دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ ..
|
04:02 PM Nov, 08 2015 سودانيز اون لاين محمد حيدر المشرف-دولة قطر مكتبتى
أقرأ ,وبشيء من المتعة الخالصة, في رواية "شوق الدرويش" لحمور زيادة .. نعم ما زلت متقلبا في أطوار القراءة وصفحاتها, إلا أن الكثير من الإنطباعات قد تواتر على مخيلتي من كل صوب وعلى كل ضامر يأتيني من ذلك التأريخ الداكن القديم..
إنطباع أولي:
وكأنني أقرأ رواية لنجيب محفوظ, بيد أن مزاجها كان سودانياً صرفاً !!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ .. (Re: محمد حيدر المشرف)
|
إستقر هذا الإنطباع بذهني .. تواترت المرائي أمامي .. "حمور" كان حاضراً بمخيلتي .. في طاولة منعزلة بمقهى في "نص البلد" .. ربما بابراهيم باشا او قصر النيل .. فنجان القهوة التركية لا يلبث الا قليلا قبل إستبداله بآخر .. أغنية لام كلثوم يأتي صدى ذبذباتها بذات تلك الطريقة التي تأتي بها ذبذبات صوت أم كلثوم .. في مقهى قاهري .. ذات مساء قاهري .. في "نص البلد" ..
كان حضوراً قاهرياً كاملاً ل "لحمور" .. الا أن تقاسيم وجهه كانت معبأة تماما بذات ذلك الغباش الامدرماني الحميم .. وبالكثير من الحنين المخزون بين طيات تقطيبته تلك التي تعلو "النضارة", والى الأسفل تماما من تلك "الصلعة" الخفيفة .. بينما تنحفر تلك المعاناة الانسانية المحضة للابداع والسودانوية عميقاً بين خطوط الحزن في جغرافيا ذلك الوجه المسكون بالرهق العنيف .. ذات تلك المعاناة الانسانية المبثوثة في كل شبر من تأريخ وجغرافيا ذلك الوطن الحزين .. السودان !!
أعلاه ما طاف بخاطري وأنا أحاول لملمة الخاطر الأول ..
"وكأني أقرأ رواية لنجيب محفوظ .. بيد أن مزاجها كان سودانياً محضاً !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ .. (Re: محمد حيدر المشرف)
|
وهكذا يحكى التأريخ!! .
لا أتحدث عن إحتمالات الخطا والصواب ولكن .. أتحدث عن فعل الحكي .. او كيف يحكى التأريخ .. الأمر أشبة بالهبوط في لحظة زمكانية محددة .. والتجوال فيها, وعبر تفاصيلها الحياتية ..بين شوارعها .. زقاقاتها ..بيوتها .. تلتقط العين هذا المشهد .. وتلتقط غيرها غيره من المشاهد, لتشكل في مجملها صورة بانورامية كاملة تقدم للاجيال القادمة دونما زيف ..
هذا الهبوط الزمكاني الابداعي ليس مسألة "مطلوقه ساي" .. يلزمه الكثير من الاعداد الجاد والقراءة العميقة والشغف بالتأريخ .. كما ويلزمه بالضرورة "مبدع من طرز خاص" .. يتمتع بقدرة عالية على إلتقاط المشاهد من بين الكم الهائل من المرويات وكتب التاريخ والوثائق .. ولربما كان ذلك وجه شبة آخر وليس أخيرا بين نجيب محفوظ وحمور زيادة ... ولربما طاف طائف بحمور زيادة أن يكتب أمدرمان كما كتب نجيب "مصر المحروسه" .. فحفظت الأجيال تأريخها دونما مرور على دور الوثائق ودونما التحاق بشعب التأريخ داخل الجامعات المصرية .. تناقلته طبيعيا من خلال وسيلة طبيعية جدا .. الحكي أو الحكاية أو "الحدوته" كما كتبها محفوظ ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ .. (Re: محمد حيدر المشرف)
|
وتبقى ال Dilemma أو عقدة الموضوع .. هل يكتب الإبداع " الحقيقة " أو هو بالاحرى مساهم فعال في إبرازها من خلال الغبار الكثيف للأسئلة التي يثيرها .. أعتقد ان الابداع مساهم فعال في إبراز الحقيقة التأريخية .. وما تلتقطه عين هذا المبدع وفي جميع أحوالها من تنافض أو إتفاق أو خلاف مع ما تلتقطه عين ابداعية أخرى .. هو ما يصنع بانوراما التأريخ .. وهكذا فإن من الممكن جدا لجولة في متحف اللوفر مثلا .. أن تضع أما ناظريك ما يكمل مشهد الثورة الفرنسية المتواتر في الرواية والأفلام والكتب .. وكذا لا تكتمل صورة الثورة البلشفية الا بقراءة رواية "الام" لماكسيم غوركي .. والامثلة كثيرة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ .. (Re: محمد حيدر المشرف)
|
الخاطر الثاني ..
الكثير من المناحي الفلسفية العميقة تجاه الحياة والحب والتضحية لشخصيات لا تبدو عليها سمات الفلاسفة والحياة الفكرية المترفة .. الجريفاوي ومنديل على سبيل المثال, يتحدثان ويفكران بطريقة اكثر عمقا من واقعهم الثقافي /الاجتماعي .. في حالة الجريفاوي تغيب الفجوة العميقة بين الدروشه بنسختها السودانية والتصوف بمعناه الفلسفي/الاكاديمي لعتاة الفلاسفة والمثقفين .. وفي مجتمعات تسود فيها غيبيات ود ضيف الله على سبيل المثال, يكون من العسير بمكان أن نجد اصداء واسعة لاشارت "النفري" لو جازت الاشارة !!..
قد يقول قائل أن المنحى الفلسفي في تناول معاني الحياة ليس محصورا على الفلاسفة .. ذلك صحيح بالتأكيد ولكن .. لا يمكن أن تكون فيلسوفا خامل الذكر من ناحية, وناشط غيبي/رجعي من ناحية أخرى ..
لا اعلم صحة اعلاه .. بل ولا اثق في قدرتي في التعبير حوله ولكن .. تلك الشخصيات, كانت تتحدث بما يفوق معينها الثقافي بالتأكيد !! كان "حمور" حاضرا بالتأكيد !!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ .. (Re: محمد حيدر المشرف)
|
حكاية بخيت منديل و ثيودورا او حواء وبينهما مريسيله
حكاية الرق في المجتمع السوداني ..
ثثيودورا الأوروبية شديدة البياض ذات الشعر البندقي .. نشأت في الاسكندرية .. وكانت خطيئتها المسيحية الوحيدة قبلة واحدة قبل أن تترهبن وترحل لبلاد السودان من أجل خدمة الرب.. لتعيش تجربة استرقاق مريرة في أمدرمان .. كان مشهد ختانها ذروة درامية نجح حمور في إقتناص تفاصيلها الموجعة بايجاز بارع .. لم يكن ختانها ذلك في شان الله.. بقدر ما عقوبة لها لعدم إرضائها غريزة سيدها الجنسية !!
بخيت منديل حكاية استرقاق مريرة جدا .. في الواقع تم استرقاقه مثنى وثلاث .. وظل عبدا حتى فى زمان حريته القليل .. كانت رقيقا أول ما كان, لشاذ أوروبي كان يستعمله للاشباع الجنسي قبل أن يهديه لآخر تركي له إبنة شديدة الشبق .. وكان بخيت منديل أداتها الفعالة على ما يبدو لاطفاء شبقها الجنسي العارم .. ثم جاءت حكاية استرقاقة الثالثة إثر أسره في مصر عند هزيمة جيش النجومي.. وتلك كانت أهون فترات استرقاقه وأكثرها ثراءً والتصاقا بذاكرته عندما وهب نفسه عبدا في في حضرة العشق ل ثيودورا .. وكان ذلك هو الاسترقاق الأخير والذي مات عليه ..
بين هذه التفاصيل, نسج حمور حكايته بخيوط موجعة جدا .. وعلى الرغم من الخيالات الدرامية المجنحة في الحكاية .. الا أن الرصد الابداعي والتاريخي لحياة بخيت منديل تم باحترافية بالغة و واقعية شديدة .. نجح حمور في نقلنا زمكانيا للحكاية.. لم يفارق حمور تلك الواقعية الا عند محاولة اكساب بخيت منديل لغة داخلية وطريقة تفكير متجاوزه لمعينه الثقافي .. ذلك على الرغم من محاولة التأسيس لذلك من خلال علاقته بسيده المصري وصداقته داخل سجن الساير لمتصوف مغربي دارت بينه وبين وبخيت العديد من الحوارات ..
..
ها قد أتممت قراءة شوق الدرويش ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شوق الدرويـش .. أو هكذا يُحكى التـأريـخ .. (Re: محمد حيدر المشرف)
|
شكرا جميلا لحمور زيادة أن وضع في حافظة رواياتي العظيمة رواية جديدة .. الأجمل من كل ذلك فتح شهيتي للقراءة من جديد .. كان من السيء جدا أن لا تكمل قراءة الروايات للضجر الذي يعتريك من مساختها ..
أعلاه مجرد انطباعات قد لا تخلو من السذاجة .. ولكنها انطباعات جيدة لا تضر على اية حال .. ولست واثقا من قدرة القاريء على ممارسة .. فلندعوه "الانطباع" .. .. بل ولا أعرف جدواه .. بيد أني أرجح نفعه للكاتب والرواية والمتلقي و مُمارِس "الانطباع" هذا !! .. تمتعت بالرواية واستمتعت بتسجيل "الانطباع"
شكرا لكل من تابع/ت
| |
|
|
|
|
|
|
|