بسم الله الرحمن الرحيم } ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين( 109 ) لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم ( 110 ) ) سورة التوبة
حول ما حدث في فرنسا .. يبرز اليوم على الساحة الإسلامية اتجاه سياسي إرهابي تكفيري يقدم نفسه على انه يمثل الإسلام الصحيح و غيره انحراف و هرطقة . هذا الاتجاه أصبح مؤثرا على الساحتين الإسلامية و العالمية و تسعى أمريكا و الغرب و الشرق مع الحكومات الإسلامية وغالبية الشعوب الإسلامية للتصدي لهذا الاتجاه و منعه من تنفيذ برنامجه السياسي المعلن و هو إشعال الحرب ضد غير المسلمين بدعوى الدفاع عن الإسلام و المسلمين والحرب ضد المسلمين المخالفين بدعوى الانحراف . و نلاحظ أن هذا الاتجاه يروج لمعركة "هرمجدون" واسطرة الصراع الاقتصادي بين الرأسمالية الاحتكارية والدول النامية و يتحمس لها بنفس الدرجة التي نلاحظها عند اليمين المسيحي المتطرف واليهودي الصهيوني , فهذه الأطراف الثلاثة فقط تعتقد أن هذه المعركة قريبة و قادمة لا محالة و هي تستعجلها و تستعد لها . السؤال الجوهري الذي لم يسأله أحد هو : خلال ما لا يقل عن عقدين من الزمن تطور هذا الاتجاه في السعودية و اليمن ثم أفغانستان و باكستان و الجزائر و مصر و السودان و الجزائر و الأردن و العراق و سورية و اندونيسيا و الفلبين , فهل كانت استخبارات الغرب و سفاراته و مراكز أبحاثه غافلة عن هذا التيار ؟ و لماذا لم تحاول إيقافه في مراحله الأولى ؟ لماذا لم تحاول تنشيط الإسلام المعتدل و دعمه ؟ لماذا لم تطالب قبلا بإيقاف مؤسسات تفريخ الكراهية و تجفيف منابعها ؟الجواب على السؤال أصعب بكثير من السؤال نفسه , فقد كانت هناك عملية منظمة تجري لخلق هذا التيار عن طريق : -1 الاستفزازات المتعاقبة من قادة الغرب و إسرائيل لمشاعر المسلمين 2 - إبراز الإعلام العربي لهذه الاستفزازات و تضخيمها،فضائية الجزيرة نموذجا.. - 3 سكوت الغرب عن أنظمة تلبس الدين في بلاد المسلمين و أخرى تحاربه أو تحالفه معها 4 - السكوت عن التمويل الضخم لمشاريع خدمية تابعة لهذا التيار -5 السكوت عن التثقيف الديني التكفيري الذي كان ينتشر بسرعة في كل مكان كل هذا يجعلنا نتساءل لماذا ؟ السبب حسب رأيي : قبل عدة عقود أدرك قادة الفكر الغربي أن شعوبهم تعتبر تربة خصبة لانتشار الإسلام فهي تشكو من فراغ فكري و جوع عقائدي وجدب روحي مع تقدم علمي و تقني كبير وارتفاع في مستوى المعيشة بمقابل قاعدة دينية عاجزة عن مواكبة هذه التطورات .طبعا أنا لا أقول أن أيا من التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة اليوم يمتلك الطرح الأمثل الذي يقدم الغذاء الروحي الذي يحتاجه الغرب و لكن الرسالة الإلهية و المتمثلة في القران الكريم أساسا، ثم في الحديث النبوي , هذه الرسالة لو عالجها العقل الغربي المنفتح و العلمي و الجريء فانه يمكن أن يخطو بها خطوات واسعة باتجاه التخلص مما علق بها من شوائب و إعادتها الى نقائها في الأصول بالإضافة إلى استنباط من الفروع بما يناسب مع العصر .هذا الاحتمال جعلهم يوافقون و يشجعون تيار متطرف يستولي على الساحة الإسلامية ويطرح إسلاماً ترفضه الفطرة السليمة ليس فقط في الغرب بل و حتى بين المسلمين أنفسهم كما نرى .لقد تمكنوا من شق صف المسلمين بقوة و فعالية عالية جدا فقد كان المسلمون يتوقعون الانشقاق بين سنة و شيعة فإذا هم يشقونهم إلى متطرفين و معتدلين بغض النظر عن المذهب و هذا الانشقاق عميق و يمزق الأمة تماما كما يعطي مناعة للجسد الغربي ضد المد الفكري الإسلامي..والآن بعد مرور عقد على احداث11 سبتمبر 2001 رجعوا للتقسيم على أسس جديدة إلى سنة وشيعة مجاراة للحرب الباردة الجديدة بين إيران والغرب.. باختصار : هم يعتقدون أن دخول الإسلام إلى الجسد الغربي قضية خطيرة جدا و هم يعلمون أن هذا الجسد ليس لديه مناعة ضد الإسلام لأنه دين الفطرة و لان الغربي بأمس الحاجة إليه , فقاموا بتنمية إسلام مسخ يستطيع أن يولد رفضا قويا في الجسد الغربي عند اتصاله به.... هل نجحوا ؟ نعم نجحوا مرحليا , على أمل أن تدوم هذه المناعة ضد الإسلام و تحمي الجسد الغربي منه و لكن هذا محال فالعقل الغربي جدلي و حر , يحلق باستمرار في سماء البحث و لا ينفك يشك في كل شيء للوصول إلى الحقيقة و سرعان ما سيكتشف الفرق بين الإسلام و بين ما يقدم له على انه الإسلام و سيسقط الثاني لكي يسود الأول و عندها لن يتمكنوا من منع الالتحام بين هذا العقل و الدين الحق...وبقي علينا نحن ان نفهم..أن أدوات الحرب الباردة من إسلاميين وقومجية هم اكبر عائق أمام انبعاث الإسلام الصحيح على مستوى الأصول والقادر على الإجابة عن معنى التحولات الراهنة في النظام العالمي الجديد في مرحلة ما بعد الايدولجية..وإنهم يعيدون إنتاج أنفسهم بأقبح صورة تتجلي في العراق والسودان ومصر وتونس وسوريا وليبيا..الخ.. ويعرقلون الديمقراطية وتحولاتها في المنطقة عبر فضائيات ومراكز الدراسات المزيفة وبوسائل مبهرة للتغييب وجعل الشعوب كومبارس.. ولا يمكن للإسلاميين والقوميين أبدا العيش في مناخات حرة وقد اعتادوا الظلام...وكل من نراه الآن من صراع في المنطقة هو بين الغرب وأدواته وليس له علاقة بالإسلام ولا المسلمين لا من قريب ولا بعيد وأصحاب البصائر يميزوا ولا زال التنويريين يكمموا ويشردوا واستمرت ازمة دول المركز العربي القديم و عجزت حتى هذه اللحظة أن تقودنا بفكر جديد يتجاوز السلفيين و الأخوان المسلمين والناصريين والشيوعيين الذين أسهمت في نشرهم من المحيط إلي الخليج في الحقبة الامبريالية /الصهيونية المنقرضة.. وان ما حدث في فرنسا اليوم عبارة عن صفعة للدول التي تتيح الترويج للإرهاب وتحضنه وتسهم في نشر الصورة المشوهة للإسلام التي تجسدها السلفية والأخوان المسلمين وتوفر لهم المأوى والمساجد ايضا لتسميم وعي الأوروبيين بهذه الترهات من الكتب الصفراء عن دار الكفر ودار الإسلام وأطروحات أبو قتادة وغيره من مخلفات الحرب الباردة في أفغانستان و اضطهدت فرنسا المفكر الإسلامي الراحل روجيه غارودي الذي شكل إضافة حقيقية للمسلمين والإسلام ..وحل بفرنسا اليوم ما حل بمستجير ام عامر... اليوم .. حصحص الحق وظهر جليا ان العدوان غير المبرر على اليمن صدام حضارات اليمن الذي يعتبر أفضل بلد في عربي عبر التاريخ وصلته الأمانة و الإسلام الجيد عبر علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما و صدره إلى العالم عبر العصور ويرجع الفضل لليمن والعراق أيضا تلاميذ الشيخ عبدا لقادر الجيلاني في نشر الإسلام الحقيقي في كل دول العالم القديم والجديد حتى بلغ عدد المسلمين في العالم مليار وخمسمائة مليون مسلم .... و نشروه ايضا في بلدي السودان أيضا عبر غلام الله بن عايض الحضرمي .. لذلك أتضامن مع الشعب اليمني في قضيته العادلة من اجل الحرية والانعتاق من اصر النظام العربي القديم ولتستمر رسالة اليمن الحضارية التي ستعيد الإسلام كثوب نظيف ناصع وقد قال الرسول ص "بدا الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبا للغرباء ,قيل من هم الغرباء؟ قال "الذين يصلحون ما افسد الناس"..ارفعوا أيديكم عن اليمن ودعوا اليمن لليمنيين وسيعم الإسلام والسلام العالم..عندما تحيا زبيد وتريم وصعدة التي تجسد الهوية الإسلامية الحقيقية لليمن والتعايش الجميل بين الشافعي والصوفي والزيدي..وتصبح اليمن قبلة أنظار لطالبي العلم من كل العالم وأحباب حياة الفكر والشعور... كاتب من السودان
12-03-2015, 08:26 AM
adil amin
adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 38104
الطائرة البي 52الطائرة الاباتشيالقنابل العنقوديةالدواعش ادوات القتل الرخيص الامبريالية الصهوينية...والراسمالية الاحتكارية التي اضحت تفرز باستمرار مع ايقاع الزمن الدوار ليبقى مثل العار الدولي السعودية -اسرائيل-امريكاوالقوادة الكبيرة الامم التي ما تحدت يوما
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة