|
تحالف قانون الفساد وقانون الأمر الواقع- شهادة لكاتب مصري عن الاوضاع مصر
|
09:59 PM Nov, 12 2015 سودانيز اون لاين زهير عثمان حمد-ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ -ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ مكتبتى رابط مختصر
كتب نبيل عبد الفتاح تبدو كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المصرية مأزومة وتنطوى على اختلالات هيكلية شاملة، ومن ثم تتوالد وتتداعى الأزمات وراء بعضها وعلى نحو متسارع ومكثف ومأساوى، وهو أمر يحتاج إلى معالجة الأسباب التى أدت إلى وصولنا إلى هذه المرحلة المتفاقمة التى لم نصل إليها في عديد من المراحل خلال أكثر من أربعة عقود مضت، وتبدو مؤشراتها على النحو التالى:
1- ضعف مستويات تكوين غالب النخبة السياسية المصرية، من حيث المعرفة والمستوى الثقافى وغياب الرؤى داخلها، وهشاشتها وتفسخها، وعدم قدرتها على التكيف مع أزماتها التكوينية أو فشلها الذى تُعيد إنتاجه كل مرحلة، بحيث أصبح عملها الوحيد هو الفشل المستمر، سواء على صعيد النخبة الحاكمة أو المعارضة أو بعض هؤلاء الذين يظهرون فى إهاب "ليبرالى" ومستقل. 2- هيمنة البيروقراطية الإدارية والتكنوقراطية على الإدارة الفعلية لشئون البلاد، وإدمانها للفساد الإدارى بكل أشكال الرشاوى، واختلاس المال العام وغيرها من انتهاك قانون العقوبات وجرائم الموظفين العموميين، والأخطر تكاسلها وتفسخها والتفافها على نصوص القوانين واللوائح والقرارات الإدارية الوزارية أو غيرها، من خلال التفسير والتأويل، أو التباطؤ في عدم التنفيذ أو التراخي والكسل، وغياب العمل المنتج والخلاق وعدم متابعة تنفيذ القوانين على ذوي السطوة والنفوذ والمكانة الثرية أو السلطوية. ثمة نزوع عارم لدى هذه الطبقة البيروقراطية ذات النزوع الريفي والإيمان الديني الشكلي المتكلف والمزدوج. ثمة ركون إلى التواكل وقضاء الوقت في الثرثرة واللغو فى شئون الحياة اليومية، والتى تفتح إدراجها للمال الحرام من أجل تقديم الخدمة المشروعة للمواطن بعد تعذيبه سعيًا وراء التوقيعات والأختام حتى يدفع المعلوم من الرشوة بالضرورة في التقليد البيروقراطي الفاسد. الأخطر أن ثمة ميلا لهذا الجهاز البيروقراطي الضخم والمفرط فى ترهله وكسله وعدم كفاءته إلى رفض التجديد أو الإصلاح الإداري أيًّا كانت مستوياته ونوعيته، وهو ما تدل عليه فشل عديد من التجارب لإعادة التأهيل والتدريب، أو الدورات التى تعقد فى هذا المجال ويعود الموظف والعامل مجددًا إلى مألوف ما كان عليه من ممارسات كسولة لا تأبه بالعمل ولا تتحمل المسئولية.
من ناحية أخرى ثمة ظاهرة إدارية مستمرة تتمثل في ميل هذا الجهاز إلى ممارسة الضغوط للحصول على المكافأة والحوافز على اللا عمل، أو العمل محدود الوقت جدا، أو على الكسل الجماعي، والأخطر أن غالب ميزانية الوزارات يعاد تدويرها إلى دائرة المكافأة عن أعمال يقال عنها استثنائية الجهد والأداء، بينما هي العمل الرئيسي المنوط بهؤلاء وتم تعيينهم لأجله أساسًا، كيف تدفع مؤسسات إعلامية حكومية عليها ديون ضخمة، وتحقق خسائر سنوية، أرباحا وحوافز سنوية كبيرة؟!
خذ مثلا وزارة الثقافة وتردّى أدائها والميزانية المخصصة لها يذهب 84.6% منها أجورا ومكافآت، والجزء الباقى يخصص لأنشطة هيئاتها المختلفة كى تعود مجددًا إلى الجيوب في شكل مكافآت وحوافز، بل فى ظل هيئات ضخمة العمالة ولا تعمل إلا على نحو محدود وجزئي وبيروقراطي كهيئة قصور الثقافة المترهلة.. وهكذا في كل الهيئات الأخرى داخل هذه الوزارة، وتكاد لا تجد رؤية أو سياسة ثقافية لها على الرغم من الإعلان عن ذلك مرارًا، والأخطر تراجع تأثير أنشطتها الاستعراضية في ظل عديد من المتغيرات التى تمت على صعيد العمل الثقافي الأهلي، وعلى الواقع الافتراضى. خذ بيروقراطية الدبلوماسية المصرية، وما معايير اختيار العاملين في السلك الدبلوماسي والقنصلي؟ وكيف يتم تأهيلهم؟ وانظر إلى نتاج خيارات غير موضوعية وتقوم على أسس من التمييز على أساس اجتماعى، على نحو أدى إلى استبعاد باحث متفوق ورقيق الحال ابن أسرة بسيطة لهذا السبب، مما أدى به إلى الانتحار في مياه النيل. خذ عديدا من المواقع التي تعمل بها الأجهزة الدبلوماسية المصرية، لا سيما في بعض المناطق الهامة لمصر ومصالحها القومية، ثم تحدث مشكلات ضخمة ولا تجد سوى عمل بيروقراطي في مواجهتها من الخارجية، وأجهزة الدولة المختصة! من فضلك: متابعة ولو بسيطة وسريعة عن العلاقات المصرية الإثيوبية ومشكلة سد النهضة لتعرف أين الفشل.. فى التباطؤ وضعف الخيال ونقص المعلومات والخطاب النمطي غير المسئول من بعض الوزراء طيلة حكم مبارك؟
وكيف تمت متابعة هذا الملف الحيوي لمصر وأمنها المائي في ظل المراحل الانتقالية وإلى الآن! ستكتشف معنى ثقافة اللا عمل الجاد وغياب الخيال السياسي والإداري والتكنوقراطي في حياة الدولة المصرية وأمراضها المستوطنة والتي تبدو مستعصية على العلاج! خذ من فضلك طريقة تعامل أجهزة الحكم المحلي سنويا مع الأمطار والنوات التي تغرق الإسكندرية وتحولها إلى بحيرات عطنة، وكل عام يبدى الجهاز البيروقراطي المريض بمرض اللا كفاءة والكسل، أن الأمور على ما يرام! وبعدها تبدأ المشكلة تطل برأسها من جديد، رغم الإنفاق السنوي المخصص لحل هذه المشكلة الدائمة، وهى غياب مسارات لتسريب مياه الأمطار والنوات، والسؤال: أين يبدد إذن المال العام؟ هذا الكم الهائل من المباني والأدوار العليا في الإسكندرية والمحافظات التى تم بناؤها بدون ترخيص، ولا أحد يسائل أحدًا من هؤلاء الملاك الذين سارعوا بالبناء دون مراعاة اعتبارات تهالك البنية الأساسية للصرف الصحي، أو مدى صلاحية المبنى للسكنى، أو احتمالات انهياره في ظل أي زلزال أو هزة أرضية أو انهياره لعدم توافر الأسس والمواصفات الهندسية في عملية التعلية أو البناء الذي لا تتوافر له كل المقومات السليمة! لا أحد يسائل أحدًا! ظواهر التواطؤ والتصالح الفاسدة بين هؤلاء الملاك المخالفين والحكم المحلي دون اعتبار لمخاطره في حال التصدع أو الانهيار وضحاياه كثر، من ماتوا أو جرحوا بعاهات من جراء هذا التواطؤ الفاسد بين الملاك وأجهزة الحكم المحلي! أراضي الدولة المنهوبة والتي تم الاستيلاء عليها، ويتم التصالح حولها من وراءه؟!
جيش الفساد العرمرم من البيروقراطية المريضة والعفنة. البناء على أراضى الدولة، والأراضى الزراعية محددة المساحة من قبل بعض من المواطنين، ولا أحد يتابع بدقة وحسم، وينفذ القانون إلا قليلًا! إنها ظاهرة فرض قانون الأمر الواقع من قبل قطاعات من المواطنين، لجعل الدولة تلجأ إلى القبول بتزاوج قانون الأمر الواقع وقانون الفساد وثقافته!
المشكلة في الدولة وفي قطاعات اجتماعية مختلفة من المواطنين وراء الدراما المأساوية التي تعيشها الدولة والمجتمع المصري، وتعيد إنتاج تخلف تاريخي على نحو مستمر وبالغ الخطورة والكارثية! والسؤال: لماذا هذه الظواهر؟ وما أسبابها؟
|
|
|
|
|
|