|
Re: دولةُ الخلافة بالدَّالَيْن؛ الدِّين والديالكتيك (هى مفهوم أيديولوجى) غير قاب (Re: حسين أحمد حسين)
|
17:51 ص Feb 5,2015 سودانيز أون لاين حسين أحمد حسين - UK مكتبتي في سودانيزاونلاين
2- بالديالكتيك:
لقد رأينا بشكل واضحٍ بعاليه، كيف أنَّ دولة الخلافة الموسومة بالرحمة، هى بالدِّين لا تعدو أن تكون سوى مجموعة أفكار (أيديولوجيا) غير قابلة للتطبيق وبالتالى غير قابلة للحياة. والآن، علينا أن نُثْبِتْ أنَّ ذلك جدلياً غير ممكن، وأنَّ من يَحادَّ تطور القوى المنتجة فى المجتمع، ستموضعه حركة التاريخ فى موضعه الصحيح لا محالة كالمُحادِد للدِّين؛ ويا لِكُلفة الوعى الباهظة.
فمثلاً تخبرنا نظرية أنماط الإنتاج (المشاعيةالأولى/المجتمع العبودى/الإقطاع/ الرأسمالية/ ...) أنَّ الإقتصادى هو محدد البنى الفوقية (ويتحدد بها جدلياً فى نفس الوقت كما يقول ألتوسير) فى ظل كل الأنماط. غير أنَّ السيادة/الهيمنة قد تكون للأيديولوجى، أو السياسى (والسياسى يستبطن العسكرى)، أو الإقتصادى نفسه، أو النظرى/العلمى؛ وذلك بحسب تطور القوى المنتجة فى المجتمع المعين.
وقد إرتبطت سيادة/هيمنة الأيديولوجى بالمجتمع المشاعى والعبودى، وارتبطت هيمنة السياسى بالإقطاع، وحسب هذه النظرية يجب أن يكون الإقتصادى مُحدِّداً ومُهيمناً فى ذات الوقت فى زمن الرأسمالية. والبعض (Poulantzas for example) يعزى تداخل الهيمنة (كهيمنة الأيديولوجى أو السياسى فى ظل الرأسمالية، مثلاً) لـسوء تموضع هذه العناصر؛ السياسى/الأيديولوجى/ الإقتصادى (Displacement of elements). وأنا شخصياً أعزيه لواقع التشكل الإقتصادى /الإجتماعى وتطور القوى المنتجة فى اللحظة التاريخية المحددة.
وبالتالى تصبح سيادة الأيديولوجى (المروجة لدولة دينية فى الوقت الراهن) أو السياسى (المروجة لدولة حماية قومية فى عالم ليبرالى بعد - حداثوى) فى زمن الرأسمالية، خارج سياقها التاريخى ما لم ترتبط بتطور القوى المنتجة فى المجتمع. وليس ثمة شئ خارج السياق التاريخى الآن (فالعالم كلُّهُ رأسمالى)؛ وإذا كان الأمر كذلك، وأنّ كل ما ذكر بعاليه مستمر الصلاحية، فإنَّ جملة إسترداد دولة الخلافة (لتكون إسلوب الحكم الإسلامى الوحيد فى العالم الإسلامى) تصبح جملة مرسلة (أيديولوجيا) غير قابلة للحياة (إذ أنَّ عليها أنْ تُزيح نمط الإنتاج الرأسمالى من الوجود أو تُنكره، وتعود بنا إلى الإقطاع وتمحاه، ثم تزجَّ بنا فى نمط الإنتاج الخارجى/الرِّيعى: ينظر الواحد منهم للسحابة فيقول لها أينما صببتِ فسيأتينى خراجك) ولكنها قد تساهم فى موضعة المنادين بدولة الخلافة (أو جزءٍ منهم) فى موضعة الهيمنة.
وقد رأينا بأمِّ أعيننا إهتراء الأيديولوجيا الدينية للإنقاذ (التى إستخدمتها لتتموضع رأسمالياً فى التشكيلة الإقتصادية الإجتماعية فى السودان، وقد نجحت فى ذلك) واستبدالها بأيديولوجيا إقتصادية (التلويح بالمنجز الإقتصادى: من البترول حتى الهوت دوغ). إذاً هذه الدولة الدينية (دولة الخلافة) المستنبطة من النصوص (لا من حاجتنا التاريخية لها) تظل أكذوبة لأنها تصادم حركة التاريخ فى الوقت الراهن. ويظل التلويح بها فى الرّاهن تجارة أيديولوجية بحتة وبخسة، وقد تجد طريقها للرواج بحسبان عوامل عدة أهمّها: تخلُّف القوى المنتجة فى المجتمع، تخلُّف بنية وعى المجتمع، ضعف الطبقات الوسطى/الإنتلجنسيا وتقاعسها عن أداء دورها على الوجه الأكمل لظروف تخصها.
والشاهد أنَّ هذه الدولة الدينية (دولة الخلافة) قابلة للعصرنة أكثر من الرجعنة بمنطق الدين نفسه، وبحسب درجة ترسملها من وجهة نظر الإقتصاد البايوسياسى (حالة الإنقاذ مثالاً)، أى بالإزدياد المضطرد فى: عدد الأفراد المستفيدين من الإنفاق على مقومات التنمية، معدلات عدلها الإقتصادى/الإجتماعى، معدل الإستنارة المجتمعى فيها (أنظر مشروع الإستنارة عند د. عبد العزيز حسين الصاوى، على سبيل المثال).
يُتْبَع ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دولةُ الخلافة بالدَّالَيْن؛ الدِّين والديالكتيك (هى مفهوم أيديولوجى) غير قاب (Re: حسين أحمد حسين)
|
17:30 م Feb 6,2015 سودانيز أون لاين حسين أحمد حسين - UK مكتبتي في سودانيزاونلاين
المحصلة:
إتخذت المداخلة أعلاه الأخوانوية/دولة الخلافة كمصطلح أساس (إن جاز التعبير) للحديث عن الدولة الدينية، بحسبان أنَّ الأخوانوية ذات قاسم مشترك مع كل التيارات الفكرية فى المنطقة: حيث يتداخل العمل القاعدى فى هذه التيارات ليشكِّل كُلاًّ متناغماَ فى السلوك والإسلوب.
والحديث عن الإستخلاف بالإنتخاب الراجح دينياً (لا التعيين الأقل رجاحة) والشرائع والكليات يحتاج إلى مؤسسات مجتمعية ديموقراطية متنوعة وحرة العقل والتفكير خارج أُطر الجماعة المذهبية والحزب والطبقة والفئام (كأهل الحل والعقد). ولماذا تُضيِّقُ هذه الدواعيشُ واسعَ الإنتخاب (الشورى/الديموقراطية، البيعة/التصويت) وتلجأ إلى ضيق أُفُقِ التعيين، خاصة بعد إنتفاء النقاء العدلى الآن؟ فالحرصُ على التعيين بحسب التدين فى هذا العصر ليس حرصاً على الدين، ولكنه حِرصٌ على التمكين (التمكين الرأسمالى البحت، حيث تسقط الأيديولوجيا الدينية وسرعان ما تتفسخ فى ظل رأسمالية سائدة ومهيمنة، ويبقى على الأرض التراكم الرأسمالى الفاحش– السودان مِثالاً).
أقول ما أقول، وقد شهدنا بأُمِّ أعيننا كيف أنَّه باحتكار الوهابية للحديث عن الدين، قد انطمس جلُّ الفكر؛ وحين نازع الشيعةُ الوهابيةَ الحديثَ عن الدِّينَ، قد تشوّه الفكر؛ وحين أدخلت الأخوانوية أنفها فى الدين، أُرْجِسَ الفكر؛ وحين فرَّ الصوفية بدينهم إلى كهوفهم، إنطفأ الفكر.
وفى خضم هذا الإنطماس والتشيؤ الفكرى، إعْتَلَتْ الشريحة الرأسمالية فى المنطقة عبر التاريخ مجموعات إقتصادية تختلف درجة مواكبتها للتطور الرأسمالى والبعض منها يستغل الدين والمتدينين ليتموضع ويتربع على وضعية الهيمنة، والخاسر فى نهاية المطاف هو الدِّين والمتدينين من البسطاء.
وهؤلاء المتدينون، هم فصيل مغبون ومغررٌ به، يتحرك بين تورا بورا وتومبُكتو، وبين البريقة والبصرة والقصيم، وبين قُم - صنعاء - ومقديشو - والخرطوم، يناصر الشيعة تارة، والوهابية/السلفية تارة، وتارةً يناصر الأخوان فى مصرَ والسودان وليبيا وغيرها. فهو فريق منكفئٌ على الماضى، يستحلُّ كلَّ شئٍ للوصول إليه ( وأنَّى يَصَل)، ويستلهم منه العنف والعَوارْ، ويذر السماحة والرحمة.
هذا الفصيل بدأ يشكِّل إحتياطيّاً إستراتيجياً للحركات البراقماتية كالأخوانوية، خاصةً مع موجات الإنشقاقات الإصلاحية فى السودان، وهزيمة الأخوانوية فى مصر. ولكن الشئ الذى لم يعقله هؤلاء المساكين والمُغرَّر بهم، هو أنَّهم سينهزمون بسباحتهم عكس التيار لا مُحالة؛ فقد إنتهى زمان الأيديولوجيات، والدولة المؤدلجة دينياً غير قابلة للحياة، وسيحيى رأسمالياً فقط مَن يستغِلَّهم.
___
| |
|
|
|
|
|
|
|