحضور. وكان ابن الخباز فوسلى المساعد الوحيد لعمي. القرية بأكملها اجتمعت لمشاهدة المشهد الغير عادي. ابن فوسلى جدف الى أن هبت رياح الشاطئ و النسيم جعل الشراع ينتفخ وأبحر القارب بفخر بعيداً. بفخر شاهدنا القارب يختفي حول الجبل وعلى استعداد لإعطاء عمي الذكي الترحاب بانتصاره. عاد القارب في تلك الليلة بدون شراع والبحارة بين الحياة والموت. لفترة طويلة بعد ذلك، كلما عمي كان في عجلة من أمره كان الناس يصرخون إليه: "استخدم اشرعتك، كونراد!" أبى كتم غضبه و لفترة طويلة كلما صادف عمي اعرب عن اِحْتِقَار له لا يوصف. سادت هذه الحالة إلى أن كونراد جاء لأبي بمشروع لفرن مضاد للحريق. هذا المشروع انتهى بسخرية لا نهائية على رأس المخترع به، وانتهى إلى تكلفة
    والدي أربعة تاليرس ولم يجرو أحداً بتذكير والدى بهذه الخسارة." نهاية فصل الشتاء اقتربت العاصفة )الفون(. عاصفة تخلف الدمار. كطفل كان بيتر يكره العاصفة )الفون(. ولكن مع صحوة الصبا كان سعيداً ومرحباً بها. أنها رائعة كلما شرعت العاصفة في نضالها الشرس، مليئة بالحياة والحماسة، اقتحام، وأنين. عندما تخف
    العاصفة وذوبان الانهيارات الثلجية يبدأ موسم أجمل. ثم رَوْضَة صفراء تفتحت على جميع أطراف الجبل وقمم تغطيها الثلوج والأنهار الجليدية والبحيرة تحولت دافئة زرقا تعكس الشمس وموكب الغيوم.كل هذا كان بالتأكيد كافي لإكمال مرحلة الطفولة، وحتى مدى حياة. كوخ والده به حديقة صغيرة بها الخص والبنجر والكرنب. والدته اضافت في جزء صغير زهور صينية وداليا و حفنة من الشجيرات. أم بيتر كانت دائماً مشغولة وأبيه
    لايهتم بالمسائل المتعلقة بتربية الأطفال. كان لديه الكثير من العمل للقيام به مثل الاعتناء بعدد قليل من الأشجار المثمرة، وزراعة البطاطا ومحاصيل القش. ولكن كل بضعة أسابيع، في طريق العودة في المساء، يأخذ الآب الى شونة التبن دون كلمة حيث كانت هناك طقوس غريبة من تأديب وتلقى الإبن ضرب وجَلْد وكانت هذه التضحيات على مَذْبَحُ نميسس )الهة الإنتقام عند الإغريق( حتى تغيهم من الكوارث الطبيعية. جمع الإبن بين نقيضين القوة البدنية غير العادية ونفورا قويا بنفس القدر من العمل. والده بذل كل جهد ممكن لجعل ابنه مفيداً ومساعداً له ولكن بيتر لجأ إلى كل حيلة ممكنة للتهرب من المهام المفروضة. كان بيتر لا يحب أكثر من رائع من التجوال بالجبال والمروج أو على طول البحيرة. جبال وبحيرة والعاصفة، والشمس كانت من رفاقه. كانت الغيوم له أعز من اي شيء على الاطلاق. الغيم وراحة للعين ونعمة وهِبة من الله؛ وأنها تحتوي أيضا على الغضب وقوة الموت. هي رقيقة كأرواح الأطفال حديثي ألولادة جميلة وغنية مثل الملائكة مع ذلك كئيبة لا مفر منها قاسية
    بلا رحمه كرسول الموت. هكذا حب بيتر القيوم في طفولته. يسرد لنا بيتر كامينزيند قصته حينما بلغ سن العاشرة
    وسمح له بتسلق أول جبل ، سينالبستوك، في سفحه تقع قرية نيميكون. "للمرة الأولى أبصر الإرهاب والجمال من الجبال. الوديان مملوءة بالجليد والثلوج الذائبة والأنهار الجليدية تفوق الخيال. و مشاهدة السماء واسعة أعلاه و أفق لا حدود لها. وأشاد من رافقتهم عندما وصلنا على قمة الجبل المثلج بحماسي للتسلق. وكان ذلك اليوم البداية. اصطحبت الرجال في رحلات تسلق الجبال عدة مرات وأنا اخترق السر العظيم للمرتفعات. ثم صرت راعي ماعز وأجوب المنحدرات والمناظر الخلابة. يمكن أن أرى القرية من هناك خلال قطاع ضيق وميض من البحيرة عبر ألصخور والزهور بالألوان ألمختلفة والسماء الزرقاء معلقة مثل مظلة فوق قمم حادة و رَنَّة اجراس الماعز تختلط بهدير شلال قريب. و أنا في انبهار وغير مكترث بالماعز اذ إحدهما حادت عن السرب. توفت الماعز. جريت بعيداً عن المنزل ، وقد قبضت وسط لعنات و اِمْتِعاض."
    الدراسة
    كان والده أحياناً يقوم ببعض الاعمال القليلة للدير في ويلسدورف و في يوم أمر بيتر بإخطار الدير أنه لا يستطيع أن يأتي. بدلاً من الذهاب إلى الدير نفسه إستعار قلم وورق من جاره، وكتب رسالة مهذبة للرهبان، وانطلق إلى الجبال. الأسبوع التالي عندما عاد وجد قس يجلس في انتظار الشخص الذي قد كتب الرسالة. أشاد به الكاهن وحاول إقناع والده أن يسمح له أن يكون طالبا. كونراد العم فرح بفكرة الدراسة وفي نهاية المطاف حضور الجامعة ويصبح باحث ورجل نبيل. بدأ بيتر فترة من الدراسة ألمكثفة ولا سيما في علم النبات واللاتيني والكتاب المقدس و التاريخ والجغرافيا. في ذلك الوقت استمتع بالدراسة. ولكن لاحقا تهرب من العمل كلما أمكن ذلك،
    وذهاب إلى الجبال أو بحيرة أو الى منحدر للقراءة والحلم والتكاسل وتقضية الوقت. وهنا سرد بيتر الأتى عن والديه:"أمي، كانت جميلة، مستقيمة الإطار وعيون داكنة حية. طويلة القامة ونشطة وهادئة. كانت ذكية مثل أبى وأقوى. ولكنها تركت شؤون البيت في يد أبى. كان أبى متوسط الطول مع أطراف رقيقة ورأس عنيدة، وخبيث، ووجها مصطف بتجاعيد معبرة. ويمكنك الكشف عن نزعة معينة من الكآبة فيه، ولكن لا أحد اهتم لذلك إذ جل الناس في منطقتنا كانوا ضحايا لظروف قاسية والناجمة عن الإخطار القاسية وشتاء طويل والعزلة عن العالم الخارجي و الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة. قد ورثت سمات هامة من كلا والدي. حكمه دنيوية متواضعة وثقة بالله، و هادئ التصرف من والدتي. ومن والدي، الشك وعدم القدرة على التعامل مع المال، وشرب الخمور بشراهه. وشرب الخمور جاء لاحقا في حياتى. ورثت من والدي خاصة، وأبناء قريتنا عموما، براعة ودهاء الفلاحين وأيضا الكآبة. ولما كان مصيري لسنوات عديدة لجعل طريقي بعيداً عن الوطن، بين الغرباء، كنت أفضل أن اكون اكثر سعادة وانا اجهز لرحلاتي. مزود بهذه الصفات المميزة ومجموعة جديدة من الملابس، بدأت رحلتي في الحياة."
    أكمل بيتر مرحلة التعليم التحضيري في المدرسة المعتادة وتقرر له أن يصبح عالم بفقه اللغة لا أحد يعرف تماما لماذا. ولم يكن ميالا لهذا النوع من الدراسة. مرت سنوات المدرسة بسرعة. "بيتر كامينزيند،" قال له أستاذ اليونانية، "أنت عنيد ومتعنت وواحد من هذه الأيام سوف تكسر عنقك". أخذ نظرة فاحصة للاستاذ ووجده مسليا. ' بيتر كامينزيند، "لاحظ مدرس الرياضيات،" أنت عبقري عندما يتعلق الأمر بإضاعة الوقت، ويؤسفني أن أدنى علامة يمكن أن اعطيك إياه هى صفر. تقديري أن واجبك المدرسى اليوم يستحق ناقص اثنين ونصف. " حدق به بيتر ووجده مملا جداً.
    وقال له أستاذ تاريخ "بيتر كامينزيند يمكن أن تكون مؤرخاً جيدا. أنت كسول ولكن يمكنك معرفة كيفية التفريق بين الأشياء الهامة والتافهة. " حتى هذا التعليق من استاذ التاريخ لم تبدو له كصفة استثنائية هامة. ومع ذلك كان يحترم المعلمين لأنه أعتقد أنه كان في حوزتهم سر من أسرار العلم والعلوم. ورغم أن المعلمين كانو على اتفاق حول كسله، تمكن من إحراز بعض التقدم. وفي الواقع كان يعتقد أن المدرسة والعلوم المدرسية غير كافية. ما وراء هذه الأعمال التحضيرية والتحسس هناك عالم الفكر الخالص وعلم الحقيقة. عندما يصل الى هذا المجال سوف يكتشف معنى الالتباس المظلم من التاريخ، وحروب الأمم، وألاسئلة المخيفة التى تقلق كل نفس.
    اشتاق بيتر إلى صديق. كان هناك هاوري كاسبار، اسمر الشعر وعقلية جادة يكبره بعامين ولا يتحدث سوى القليل لزملائه.تابعه لمدة أشهر حتى وجد فرصة سانحة للتحدث معه. لكنه لم يهتم به. وبدلاً من ذلك كان صبي تافه أراد مصاحبته دون أي تشجيع من بيتر. كان أصغر سنا ، خجول وليس له موهبة ولكن لديه عيون حزينة جميلة. كان ضعيفا وتعرض للكثير من البلطجة من زملائه وكان يهفو لصداقة بيتر لحمايته وسرعان ما أصبح
    مريضا جداً وترك المدرسة. لم يفتقده بيتر وسرعان ما نساه تماما. واكتسب صداقة أحد زملائه في الصف كان موسيقى و مهرج. زاره في غرفته، وقرأ عدد من الكتب معه، وساعده في واجب اليونانية، وفي المقابل ساعده في الرياضيات. كان صديقه هذا مغرما بتقليد اصوات المعلمين وصدفه بيتر يوما يمارس هوايته هذه حينما انتقل لقراءة أسطر قليلة من هوميروس مقلدا صوت بيتر بطريقة مضحكة للغاية. غضب بيتر وأعطاه صفعة في وجهة. مباشرة بعد ذلك بدأ الدرس، ولاحظ المعلم دموع صديقه وأثر الصفعة.
    "من فعل ذلك لك؟"
    "كامينزيند."
    "كامينزيند، اقف. هل هذا صحيح؟ "
    "نعم، سيدي الرئيس."
    "لماذا صفعته؟"
    "لديك سبب؟"
    "لا، سيدي الرئيس."
    عوقب بيتر بالجلد وبعد العقوبة مد لسانه نحو صديقه بتهكم.
    راءه المعلم وقال له . "ألست تخجل من نفسك؟ ما هو معنى هذا؟
    "
    " أنه جرذ وجبان وأنا احتقره ".
    وهكذا انتهت الصداقة. وأنه أجبر على أن يقضي فترة المراهقة بدون صديق.

    يتبع
                  

03-23-2015, 10:29 AM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول) (Re: Mohamed Yousif)

    مرحلة الشباب
    في السبعة عشر من عمره وقع في حب ابنة أحد المحامين. وكان فخورا أنه وقع في غرام المرأة الجميلة جداً. وكان اسمها جيرتنر روزى. في ذلك الوقت، انفجرت حيوية الشباب من خلاله. مع زملاء الدراسة كان عنيفاً. وكان فخوراً أن بكون أفضل مصارع وعداء، وبارع في التجذيف ومع ذلك شعر بالكآبة. أنها مجرد أن الكآبة الحلوة في بداية الربيع التي أثرت في نفسه بشدة أكثر من غيرها، حيث استمد السرور من رؤيته الحزينة للموت والتشاؤم.
    وتحصل على "كتاب الأغاني" لى هاينه، في طبعة رخيصة. ما فعله مع هذا الكتاب ليس حقا القراءة وإنما تدفق ابيات الشعر فارغة وعان مع الشاعر وألف قصائد معه ودخل نشوةً. وحتى ذلك الوقت لم يكن لديه أي فكرة عن "الأدب." الآن تبع ذلك في تعاقب سريع لينو و شيلر وغوته، وشكسبير؛ فجأة أصبحت فانتوم الأدب أَلهه.
    أصبح مُنْجَذِبا تجاه هذه الكتب وعاش في عالم شكسبير وغوته واكتشف و أدرك أن عمق تاريخ العالم، ومعجزة الأقوياء للروح التي تغيِّر إقامتنا قصيرة ومن خلال قوة العقل تجعل حياتنا البسيطة إلى عالم المصير والخلود. عندما يمد رأسه خلال النافذة حيث كان يقراء , يرى الشمس مشرقة على الأسطح وفي زقاق ضيق. باستغراب يستمع إلى ضوضاء صغيرة متداخلة ومعقدة من العمل. وقد لمس الشعور بالوحدة. مع بعض الحرج بدأ يكتب بعض القصائد ، وتدريجيا عمل دفاتر ملاحظات عدة مليئة بالشعر والرسوم التخطيطية والقصص القصيرة. ضاع كل هذا الجهد ربما كان ذا قيمة قليلة ولكن ملأته بالنشوة. عندما تحصل على بعض كتب غوتفريد كيلر، قرأها فورا اثنين أو ثلاث مرات على التوالي. ثم فجأة أدركت مدى بعده من الفن الحقيقي. أحرق ماكان له من قصائد وقصص. ونظراً لتأثير الأم يعتقد أن الجنس النسائي جنس غريب وجميل وغامض، ومتفوق على الرجل بموجب الجمال الخلقي والثبات الشخصى والجنس الذي يجب أن نقدسه. أجل، مثل النجوم ومرتفعات الجبال الزرقاء، والبعيدة عن الرجال ويبدو أكثر قربا إلى الله. حبه نحو جيرتنر روسي حب رومانسي وكان أثناء عطلاته المدرسية يتسلق قمم الجبال على شرفها وقام برحلات طويلة دون طعام وشراب حتى ساعات المساء، كلها من أجل روزى جيرتنر. في اليوم الأخير من العطلة، ذهب إلى المنحدرات الخطرة واختار "زهورجبال الألب،" التي تنمو على هاوية حادة ومن الصعوبة الوصول اليها ولكن حبه دفعه بنجاح الى اجتياز الصعوبات. حمل باقة الزهور الى حيث منزل حبيبته وتركها على الدرج عند المدخل. بدأ بيتر مرحلة شبابه عندما اندرج للدراسة في جامعة زيوريخ وإمكانية جولة تعليمية في أوروبا. كل هذا بدأ له كصورة كلاسيكية جميلة. في السنة الاخيرة في المدرسة تناول دراسة الإيطالية، وتعرف لأول مرة بكُتاب إيطاليا القُدامة. كانت تجربة مريرة وصدمة له حينما أتى في عطلته المدرسية ووجد أمه طريحة الفراش. أبلغه والده أنه وعلى الرغم من أنه ليس له اعتراض على دراسته،
    لا يمكنه من مساعدتة ماليا. كان والده غاضبا وقاسيا من أي وقت مضى. في صباح صيف حار كان في طريقه إلى المطبخ لشرب الماء سمع أنين والدته. ذهب إلى سريرها ووجدها تحتضر. ركع إلى أسفل بجانبها لمدة ساعتين وشاهدها تموت. رافقت افكاره روح والدته حول المنزل والقرية والبحيرة وقمم تغطيها الثلوج في حرية في صباح باكر و سماء نقية. شعر بحزن والدموع تسيل بدون توقف. هكذا فقد بيتر والدته. في إحدى الامسيات وقبل سفره اصطحب والده الى حانة. كانت هذه المرة الأولى التي يدخل فيها حانة وان كان قد شرب النبيذ من قبل. والده كان شرب الخمر بشراهه. وشرح له انواع الخمور وكيفية احتساءها. وعادا الي المنزل ثملين.
    مع ريتشارد وإرنينيا
    وصل في زيوريخ، جاهز لغزو قطعة من العالم ويثبت بأسرع ما يمكن أنه مختلف من كامينزيندس. لمدة ثلاث سنوات رائعة كتب قصائد وأحس بنفس مفعمة بكل ما هو جميل على الأرض. على الرغم من أنه لم يكن لديه وجبة ساخنة كل يوم في الأسبوع، كل يوم وفي كل ليلة يغنى ويضحك. اعجبته المدينه. تعرف علي زميل شاب وسيم كان يسكن في غرفتين في الطابق الثاني وهو كان أيضا طالبا في زيوريخ وكان يعزف على البيانو كل يوم وشَعر للمرة الأولى شيء من سحر الموسيقى. في أمسية من الامسيات جاء الي بيتر وسأله إذا كان يرغب في عزف بعض الموسيقى معه. وقال له بيتر أنه فيما عدا اليُودِيلْ لا يعرف من الفن شيئا. إقترح عليه أن يذهبا لنزهة في مكان ما، في المساء. مجرد السير و الحديث قليلاً وأن يتسلقا بعض الجبال وثم يمكنه ممارست اليُودِيلْ. وافق بيتر بسرعة وذهبا إلى شقته الكبيرة. ريتشارد جلس على البيانو وعزف بعض المقطوعات الموسيقية لفاغنر. وكان بيتر لا يعرف شيئا عن فاغنر والموسيقة عموما ولكنه اعجب بعزف صديقه الجديد ريتشارد. وفي اليوم التالي ذهبا إلى الجبال. لسماع اليوديل. ابدع بيتر وجاء الرد، على اليُودِيلْ من مسافات بعيدة خلال الجبال والوديان لراع. أصبح يدرك للمرة الأولى في حياته البهجة الدائمة جنبا إلى جنب مع صديق له، وهو يحدق إلى آفاق بعيدة من الحياة. قال له ريتشارد "أنت شاعر". استغرب منه وقال له "أنا لست بشاعر. وفي الواقع كتبت قليلا عندما كنت في المدرسة، ولكن لم أكتب أي شيء لمدة طويلة وقد أحرقت ما كتبت. " "هل بهاكثير من نيتشه."
    "من هو نيتشه "؟ سأله بيتر.
    "نيتشه؟ يا إلهي، وهنا زميل لا يعرف نيتشه "
    "في سنة أو نحو ذلك ستعرف كل شيء عن نيتشه وأكثر، وأفضل منى لأنك أكثر شمولاً وأكثر إشراقا منى. أنت لا تعرف نيتشه وفاغنر ولكن تتسلق الجبال ولديك وجها متين جبلية. ولا شك على الإطلاق أنك شاعر."
    بواسطه ريتشارد تعرف على الطلاب والموسيقيين والرسامين والكتاب والأجانب من جميع الأنواع.
    إقتنى بيتر عدة كتب في شتى الفروع مثل الفلاسفة والشعراء والنقاد في طبعات المقترضة، وكثيراً ما تكون باهظة
    الثمن و المجلات الأدبية للعرض والنقد من ألمانيا وفرنسا والروايات الجديدة من باريس وفينا. قراءها بسرعة ولكنه كان معظم تركيزه للروائيين الإيطاليين و الدراسات التاريخية. قرأ المصادر والدراسات حول أواخر العصور الوسطى في إيطاليا وفرنسا، وفي هذه القراءة تعرف على القديس "فرانسيس اسيسى". ريتشارد و بيتر كانا في زيارة لمعرض صغير من اللوحات الجديدة، توقف ريتشارد أمام صورة لجبل مع عدد قليل من الماعز على منحدره. سأل ريتشارد ما الذى اجتذبه إلي الصورة. قال "هذا" مشيراً إلى التوقيع في الزاوية. واردف قائلا "ولكن المرأة التي رسمتها أكثر جمالا من الصورة. اسمها أجليتي وإذا أردت يمكننا زيارتها ". وبعد عدة اسابيع ذهبا لزيارتها في الاستوديو. تعرف بيتر على أجليتي وكانت بداية علاقة حميمة. حدث شيء غير حياة بيتر اذ أصبح كاتباً بمساعدة صديقه ريتشارد. كان بيتر قد كتب بعض المقالات عن المواضيع الأدبية والتاريخية. جاء ريتشارد اليه يوما يحمل بعض النقود ومقالة في بعض الصحف من مقالاته كان ريتشارد نسخها من مخطوطاته وباعها إلى صديق محرر بالصحيفة الذى اعجب بالمقالات. وفي وقت لاحق طلب منه المزيد للنشر. وهكذا اصبح بيتر كاتبا
    وعلاوة على ذلك اصبح علي طريق حل ضائقته المالية. لم يعتقد أنه شاعر ولكن يصبو لكي ينجز عملا أدبيا
    عظيم. قد نسي الفتاة أجليتي الآن بعد أن أصبح كاتبا. ولكن ارسلت رسالة دعته فيها لتناول الشاي وأن يصتحب صديقه معه. ذهبا ووجدا هناك زمرة صغيرة من الفنانين. كان بيتر في غاية الجوع فالتهم كثيرا من شطائر ولحم الخنزير ولاحظه المدعوون وضحكوا منه. فغضب بيتر وعزم على المغادرة لولا أجليتي التى توسلت له بالبقاء. حينما بدأ عزف الموسيقيين جاءت ارمينيا وجلست إلى جانبه. حدق بدهشة في ارمينيا إمرأة هيفاء أنيقة الجمال ثم عادت أفكاره الي جيرتنر روسى. وعندما انتهت الموسيقى هنأته بمقالاته في الصحيفة. ومزحت عن ريتشارد، الذي كان محاطاً بالفتيات. وطلبت منه ان يجلس لها لكي ترسمه فوافق وواصلا الحديث باللغة الإيطالية لغتها. واتفقا أن يأتي ويجلس لها في اليوم التالي. وفي الطريق وجد حانة وشرب من النبيذ ووصل سكرانا المنزل. وفي اليوم التالى بدأ لارنيلنيا كالمريض. غلبه التعب فنام في استوديو ارنينيا أجليتي بضعة ساعات. بدأ حبه يزداد لها مع مرور الوقت وكان قلبه في حالة مستمرة من عذاب وقد لا يدوم لفترة طويلة. بعض أصدقائها من الفنانين التقيا في حديقة جميلة بجانب البحيرة في أمسية منتصف الصيف. وكان قد وعدها باصطحابها في قارب. ووصلا إلى زورق التجديف. وسرد لنا بيتر رحلة الزورق عبر البحيرة وشعوره نحو حبيبته "البحيرة كانت هادئة وعديمة اللون كالليل. أنا مجذف القارب على رقعة هادئة بينما أحدق باهتمام في امرأة هيفاء تميل إلى الخلف في شكل مريح. حينما اسودت السماء تدريجيا وتلألأت نجمة تلو الأخرى في انحسار الزرقاء و أصوات الموسيقى والناس
    على الشاطئ جنحت لنا. وقد نسيت ماحولي عدا رفيقتى وافكاري لإعلان حبي ولكن كنت مترددا خوفاً ومثل المُخَدَّر بسكون عميق. لم نتحدث و أنا أجذف بجد ما أستطعت." ولاحقا افضت له بأنها تحب شخصا متزوج وهو يحبها ولا يعرف أيا منهما إذا كان من الممكن العيش معا. يكتبا لبعضهما ، وأحيانا يلتقيا. سألها إذا كان هذا الحب يجعلها سعيدةً أو بائسة، أو كليهما. قالت له الحب ليس ليجعلنا سعداء. وإنما كان موجوداً لبين لنا كم يمكن أن نتحمل. وسط الارتباك والألم يغلي داخله شعر بالعرق ينهمر من وجهه. عندما وصلا الى الشاطئ ولدهشة ارمينيا غادر لتوه مكان الحفل يندب حظه التعس في الحب. ولجاء لشرب الخمر عله يهرب من مأساته.
    تدريجيا اصبح بيتر يشرب أقل حينما يكون لوحده. وحينما يكون مع بعض الناس النبيذ يؤثر فيه بصورة مختلفة اذ اصبح حادا مما جلب له السخرية من رفاقه. خلال هذا الوقت كتب عددا من ملامح المجتمع والثقافة، والفن المعاصر مما مكنه كتابة كتابا صغيرا حول هذه المواضيع. هذا الكتاب ساعده لكي يصبح مساهما في واحدة من أكبر الصحف وما يكفي من المال للعيش. منذ اعجابه وحبه لارمينيا قد أهمل ريتشارد. وبدأ يشعر
    بالذنب. اعترف له بكل شيء. وجددت الصداقة بينهما. جاء الوقت لكي يغادر ريتشارد الى بلدته ودعا بيتر لكي يرافقه كدليل في شمال إيطاليا قبل أن يغادر الى بلدته. ابتهج بيتر إذ تحقق حلمه منذ الصبى. جلسا في عربة قطار والتلال والحقول الخضراء اِنْطَوَت الى ما وراء وبحيرة أورنير، وممر سانت جوتهارد، ثم القرى الجبلية والانهار الصغيرة والمنحدرات المتناثرة وقمم تغطيها الثلوج في كانتون تيسان، ومن ثم المنازل الحجرية الداكنة. رحلة مليئة
    بالتوقعات على طول منطقة البحيرات وعبر سهول الومباردي الخصبة تجاه ، ميلان. واصلا الرحلة الى المدن الإيطالية ويصف لنا بيتر الرحلة والمدن المختلفة عبر تلالها ومرتفعاتها الخلابة وحدائقها على سفوح التلال. ترك ريتشارد لمدة أسبوع بنفسه وذهب الى أومبريا ليتتبع خطوات سانت فرانسيس ثم الى فلورنسا. أسابيع جميلة انزلقت في سلسلة رائعة من تجارب الفرحة ثم دفنت بأقصى سرعة وكأنها شمعة في مهب الريح. ريتشارد أخذ إجازة في زيوريخ ولم يره مرة أخرى. بعد ذلك بأسبوعين سمع أنه غرق أثناء الاستحمام في نهر صغير في جنوب ألمانيا. حزن على صديقه ولعن الحياة وكاد يصيبه الجنون لفقده أعز صديق. اوفدته الصحيفة التى عمل بها إلى باريس كمراسل خاص ولكن كما سرد كانت هذه التجربة إضاعة وقت في ذلك المكان الفاسد. ورأي كل أنواع الأشياء الدنيئة وقد شارك فيها. في خضم ما عانا من إحباطات فكر في الانتحار. قرر الذهاب إلى بازل وانطلق مشيا على الأقدام وغطي مساحات كبيرة من جنوب فرنسا. وواصل إحتساء النبيذ ووصل بعد شهرين على الأقدام. بداء يشعر بالكآبة. ونصحه الطبيب أن يؤدي حياة إجتماعية أكثر نشاطا بدل العزلة والا فقد التوازن. ونصحه أن يذهب الى البيت الذي كان المركز للعديد من التجمعات وبعض الحياة الأدبية والفكرية. ذهب إلى هناك. اكتشف الناس أنه قضي جزءا كبيرا من الوقت في الحانات وأنه فعلا سكير. حاولوا مساعدته لترك الخمر و شنوا هجوما مهذبا عليه وعلى إدمان الكحول ولكنه رفض وطلب منهم عدم الحديث في هذا الشأن.
    يتبع
                  

03-24-2015, 12:39 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول) (Re: Mohamed Yousif)

    مع إليزابيث
    في إحدى الحانات قابل إليزابيث وكانت تعزف البيانو. وهو خارج سمع ثَرْثَرَة بين اثنين من الرسامين وقال أحدهم "على الأقل لديه وقتاً طيبا يمزح مع إليزابيث،"، بضحك. ولم يعد لذلك المكان لعدة أشهر. خلال هذه الشهور رأي إليزابيث مرات قليلة في الشارع، ومرة في أحد المحلات، ومرة في متحف الفن. في المتحف، بدت له
    جميلة للغاية. بسرعة وصمت غادر المتحف خشية أن تأتى وتتحدث معه وتفقد جمالها هكذا صورت له مشاعره المختلطه. يعزي تعلقه بالنبيذ الى والده ورغم أنه قد خفض إلى حد كبير استهلاك النبيذ إلا إنه بقي غير إجتماعى وركز على حبه للطبيعة. وظل في صراع كيف يجد طريق من حب الطبيعة الي حب البشرية. جاءت صورة عن إليزابيث الى ذهنه و للمرة الأولى في حياته فكر جديا بالزواج. ومن الغريب، كان على علم تماما الجانب الكوميدي للتحول المفاجئ. ذهب الى البيت الذى قابل به إليزابيث من قبل. التق بها ووجدها جميلة وسعيدة. واستقبلته بكل الود. أحدهم وبطريقة عابره ذكر أن إليزابيث قد أصبحت مخطوبة. هنأها بيتر وتعرف على خطيبها عندما جاء لاصطحابها. بعد ذلك سحقت أماله ثم الحزن واليأس نشر اجنحتها السوداء عليه مرة أخرى. وفي اليوم التالى سافر الى قريته وأراد إعادة النظر في طفولته ومعرفة ما إذا كان والده على قيد الحياة. وجد والده كَبِير السِّنّ متهالكا. أعطى والده بعض المال وفي المساء ذهبا إلى نزل وشربا النبيذ. وعادا الى المنزل حيث والده استقر في نوم عميق أما بيتر استرجع ايام شبابه وكل آلامه وفشله في الحياة. فكر في والده العجوز وأدرك للمرة الأولى أنه لم يحبه كما ينبغى بل جعل الحياة صعبة له عندما كان صغيراً وتركه وحيداَ بعد وفاة والدته. وهكذا
    شرع على المهمة الصعبة لمساعدة والده وقَضَى الكثير من الوقت معه و قرأ القصص له. ولكن لم يفلح باقناعه بشراب النبيذ في المنزل بدلاً من الحانة. قرر بيتر ترك والده مره اخرى لتلتئم الجراح في أرض أجنبية. وقبل مغادرته أوصى بعض الجيران والرهبان وطلب منهم العناية به.
    مع نارديني انونتسياتا
    كان قد قرر منذ زمن طويل أن يستفيد من دراسته إذا ذهب وامضى بعض الوقت في اسيسى. اهتمامه بالدراسات التاريخية تم إحياؤها، بدأت روحه الجرحي نحو الشفاء وبناء جسور جديدة للحياة. دخل حيز صداقة عميقة مع بقال إثر محادثات حول سانت فرانسيس. نارديني انونتسياتا مُرَافِقته وعشيقته في ما بعد، عمرها أربعة وثلاثين عاماً أرملة ذو ادب وزوق رائع. كان يطلق عليه إسم بييترو لصعوبة إسمه. نارديني كانك تجلس معه وفي
    المساء محاطاَ بالجيران والأطفال والقطط والكلاب. وكان بيتر يحكى لهم عن سانت فرانسيس، وقصة بورتيونكولا وكنيسة سانت، وحول سانت كلير والرهبان الفرنسيسكان. الجميع استمع باهتمام و طرحوا أسئلة كثيرة.
    كثيرا ما كان يجلس مع نارديني لوحدها وقد عثر على مكان في قلبها. وفي امسية من الامسيات والجمع حوله قص قصه فشله في الحب وتقلباته في الحياة. نظر اليه الجميع بأسف وتعاطف. ونارديني مسحت على رأسه بلطف. وقال له أحدهم لابد أن تقع في الحب مرة أخرى. "لا"، أجاب بيتر. "أ لا تزال في حالة حب مع ارنينيا؟"
    قال لهم "الآن أنا أحب فقط سانت فرانسيس، وأنه قد علمني حب البشرية كلها وجميع الناس من بيروجيا، وجميع هؤلاء الأطفال هنا، ومحب ارنينيا حتى. " اصبح موقفه معقد عندما اكتشف أن نارديني ترغب في
    تمديد إقامته إلى أجل غير مسمى والزواج بها. ولكن قال إنه يود العودة الى دياره. لو لا أزمة مالية كان بقي وتزوج نارديني. ولكن حقا كان له رغبة في رؤية إليزابيث مرة أخرى لان حزنه عليها لم يلتئم.
    وصل إلى بازل في الوقت المناسب لحضور أمسية في بيت إليزابيث. قد تزوجت في غيابه. لا يزال يعتقد أن المرأة تكون فرحة لعذاب الرجال الذين يقعون في الحب معهن.
    شرينير وعائلته و بوبى
    ذهب لرؤية نجار، وطلب منه الحضور لأخذ قياسات لخزانة كتب. جاء النجار وبينما هو في عمله لاحظ قاموس جيب للغات عامية و نظر الى بيتر نظرة غريبة. وبعد ذلك سأله "ما هي المسألة؟" قال النجار "أعرف هذا ألكتاب. هل أنت حقا درسته؟ " اجاب بيتر "لقد درسته عندما كنت على الطريق،". واتضح له أن
    هذا النجار له نفس هواية التجوال. فدعى النجار على كوب من النبيذ والتحدث حول التجوال. ولكن النجار دعاه لى منزله بعد العمل. وذهب بيتر لزيارته. ورشته كانت مغلقة وتعثر عبر الأروقة القاتمة وفناء، وقفز لأعلى وأسفل الدرج الخلفي عدة مرات قبل البحث عن علامة على باب باسمه. عند الدخول مباشرة في مطبخ صغير حيث كانت امرأة تعد العشاء وعناية ثلاثة اطفال في الوقت نفسه، حيث أن غرفة ضيقة مليئة بالحياة وقدر كبير من الضجيج. دفعته المرأة الى الغرفة المجاورة، حيث جلس النجار يطالع صحيفة. رحب به النجار. أخبره النجار أن إبنته أجي ذات الخمسة سنوات اقتربت من الموت وهو في غاية التعب والاكتئاب. بدأ النجار في العمل في صنع التابوت لطفلته. وقفوا قبالة سرير أجي وهي في مصارعة الموت. أمها ظلت هادئة وقوية، لكن والدها طرح نفسه عبر السرير وأخذ يودعها يقبلها وهي جثة بعد أن أخذها الموت. واصل بيتر تجواله سيرا على الأقدام عبر الغابة السوداء. في فرانكفورت قرر أن يستغرق بضعة أيام إضافية، ومضى الى نورمبرغ وميونيخ، أشافينبورج واولم. عند عودته إلى بازل وجد رسالة من ناركليني في اسيسى، ومليئة بالأخبار الجيدة. وذكرت أنها ستتزوج ودعته لحضور الزواج. لم يستطع بيتر قبول الدعوة ولكن وعدها في فصل الربيع. ذهب لرؤية النجار. هناك وجد تغييرا كبيرا وغير متوقع. كان يجلس القرفصاء شكل بشع وكان هذا بوبي، شقيق الزوجة، أحدب ومشلول من نصفه. جاء لشقيقته بعد وفاة أمة. الاطفال في حالة خوف والأب ساخط لهذا الوضع. بوبي لا رقبة له ورأسه
    كبير وجبهته عريضة. ولد بالشلل ولكنه أكمل المدرسة الابتدائية. عدة مرات، وهو يشعر بالحرج، فكر في الذهاب لرؤية النجار للتحدث معه حول طريقة غير مكلفة لوضع بوبى في مستشفى أو التمريض المنزلي. بعد تردد وبعد عدة أيام ذهب لرؤيتة. مع أحجام كبير سلم على بوبي. والنجار اقترح الذهاب لنزهة. وقال أنه قد سئم هذا البؤس. زوجته أرادت البقاء في البيت، ولكن بوبي طلب منها أن تذهب. اشتكى النجار من النفقات التي يكبدها من أجل بوبى وضحك أخيرا، قائلا: "حسنا، على الأقل يمكننا أن نسعد لمدة ساعة هنا بدون أن يكدر صفونا بوبى." هذه الكلمات جعلت بيتر يحنو على بوبى العاجز وهو وحيداَ الأن بينما هم يشربون الخمر
    ويضحكون. ومن ثم تذكر كيف كان يتحدث لجيرانه في اسيسى عن سانت فرانسيس، وقد تباهى بأنه قد علمه حب البشرية كلها. لماذا درس حياة سانت وحاول أن يتتبع خطاه في تلال أمبرين وهاهو الأن يسمح لمخلوق ضعيف وحيداَ يعاني وفي إمكانه متساعدته؟
    شعر بالعار وبدأ يرتعد. فجأة غادر وهرع الي منزل النجار وفي زهنه خوفا من أن يحدث شئ لبوبي: قد يكون هناك حريق. عندما وصل سمع بوبى يغنى. غادر البيت ورجع بعد أن عادت الأسرة. هذه المرة سلم على بوبي دون تردد. جلس بجواره ودخل معه في محادثة عن الكتب وما كان يقرأ. وفي اليوم التالي عندما أحضر له
    بعض الكتب. وقال له سوف يكون سعيداً للجلوس معه أحياناً ويكون صديقة. قبل النجار اقتراحه أن المقعد بوبى يصبح مسؤوليتهما المتبادلة، بما فيها النفقة. أول شيء فعله كان شراء بوبي كرسي متحرك ويأخذه كل يوم، مع الأطفال. وكانت تلك بداية فترة جيدة وسعيدة في حياته. كان بوبى يحب الطبيعة والحيوانات لذا
    كان يأخذه إلى حديقة الحيوان. حدث بوبى عن قصة حياته وحبه والتقلبات التى مرت به.
    استمع بوبى بتعاطف وأبدا رغبته في رؤية إليزابيث. طلب من إليزابيث أن تقابل بوبى. جاءت إليزابيث بجمالها واناقتها وسلمت على بوبى بلطف وتهذيب. ولم يتكلم بوبي من أي شيء آخر باستثناء إليزابيث باقى اليوم، وأشاد بجمالها و ملابسها وقفازاتها لصفراء و أحذيتها الخضراء و صوتها وقبعتها الجميلة. قرأ بوبي كثيراَ من الكتب اللتى جلبها له بيتر. لم يكن النجار مرتاحا لهذا الوضع مما جعل بيتر يلجأ الى الحانات وشراب النبيذ. يوما ما اقترح على النجار أن يكون بوبي تماما تحت مسؤليته و بعد تفكير على مدى بضعة أيام أعطى موافقته. وبعد ذلك، انتقل مع صديقه المشلول إلى شقة مستأجرة. استأجر فتاة تأتي في كل يوم لتنظيف الشقة والقيام بالغسيل.
    واصل بيتر علاقته بإليزابيث ولكن توطيد علاقته ببوبى جعلته يبعد بعض الشئ من زياراته لإليزابيث.
    في يوم ما كان بوبي متألما أكثر من المعتاد. ليلا المعاناة من السعال، والأنين بهدوء. جلس بجواره لمعرفة سبب آلامه.
    قال له بوبى أن حالته ليست سيئة فقط يشعربضيق حول القلب عندما يتحرك أو يتنفس. في صباح اليوم التالي استدعى الطبيب. وجد الطبيب قلبه ضعيف وحالته خطيرة. وأمر الطبيب بنقل بوبي إلى المستشفى. قبل وفاته، ولمدة يومين تحدث فقط عن والدته. كانت تحبه اكثر من جميع أطفالها وبقى معها حتى ماتت. وضع يده تحت كتفه الأيسر، ورفعه قليلاً ثم تحول رأسه قليلاً وارتجف ولفظ روحه الطاهرة. استلم بيتر رسالة من قريته أن الحاله يرثى لها وخاصة مع نزول الجليد وأن والده ليس في أحسن حالاته. وصل بيتر الى قريته.
    وكان والده كامينزيند يجلس بائسا وضعيفاَ عند الموقد، وامرأة جارته جلبت إليه الحليب وتوبخه للكف عن اعماله الشريرة. نظر والده اليه وقال لها بيتر قد عاد. بدأ والده ضعيفا للغايه. أيام والده في شرب الخمر انتهت تقريبا ،كوب من النبيذ مرتين في يوم.
    طيلة النهار والليل تسمع عواء الفون، وتحطم الانهيارات الثلجية البعيدة، و هدير السيول تحمل الصخور و الأشجار، على المدرجات الضيقة من الأراضي والبساتين. خلال هذه الفترة من معارك الربيع المحمومة كان يفكر في الحب القديم إلى إليزابيث. وشعر بالخزى للتفكير في ذالك وقريته في نكبة من جراء السيول. كان من حظه أن رئيس البلدية طلب منه الانضمام إلى لجنة الإغاثة. وفي رسائل قليلة اعدها وجد العديد من الناس بسرعة في بازل استعدادهم لجمع المال لهم. والده تحسن بعض الشيء. عمه كونراد ذكره بالأيام الخوالي. في بعض الأحيان يأخذه إلى الحانة لكأس من النبيذ ويستمع إلي الذكريات مع الضحك حول مشاريعه. الكبر قد ترك بصماته عليه.
    وإلى جانب العناية بوالده المسن كان مشغولا بترميم بيتهم. جاءت اليه إلزابيث يوما في أثناء ترميم السقف وسألته عن أبيه الذى بلغ سن الثمانين. وكانت في عجالة إذ تحمل سلة غذاء لزوجها.
    نيديجير صاحب الفندق لم يعد يتمتع بعمله. اشتكى من عدم استطاعته ادارة الفندق ويود بيعه ولكن يخشى أن يكون من نصيب مصنع البيره وبذا تكون نهاية النبيذ. وهو يعشم في أن يكون الفندق من نصيب أحدهم من أهالى القرية. فكر بيتر في شراء الفندق ولكن خشي من والده الذى مازال يحب شرب النبيذ وعليه
    أن ينتظر لحين ممات أبيه.
    في درج مكتبه بدايات عمل كبير. " أعمال في حياتى" ولكنه قال أن مواصلة واختتام هذه لأعمال يبدو مشكوك فيه. ربما سيأتي وقت الذي فيه سوف يبدأ من جديد ويختتمه. في هذه الحالة، سوف يثبت أن احلام شبابه صحيحة، وسوف يتحول إلى شاعر قبل كل شيء.
    يتبع

    (عدل بواسطة Mohamed Yousif on 03-24-2015, 12:44 PM)

                  

03-25-2015, 12:49 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول) (Re: Mohamed Yousif)

    الفصل 6
    هائم ...متجول:
    كم كانت غامضة الحياة وكم هي عميقة وموحلة مياهها الجارية وكم هو واضح ونبيل ما يتولد منهما
    هيرمان هسى
    كان هيسى يحب الطبيعة وفنانا يرسم ويغرض الشعر .بعضا من هذا جاء بين غلافين بعنوان "هائم ...متجول") 1(. ويقول في البداية لو كان كل البشر يعبرون الحدود بين البلدان بحرية لا تكون هناك حرب ولا حصار وعقبة في الطرقات. ليس هناك ما
    يدعو للإشمئذاذ اكثر من الحدود بين الدول. اذا استتب السلام والحب بين البشر تبقي الحدود عديمة الأهمية. ولكن تاتي الحرب تبقى الحدود ذات اهمية قصوى وتبقى البلاد سجن للأحرار.

    بيت المزرعة:
    وقال تاركا بيته في ألمانية ... أودع هذا البيت الى وقت طويل لن أرى مثله ... أقترب من ممر في الألب هنا شمال المانيا واللغة الالمانية تصل الى النهاية. يالها من روعة تتعدى الحدود. التلهف والرغبة الشديدة للعبور الى الجانب الأخر تمكن منى واى
    واحد مثلى تكون له علامة للمستقبل. لو كان كثير من البشر يبغضون الحدود بين البلدان كما أفعل أنا لن تكون هناك حرب ولا حصار. أرسم اسكتش للمنزل وبكل حزن اغادر السقف الألمانى... اطار البيت وكل ما أحب في هذا البيت. حظا سعيدا
    للمزارع. حظا سعيدا لهذا الرجل الذي يمتلك هذا المكان. كنت قد ذهبت نصف حياتي سدى محاولا أن يعيش حياتى وأردت أن اكون شيئا لم أكن. أردت أن اكون شاعرا ومن الطبقة الوسطى في نفس الوقت. لقد اردت أن اكون كالفنان, و رجل الخيال, ولكنني ايضا أردت أن أكون رجل جيد, و رجل منزل. واخيرا عرفت ان
    الرجل لا يمكن أن يكون كل هذا, أنا لست بالمزارع ... أنا من الرحل رجل يبحث ولست من يمتلك. منذ امد بعيد انتقد نفسى امام آلهة وقوانين معبود لها . وهذا ما فعلت من خطأ. ليس الطريق الى الخلاص شمالا أو يمينا ولكن الي قلبك وهناك الرب
    والسلم والسكينة. ريح رطب عبرى وتحت جزر زرقاء تطل على بلاد اخرى. سوف أكون سعيدا بعض الوقت وبعضه يدركنى الحنين الى الوطن. وداعا بيتى الصغير ووطن اغادره كصبيٍ يفارق اُمه.
    الدرب الجبلى:
    في كتابه هذا بجانب قصائده أورد مقطوعات من النثر عكس فيها حياته كمتجول وفلسفته في الحياة . كتب تحت عنوان ’الدرب الجبلى’ "على الدرب الصغير الريح تهب فقط الحجارة وحَزازُ الصَّخْر تنمو هناك. ... وقفت عند أعلى نقطة على الدرب. ينحدر الطريق علي الجانبين, تنحدر المياه علي الجانبين, وكل الأشياء علي الجانبين تجد طريقها منحدرة الي عوالم مختلفة. البركة الصغيرة التي تلامس حذائ تمتد تدريجيا نحو الشمال وميائها تأتي أخيرا الي البحار الباردة البعيدة. ولكن الثلج القليل الذى تسوقه الرياح شيئا فشيئا يدلف نحو الجنوب, الي ساحل البحر الأدرياتيكي ثم إلى البحر الذي حدوده أفريقيا. ولكن المياه في العالم تجد بعضها البعض مرة أجرى. الصورة الجميلة القديمة تجعل ساعتها مقدسة. كل الطرق تؤدي بنا نحن المتجولون إلى الوطن أيضا. ...
    البيت الأحمر:
    في إحدى قطع نثره ’البيت الأحمر’ كتب: "مثل هذا اليوم بين الصبح والمساء, حياتى تقع بين رغبتى في السفر وحنيني إلى الوطن وربما يوما تكون أسفاري جزأ من روحي ومنعكسة داخلى, بدون أن اجعلها حقيقة ملموسة. وربما أيضا أجد هذا السر بداخلي حيث لا تودد للحدائق والبيوت الحمراء! كم تكون الحياة مختلفة ... سوف يكون هناك مركزا ومن هذا المركز تصل جميع القوى. ولكن ليس هناك مركز في حياتي ؛ حياتي تتراوح بين أقطاب عدة وأقطاب عكسية. تتوق إلى الوطن هنا وتتوق للهيام هناك. تتوق إلى العزلة وحياة الأديرة هنا, والبحث عن الحب والمجتمع هناك. جمعت اللوحات والكتب ووهبتهم. وقد سعيت للرذيلة والشهوانية وقد تخليت عنها من أجل الزهد والتوبة. بصدق وقَرْتُ الحياة كجوهر واستوعبت إنى أستطيع التعرف على حب الحياة كوظيفة. ولكن ليس همي أن أغير نفسي. معجزة فقط يمكنها أن
    تفعل ذلك. ومن يبحث عن معجزة, ويمسك بها ويساعدها يراها تهرب بعيدا ... كثيرا الإنعطافات سوف أتبعها, كثيرا الإنجازات ستبقى لي خيبة الأمل. وفي يوم ما كل شيء يكشف عن معناه. هناك, حيث تموت التناقضات نجد نيرفانا) 2( والخلاص."
    بلدة صغيرة:
    أول مدينة صغيرة في الجانب الجنوبي من الجبال. هنا بداية الحياة الحقيقية للتجوال, الحياة التي أحبها, تجوال بدون توجيهات خاصة, بسهولة في ضوء الشمس, حياة متشرد بحرية كاملة.أعيش من حقيبة الظهر وأدع بنطلونى يتهرأ. أثناء إحتساء النبيذ في حديقة تذكرت شيئا قاله لي فروسيو بوسينى) 3( "تبدو قَرَوِيّ" , هذا الرجل العزيز قالها بلمسة من السخرية. شاهدنا بعضنا البعض في زيوريخ، قبل فترة ليست طويلة. أندريا ادار حفل موسيقى لمالر) 9(. جلسنا معا في مطعمنا المعتاد. وكنت مسرورا لوجه بوسينى المشرق الشاحب الروحي . لماذا تعود هذه الذاكرة؟
    أعرف! أنها ليس بوسوني أتذكر، أو زيوريخ، أو مالر. فهي مجرد الخدع المعتادة للذاكرة عندما يتعلق الأمر باللأمور الغير مريحة؛ ثم تندفع الصور الغير ضارة بسهولة أمام العقل. أعرف الآن! معنا في ذلك المطعم جلست فتاة شقراء، مشرقة، متوقدة الخدين ولم أقل لها شيء. وكل ما كان على القيام به أنظر اليك وكانت المعاناه ،
    وكان كل الفرح، كيف حبيتك ساعة كاملة! عدت ثمانية عشر عاماً مرة أخرى.
    فجأة كل شيء واضح. امرأة شقراء ذكية جميلة، وسعيدة! لا أستطيع حتى تذكر اسمك. كنت لمدة ساعة كاملة في حب واليوم، في الشارع المشمس في هذه المدينة الجبلية، وأنا أحبك مرة أخرى لمدة ساعة كاملة. بغض النظر عن أي وقت مضى من
    كن لك الحب مهما كان لا يحبك اكثر من حبى لك ولكن أنا فرض علي أن أكون غير صحيح. أنني انتمى إلى تلك الأصوات العاصفية التى لا تحب النساء، الذين يحبون فقط الحب. نحن المتجولون صنعنا هكذا. جزء كبير من التيه والتشرد هو الحب. الرومانسية من التيه، على الأقل نصف منه، أي شيء آخر سوى نوع من التوق للمغامرة. ولكن النصف الآخر حرص آخر – رغبة فاقدة للوعي هي حل اللهو. نحن المتجولون ماكرون جداً – أننا نضع تلك المشاعر التي من المستحيل الوفاء بها؛ والحب الذي ينبغي أن ينتمي فعلا إلى امرأة، نحن نبعثره بشكل طفيف بين البلدات الصغيرة والجبال والبحيرات والوديان والأطفال إلى جانب الطريق و المتسولين على الجسر و بقر في المراعي والطيور والفراشات. نفصل الحب من تحقيق مكاسب. الحب وحدة هو ما فيه الكفاية بالنسبة لنا، بنفس الطريقة، في التيه، أننا لا ننظر لهدف،
    فقط نبحث عن السعادة من التيه، التجول فقط. امرأة شابه، لا أريد أن أعرف اسمك. لا أريد أن أعتز بحبك وتغذية حبي لك. لن تكونى نهاية حبي ولكن صحوته و
    بدايته. وأعطى هذا الحب بعيداً، إلى الزهور على طول المسار، الى لمعان أشعة الشمس في كأس النبيذ. تجعليننى من الممكن أن أحب العالم.
    آه. ما هي هذه الأحاديث السخيفة! الليلة الماضية في كوخى الجبلى حلمنت بتلك الفتاة الشقراء. فقدت عقلى بحبها وقد تخليت عن كل ما تبقى لي من الحياة، جنبا إلى جنب مع أفراحى من التيه لكي تكون بجانبى. لقد فكرت فيها كل اليوم اليوم. من أجلها أشرب النبيذ وأكل الخبز. من أجلها ارسم على كتابى الصغير ملامح هذه المدينة الصغيرة وبرج الكنيسة. من أجلها أشكر الله انها على قيد الحياة، وحصلت علي الفرصة لرؤيتها. من أجلها سوف أكتب أغنية، ومن ثم أسكر من هذا النبيذ الأحمر.
    الأشجار:
    بالنسبة لي، كانت الأشجار دائماً الوعاظ المتغلغل أكثر. أنا أوقرهم عندما يعيشون في القبائل والأسر، وفي الغابات والبساتين. و أوقرهم أكثر عندما تقف بمفردها. فهم مثل الأشخاص المنعزلون . ولا مثل الناسك الذي اصبح بعيداً من بعض الضعف، ولكن شأنها شأن الرجل العظيم، مثل بيتهوفن ونيتشه. في بسوقها العالم يخشخش, جذورها في اللانهاية؛ ولكن لا يفقدون أنفسهم هناك، وهم يكافحون بكل قوة حياتهم على شيء واحد فقط: الوفاء بأنفسهم وفقا لقوانينها الخاصة، لبناء النموذج،
    لتمثيل أنفسهم. لا شيء أقدس؛ ليس هناك أكثر مثالية من شجرة جميلة وقوية. عندما يتم قطع شجرة وتكشف عن جرحها المميت عارية للشمس , يمكن قراءة تاريخها كله في قرص الجذع : في حلقات سنينها, اثر جروحها, كل نضالها وكل عذابها وكل مرضها, وكل سعادتها وازدهارها مكتوب حقا. مكتوب حقا وسنوات الضيقة والسنوات الفاخرة، والصمد أمام هجمات العواصف . يعرف كل صبي مزارع أن أصعب وأنبل الخشب هو ذات الحلقات الأضيق، وفي مرتفعات الجبال وفي استمرار الخطر أقوى الأشجار تنمو هناك. الأشجار مأوى. وكل من يعرف كيف
    التحدث لها، وكل من يعرف كيف أن يستمع إليها، يمكنه أن يتعلم الحقيقة. لا تبشر التعلم والتعاليم، أنها تدعو دون رادع بتفاصيل القانون القديم للحياة.
    الشجرة تقول: نواة مخبأ في داخلى و شرارة وفكر, أنا الحياة من الحياة الابدية. إن المحاولة والمخاطر التي اتخذتها الأم الخالدة معى هي فريدة من نوعها, فريدة من حيث الشكل وعروق جلدي, فريدة تلاعب أوراقي علي فروعي. قوتى هي الثقة. لا أعرف شيئا عن الآباء وأنا لا أعلم شيئا عن آلاف من الأطفال سنوياً في الربيع
    تخرج مني. أنا أعيش من سر بذوري حتى النهاية. وأنا اهتم لأي شيء آخر. أنني على ثقة من أن الله داخلي . أنني على ثقة من أن تعبي مقدس. أنا أعيش من هذه الثقة. عندما نكون منكوبين ولا نطيق حياتنا ,حينها الشجرة تقول لنا: اهدأ! اهدأ! أنظر لي! أن الحياة ليست سهلة، الحياة ليست صعبة. تلك هي الأفكار الطفولية. أدع الله يتحدث داخلك, وسوف تنمو أفكارك صامتة. كنت تتوق لأن يؤدي
    المسار الخاص بك بعيداً عن الأم والوطن. ولكن كل خطوة تقودك مرة أخرى إلى الأم. الوطن ليس هنا ولا هناك . الوطن في داخلك أو الوطن لا وجود له على الإطلاق.
    الشوق إلى التجول يمزق قلبي عندما أسمع الأشجار تخشخش في مهب الريح في المساء. إذا كان أحد يستمع إليهم في صمت لوقت طويل، يكشف هذا الشوق نواتها ومعناها. وليس الأمر أمر الخلاص من المعاناة, وإن تبدو كذلك. هو الشوق للوطن، لذاكرة من الأم، عن استعارات جديدة للحياة. يؤدي للوطن. كل طريق يؤدي نحو الوطن, كل خطوة مولود, وكل خطوة موت , وكل قبر هو الأم. الشجرة تشخشخ في المساء، عندما نقف أمام أفكارنا الطفولية. الأشجار ذات أفكار طويلة، طويلة التنفس ومريحة، مثلما لها حياة أطول مننا. فهي أكثر حكمه مما نحن عليه، طالما لم نستمع إليهم. ولكن عندما تعلمنا كيفية الاستماع إلى الأشجار، ثم تحقيق فرح لا يضاهي. وكل من تعلم ألاستماع إلى الأشجار لا يود أن يكون شجرة. لا يود أن يكون أي شيء ما عدا نفسه ا. هذا هو الوطن . وهذه هي السعادة.
    وهنا بعضا من اشعاره:
    ضائع
    أشعر واتحسس طريقي خلال غابة و وادى
    بروعة و حولى دايرة سحرية متقدة
    ولست مهتما اذا كنت مُوَقَّر أو ملعونا
    وأنا أتبع بصدق وحقا ما بداخلى.
    وهذا الواقع الذي يعيشون فيه
    أحيانا كثيرة استدعانى إلى حد ذاته
    ووقفت هناك بخيبة أمل وخوف
    و تسللت بعيدا مرة أخرى.
    آه وطنى الدافى سرقونى منه
    آه حلمى بالحب
    أعود إليك خلال ألف
    مسارات مقلقة كعودة المياه الى البحر.
    محمد محمود يوسف
    أمور تَمرُ
    من شجرة الحياة,
    أوراق بعد أوراق تتساقط حولي.
    أوه. العالم مسرور بالنشوة،
    كيف يمكنك ملء في نهاية المطاف,
    كيف يمكنك ملء بالملل،
    وتجعلني في حالة سكر!
    أيا كان ما زال يضيء اليوم
    يتم فقدانه في أقرب وقت.
    سرعان ما تصلصل الريح
    عبر قبري الذابل،
    عبر الطفل الصغير
    الأم تنحنى أسفل.
    عينيها ما أريد أن أرى،
    نظراتها هي نجمتى،
    كل شيء يمكن أن يظهر ويختفي،
    كل شيء يموت، كل شيء، بئس المصير.
    يبقى فقط الأم الأبدية،
    لقد جئنا منها،
    ويكتبا إصبعها أسمائنا
    سعيدة على الهواء عابرة.
    مازلنا مع هيسى في جولاته بين وديان وجبال سويسرا بعيدا عن الحرب وسوف نعرض للقاري مزيداً من بعض اشعاره والتى تعكس بعض افكاره. ما باله لو بعث من جديد ونظر الي عالم يطلقون عليه اسم العالم الثالث حيث النظم الشمولية عمته
    واصبحت الجيوش تحكمنا . والتسليح قمة همها لا لدحر عدو غازى ولكن لقتل ابنئها وتعذيب من بقي منهم بالجوع والمرض وكل ذلك للبقاء في السلطة والرئيس منهم يحكم مدى الحياة. ولايموتون. ومثلهم مثل الوزير الذى أشار اليه كاتبنا وهو يستمع الي سوناتة من بيتهوفن. وفي عالمنا اليوم حكامنا ايضا يقولون انهم اتو من اجل السلام والديمقراطية الى آخره وبعضهم ذهب الي اضافة كلمة الديمقراطية الي اسم البلد وبعضهم ذهب الي اكثر من ذلك باضافة كلمة الإشتراكية وكمان العظمى وكل هذه النظم لا تمت لهذه الأسماء لا من بعيد أو قريب. منذ عشرات السنين ظللنا
    نحرث في البحر. لو بُعث هيسى لهذا الواقع لعاد مهرولا الي قبره.
    دعنا نسير معه خلال اشعاره لحين:

    المشي ليلا
    اسير متأخرا في الغبار
    وظلال الجدران تتراجع
    وعبر حقول العنب أرى
    ضؤ القمر عبر نهر وطريق.
    الاغنيات التي تغنيت بها من قبل
    اتت برفق مرة أخرى
    وظلال رحلات بلا عدد
    على طريقى.
    الرياح والجليد ولهيب السنين
    صدى في خطواتى
    ليلة صيف وبرق
    عاصفة وتعب الرحيل.
    أسمر و مليء بوفرة هذا العالم
    وأرى نفسي مسحوبا
    مرة أخرى,
    حتى يَتحَوَّلَ طريقى الي ظلام.
    قراءة في كتابات هيرمان هيسى

    عالم رائع
    اشعر المرة تلو المرة
    اذا كنت شابا أو عجوزا:
    سلسلة جبال في الليل،
    علي الشرفة إمرأة صامتة،
    وشارع إبيض بضوء القمر منحنيا برفق بعيداً
    يخلع قلبي من جسدي
    آه عالم يحترق، آه امرأة بيضاء في الشرفة
    الكلب ينبح في الوادي، قطار تدحرج بعيداً،
    بمرارة خدعتنى،
    مع ذلك اصبحت احلى احلامي ووهمي.
    كثيرا حاولت طريق الواقع المخيف،
    حيث الامور المعتبرة التي تهم ... المهن،قانون،مال،ازياء،
    ولكن تحرُّرت من الوهم وهربت وحدى بعيداً
    الي الجانب الأخر، مكان الاحلام و الحماقة المباركة.
    ريح رطب متقد على الشجرة، امرأة غجرية،
    عالم مليء بالحنين أحمق ونسمة شاعر،
    عالم رائع دائما أعود إليه،
    حيث حرارة البرق وصوتك ينادينى.
    محمد محمود يوسف
    مطر
    مطر ناعم مطر الصيف
    همسات من شجيرات،همسات من الاشجار
    آه ياللروعة ومغمور بالبركة
    أن احلم واكون راض.
    وكنت طويلا في البريق الخارجي،
    أنا لم اتعود لهذه الاضطرابات:
    ابقى في منزلى في روحى،
    أبدا لا انقاد الي مكان آخر.
    لا اريد شيئا،ولا إشتاق لشئ،
    اتَرَنُّم أصوات الطفولة برفق ،
    وأصل المنزل مشدوه
    في دفئ جمال الاحلام.
    قلبي متمزق ،
    مَيْمُون تحرُثُ جُزَافاً،
    تفكر في لا شيئ،تعلم لاشئ،
    فقط تتنفس، فقط تشعر.

    يتبع
                  

03-26-2015, 01:03 PM

Mohamed Yousif
<aMohamed Yousif
تاريخ التسجيل: 10-24-2014
مجموع المشاركات: 295

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في كتابات هيرمان هيسى( الجزء الأول) (Re: Mohamed Yousif)

    ودَّع هيسى منزله الصغير ووطنه وفي تجواله يشعر بالحنين والشوق لوطنه ويقول ان الرجل الكامل النقي الهائم التائه يجب ان لا يفكر في الحنين للوطن و للإسرة ولكنه لا يسعى ان يكون كاملا... يود ان يتذوق حنين الوطن كما يود ان يسعد بحريته.
    الرطوبة والرياح المتدافعة من الجبال عبر الحدود والسماء الفاحصة تفرض نفسها على دول أخري .قال اردت ان أكون شيئا لم أكن ، وددت ان أكون شاعراً و شخص من الطبقة الوسطى في وقت واحد، اردت ان أكون فنانا و رجُل خيال، حتى عرفت ان الانسان لا يمكن ان يكون كل هذا، وانا من الرحل وليس مزارعا، ابحث ولست بالرجُلِ الذى يمتلك. اخترت طريق الخلاص ...يقودنى الي قلبى حيث الله وحده، حيث السلام وحده.

    سحر الألوان
    نسمة من الله , هنا وهناك،
    فِرْدَوْس من فوق ومن اسفل،
    والضوء يغنى آلاف المرات،
    الله يعطي العالم كثيرا من الألوان.
    ابيض الي اسود، دافئ الي بارد
    يستلّو من جديد،
    والي الأبد خارج دَوَّامَة الفوضى
    يولد قَوْسُ قُزَح.
    وضؤ الله
    يجول في آلاف الأشكال،
    خُلقت وشكلت معا.
    نعتز به كالشمس.

    أُمْسِيَّات
    الأحباء يسيرون
    ببطئ خلال الحقول،
    امرأة شعرها فضفاض
    رجال الاعمال يعدون الفلوس،
    سكان المدينة بشغف تقرأ آخر
    ما في الصحف المسائة،
    طفل بجمع الكف بإحكام،
    كل في واقعه،
    يتبع واجب و مهمة نبيلة،
    وليس انا؟
    نعم لي ايضا مهام مسائية،
    مُسْتَعْبَد لها،
    لا تنجز بغير روح العمر
    ايضا لها من المعانى.
    وهكذا صعودا وهبوطا اذهب،
    راقصاً في الداخل،
    ادندن أغانى الشارع البليدة،
    اِمْتَدَحَ الله ونفسي،
    اشرب النبيذ واتخيل
    إنني باشا،
    إنشغل بالكليتين،
    ابتسم واشرب أكثر،
    انسج قصيدة
    محمد محمود يوسف
    من ألم ودعته
    احدق في دوران القمر والنجوم،
    اخمن الي اين يسيرون ،
    اشعر في رحلة معهم
    لا يهم الي اين.

    فرحة الرسام
    فدانين من الذرة مكلفة.
    مروج تحيط بها أسلاك شائكة,
    ضرورة هائلة و جشع وضعا جنبا الى جنب,
    كل شيء يبدو مغلقا وضايع.
    ولكن للأشياء ترتيب آخر
    تستمر في الحياة؛ بنفسجي إنحسر بعيدا
    و أرجواني يتدفق على عرشه
    و أردد أغنيتى البريئة.
    اصفر على اصفر واصفر بجانب أحمر
    بارد أزرق يتحول الى لون الزهر.
    ضوء ولون يقفذ من عالم إلى عالم,
    يتقوس ويردد المحبة العارمة.
    الروح تعم وتعافى كل الامراض,
    أخضر يغني من ينابيع حديثة ,
    يتقاسمها العالم ...
    والقلوب تزيد سعادة وتنور.

    يتحدث للموت
    لابد أن تآتى لى يوما ما
    لن تنسانى
    ينتهى العذاب
    ينفك القيد.
    تبدو غريبا وبعيدا
    عزيزى أخى الموت.
    تقف كالنجم البارد
    فوق همومى.
    يوما ما تكون قريبا
    ملئ باللهب.
    آتى لي أنا هنا
    خذنى أنا لك.

    راحة الظهيرة
    كاتبنا يتجلي في وصفه الدقيق لكل صغيرة وكبيرة عاكسا كيف يود أو يحلم أن يعيش في زخم الحياة.قال في راحة الظهيرة "مرة أخرى السماء مرحة وساطعة , الهواء يرقص ويتدفق فوق كل شيء. البلد الغريب البعيد ينتمي الي مرة أخرى , الغريب اصبح وطنى.مكان بجانب شجرة فوق البحيرة اصبح ملكى اليوم, رسمت أحد الأكواخ مع بقر وسحب. كتبت خطابا لن أرسله. والآن افرغ حقيبة طعام الغداء : خبز, سجق شوكولاته مكسرات. بالقرب غابة بتيولا حيث الأرض مغطاة بفروع ميتة. اجمع بعض الفروع اضع ورقة من تحت واشعل النار. يتصاعد الدخان ببساطة , شعلة حمراء ساطعة تشتعل ياللغرابة في منتصف النهار. السجق طيب ,غدا سوف اشتري آخر من نفس النوع, كنت اتمنى وكان بودي بعض كستناء لتحميصها. و بعد الغداء بسطت معطفى علي العشب واسترحت رأسي عليه. واستلقيت ودخان تبغي يصعد لى السماء الصافية. أفكر في اغنيات آيشندورف) 5 ( اللتى أحفظها عن ظهر قلب. لم أتذكر كثيرا منها ولا أتذكر بعض المقاطع. أردد الاغنيات بلحن هوقو وُلف) 6 ( و واوتمرشوك) 7 ( ."من يحن ليَهِيم في بلاد غريبة" و "يا لوت الحبيب" أحبهم. الاغنيات مليئة بالاحزان ولكن الاحزان سحابة صيف خلفها الثقة والشمس. إذا كانت والدتى عايشة الأن لحدثتها كل شئ وأعترفت بكل ما تود معرفته منى.
    بنت صغيرة ذات شعر أسود تقارب العشرة سنوات تسير قبالتى تنظر لى وجلست بجانبى وقبلت قطعة شكولاته وتحكى عن ماعزتها واخوها الكبير ... تتحدث بكل فخر و وقار يتملكه الاطفال ... نحن كبار السن بهلوانيون مهرجون ... أحضرت
    الغداء لوالدها ... ودعتنى بإدب وحزم وسارت بعيدا بحزائيها الخشبى وجورب الصوف. إسمها أنونزياتا. استهلكت النار والشمس دلفت للمغيب. رحت أجمع
    حاجاتى ... أفكر في اغنية آيشندورف واترنب بها وأنا راكع أجمع حاجاتى ...
    آه كم قريبا, السكينة ستأتي ,حينما بدوري اخمد للسكينة, وفوقي خشخشة وحدة الاشجار, ولا احدا هنا يعرفنى.
    أدرك لأول مرة رغم هذا الطريق الحبيب الحزن مجرد ظل سحابة. هذا الحزن مجرد موسيقى وديعة من اشياء عابرة, وبدونه الأشياء الجميلة لا تمسنا.بدون ألم. تصتحبنى في رحلتى واشعر راض عندما أتقدم علي الممر الجبلي, البحيرة تحتي بكثير, جدول مطحنة و شجر كستنة وسبات عجلة مطحنة, الي يوم صافي هادي.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de