دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2)
|
هذا البوست سيحمل كافة مقالاتي الصحفية في الصحف والمجلات التي نشر الكثير منها في الجزء الأول .
ولكنها ستعاد مرة أخري هنا نسبة لأن البوست المشار إليه قد تم أرشفته في الربع الأخير دونما مبرر.
سيتم كذلك إضافة كل المقالات التي لم تنشر في البوست السابق وسيلحقها أيضآ الجديد من المقالات الحالية والقادمة (بإذن الله)...
نحيطم علمآ بأن هذا البوست سيكون مختلفآ عن الجزء الأول في أمرين:
أولآ: سيتم نشر المقال دون إلحاقه بنسخة النشر في الصحيفة (فهذه الخاصية تجدونها في الجزء الأول).
ثانيآ: هذا البوست ليس مفتوحآ للنقاش (وإنما هو فقط توثيق لعملي الإعلامي وبالتحديد المقروء منه).
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: تدهور التعليم العالي في السودان: لا شك ان التعليم هو من اهم ركائز التنمية في اي دولة, وان تطويره والاهتمام به يزيد تلك الدولة نموا وتطورا, فهو يدخل في كل اساليب الحياة وتعامل البشر مع بعضهم البعض. اما اهمال التعليم من قبل اي دولة يفتح الباب علي مصراعيه للجهل والمرض والتخلف والجريمة وكل اشكال الحياة المتخلفة والغير متحضرة. والتعليم في السودان اصبح مؤخرا الحديث السائد بين كل السودانيين بالداخل والخارج, حيث اصبحت هنالك ازمة غاية في التعقيد عن التعليم في السودان شغلت سائر الصحف اليومية والراي العام علي سواء.
هنالك الكثير من المؤسسات التعليمية والتقنية انشات علي مدي السنوات السابقة, وتغييرات اخري كثيرة حدثت القت بكاهلها علي التعليم في السودان مما اضعف المستوي الاكاديمي في ذلك البلد العملاق. فالبرغم من انشاء جامعات وكليات كثيرة بالسودان الا انها تفتقر الي الضوابط والتجهيزات المتطلبة لانشاء جامعة او كلية وفق المعايير العلمية والاسس المقبولة والمعمول بها دوليا. فانشاء جامعات يحتاج الي اشراف دائم و مستمر من وزارة التعليم العالي, بالاضافة الي توفير الخدمات والاحتياجات (الهامة) التي تضمن استمرار الطالب والمدرس علي السواء في السلك التعليمي, اما من اهم التغييرات التي حدثت في الساحة التعليمية هو قرار تحويل الدراسة القبل الجامعية الي احدي عشر عاما.
وذلك سبب اشكالات عديدة منها سحب بريطانيا اعترافها بالشهادات السودانية التي تمنحها كليات الطب بالجامعات السودانية, متعللة باسباب علمية تعود الي ان انقاص الفترة الدراسية قبل الجامعة تؤدي الي تدهور اكاديمي بين الطلاب لا يرقي الي المستوي التعليمي المطلوب, وبالرغم من ان الموضوع يشوبه غموض وقد يكون فيه بعد سياسي, الا ان المجلس الطبي البريطاني صرح اخيرا انه سيقبل خريجي كليات الطب السودانية من الكليات المعترف بها علي لسان" انجيلا رولاندس" مسؤول الاعلام بالمجلس, وانه يتوجب على الطلاب السودانيين الراغبين في التأكـّـد من اعتراف المجلس بالجامعات التي يدرسون بها إرسال شهادةالتفاصيل للمجلس الطبي البريطاني . علي أي حال فأن المعدل العالمي المتعارف عليه للدراسة القبل جامعية هو 12 سنة, ولذا قد يؤثر هذا الامر مستقبلا علي مستوي التعليم في السودان.
ايضا هنالك الكثير من المشاكل والمعاضل في مجال التعليم تحتاج الي معالجات سريعة وفورية , وقد سمعت حديثا عن خطة في هذا الشان اعلنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السودان (وهي ما اسمته بخطة الاصلاح) جاء ابرز ما فيها: استقلال مجالس الجامعات, انتخاب مدير الجامعة بدلا من تعيينه مباشرة من طرف رئيس الجمهورية, و تغيير قوانين وتشريعات التعليم العالي لاصلاح ما سمته بالمشكلة الحقيقية في تدني مستويات الطلاب الاكاديمية. وذلك يطرح بقوة السؤال عن امكانية وزارة التعليم العالي تنفيذ وعودها لا سيما ان من خلال متابعاتي كصحفي فقد كانت هنالك وعودات بالماضي لم تجد نصيبها الي حيز التنفيذ حتي اليوم.
وبما انني اقيم حاليا ببريطانيا اود مقارنة التعليم العالي بين بريطانيا والسودان, حيث ان التعليم في بريطانيا جاذب وليس منفر كما هو الوضع في السودان, فمثلا تجد ان الدراسة الجامعية هنا في بريطانيا تستحق فعلا الاشادة والفخر. فالطالب تمنحه وزارة التعليم حوافز مالية يسيل لها اللعاب حتي يواصل في دراسته, حتي الرسوم الجامعية لا تشغل بال الطالب لانه لا يدفع اي رسوم للجامعة الا بعد ان يتخرج ويعمل ثم يبدا بدفعها بالتقسيط .
وهنالك مدة تنتهي بمرور خمسة وعشرون عاما للطالب ليكمل الرسوم والتي تقدر بحوالي 3 الاف جنيه استرليني في العام للمواطن والمقيم ( واذا لم يعمل الطالب او اصابه مرض تلغي له هذه الرسوم), غير ان الدولة تعوضه بالمقابل بدخل مجز كل عام يصل الي ما يعادل المائة مليون جنيه سوداني او اكثر (علي حسب احواله الشخصية) وعادة ما يصل هذا الدخل الي المبلغ المذكور او اكثر كل ما كان الطالب لديه اطفال او عائل لاسرة, وتعتبر هذه منحة تعطيها الدولة له دون الحوجة الي ارجاعها , هذا بالاضافة الي خدمات اخري تقدمها وزارة التعليم مثل الحاسوب الالي ومنافع اخري تقدم للطالب حسب الحوجة الطبية وما شابه.
اما اذا شعر الطالب بالملل او لا يستطيع الاستمرار في الدراسة يتوفر استشاريين مخصصين ومدربين اوجدتهم الحكومة للطالب لمحاولة لفهم مشاكله وحلها له ( اضف الي ذلك بان دافع الضرائب في بريطانيا يلقي مقابل ذلك مجانية العلاج , التعليم الشامل, المعاش المريح والكثير جدا من الخدمات, علي عكس ما هو الوضع في السودان من تدني الخدمات في المرافق الحيوية والاساسية والتي تلقي بكاهلها علي المواطن المسكين وتجده مغلوب علي امره) . لذا فهنالك الكثير من المشاكل التي يجب ان تهتم بها الدولة في السودان مثل: ان الطالب لا بد وان يدفع الرسوم قبل ان يبدا الدراسة ( وذلك يؤدي الي تسرب للتلاميذ, فتجد الكثير من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم ما بين 7 الي 15 في الشوارع لعدم مقدرة اهاليهم الفقراء من دفع رسوم الدراسة لابنائهم) , فيجب ايجاد حل لهذه المعضلة , العطالة والبطالة التي تنتظر الطلاب عند تخرجهم من الجامعات, تدهور اوضاع المعلمين المعيشية وعدم اهتمام الدولة بهم ادت الي تدهور وضعهم الاجتماعي مما أثر ذلك سلبا علي التعليم.
اختم حديثي بالتشديد علي ايجاد حلول قلبلة للتطبيق بحيث تكون ملزمة لجميع المؤسسات التعليمية والتقنية, واضف الي ذلك انه يجب ان يكون لاتحاد الطلاب دور فاعل ورئيسي (كالغاء مجانية السكن والترحيل...الخ) كما كان يحدث في السابق, والا يكون مسيس بحيث يدخل في صراعات مع الطلاب, وان تتواصل البعثات الدراسية للطلاب الي الخارج (حيث اقتصرت اخيرا في الذهاب الي بعض الدول الاسيوية فقط) حتي يستفيد السودان من كل الطاقات الدارسة بالخارج خصوصا المتخصصين في مجالات تقل الدراسة فيها كثير داخل البلاد في وقت تكون البلاد فيه في اشد الحوجة لابنائها في شتي المجالات., ويجب النظر في مناهج التعليم العام وتغيير المناهج والاهداف بحسب ما يقتضيه ذلك من منافع وخدمة للوطن حتي لا تصل البلاد الي الحضيض في مستواها التعليمي والاكاديمي.. أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: ما هو مستقبل السلام في السودان: منذ سنوات عديدة ظللت اتابع الحرب في دارفور والتطور الذي آلت اله البلاد بسبب ذلك الصراع الذي يبدو للعيان وكانه بلا هوادة. هذه المشكلة العضال ظلت تتطور وتتفاعل حتي اصبحت الشغل الشاعل في كل ربوع السودان. ليس هذا فحسب..بل امتد الامر ليمس كل السودانيين علي سواء خارج السودان..واصبحت المشكلة دولية وتسيست وتداخل العالم باكمله في محاولة لداب الصراع وانهاء القتال في دارفور. الكثير من الاراء والقراءات تشير الي ان ثمة مؤامرة ما, هي التي اوصلت الامر علي هذا النحو المريع, ودراسات عديدة وتحليلات تمت في هذا الشأن, ولكني الان لست بصدد الحديث عن هذا الامر الذي تحدث عنه الكثير طويلا ..
بل ان حديثي ينبع من خوف وهواجس وقلق لما آل اليه السودان..و آلام تعتصرني وتحرقني لما سيؤول عليه الوضع في المستقبل..والسبب في ذلك انني اقيم لاكثر من سبعة عشر عام خارج السودان..وبالتحديد في بريطانيا. منذ سنوات قليلة قررت الحضور الي السودان والعيش فيه..وحتي انني فكرت في انهاء كل ارتباطاتي ببريطانيا بالرغم من ان هذا بالنسبة لي لا يعتبر بالامر الهين..اذ انني مكنت نفسي جيدا في هذه الجزيرة الصغيرة..اصبحت كل ارتباطاتي ..عملي..دراساتي..منزلي..اصدقائي في بريطانيا..بل استطيع الذهاب الي ابعد من ذلك واقول بكل صراحة ان حياتي كلها اصبحت في بريطانيا..
بالرغم من انني اعمل كاعلامي وتخرجت كمهندس كومبيوتر من احدي الجامعات البريطانية وفي نهاية دراستي الان لرسالة المجاستير, وتأقلمت جيدا في اشياء كثيرة واصبحت بلادي بعد ان تجنست فيها واصبحت احد مواطنيها..الا انني والحق يقال لم استطع ابدا التاقلم مع الناس وهذا هو مربط الفرس بالنسبة لي والذي جعلني افكر جديا بالعودة الي بلادي واهلي واحبتي وابناء وطني..نعم احب السودان اكثر من عيوني ..وطيلة فترة غيابي عن السودان لم انس بلدي الاصل ابدا..احبه اكثر من نفسي وافديه بروحي..حيث انني قضيت اجمل سنوات عمري في السودان..وتعلمت كل ما يمكن ان يتعلمه الصغير في بلاده من عادات وثقافات وطيبة اهل وسماحة ناس لا توجد الا في السودان..شربت من نيله ولعبت في ترابه واصبح حبه ومكانته في قلبي لا يمكن ان ينتزعها انسان منه.
لذلك اتابع بكل شغف كل صغيرة وكبيرة تحدث فيه واصبح همي الشاغل هو السودان ومتي سأعود للعيش فيه ابد الدهر. تابعت بمزيج من الحزن والاسي والقلق التطورات الخطيرة التي تمر بها البلاد وكيف ان البلاد اصبحت مستهدفة من الخارج..وكيف تطورت حرب دارفور حتي امتدت الي امدرمان مما اشعلت مزيدا من التوتر في البلاد..استغربت ايضا لكثرة الحركات المتمردة بدارفور والتي تحمل السلاح وترفض انهاء الصراع في ذلك الاقليم..واصبحت في تكاثر ونمو مما اصبح من المستحيل ارضائها جميعا, فكل حركة لها مطالبها الخاصة, وحتي ان نفذت لها مطالبها تبزغ حركة جديدة وتاتي بمطالب مغايرة وكل ذلك ينصب علي مواطن دارفور المسكين البريئ الذي لا ذنب له اطلاقا فيما حدث, بل اكاد اجزم ان هذه الحركات لا تمت بصلة لهذا المواطن البريئ , وكل همها مصالها التي لن تتنازل عنها ابدا..وكل ذلك سيؤدي البلاد الي الحضيض لا سيما ان الانفلات الامني الذي حدث مؤخرا في الخرطوم له سيشعل الوضع اكثر ويجعله اكثر تعقيدا مما هو عليه الان..
فقد كانت تلك القنبلة التي نصبت في مكتب الاستاذ ياسر عرمان (الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان,قطاع الشمال) هو سابقة جديدة للسودان (لم نسمع عنها من قبل) قد تؤدي به الي منزلق خطير مما لا يكون هنالك رجعة فيه, وذلك بعد تصريحات عرمان الاخيرة في البرلمان عن اعادة النظر في عقوبة الزنا.. و التي ادت الي جدل واسع وتهديدات وتوسيع رقعة الخلافات في البلاد. هذه الفوضي التي تحدث قد تنتشر بسرعة في الخرطوم حتي تصبح شيئا طبيعيا يتعود الناس عليه, وقد يدخلوا في دوامة من العنق يصعب جدا اغلاقها ولن ينجوا منها احد اطلاقا... ايضا لاحظنا جميعا امتداد صراعات دارفور داخل الاراضي التشادية وبالعكس مما ادي تشاد ان تطارد المتمردين ضد السلطة داخل الاراضي السودانية بحجة انها تدافع عن امنها وامن بلدها..
وهذه الاحداث تقلقنا جدا ونحن المتابعين بتفحص وامعان للشان السوداني وازيد علي نفس الموضوع تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي حديثا حيث اعتبر ان حل مشاكل تشاد تقبع في السودان, واذا صدقت هذه النظرية , هل يعني هذا انه اذا تحقق الامن والسلم في تشاد, سوف تسعي الاخيرة الي مبادرة صادقة لانهاء صراع دارفور؟؟ هذا اعتقد قد يكون حلا اذا صدقت الروايات القائلة بان سلام دارفور يمر عبر تشاد. فاذا نستطيع القول ان فشل انهاء الازمة قد يعرض البلاد الي تطورات عنيفة سريعة متتابعة وينذر بمواجهات ودماء وضحايا واشياء نحن في غني تام عنها, وغياب الفصائل عن توقيع السلام والتوحيد فيما بينها له اضرار كثيرة علي السودان ككل ودارفور اولا..
واتسائل كيف تتحدث حركات دارفور عن تمثيلها لمواطن دارفور البسيط وهي تتناحر وتتقاتل فيما بينها, حقيقة ما يحدث في دارفور وتطورات الازمة اثر فينا كثيرا كمغتربين ومهاجرين سودانيين, وازكم انوفنا من علي البعد, وجعلنا نيأس من خير كان في السودان, وفاض بنا الكيل, واحبطنا احباطا لا مثيل له, فبدل من ان يكون الهدف السامي للجميع هو مصلحة السودان العليا ومصلحة المواطن اولا واخيرا ودرء الفتنة بالبلاد, اصبحنا نتحدث عن انفصال في الجنوب , ودنو انفصال في دارفور, وفشل مبادرة اهل السودان, والحديث عن عدم قيام الانتخابات في وقتها.
لا يفوتني الحديث عن سمعة السودان السيئة التي امتلا بها الاعلام الغربي وهو يتحدث عن تمزق السودان ووصفة كالصومال تارة ا و وصفه كحدث القرن تارة اخري..لا شك ان ذلك يؤثر فينا كمغتربين سلبيا ناهيك عن الاستهزاءات التي حدثت وما زالت من البعض ( تجدونها في اليو تيوب) نتاج تخلفنا, تقسيمنا وعدم وحدتنا. خوفي علي بلدي اصبح بلا حدود من ان آتي للعيش فيها واجدها مدمرة كالعراق . خوفي علي بلدي يرهق تفكيري ويحزنني اشدما حزنا, حوفي علي بلدي ان آتي اليها ولا اجدها.
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: الاستعمار الخفي في السودان: كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن بيع الاراضي السودانية للاجانب والمستثمرين في السودان, وانتشر خبر بيع الاراضي والقطع الزراعية الي خارج السودان بسرعة البرق, مما جذب الكثير من الاجانب وذوي الاطماع الي الذهاب الي السودان وشراء اراضيها بحجة الاستثمار. شاهدت الامر بنفسي في العديد من القنوات الفضائية, بالاضافة الي قراءات اخري متعددة جعلتني اقلق جدآ بل اصاب بنوبة قلق عميقة. فقد ورد تقرير للبي بي سي بأن بعض الدول الغنية تريد شراء اراضي دول فقيرة, وقد ركزت علي خمسة دول افريقية هي: السودان واثيوبيا وغانا ومالي ومدغشقر, وذلك تحت شعار ازمة الغذاء التي تهدد العالم, ولكن حجم تلك الاراضي الزراعية التي تريد شرائها تلك الدول تثير المخاوف والشكوك .
وبالرغم من ان صفقات تمليك الاراضي من قبل مستثمرين اجانب موجودة منذ زمن الا ان حجمها ووتيرتها تسارعت كثيرا في الاونة الاخيرة. وبعد ما كانت صفقات الاراضي الكبيرة في حدود 100 الف هكتار..اي ما يعادل 240 الف فدان, وصلت الصفقات الحالية الي اضعاف ذلك, فقد اشترت كوريا الجنوبية 690 الف هكتار في السودان وحده, اما الامارات فقد اشترت 400 الف هكتار. وقد لاحظنا ان هنالك تعديلات في قوانين الاراضي والمستثمرين تمت في الاونة الاخيرة في السودان, فهل يا تري ان ذلك قد يمهد لبيع ما يقارب خمس اراضي السودان الزراعية؟. والسبب وراء هذا القلق هو نظرة بعيدة الي المستقبل جالت بخاطري, اذ ان هذا الامر بصورته الحالية يمثل لي بداية نوعية لاستعمار قادم لا محالة , وهو قد انطلق بالفعل في السودان.
فقد تبينت ان هنالك ابراجا كثيرة في الخرطوم تمتلكها شركات, مجموعات وافراد اجانب, حتي امتد الامر الي تمليك كل من معه المال من الاجانب اراضي شاسعة في السودان بحجة استثمارها. المصيبة ان معظم هؤلاء المستثمرين الاجانب مجهولين تماما, فقد ياتي شخص برازيلي مثلا ويبرز مستنداته ويشتري ما يريد ولكن في حقيقة الامر ليس هو سوي وسيط لجهة خفية, وقد يكون المشتري عربيا او مسلما ولكنه يكون مندسا لجهة اسرائلية يعمل لحسابها. واستشهد هنا بالاراضي الفلسطينية التي نهبت وسرقت من قبل الاسرائليين وذلك بعد ان فرط الفلسطينيين في اراضيهم وباعوها للغريب المعتدي حتي تمكن منهم وقضي عليهم تماما وكون دولة اسرائيلية فوق الجثث والاشلاء المقطعة والممزقة هنا وهناك.
نعم هذا بالضبط ما اقصده وما احذره, فالامر ليس هينا قط. هذه الاراضي ملك للشعب السوداني والتفريط فيها يعتبر تفريطا في سيادة السودان وينتقص منها. لا يحق لاحد انتزاع هذه الاراضي من الشعب وبيعها للغريب مهما دفع من ثمن, فالسودان بلد شاسع به اراضي زراعية ضخمة وموارد مائية لا توجد في اي مكان في العالم, لذا فان اطماع الكثيرين واضحة في السودان والكل فاغر فاه وينتظر تمزق السودان للنيل من موارده. لذا هنالك اسئلة قوية تطرح نفسها وبعنف, وتظل عالقة بلا اجابة:
من الذي يبيع هذه الاراضي؟؟ والي من تباع؟؟ وما هي الدلائل انها لا تباع لاشخاص وهميين او مندسين وتابعين لجهات خفية بحجة الاستثمار؟؟ من الذي يقوم بالتحري عن هؤلاء المستثمرين؟؟ ما هي الدراسات التي انشات في هذا الامر (ان وجدت) ونتائجها حتي يعلم المواطن السوداني البسيط بشان هذه الخطة العملاقة ويعلم ايضا من هو ذلك الجار الجديد الذي اتي له فجأة من الخارج؟؟ من الذي يقبض العائد المادي من هذه الاراضي؟؟ واين يذهب ذلك العائد؟؟ هل يدخل ذلك العائد في جيوب معينة فقط ام كيف تستفيد الدولة منه؟؟ هل سيخرج هذا المستثمر ابدا من السودان؟؟ ما هو اثر نقص موارد المياه في السودان مستقبلا ؟؟ الي متي سيستمر هذا الامر (اي البيع) لكل هذه الشركات او الافراد الاجانب؟؟ وكيف يعلم المواطن المساحة الكلية التي بيعت من الاراضي في السودان؟؟ ماذا سيجني المواطن السوداني بعد بيع هذه الاراضي؟؟
حتي لو افترضنا حسن النية في هؤلاء المستثمرين, هل السودان في وضعه الحالي مؤهل لاستيعاب كل هؤلاء الاجانب والاراضي التي تباع لهم بدون ان تكون خصما علي المواطنين في حياتهم وترحالهم؟؟ واخيرا وليس آخرا..هل من جهة ما تمدنا بمعلومات وافية ومنتظمة( لهذا التحول النوعي الذي تسارعت خطاه في الاونة الاخيرة) وتيسر لنا متابعته باستمرار؟؟... كل هذه اسئلة ملحة جدا تجول في خاطر المواطن المسكين المغلوب علي امره والذي لا يتمني ان يصحوا ذات يوم ويجد نفسه في خندق واحد مع العدو..
هل يكفل لنا القانون الحق المشروع لطرح هذه الاسئلة وايجاد رد شافي عليها..ام ان المسئولين في الدولة هم من يهمهم الامر, وهم فقط من يقرروا وينفذوا دون مشورة من احد او اجراء استفتاء شعبي؟. لا يفوتني ان اذكر ان تجربة البترول في السودان لم نستفد منها بعد..اذ انها ادخلتنا في حروب وخلافات وقتال واطماع لا قبل لنا بها ولم نكن نحلم بها يوما من الايام, لذا فيجب علينا الحذر من الان فصاعدا في كل القرارات التي نتخذها , خاصة في ظل الظروف الراهنة (اذ انه يجب اولا ان يتفق الجميع علي مصير بلادهم وما ستؤل اليه) .
و هذا الموضوع بالذات مشاكله ومصائبه اكثر بكثير من فوائده . لانه فرصة ذهبية لا تعوض للاجنبي الغريب الذي يخطط ليل نهار لاحتلال هذه البلاد واغتصابها من اهلها. هذا الامر بالذات موضوع غاية في الخطورة والتعقيد, ولا يجب ان يكون حكرا لاحد يتصرف فيه كيفما شاء, وذلك لان العائد منه يمس كل البلاد والمواطنين سواء لا سيما ان البلاد الان تمر بازمة تلو اخري, ويجب المحافظة الكاملة عليها من الجميع حتي لا تتعرض البلاد لازمات لا يستطيع احد حلها كما هو الحال في فلسطين.. أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: الاهمال في السودان: السودان اصبح مليئ بأمراض لم نعهدها فيه ابدآ, كأمراض الكلي والكبد والامراض الخبيثة والزيادة المخيفة في امراض الضغط والسكري, وامراض عديدة اخري اصبحت دخيلة علي المجتمع السوداني في السنوات الاخيرة. كثر المرض وكثرت الوفيات في السودان نتيجة اهمال الكثيرين في انفسهم بالاضافة الي العديد من الاخطاء الطبية والتي بدورها تدخل في باب الاهمال. لكن انا بصدد التركيز علي اهمال المواطنين, فالكثير والكثير جدا منهم يتجنبون الذهاب الي الطبيب عند الشعور بأعراض مرضية, ويعزوا ذلك الي تخوفهم وهواجسهم من ان يذهبوا بمرض واحد الي الطبيب ويأتوا بأمراض اخري.
وهذا فهم خاطئ, وكأن الطبيب عنده امراض في عيادته يوزعها علي المرضي متي اتوا للعلاج, او ان التشخيص للمرض الذي جاء من اجله سيكشف عن امراض واشياء مدسوسة ومتراكمة يود المريض الا يعلم بها اطلاقآ, لذا تجد الكثيرين جدا يتغاضون عن الذهاب الي الطبيب ويستخدمون الادوية بدون استشارات طبية بدعوي ان فلان او فلانة كان عندهم مرض مشابه لمرضه, فمثلا قد يشعر المريض بصداع وتعب وارهاق وحمي فيشخص هذا بنفسه علي انه مرض الملاريا (وهذا يعتبر محض تخمين), علي حين ان مثل هذه الاعراض يمكن ان تكون لمرض آخر مثل التايفويد او صداع حاد نتيجة ارهاق شديد وعدم نوم او امراض اخري مشابهة.
فيقدم ذلك الشخص علي شراء الحبوب من الصيدليات والتي بدورها تقوم باعطائها له بدون اي تشخيص لمرضه (ويجب لذلك وضع رقابات علي الصيدليات التي اصبحت الكثير جدا منها تصرف كل انواع الادوية للمواطنين بدون روشتة..وهذا امر غاية في الخطورة), ثم يمتد الامر اثناء جلسة ونسات سودانية الي وصف ذلك العلاج لكل من يسأل او لا يسأل, ثم ينتقل الحديث بين هذا وذاك حتي يصبح المرء طبيب نفسه يداويها في الكبيرة والصغيرة . ويضطر الجميع الي استخدام نفس العلاج عند أول بادرة اعراض مشابهة ويتجنبوا الذهاب الي الطبيب. وهذه مشكلة كبيرة يستهونها الناس جدا, فلا يمكن ان تأخذ دواءآ ما لمجرد ان تلك الاعراض شبيهة لمرض مألوف لديك او حدث لشخص تعرفه, نسبة لان جميع الادوية لها العديد من الآثار الجانية وقد تؤثر سلبا علي أيآ من الاعضاء الحيوية في الجسم (فحتي حبوب الصداع لها آثار جانبية), وقد تصيب الانسان بمرض جديد بدلا من علاج المرض القديم الذي كان يشعر به.
ايضا استعمال دواء خاطئ قد يؤدي بحياة ذلك الشخص وهو الامر الذي يقود الي ان عدم الوعي مشكلة قائمة في ذات نفسها داخل المجتمع السوداني. ثم اؤكد مرة اخري علي انه حتي اذا ذهب شخصان الي الطبيب وتم تشخيص نفس المرض لكلاهما, فليس بالضرورة ان يعطيهما الطبيب نفس الدواء. فالدواء لا يعطيه الطبيب للمريض الا بعد النظر لعدة اعتبارات منها عامل السن, أي امراض اخري يعاني منها المريض, أي ادوية اخري يتعاطاها المريض, مشاكل صحية سابقة, حساسية ضد اي حبوب او حقن...ألخ. نعم..هكذا يصف الطبيب الدواء للمريض بحسب حالته (هو) وليس بحسب حالة جاره او صديقه. لذا هنالك بعض الارشادات الضرورية يجب الالتزام بها لكي يتمتع الانسان بجسم سليم ومعافي ويتجنب ومن معه الوقوع في امراض ومشاكل صحية كان من الممكن تجنبها منذ البدء.
اولا : من الضرورة التحري والتحقق من طبيعة المرض بتشخيصه تشخيصا سليما (في كل مرة يصاب بها الانسان بمرض, حتي وان تشابهت الاعراض) قبل تعاطي اي حبوب. ثانيآ: عدم وصف او اعطاء جار او قريب اي حبوب حتي وان كانت لاعراض مشابهة لمرض ما قد يكون الانسان قد مر عليه او حتي انه متأكد منه, ونصحه باللجوء الي الطبيب, وفي بعض الحالات قد يتوجب اللجوء الي الصيدلي المختص واخباره بدقة مما يشكو منه , فقد يري الصيدلي بان امراضا مثل البرد والحمي والكحة و مثلها من الامراض قد لا تحتاج طبيبا ويعطيه ادوية لها من غير الحوجة لاحضار روشتة دواء من الطبيب.
اما اذا شك الصيدلي في المرض فيتوجب عليه نصح المريض بالذهاب الي الطبيب. وفي حالات مثل الملاريا (وهي من الامراض الشائعة جدا في السودان) لا يتوجب الا الذهاب الي الطبيب, فالملاريا مرض قاتل يجب تشخيصه اولا من قبل الطبيب ثم اعطاء الدواء المناسب علي حسب الحالة, وخاصة ادوية الملاريا تظل تتغير بصورة مستمرة علي حسب الدراسات والبحوث التي تعدها وتجريها منظمة الصحة العالمية والتي قد تلغي دواءا( ذائع الصيت) فجأة وبدون اي مقدمات اما لاكتشاف انه اصبح يؤثر علي بعض الاعضاء, اصبح عديم الفاعلية, تم اكتشاف دواء بديل يقوم بمهمة افضل او ان الدواء قد تواجدت فيه مكونات سرطانية لم تكن تعرف من قبل. لكن للاسف قد يكون ذلك الدواء ما زال يستعمل في الصيدليات او لم يتم ايقافه بعد. ويجب التيقن من ان الذي يعمل في الصيدلية هو فعلا صيدلي, لانني وعند ذهابي الي السودان في اجازات سابقة من بريطانيا تبينت بان الكثير ممن يعملون في الصيدليات ليسوا بصيادلة.
ثالثآ: انوه واشير الي القاعدة المعروفة بانه ليس المهم عند تشخيصك لمرض ان تجد امراض اخري, ولكن المهم بان تعرف بما يدور داخل جسمك حتي اذا وجدت مرضآ ما سارعت بعلاجه وهو في مراحله الاولي نسبة لانتشار الامراض وتطورها بسرعة كبيرة بحيث يصبح من المستعصي ان تجد علاجا لمرضك وتصبح حالة مستعصية او ميؤوس منها كما يصفها الاطباء. فمربط الفرس هنا يكمن في ايجاد المرض وعلاجه بدلا من الانتظار حتي تقع فجأة فريسة في براثين المرض بحيث لا تنفك منه ابدا وتكون تلك هي النهاية بالنسبة لك, فكما يقول المثل: درهم وقاية خير من قنطار علاج. والحقيقة ان الاطباء لا يحبون الحالات المستعصية لان علاجها كذلك مستعصي وفي كثير من الحالات لا نجد علاجا لحالاتنا في السودان فنضطر للذهاب الي الخارج كالاردن او مصر بحثآ عن العلاج فيما انه كان من الممكن تفادي المرض او علي الاقل معرفته وعلاجه قبل فوات الاوان وقبل ان يستشري في الجسد. فلا تنتظر حتي يتطور المرض او تتطور الاعراض التي تحس بها ثم بعدها تقرر الذهاب الي الطبيب بغية العلاج.
فالطبيب ليس بساحر ولن يستطيع ان يعالج حالة ميؤوس منها او كان يمكن ان تعالج في مراحلها الاولى ولكن المريض غض بصره وسد اذنيه حتي وصل الي تلك المرحلة المتأخرة. رابعا: الوعي والثقافة الطبية هما دائما سلاح المريض, فيجب علي المريض المعرفة والدراية الكاملين عن المرض قبل ان يقع في المرض وياخذ علاج له, فمن المهم جدا ان تذهب الي الطبيب مسلح بثقافة طبية حتي تستطيع مناقشته في خيارات العلاج بدلا من ان يطلب منك اجراء عمليه ليس لها داع او تاخذ علاج خاطئ لانك لم تعطي الطبيب كل المعلومات التي يفترض اعطائها له (او ما شابه) ليشخص لك المرض تشخيصا صحيحا, او حتي يمكن ان يخطأ الطبيب في التشخيص او العلاج. خامسا: لاحظت ايضا ان في السودان ان الخضروات و الفوكه التي تباع في الشوارع معرضة الي سخانة شديدة جدا ودرجة حرارة عالية.
و هذه مشكلة كبيرة جدا يعاني منها المواطن السوداني. فتعرض الخضروات والفواكه للحر الشديد وخاصة لفترات طويلة تفسدها وتتلفها وبدل ان تكون عونا للجسم تكون عالة عليه و ناقلة للمرض. لذا يجب اتخاذ الحيطة والحذر الشديدين في ذلك الامر كي نتجنب الامراض. سادسا: الكريمات والمساحيق الخاصة بالوجه والتي تباع في الاسواق بها مواد كثيرة مسرطنة ومسببة للامراض الخطيرة بالاضافة الي حبوب التسمين, ولا انسي ايضآ صبغ الشعر بأنواعها والتي يؤدي استخدامها المتكرر الي الفشل الكلوي.. فيجب الحذر منهم جميعا. سابعا: الانتشار الواسع لمرض السكري هو غالبا ما يكون نتيجة االاكثار في تناول الطعام الدسم المليئ بالدهون والشحوم والذي يؤدي بدوره الي البدانة والتخمة, بالاضافة الي الافراط في تناول السكر مع الشاي او القهوة, كلها عوامل رئيسية لاجتذاب مرض السكري (بالاضافة الي عوامل وراثية اخري).
المهم في هذا المرض ولخطورته الشديدة انه لا بد وان تؤخذ الحبوب او الحقن المخصصة له في مواعيدها وباستمرار مع المحافظة في طبيعة الاكل, المتابعة الدائمة مع الطبيب (حتي يكون المرض تحت السيطرة) لكل الفحوصات بما فيها فحص النظر, والسيطرة علي مرض ضغط الدم المرتفع..الذي يسمي بالقاتل الصامت, ثم كساء القدمين بحذاء مغلق عوضا عن استعمال شباشب وخاصة الخفيفة منها والتي قد تؤدي الي تعرض القدمين الي جرح ما قد يحدث وغالبا ما لا يشعر مريض السكري به في حالة تخدر القدمين بالاضافة الي الاعتناء بهما واستخدام اي دهانات يعطيها الطبيب لمرضي السكري(للكثير من الحالات), وينصح الاطباء ايضا بوجود حلوي دائما مع المريض في حال هبوط السكري.
وأضف في نفس الشان وهو شيئ غاية في الاهمية ودائما ما يهمله السودانيين ولا يبالوا به ابدا بالا يتركوا مريض السكري يستخدم السكين لتقطيع الخضروات والفواكه ...الخ, لان اي جروح في الجسم قد تؤدي الي تقطيع اوصال ذلك المريض (من قبل الاطباء) في حالات ان تلك الجروح لم تشفي ولم تلتئم في الجسم وبدات في التطور والانتشار. وأخيرا تجنب المياه الملوثة سواء وجدت في أزيار او غيرها حتي لا تلحق اضرارا بالكلي والكبد او تسبب امراضا اخري.
في الختام قصدت ادخال كم متواضع من المعلومات لكثرة الاهمال المنتشر في السودان والذي آمل ان تسلط الضوء علي تلك الامراض المنتشرة والتمعن فيها لدرء الاهمال والتمتع بحياة هادئة صحية خالية من الاهمال, والامراض التي يمكن للمرء تفاديها ومحاذرتها...والله من وراء القصد. أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote:
تربية الاطفال في بريطانيا: بالرغم من ان بريطانيا تتميز عن سائر البلدان حيث يستطيع الانسان العيش فيها بسهولة, الا ان اكبر مشكلة تواجه الاجانب فيها هي تربية الاطفال. فبريطانيا من افضل البلاد علي الاطلاق من جميع النواحي. حتي امريكا بفخامتها وضخامتها لا تعد شيئا بالنسبة الي بريطانيا, وذلك لان ما هو متوفر في بريطانيا غير متوافر في اي مكان اخر من العالم. فمثلا في امريكا تجد ان الامن غير مستتب هنالك, واي انسان يمكنه شراء سلاح سواء بطريقة رسمية او غير رسمية, والجريمة فيها مرتفعة جدا.
اما بريطانيا فهي جزيرة صغيرة تسيطر عليها شرطة اسكوتلند يارد تماما (علما بان الشرطة لا تحمل السلاح في الشوارع الا ما ندر, وهذا مخصص له سيارات خاصة وليس كل سيارات الشرطة) وحتي الجرائم التي تحدث فيها يتم اكتشافها بسرعة فائقة حيث انها مليئة بكاميرات المراقبة. ولا تستطيع مقارنة بريطانيا ببقية الدول الاوروبية, اذ ان غالبية سكان تلك الدول عنصريين وكارهين للاجانب, خصوصا يزداد ذلك الكره كلما حدثت تقلصات في سوق العمل او تدهور اقتصاد تلك الدولة او جاءت حكومة جديدة ولعبت بورقة المهاجرين مما يؤجج مظاهرالعنصرية ضد المهاجرين وخصوصا المسلمين منهم. فما يعانيه الشخص حقيقة في تلك الدول من اضطهاد وكراهية لا يمكن ان يلقاه في بريطانيا.
اضف الي ذلك منح بريطانيا جوازها وجنسيتها للاجانب بسرعة لا تقارن مع اي بلد آخر, بالاضافة الي اعطاء الحقوق كاملة بلا نقصان للمقيمين او المتجنسين بها. اذ تشمل تلك الحقوق توفر المسكن, مجانية العلاج والادوية, مجانية التعليم حتي تتخرج وتعمل ثم تدفع بالتقسيط فقط مصاريف الجامعة بينما يتم اعطائك اضعافها (كمنحة) خلال دراستك. كل شيئ مجاني ومريح, اضف الي ذلك الاستمتاع بالهواء الصحي النقي, الجو البارد (معظم العام), الشوارع النظيفة المرتبة المنظمة وبالغة التنسيق, عدم وجود عوادم للسيارات, توافر الحدائق الكثيرة والطبيعة الخلابة, والكثير الكثير موجود في بريطانيا مما يتيح للشخص من صنع مستقبله في سنوات قلال.
كل ذلك جميل فعلا, لكن المشكلة هنا تكمن في تربية الاطفال في هذه البلاد, وخاصة اطفال الاجانب. يوجد في بريطانيا ما يسمي: بالرعاية او الخدمات الاجتماعية .. والتي تشمل كبار السن, المعوقين ثم الاطفال. بالنسبة للاطفال فالقاعدة (التي يعرفها الاجانب) تقول: احذر...اطفالك ليسوا ملكك وحدك!! و في ذلك اشارة الي انه سيتم التدخل في حياتك متي ادعت الضرورة. لذلك. فمنذ اللحظة الاولي لولادة الطفل تبدأ (الرعاية الاجتماعية) بالتداخل في حياتك بطريقة او باخري. فمثلا تقوم بارسال الزائرة الصحية او القابلة للمنزل, بحيث تاتي القابلة لاسابيع قليلة ثم تترك الامر للزائرة الصحية (التي ترسل تقارير الي الرعاية الاجتماعية) والتي قد تاتي في اوقات متفاوتة علي حسب الحوجة او الضرورة حتي يتم الطفل الخامسة من عمره.
ثم متابعة التطعيمات بواسطة الطبيبة والممرضة , ثم بعد ذلك تتواصل الالوات والاتصالات (كيف الطفل اليوم, متي ستاتي لتوزنه)...الخ. بالمقابل: قبل ان يولد الطفل تفتح له الحكومة حساب في البنك تودع فيه مبلغ معين يتم زيادته له سنويا بحيث لا يصرفه الا عندما يكبر ويكمل الثامنة عشر من عمره. ثم تنهال عليه الاموال (عند ولادته) من جهات حكومية مختلفة (اسبوعيا) وبصورة منتظمة لا تتوقف الا بعد ان يكمل الطفل عامه الثامن عشر. بذلك الروتين العجيب يصبح الشخص منظما مبرمجا مثل الانسان الالي, وتصبح الحياة روتينية لا يكسر جمودها الا السفر السنوي للخارج.
ثم تزداد الامور تعقيدا عند دخول الطفل الروضة ثم المدرسة حيث يصبح للرعاية الاجتماعية دور اكبر لانها المسؤول الاول في دفع مصاريف التعليم للاطفال وتبدا المعاناة معهم. فدائما ما يتداخلون في حياة الفرد لاتفه الاسباب , فتجد ان يدهم طويلة تتلقي التقارير عن الطفل من الروضة او المدرسة , والزائرة الصحية, والطبيبة, والمستشفي, والجيران...الخ. والرعاية الاجتماعية في بريطانيا هم تقريبا فوق القانون, حيث تحميهم الشرطة والمحكمة, ودائما ما يلجاون الي المحاكم باصرار حتي يتمكنوا من اصدار حكم باقتلاع الطفل من اسرته بالقوة و بمعاونة الشرطة.
والمدهش في الامر ان جميع القضاة في بريطانيا سريعين جدا في اصدار مثل هذا الحكم ولا يهم كثيرا ان كانت اسرة الطفل موجودة في المحكمة ام لا, فقط يكفي بان تتقدم الرعاية الاجتماعية بعريضة تدعي فيها: بان الاطفال المعنيين حياتهم في خطر نتيجة اقامتهم مع والديهم, ان هنالك جرح ما في جسم الطفل, هنالك آثار ضرب علي الجسم, او حتي ان الطفل غير سعيد ولا يلقي الحب والحنان الكافيين الذان يؤهلانه للاقامة مع والديه, ويعتبر هذا اكثر من كاف للقضاة لاصدار حكم قلع للطفل بالقوة من اسرته. وعند صدور ذلك الحكم يتم قلع الطفل بالقوة واعطائه لشخص غريب (تحدده الرعاية الاجتماعية) ليرعاه, ودائما ما يكون ذلك الغريب اما ملجا للاطفال المشردين او اسرة ليس لديها اطفال, بحيث تقوم الرعاية الاجتماعية بدفع اموال لها اسبوعيا لمراعاة ذلك الطفل والانفاق عليه.
دائما ما يكون هؤلاء متوافرون لديهم بكثرة, ودائما ما يكون للرعاية الاجتماعية حيل اخري يستعملونها متي ادعت الحاجة. فيمكن مثلا ان يكون الطفل كثير المشاكل في المدرسة, فيبدؤا في ممارسة الكثير من الضغوطات علي الاسرة والتهديدات والزيارات والمناوشات علي الرغم من ان القانون يمنع ضرب الاطفال (من قبل والديهم او اي شخص) اطلاقا الا انهم يطالبوا الاباء بتربية ابنائهم من غير ضرب اوعقاب. ثم تعد الاجتماعات واحدا تلو الاخر وتفاجا بانك مدعوا الي تلك الاجتماعات بصحبة حوالي عشرين امراة, واحدة تكون مديرة الرعاية الاجتماعية, واخري مديرة المدرسة, وتجد من بين الحضور الطبيبة والممرضة والقابلة والزائرة الصحية والطبيبة النفسانية وطبيبات من المستشفي ومرشدة بوليس ونساء من المحكمة واساتذة الطفل...وهلم جرا.
وتفاجا حقيقة بهذا الموكب الطويل وتبدا بالتفكير ماذا فعل ابنك في الاصل حتي يتم استدعاء كل هؤلاء, وتنظر اليهم بدهشة لا تدري هل تضحك ام تسخر منهن, ثم بعد ذلك يتم استجواب الطفل منفردا ويسال اذا كان سعيدا بالاقامة مع والديه ام ياخذوه ليعطوه الي عائلة اخري. ثم يبدؤا بغسل عقله تماما واغراءه باعطائه نقود وحلوي وهدايا ورعاية وحب وحنان. في بعض الحالات يوافق الطفل الي الذهاب معهم, اما اذا رفض فيضعوا خطط طويلة عريضة ومتابعات ومطاردات دائمة لاسرته حتي يتمكنوا من اخذه منهم والقائه في ملجا للاطفال او اذا كان محظوظا يضعوه مع عائلة انجليزية. وفي حالات كثيرة يبدا ذلك الطفل بالهرب منهم والعودة لوالديه الا انه اذا استقبله والده بدون ان يسلمه للشرطة تاتي الشرطة الي المنزل لتفتيشه وفي بعض الحالات يتم القبض علي الوالد او الوالدة والقاءهما في السجن لبضعة ايام ثم يخلوا سبيلهم بضمان مكان اقامتهم حتي يحيلوهم لمحاكمة خاصة فيما بعد. فبمعني آخر يخيروا الاطفال ما بين الاقامة مع والديهم او الاقامة مع الجيران (اقصد الغرباء).
ويحدث مثل هذا عندما يحاولوا تجريم الاسرة بدون امتلاك دلائل لاخذها للمحكمة, وهذا يجعل الوضع يتطور سريعا من سوء الي اسوا, حيث ان ذلك يشجع الاطفال علي الهروب حتي قبل ان ينتظروا المدة الرسمية للهروب في هذه البلاد. فدائما عندما تصل الفتاة الي سن السادسة عشر تصاحب ولد وتهرب معه ويكونوا اسرة بعيدا عن الاهل (لذا تجد كل البنات الانجليزيات ينتظرون تلك المدة بفارغ الصبر حتي تهرب البنت مع حبيبها بدون حتي ان تشكر والديها علي المدة التي قضتها معهم) ونادرا بعد ذلك ما تري والديها او اخواتها (وكل ذلك يتم تحت بصر الرعاية الاجتماعية وحمايتها) وتلك هي الفترة التي تبدا فيها الاسرة الانجليزية الانحلال بلا رجعة الا انه قد يظهر امل بعد مرور اربعين او خمسين عاما في الالتقاء, حيث تذهب الام او البنت الي التلفزيون في برامج شهير ليبحثوا لها عن بنتها او والدتها وهذا ما نراه بكثرة الان علي شاشات التلفاز.
اما اذا هرب الطفل قبل تلك المدة بسبب ضغوط عليه من قبل الرعاية الاجتماعية او المدرسة, فعند ايجاده لا يسلم لوالديه وانما يسلم الي ملجا للاطفال او اسرة غريبة تتبناه و ترعاه وذلك بعد اصدار قرار من المحكمة. وهنا تعلم الاسرة بان دورها في رعاية الطفل قد انتهي عند ذلك الحد. اما بالنسبة للاباء وقبل ان يحزنوا علي هذه المآسي وجب عليهم تعلم قاعدة مهمة جدا في بريطانيا (تغنيهم عن الحزن) وهي ان الناس هنا شرائح, والقانون معهم ويعتني بهم حسب شرائحهم او طبقاتهم. فاولي هذه الشرائح هم: الاطفال (وهم اهم شريحة), تليهم النساء ثم الكلاب ثم اخيرا الرجال. لذا يجب عليك الفهم جيدا الي اي فئة تنتمي انت, حتي لا تخطئ وتتجاوز الخط الاحمر. فمثلا الكلاب هنا تمشي في وسط الشارع, بينما نمشي نحن (الرجال) جنب الحائط (وجه باسم), ولها حقوق ومنظمات تسال عنها ولا ترضي فيها ابدا. ويجب علي كل من يقتني كــلبآ ان يخرجه للنزهة يوميا والا...
ودائما ما نجد في السيوبر ماركتات اقسام مخصصة لاكل الكلاب والقطط, وعندما تري صور القط في المعلبات تشعر بالشفقة علي قطط السودان, وتتمني ان تذهب الي السودان وتحتضنها. واذكر في نفس الشان انني وعندما حضرت الي بريطانيا منذ اكثر من سبعة عشر عام, ذهبت الي السيوبر ماركت لشراء علبة تونة, وبدات في اكلها عندما اكتشفت انني اكلت الاكل المخصص للقطط (ولسوء حظي انني لم اكن اعلم ان اكل الانسان والحيوان يباع في مكان واحد), الا انني وبفضل التعود اصبحت اميز ما بين اكل القطط واكل الادميين.
واخيرا اختم هذا الموضوع بالتاكيد ان الشخص لا بد وان يكون حذرا دائما في التعامل مع هذا المجتمع. بالرغم من السنوات الطوال التي قضيتها في بريطانيا لا زلت اجد نفسي غير قابل للتاقلم مع هؤلاء القوم, لذا اضع تحت النصاب عينا هنا وعينا علي السودان متمنيا اليوم الذي اترك فيه هذه البلاد واذهب الي السودان لتربية ابنائي هناك وادخالهم المدارس السودانية. أشرف مجاهد مصطفي كاتب ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: الخطوط الجوية السودانية:
كانت هي وجهتي وقبلتي كسوداني مقيم في الخارج ومغترب عن الوطن. كانت هي الخيار الاول دائما بالنسبة لي لا ارتضي سواها او بديل عنها وكأن ذلك ضريبة للوطن لا مفر منها. حتي مواعيدها الغير منتظمة لم تؤثر فيني اطلاقآ وانا الذي اقيم في بلاد الغرب لسنوات طويلة جدآ ومواعيدي دقيقة وصارمة لا تحتمل التأجيل, لكن من خلال زيارات سابقة للسودان تعلمت شيئ من اللا نظام عندما اتصل بي قريب وطلب مقابلتي علي وجه السرعة. اتفقنا ان نتقابل بعد ربع ساعة بالتمام والكمال وحددنا المكان.
غادر هو منزله القريب علي وجه السرعة وخفت ان يصل قبلي لكن وصلت قبله وانتظرته ما يزيد عن الثلاثة ساعات , وعندما حضر كان اليأس قد تملكني وكانت معنوياتي في الحضيض وقد تحطمت تماما ولم استطيع المكوث معه لفترة طويلة. المهم هذا اعطاني فكرة لا بأس بها عن الوضع في السودان (ذكرني ذلك بخالي الذي اتي فجأة من امريكا للعيش في السودان ثم سألته بعد فترة كيف وجد الوضع فأجاب: اذا عايز تعيش في السودان لا بد وأن تكيف نفسك للعيش مع البعوض والامراض وقطع الكهرباء والماء والحر...ألخ) وجعلني اتكيف مع قليل من التأخير للطائرة.
فالخطوط السودانية كانت بالنسبة لي كهوية مفقودة التمسها عند ذهابي الي المطار ورؤية السودانيين متجمعين في الصفوف في انتظار الطائرة, ويا فرحتي عندما أركب الطائرة السودانية واجدها مليئة بالسودانيين. ورغم هزل وتأرجح بعض الطائرات السودانية التي استقليتها مرارا عند عودتي للخرطوم الا انني دائما ما اؤمن بأن موت الجماعة عرس عند ما يكون مع السودانيين, وحزن وغم واسي عندما يكون مع الخواجات, وقد كنت دائما اتذكر تلك اللحظة التي خرج فيها الصحفي سامي الحاج بعد عودته من معتقل غوانتنامو وهو يجد نفسه في مطار الخرطوم محاط بأهله السودانيين الطيبين. لم انس تلك اللحظة أبدا عندما اخرجه الامريكان من الطائرة وهو مريض جدا وشعرت بنفس شعوره انه قد شفي تماما عند وصوله الي مطار الخرطوم.
فأنا عندما اكون عائدا الي الخرطوم لا اشعر بالفخر الا عند ركوبي طائرة سودانية, او عندما تطأ قدمي ارض السفارة السودانية لتحصيل تأشيرة الدخول او وصولي الي مطار الخرطوم ورؤية الاهل والاحباب. حتي انني اذكر انه في اول زيارة لي للسودان في عام 2002 كان يصطحبني صديق في الطائرة فقلت له ان يقرصني في يدي لانني لم اكن مصدقا انني في الخرطوم. ظللت حينها اذهب الي اسواق الخرطوم وامدرمان حيث التجمهر والوجود المكثف للمواطنين وكنت انظر اليهم بذهول ودهشة كالمجنون, وشعرت بان الكثيرين قد أحسوا بي وادخلوني الي قلوبهم حتي قبل ان يعرفوني.
المهم ان الخطوط السودانية التي كنت افتخر بها كثيرا واعشقها لدرجة ان المايكرفونات التي كانت تنطلق منها معلنة عن تأخر رحلة ما أو الغاء رحلة اخري كانت كالموسيقي الي مسامعي. لكن للاسف توقفت هذه الخطوط فجأة عن رحلاتها الاوربية وخاصة الي لندن اذ انها كانت اهم رحلاتها الاوربية علي الاطلاق حيث ان التواجد السوداني في بريطانيا لا يضاهيه اي تواجد آخر للسودانيين في اوربا. تهازلت الطائرة كعادتها واصبحنا نري رحلاتها تقتصر علي رحلات الحج والعمرة ولبعض الدول العربية والافريقية بالاضافة الي رحلات داخلية, وكل ذلك في اطار طائرة او اثنين صغار وهو ما كان يعتبر نتاج اسطولها من طائرات في تلك الفترة.
ثم تلي ذلك حوادث متتابعة متتالية كان آخرها الحادث الضخم المشئوم في مطار الخرطوم الذي تابعناه بمزيج من الحزن والاسي في تلفزيون السودان والذي شاءت الصدفة أن تكون كاميرته اول الملتقطين للحادث عندما كان هنالك حضور مبرمج مسبقا لبرنامج مراسي الشوق الشهير( لاستقبال احد ركاب الطائرة واستضافته في البرنامج). اعتصرنا الالم اعتصارا لضحايا الطائرة المنكوبة من السودانيين ومنهم المضيفة التي ضحت بحياتها من اجل الركاب. كان هنالك تخبط رهيب وفترة عصيبة (لا تحسد عليها) مرت بها الخطوط الجوية السودانية كأسوأ فترة او مرحلة تمر بها في حياتها, مما نسفت اي امل لنا في ان تعود الينا في المستقبل, فقد رأينا فيها صورة قاتمة ومظلمة لم نشهد لها مثيل علي الاطلاق. حينها انطلقت شائعة مشهورة تقول : ان شعار الخطوط الجوية السودانية الجديد هو: الوصول الي المطار في تمام الخامسة عصرا, والاقلاع في تمام السابعة مساءآ, ثم الدفن في تمام الساعة التاسعة مساءآ.
وكانت تلك الشائعة موضحة في صورة كاريكاتورية لهذا الشعار الجديد في اشارة أو لفتة تلقي بظلالها بطريقة فكاهية وساخرة علي تلك المأساة وقد يكون ذلك تحذيرا للركاب بالتفكير اكثر من مرة في المستقبل قبل استقلال اي طائرة سودانية. المهم في الامر اننا فقدنا ناقل جوي مهم جدا بالنسبة لنا ويمثل لنا هوية غاية في الاهمية (اذ ان قرار توقيف تلك الرحلات كان قبل تلك الحوادث ولم يكن بسببها), ولا اعتقد ان ادارة سودانير قد نظرت لهذا الامر بهذه الصورة او اي ابعاد قد يترتب عليه حجب هذه الرحلات الي اوربا وفقد السودانيين لهذه الهوية الهامة من خلال هذه الخطوط. فقد كانت هنالك خدمات اخري (تفيدنا جميعا) تقدمها الخطوط السودانية ولا تتوافر كثيرا في خطوط اخري.
مثال لذلك ان الوزن المسموح به كان مناسبا واحتاجات السودانيين عموما حيث كانت تسمح بحوالي 46 كيلو من الوزن (للراكب الواحد) هذا غير حقيبة اليد, اذ انه دائما ما يكون وزن السودانيين الحقائبي ثقيل جدا ومتجاوزا للوزن المسموح به, ودائما ما يكون مدير الخطوط متواجدا في المطار ليزيل العقبات ويسهل للسودانيين اي ضغوط قد يتعرضوا اليها, ثم اضف الي ذلك ان الرحلة المباشرة الي الخرطوم التي تمتاز بها سودانير واحدة من اهم الخصائص التي يحتاج اليها السودانيين دون الحوجة الي تغيير الطائرة او التوقف طويلا في المحطات, بالاضافة الي ما هو اهم من ذلك (كما ذكرت) الهوية والغبطة التي تعتريني عند ركوبي الطائرة السودانية وانا اشعر وكأني في الخرطوم حتي قبل ان اصل اليها وان كنت اعاتب الخطوط علي عدم توفير ملاح ام رقيقة بالكسرة بالاضافة الي عصيدة بالتقلية في وجبة الغداء للمسافرين. انتهي ذلك العهد بالنسبة لنا من ركوب طائرة سودانية .
ونحن نتسائل لماذا ان الخطوط الجوية السودانية (وهي تمثل الهوية السودانية الخالصة) ليس لديها ميزانية كبيرة لادارة هذا المجال الجوي والحيوي بصورة مرضية كما هو الحال مع بقية الخطوط العالمية التي دائما ما يكون لها اسطول جوي من طائرات مملوكة لها وليست مستأجرة كما هو الحال في السودان, وتوفر صيانة متواصلة وتدريبات منتظمة لطيارين جدد, وتقدم خدمات افضل دوما للركاب من خلال تحسين ادائها والاستفادة من اخطائها واخطاء الغير والتنافس مع الشركات الاخري حتي تبدع كل منهما بانتاج افضل ما لديها مما يصب ذلك دوما في مصلحة المستهلك (او الزبون الجوي كما يطلق عليه).
ودائما ما تقدم المغريات والتخفيضات في اسعار التذاكر بالاضافة الي اداء رائع ومميز وراقي وعلي مستوي يليق بالراكب و يجذبه دائما للخطوط التي تقدم الافضل . وهنا قد يكون للخصخصة دور هام وفعال اذ لابد ان تكون هنالك العديد من شركات الطيران تتنافس فيما بينها عوضا عن واحدة فقط تكون حكرا علي السوق بحيث يظل هنالك تنافس قوي فيما بينها كي تقدم خدمات كالتي نراها ونسمع بها , علي كل حال (بعد توقف رحلات سودانير) اضطررت ان اتوجه الي خطوط اخري فاتجهت الي الخطوط الاردنية والتي عانيت منها كثيرا, اذ ان رحلاتها لم تكن مباشرة, فذهبت الي مطار عمان لاغير الطائرة ومكثت هنالك حوالي الست ساعات حاملا معي حقائب يد ثقيلة ولم اجد ما يسمي" بالترولي" كما هي العادة في المطارات (لاضع عليها حقائبي المحمولة).
وكنت اسأل الاردنيين في المطار ولم اجد منهم غير تضليل ومعاملة باردة, تذكرت علي اثرها الخطوط السودانية التي كانت نعم العون لنا في بلاد الغربة, بل كانت تشجعنا علي السفر بتواجدها العزيز معنا وانني فعلا افتقدتها. اخيرا ظهرت لنا الخطوط البريطانية الشرق اوسطية , واصبحت تقدم خدمات عالية للركاب وخاصة السودانيين منهم كزيادة في الوزن (لعلمهم ان السودانيين دائما ما يكون حملهم ثقيل) وميزات اخري كتقديم الوجبات الحلال في الطائرة وغيرها مما يجذب المسافر بالاستمرار معهم. وقد يعتبر البعض انها يمكن ان تكون بديلة للخطوط السودانية الا انه بالنسبة لي فلا شيئ يعوض عن ذلك, ربما لانني مكثت في الغربة لفترة طويلة جدا, لذا فأي تغيير يطرأ علي الشأن السوداني قد يؤثر بي سلبا. بالرغم من ان هنالك نقلات نوعية حدثت في البلاد لكن للاسف لم يكون للخطوط الجوية السودانية اي نصيب منها, وما لا يفهمه الشخص العادي مثلي لماذا لا نشهد تطورا لهذه الخطوط واهتمام اوسع بها حتي تصبح الرائدة في مجال النقل الجوي في البلاد.
لا تتوافر لدينا معلومات بشأن الخطط المستقبلية لهذه الخطوط او كيفية شراء طائرات لها في المستقبل, كيفية صيانتها, تدريب طيارين جدد...الخ. سمعت مؤخرا ان السودان يقوم حاليا بانشاء وتصنيع طائرات محلية الصنع. بالرغم من انها خطوة ايجابية وفي الاتجاه السليم الا ان مثل هذه الخطوة تحتاج الي دعم منقطع النظير وميزانية بالغة الضخامة واجراءات سلامة مبالغ بها, فالمشروع جيد ولكنه يحتاج لسنوات طوال وخبرات كثيرة, فالطائرات التي رأيناها صغيرة جدا ولا اعتقد انها ممكن ان تكون بالجودة العالمية المطلوبة خاصة في الوقت الراهن.
لكن اعتقد ان السودان يجب ان يواصل في هذه الخطوة الجيدة ولكنه ايضا في حوجة ماسة لشراء طائرات كبيرة من الخارج وتوفير الصيانة المستمرة لهذه الطائرات والمواصلة في تدريب الطيارين الاكفاء فمجال الطيران لا يحتمل الخطأ و ان سلامة الناس وأرواحها لا بد وان تكون الاولي والاهم, في الختام اتمني عودة الخطوط الجوية السودانية الي موقعها الاول شامخة عالية وعودة رحلاتها الاوربية خاصة الي لندن مستقبلا حتي نشتم رائحة الكركدي والحلو مر والويكة والصندل والعطور التي يحملها السودانيين معهم في كثير من ترحالهم.
أشرف مجاهد مصطفي كاتب ومهندس - لندن |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: أوكامبو والشأن السوداني:
قبل صدور قرار المحكمة الجنائية في مارس من هذا العام والقاضي بتجريم الرئيس البشير بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية, كان المدعي العام موريس اوكامبو شامخا محترما دوليا, وكان الكثير من الناس ينتفض عند ذكر اسمه حيث كان المفهوم السائد ان قرار المحكمة الجنائية لهو العدالة تمشي علي قدمين, وان اوكامبو هو الذي سيخلص البشرية من الكثيرين من الطغاة والشرذمة في العالم. وفي السودان تحديدا ظهرت ثياب نسائية باسم اوكامبو, وتسريحات واشياء اخري لها علاقة بالموضة كما هو الحال لكثير من الدول التي تاتيها نوبات مفاجئة من حين الي اخر علي حسب الحدث ولكن سرعان ما تزول.
عني شخصيا لم اكن اقيم ادني احترام للمدعو اوكامبو قبل القرار او بعده, فعملي الصحفي والمهني يجعلني اعرف وافهم هؤلاء الساسة جيدا. فاوكامبو طالما انه قاضي دولي فمعني هذا انه سياسي ومحنك ايضا, يجيد استخدام المفردات والتلاعب بالالفاظ, وقلب المائدة و رفعها كيفما شاء. الرجل تاريخه الطويل حافل بالكثير والمثير, و متسخ بالكذب والخداع والتحرش بالنساء, وحجب معلومات عن العدالة والتزوير وشهادة الزور, بالاضافة الي انحيازاته الواضحة والجلية للعيان, والتي اثبتها لكل المتشككين فور صدور القرار ضد البشير.
اذ انه كان آخذا لهذه المسالة بشخصنة سافرة عندما لم يرتضي القرار الخاص بعدم توجيه جرائم ابادة جماعية ضد البشير, بل زاد من ذلك بتهديده للبشير انه وفور تحليق طائرته خارج الاجواء السودانية سيقوم باعتقاله في الجو, وذلك بالنسبة لي ليس الا قرصنة جوية لا يقدم عليها الا الخارجين عن القانون. لم اكن لاصدق بان مدعي العدالة الدولية يمكنه ان يتفوه هكذا بكلام امام مسمع ومرئي الجميع. فالبشير اولا ما زال رئيسا في سدة الحكم, اي حتي وان كان مجرما متهم بجرائم ابادة جماعية فلماذا لا ينتظر اوكامبو حتي ينتهي البشير من حكمه مثله مثل غيره من الرؤساء قبل ان يقدم اوكامبو علي اي خطوة في هذا الشان؟؟ والسؤال الاهم لماذا هذا التوقيت بالذات الان؟؟ حيث ان البلاد تمر بمنعطف خطير فيه ان يكون السودان او لا يكون, وخطوات كهذه قد تقذف بالبلاد في غيبات الجب, خاصة ان السودان كان علي اعتاب الدخول في السلام الشامل من خلال مفاوضات جادة جدا ودسمة اشهد بها شخصيا.
فقد راينا مفاوضات الدوحة تنطلق انطلاقا نوعيا لم نشهده من قبل في مفاوضات سابقة, وراينا حركة من الحماس والايادي الممدودة لحل كل الخلافات في نفس الفترة التي ساقها اوكامبو لاصدار قراره الغريب. اذا كان اوكامبو فعلا عادلا وناصفا فلا بد وان يحضر الكثيرين من المجرمين (امثال بوش وبلير واولمرت وغيرهم) الي العدالة الدولية. حينها يستطيع الانسان ان يتعاطف معه ويحترمه. اما ان يبدا بالبشير كتجربة وكانه عجل صغير, فهذا ما لا نرضاه, ولا نرضي الكيل بمكيالين ابدا.
اوكامبو الان فقد مصداقيته في كل العالم, وزبلت الثياب السودانية التي كانت تسمي باسمه في السودان, وغيرها من المنتجات الاخري في اشارة واضحة من الجميع الي ان تحدي البشير السافر له ايقظهم من رقادهم, وقد افقد اوكامبو بهيبته واتزانه, بل غير شكله الخارجي تماما, اذ ان الرجل اصبح يشبه الذئب, واللحية المتدلية علي رقبته بلا اهتمام او لون محدد ذادت من منظره بشاعة, واتوقع ان يطلق اسمه قريبا علي رولات الحمامات وما شابه. اذ ان الرجل راهن باسمه وسمعته علي اصطياد البشير قريبا ولكن نجد ان البشير يسافر متي شاء والي اي مكان يريد, مما افقد اوكامبو صوابه وجعله اضحوكة للجميع. ثم موقف اوباما الضعيف المهتز امام السودان قد زاد الطين بلة (كما نقول في السودان).
فلا يلوح بالافق القريب ابدا ادني احتمال من قريب او بعيد بالقبض علي البشير. بل لا احد يستطيع المراهنة اذا كان اوكامبو فعلا سيشهد تسليم البشير يوما ما, اذ ان ما يحدث غدا في علم الغيب, ولا يستطيع اوكامبو او غيره بالتنبؤ به. فقد تحدث صفقة ما سرية وتقلب الموضوع راسا علي عقب فوق رأس اوكامبو. هذا كله من ناحية اوكامبو والشرعية الدولية التي يمتطيها لتحقيق غاياته واطماعه, واطماع بعض الدول المتربصة بالسودان, والتي تستخدمه كواجهة للعدالة لتحقيق مصالحها واجندتها في المنطقة. اما بالنسبة للشان السوداني عموما والدارفوري خصوصا, فانا اري ان متمردي دارفور لا يمثلون اي معارضة شرعية في البلاد. فهؤلاء المتمردين ما هم الا مرتزقة ومدعومين من الخارج وخصوصا من تشاد المجاورة لتنفيذ مخططات واهداف خارجية ضد السودان, ثم يريدون للوصول الي سدة الحكم بالقوة ولو علي جثث وارواح الالاف من ابناء دارفور.
المعارضة الحقيقية التي اعرف منذ سنوات طوال كانت تسمي بالتجمع الوطني الديمقراطي. فبعد ان كانت احزابا متفرقة كحزب الامة القومي والحزب الاتحادي الديموقراطي والحزب الشيوعي السوداني بالاضافة الي الحركة الشعبية, انضمت جميعها تحت لواء واحد لمحاربة هذه الحكومة وخلعها من السلطة. والحقيقة كنت اكن احتراما لها عند انضمامها جميعا تحت لواء واحد بغيا للوحدة, حيث كنت اعتقد انهم توحدوا لمصلحة البلاد حتي لا تتمزق وتتدمر وتنقسم. تلك هي المعارضة السودانية والتي ضمت كل الاحزاب المعارضة وتم الاعتراف بها دوليا كمعارضة رسمية ضد النظام الحاكم. لكن انحرفت هذه المعارضة عن مسارها عندما ذهبت الي اريتريا ورفعت السلاح ضد الحكومة. حينها حزنت من ان تتساقط الدماء من اجساد هذا الشعب الابي.
اذ انني اطلاقا لا اؤمن بتغيير الحكم بالسلاح واراقة الدماء, ولم اكن يوما راضيا عن الحرب في الجنوب الحبيب. ودائما ما اؤمن بالتغيير السلمي لاي حكومة. وقد حدث تغيير ديموقراطي ابان فترة الرئيس الراحل جعفر نميري عندما قام الشعب بانتفاضة شعبية سلمية استلم بعدها الجيش السلطة ولم يعد نميري بعدها للسودان بعد زيارة كان قد قام بها الي الولايات المتحدة للعلاج, وهنا كمثال لم تنزل قطرة دم واحدة من اي سوداني. وللعلم قبل ان استرسل في الحديث انني من غير انتماء او التصاق بحزب او حكومة او معارضة, وذلك لمكوثي لفترة طويلة في الخارج اذ انني اقيم في بريطانيا لاكثر من سبعة عشر عاما وبعدت عن الشان السوداني لفترة طويلة كنت خلالها مشغول جدا بدراسة تلو اخري, الا انني عدت للقراءة والمتابعة في الشان السوداني بصفة مراقب وباحث مستقل, اقول الحق ولا ارتضي الظلم سواء كان من حكومة او معارضة. اتابع في نفس الشان بان تلك المعارضة التي انضمت جميعها تحت لواء واحد اصبحت تمثل الكثير من ابناء هذا الشعب, ثم كانت فرحتي عظيمة عندما قررت الدخول كشريكة في الحكم مع هذه الحكومة .
واصدقكم القول بان سبب فرحتي كانت ان تلك الخطوة الجريئة من المعارضة كنت اعتبرها تصب في مصلحة الوطن لوقف النزيف وايقاف كل الحروب في السودان (او علي الاقل كنت اتوهم ذلك) , لذا كنت فرحا بحق ان السودان يمكن ان يحقق لي الحلم بالعيش فيه مدي الحياة بدون حروب او بغض بين ابنائه. هذا ما اعطاني الامل بان السودانيين يمكن ان يحلوا مشاكلهم بانفسهم وبدون اي تدخل خارجي, اذ ان هذا هو حقيقة ما اؤمن به. لذا فانا كصحفي وناقد اقول ما يمليه لي ضميري بانني لا ارتضي ابدا تسليم اي مواطن سوداني للخارج لمحاكمته دوليا او ما شابه وبالمقابل اؤمن بوجود جرائم حدثت في دارفور تمت في ظل حكم هذه الحكومة ارتكبتها الشرطة والجيش وكان دعمهم لقبائل الجنجويد.
وايضا المتمردين اقترفوا جرائم كثيرة في دارفور وامدرمان, لذا ما يمليه الي ضميري بقوله هو: انشاء محكمة داخلية سودانية مستقلة وجديدة تحاكم كل من اجرم في الشان الدارفوري من حكومة ومتمرين وذلك لانهاء مشكلة دارفور الي الابد. ثم اعود للمعارضة السودانية واقول انهم طالما انضموا الي هذه الحكومة واصبحوا شركاء في الحكم فهذا يعني ان عاتق المسئولية لا يلقي من علي اكفهم وانهم طالما هم شركاء في الحكم فهم ايضا شركاء في اتخاذ القرارات والمشاكل التي تحدث بالبلاد ووجب عليهم ايجاد حلول سريعة للب المشكلة والنهوض بالسودان من هذا المستنقع المظلم وهذه الهوة العميقة التي وقع بها, ويجدر بي ان اذكر انه لا توجد معارضة الان في السودان طالما ان كل اطراف المعارضة الان تشارك في الحكم فعليا في السودان, اما ما يحدث في البرلمان وغيره من خلافات من حين لاخر ما هي الا الديمقراطية تتجلي في اجمل ثيابها وسرعان ما يتعود عليها السودانيين, وبالارادة والعزيمة سيتم تحقيق كل شيئ.
اما متمردي دارفور فلو كان قلبهم فعلا علي اهاليهم لما انقسموا لاكثر من خمسون حركة جميعهم يحمل السلاح بل ازد انهم يقاتلون بعضهم البعض ويقتلون مواطن دارفور المسكين الاجرد, فنسمع احيانا بتوحد عشرة حركات مع بعضها ثم لم تلبث ان بزغت عشرة حركات جديدة الي النور, وكان لسان حالهم يقول لن يسلم السودان ابدا م ن حروب دارفور الا بالانفصال الذي ان حدث قد يكون فعلا الحل لتجنب اراقة الدماء لكن الخاسر الاول والاخير سيكون المواطن الدارفوري المسكين الذي لن يستطيع العيش في سودان منفصل ومنقسم . فكما اري انه اذا انفصل الجنوب مثلا فان ذلك سيعرض الغرب والشرق ايضا للانفصال في المستقبل وهو ما لا اريده واتمني ان يتوحد المتمردين كلهم في حركة واحدة تحت لواء واحد كما حدث من قبل مع المعارضة الشمالية والتي انضمت بدورها الي المعارضة الجنوبية وكونوا حلف واحد قوي .
فاذا حدث ذلك وتوحدت الحركات واصبحت حركة واحدة بصوت واحد تتحدث بكل لسان في دارفور ومصلحة الوطن العليا فوق كل مصالحها فسنعترف بها جميعا كمعارضة , بل سنساندهم حتي ياخذوا حقوقهم كاملة ويساهموا في التنمية والمساهمة في عدم انفصال الجنوب, وبذلك يكون السودان قد خرج منتصرا من كل ازماته, وهذا امتحان صعب وعسير, والكرة الان بين يدي المتمردين في دارفور نامل ان ينجحوا فيه حتي يبرهنوا لنا فعلا ان قلوبهم فعلا علي اهاليهم وعلي السودان وليس فقط لاطماع ونزوات كما يعتقد الكثير منا.
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: حادث الثورة المشؤوم وأثره في نفوس المغتربين:
ما زال حادث الثورة المشؤوم يلقي بظلاله علي المغتربين ويكشر عن انيابه متي فكر احدهم بشراء منزل جاهز في السودان وخاصة في مناطق امدرمان. حتي البناء اصبح الفرد يتوجس منه وذلك نسبة للالم الرهيب الذي عصف بنا في الخارج عند سماعنا الانباء الواردة من السودان بأن بئر السايفون في احد منازل الثورة (الحارة التاسعة) قد انهار برجل وزوجته. كان الخبر وقعه بمثابة صدمة كبيرة, اذ ان هذا ليس امرا شائعا. كيف يحدث هذا في السودان؟ ولماذا؟؟ اسئلة كثيرة ظلت تطفح في السطح دون اي جواب.
ظللننا نتابع الحدث والاخبار عبر احد المنابر الاسفيرية حيث ان الخبر لحظتها لم يكن متواجدا الا عبر الانترنت, وهذه احدي الخصال السيئة التي تعاب علي التلفزيون القومي الذي من المفترض ان يواكبنا ويلمنا بكل الامور التي تحدث في البلاد اولا فأول. اذ اننا دائما ما نسمع التطورات في السودان من خلال قناة الجزيرة الاخبارية قبل ان يبثها التلفزيون القومي, وعادة ما يبثها بعد فوات الاوان أو مرور الايام والليالي او قد لا يبثها اطلاقآ.
المهم ذلك الحادث ولانه كان فريدا من نوعه كان بحوجة ماسة الي تغطية اعلامية خاصة ومباشرة لم تتوافر الا من خلال الانترنت وذلك من خلال بوست لاحد اعضاء الموقع الاسفيري القاطنين بالثورة الحارة التاسعة (مكان الحدث) فقد كان يصول ويجول بكاميرته التي التقط بها كل الاحداث منذ البداية حتي وقبل ان تعلم وسائل الاعلام بأمرها. ثم كلف احد اصدقائه بانزال تلك الصور واخطار الجميع بهذا الحادث المؤلم المؤسف الذي هز كياننا هزآ ونحن نري الصور بأم اعيننا ونسمع عن انهيار المزيد من بئر السايفون حتي اتسع الانهيار الارضي ووصل الي الشارع.
ثم وصول قوات الدفاع المدني التي عملت بكثافة منذ اليوم الاول حتي فجر اليوم الثاني في محاولات مستميتة لاخراج الرجل وزوجته من غيبات الجب , لكن للاسف باءت جميع محاولاتهم بالفشل, بل اسوأ من ذلك انها اودت بحياة احد رجال الانقاذ الباسلين وهو يقوم بأداء مهامه, وكان الحزن يعتصرنا ساعة بعد ساعة ونحن نتابع الاخبار. ثم انقطعت الاخبار فجأة من المصدر والجميع يتابعون ويدعون ويصلون بأن يخرج الزوجين وهما علي قيد الحياة (لاجل ابنائهم), وكانت الجموع الغفيرة من السودانيين عبر الانترنت تسأل بجنون حتي فجر اليوم الثاني حيث لم يحضر احدآ بالمزيد من الاخبار, حتي ظهرت اخيرا اخبارا مفادها بأن الزوجين ما زالا في البئر وان جميع المحاولات لانقاذهما بائت بالفشل وان هنالك شكوك بعدم وجود أي حياة لانسان في ذلك المكان.
كانت هذه هي آخر الاخبار طيلة ذلك اليوم ولم يستجد شيئآ الا التأكيد عليها فقط. ظللنا نتابع الحادث حتي تم نشره في الصحف في اليوم الثاني او الثالث ثم كانت المأساة ان الجثث وجدت واخرجت في اليوم الخامس. أشارت الصحف بأن الزوجين وابنائهم كانوا مغتربين في السعودية لما يزيد عن 25 عامآ, ثم اشتروا ذلك المنزل بالثورة (جاهزآ) قبل عامين فقط , وبعدها اتوا الي السودان لادخال ابنائهم المدارس حيث قطنوا في ذلك المنزل. لحسن الحظ لم يكن الابناء موجودين مع والديهم حينما انهارت الارض من تحت أقدامهم وهما جالسين فوق السرير يتناولان شاي الصباح.
تيتم الابناء جراء ذلك الحادث المشؤوم الذي فقدا فيه والديهما. بالرغم من ان الحادث لقي اخيرا اهتمام وسائل الاعلام الا انني لا اعتبر انه قد لقي نصيبه كاملا من التغطية الاعلامية. فشيئ مثل هذا ان حدث في بلاد الغرب تقوم له الدنيا ولا تقعد , ولا يتم نسيانه وطيه في صفحة الماضي كما هو الحال في السودان. خبر كهذا وقعه كوقع القنبلة علي الجميع, ولا يمكن أن تكف وسائل الاعلام عن تناقله (وان تكون له تغطية اعلامية هائلة تليق ومقام الحدث) حتي لا يتكرر مرة اخري. ويجب ان يفتح ملف البناء حتي يحاسب المهندس والمقاول المسئولين عن بناء ذلك المنزل. كيف يمكن ان يكون الانسان معدوم الاحساس والضمير مثل هؤلاء الذين بنوا ذلك المنزل ولم يغلقوا البئر جيدا الامر الذي ادي الي ذلك الحادث المأسوي. برغم فظاعة الحادث والحديث عنه في جميع انحاء البلاد الا اننا كمغتربين يهمنا هذا الامر اكثر من المتواجدين في الداخل. لماذا؟ لان المتواجدين في الداخل لديهم كل الوسائل المتاحة لمتابعة البناء خطوة فخطوة, اما امثالنا من المغتربين (من السهل الوقوع فريسة مع عديمي الضمير) فالوسائل محدودة بالنسبة لنا حيث ان متابعة قريب او صديق لموضوع بناء أو شراء (لشخص في الخارج) لا يضاهي متابعة صاحب الشأن نفسه, فكما يقول المثل: جحا اولي بحماره.
فنحن في الخارج نود الذهاب الي السودان يوما ما للبناء او الشراء ثم الاقامة هناك , لكن مثل هذه الحوادث تجعلنا في وضع شك دائم لما يقدمه المهندس والمقاول, وقد يفقدنا الثقة والمصداقية في الكثير منهم, خصوصآ بأن الاخبار الواردة والمتناقلة عن وجود أخطاء هندسية وفنية في الكثير من المرافق والانشاءات الهامة للوطن (مثل الجسور والكباري وغيرها) لا تطمننا كثيرآ. فنري مثلا أن المهندس الطيب رباح (خبير الطرق) قد كشف مؤخرآ عن وجود أخطاء هندسية في جسر المك نمر تترتب في اقامة (موقف) عند نهاية الجسر مما يؤدي ذلك الي احتقان انسياب حركة المرور في ذلك الشارع, وأكد ان التكلفة الهندسية لمعالجة ذلك الخطأ الهندسي تصل الي 84 مليون دولار, وهي تضاهي تكلفة انشاء الجسر, واشار الي وجود اخطاء هندسية مماثلة في شارع عبيد ختم, هذا من ناحية.
اما من الناحية الاخري فاذا نظرنا الي الابراج العالية الحديثة النشأ بالخرطوم والتي يمتلك الكثير منها مصريين وسوريين وغيرهم تثير حيرتنا. فقد كشفت ادارة المباني بولاية الخرطوم عن وجود 94 برجآ بولاية الخرطوم تحتوي علي أخطاء هندسية ومخالفات كثيرة للمواصفات وعدم استخراج اي تصاريح لها, حيث اعترف السيد سنهوري صغيرون (مدير مباني الخرطوم) بضعف الرقابة علي المباني لانعدام الالات والامكانيات, واكد ان ادارته استخرجت 603 تصريحا للبناء في العام الماضي وحده, ثم بلغت المباني التي أنشأت بدون تراخيص حوالي 2500 مبني.
فلا اريد التعميم ولكن قد يكون لي الحق بالتشكك في البناء المصري (بالرغم من انه ليس بالكثير جدا) نسبة للصورة المهتزة التي دائما ما نراها في مجال بنائهم بمصر. المهم بعد ذلك الحادث الشؤم تحدثت مع الكثير من السكان في امدرمان والثورات الذين يقطنون تلك المناطق طيلة حياتهم ولكنهم الان خائفون ان يعصف بهم ما قد عصف بذلك الرجل وزوجته, حتي داخل المنزل اصبحت الاسرة في السودان وخاصة في امدرمان لا تامن علي نفسها وحياتها خوفآ من تكرار نفس المشهد معها, خاصة بأن المنازل في تلك المناطق هزيلة ومتآكلة وقديمة جدا, فأذا حدث هذا في منزل جديد فما بالكم بما قد يحدث في منزل قديم.
اضف الي ان كل المنازل التي بنيت في مناطق الثورات الممتدة تحتاج الي وقفة ودراسة ومفاكرة اذا كان بناؤها سليم ام لا, فليس بالضرورة ان تكون كل المنازل في خطر, ولكن منزل واحد يكفي لهذه الوقفة, اذ انني اعلم ان الكثير من المنازل في تلك المناطق الجديدة تبني حتي من غير مهندس او مقاول (نسبة لعدم توفر الاموال لذلك), وهذا يعتبر عبثآ بالارواح لا بد وان توجد وزارة او محلية تتصدي له.
لا بد للمتورطين (في حادث الثورة) الا يفلتوا من العقاب وان يكونوا عظة وعبرة للجميع بالتاكيد علي احالتهم للقضاء وتنفيذ مجري العدالة عليهم حتي يتثني للجميع التأكد بأن مثل هذه الامور لن تحدث مرة اخري في السودان ( اذ لا يمكن ان يلدغ المؤمن من جحر مرتين) حتي تعاد الثقة كاملة للمواطنين. لا بد ان تكون هنالك رقابة حكومية تفرض القيود واللوائح قبل استخراج اي تصريح بناء جديد, وحتي الابراج العالية لا بد وان تراقب بدقة وبنظرة ثاقبة (كنظرة الزرقاء) قبل اعطاء تصاريح البناء, حيث انه قد يستخرج تصريح لبناء 4 طوابق مثلا, في حين ان البناء ينفذ في 8 أو 10 طوابق, وبتلك المخالفات تزهق الارواح واحدة تلو الاخري بحيث لا تقدر بمال او تعوض ابدا ان فقدت.
ارجوا ان تكون هذه الوقفة لكي ننظر فيها لما حدث في الماضي ونجعلها درس نستفيد منه في المستقبل حيث ان ابناؤنا ينتظرون منا الكثير ولا مجال للتهاون والضعف اذا كنا نريد بناء وطننا, المحافظة علي ابنائه ولا تكون روح المواطن السوداني بخسة ورخيصة. لذا لا بد وان تحرص الدولة علي أرواح مواطنيها تماما كما تحرص وتحافظ علي ارواح المواطنين الاجانب بالبلاد, بل تعتبر ان حياة المواطن السوداني اغلي واثمن من حياة اي اجنبي حتي وان كان ذلك المواطن بسيطا او فقيرآ,اذ ان هذه الصورة مهتزة في مخيلتنا.
اتمني ان نري قوانين صارمة وحازمة تخص البناء وبيع العقارات, اذ ان حادثة ابسط بكثير من تلك التي حدثت تؤدي الي تغيير القوانين برمتها في بلاد الغرب واوربا, ولا اعتبر نفسي مبالغا ان قلت انها قد تطيح بوزارات.
أشرف مجاهد مصطفي كاتب ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: تلفزيون السودان:
تلفزيون السودان القومي هو الشاشة الاولي لدي المغتربين خارج السودان, وذلك نسبة لعدة اعتبارات منها الشوق والحنين للوطن والمواضيع الهامة والهادفة التي تهم وتخدم السودانيين في المهجر, بالاضافة الي ان الفضائية السودانية دائما ما تكون متوافرة للجميع خارج السودان بعكس بقية القنوات السودانية الاخري والتي نعاني كثيرا من وصولها الينا. هنالك العديد من البرامج المهمة والمعدة باتقان في التلفزيون القومي تعتبر الافضل و الاكثر مشاهدة بين السودانيين في الخارج.
علي رأس هذه البرامج, برنامج "مراسي الشوق" وهو الاكثر مشاهدة واهتمام بالنسبة للمغتربين والمهاجرين. ذلك البرنامج الذي نال اعجاب السودانيين في الخارج عموما وبريطانيا خصوصا, وينتظره الجميع بفارغ صبر وكأنه مسلسل اسبوعي شيق, لانه يخدم جميع افراد المجتمع والمغتربين, ثم يخدم الامهات عموما اللواتي كادت ان تجف دموعهن من الياس والاحباط عند فقد ابنائهن في الخارج دون ايجاد اي وسيلة لايجادهم .
شاهدنا الكثير من الاسر والفرح يعصف بها بعد ان وجدت فلذات اكبادها الذين فقدوا لعشرات السنين, وكنا نشاركهم آلامهم وافراحهم, هذا بالاضافة الي الخدمات الاخري التي يتبناها البرنامج للمشاهد مثل الحضور الدائم وسط السودانيين في الخارج, اجراء لقاءات مع الجاليات السودانية في الكثير من الدول, بالاضافة الي نقل الاخبار عن السودانيين في المهجر, وخدمات الرسائل القصيرة التي يبثونها من خلال البرنامج, وخدمات اخري جلية يتبناها البرنامج من تلقاء نفسه.
برنامج "مراسي الشوق" يستحق الوقفة لتقديم الشكر والتقدير له خصوصا من السودانيين خارج السودان ونيابة عن اسر اهالي المفقودين الذين رجع ابنائهم اليهم بفضل البرنامج, وببذل المجهود الخارق الذي يقدمه الطاقم وعلي رأسهم المخرج الكبير: شكر الله خلف الله, والمعد الفذ: جعفر امبدي, والمقدمة الرائعة: غادة العربي. بالرغم من هذه الخصائص الطيبة التي اتسم بها هذا البرنامج الا ان هنالك بعض النقاط تحتاج الي دراسة حتي يخرج للجميع بثوب اروع من زي قبل, فبعض هذه النقاط تتمثل في ان وقته ضيقا جدا ولا يكاد يكفي مقتطفاته الكثيرة والمتنوعة خصوصا انه لا يأتي سوي مرة واحدة في الاسبوع, ويقدم في فترة لا تتجاوز الساعة.
النقطة الاخري التي وجب ايضاحها ان كثرة الاغاني في البرنامج ينتقص من زمنه كثيرا, فاذا كان لا يوجد وسيلة لزيادة ساعة البرنامج فقد يكون من الافضل اختصارها وربما وضعها في اطار جميل في نهاية البرنامج بحيث لا تؤثر علي وقته. ننتقل بعد ذلك الي برنامج "بيتنا" او كما كان يطلق عليه سابقا : "البيت السعيد", بالرغم من ان ذلك البرنامج هادفا وفيه المفيد الذي يقدم للمشاهد يوميا, الا انه كان افضل في الماضي, وخاصة في العام الاول من بثه. كان برنامج البيت السعيد شيقا للغاية وخصوصا فترة التحقيقات التي كانت تتسم بالموضوعات الساخنة الكثيرة مثل تلك التي كان يقدمها: دكتور البوني, ودكتور الجميعابي, ودكتور رحمة, ودكتورة حرم شداد.
بالرغم من ان بعض هؤلاء المقدمين ما زالوا متواجدين الان, الا ان موضوعاتهم لم تكن ساخنة كما ذي قبل. هذا بالاضافة الي اختفاء اثنين من اهم المقدمين في التلفزيون وهما: دكتورة حرم شداد (اخصائية علم النفس النطاسة), ودكتور الجميعابي (الذي كان يحث الجماهير للذهاب لدار المايقوما لتبني الاطفال المساكين الذين لم يكن خطأهم بأنهم اتوا الي هذا الكون, او علي الاقل القيام بزيارة لهم لادخال الفرحة في نفوسهم).
نتمني رجوع البرنامج مثل ما كان في السابق, فقط المزيد من الجهد لكي يخرج هذا البرنامج بصورة مرضية للجماهير. ثم برنامج "صحتك" الذي يقدمه البروفيسور: مامون حميدة , ذلك البرنامج المفيد الذي امدنا بالكثير من الثقافة الطبية التي نحتاجها في حياتنا, وساعد علي ايجاد حلول لمعاضل وآلام عديدة عاني منها الكثيرين من المرضي وخفف العبأ عن الكثيرين باعمال الخير التي يقوم بها, واذ نحيي مقدم البرنامج بروف مامون حميدة, نحيي فيه الروح الطيبة الصادقة الجميلة, وذلك لبذله الكثير من الجهد والعطاء للمواطنين البسطاء والمحتاجين, فالبروفيسور: مامون حميدة, يقوم بواجبه خير قيام من خلال وضع كل اسئلة المشاهد الي الاطباء الحضور, وبطرقة سهلة سلسة يفهمها المشاهد بسرعة , وذلك من اكثر ما يشد المرء لهذا البرنامج ويجعله يتابعه بصورة اسبوعية, اذ ان كل ما يود معرفته عن مرض ما , يتمكن من ذلك في ظل ذلك الجو الاخوي والانساني الذي يسود البرنامج, ولا ننسي شكر مخرج البرنامج: عبد العظيم قمش, الذي اخرج ذلك البرنامج في افضل حال.
ثم ننتقل الي برنامج "اسماء في حياتنا" الذي يقدمه الاعلامي الكبير: عمر الجزلي, ذلك الرجل القامة الذي يبذل الكثير من الجهد للتوثيق الهام للكثير من فعاليات المجتمع. البرنامج عموما جميل ومحل اعجاب الكثيرين بالداخل والخارج, وهو برنامج شيق وومتع يتابعه الجميع كبيرا وصغيرا, وقد لاحظنا انه فاز مؤخرا بالمرتبة الاولي من خلال اختياره الافضل من بين ثلاث برامج اخري, الا انه يحتاج الي زيادة في توثيقاته لتشمل حيز اوسع من المجتمع. ثم لا ننسي برنامج "الرحيق المختوم" ذلك البرنامج الذي يبعث الدفأ والطمأنينة في القلوب ويهذب النفوس ويصلح الضمائر, الا ان الخلل في ذلك البرنامج يكمن في المساحة المتاحة له, اذ انها ضيقة وصغيرة ولا تتناسب وحجم البرنامج. فبرنامجا كهذا يفترض ان يكون يوميا لانه يتحدث عن السيرة النبوية الطاهرة, ويعرف الجميع بقصص الصحابة والتابعين, ويذكر الناس بالكثير من الامور الغائبة عنهم, او التي لا يوجد لها وقت ليتذكرها المرء وهو علي عجلة من امره.
هنالك برامج كثيرة اختفت من تلفزيون السودان مثل سهرة : "من الامس", برنامج: "قطوف", "ليلة سمر", وبرنامج: "بين الناس", وغيرهم من البرامج المهمة التي كنا نستمتع ونستفيد منها كثيرا. ثم البرامج المسلية والفكاهية مثل: "الهيلاهوب" قد اختفت او اصبحت نادرة في الشاشة وغالبا ما نشاهدها متسلسلة في فترة شهر رمضان المعظم. وننتقل الي المسلسلات السودانية (التي كنا نشاهدها بصورة يومية في الماضي) فهي تنال اكبر قدر من الاعجاب للسودانيين المقيمين في الخارج, اذ ان الجميع بؤثرها علي مشاهدة المسلسلات المصرية وبقية المسلسلات. فبالرغم من اهميتها القصوي لدي السودانيين في الخارج الا انها ومع الاسف تجردت تماما من شاشة الفضائية السودانية.
اما بالنسبة للاخبار, فالمشكلة التي يعاني منها الجميع انها لا تنقل الينا الاخبار الساخنة او اخبار الساعة وقت حدوثها. فدائما ما تكون هنالك حوادث واخبار هامة جدا في السودان او انباء غير مؤكدة , ننتظر تأكيدها في النشرات الاخبارية بتلفزيون السودان ولكن لا نجدها, كالعواصف الرملية مثلا, او اخبار اخري تتناقلها بقية وسائل الاعلام المرئية بصورة سريعة نكون في اشد الحوجة لنراها كاملة غير منقوصة في التلفزيون القومي, لكن هيهات. فلذلك يجب الانتباه الي هذه النقطة الهامة ووضعها في الحسبان, اذ انه حتي اذا تم بث النبأ قد يكون ذلك في نشرة واحدة وليست كل النشرات علي مدار اليوم, او ربما يبث بعد عدة ايام وقد لا يبث اطلاقا مما يصيب المرء باحباط شديد لانعدام الاخبار الهامة في التلفزيون القومي . الملاحظ عموما بأن التلفزيون القومي يهتم بالاجتماعات, اللقاءات والمقابلات الحكومية دون سواها, بينما لا يفرد مساحة واسعة للاحزاب الاخري, كلقاءات ومناقشات عديدة تثري الشاشة وتشد اكبر عددا من المشاهدين.
و في نفس السياق نري ان استحقاقات التحول الديمقراطي تتمثل في توفير مثل تلك المساحة للجميع دون تحيز الي فئة محددة, وهذا ما نعول عليه لتحقيق الوحدة والمساواة بين الجميع. في الختام نتمني في رمضان القادم ان نكون موعودين ببرامج جميلة وشيقة وعودة البرامج المختفية, مع التأكيد مرة اخري بان المسلسلات السودانية باتت تمثل شريانا للسودانيين المتواجدين في الخارج لا يستطيعون الاستغناء عنها ابدا ويندهشون اشدما دهشة لما عصف بها من حال. ثم ان برنامج "ليالي النغم" ليس كافيا عموما كسهرة, اذ ان هنالك حوجة ماسة الي الكثير من السهرات التي تكون في شكل جلسات مع فنانين وشعراء بدلا من ان يقتصر البرنامج فقط علي بعض الاغاني. بالنسبة للديكور عموما في تلفزيون السودان وبالرغم من تحسنه عما كان في السابق الا انه لم يصل الي حد التنافس وبقية دكيورات القنوات الاخري.
مثال لذلك ديكور برنامج "بيتنا" بالرغم من ان منظره لائق وجميل الا انه تظهر بعض الاتربة واضحة وجلية فوق الرفوف وفي السجاد, ويلاحظ ايضا وجود مسامير واضحة في الحائط لدي بعض البرامج الاخري, هذه عينات علي سبيل المثال وليس الحصر, لكن عموما هنالك نقد واضح من الكثيرين عن معظم الديكورات في تلفزيون السودان, وذلك عند المقارنة مع ديكورات القنوات الفضائية الاخري. تلفزيون السودان عموما معروف بكثرة الاغاني فيه, وليست هي مشكلة في حد زاتها انما من الافضل تكون تلك الاغاني في ختام البرنامج فقط . أخيرا وليس آخرا ان كثرة النقد ليس الا لحبنا لهذه ا القناة الفضائية العملاقة التي نأمل بان تخرج لنا في اجمل صورة ممكنة لكي نتباهي بها كسودانيين في الخارج, اذ انها دائما القناة الاولي لنا والاكثر مشاهدة.
أشرف مجاهد مصطفي
كاتب ومهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: الزراعة في السودان ومقارنتها ببريطانيا: يعتبر السودان اكبر الدول العربية والافريقية من حيث المساحة, حيث تبلغ مساحته مليون ميل مربع. تبلغ منها مساحة الاراضي الصالحة للزراعة حوالي 200 مليون فدان (اي 85 مليون هكتار), بينما تشغل (الاراضي المزروعة) منها فقط حوالي 15 % , وهذا ما جعلني افتتح هذا الخيط الهام للقارئ لوضع صورة مصغرة ومتواضعة عن الامكانيات الزراعية في السودان بما فيها المناطق الغير مستغلة , ثم مقارنتها مع كيفية الزراعة في بريطانيا بما في ذلك تطورها ونموها , وكيف يمكن ان يستفيد السودان من كل ذلك وخاصة انه ومن المخجل ان تكون له مثل هذه الارض المعطاة ولا يتحرك ساكنا لاستغلالها والانتفاع منها .
فنجد ان الزراعة في السودان تمثل القطاع الرئيسي للاقتصاد , لذا فان معظم الصادرات السودانية تتكون من المنتجات الزراعية مثل: الصمغ العربي, الحبوب الزيتية, القطن, اللحوم...الخ...هذا بالاضافة الي الخضروات والفواكه التي تصدر للدول العربية والافريقية. تساهم الزراعة في السودان بنحو 34 % من اجمالي الناتج المحلي , و يعتبر القطاع الزراعي والحيواني القطاع الرئيسي والمحرك لاقتصاد البلاد. يحتوي ذلك القطاع علي حوالي 75 % من القوي العاملة , ويعيش عليه حوالي 70 % من السكان , بينما يساهم بحوالي 90 % من العائدات غير البترولية. هنالك العديد من الصناعات تقوم علي القطاع الزراعي مثل : الغزل والنسيج, السكر, الزيوت النباتية, التعليب, الالبان...وغيرها.
بالنسبة للموارد المائية في السودان فهي تتكون من مياه الامطار, المياه السطحية والمياه الجوفية, اما بالنسبة لمساحة الزراعة المروية في السودان فهي تمثل في حوالي 4 ملايين فدان. ظلت مشروعات القطاع المروي تدار جميعها بواسطة القطاع العام قبل ان تتبني الدولة سياسات الخصخصة لتحويل المشاريع نحو القطاع الخاص., و نتيجة لسياسات الخصخصة تم تحويل 700 الف فدان من مشاريع الطلمبات علي النيل في فترة التسعينيات. بالرغم من ذلك, هنالك العديد من المشاريع التي ما زالت الحكومة تديرها وهي ما تسمي "بالمشروعات الاتحادية الكبري" التي تتمثل في عدة مشاريع وهي: مشروع الجزيرة, الرهد, حلفا الجديدة ومشروع السكي) وذلك نسبة لكبر حجمها وضخامة الاموال المستثمرة فيها.
مشروع الجزيرة يعتبر اعرق هذه المشاريع , بل انه يعتبر اعرق المشاريع في السودان حيث انه انشأ في العام 1925, وهو كذلك يعتبر اكبر مزرعة مروية في العالم بمساحة ضخمة تفوق 2 مليون فدان, ويقوم ذلك المشروع علي العديد من المزارعين الذين يقدر عددهم بحوالي 15 الف مزارع . اما الاهداف التي من اجلها قام ذلك المشروع فهي: استغلال حصة السودان من مياه النيل, تحويل المنطقة من زراعية قديمة الي زراعية حديثة هذا بالاضافة الي توفير الايادي العاملة التي تنعكس بالتالي علي تحسين مستوي المعيشة للمواطن ورفع الاقتصاد الوطني . هنالك ايضا مناطق بها مساحات زراعية كبيرة مثل "مناطق السافنا" حيث ان تلك الاراضي غير مستغلة جيدا وانها (او معظمها) تصلح للتوسع الزراعي فيها وهي يمكن ان تقدم الكثير جدا للسودان , ويجب مراعاتها والاهتمام بها بصورة افضل.
بالرغم من كل ما اسلفت , هذا بالاضافة الي ان السودان يعتبر سلة غذاء افريقيا وهو مرشح في المستقبل ليصبح سلة غذاء العالم, وذلك لموارده الغذائية والمائية وثرواته الطبيعية والنفطية وغيرها والتي من المفترض ان تجلب للبلاد الفائض المالي والغذائي, الا ان الازمة الاقتصادية العالمية الاخيرة وخصوصا الازمة الغذائية منها قد اثرت علي معظم البلدان بما فيها السودان, الذي كان يمكن ان يفلت من هكذا ازمة اذا ما تم استغلال مساحة اراضيه الصالحة للزراعة خير استغلال, ففي العام الماضي حذر خبراء سودانيين من ان فجوة غذائية وشيكة قد تضرب السودان في انحاء متفرقة من البلاد, مما حذي بالحكومة الي منع تصدير الذرة خارج البلاد في ذلك الوقت. هنالك خطوات اتخذتها الحكومة باشتراكها مع الصين في اقامة مركز عرض للتكنلوجيا الزراعية وفقا لبروتكول تعاون تم توقيعه بين البلدين العام الماضي , حيث ان المركز سيقام علي مساحة تمثل " 60 هكتارا" في منطقة القضارف الواقعة بشرق السودان.
كما ستخصص الحكومتان مؤسسة يقوم الصين باختيارها لادارة المركز لفترة قد تصل الي العشرة اعوام بعد ان يتم انشائه , حيث سيقوم ذلك المركز بانتاج انواع محسنة , عرض الانتاج , ثم انه سيقوم ايضآ بتدريب العاملين . بالمقابل هنالك قصور يتمثل في عدم الاهتمام الحكومي بالزراعة الكافية في الكثير من الاراضي الصالحة للزراعة مما يؤدي الي تدهور الكثير من المشاريع الزراعية , وهذا بشكل خاص سيزيد تفاقم ازمة الغذاء خاصة ان غياب الاستراتيجيات الزراعية يجعل ازمة الغذاء الداخلية ازمة مزمنة (الا انه يوجد تقدم نوعي في الزراعة عموما ولكنه ليس كافيا ابدا مقارنة مع الاراضي الشاسعة واسوة بالدول الاخري).
اضف الي ذلك ان قضية المستثمرين الاجانب التي باتت تدخل في كل القطاعات (او معظمها) قد تؤثر سلبا في موضوع الزراعة في السودان, اذ ان هنالك الكثير من التخوف ان الاطماع والتمدد في الاستثمار (من قبل الاجانب) سوف يضر بالبلاد يوما من الايام حيث ان تلك الاراضي الزراعية يمكن ان تصبح حكرا علي مجموعات غير سودانية تتحكم في السوق وقد تسيئ استعمال تلك الاستثمارات علي حسب الاجندة التي تتخفي وراءها. هذا بالنسبة الي ما يتعلق بالزراعة في السودان... اما اذا حاولنا مقارنتها ببريطانيا فنجد ان هنالك فرق كبير وشاسع, اذ ان بريطانيا تعتمد علي التكنلوجيا الحديثة مثل الالات (الروبوتات) في الزراعة اكثر من اعتمادها علي الايادي العاملة.
فبريطانيا كانت قد بدات مشاريعها الزراعية في منتصف القرن الثامن عشر, اذ كانت المناطق الريفية كانت تعتمد علي الزراعة كليا مما ادي الي تحسن ملحوظ في مستواها المعيشي آنذاك , ثم تزايد اقبال السكان علي استعمال المعدات الزراعية المتطورة. ادخلت بريطانيا الالات وطرق الاستغلال الحديثة الي سيطرة الملكيات الكثيرة حيث استغنت عن نسبة كبيرة من العمال الزراعيين, مما ادي ذلك بدوره الي تضاؤل الايادي العاملة. هذا بالتحديد ما يفتقره السودان, فبلد هائل بهذه المساحة وخصوصا الزراعية منها يفتقر الي كل هذه الامكانيات الهائلة من المعدات والالات التي كان يمكن ان تغير وجه الحياة فيه, ان وجدت وانتشرت في تلك الاراضي الواسعة فان ذلك قد يقفز بالسودان عشرات السنين نحو الامام.
بالنسبة لبريطانيا فهي ايضا جزيرة صغيرة لا يمكن ان يقارن حجمها مع السودان, لذا تجدها تلهث خلف دول اسيوية مثل " الهند وباكستان" لكي تستأجرها للزراعة (علي عكس السودان الذي سمعنا مؤخرا انه يقوم باستئجار اراضيه الزراعية لدول مثل الاردن لزراعة القمح فيها, فعوضا عن ذلك من الافضل ان تكون الاولوية لابنائه لتكفيهم اولا, ثم بعد ذلك التفكير في الفائض). فبريطانيا خصوصآ تعتمد علي الهند بقدر كبير جدا في الزراعة, حيث انها تستأجر اراضي في الهند وتكرث العمالة الهندية لزرع تلك الاراضي لها ( كما هو الحال باستعانتها بالهند ايضا في عدة صناعات اخري مثل: الملابس, الاحذية, الموبايلات وغيرهم).
ليس فقط لان بريطانيا جزيرة صغيرة لا تستطيع زراعة الكثير علي اراضيها , وانما لانه من المعروف بان العمالة الهندية ارخص بكثير من ان العمالة الداخلية او المحلية . فاذا بريطانيا هنا تضرب عصفورين بحجر واحد حيث انها تستفيد من التكنلوجيا العصرية والالات (الروبوتات) , ثم تكمل بقية مشاريعها في الخارج علي ايدي عمالة رخيصة ومنتجة, اضف الي ذلك ان الايادي العاملة (الموجودة اصلا) في بريطانيا تعيد تأهيل نفسها باستمرار وبسرعة لمواكبة المعرفة والتكنلوجيا الحديثة. وتعتبر بريطانيا ان السلع الملموسة يمكن بسهولة انتاجها عبر الالات الزراعية (الروبوتات) مما يسهل هذا العمالة وتفريغ الايادي البشرية للعمل في قطاع الخدمات الذي لا يحتاج الي آلة بقدر ما هو محتاج للعقول والافكار البشرية.
كل هذا يجعل بريطانيا من اكفأ دول الاتحاد الاوربي حيث انها تعتمد بطبيعة الحال علي الالة الحديثة الي درجة كبيرة, الامر الذي يجعلها تنتج 60 % من حاجاتها الغذائية علما ان 2 % فقط من الايادي العاملة يعمل في القطاع الزراعي. بالرغم من ان تضاؤل نسبة الايادي العاملة في الزراعة الا ان الانتاج الزراعي اصبح اضعاف مما كان عليه في الماضي. من جهة اخري, فقد ساهم النمط الاستهلاكي في بريطانيا الي تحويل اقتصادها من صناعي الي خدمي.
هذا هو وجه المقارنة الذي قصدته مقارنة مع الزراعة في السودان, فهل يمكن ان يستغل السودان كل اراضيه الصالحة للزراعة ليصبح بلدا متقدما في المجال الزراعي كما هو الحال في بريطانيا؟ وهل يمكن ان يستغني عن الايدي العاملة وتكريسها لاعمال تحتاج العقل والتفكير البشري وترك الزراعة للالة او الروبوت؟ علما ان السودان اراضيه زراعية وضخمة وصالحة للزراعة اكثر من بريطانيا او اي مكان آخر, وان مجال الزراعة في السودان يعتبر فقير ومهمل كثيرآ مقارنة واراضيه الشاسعة, التي ان لم يستفد منها الان سيعطي هذا فرصة اكبر للاعداء للتربص بالسودان واحتلاله, ثم استغلال خيراته التي لم يستطيع هو استغلالها, وهذا يذكرني بمقولة شهيرة دائمآ ما يقولها الاحتلال الاسرائيلي للفلسطينين: نحن عندما اتينا الي بلادكم وجدناها خرباء وجرداء بلا مباني او زرع, نحن بنيناها ولن نخرج منها ابدآ لانكم كسالي ولم تهتموا ببلدكم أو تزرعوها.
أشرف مجاهد مصطفي كاتب وصحفي- بريطانيا
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: المرأة الحامل ما بين الرعاية والاهمال: لا شك أن هنالك اهتمامات متطلبة للمرأة الحامل لا تتوفر كثيرا في مجتمعنا السوداني , فالمعروف ان هنالك ارقامآ عالية تتمثل في وفيات النساء الحوامل والامهات حديثي الولادة نتيجة الاهمال وعدم الرعاية الكافيتين.
فنجد في السودان ان نسبة الوفيات للنساء الحوامل في ازدياد وذلك لاسباب تتعلق بأمراض بيئية مثل: الملاريا واليرقان بالاضافة الي النزيف قبل وبعد الولادة , اضف الي ذلك تدني الخدمات الاقتصادية والاجتماعية هما ايضا من ركائز تلك النسب العالية من الوفيات. ففي بيان لليونسيف تبين ان نسبة وفيات المرأة الحامل في السودان وصلت الي ارقام مخيفة مقارنة ببقية الدول الاخري, وما زالت تلك المعدلات في تزايد منذ ذلك البيان الذي تم نشره في العام 2005.
هنالك دول تنخفض فيها هذه الماساة بنسبة كبيرة وذلك بالرعاية والاهتمام الذان تقدمهما للمرأة الحامل. فنجد مثلا ان بلدآ مثل بريطانيا لم تصبح من ركاب الدول المتقدمة في الرعاية والاهتمام بالنساء الحوامل والامهات حديثي الولادة بمحض صدفة وليدة, وانما باستثمار وامكانيات هائلة انصبت في هذا الحقل (من قبل الجهات الصحية) مما جعله غنيا كحقل نبتت سنابله فاخضر, او كعود كلما احترق ازداد عطرا. فهذا الاستثمار المجزي يتمثل في الامكانيات المتاحة للمرأة الحامل والتسهيلات والمتابعة التي تتلقاها منذ بداية حملها, مرورا بسويعات الولادة , وانتهاءا بالمتابعة التي تلقاها الام بعد الولادة.
فبداية عندما تصبح المرأة حاملا في بريطانيا تنصح باستخدام حبوب تسمي "فوليك أسيد" (مع العلم انه من الافضل تعاطي هذه الحبوب قبل الحمل بثلاثة شهور , اي فترة التخطيط للحمل) فتلك الحبوب تساعد في تكوين الجنين في مراحله الاولي في رحم الام, ومنع او تخفيض نسبة التشوهات للجنين. ثم تستمر الحامل في تعاطي تلك الحبوب حتي تكمل شهرها الثالث, فهذه الحبوب غنية في القيمة بالنسبة للمراة الحامل حتي يتمكن الجنين من التكوين داخل الرحم, بالاضافة الي ان ذلك يساعد في تثبيت الحمل والتقليل من نسبة حدوث الاجهاض (علما بان هذه لحبوب تعطي ايضا للمسنين لبناء عظامهم الهشة او الضعيفة).
في الشهور الاولي من الحمل نلاحظ كثرة التقيأ وفقدان الشهية للمراة الحامل وهو امر طبيعي, ودائما ما نري الامهات يستخدمن شراب "الزنجبيل" وخصوصا ذلك الذي يتواجد في شكل مشروب غازي, فهو يساهم بدرجة كبيرة في انهاء التقيأ ومساعدة المراة علي الاكل والشرب.
بعد مرور الثلاث شهور الاولي من الحمل (وهي الشهور الاساسية لتكوين الطفل) يمكن للحامل ان توقف هذه الحبوب أو استبدالها بحبوب اخري مثل "بيريغ اداي" اذا كانت الحامل تعاني من نقص في الحديد وذلك يكون باستشارة طبية (علما بان الحامل والمرضعة عموما تمنعا من استخدام اي حبوب مهما كانت الاسباب الا بأمر الطبيب) وعادة تستمر الحامل في تلك الحبوب الاخيرة حتي الشهور الاخيرة من الحمل , او توقف في حالة قرر الطبيب او القابلة ان نسبة الدم اصبحت قوية ومناسبة للحامل .
يبدأ الاهتمام الطبي عموما بالمراة الحامل حالما تكمل شهرها الثالث. حيث ترتب لها مواعيد منتظمة منذ ذلك الوقت ما بين القابلة, الطبيبة ثم المتابعة في المستشفي . بالنسبة للقابلة فبداية تخصص كتيب لتقييد كل تطورات الحمل والتعقيدات الي ما شابه من امور, فذلك امر غاية في الاهمية من شأنه تحديد طبيعة الولادة التي تحتاجها الحامل حتي لا يكون هنالك خطأ قد يؤدي الي الوفاة بغير ضرورة كان من الممكن تفاديها.
فتبدأ في متابعة الحامل في العيادة المخصصة لهؤلاء للقابلات, حيث انها تتابع معها دائما الضغط والسكري وحجم الرحم ونسبة الدم والتحليل المتكرر للدم وتقديم النصائح والارشادات, وتظل تبني علاقات قوية مع المراة الحامل حتي يحين الوقت لتوليدها في المستشفي .
بالنسبة للطبيبة فهي تهتم بذلك الكتيب الذي تخصصه القابلة للمرأة الحامل وتتابع معها تطورات الضغط والسكري (حيث ان الضغط او السكري يمكن ان يثبتا للمراة الحامل بعد الولادة اذا لم تهتم بنفسها, وقد يسببان صعوبة بالغة في الولادة, لذا يجب علي الحامل تخفيض الملح والسكر اثناء الحمل والاكثار من الفواكه والخضروات) و متابعة كل ما يخص المراة الحامل .
اما بالنسبة للمستشفي فعادة ما تقابل المراة الحامل بعد الشهر الثالث لعمل موجات صوتية تحدد وجود الجنين علي قيد الحياة ومدي تكوينه في تلك المرحلة من الحمل. اما المقابلة الثانية تكون بعد انقضاء الشهر الخامس لرؤية الجنين كاملا (واخذ صورة منه) ويمكن ايضا تحديد النوع في تلك الفترة سواء ذكر كان او انثي. غالبا ما لا يكون للمستشفي دور اخر بعد الشهر الخامس وحتي فترة الولادة الا في حدوث تعقيدات للمراة اثناء الحمل.
يظل الاهتمام بالمراة الحامل حتي حين حدوث فترة المخاض حيث يتم الاتصال بالقابلة في المستشفي التي بدورها تعطي ارشادات ومتابعة عبر الهاتف حتي تحين ساعة الصفر ثم تطلب من الحامل الاتصال فورا بالاسعاف التي تاتي فورا لاصطحاب الحامل واسرتها الصغيرة الي المستشفي.
تحتاج الام في كل مراحلها من الحمل الي تغذية جيدة لانها تحمل مخلوقا اخر داخل جسمها, لذا وجب عليها الاعتناء بنفسها جيدا حتي لا تتسبب في قتل جنينها قبل ان يولد بسبب سوء التغذية وتبعاته أو بأسباب تتعلق بالاهمال تصطحب الحامل حتي عنبر الولادة مما قد يسبب ذلك لها ولادة عسيرة هي في غني عنها.
تحتاج المراة الحامل اثناء الحمل الي المشي عموما بكميات معقولة (خصوصا في بعد نهاية الشهر الثالث وحتي قرب الولادة) , ودائما ما ينصح الاطباء المرأة بالراحة الكاملة عند الشعور بتعب واجهاد شديدين قد يصاحبهما آلام في الظهر او البطن او كلاهما . فالمشي دائما يسهل لها الولادة كثيرا ويضعها في خانة اولئك النساء اللاتي يلدن ولادة طبيعية , اضف الي ذلك ان برودة الطقس (معظم العام) في بريطانيا يساعد علي المشي لمسافات كبيرة وبصورة متكررة.
دائما ما ينصح الاطباء بان طبيعة الولادة التي ستقضيها المراة الحامل تعتمد علي سير الحمل في الطريق الصحيح الخالي من كثرة التعقيدات منذ بدايته, وذلك باتباع الحامل للارشادات المعطاة ابان فترة الحمل, وخصوصا قدرتها علي التحكم في خفض الملح والسكر من الطعام, بالاضافة الي المتابعات للحامل (المبرمجة مسبقا) مع القابلة والطبيبة , حيث ان كل ذلك يبشر بولادة سهلة سريعة خالية من التعقيد. الا ان هنالك بعض الحالات التي قد تحدث فجأة اثناء الحمل قد تؤدي الي بعض التعقيدات , مثل ان راس الجنين قد يكون كبيرا نوعا ما او ان حدوث نزيف حاد وغيرها من الامور قد تغير الموازين او قد تقلبها رأسا علي عقب , الا ان وجود القابلات المتمرسات يستطعن انهاء الامر دون الحوجة الي اجراء عملية قيصرية (في معظم الاحوال). ثم ان عدم الرعاية للمراة الحامل او المتابعة اثناء الحمل قد تؤدي الي الوفاة قبل او بعد الولادة نتيجة لذلك الاهمال, او قد تؤدي ايضا الي وفاة الجنين او حتي عسر كبير في الولادة.
المهم ان تلك المرحلة للحامل تكون فيها المراة في غاية الضعف وفي اشد الحوجة للمساعدة والتشجيع . لذا دائما ما تسمح المستشفيات باصطحاب الزوج او الرفيق للمراة داخل غرفة الولادة للشد من يدها وازرها , والبقاء معها اثناء الولادة حتي تولد (هذا الامر يعتبر عادي جدا بالنسبة للمواطنين البريطانيين, لكنه قد يكون فيه تحفظآ او عدم رضاء بالنسبة للازواج في السودان وغيره) .
نشاهد احيانا في المسلسلات المصرية بان المراة تتالم في الداخل والرجل يزرع الغرفة جيئة وذهابا في انتظار اخباره هل المولود ذكر ام انثي. لكن يختلف الوضع هنا , اذ ان الرجل يكون (في الغالب) بالداخل مع المراة يشاركها المها ويعاصر معها تلك الفترة الحرجة في حياتها , ولا يترك يدها حتي تضع مولودهما . وبذلك يكونا قد عاشا الالم سويا, وهنا اتسائل: لماذا لا يحدث مثل هذا في السودان؟؟ حيث انه يعتبر نوعا من المروءة ان يدخل الرجل مع زوجته الي غرفة الولادة, هذا بالاضافة الي علمي بانه حتي والدة الفتاة الحامل تمنع من الدخول الي غرفة الولادة !! لماذا؟؟؟
هذه هي الميزات التي اتحدث عنها والتي قد لا نراها كثيرا في المجتمعات الاخري وخصوصا الشرقية منها. ايضا قد تضعف المراة في تلك اللحظة (لحظة الولادة) وتطالب باعطائها حقنة في ظهرها لازالة الالم الشديد والمعاناة , لكن عندما يكون زوجها او رفيقها معها , فدائما ما يمنعها من اخذ تلك الحقنة نسبة لان الاثار الجانية المترتبة عليها من الم و غيره قد يصاحب المراة طيلة حياتها, لكن دائما ما يكون الخيار الافضل هو الاكسجين اذ انه خيار فعال وجيد لتهدئة روعة الحامل وتسهيل تنفسها اثناء الحمل.
من اجمل الاشياء التي يجب ان تتاح للمراة الحامل هو تفاعل القابلات معها وعدم التسرع او التعجل في اجراء ولادة قيصرية حال ان تاخرت الولادة , خصوصا بعد كسر ما يسمي "بالسائل الامينوسي" .
فهذا الامر في غاية الاهمية لان تعجيل القابلة للمراة الحامل بالولادة, أونفذان صبرها يعجل بخيار الولادة القيصرية, الذي سيكون مطروحا بقوة و بطريقة غير قابلة للنقاش او الخيار, لكن في بريطانيا دائما ما تعطي المستشفيات الحامل فرصة اسبوعين بعد انقضاء الفترة المحددة للولادة ولم تشعر الحامل بآلام المخاض , مما يجعل ذلك الكثير جدا من الولادات تتم بطريقة طبيعية.
اضف الي ذلك حينما تأتي الحامل الي المستشفي للولادة , يتم اعطائها وقت كاف جدا (حتي مجيئ الالام) قبل اي لجوء لاجراء عملية قيصرية . فدائما ما تحبذ الداية الانتظار والتريث , مع المراقبة المستمرة للحامل حتي لا يكون هنالك تعقيدات (علي عكس ما هو سائد في السودان حيث رأينا الكثير من النساء اثناء مشاهدتنا للتلفاز يشتكون من معاملة القابلات الغير لائقة معهم) . اما بعد الولادة فتجد (الأم) الاهتمام والرعاية المنشودتين من قبل القابلة التي تاتي الي المنزل (بصورة منتظمة) حتي الاسابيع الاولي , قبل ان ينتهي دورها , ثم يبدأ دور جديد للزائرة الصحية التي تتابع المراة والطفل سواء , بالاضافة الي المتابعة الطبية للام وطفلها بما في ذلك متابعة التطعيمات للطفل (مع العلم انه يتم اعطاء الطفل فيتامين (كي) مباشرة بعد الولادة .
ولا يفوتني ان اذكر ان كل ما ذكرت من خدمات ورعاية تعتبر مجانا وبدون اي نقود (هذا بالاضافة الي ان الطفل الذي يولد في بريطانيا يتم اعطائه الجواز البريطاني مباشرة اذا كان احد والديه بريطاني الجنسية) علي عكس الوضع في السودان حيث ان المرأة الحامل اذا ارادت ان تذهب الي المستشفي للكشف ومتابعة الضغط (مثلا) فلا بد لها ان تخرج منذ الصباح الباكر ولا تعود الا في عصر ذلك اليوم, فكل هذا الانتظار غير مفيد او مريح ابدا للحامل ولا تستطيع النساء تحمله, اما اذا ارادت ان تلد المرأة ولادة جيدة يتوجب عليها دفع نقود لحجز جناح خاص لها في المستشفيات .
في الختام نرجوا ان ترقي الخدمات الصحية المتواجدة في السودان الي مستوي يليق بأخواتنا وامهاتنا الكرام, وذلك بتوفير الاهتمام والرعاية في المستشفيات للحوامل (حيث ان بعض النساء الاتي لا يتوفر لديهن المال يضطرون الي اهمال انفسهن بعدم المتابعة والرعاية مما يعرضن انفسهن للخطر) , وتوفير قابلات يتابعن الحمل للنساء الحوامل ومن ثم توفير زائرات صحيات بعد الولادة للنصح والارشاد والمساعدة في كل الاحتياجات الضرورية التي يجب ان تتعلمها الام لاجل رضيعها , ولا انسي ذكر ان متابعة صحة الام لا تقل أهمية عن متابعة صحة مولودها.
أشرف مجاهد مصطفي كاتب و مهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote:
السودان يحتاج الي تكاتف ابنائه لبنائه:
السودان اليوم في أشد الحوجة الي تكاتف وتوحد ابنائه لبنائه فالحروب الكثيرة الداخلية التي مر بها خلال العقود الماضية ارهقته واثقلت كاهله. فقد شهدنا حربا ضروسا بين الجنوب والشمال امتدت الي عشرات السنين ثم انتهت اخيرا قبل سنوات قليلة بعد انعقاد ما يسمي باتفاقية نيفاشا. لم يلبث الستاران ينسدل علي تلك الحرب المشئومة الا وفتحت جبهة حرب جديدة بغرب السودان وبالتحديد في منطقة دارفور العملاقة والغنية بالثروات والنفط واليورانيوم, والتي تقدر مساحتها بحجم مساحة فرنسا.
استمرت هذه الحرب لسنوات عديدة حصدت خلالها الالاف من الارواح وما زالت تحصد. ثم فتحت جبهة اخري في شرق السودان حيث جرت وما زالت مفاوضات مكثفة لارضاء كل الاطراف هنالك حتي لا تصبح المنطقة دارفور اخري , واخيرا انتقلت حرب دارفور الي العاصمة الخرطوم وحصلت خسائر في الارواح والممتلكات. والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هنا : ما هو ذنب المواطن المسكين سواء كان في الخرطوم او اي مكان اخر حتي يشن هؤلاء المتمردين مثل هذه الحرب الهوجاء وايصالها الي المواطنين الابرياء في مدن امدرمان بالخرطوم ظنا منهم بان ما فعلوه يمس السلطة الحاكمة. لا علاقة ابدا للمواطنين المتواجدين في العاصمة بما يجري في دارفور او بما جري في الجنوب, بل انهم لا يرتضون ابدا بما يحدث في دارفور ولذلك لا يوجد اي تبرير لهؤلاء المتمردين لشن حربهم علي امدرمان. اذ ان مواطن الخرطوم مسكين مثل مواطن دارفور لا يقوي علي شيئ وليس له طرف في اي صراع او نزاع ولا يمكن ان يتم توبيخه لمجرد انه يقطن العاصمة .
هذه المآسي التي حدثت في امدرمان كان وقعها كبيرآ جدا علي المواطن العادي الذي تضرر كثيرا من تلك الفوضي التي وصلت الي العاصمة التي يحبها ويعشقها كل اهالي السودان. واكرر بان مربط الفرس هنا ان الحرب لا يمكن ان تنتقل الي كل المدن وكل القري حتي يشعر كل الناس بفوضي دارفور لان معظم الشعب مدنيين وأبرياء وليس لهم صلة بما يحدث في دارفور وان سياق المتمردين للحرب في الخرطوم وبقية المدن لن يجلب لهم الا الكره والبغض والكراهية من هذا الشعب الصامد ولن يقبل احد مشاركتهم في اي سلطة او حكومة مرتقبة لان ما يحدث لا يمكن ان يكون لمصلحة الوطن باي حال من الاحوال و لا يؤدي الا الي الانفصال حيث ان تمزق السودان ليس لمصلحة ايآ من ابنائه, فكلنا في حوجة ماسة الي وطننا العزيز و لا احد يستطيع الاستغناء عن وطنه الذي يحب مهما قسي عليه ذلك الوطن, فكما قال الشاعر: وللاوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق.
هنالك الكثير من التحديات تواجه السودانيين لا بد وان يتعاملوا معها بجدية وصدق حتي يخرج السودان من هذه الازمة التي وصل اليها , فقد رأينا مبادرات كثيرة للسلام والحل الشامل في العديد من البلدان , لكن الحقيقة ان الحكومة هي فقط من التزم بالجلوس الي طاولات المفاوضات وان الكثير من المتمردين يصرون وما زالوا علي موقفهم بألا يتفاوضوا مع الحكومة او الجلوس معها في اي طاولة. وهذا مؤسف لانه لا يصب في مصلحة اهاليهم او مصلحة السودان , ولا يجنب البلاد الاحتقان واسالة الدماء, بل علي العكس يصب الزيت في النار ويزرع بذرة الفتنة التي سيحصد نتاجها الجميع بلا استثناء.
لذا المطلوب من كل الاطراف السودانية نبذ الفرقة والحزبية والعصبة والقاء السلاح وبدء المفاوضات لسلام شامل عادل, اذ ان لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه , فلن يجني استخدام السلاح الا الخراب والدمار للسودان, وانتشار الاوبئة والامراض ثم التدخل الاجنبي لسد الثغرات التي يمنحها ابناء السودان لاعدائهم الذين ان وجدوا فرصة فيهم لن يتركوهم ابدا. السودان بلد مستهدف للكثير من الدول لخيراته الوفيرة التي لا توجد في اي بلد اخر. فقد كان السودان سلة غذاء العالم في الماضي وهو مرشح ليصبح اكبر سلة غذاء للعالم في المستقبل. فالسودان به من الخيرات والثروات من معادن وذهب ويورانيوم وبترول وغاز ومياه وفيرة نابعة من انهار لا توجد في مكان آخر, واراضي زراعية شاسعة نادرا ما تتواجد في العالم بالاضافة الي ان السودان اكبر البلدان العربية والافريقية سواء.
لذا يسعي الجميع من كل حدب وصوب من النيل منه والحاق الدمار به وباهله , ودائما ما نري بأنه اذا لم يتوحد ابناء اي بلد فلن يتركهم الطامعون في حالهم. السودان ليس وحده هو المستهدف فهو ضمن مشروع ومخطط ضخم وعملاق يشمل استهداف كل الدول العربية والاسلامية, وقد راينا تمزق الكثير من هذه الدول نسبة لاختلاف ابنائها فيما بينها مما فتح مجال للعدو للدخول والتفريق بين ابنائها ثم الانقضاض علي ثرواتها. هذا مخطط كبير ولعين لم ولن ينجو منه احد بالرغم من انه لا يخفي علي احد. كل تلك الدول تمزقت باختلاف ابنائها واقرب مثال نراه الان هو اليمن الذي توحد لاكثر من عقد من الزمان وجنب اهله الفتنة والدمار واراقة الدماء حتي فوجئنا بما حدث اخيرا من عنف وفوضي وتعصب لحزبية ومطالبات بالانفصال في ذلك البلد الفقير الذي لا يقوي علي الانفصال او الحروب .
ثم اعتصرنا الالم اعتصارا ونحن نري ما يحدث في ايران ذلك البلد الاسلامي الآمن الذي يعول الكثيرين جدا عليه وعلي ابنائه نري انه في رمشة عين تحول الي فوضي وضرب وقتال في الشوارع لم يسلم منها احد, تلك البلاد التي يري الكثيرون انها امل الامة الاسلامية وانها فعلا قادرة علي خلق توازن للقوة في المنطقة والعالم بأسره, لكن نجد انها قد دخلت الي نادي الدول الممزقة والدول التي يتم التخطيط ليل نهار لضربها وتدميرها والنيل من اهلها الشجعان الباسلين الذين كانوا يضربون للبشرية مثالا حيا بوحدتهم وتكاتفهم ولكن للاسف الشديد فقد بدات هذه الوحدة في التفكك والاندثار بفضل محرك خفي يلعب لعبة كبيرة في المنطقة, والسودان لم ينج من هذه اللعبة المدروسة بل اصبح لسان حاله علي كل من هب ودب, فلا تكاد تفتح نشرة اخبارية في اي قناة فضائية ولا تجدها تخلوا من الحديث عن دارفور والسودان, واصبحت كل القضايا مطروحة علي الطاولات العالمية والكل يفتي الي ما عصف بالسودان وما ستؤول اليه الاوضاع في المستقبل.
كل هذا وابنائه في اشد حالات الانقسام فيما بينهم , فتري ان كل الاعراف تجمدت وتم نسيان العادات والتقاليد واصبح التخوف الان من نقل حرب دارفور الي كردفان الامنة (في غرب دارفور ايضا) ثم نقلها الي بقية ارجاء السودان. فالسودان مثله مثل الدول المجاورة لم يسلم ولم يكن ليسلم من تلك الفتنة الكبري التي زرعها الرئيس السابق بوش في العالم اجمع, اذ ان بلدانا كانت اقوي ترابطا بين ابنائها من السودان اصبحت الان مفككة وممزقة لا تقوي علي شيئ ولا حول ولا قوة لها.
هذه نظرة عامة قد يعتبرها الجميع كقانون سائد الان بين هذه الدول المتخلفة, وقد يصبح السودان مثل الصومال بل انه مرشح لكي يكون اسوأ من ذلك. ثم ان لدخول القوات الاممية الي السودان وتدخل ما يسمي بالاسرة الدولية في عمق الشان السوداني لم يكن الا لتفتيت السودان واخراج خيراته ونهبها, ومع هذا الاختلاف والشرخ العميق في المجتمع السوداني الا ان السودان يمكنه ان يتعافي من هذه المعضلة التي لحقت به اذا ما تصافت النفوس وتوحدت القلوب بين ابناء الوطن الواحد و استمع الجميع الي صوت العقل , نبذ الفرقة والشتات والمصالحة من اجل السودان الذي يستغيث بمناداة ابنائه لحوجته الماسة لتكاتفهم ووحدتهم من اجله. فهل من مجيب؟؟؟
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- لندن |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote:
ازدياد انهيار آبار السايفون يهدد بكارثة محققة في السودان:
بعد حادث انهيار السايفون المرعب والمؤلم في الثورة (الحارة التاسعة) منذ اكثر من شهرين والذي كان يتعلق بالمغتربين الذين يأتون من الخارج لشراء منازل جاهزة في السودان و لكنهم يتفاجئون بأن المهندسين او المقاولين لم يبنوا لهم المنازل علي حسب المواصفات الهندسية المتطلبة, مما يجعلهم عرضة لانهيار بئر السايفون في تلك المنازل, ومن ثم ضحاياها فيما بعد.
لكن الحديث الان بصدد تحقيق لحادثة مماثلة وقعت قبل ايام قلال في منزل احد رجال الاعلام الذي يقطن بدوره في الثورة الحارة 31 وبالتحديد في حي الدرجة الذي يقع في شارع الوادي. هذا الاعلامي هو الاستاذ الكبير: "محي الدين جبريل" مقدم نشرة الاخبار السابق بالتلفزيون القومي, والمراسل الحالي للفضائية المصرية بالسودان.
في اتصال هاتفي, فاجئنا الزميل "محي الدين" بأخبار عن حادث مؤسف (كاد ان يكون مأسويآ) في المنزل الذي يستاجره, فعندما همت بزوجته بفتح باب الشارع (لاخراج الزبالة من المنزل) انهارت الارض فجأة من تحت قدميها, ووجدت نفسها تسقط في هوة عميقة ناتجة عن بئر السايفون (المحفور) في تلك المنطقة . تمكنت الزوجة بالامساك في اخر لحظة "بباب الشارع" بينما انزلقت احدي ساقيها في تلك الحفرة .
كانت تتعلق بالباب (كتعلق الغريق بقشة) ثم بدات بالصراخ في محاولة للفت انتباه المتواجدين في المنزل. تم انقاذها بسرعة بواسطة احد الاقارب (بداخل المنزل) الذي تمكن من انتشال ساقها من اسفل الهوة, بالرغم من ان ذلك قد يعرض حياته للخطر (مثلما حدث مع رجل الدفاع المدني الذي كلفه الامر حياته, في موقف مشابه بحادث بئر سايفون الثورة الحارة التاسعة المشؤوم). وعلمت انه لولا ان تداركتها العناية الالهية في تلك اللحظة لما نجت من ذلك الحادث الشؤم ابدا, وعلي الرغم من الجرح الذي لحق بساقها الا انها تعتبر محظوظة بنجاتها من ذلك الحادث المهيب.
وفي مواصلة للتحقيق الصحفي "عبر الهاتف" مع الزميل الاعلامي "محي الدين جبريل" ظل يروي ما حدث, ثم انتقل بالحديث الي تلك اللحظة المذهلة التي قضاها بعد معرفته بالحادث اللعين الذي كاد ان يفتك بزوجته ويكلفها حياتها (علما بانه كان في مهمة صحفية خارج الخرطوم في ذلك الوقت) . حدثني ايضا بان المنطقة التي يقطن بها هي ارض طينية , وهو احد الاسباب الهامة التي يمكن ان يحدث بها هذا الحادث المؤسف . فارض مثل هذه كان من المفترض ان تمنع منها السايفونات بطريقة الابار. اخبرني ايضا بان انهيار البئر جعل الاخيرة اشبه بالغار من الداخل (كما هو موضح في الصورة) وان الانهيار توسع اكثر ليمتد الي الشارع ( تماما كما حدث مع الحادث المشؤوم بالثورة الحارة التاسعة) .
سألته اذا كان يدخل سيارته في المنزل ويوقفها في نفس منطقة البئر؟ فاجاب بالنفي, مسترسلا بان عنده جراج (بالاتجاه الشرقي من المنزل) مخصص لدخول السيارات . اضاف الصحفي المخضرم "محي الدين" يجب ان يعلم الجميع بهذا الامر حتي لا يتكرر مع اي احد في المستقبل, واستسرد قائلا: هذا ما ارجوه.
فالمشكلة تكمن في ان سقف البئر الخرصاني (اي البلاط فوق البئر) هي ارض صلبة , لكن اتضح بانها تنهار تدريجيا من اسفل (اي من داخل الهوة) بدون علم احد , مما يؤدي الي انهيار البلاط الذي يمشي عليه الناس دون سابق انذار . واصل الاخ "محي الدين" في سرده قائلا : انه قبل ثلاثة سنوات مضت كان يستاجر منزلا اخر حينما انهارت به ايضا بئر السايفون, الامر الذي اضطره الي ترك المنزل كما حدث في هذه الواقعة ايضا.
الغريب في الامر بان ذلك المنزل الذي سقط مؤخرا استاجره من شخص مغترب تم بناؤه له بينما هو في الخارج. المشكلة الان هي : ان هذا الموضوع آخذ في الازدياد مما يعرض الكثيرين جدا من سكان امدرمان عامة, وسكان الثورات والمناطق الطينية خاصة للخطر الداهم . فقد علمت ايضا في نفس السياق بان هنالك منزل اخر في مدينة المسالمة بامدرمان قد انهارت بئر السايفون به في السابق مع العلم بعدم وجود ضحايا في ذلك المنزل . لذا فان الوضع قد بدا فعلا في الانتشار ولا بد ان يتم اللحاق به قبل ان يستشري في الكثير من المناطق و يسبب الهلع والخوف والقلق للمواطنين الآمنين .
هنالك عدة مقترحات لا بد وان تدرس بعناية وتاخذ في عين الاعتبار حيث يتوجب ان يقوم المسؤلين وذوي الاهتمام والاختصاص بمتابعتها وتطبيقها اذ انها قد تنقذ ارواحا لربما زهقت بغير ضرورة في المستقبل .
اولا: لا بد من حملة توعية واسعة وشاملة للمواطنين في مناطق امدرمان عامة والثورات خاصة, تتمثل في لفت انتباه وانظار السكان لحجم هذه الكارثة ( حتي وان تمثلت في اعلانات تلفازية لتعم الفائدة المرجوة منها). وتنبيههم واعلامهم بهذه الحادثة وحوادث سابقة حتي يتخذوا الحيطة والحذر ويتعاملوا مع الموضوع بشيئ من الاهتمام والتفكير.
ثانيا: لا بد من عمل مسح هندسي للمناطق التي هي اكثر عرضة للتأثر, علما بانه في العادة لا توجد اي مؤشرات (مثل: تسربات المياه او اي كسر بالمواسير او تشقق بالارض) تدل علي ان البئر سوف تنهار.
ثالثا: يجب مناقشة كافة الاسباب التي تؤدي الي حدوث مثل تلكم الكوارث, فهي تتطلب اهتمام اوسع من قبل وسائل الاعلام بحيث يتم تناولها في برامج التحقيقات التي تبث في شاشات التلفاز لايجاد حلول قد تكون غائبة عن المسؤلين.
رابعا: تنبيه المواطنين بعدم ايقاف سياراتهم في المكان الذي يوجد به بئر سايفون او بالقرب منه, هذا بالاضافة الي الانتباه وفحص الارض خصوصا عند هطول الامطار الشديدة, وعدم النوم في تلك المناطق من "الحيشان" التي تكون بالقرب من آبار السايفون.
خامسا: تنبيه المواطنين في تلك المناطق بالاجراءات التي يجب اتباعها مثل: توفير معلومات عن كيفية كسر الصبة وتغييرها بواسطة مهندسين..الخ (خصوصا في حالات شكك المهندسين بعدم ثبات الارض او اشياء من هذا القبيل). علما بانه دائما ما تستجلب عمالة رخيصة غير مؤهلة لاداء مثل هذا العمل, وهذا خطا شاسع, فالامر يحتاج الي مهندس او اكثر (ماهرين وذوي خبرات) وليس مهندس صغيرا او حديث التخرج, حتي يتمكنوا من تثبيت السيخ جيدا وعمل سقالات حديدية مطابقة للمواصفات المتبعة دوليا (علي حسب المنطقة والارض طبعا, فقد تختلف تلك المواصفات من منطقة الي اخري في العالم, لكن هنالك معايير ثابتة يجب ان تتبع) وفحص ارضية "الحوش" التي غالبا ما تكون عبارة عن "ضفيرة واسمنت" او ما شابه من وسائل متاحة في تلك المناطق, فلذا لا بد من استشارة مهندسين مدنيين في تلكم الخصوص قبل الشروع في اي عمل من شأنه تعريض حياة الاخرين للخطر.
سادسا: لابد وان توفر السلطات شروطا لسلامة المساكن قبل اعطاء اي تصريح بناء, ثم التاكد بمتابعة المهندس او المقاول لهذه الشروط او اللوائح حتي بعد الفراغ من انشاء المسكن.
سابعا: يحب الاستفادة القصوي من هذه الحادثة التي لا يمكن ان تمر مرور الكرام كما هو الحال مع سابقاتها حتي التاكد انها لن تتكرر مرة اخري في المستقبل , لان موضوعا كهذا سيعد استهتارا وعبث بارواح المواطنين ان لم يؤخذ بمحمل الجدية.
هذه القضية اصبحت الان قضية "رأي عام" اذ ان تلك الكارثة ومثلها قد يصبح امرآ يتعود الناس عليه حتي يصل الي ما يسمي "بالمسلمات امرآ" اذا ما لم يقف الجميع وقفة صلبة تتماشي وهذا التحدي الجبار. لذا لا يجب علينا ان نتركه يتفاعل ويزداد دون رفع ساكن, فالناس اصبحت خائفة اكثر من ذي قبل من تكرار مثل هذه الاحداث المقلقة, وتنتظر المسؤلين في الدولة ووسائل الاعلام لتوعيتها عن كيفية التعامل مع هكذا قضية.
فيجب من هنا دق ناقوس الخطر لسكان امدرمان, الثورات وهؤلاء الذين يقطنون بالمناطق الطينية. فلو ان من يقدمون بحفر بئر السايفون وتثبيت سقفها الخرساني يقومون باستخدام الاسس الهندسية واتباعها في عمليات التسليح والكميات الهندسية الصحيحة من "الاسمنت والخرصانة"...الخ, لما حدثت لنا مثل هذه المآسي. فالامر في السابق كان يهم المغتربين بصفة خاصة, ولكنه الان اصبح يهم الجميع, وقد يحدث لاي شخص دون سابق انذار. لذا وجب اعطاء هذا الموضوع اهميته التي يستحقها بدلا من الانزواء في ركن مظلم من الغرفة والتحديق في الا شيئ .
تحقيق: أشرف مجاهد مصطفي كاتب سوداني- بريطانيا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: العادات والتقاليد السالبة في المجتمع السوداني: اشتهر المجتمع السوداني بالكثير من العادات والتقاليد السالبة والتي باتت تعرف بالثقافة السودانية ومنها كثرة المناسبات و التي تكاد الا تنتهي ابدا وانشغال الناس بها والمواكبة عليها اذ انها باتت تعتبر شبه اجبارية , فدائما ما يجد الشخص نفسه مشغولا بزيارة مفاجئة لتادية واجب ما .
بالرغم من ان الكثيرين في السودان يتضايقون من كثرة المناسبات والتي لا بد وان يواكبها الشخص , الا انه في غاية الاهمية ان يتواصل الجميع مع اهلهم واصدقائهم وجيرانهم وان يشاركونهم افراحهم واحزانهم , وان ما يبتذله المرء من جهد وعناء لتادية هذه الواجبات يعتبر اجرا كبيرا وحسنات تطلق العنان للناس لاقتنائها .
ثم بالرغم من ان توفر الاتصالات والموبايلات قد ساهم في تخفيض حدة الزيارات المفاجئة في السودان (كما جرت العادة) وارغمت البعض باجراء اتصال هاتفي لاخبار الطرف الاخر بقدومه اليه قبل الذهاب , الا ان هنالك من ظل يتمسك بهذه العادات القديمة التي تتمثل في زيارات الي قريب او صديق في منزله دون موعد مسبق مما يؤدي ذلك الي اما ان تجده او ربما قد لا تجده . حتي و ان وجدته قد لايكون الوقت مناسب للزيارة او قد يكون خارجا لمكان ما ولكنه يضطر ان يلغي جميع مشاويره حتي يكرم ذلك الضيف (الثقيل) الذي اتي اليه من غير موعد مسبق .
أضف الي ذلك أن الاتصالات بالناس اصبحت عسيرة نسبة لان العديد من الناس أصبحوا لا يردون علي موبايلاتهم وذلك لكثرة انشغالاتهم مع الروتين اليومي الحافل بالعديد من الاثارات والمشاهد , فتارة ما يجد الشخص نفسه في منزل فرح وتارة في دار عزاء وتارة اخري في مستشفي , فيضيع معظم الوقت في تأدية الواجبات. ثم ان هنالك من العادات السودانية المحرجة والتي قد تجدها في كثرة المناسبات وتطويل ايامها , فتري الناس يتمسكون بالعادات القديمة مثل البكيات, فمثلا النساء يمكثن بالايام والليالي في بيت العزاء لمراضاة اهل الميت . فتجد يوم الثالثة ويوم السابعة ويوم الخامسة عشر ويوم الاربعين , فكثرة هذه المناسبات وتطويل ايامها لا داعي لها , فحضور الناس في اليوم الثالث فقط يكفي , كي لا يضجر اهل الميت من الزوار الذين يأتون اليهم .
فهنالك العديد من الناس يريدون الهروب من السودان لهذه العادات الغير لائقة لان الناس باتت تجعل هذه المناسبات اكل وشرب وونسة وهروب من العمل وقيوده , و دائما ما يتخذ البعض هذه المجاملات كذريعة للتغيب من العمل أو التهرب المتواصل أثناء أوقات الدوام للذهاب للمناسبات .
اما في الافراح فهنالك عادات كتقديم "موية رمضان وخبيز العيد" لاهل العريس , الامر الذي يسبب تكلفة غير ضرورية لاهل العروس , وحتي وان تكفل العريس بهذه الميزانية سيثقل ذلك علي عاتقه , فالبنسبة لاهل العروس يتم تناول هذا الامر كثرثرة حتي اذا ما تم مقارنتهم بغيرهم يقال انهم فعلوا ذلك علي مستوي راق لم يحدث له مثيل .
ثم هنالك عادة ان تقوم العروس "ببخ عريسها" يوم الجرتق ويقومون بوضع بدرة من العطور السودانية براس العروسين , وذلك يجعل المرء يتسائل من الحكمة في هذه العادة ؟؟ أيضا من العادات السالبة الاسراف في الاعراس ووضع قوانين وشروط تثقل كاهل العريس وتجعل الشباب يعزفون عن الزواج , وذلك نسبة للمطالب الكثيرة التي تكاد الا تنتهي أبدآ من قبل أهل العروس .
ثم من العادات السالبة تجد أن عدم الدقة في المواعيد قد أصبح أمر مسلم به في المجتمع السوداني , بل أن هذا الامر قد اشتهر به السودانيين عالميآ و أصبح يعتبر ثقافة سودانية , حتي أنها باتت مقولة مشهورة تطلق علي السوداني أينما حل "مواعيدك مواعيد سودانية" وذلك نسبة للتأخير الذي اشتهر به السوداني , الا ان معظم الملتزمين بالمواعيد تجد أغلبهم يقيمون خارج الوطن ويضطرون الي الالتزام بالمواعيد والتقيد بثقافة ذلك البلد , خاصة بأن السوداني بات معروفآ ببذل قصاري جهده في الخارج عوضآ عن تقديم جل خبراته وطاقته لبلده وأهله .
اما من الاشياء التي يدمن عليها السودانيون حقآ هي تشجيع كرة القدم الي حد العصبية والهيستريا , فتجد ان الكثيرون يفقدون اعصابهم اذا انهزم فريقهم , وحتي قد يصل الامر الي كسر التلفاز (الذي يشاهدونه) من شدة الغيظ و الحنق والغضب , أضف الي ذلك حالات مشهودة من الطلاق وخسران الاهل والاصدقاء وكل ذلك بفضل العصبية والهوية والحزبية والانتماء الاعوج والاعمي لكرة القدم وجعلها كديانة يؤمن بها السوداني .
أخيرآ في نفس السياق (الذي بات جزءآ من التقاليد السودانية السالبة) أن السودانيون باتوا يعرفون بعدائهم السافر وكرههم لحكامهم , فهم من المدرسة القائلة "ناصبوا الحكام العداء" فلم يظهر حاكم في تاريخ السودان (منذ عهد الزعيم الازهري و انتهاءآ بالحكومة الحالية) الا و ناصبه السودانيون العداء منذ بداية عهده , بل ويحملونه فوق طاقته بتحميله المسؤلية كاملة عن أي اخفاق يحدث في البلاد , ثم تزيد تلك الكراهية كلما زادت الاضطرابات بالبلاد وتنتشر بسرعة كلما ظهرت بوادر فتنة من قريب أو بعيد .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: انفلونزا الخنازير:
اجتاح العالم منذ فترة وجيزة داء ما يسمي بانفلونزا الخنازير , ذلك الداء اللعين الذي تسبب في اصابات هائلة ووفيات كثيرة في شتي بقاع العالم , اذ تقدر نسبة الاصابات في العالم باكثر من 180 الف مصاب , بينما تقدر الوفيات بما يزيد عن 1640 حالة . المؤسف في هذا الداء العضال هو سرعة انتقاله من شخص لاخر في سهولة ويسر , اذ ان الداء لم يتوقف ابدا الي يومنا هذا , بل اصبح وباءا عالميا منذ اعلان ذلك من قبل منظمة الصحة العالمية في الاسابيع القليلة الماضية.
تعتبر المكسيك والولايات المتحدة من اوائل الدول التي ظهرت فيهما مرض انفلونزا الخنازير (ليس هذا فحسب , انما يعتبرا أيضا اكثر الدول اصابة بهذا المرض) ثم انتشرت العدوي بعد ذلك لتشمل معظم دول العالم الامر الذي تسبب في اصاب الجميع بالخوف والهلع خصوصا وان كثرة السفر والترحال يعتبران من اهم الاسباب الناقلة لذلك المرض , ثم استمر ذلك المرض في الانتشار بشكل مخيف جدا حتي صنف اخير" بوباء العصر " .
المؤسف ايضا انه حتي الان لم يتم اكتشاف لقاح لهذا المرض , وحتي اللقاحات المتواجدة هي فقط ما يستعمل للانفلونزا الموسمية . هنالك بلدان كان من الممكن ان تكون في ركاب الدول الاوائل في اتقان هذا المجال نسبة لتوافر التكنلوجيا والامكانات العلمية , فبلدا مثل بريطانيا كان يفترض ان تكون لديها خبرات للتعامل مع هذا المرض , لكن الامر مختلف تماما , اذ ان بريطانيا في هذا المجال ليست متقدمة ابدآ , بل ان هنالك العديد من دول العالم الثالث تتعامل مع المرض بدراية واتقان مما يجعلها اكثر شفافية ووضوح من دول الغرب .
بالطبع هنالك مشكلة عالمية تتمثل في كيفية التعامل مع هذا المرض , اذ ان معظم دول العالم ليس لديها خبرات وامكانيات متاحة وفعالة تستطيع تقديمها لمواطنيها , لكن مقارنة بدولة مثل بريطانيا تجد ان الخدمات المتاحة للمواطنين ضعيفة , خجولة ومتواضعة جدآ . فمثلا تمنع سيارات الاسعاف من الذهاب الي المصاب بالمرض , ثم يمنع هو من الذهاب الي المستشفي (لا بأس في ذلك اذ ينصح به عالميآ) , يمنع ايضآ من الذهاب لعيادة الطبيب , ينصح بان يلزم منزله ولا يغادره (دون اعطاء نصائح عن كيفية منع العدوي من الانتقال الي بقية الاهل داخل المنزل) , لا يوجد تشخيص للمرض (اذ انه توقف لانه مكلف جدا) . فكل ما يتلقاه المريض فقط اتصال هاتفي من خدمات الصحة القومية وعلي ضوء تطور المرض قد ينصح بالاتصال بالطبيب ليأتي له في المنزل ليكشف عليه , ثم اذا دعت الحوجة يعطيه اللقاح المتداول للانفلونزا الموسمية أو الحبوب .
الا ان هنالك نصائح وارشادات قيمة تقدمها منظمة الصحة العالمية تتلخص في اخذ الحيطة والحذر في التعامل مع المرض , وهي تتمثل في الاتي : الابتعاد عن المناطق المزدحمة مثل الباصات والقطارات ودور السينما ...الخ , غسل اليدين مرارا وتكرارا في اليوم الواحد , الابتعاد عن من تشكك باصابته بعدوي الانفلونزا , تغطية الانف في اي مكان تجمهر للمواطنين (خصوصآ) عند العطس , هذا بالاضافة الي تعليمات ونصائح اخري تتمثل في تقوية جهاز المناعة حتي يستطيع الانسان مقاومة المرض اذا ما انتقل اليه (فغالبا ما يؤثر ذلك المرض علي فئات معينة من المواطنين قليلي المناعة مثل : الاطفال , كبار السن والمرضي) , تناول اغذية سليمة والاكثار من الخضروات والفواكه , اخذ قسط كافي من النوم , الاكثار من شرب السوائل , تجنب الوجبات السريعة والمليئة بالدهون , حيث يساعد كل ذلك في تفادي الانفلونزا خارج المنزل ولا يضطر الانسان ان يكون حبيس منزله .
اما اخطر هؤلاء المعرضين للاصابة بالمرض فهم النساء الحوامل , فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية بان الاصابة بانفلونزا الخنازير تكون خطرة للمراة الحامل في الثلاثة اشهر الاولي (حيث انها يمكن ان تتسبب في اجهاض الجنين) , وايضا في الثلاثة اشهر الاخيرة (التي يمكن ان تتسبب في وفاة الجنين قبل الولادة وربما تعرض حياة المراة الحامل للخطر قبل واثناء الولادة) , لذا تحث منظمة الصحة العالمية اعطاء العلاج المتوافر للمراة الحامل (اذا ما بادرتها تلك الاعراض) حتي دون التحقق من تشخيص المرض , وذلك نسبة للخطورة القصوي لمثل تلك الحالات .
بالنسبة للاصابات الاخري فالملاحظ ان النصائح والارشادات العالمية المتعارف عليها حتي الان والمتبعة دوليا هي : الابتعاد عن المستشفيات بالنسبة لمن عندهم اعراض الانفلونزا , وذلك نسبة للخوف المتنامي من انتشار العدوي بصورة سريعة بين المرضي المتواجدين في المستشفيات , لذا تنصح منظمة الصحة العالمية (لمن لديه الاعراض) البقاء في المنزل ومحاولة تغطية الانف قدر المستطاع او حتي الانتقال الي غرفة منفصلة حتي لا يصاب من في المنزل بتلك العدوي (لحين ايجاد تشخيص او علاج) .
من اهم الاعراض لمرض انفلونزا الخنازير (التي تصيب الكبار) هي : نزلة برد , سعال , الم في الرأس , ارتفاع درجات الحرارة , آلام المفاصل و اسهال . اما بخصوص الاطفال (دون الخامسة) فهنالك اعراض قد تظهر عليهم مثل زرقة في الوجه , ارتفاع في درجة الحرارة , فقدان السوائل , فقدان الشهية , صعوبة في التنفس , سعال , نزلة برد وتقيؤ , فاذا ظهرت هذه الحالات او معظمها وجب التوجه بالطفل فورا الي اقرب مستشفي , حيث غالبا ما يكون ذلك هو دلالات لتلك الانفلونزا اللعينة , وغالبا ما يلتقطها الطفل من الروضة او المدرسة التي غالبا ما يكون فيها عرضة للمرض اكثر من المنزل .
لا يفوتني ان اذكر ان الانفلونزا الموسمية تنتشر هذه الايام بصورة مذهلة جدآ في بريطانيا والدول المجاورة , فهي تشبه الي حد كبير انفلونزا الخنازير, ومن اعراضها حمي شديدة مع آلام في كل الجسد ...الخ , وقد اصيب بها اكثر من 10 آلاف شخص حتي الان , لكن عند الفحص لمعظم الحالات يتبين ان لا علاقة لها من قريب او بعيد بانفلونزا الخنازير ( الا ان انفلونزا الخنازير انتشرت ايضا في الاونة الاخيرة في بريطانيا مما ادي الي ظهور المرض في السودان , حيث ان هنالك حالتين قد تم رصدهما بمطار الخرطوم في الاسابيع القليلة الفائتة كانتا قادمتين من بريطانيا) .
الملاحظ بان الكثيرين يخفون هذه الانفلونزا بالرغم من اصابتهم بها ويتكتمون عنها (خصوصا السودانيين في بريطانيا) حتي لا يصبحوا محط انظار الجميع , حيث يتخوف الشخص بقيام السلطات بعزله عن الناس ووضعه في مكان اشبه بالسجن , لكن الحقيقة هنالك تفهم واسع في هذا الشان وليس كل حالة تستوجب العزل او اطلاق صفارة الانذار لها , فكما ذكرت ان معظم هذه الحالات تكون انفلونزا عادية لا علاقة لها ابدا بانفلونزا الخنازير .
والاهم من ذلك انه حتي وان اصيب شخص ما بتلك الانفلونزا اللعينة , فله ان يعلم امرا هاما جدا , ان مقاومتها تكون عادة سهلة ما دام جهاز المناعة لديه قويا , خصوصآ اذا ما اتبع الارشادات الصحيحة و الاساسية للتعامل مع هذا المرض وأخذ الحيطة والحذر . لذا فلا بد للجميع ان يعلم ويعي ويفهم جيدا في هذا المضمار ان الثقافة الطبية لا غني عنها ابدا , خصوصا فيما يختص ذلك المرض الفتاك.
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: الامطار والسيول في السودان:
الامطار الغزيرة التي شاهدناها في الخرطوم الايام القليلة الفائتة كانت بمثابة دهشة عارمة للكثيرين وذلك نسبة للاضرار الكثيرة التي خلفتها ورائها مثل: العديد من الوفيات , تهدم مئات المنازل (الامر الذي ادي الي خسائر مادية فادحة) , تعطيل المدارس , امتلاء البرك والمستنفعات (حيث يؤدي ذلك الي تكاثر البعوض وانتشار أمراض الملاريا , البلهارسيا وتفاقم الوضع الصحي في البلاد) , صعوبة الحركة والمشي في الطرقات بسبب المياه الكثيفة والوحل , صعوبة المواصلات وسير العربات ...ألخ .
ببساطة هذه الامطار تسببت في اصابة العاصمة بشلل تام , و ألحقت اضرارا بالغة خصوصا في منطقة جنوب الخرطوم التي تعتبر من اكثر الاماكن تضررآ , ويمكننا الاضافة ايضا الي ان الشوارع والطرقات تحولت الي ما يشبه حمامات السباحة . اذ انه لمن المؤسف حقآ ان نري الخرطوم غارقة بهذه الصورة المريعة فقط من جراء هطول السيول او الامطار . لماذا دائمآ ما يكون السودان غير جاهز للتعامل مع الامطار في فصل الخريف؟؟ سؤال يطرح نفسه بقوة , خصوصا انها ليست اول مرة تهطل فيها الامطار بهذه القوة في البلاد .
كان من الاحري الاستفادة من التجارب السابقة حتي لا يقع السودان في نفس الخطأ مرتين أو ثلاث , بل يظل يقع في نفس الخطأ عاما تلو آخر وهو الامر الذي أدي الي اثارة الدهشة ليس لدي السودانيين فحسب , بل امتدت الي خارج السودان ايضآ , اذ أن معظم الدول ان لم يكن جلها دائمآ ما تستفيد من اخطائها حتي لا تكون فريسة نفس الخطأ مرارآ وتكرارآ .
فمثلا في بريطانيا عندما تهطل الامطار (مع العلم انها تهطل معظم العام) و مهما بلغت درجة غزارتها تختفي تلك الامطار في غصون ساعات , فنجد ان الشوارع قد اصبحت جافة ونظيفة , وذلك لان الشوارع بها آبار تصريف كثيرة تساعد في انزال المياه بها بسرعة ويسر , ولا يحدث تراكم للمياه في الطرقات كما نري في السودان , اضف الي ذلك ان طرقات المشاه ارضيتها عبارة عن بلاط , فلا تتسخ البلاد ابدآ بل علي العكس فان هطول الامطار ينظف البلاد تماما ويجعلها تلمع مع سطوع الشمس فيها .
السبب الرئيسي وراء تراكم مياه الامطار في السودان هو عدم وجود تصاريف كثيرة في الشوارع , وان وجدت تجدها مغلقة او متراكمة بالنفايات أو مليئة بالاوساخ . فلماذا لا يوجد تصاريف عديدة للمياه في السودان تمنع تجمع المياه في الشوارع والطرقات ؟ لماذا لا تردم الخيران (الكبيرة والمنتشرة خصوصآ في أمدرمان , وليس المعني هنا الآبار) حتي لا تتراكم فيها النفايات والاوساخ مما يؤدي ذلك الي انتشار الاوبئة والامراض ؟
لماذا تبني آبار السايفون داخل المنازل خصوصا انه بات معروفا ان الامطار يمكن ان تهدم المنازل وخاصة الطينية منها وتؤدي الي انهيار آبار السايفون التي من المفترض ان تكون تلك الاخيرة خارج المنزل (لكن تكون وفقآ للمواصفات المتطلبة) وليس بداخله حتي تصبح المنازل آمنة ؟؟
كل هذه اسئلة حائرة لا توجد لها اجابات , فتجمعات المياه اصبحت عالة علي المواطنين وتعيق تحركاتهم (اذ انها باتت تشبه البرك او المستنقعات) خصوصا بالقرب من الاماكن الحيوية مثل مواقف المواصلات العامة وغيرها من الاماكن المزدحمة والتي يستخدمها المواطنين باستمرار ولا يوجد بها تصاريف للمياه , حتي الكباري والجسور امتلاتا بالمياه , وبالرغم من درجة الحرارة العالية في السودان لم تستطيع الشمس الحارقة من تجفيف المياه المتراكمة .
هذا الركود للمياه يمس البنية التحتية للبلاد ويعتبر سوء تخطيط هندسي واضح في الشوارع والطرقات , هنالك العديد من النقاط يجب ان تقرأ بعناية في نفس الخصوص حتي تضمن السلطات بعدم تكرار مثل هذه الامور في المستقبل , وحتي يطمئن المواطن بان السلطات تفعل ما بوسعها لحمايته في المقام الاول ومن ثم حماية البيئة :
اولا : يجب ان تكون غرفة الطوارئ المركزية في حالة استنفار دائم علي مدار الساعة حتي يتسني لها التعامل مع الامور التي تطرأ فجأة علي الساحة , مثل انقاذ المواطنين اذا ما تعرضوا لاي خطر داهم قد يكون ناجما اما عن انهيار منازل , آبار سايفون أو اصابات وحوادث في الشوارع والطرقات..الخ .
ثانيآ : يجب تحذير المواطنين بصورة شفيفة وسريعة بالكوارث المحتملة (فيما يتعلق بالمناخ والطقس) كما تفعل الدول المتقدمة التي تهتم برعاياها ومواطنيها خير اهتمام , وذلك بالمراقبة والتحليل والمتابعة لشئون الطقس وما قد ينتج عنه ذلك من أضرار ومآسي كان يمكن للمواطنين تجنبها وذلك بأخذ حذرهم في الخروج أو قيادة السيارات أو المحافظة علي ممتلكاتهم وأرواحهم ...الخ .
ثالثآ : يجب الاستعداد لمواسم الامطار وذلك في اطار الزام الشركات الهندسية والمقاولين بفتح المجاري والمصارف المغلقة وتوسيع دائرة المصارف وزيادة عددها حتي تصل الي الصورة المطلوبة , هذا بالاضافة الي ازالة الاوساخ والمخلفات وردم جميع الخيران , واذا تطلب الامر القيام بشراء معدات هندسية متطورة من الخارج .
رابعآ : يجب ان تفرض السلطات علي الشركات المعنية الالتزام بضبط الجودة في المواصفات والدقة في عملها والتاكد من ذلك جيدآ وعدم التهاون او التساهل في التسليم اذ ان الامر يتعلق بارواح المواطنين الامنين وممتلكاتهم ولا بد ان تستخدم الصرامة والحزم في مثل هذه الامور , كما لا ننسي أنه يتوجب تعويض المتضررين وخاصة من تهدم منزله من جراء تلك الامطار والسيول .
خامسآ : يجب توفير طلمبات اكثر لسحب المياه التي شاهدناها امام المرافق الصحية والحكومية والمدارس هذا بالاضافة الي الاحياء السكنية والطرقات , كما يجب معالجة الطرق والمصارف التي هدمها بعض المواطنين , اذ ان اخطاءآ هندسية في التخطيط ادت الي تلك الاشكالات , وأيضآ يجب العمل من الان لتوفير مصارف دائمة لمياه الامطار ومضخات سحب متطورة وفعالة تستخدم في حالات الطوارئ .
أخيرآ طالما أن هنالك اهمال تكون المحاسبة , لذا يجب تشكيل لجنة محاسبة تتمثل في متابعة ومراقبة الجهات التي من المفترض أن تتقن عملها وتقي المواطنين شر الحوادث والمخاطر , ومن ثم الاستفادة القصوي من كل التجارب والخبرات السابقة للتعامل مع مثل هذه الاحداث حتي لا يفاجأ المواطنين الخريف القادم أن الحال كما هو , وأن المسؤلين لم يكونوا يفعلوا شيئآ طيلة ذلك الوقت غير الاصطياد في المياه العكرة والتلاعب بأرواح المواطنين , ولا بد للصحافة أيضآ من أن تلعب دورآ ملموسآ في متابعة هذه القضايا الهامة (باستمرار) حتي ترقي البلاد الي المستوي المطلوب من توفير الامن والامان بها وتحسين حياة المواطنين .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: وجهة نظر نفسية: هل فعلآ إنعدم الخل الوفي؟؟؟ كنت في السابق أؤمن بما يسمي بالخل الوفي الذي يتمثل بالنسبة لي في بعض الاصدقاء منهم من عرفت حديثآ ومنهم من أعرف منذ الطفولة ومرحلة الصبا , ولكن تغيرت نظراتي و مفاهيمي مؤخرآ مع التغييرات التي طرأت على السودان وغيرت طباع ومفاهيم الناس كثيرآ والأخلاق المثلي التي كانوا يتحلون بها , فعن نفسي دائمآ ما أتعامل مع الغير بمنتهي الشفافية والتقدير لظروفهم ولذلك كنت اتوقع معاملتهم بالمثل , اذ انني لست كثير الطلبات وأتجنب قدر المستطاع تكليف الغير بالقيام بأعمال يمكن أن تثقل علي كاهلهم .
لكن بالمقابل أتقبل اثقال الناس علي كاهلي ولا أتذمر منه ابدآ , واذا ما ادعت الضرورة أن قمت بتكليف شخصآ ما القيام بعمل من أجلي , أقوم بأختيار أعز الناس وأقربهم الي قلبي , وهذا ربما يعود الي حساسية ما في نفسي ترفض بشدة توسيع رقعة التكليف الا لمن هم أقرب الاقربين الي نفسي , و ان لم لم يتوفر أحدهم أضطر (في الحالات المستعجلة) الاستعانة بآخرين للقيام ببعض الاعمال الطفيفة (التي لا مفر منها) بحيث لا يسبب ذلك الضجر والملل للغير , وأكون بذلك قد جنبت نفسي عرضة الاحراج والتجاهل اللذان انتشرا بكثرة هذه الايام في مجتمعنا السوداني .
ألاحظ تغيرآ كبيرآ جدآ يطرأ علي الكثيرين في كل مرة أقرر فيها الذهاب الي السودان , وأتفاجأ عدة مرات الي حد الصدمة وخيبة الأمل من تصرفات بعض المقربين لي من الأصدقاء او ما هم أقرب من ذلك ممن كنت أكن لهم الكثير من الحب والود والتقدير , فقد تألمت مرارآ بتغير البعض لطباعهم مما أدي الي تغير في نفوسهم ودواخلهم الطيبة التي كنت أعرف , وحتى بعض الأصدقاء الجدد الذين تعرفت عليهم مؤخرآ لمست فيهم عدم الالتزام بالكلمة أو المصداقية .
فالصدق هو أهم شيئ في حياة المرء , ولا يجب أن يوعد الا بعد التيقن التام بالوفاء بالوعد , و الا أن يكون شيئآ خارجآ عن الأرادة يتسبب في عدم الألتزام أو الوفاء بالوعد , ثم دائمآ ما يتوجب تحري الصدق عند الحديث وعدم الكذب في كل الأقوال , وليس للمرء بحوجة أو ضرورة تجبره بخداع الناس أو ايهامهم بشيئ ليس به , ولا يجب التماطل مع أي شخص اذا ما أودع ماله كأمانة (عند صديقه) بحيث يجد أمانته متي طلبها , و أيضآ يجب الحرص كل الحرص علي كل كلمة يخرجها الانسان من فمه , وعدم الغدر بالآخرين حتي اذا تثني ذلك للمرء ولا أحد يعلم .
ولم أذكر ما أسلفت من الصفات الا , أولآ لأعدد الطباع التي كان يتحلي بها الجميع قبل أن أهاجر من السودان (وهي الصفات التي كنت أعرف أن السودانيين كانوا يتمتعون و يمتازون بها , بينما اكتشفت مؤخرآ تخلي الكثيرين عنها) , وثانيآ لأنها متصلة بفن التعامل مع الناس وأود أن أري الناس يتبادلونها , فأنا أحب الناس النظيفة الدواخل (التي لا تغدر حين تأتيها الفرصة) والطيبة القلب , وهذا هو ما أعتبره ارثآ خرجت به من السودان (وأنا ما زلت مراهقآ , وقضيت نصف عمري في السودان والنصف الآخر في الخارج) .
وأفتخر بذلك الأرث الذي علمني أن أحترم الصغير وأوقر الكبير , وتعلمت الكثير في مرحلة الطفولة والمراهقة التي قضيتها في السودان بداية علي يد جدي "المرحوم : الرشيد سيد أحمد قريش" الذي دهشت الي حد البكاء من أخلاقه التي لم اري لها مثيلآ في العالم أجمع وعلي يد عمي "اللواء : نصار مصطفي" الذي تعلمت منه الكثير , وما زلت لا أنسي قولته الشهيرة لي " لا تنام أبدا وقلبك حاقد علي أنسان , مهما سبب لك ذلك الشخص من أذي " ظلت هذه العبارة تدوي في مخيلتي كلما أحزنني شخص فأضطر أن اغفر له زلاته وعتراته ولا أدع للحقد سبيلا الي قلبي .
كما هو الحال بالنسبة لخالي "البروف : محمد الرشيد قريش" الذي أعتز به كثيرا اذ انه دائمآ ما يمدني بنصائحه القيمة والغالية ويعتبرني كابنه تماما , ولا أجد شيئآ أوصفه به غير أنه كنز يمشي علي قدمين , هؤلاء الثلاثي مقربين جدآ الي قلبي ولهم الفضل الكبير في تربيتي واثرائي بالمعرفة , لذا فأنا أفتخر بهما دائمآ ولا أذكرهم الا بالخير (وأكن لهم ما لا يعلمون من محبة وحب وتقدير وشكر وعرفان) ثم هنالك الكثيرين من الأهل والمعارف المقربين الي قلبي .
لذا أنا أعلم بأن الدنيا ما زالت بخير , ولكن خيبة أملي تتمثل في بعض الأصدقاء وما هم أقرب من ذلك الذين صدمت فيهم بشدة بينما كنت أكن لهم كل الحب والتقدير , فاذا بي أفاجأ بثقافة جديدة يتبناها الكثيرون في وطني الذي أحب وأعشق وأعتز به كثيرآ , فقد نشأت ثقافة حب الذات فقط , اذ ان الكل اصبح يهتم بنفسه ويعمل لنفسه , فقد وجدت كمآ هائلآ من الأحباط في تعاملي مع هذه الفئة من الناس في كل مرة اذهب فيها الي السودان فلا أكاد أجد تعاملا راقيآ منهم بالرغم من اسرافي الجلي في التعامل معهم بشفافية وحسن نية .
وأيضا عبر الهاتف ألاحظ أنه اذا كلفت شخصآ ما للقيام بأمر ولو كان صغيرآ , يرد ذلك الشخص بحماس ويطلب منك أن تتصل بعد يوم أو يومين , ولكنه يتجاهلك بعد ذلك تمامآ بل ولا يرد علي الهاتف ابدآ , الا اذا اتصلت له من هاتف لا يعرفه يرد عليك وعند سماعه لصوتك اما أن يغلق الخط أو يعتذر لانشغاله عنك , ثم يعدك بالاتصال بك هو شخصيآ , لكن مع الأسف لا يتصل ولا يرد علي الاتصالات ايضآ .
مما يصيبك ذلك باحباط شديد لأنك لم تنقي الا اعز وأوثق أصدقائك أو من تكن لهم مودة واحترام وتقدير تفقد هذه المودة والتقدير تجاههم ليس فقط بمجرد أن علمت بتماطلهم معك , ولكن بعد التيقن الأكيد من ذلك , اذ أن ذلك يعد عدم تقدير واضح لك , وكان من الأجدي أن يعتذر لك ذلك الشخص (وليس في ذلك أدني حرج اذ أن ذلك سبيل الشجعان) بدلآ من أن يعدك ويتماطل معك ويتجاهلك بتعمد و بلا اكتراث أو مبالاة .
و هذا الاحباط يزداد لصغر الامر الذي كلفته اياه أو لأنك تعرف جيدآ بأنك كنت تعامله بمنتهي الصدق والوفاء الجميل والمميز عن بقية الاصدقاء , وحتي لا يخلط القارئ بين الأنشغال (الذي قد يكون طرأ فجأة لذلك الصديق ويتوجب ايجاد العذر لذلك) وبين التماطل والتجاهل واللا مبالاة , فالأول نوجد له عشرات الاعذار وليس عذرآ واحدآ (وذلك لأنه يحدث دون عمد) , ولكن الأخير هو ما أصبو اليه , فمن السهل جدآ أن تعرف اذا ما كان صديقك يتجاهلك ولا يقيم لك أدني احترام أو تقدير دون أن تظلمه .
و حتي أوضح هذه النقطة أكثر أذكر في ذلك السياق (علي سبيل المثال وليس الحصر) أن أحد أصدقاء الطفولة وزميل الدراسة والزمن الجميل , وهو من أعز أصدقائي في السودان , اتصلت به مؤخرآ وسألته اذا كان لديه متسع من الوقت لقضاء أمر هام لي (اذ ان الأمر كان يهمني بصورة ملحة للغاية , وحتي لا يكون هنالك مجالا للاهمال أخبرته باهميته القصوي) .
استقبلني صديقي بحفاوة بالغة كالمعتاد , وأخبرني بأن الأمر غاية في البساطة بالنسبة له اذ أنه لن يأخذ منه أكثر من ساعة , ووعدني بقضاء الامر لي علي ان أتصل به بعد اربعة أيام , وفعلا قمت بالأتصال به بعد المدة المحددة لأتفاجأ بعدم رده علي الهاتف .
وظللت أتصل به يوميآ ولكن دون جدوي , وأخيرآ اتصلت بالجهة المعنية والتي أكدت لي أن صديقي لم يتصل بهم أصلآ ولم يذهب اليهم , ثم حاولت الأتصال بصديقي مرات عدة ولكن لا حياة لمن تنادي , وأخيرآ قررت تغيير رقم الهاتف فاذا به يرد من أول وهلة وبدا مرتبكآ جدآ اذا به يسمع صوتي من الطرف الآخر من الهاتف , وقدم اعتذارآ لي لعدم الذهاب ولكنه وعد أن يذهب في اليوم الثاني , ولكن للأسف أخلف وعده مرة أخري , ولم يرد علي هاتفه ابدآ بالرغم من اتصالاتي المتكررة , والعجيب في الأمر أنني كان من الممكن أن أتصرف بشكل آخر اذا ما قام صديقي بالأعتذار من أول وهلة وكان واضحآ معي , وكان سيوفر ذلك لي الكثير من العناء والضناء .
وبالرغم من أنها لم تكن أول تجربة لي مع ذلك الصديق اذ أنني سبق وأن تعاملت معه بأشياء أخري , الا أنه ظل يماطل في عدم الرد للهاتف لأيام وأسابيع حتي اتصلت بأحد الأقارب في السودان , الذي اتصل به بدوره وأبلغه رسالتي ولكنه لم يشعر بالأحراج الا عندما ذهبت الي السودان فجأة في اجازة , الأمر الذي اضطر ذلك الصديق الي رد المعاملة , وبالرغم من ذلك ما زلت حتي الآن أكن له الكثير من الأخاء والتقدير رغم علمي بتغيره تمامآ , ولكن ما حدث يجعلني أفكر مرارآ في المستقبل قبل أن اقدم للتعامل معه مرة أخري وخصوصا في بعض التعاملات .
أيضآ ما أكنه له من الأخاء والصداقة لا ينسي ولا ينتهي , اذ أن تلكم الصداقة استمرت ما يفوق العقدين من الزمان ولا يمكن أن تنتهي بسهولة , ولكن قصدت من هذا المثال الكم الهائل من الأحباط الذي يصيبك من الاصدقاء والمقربين, وهو ما قصدت في هذا النطاق أن أذكر تلك الثقافة الدخيلة التي أصابت المجتمع السوداني .
فحقيقة أن الكثيرين من الاصدقاء والمعارف تغيروا وبدلوا مفاهيمهم , هي حقيقة مؤلمة لا مفر منها تضطر أن تواجهها كلما تعاملت مع الغير ولا تجد منهم غير المماطلة في أشياء صغيرة لا تستحق حتي أن تكذب من أجلها , واذا تعاملت معهم بمال لا يرجعونه اليك الا ما دمت عليهم قائمآ , ودائمآ ما تصيب الوعود الخاوية والكذب والغدر باحباط هائل خصوصآ ممن تظن أنك تعرف جيدآ , وممن تكن لهم خالص الأخاء والمعزة والتقدير , والصدمة الكبري حين يكون الغدر من المقربين اليك .
أخيرآ برغم ذلك الكم الهائل من الاحباطات التي ذكرتها , الا أن الأمر لا يعدوا أن يكون بالنسبة لي الآن سوي مزيد من الخبرة في الحياة تؤهلني لتجنب الكثير من الأخطاء في المستقبل , وأن اعتمد علي نفسي أكثر مما أعتمد علي الغير حتي لا ينتابني الأحباط مرة أخري , ولكن هنالك سؤال ملح يجول في خاطري من حين الي آخر (ولا أجد له اجابة) : هل فعلآ انعدم الخل الوفي ؟؟؟ أجد نفسي أتسائل تباعآ : لماذا تغيرت طباع الناس فجأة ؟؟ ولماذا حلت ثقافة التجاهل والكذب والغش والخداع والغدر في السودان ؟؟ فقد لاحظت أن ثقافة الغش أصبحت شيئآ ضروريآ في حياة الكثيرين لا يستطيعون الأستغناء عنها أبدآ ولا يرتضون بديلآ سواها .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: العدالة يجب أن تطال الجميع:
شغلت قضية لبني الصحفية (بصحيفة الصحافة السودانية) وكاتبة العمود الاسبوعي "كلام رجال" الرأي العام السوداني في الاسابيع القليلة الفائتة وامتدت لتشمل العديد من وسائل الاعلام العالمية وذلك بسبب قيام شرطة النظام العام بالقاء القبض عليها في احدي الحفلات ومعها حوالي 14 فتاة اخريات وتوجيه التهم لهن تحت طائلة المادة 152 من قانون العقوبات والتي تتمثل في اللبس الخادش للحياء .
تم تنفيذ العقوبات بالفعل في جميع الفتيات ما عدا لبني التي رفضت عقوبة الجلد 40 جلدة كغيرها من الفتيات , وفي تحد واضح وجرئ قامت بتصعيد قضيتها حيث اوضحت الاحداث انها كاتبة عمود اسبوعي في احدي الصحف بينما تعمل ايضا في احد المنظمات التابعة للامم المتحدة في السودان , فقامت لبني بطبع وتوزيع حوالي 500 كرت دعوة وزعتهم علي وسائل الاعلام السودانية والاجنبية بالخرطوم .
هذا بالاضافة الي بعض المواقع الالكترونية الاسفيرية ومنظمات الامم المتحدة (العاملة بالسودان) والعديد من الجهات الاخري (لحضور مراسم جلدها) في تحد سافر وجرئ لرفض تلك القوانين , ولكن قبل الوقت المحدد للجلد ظهرت في الافق بوادر انفراج لازمة الصحفية لبني عندما صدر عفو رئاسي عنها , ولكن قبل ان يتنفس الجميع الصعداء رفضت لبني ذلك العفو رفضا باتآ وآثرت مواصلة قضيتها حتي النهاية لكي تثبت برائتها من ذلك الدم الذي وجد في قميص إبن يعقوب .
واصلت لبني التصعيد في كل الاتجاهات في محاولات جادة وحثيثة لالغاء قوانين النظام العام المتداولة منذ زمن في السودان , بالفعل بدت الفتاة غاية في الجدية , وعندما علمت في المحكمة ان حصانتها التابعة لعملها في الامم المتحدة تقيها اصدار حكم ادانة في حقها , قدمت علي الفور بتقديم استقالتها عن منصبها واصبحت بلا حصانة تحميها .
اختلفت وجهات النظر في هذا الموضوع الشائك , فقد ساندها الكثيرون بالفعل ولكن هنالك اعداد غفيرة ايضا تعتقد انها تمادت كثيرآ في خط سيرها , اذ كان من الاحري لها قبول العفو الرئاسي وانهاء القضية خصوصا وان هنالك ايادي تعبث بهذه الحادثة وتحاول الدخول من خلالها لتمزيق الوطن وزرع الفتنة والاختلاف بين ابناء الوطن الواحد , والكثيرين بالفعل استغلوا هذا الامر خير استغلال لزيادة العداء الخارجي للسودان الذي هو موجودا اصلا وفقط كان بحاجة لصب الزيت علي النار ليزداد اشتعالا .
المهم ان هذا الموضوع قد انتشر بالفعل خارج السودان وأضر بمصلحة الوطن كثيرآ اذ ان الحديث الآن خارج السودان هو ان الرجال في السودان بمساندة القوانين (التي خلقت فقط ضد المراة) يقفون جميعا ضد لبس المراة للبنطال , نعم هذا هو الانطباع السائد الان خارج السودان (الذي واجهني كما واجه الكثيرين غيري في بريطانيا وبقية دول العالم) بان اعتقاد الناس فعلا يتمثل في ان المراة مستضعفة في السودان وتعامل بشتي انواع الاحتقار والتسلط والجبروت .
وأحد انواع ذلك التسلط (هو ما قيل) ان النظام السوداني والرجل السوداني الظالمان يمنعان لبس المراة للبنطال " فهذا بالطبع غير صحيح" , فبالرغم من ان موضوع لبسها للبنطال هو ما كان متداولآ خارج السودان كسبب رئيسي للقبض عليها , الا ان ما قيل في محاكمتها الاخيرة كان مختلفآ , فقد ذكرت هيئة الادعاء "أنها كانت ترتدي بلوزة شفافة يري ما بداخلها " وهو سبب القبض عليها بجانب ما ذكر عن انها كانت ترتدي ايضآ البنطال .
المهم ان كان ذلك هو السبب الحقيقي للقبض عليها فبالتاكيد ان موضوع البنطال قد طغي علي ذلك السبب وقد تناساه الناس تماما , اذ لم يدار حديثآ عن لبني في الاونة الاخيرة الا وكان البنطال هو فقط ما تسبب في القبض عليها ولا شيئ غيره , وهو أمر مدهش بحق اذ ان الأمر غاية في الغرابة , فكيف تقبض امراة في السودان بتهمة لبس البنطال (خصوصآ كالذي رأينا لبني ترتديه) ؟ فهنالك الكثيرات يرتدين البنطالات ولا يتعرض للجلد .
البنطال عموما ليس بمشكلة لأهل السودان , لأن العديد من النساء يرتدين البنطالات الواسعة ومعها بلوزات طويلة فضفاضة تشبه الي حد ما الزي الباكستاني المحتشم الذي هو ايضا موجودا في السودان , لذا فان البنطال في حد ذاته ليس مشكلة ابدا , وانما المشكلة تكمن في تلك البنطالات الحاذقة الضيقة التي تظهر مفاتن النساء ومحاسنهن وتثير الشهوات وتنشر الفتن .
فتلك هي البنطالات التي تستوجب تدخل النظام العام , اما بالنسبة للبني فمن الأكيد انها لم تكن تجد من يتعاطف معها اذا كان حالها بالصورة التي وصفت في البنطالات الحاذقة ولكنها وجدت كامل التعاطف والتضامن لأن زيها كان مستتر ولا يمكن ان يصفه المرء بانه زي فاضح كما رايناه وشاهدناه في وسائل الاعلام المختلفة , وكما اكدت هي انها تغسله وترتديه يوميا حتي يراها الجميع به .
جاءت المحكمة الاخيرة للبني قبل ايام قليلة بعد تاجيل لمحكمتين سابقتين , وجاء قرارها مفاجئا لها وللجميع , اذ ان غالبية الظنون كانت تراهن علي كسبها للقضية , ولكن خابت تلك الظنون عندما جاءت النتيجة مخيبة للامال وذلك بخسران لبني للقضية التي تبنتها منذ البداية , واخيرآ نطق الحكم ضدها بدفع غرامة لمبلغ 500 الف جنيه وفي حالة عدم الدفع تسجن شهرا كاملا عوضا عن دفع المبلغ .
سارع محامي لبني والعديد من الموجودين لدفع المبلغ لها ولكنها حالما علمت بتلك المحاولات لوحت للجميع بعدم الدفع , اذ انها ترفض الحكم جملة وتفصيلا وتقبل بالسجن بديلا عنه , هذا التمادي لم يكن لصالحها اذ انها اقتيدت الي سجن امدرمان للنساء مباشرة بعد تحديها السافر للقاضي ورفضها دفع المبلغ وقد رضت بالسجن كعقوبة لها .
اعتقد ان لبني لم تكن موفقة في اختيارها لدخول السجن فالحكم كان سينفذ لا محالة , وحتي وان دخلت السجن يوما واحدا ثم خرجت (وهذا ما حدث بالفعل اذ انه تم اطلاق سراحها في اليوم التالي بعد ان تم دفع الغرامة بالنيابة عنها) سيضر هذا بها كثيرا وهو ليس بافضل من دفع النقود باي حال من الاحوال , اذ ان الحكم قد نفذ بالفعل , وقد وضع ذلك الحكم حدا للتحديات التي ساقتها منذ البداية ورفضها للعفو الرئاسي , وتنازلها من حصانتها في المنظمة التابعة للامم المتحدة التي كانت تعمل بها .
بالرغم من ان لبني خسرت القضية في تلك المحاكمة , الا انها ما زالت تحظي بتعاطف الكثيرين لجرئتها , ولكن اتضح ان السير في ذلك الطريق غير مامون العواقب , وقد اغلقت السبل في وجهها في نهاية المطاف واودت بها شجاعتها الي السجن , لكن يتوجب الاستفادة القصوي من هذه الحادثة وذلك بعدم الصول والجول في اعراض النساء والقبض عليهن دون دلائل كافية لتقديمهن للمحاكمة .
لا بد للشرطة والدولة ان تعيا الدرس جيدا حتي لا يضر ذلك بمصلحة الوطن خارجيا , وحتي لا يعتقد الغير بأن النساء مضطهدات في السودان ويمنعن من ارتداء البنطالات الواسعة , وهنا لا نعمم جميع افراد الشرطة السودانية , اذ ان الكثيرين منهم يؤدون عملهم علي خير وجه (يقدر لهم المواطنين ذلك خير تقدير) ولكن الحديث عن تلك الفئة المتسلطة التي ترعب المواطنين بتجاوزها لسلطاتها , فالنقد هنا ليس للاساءة ولكن لتعريف السلطات بأخطائها تجاه المواطنين وتهب لمعالجتها وهذا هو عشمنا من هذا النقد .
وايضا لا يفوتني ان اذكر ان المعاملة القاسية التي تعرضن لها الكثير من النساء خارج محكمة لبني تستحق الوقفة , فقد تجاوز بذلك البعض من رجال الشرطة سلطاتهم في ذلك الاداء السلبي الذي يضر بسمعة البلاد كثيرآ في الخارج , فمصلحة البلاد وسمعتها في الخارج هو مربط الفرس هنا , وهو ما نسعي نحن في الخارج ان نعكسه بصورة صحيحة .
اذ أننا نعتبر أنفسنا سفراء لوطننا في الخارج , فهذا الوطن ليس حكرآ علي فئة معينة , وما يمسه يمسنا جميعآ سواء كنا في الداخل او الخارج , واختم قولي بان الحديث لا يجب ان يخصص للبني وحدها فقط , فلبني فرد واحد في المجتمع , وهناك الكثير من اللبنات اللواتي ينتظرن تحقيق العدالة بشأنهن , ويجب ان تطبق العدالة بحذافيرها علي الضعيف والشريف سواء .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: إستغلال قضية لبني يضر بالبلاد:
قضية لبني أثارت الكثير من الجدل في المجتمع السوداني قبل المحاكمة , ولكن بعد المحاكمة هدأت الأمور كثيرآ فلا يوجد محاكمة أخري يتجمهر فيها المواطنين وإستسلم الكثيرين بأن القضية قد انتهت عند ذلك الحد , ولكن المهم الآن هو أنه بالرغم من أن لبني لم تربح قضيتها التي سارت ورائها منذ اللحظة الاولي ضد النظام العام وقوانينه (فربح القضية يعني أنها قد إستطاعت أن تلغي تلك القوانين وهذا في واقع الأمر لم يحدث) ولكننا بالرغم من ذلك نستطيع القول بأنها قد لمست جوهر أمر في غاية الأهمية يهم الكثيرين جدآ من الشعب , وذلك يتمثل في تجاوزات الشرطة لسلطاتها واعتداء بعض افرادها علي المواطنين دون وجه حق .
القوانين عموما ليس من المفترض ان تكون عقبة في طريق المواطنين , فهنالك من يدان أو تدان تحت طائلة هذه القوانين وتكون التهم فعلآ تلبسهم من اعلي راسهم وحتي اخمص قدميهم , و يستحقون الادانة والعقاب (والا نكون قد شجعنا انحلال المجتمع وانتشار الفاحشة والرذيلة فيه) ولكن هنالك ايضا من يقعون ضحايا تحت طائلة تلك القوانين , اذ أن هؤلاء كانوا وما زالوا يحاكمون بنفس نص المادة 152 من قانون العقوبات , وهي نفس المادة التي نهضت من أجلها لبني لتغييرها دون التمكن من ذلك , والتي بسببها طبق ذلك القانون علي لبني دون أي استثناء .
فهنالك بعض القوانين الإستثنائية تتيح للقاضي استخدامها وما يتناسب مع طبيعة القضية , دون أن يعطل القانون بأي حال من الأحوال , وهي متروكة لتقدير وحكمة القاضي حسب معطيات الاحداث , وقد تشمل تلك الاستثناءات أشياء اخري في القانون الأنساني مثل تاكد القاضي من ادانة المتهمة (اذا كانت إمرأة مثلآ) وجرمها واستحقاقها لتفعيل العقوبات عليها , ولكن قد تكون هنالك استثناءات انسانية مثل ان المراة قد تكون حاملآ او مرضعة أو مريضة او مختلة عقلية او ما شابه من امور تتيح للقاضي هنا اصدار حكم استثنائي يتناسب والحالة التي بين يديه (وهذه النقطة لزم توضيحها لأن الكثيرين لا يعرفون الأستثناءات في القانون) , أو قد يضطر القاضي الي شطب القضية برمتها اذا كان هنالك نقص أو تناقض في الأدلة أو شكك في انتساب ذلك القانون أو التهمة للمتهم .
ولكن في قضية لبني بالذات قرر القاضي توجيه التهمة اليها مباشرة تحت المادة 152 من قانون العقوبات لسنة 1991 والذي ينص علي الآتي : 1- من يأتي في مكان عام فعلآ أو سلوكآ فضحآ أو مخلآ بالآداب العامة أو يتزيأ بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة او بالعقوبتين معآ . 2- يعد الفعل مخلآ بالآداب العامة اذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل .
ورأي القاضي ان هذه المادة تتناسب أو تتوافق مع لبني وذلك لأن التهمة التي وجهت إليها تنص علي الآتي: "المتهمة كانت ترتدي بنطلون ضيق وبلوزة ضيقة وأكمامها قصيرة , والبلوزة فاتحة وشفافة يري ما بداخلها , وكان رأسها كاشفآ لأنها لم تكن تلبس طرحة" . ولكن بالرغم من أقوال الشهود التي تنطبق بعضها علي لبني بينما تختلف أقوال أخري الا أنه كان يتوجب للشرطة أن تحضر أدلة وبراهين كافية تمكن القاضي للوصول الي الحكم بسهولة , فلو كانت الأدلة كافية لما تأجلت المحكمة عدة مرات , فنحن نعلم انها تأجلت أول مرة لموضوع الحصانة ولكن المرة الثانية لم يكن هنالك سبب لتأجيلها سوي عدم كفاية الأدلة , وهنا يكون التساؤل المشروع : اذا لم تتوفر كل الأدلة أمام القاضي فكيف يحكم في قضية لا توجد فيها أدلة ملموسة تدين فعلآ المتهمة ؟ خصوصآ أن لهذه القضية أبعادآ أخري قد تكون سياسية .
ثم ان تلك الأدلة ان كانت كافية لكان الأمر قد حسم علي الفور دون ان تعطي فرصة لاثارة هذه الضوضاء والفوضي التي استغلها الكثيرون خير استغلال في الخارج لتشويه صورة السودان , فقد لمسنا ذلك جليا في ضجر وسـخط الغير من هذه القضية لأنها وصلت اليهم بالصورة الخاطئة دون ان تجد رد صريح وواضح من الطرف الآخر كي يوضح طبيعة الاحداث من وجهة النظر الاخري , حتي تصحح المفاهيم وينظر الجميع الي النصف الممتلئ من الكوب .
بالرغم من ذلك فهنالك جدلآ قائمآ عن هذه القوانين يعي بصعوبة إلغائها أو إبطالها , اذ أن ذلك قد يحدث إنهيارآ تامآ في الأخلاق والفضائل , ولكن يجب أن تكون الرسالة واضحة أن هنالك انتهاكات من بعض أفراد الشرطة ضد المواطنين (سواء كانوا رجالآ أم نساء) يجب النظر في هذه الانتهاكات حتي يعطي كل ذي حق حقه , وحتي لا تخرج مثل هذه الامور مرة اخري عن النصاب , فالمهم في الامر ان تكون تلك القوانين عادلة وتطبق بالصورة الصحيحة , وعندئذ لن يطالب احد بالغائها او حتي تعديلها .
هنالك ايضا رسالة موجهة الي السلطات مفادها التعامل مع مثل هذه الامور بمهنية وذكاء اكثر في المستقبل , وحتي لا يقعوا في مواجهات اخري مع المواطنين فهم مدعوون الي تشكيل غرفة طوارئ يتم فيها تناول كيفية معالجة مثل هذه الامور في المستقبل والبحث عن الوسائل المشروعة التي تضمن ادانة المتورط قضائيا بحيث يمكن ذلك الشرطة من اثبات تهمها (ان كانت فعلا بحق) ضد المتهمين دون انتقاص من حقوقهم او اثارة زوبعة وفوضي كالتي افتعلوها في موضوع لبني , وهنالك دعوة اخري للمسئولين في الدولة بعدم استهداف الصحفيين لكتاباتهم في الصحف وتعبيرهم عن الحقائق أو نقدهم للحكم طالما يكون ذلك بموضوعية واخلاق والتزام بالعمل المهني والصدق وعدم التلفيق أوتزوير الحقائق , وانما الهدف من النقد في حد ذاته اظهار ضعف الاداء ومواقع التقصير بحيث تعيها السلطات وتسعي لمعالجة اخطائها .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: دق آخر مسمار في نعش الجنائية:
في تطور خطير، لافت للنظر ومنقطع النظير لأحداث دارفور أعلنت مجموعة من أعضاء الحركات المتمردة في ذلك الاقليم بتورطها في تلفيق وتزوير افتراءات ضد الحكومة السودانية بالتعاون مع بعض المنظمات الاجنبية والدولية، فقد اعترف هؤلاء الاعضاء الذين يطلقون على انفسهم «المجموعة الوطنية لتصحيح مسار ازمة دارفور» في مؤتمرهم الصحفي الذي عقد في أثيوبيا، بأنهم كانوا يقومون بتضليل وفبركة ما يحدث في دارفور وتهويل وتزوير ارقام الضحايا والتآمر مع بعض المنظمات الدولية لادانة النظام في الخرطوم امام المجتمع الدولي، والذي ادى الى وصول القضية الى محكمة الجنايات الدولية التي بدورها استشهدت بهؤلاء الاعضاء «كشاهد ملك» لاستخدامهم فيما بعد عند تقديم المدعي العام « لويس أوكامبو» هذه الادلة لادانة الرئيس السوداني في التهمة الموجهة له من ابادة وجرائم حرب . كانت من بين الشهود اعداد كبيرة من المهنيين والمترجمين الذين اكدوا مدهم المحكمة الجنائية بالوثاثق والمستندات والشهود المفبركين، وفعلوا كل ما بوسعهم لادانة النظام السوداني امام المجتمع الدولي قاطبة، وذلك بتضخيم ازمة دارفور بصورة لم يشهد لها مثيل، وبالفعل نجحت تلك المجموعات (بسبب خلافها البائن مع النظام السوداني) في التصعيد الاعلامي بكل المقاييس وعلى كل الانشطة، وذلك يتمثل في تنظيم المظاهرات والاحتجاجات في الكثير من دول العالم وتوزيع المنشورات والبوسترات واقامة الندوات في البرلمانات الاوروبية والمحاضرات في الجامعات المختلفة . إستنفدت هذه الجماعات كافة الوسائل المشروعة والمحرمة لتحقيق غاياتها، واسهمت في تضخيم ازمة دارفور بصورة مريعة ومشمئزة جعلت العالم بأسره يتحدث عن التطهير العرقي المزمع في دارفور ويسلط الضوء على دارفور كما لم يسلطه من قبل في اي نزاع حدث في العالم، وحتى احتلال العراق والابادة الجماعية في فلسطين لم تجد صدى لدى العالم كما وجدت ازمة دارفور (والذي كان يتخذها الغرب كبش فداء لتغطية جرائمه في فلسطين والعراق وافغانستان وغيرها من الدول التي ما زالت ايديهم ملطخة بدماء ضحاياهم فيها)، فقد كانت تلك الجماعات المتمردة دائما تقحم القوات الحكومية عند حدوث اي صراعات قبلية او هجوم من قبل مليشيات الجنجويد لتوريطها في ذلك . حتى موضوع الاغتصابات فبركوه ونسبوه الى الحكومة على حسب قولهم، واقنعوا نساء كثيرات وقاموا برشوتهن حتى يتحدثن عن اغتصابات تمت في حقهن، وساعدوا بذلك في ادخال الامم المتحدة بقواتها العسكرية، وادخلت المنظمات الانسانية التي لم تدخل الا كي تتجسس وتتآمر مع هؤلاء المتمردين لتمزيق السودان وتقسيمه الى دويلات ومجموعات قبلية وعرقية، وقد قام السودان بابعاد بعض هذه المنظمات بعد ان علم بالدور القذر الذي تلعبه في البلاد، ولا ننسى تهريب الاطفال لبيعهم في فرنسا ودول اخرى الذي تم كشفه في السابق لكن دون ان يتعرض المتورطون للعقاب . وبعد أن تيقنت تلك المجموعات بما يحاك بالسودان من تآمرات ومخططات ستمتد الى أبعد مما يسعون الى تحقيقه (وهو ازالة النظام الحاكم في الخرطوم) علموا ان السودان في طريقه للتمزق والصوملة، فاستيقظوا فجأة من سباتهم العميق وقرروا تصحيح مسار دارفور (وذلك على حسب خطابهم ومؤتمرهم الصحفي)، هذا الموضوع وبالرغم من حجمه الهائل لم ينل نصيبه كما كان ينبغي من وسائل الاعلام العالمية (حيث ان هذا الموضوع لا يصب في مصالحها) وكان ينبغي ان يلقي هذا الموضوع نصيب أسدين بدلاً من أسد واحد، وبرغم ان هذا المؤتمر الصحفي ألجم الكثيرين خصوصاً هؤلاء المنتفعين من أزمة دارفور، فلن يعجب هذا التصريح والاعتراف من يتاجرون بأزمة دارفور وسيقومون بدحضه بكل الوسائل الممكنة ونفيه، فهو يعد بمثابة فضيحة كبيرة وضربة قاضية للجميع لم يكونوا يتوقعونها ابدا، وكثير ايضا من المنظمات والافراد الاجانب والصحفيين العملاء تسببوا في تضخيم ازمة دارفور لابعد الحدود، وسيفعلون ما بوسعهم أو أكثر للتقليل من شأن هذه الفضيحة النكراء . وقد اتضح ايضا ان هنالك ادواراً وثيقة للغرب واسرائيل لما يجري في دارفور، وهو ما قالته الحكومة السودانية في الماضي وما زالت تردده، فأزمة دارفور (التي دخلت عامها السابع) لم تكن لتحدث او تتفاقم الا في عهد بوش (عدو نفسه وعدو الانسانية) فها هو رئيس أكبر دولة في العالم (الرئيس السابق بوش) يغزو العراق بكذبة وافتراء،امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل وذلك بمعاونة المتآمر والخائن الاكبر «الدكتور أحمد جلبي» رئيس المؤتمر الوطني العراقي السابق، الذي ادلى بمعلومات مضللة عن بلده ادت الى احتلالها وتدميرها عن بكرة أبيها . وكذلك نجد ان عميل المخابرات الليبية المزدوج «عبد المجيد جعاكة» ايضا قد أدلى في السابق بمعلومات مضللة وزائفة الى المخابرات المركزية الامريكية أدت الى فرض حصار على ليبيا امتد لمدة عشر سنوات، وذلك عقب احداث لوكربي التي حدثت في العام 1989 والتي قضت فيها محكمة اسكوتلندية بتجريم الليبي «عبد الباسط المقراحي» ، وتبرئة زميله «الامين خليفة فحيمة « عندما شهد ذلك العميل شهادة زور بتورط الأخيرين في انفجار الطائرة، وها نحن تشهد الآن افتراءاً آخر على يد هؤلاء المتمردين الذين ينتسبون لحركات دارفور حيث أدى كذبهم الى تلفيق التهم برئيس الجمهورية زوراً، وهذا يعتبر درساً لنا جميعاً لن ننساه ويجعلنا نرتاب دائماً في كل الاحداث التي تطرأ في العالم ونتفحصها جيداً بل نعيد قراءتها مراراً وتكراراً قبل ان نطلق احكامنا عليها . هنالك فعلا حرب وضحايا في دارفور لا يستطيع احد نكرانه، ولكن ليست بالصورة المهولة التي ذكرت، فقد مات الآلاف في دارفور (هذه حقيقة لا تقبل الجدال) وحتى الرئيس البشير اقر بان هنالك قتلى وضحايا تصل اعدادهم الى (10) آلاف شخص، ولكنه اكد كذلك انه لم يرفع سماعة الهاتف ويأمر بقتل هؤلاء الآلاف وانما كان ضمن هؤلاء الضحايا من قتل وسط المعارك والصراعات بين المتمردين والقوات الحكومية (الذين ذهبوا لتأدية مهامهم بايقاف الحرب بين المتمردين والجنجويد) ومنهم من قتل بأيدي المتمردين انفسهم، وهذه التصريحات التي جاءت من هؤلاء المتمردين ستقلب الموازين رأساً على عقب . هنالك ايضا اعلان من هؤلاء المتمردين بان هنالك المزيد من التصريحات والكشف عن احداث اخرى ستأتي في الوقت المناسب، لهذا فمن السليم القول بأن كل ذلك لم يكن ليحدث الا عندما اعلنت الامم المتحدة (في الأيام القليلة الماضية) ممثلة في قوات حفظ السلام المعروفة «باليوناميد» ان حرب دارفور قد انتهت تماما (وذلك على لسان قائدها الجنرال مارتن أقوي) وان الاقليم اصبح بافضل مما كان عليه في اي وقت مضى اثناء الحرب، وبنهاية تلك الحرب ضعفت الحركات المتمردة كثيرا مما كانت عليه عندما كان يدعمها الغرب .
وطفا على السطح نتيجة الوعد الذي قطعه البشير بحل ازمة دارفور داخلياً وهو ما حدث بالفعل، ولكن بالرغم من كل ذلك فان ما حدث يعتبر امراً جللاً، فشهادة الزور من أكبر الكبائر التي حرمها الدين الحنيف، وحتى ان قلنا ان ضمائر هؤلاء المتمردين قد صحت لوقف «مزاد دارفور العلني» الذي يشتري ويباع فيه في كل دلالات العالم، فهذا لا يكفي لرفع الظلم الذي وقع على السودان وعلى رئيسه المشير البشير، فحتى وان اختلفنا معه في بعض القضايا لا يجب ان نتهمه بالباطل ونشهد شهادة الزور ضده للانتقام منه، فهذه ليست شيم السودانيين ولا اخلاقهم التي تحتم عليهم قول الحق ولو على رقابهم . فيجب التوثيق لهذا الكلام جيداً للذكرى والتاريخ وتحرك رجال القانون في السودان وافريقيا والوطن العربي والشرفاء في العالم الغربي لانهاء قانون الجنائية وكشف اوكامبو وتعريته وارساله الى مزبلة التاريخ، فأمر كهذا يعتبر في غاية الخطورة وله الكثير من التداعيات ويوجد الكثيرون من المتورطين فيه، الذين يجيدون قواعد اللعبة ويعرفون كيف يكسبون التعاطف الدولي لصالحهم، لذا يجب أيضا الغاء الجنائية ودق آخر مسمار في نعشها، ولا يوجد وصف لما حدث غير القول في هذا الأمر المخجل والمخزي والذي هو عار لنا جميعا « حسبنا الله ونعم الوكيل» .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: الشيكات الطائرة وخطرها علي المجتمع:
تطايرت الشيكات البيضاء والخاوية الرصيد يمنة ويسرة في السودان وقبضت بايدي وارجل كاتبيها والقت بهم في غيبات السجون ودهاليزها المظلمة مكشرة بذلك عن اسنانها الصفراء المرعبة في جو السودان الخانق الحارق البرتغالي اللون , ومعلنة عن الحالة التي وصلت اليها البلاد من فقدان حيلة للمواطنين لكسب العيش وخلق حياة كريمة زهيدة وملقية بذلك حمل ثقيل علي كاهل المواطنين وعاتقهم .
فالشيكات الطائرة كانت شيئا نادرا في الماضي ولكنها الآن اصبحت موضة في السودان يرتديها الكثيرين من ذوي الدخل المحدود وتجار السوق الذين تورطوا ببضاعتهم الخاسرة مما أدي ذلك الي الولوج الي اقصر الطرق لحلحلة مشاكلهم غير آبهين بتأوهات الشيكات التي كادت ان تتكلم بل تصرخ معلنة عصيانها ورفضها للوقوع فريسة في ايدي دنسة وغير بيضاء .
ولكنه الجشع وقصر الحيلة التي لم يدرك صاحبها العواقب الوخيمة الغير مضمونة الا عندما يجد نفسه مزجي به في السجون (فقد امتلأت بسبب تلك الشيكات سجون كوبر وامدرمان وغيرهم) ويجد بذلك صعوبة بالغة في الخروج الا بضامن او الاضطرار لبيع منزل او عقار تاركآ بذلك أبنائه كالأيتام يواجهون عبأ الحياة ومشقتها بصمتها بينما كان من الأحري ايجاد عمل شريف مضمون العواقب وان قل عائده , او تملك القناعة وعدم زج نفسه في امور لا يدري مناصبها .
فلا يجب للمرء مد رجليه الا علي قدر لحافه , وعدم وضع بصماته في ازقة المنحرفين حتي لا يحدث ما لا يحمد عقباه , فقد سمعنا بعشرات بل مئات المواطنين امتلات بهم السجون في السودان لا لشيئ غير الشيكات الطائرة والتي لا يوجد لها رصيد في البنوك وهو ما ادي بهم الي ذلك المستقبل المظلم , فالتورط في هكذا امور دون وعي او دراية لهو امر غاية في التعقيد ينتهي دوما بالسجن في القبو المظلم , والسجن الاجوف النفسي الذي يحيط المرء به نفسه .
فامر مثل الشيكات الطائرة يدخل في باب المغامرات الغير مشروعة , ويساعد في نشر الفساد والرشوة وخراب الاقتصاد الوطني , و قبل ان يدرك المرء نفسه يجد الاغلال بين يديه , وقد تتشرد الكثير من الأسر وتنغلق بيوت كانت تربي اطفالها و تسترزق من عائلها (الملقي في السجن) الذي قد يكون عائل البيت الوحيد , فالقضية الان اصبحت منتشرة بكثرة ويوجد عدم وعي وثقافة وتقدير للامور من هؤلاء الاشخاص الذين يستخدمون تلك الشيكات دون استطاعتهم بتغطيتها , ولكن اللوم ايضا ملقي علي كاهل هؤلاء الذين يقبلون بتلك الشيكات الطائرة دون التحري من صحتها ودقتها .
بل والكثيرين منهم يعلمون ان اصحاب تلك الشيكات لا يستطيعون دفعها ,ا لذا وجب رفض التعامل مع اصحاب تلك الشيكات اذا كان هنالك شك بعدم مقدرتهم علي تغطيتها , اذ انهم بذلك يسهمون بطريقة مباشرة في نشر تلك الفوضي السائدة والغير مرغوبة ويتسببون في ادخال صاحبها للسجن , فهنالك من يخدع الناس ويوهمهم بجعلهم يوقعون الشيكات بالنيابة عنه سواء مع من يعملون معه او حتي مجرد معرفة سابقة , بحيث يخرج هو من الموضوع كالافعي ويترك المساكين يلقون مصيرهم المحتوم في السجون , فهذا عبث طائل بالقانون واستهتار بالقضاء والعدالة , ويجب تعديل القوانين وتشديدها بجعلها صارمة وحازمة ضد من يقبلون بتلك الشيكات دون التحري من اصلها (الا اذا كان هنالك تماطل واضح من اصحاب الديون قد يختلف الامر في هذه الحالة) .
هنالك الكثيرين يريدون الثراء السريع و يقومون بسوء استخدام الشيكات الطائرة ظنا منهم انها الطريقة المثلي , و منهم من يدخلون انفسهم في مجالات الاستثمار للاراضي والعقارات , ويقومون بانشاء وبناء عمارات بقلة خبرة وتكلفة تكون تلك البنايات آيلة للسقوط , فهؤلاء هم من يقومون بنشر تلك العادات الدخيلة علي مجتمعتنا السوداني وهم من يستحقون العقاب , بينما تجد ان هنالك العديد من الخريجين وذوي الخبرات والكفاءات يقبعون خلف القضبان (تم استغلالهم) بسبب الشيكات الطائرة الي ان يلوح شبح امل لهم في الخروج , او ينتهي بهم المطاف الي عالم الضياع والنسيان , ومنهم من يفقد الامل علي الخروج من السجن فيقدم علي الانتحار .
ايضا نجد الكثير من النساء امتلات بهن سجون امدرمان (قسم الشيكات) بسبب الديون او الشيكات الطائرة , وكثيرات منهن تم اصطيادهن للوقوع في الجرائم دون دراية وافية (كضحايا صفقات او قروض بنكية , او حتي قيامهن بشراء الاثاثات وغيرها بالشيكات) من قبل ما يسمي بتماسيح السوق حيث يروجون لتجارتهم البائرة , ويقع في طريقهم السذج وعديمي الحيلة , وهنالك ايضا من يقوم باستخدام النساء لجعلهن يوقعن علي شيكات بيضاء يقوم بابتزازهن متي ادعت الحاجة او تثني له ذلك , وعدم اعطائهن مهلة كافية للسداد , وهكذا يتم سجنهن بحيث يبقين بالسجن الي حين السداد .
هنالك سؤال ملح للغاية (خصوصا مع كل المعطيات التي ذكرت) هل كتابة الشيكات تستوجب ادخال النساء الي السجون وترك اطفالهن خلفهن دون ملجا او ماوي ؟؟ وحتي ان كان اطفالهن بماوي هل تستحق المراة ان تدخل الي السجن وتترك اطفالها وابنائها ورائها لتقضي فترة عقوبة مجهولة المدة لمجرد انها كانت ضحية كتابة شيكات بلا رصيد ؟؟ مهما كانت الاسباب وراء ذلك فنحن نعلم جيدآ ان المراة ضعيفة ولا يمكن ان يصل مكرها لدرجة الرجل , ويمكن بسهولة ان تتعرض لعملية غش او نصب , لذا يجب النظر في الامر بكل جوانبه قبل النطق بالحكم فيما يختص بالمرأة .
فهذا الامر (الشيكات الطائرة والبيضاء) قد فاق الحد فعلا , اذ لا بد حمله علي محمل الجد والنقاش بموضوعية فيه من قبل اجهزة الاعلام المرئية لايجاد حلول جذرية تساعد وتساهم في انهاء تلك الفوضي وذلك العبث , ونصح الكثيرين من عدم الدخول الي ذلك المعترك وتوفير السبيل لهم لحل مشاكلهم العالقة التي لا يجدون لها حلول , ومساعدة المحتاجين من ذوي الدخل المحدود من قبل ديوان الضرائب وديوان الزكاة والجهات الاخري المختصة و المانحة حتي ينقطع حبل الياس بالمواطنين , والاهم من ذلك نشر الوعي الثقافي في المدارس والجامعات والمساجد واجهزة التلفاز والصحف من هكذا خطورة تلحق اضرارا ليست فقط بصاحبها بل تساعد علي انتشار الانحلال والتفكك في المجتمع .
ويساعد ذلك الانتشار ايضا في تدهور الاوضاع المعيشية في البلاد وانتشار الفقر والجهل وانتشار وسائل الغش والخداع والاحتيال والنصب مما يؤدي ذلك الي تغير كبير في اخلاق المواطنين وعاداتهم وطباعهم , حتي يصبح ذلك جزء من ثقافات وعادات البلد , اذ ان كل امور الضلال في العالم عندما تنتشر تقلع العادات والتقاليد (المتبعة والمعروفة) من جذورها وتتغير مفاهيم الناس كليا مع تغير الزمان والمكان , حتي لا يصبح لكل شيئ اصلا ثابتا وراسخا كان يعرف به في الماضي .
وذلك علي وزن الفطرة التي عرف بها اهل بلد معين تتغير كل الطباع والاخلاق كلما انتشر الفقر والاهمال في البلاد , و ينتشر الفساد والجريمة ويصبح من العسير جدا الرجوع بتلك النقلة الي المربوع الاول , وهكذا كان حال الانسان البدائي في العصر الحجري بدا بتغير من طفيف الي أسمي حتي تناسي الناس حالهم الاول , وتغيرت المفاهيم كثيرا وهذا ما اخشاه بانتشار تلك الشيكات الطائرة (دون نشر الثقافة والوعي بين المواطنين وتسهيل سبل العمل والحياة الكريمة لهم) التي يمكن ان تسبب أضرارا بالغة اذا لم تتوقف , لذا فدائما ما نقول ان القناعة كنز لا يفني .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: نداء عاجل من مواطن مغترب إلي رئيس الجمهورية:
من أصعب الأشياء التي تواجه المواطنين في حياتهم هي عدم إعتراف الدولة بكفائاتهم إلا أن يكونوا من أشد المواليين أو من أشد الخصوم كما هو الحال اليوم في السودان , فمن يرفع السلاح يتفاوض معه الجميع , وتقام له الندوات والمؤتمرات , وتستقطبه وسائل الإعلام المختلفة ويحتضنه الغرب ويصبح أكثر شهرة من "نجم سينمائي" في لمح البصر , وعلي النقيض الآخر لابد للشخص أن يكون مواليآ إلي أقصي درجات الموالاة حتي لا يلقي من المعاناة ما يلقاه المواطن الضعيف .
لكن حديثي هذا ليس عن تلك الفئات التي هي إما "مع حتي النهاية" أو "ضد حتي النهاية" , فتلك الفئات قد تملكت من أمرها ولا تحتاج إلي من يتحدث بالإنابة عنها , ولكن حديثي هو عن أهل الهامش من المثقفين والمتعلمين من أهل هذا البلد الطيب , الذين قد يكونوا قد هاجروا خارج البلاد وعادوا للعيش فيها بدافع الشوق والحنين للوطن , متحصنين بالشهادات العليا والإستنارة الفياضة والعبقرية التي لا تضاهى والعلم الغزير المتدفق والمعرفة الثرة والنبوغ والندرة والمعرفة بأنواعها .
فهؤلاء عندما ياتون من الخارج لكي تستفيد البلاد من طاقاتهم وخبراتهم ومؤهلاتهم , ليست المشكلة فقط لديهم في ألا ترحب بهم البلاد (بعد طول غياب) , بل المشكلة في جوهرها هي أن يضيق لهم في رزقهم , ويمنعوا من المناصب التي يستحقونها , والتي تؤهلهم بها شهاداتهم وخبراتهم العلمية خير تأهيل , وتركن تلك الخبرات النادرة في حجرة مظلمة , ممنوع الإقتراب منها أو التصوير .
وإنها لخسارة كبيرة وعظيمة في حق هذا الوطن المعطاه سيدي الرئيس وأنتم تنادون (ليل نهار) تلكم الخبرات السودانية بأن تعود الي أرض الوطن , وقد كانت تلك الخبرات السودانية في الخارج يفرش لها البساط الأحمر والأحمدي , وتفتح لأصحابها جميع الأبواب والنوافذ , ولا يخطون خطوة إلا وحالفهم الحظ فيها , بينما يأتون للسودان ويجدون أن جميع الأبواب موصدة في وجوههم , حتي لا يجد المرء بديلآ سوي إما أن يعيش ذليلآ في بلده , أو يضطر أن يعود أدراجه من حيث أتي , ليعيش معززآ مكرمآ كما كان , فقد أصبح كل شيئ (في السودان) بالواسطات وليس بالشهادات أو الكفاءات سيدي الرئيس .
من الناحية الأخري أتحدث عن فئات أيضآ من المهمشين (ولكن في الداخل) , فهؤلاء النوابغ الذين سهروا الأيام والليالي في الدراسة وطلب العلم في بلادهم حتي تخرجوا من الجامعات وعملوا في القطاعات العامة بأنواعها المختلفة , وتدرجوا في المناصب وأصبحوا يعيلون أسرآ وعوائلآ , فجأة يجدون أنفسهم إما أن أحيلوا للمعاش الإجباري أو ما يسمي بالصالح العام , نعم يفصلون من أعمالهم هكذا إما بسبب الإختلاف , وإما للإضطرار لإعطاء مناصبهم لإناس آخرين فقط لإرضائهم .
وهنالك فئة أخري تغلق الأبواب في وجوهها منذ تخرجها من الجامعات , فلا تجد عملآ هنا أو هناك , ربما لعدم الولاء , عدم الإنتماء , عدم الإهتمام بالسياسة ... ألخ , فتضطر هي الأخري إلي ترك البلاد بما فيها والهروب للخارج , وتفقد بذلك البلاد كفاءات شابة كان من الأحري الإستفادة البناءة منها , فلن تبني البلاد إلا بسواعد أبنائها .
في رأيي المتواضع سيدي الرئيس أن الكثير من المناصب (خاصة العليا منها) في البلاد أصبحت تعطي لأشخاص لا يستحقونها إطلاقآ (وأنت أدري مني بذلك) , فأصبحت المناصب توزع وتقسم فقط لإرضاء شرائح معينة من المجتمع بغض النظر عن مدي كفائاتها أو خبراتها , وقد لمسنا ذلك في الأخطاء الكثيرة التي أصبحنا نسمع بها ونراها يوميآ من تقصير وتسيب مستمر للمسؤلين في أداء واجباتهم وعدم تحمل أيآ منهم للمسؤلية .
هذه هي المشكلة التي دعتني أن أكتب إليك سيدي الرئيس , فأنا أتحدث بلسان الكثيرين من خيرة أبناء هذا الوطن الذين إضطروا إما أن يهاجروا قسرآ منه , قدموا إليه ولم يجدوا إلا تضييق في أرزاقهم , أو الذين يريدون العودة الي السودان ولكن يعلمون علم اليقين أن كفاءاتهم ومؤهلاتهم لن تلقي أي صدي (داخل البلاد) برغم أنها تجد صدي كبير وواسع جدآ حيث هم الآن .
فلن يشعر هؤلاء بلذة البقاء خارج الوطن إن وجدوا فرصة للإعتراف بكفائاتهم وضمان عدم التضييق لهم في أرزاقهم في ذلك البلد الشاسع الذي من المفترض أن يسع الجميع , ولا يفوتني أن أذكر أن هنالك الكثيرين من السودانيين خارج السودان يعترف بخبراتهم ويستشهد بكفائاتهم وتقدم لهم الجوائز وتلهث خلفهم الشركات وتقام لهم الإحتفالات , وتعطي لهم الوسامات ويقابلهم الملوك والرؤساء وتحتضنهم تلك الدول وترعاهم لا لشيئ سوي لنبوغهم وعبقريتهم وعلمهم الساهب الغزير , وعندما يأتون إلي السودان لا يقام لهم أدني تعبير ولا يعترف بشهاداتهم ومقدراتهم وإمكانياتهم وحتي لا توجد لجنة أصلآ لتقييم مثل هؤلاء . فماذا أنت قائلآ يا سيادة الرئيس ؟؟؟
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: مكالمة هاتفية أيقظت الدهشة في أعماقي !!؟؟
في إتصال هاتفي قبل أيام قلائل مع إحدي قريباتي في السودان للإطمئنان علي صحة الأهل , وبينما أنا أدلو بدلوي لها عن عقدي النية للحضور إلي السودان والعيش فيه نهائيآ في السنوات القليلة جدآ القادمة , اذا بها تقاطعني بصوت جهور... لا تأتي !!! فوجئت بذلك الرد المباغت , بينما واصلت هي حديثها (الذي لم يفتني ملاحظة نبرات الحزن و الأسي الذان يعتصرانه) قائلة : ستندم حيث لا ينفع الندم اذا أتيت للعيش في السودان , فقد أصبح لا يطاق أبدآ .
كانت هذه أول مرة لي في حياتي أتلقي هذا الكم الهائل من الإحباط عبر الهاتف , فلقد تحدثت مرارآ وتكرارآ من قبل مع الكثيرين من الأهل والأصدقاء والمعارف عبرالسنوات الطوال وأنا خارج الوطن , ولكن لم اسمع مرارة في القول مثلما سمعت هذه المرة , حتي عندما كنت أحضر الي السودان في الإجازات و كنت أجد من يصف لي الوضع "بالمزدري" , وتدني الخدمات الصحية بالبلاد وصعوبة العيش فيها , لكن لم استطيع مقارنته بما ذكرته لي قريبتي هذه , فما ذكرته لي بعد ذلك "كان كفيلآ بمصرع فيل ضخم عضته نملة صغيرة وهو يقاومها في حلبة مصارعة" .
فقد وصفت لي الوضع "بالمريع" وهي تتحدث عن غلاء الأسعار وإرتفاعها الجنوني , تحدثت عن البعوض بأنواعه المختلفة وألوانه الكثيرة , الذباب الطائر طوال اليوم دون كلل أو ملل , قطع الكهرباء والمياه المتكرر , الطقس الساخن والأتربة , تدني الأوضاع المعيشية والخدمات الصحية , كثرة الأمراض والوفيات , تغير طباع الناس وأخلاقها ومفاهيمها , الإكتئاب النفسي الذي يصيب المرء من الملل والضجر , عدم سير الامور في نصابها الطبيعي المخلوقة له , و أخيرآ ذكرت أنه مهما أحضرت معي من مال لن يكفي ومتطلبات الحياة الغالية في السودان .
كانت تتحدث بكثير من السخط واليأس وهي تحاول جاهدة إثنائي عن التفكير بالعيش في السودان , وإن كان لا بد للقدوم نصحتني بالمكوث أطول فترة ممكنة في إجازتي القادمة كي أري الوضع بمنظاري الخاص واقيمه خير تقييم , الغريب في الأمر أن قريبتي كانت هي نفسها مغتربة خارج الوطن ثم عادت اليه للإقامة فيه , لكنها شعرت بعد ذلك بالندم لتلك الخطوة السالبة كما وصفتها .
أغلقت الهاتف وأنا أشعر بكم هائل من الإحباط , وتملكني اليأس الذي كان يتملكها وإنتقل الي عروقي بسرعة فائقة , وبرغم برودة الطقس في بريطانيا شعرت بسخونة شديدة (من آثار حديثها) تلسعني لسعآ , إزددت حيرة وذهول فيما كنت أخطط له ليل نهار بالقدوم نهائيآ الي السودان في أقرب فرصة , ولم أدري كيف سأتعامل مع ذلك الموقف الجديد , فقد كنت دائما منشرحآ ومتفائلآ عند مشاهدتي لبرنامج مراسي الشوق بالتلفزيون القومي والعديد من البرامج الاخري التي تحث مغتربي ومهاجري الشتات دائمآ للعودة الي الوطن , ولكن شعرت الآن أنني متردد بعض الشيئ .
وفي ما يسمي "بحلم اليقظة" أطلقت العنان لذاكرتي وسمحت لها أن تتجول داخل ذلكم الزمان الذي كنت ذاهبآ فيه إلي السودان في اجازة قبل سنوات عديدة , كانت تلك أولي الزيارات لي بعد مرور عقد كامل من الزمان قضيته خارج الوطن , ذهبت حينها الي العيادة الطبية لإكمال التطعيمات وأخذ نصائح وارشادات , وعندما أخبرت الطبيبة بسفري الي السودان (لتحديد نوع التطعيمات) فزعت وكأنما شياطين الإنس والجن قد تجمعا أمام وجهها وسألتني بقلق عميق : لماذا أنت مسافر الي السودان؟؟ دهشت حقآ لسؤالها الغير مبرر وقمت بدوري أسألها : ولماذا لا أسافر إلي السودان؟؟ ردت إلي وهي تنظر إلي شاشة الحاسوب امامها : السودان بلد موبوء وبه كل الأمراض الوبائية وأخطرها الملاريا , قاطعتها متعجبآ ولكنني ولدت في السودان!!!
إستطردت الطبيبة : ولكنك لم تذهب إليه منذ عشرة سنوات , وهذا يعني أنك تعودت وتأقلمت علي بريطانيا , وأن الوضع الصحي قد تدهور كثيرا منذ أن كنت هنالك آخر مرة , وإستطردت قائلة : ثم أن هنالك تحذيرآ (في موقع وزارة الصحة البريطانية) يحذر المواطنين البريطانيين من السفر إلي السودان , كنت انظر إليها في دهشة و ذهول وأنا استمع الي تلك النصائح والارشادات , وتحولت ببصري إلي شاشة الحاسوب القابعة أمامها وفعلآ وجدت تحذيرآ بالخط الاحمر و...و...و...فجاة شرد ذهني بعيدآ .
نعم شرد ذهني بعيدآ وأنا أتذكر قول خالي الذي قضي معظم عمره في أمريكا ثم جاء إلي السودان فجأة للعيش فيه , كان متفائلآ جدآ في البدء ولكن بعد عدة شهور إتصلت به وسألته عن الحياة في السودان فقال لي في مرارة اذا كنت تريد العيش في السودان فلا بد وأن تكيف نفسك للعيش مع البعوض , الذباب , الفئران , الضبوب , الصراصير , الحر الشديد , قطع الكهرباء والمياه وغيرهم .
ثم إنتقل ذهني إلي صديق لوالدي كان يقيم في بريطانيا وقرر الذهاب الي السودان , وبعد أن مكث هنالك عدة شهور إتصلت به وأخبرته بنيتي للقدوم إلي السودان وسألته عما يجب أن أحضره معي , فكان رده : أحضر معك أدوية للملاريا والدسنتاريا والنزلة والكحة واللوز والصداع والبلهارسيا , وتابع بنفس لاهث : أحضر معك كل ما تقع عليه يدك من أدوية !!!
تذكرت أيضآ إحدي قريباتي التي قدمت من السعودية للمكوث في السودان لمدة عام , ولكن عندما سألتها عن الوضع قالت لي في حسرة ومرارة "تبت من السودان" , ثم أردفت والتوتر يمتلكها : لقد فقدت وزنآ هائلا في تلك الفترة , وأصابني إحباط وإكتئاب نفسي وملل وزهج , وعندما أغادر السودان لن أرجع إليه إلا بعد عشرة سنوات علي أقل تقدير .
ثم إنتقل تفكيري إلي الأيام الجميلة الفائتة وأنا أجهز للسفر الي السودان , فقد كنت دائمآ سارح الذهن , منفعلآ , مقبوض القلب , أحس أنني أكاد أن أطير من الفرح لقرب ذهابي إلي السودان بعد ايام قلائل , وتذكرت صديق لي جاء إلي منزلي لزيارتي وقال لي : أنت خرجت من السودان منذ زمن طويل , عندما ستعود ستجد أن كل شيئ قد تغير والناس طباعها قد تغيرت كثيرآ , وإني لأخاف عليك من أن تنصدم في هؤلاء الناس عندما تتعامل معهم .
قطعت الطبيبة حبل إسترسالي في الأفكار قائلة : ما رأيك ؟؟ فوجئت أنني ما زلت معها وقلت لها : دعيني أتلقي التطعيم أولآ بينما أفكر في ذلك الأمر فيما بعد , خرجت منها خاوي القوي وأنا أجرجر قدماي بصعوبة وشعرت "بعرق وهمي" يتصبب علي ملابسي , ولا أدري كيف وصلت الي المنزل ولكنني ألقيت بجسدي المنهك علي اقرب أريكة و سرحت بعيدآ , وأطلقت العنان للتفكير الذي أرهقني كثيرآ وشعرت برأسي يكاد أن ينفجر .
كنت في حالة شكك من أمري لا أدري هل أسافر ام لا , ولكنني في خاتم الأمر قررت السفر الي السودان , ولكن كنت مصفحآ بالأدوية وبخاخات بعوض الملاريا , وإمتلأ جسدي بالحقن الكثيرة التي أعطتني إياها الطبيبة , وأخذت معي ناموسية للملاريا وحبوب للوقاية من الملاريا , وقفازات وقمصان طويلة الأيدي , ونظارات شمسية , وطاقية , وأظنني قد اخذت معي شمسية صغيرة , ودهنت جسمي بدهان الملاريا ذو الرائحة النفاذة الكريهة لأبعد البعوض عني , وتركت وصيتي مع أهلي , وودعتهم وداع مفارق لن ياتي مرة اخري (وهم يبكون) ونطقت الشهادتين وصليت الاستخارة , وتوكلت علي الله وذهبت الي السودان .
عندما وصلت مطار الخرطوم كانت درجة الحرارة 34 درجة مئوية , دهشت لذلك جدآ إذ انها كانت الساعة ما زالت السادسة صباحآ , وكنت قد تركت درجة الحرارة في لندن فقط 4 درجات فقط , وأذكر أنني في الطائرة أحسست بعطش شديد (ربما فقط لدرايتي انني ذاهب الي السودان) وإستنفذت ما يقارب اللوح من الثلج كان يقدم في شكل مكعبات , فقد كنت أرسل مضيفة تلو أخري بالتناوب لإحضار الثلج لي , حتي خيل لي أنني قد استنفذت كل الثلج الموجود بالطائرة .
ما أن خرجت من الطائرة , وبرغم كمية الثلج المهولة التي خزنتها في معدتي تحسبا للطوارئ , إلا أن هذا لم يسعفني مع ذلك الجو الحار الخالي تمامآ من الهواء , فقد قصدت أن أول ما أفعله عند الخروج من الطائرة أن أستنشق هواء السودان النقي لاتذكر ما يسمي "بالطراوة" التي كان لها وقع خاص لدي عندما كنت صغيرآ , لكن للأسف ندمت علي تلك الخطوة المفتعلة , اذ لم يكن هنالك ذرة هواء واحدة في الجو .
تلفت حولي فإذا بي أفاجأ أن الخرطوم لونها أصفر فاقع مائل إلي اللون البرتغالي في ذلك الصباح الباكر , إستقليت سيارة صديقي التي كانت تنتظر في المطار وسارعت بنا بإتجاه منزل خالتي في الرياض وأنا لا اذكر منزلها وإنما كنت أعلم بقربه من معلم واضح , وطيلة فترة الطريق وأنا أنظر الي الشوارع بدهشة وأري الكثير من الأماكن المهدمة , ومناظر لمشاريع وإنشاءات لم تكمل (في صيف ذلك الوقت من العام 2002) وشعرت وكأنني في أفغانستان , أو كان يبدو الوضع لي وكأن أمريكا قد وجهت ضربة قوية الي السودان وأحالته الي تلك الصورة التي شاهدتها (و التي لم تكن إلا لأنني قادم من مكان آخر بعد طول غياب) .
كنت في العربة أتشهد وظننتها آخر محطة لي في حياتي , ولكن فجاة تحسست جواز سفري البريطاني , وبعدها بدأ الأمل والنشاط يدبان في جسدي (وشعرت بإرتياح وإطمئنان بإمكانية العودة الي بريطانيا متي ما لم يعجبني الحال في السودان) , ثم وصلت إلي منزل خالتي في ذلك الصباح الباكر ولم يكن أحد يتوقع قدومي فقد كنت اعدها لهم كمفاجأة , كانت خالتي نائمة فظللت أدق الباب بعنف (وكانوا نيام كأهل الكهف) وأخيرآ بدت خالتي قادمة من بعيد وهي تتسائل بفضول عمن في الباب , وعندما فتحت الباب , كانت تحملق في وجهي بدهشة وذهول , ثم صرخت فجاة غير مصدقة بقدومي .
قضيت إجازة إستمرت ثلاثة شهور في السودان أذكر فيها ذهابي لمنزل عمتي بأمدرمان , وعندما كنت اجلس معها في الغرفة اذا بالعرق يتصبب غزيرآ كالسيل من جسدي حتي ملأ الغرفة , وخفت علي نفسي من أن أتلاشي أو أختفي , ولكن عمتي طمأنتني باسمة : "لا تقلق فهذا هو جليد لندن قد ذاب عندنا" !!! لم ادري إن كانت تمزح ام لا ولكن الأمر بدا لي وكأنه معقولآ , المهم كان ذلك "الذوبان للجليد " كما وصفته عمتي هو بداية التأقلم مع السودان وكان يعد بمثابة نقلة هامة في حياتي .
أخيرآ وبعد أن رجع ذهني من شروده , ووجدت نفسي أمام الأمر الواقع وأنا أقارن ما دار بخلدي من ذكريات وما ذكرته لي قريبتي , شعرت أن ما قصصته علي مسامعي أسوأ بكثير جدآ من كل تجاربي السابقة , وخصوصآ تلكم التجربة التي حاولت فيها الطبيبة إرعابي بشتي الوسائل الممكنة , ولكن عند ذهابي الي السودان في تلك الفترة التي أعقبت ذهابي الي الطبيبة , و التي كانت بعد عقد كامل من الزمان "رغم سخونة الطقس التي لم أتعود عليها , ورغم إستهلاكي لأطنان من الثلج والجيلاتي والآيسكريم بأنواعه" لم يكن الوضع بالسوء الذي تخيلته (وإن كان محبطآ لي خصوصآ لإهتزاز صورة الكثيرين في مخيلتي) , أوالذي صوره لي الكثيرين من الأصدقاء والمعارف , فقد تملكني اليأس والإحباط الآن كما لم يحدث من قبل بعد حديثي الأخير مع قريبتي عبر الهاتف , ومنذ ذلك اليوم وأنا اجد هاتفآ ينادي من داخلي وبشدة قائلآ : هل أصبح السودان فعلآ لا يطاق؟؟؟
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: النقود قد تسبب الأمراض:
تداول النقود بين المواطنين في أي بقعة من العالم به مخاطر شتي تتعلق بالصحة والهايجين وتستوجب الإنتباه واليقظة والحذر , ذلك لأن الأيادي (التي تستخدم تلك النقود) هي الواسطة الرئيسية ما بين الفم والمعدة , والكثير من الأمراض تأتي عندما يكون الانسان مهملآ في حياته لا يتذكر غسل يديه (اللتان تلمسان النقود) جيدآ قبل أن يدخل الطعام في معدته , ولا يكاد الشخص يذكر كل مرة يلمس فيها النقود بيديه (حتي يغسل يديه) ناهيك عن تذكره لغسلهما عند مصافحة الغير الذين بدورهم يتداولون تلك النقود بإستمرار ويصافحون غيرهم ممن يقومون بنفس الشيئ , وهكذا دواليب .
فتلك الأيادي دائمة التداول للعملات الورقية والحديدية , وهي بلا شك تمر خلال مئات الأيادي والأيادي في اليوم الواحد (إن لم نقل الآف) قبل أن تجد طريقها الي يديك , فالشخص لا يدري أين كانت تلك النقود قبل ان تأتيه , ولكن بالضرورة تأتيك وهي متسخة خصوصا كما ندرك في السودان أن الكثيرين من المواطنين لا يحملون معهم حافظات للنقود تجعلها مطبقة بعناية (ومرتبة ونظيفة) كما يحافظ عليها الكثيرون من البشر في شتي بقاع العالم .
فهذه النقود تتداول في المستشفيات , أماكن المرطبات (حيث دائما ما تكون رطبة أو لينة) , محلات العطاري , أماكن الفحم , الطوابين , الجزارات , الأسواق ...ألخ , حتي صاحب الفول تجده يمسك القدرة بيمناه بينما يمسك النقود بيسراه حتي يخيل إليك أن النقود ستذوب في يديه , بإختصار يمكننا القول بأنه ليس هنالك (بالضرورة) مكان محدد تتسخ فيه النقود أكثر من ذي غيره , ولكن كثرة التداول في بعض تلك المناطق يسهم كثيرآ في إتساخ وتمزق النقود .
فتلك النقود تكاد أن تصرخ ليس من كثرة الناس الذين يتداولونها بل لعدم احترامهم لها , فهي كغيرها من الأشياء تستحق التعامل معها بإحترام , ولكن لعدم توافر ذلك (الإحترام) فإنها تنتقم لنفسها بنفسها , فهي تطير من الأيادي بسرعة البرق وليس لها سكن دائم او محدد , فكل ليلة تجدها تنام مع شخص مختلف وكأنها مقطوعة من شجرة ولا أصل لديها , برغم علمنا جميعآ أن أصلها وفصلها هو بنك السودان الذي ولدت فيه ولكنها نشات وترعرعت في ديار الشعب .
فطالما أن تلك النقود تصلك وأنت لا تدري في أي بيت كانت بائتة (أو بالأحري من الذي إستخدمها قبلك) يتوجب عليك غسل يديك جيدآ بالماء والصابون لعدة مرات في اليوم , ولا تجعل من إنقطاع الماء حيلة أو سبلة (لتبرر بها عدم غسل الأيادي) , فالأمر لأهميته القصوي يستوجب شراء المياه الصحية لغسل اليدين قبل أن يضطر الأطباء لغسل معدتك عند إصابتك بالتسمم وغيره جراء إدخال الطعام الي معدتك بينما يديك ملوثة أو ملطخة بالدرن الناتج عن تداولك لتلك النقود المتسخة .
أيضا نجد أن تدهور الإقتصاد في البلاد له علاقة وثيقة بهذا الأمر , فهو يعني تدهور أسعار النقد حيث تصبح العملة المحلية دون أدني قيمة (أضف إلي ذلك إرتفاع أسعار السلع الغذائية) , مما يكثر إستخدام الأوراق النقدية التي تحتاج إلي أن تتضاعف وتتضاعف حتي تمكنك من شراء ما تريد بها , علي عكس الدول المتقدمة التي تتمتع بإقتصاد قوي يزيد من قيمة عملاتها ويجعل المواطن بها يستخدم أقل قدر ممكن من العملات الورقية لتحقيق مآربه , بينما يكون لإستخدام "بطاقات الإئتمان" دور كبير وهام في حياته اليومية , وبالرغم ذلك يخصص لها محفظة ويتعامل معها برفق كما يتعامل وسائر المخلوقات الأخري حتي تظن أن للعملة إتحادا نقابيآ يحميها .
أما العجب العجاب فتراه في بلد مثل زيمبابوي , فقد تحتاج إلي طن من الأوراق النقدية كي تشتري لنفسك وجبة دسمة في مطعم ما , حتي مصاريف المدارس للاطفال تراهم يحملونها في جوال أو جوالات (من كثرتها) , ثم أنك تستطيع بناء منزل من النقود دون الحصول علي إذن أو ترخيص من الحكومة , كل ذلك بسبب زيادة التضخم وإنهيار الإقتصاد (وقيمة العملة) في البلاد , الأمر الذي جعل معظم المواطنين يمتلكون الملايين من الأموال حتي بات أهل ذلك الشعب يعرفون عالميآ "بالمليونيرات الفقراء" .
فبما أن النقود دائمآ ما تكون متسخة (في السودان) وقد تسقط في البالوعات وأماكن القاذورات , وتتناولها الأيادي (المبلولة) والمتسخة , ولا يوجد ثقافة إحترام العملة عند المواطنين مهما خرجت إعلانات في وسائل الإعلام المرئية وغيرها (برغم افادتها نوعآ ما في نشر الوعي بين المواطنين) لا يوجد حل بديل لغسل اليدين (حتي تقي نفسك الأمراض) أو علي الأقل إستخدام مطهرات للأيادي (كالتي تستخدم في المستشفيات) تكون دائمآ في جيبك أو بالقرب منك .
بالرغم من أن حافظات النقود تحافظ علي النقود نظيفة ودون رائحة كريهة , إلا أن هذا أيضآ لا يغني بالضرورة عن غسل الأيادي أو إستعمال المطهرات لها , ولكنه يقلل من إنتشار الأمراض ويحافظ علي النقود بصورة سليمة ويمنعها من التمزق والإبتلال , وهو في حد زاته يعكس ثقافة البلد ونظافة أهلها .
أخيرآ يجب ان تكون هنالك دراسات (وحلول فعالة) تشارك فيها وزارة الصحة مع البنوك لحثها إلي القيام بدور ضليع , فدور البنوك عمومآ (في مثل هذه الحالات) يفترض أن يتمثل في سحب العملة القديمة والبالية من الأسواق وإستبدالها بصورة متواصلة , وذلك بطباعة الأوراق النقدية بصورة مستمرة كما يحدث في بقية دول العالم , ولا ننسي أن نذكر هنا ضرورة متابعة الدور التوعوي والثقافي من قبل وزارة الصحة , كما نرجوا أيضآ أن تكون "لبطاقات الإئتمان" دورآ كبيرآ وفعالآ في المستقبل يساهم في إستغناء الناس عن النقود (أو علي الأقل التقليل منها) ويكون لإستخدام "بطاقات الإئتمان" دور رائد وبناء في حياة المواطنين اليومية.
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: هل أطباء الإمتياز يديرون المستشفيات؟؟؟
عندما ذهبت إلي السودان (في إجازة) قبل نحو عام تقريبآ , شاءت الظروف والصدف ان أزور العديد من المستشفيات والتي فوجئت بإداراتها كاملة من قبل أطباء الامتياز , شباب وشابات صغار في مقتبل العمر , قليلوا الحيلة و التجربة , يعملون بإمكانيات متواضعة وخبرات قليلة (ولكن بحماس زائد) , منتشرين في كل المستشفيات التي زرتها , يداون كل المرضي والحالات التي تأتي اليهم , ويشرفون علي المستشفيات إشرافآ تامآ , ورغم إعجابي بأداء البعض المهني إلا أنني لم اذهب إليهم في كبير , لذلك لم أري أشياء منهم قد تثير حنقي وسـخطي .
لكن ما قرأته في الصحف وسمعته من بعض الأهل والمعارف , أن هنالك الكثير جدآ من الأخطاء الطبية التي تقع في المستشفيات (وذلك جراء إهمال الأطباء المتكرر) , وأن تواجد أطباء الإمتياز الوافر خفف من حضور الأطباء القدامي (ذوي الخبرات الفذة المشهود لها) , وتركت المستشفيات برمتها تحت رحمة وسيطرة أطباء الإمتياز (مع وجود أحيانآ ما يسمي بنائب الأخصائي) مما أدي ذلك إلي زيادة كبيرة في الأخطاء الطبية (الغير ضرورية) والتي كان من المفترض أن يتم تفاديها وتجنبها .
أقرب مثال لتلك الأخطاء الطبية ما تناولته "صحيفة الدار" قبل أيام قلائل عن مأساة (منال ) التي دخلت إلي إحدي المستشفيات لتضع مولودها التاسع , وأرادت الولادة بعملية قيصرية حتي تستطيع ربط الرحم (لكي لا تنجب مرة أخري) , لكن شاءت الظروف أن يحدث خطأ طبي تم إستبيانه بعد الولادة أدي إلي إرتفاع "البولينا" (مما يعني ذلك قصر في أداء وظيفة الكلي) وعند الكشف عليها تبين ان الطبيبة قد قامت بخياطة الحالب مع الكلي أثناء العملية , ثم قطعت إحدي شرايينها بالخطأ مما أدي ذلك بدوره إلي نزيف حاد .
هذا بجانب عدة إهمالات أخري حدثت لنفس المراة (إذ أنها انجنبت ثمانية اطفال في الماضي بولادات طبيعية) , ولكن أثناء التخبط بسبب النزيف الحاد الذي تعرضت له بعد الولادة , تم إستأصال الرحم ظنآ من الأطباء أن ذلك هو سبب النزيف , وعندما لم يتوقف النزيف , قام الأطباء بإجراء عملية اخري إكتشفوا فيها خطأهم بخياطة الحالب مع الكلي , ثم نسوا في غمرة إندهاشهم بعض الشاش والقطن في بطن المرأة , الأمر الذي إضطرهم إلي إجراء عملية أخري (وصلت بعدها عدد تلك العمليات إلي خمسة بفضل هؤلاء الأطباء العباقرة) ثم واصلت المرأة في النزيف المستمر , وتدهورت حالتها ومكثت هنالك ما يقارب الشهر وما زالت بالمستشفي (التي رفضت الصحيفة ذكر إسمها بينما أشارت إلي ان الطبيبة التي اجرت العملية كانت قد هربت من المستشفي فور حدوث النزيف) حتي الآن .
لكن بالرغم من هذا القول ومن نظرة ثاقبة وغير متسرعة أكاد أن أجزم بأن الأخطاء الطبية ليست فقط من قبل أطباء الإمتياز (الجدد المنتشرين في المستشفيات) بل من الأطباء عمومآ , الذين إمتلات بهم الصحف لإهمالهم الغير مبرر , فهم يشتركون جميعآ في ذلك الإهمال المتواصل الذي تشهده المستشفيات يوميآ .
كما نذكر أيضآ أن هنالك مؤتمرآ طبيآ تم عقده مؤخرآ في السودان برئاسة بروفيسور : "مامون حميدة" يتحدث عن الأسباب التي تستدعي المواطنين إلي السفر خارج البلاد للعلاج , فكيف يطلب من المرضي الا يكون خيارهم الأول هو السفر الي الخارج عند حدوث مرض ما مستعصي , بينما لا يتوافر البديل للمرضي داخل الوطن كي يلجأون إليه عند الحوجة ؟
هل هؤلاء المرضي يستمتعون أو يتلذذون بالسفر إلي الخارج إذا كانت لديهم ثقة عمياء في الأطباء في الداخل والإمكانيات والأجهزة الطبية المتطورة (خصوصآ أن السفر إلي الخارج للعلاج مكلف جدآ وباهظ الثمن) ؟؟
فبالرغم من أن ذلك الإهمال غير مبرر إطلاقآ لأي إنسان , إلا أن الأطباء يعزون ذلك إلي عدة عوامل ويلقون اللوم (خصوصآ) علي عدم توافر الأجهزة والإمكانات الطبية (التي تمكنهم من أداء واجبهم بيسر وسهولة) , وبالتالي يحاولون التنصل التام من تلك الاخطاء ممنيين أنفسهم ألا يصب عليهم المواطنين لجام غضبهم جراء تلك الأخطاء التي لا تغتفر .
و في سؤال وجه إلي د. "عبد العظيم كبلو" نقيب الأطباء (في إستضافة له في تلفزيون السودان مؤخرآ) عن الأخطاء الطبية الشائعة والكثيرة (التي فاقت الحد والوصف) ولماذا أصبح الأطباء مستهترين إلي هذه الدرجة بأرواح المواطنين , أجاب الرجل قائلآ: الأطباء مرتباتهم ضعيفة جدآ مقارنة بالعمل الذي يؤدونه , وبالتالي طالما لا تنفق الدولة عليهم بسخاء وتوفيهم إجورهم كاملة فكيف يتوقع المواطن تأدية الأطباء لواجباتهم علي أكمل وجه ؟؟
عندها قامت مقدمة البرنامج بسؤاله عن الواجب الإنساني للأطباء (الذي من المفترض ان يتقدم علي مرتباتهم) أجاب الرجل بسخط و إلحاح : الأطباء لا يلقون أجرهم نظير الجهد الذي يبذلونه وبالتالي تضعف إمكاناتهم ويضعف أدائهم المهني ولا يفترض أن يلاموا علي ذلك , ثم قام بتعريف الإجور للأطباء (بدءآ من طبيب الإمتياز وحتي الأخصائي) وتابع في رد خجول: علي الدولة أن تنصف الأطباء ماديآ حتي يتمكنوا من أداء واجباتهم بالصورة المرضية .
شعرت بالخجل (يعتريني و يعتصرني إعتصارآ) من مشاهدة هكذا برنامج , وشعرت بضعف الأداء لمقدمة البرنامج (التي لا تملك شيئا في جعبتها لفعله) فقد كان ذلك الأداء ضعيفآ ومهتزآ , وفي نفس الكفة أيضا لم يراعي الرجل إلي منصبه الحساس , ولم يراعي بالتالي لنا نحن المشاهدين الذين أرعبنا حديثه وأشعرنا بخيبة الأمل (المرجوة دومآ من أطباء بلادنا) .
هكذا هو الحال دومآ في السودان , حيث يصرح المسؤلين بما يدور في خلدهم دون خجل أو حياء , سواء كانوا مسؤلين طبيين , رياضيين , إداريين أو حكوميين , في محاولات حثيثة وغير منطقية لنفي دورهم في الخطأ الذي يحيق بإداراتهم ولا نري أو نسمع إستقالات تحدث عند حدوث أخطاء .
فكما رأينا في مبارة الهلال الأخيرة التي إنهزم فيها داخل أراضيه (خمسة أهداف مقابل هدفين) إستنكارآ واسعآ وإنزعاجآ من قبل المشجعين وتوجيه أسئلتهم للمسؤلين الذين (بقوة عين شديدة) برروا مواقفهم وظلوا يدافعون عن أنفسهم دون أن يفكر أحدهم بالإعتذار أو الإستقالة , بينما نري في مصر (القريبة) مثلآ إستقالة وزير المواصلات مؤخرآ عندما حدث تصادم لقطارين أدي إلي خسائر في الممتلكات والأرواح .
لكن مع الأسف أن ثقافة الإعتزال والإستقالات غير موجودة في التركيبة السودانية , وذلك لعدم وجود رقيب يحاسب المسؤلين إن وقع خطأ ما , فلا يوجد من يتحمل ذلك الخطأ وتبعاته , وهذا في رايي المتواضع لن يقدم السودان خطوة واحدة الي الأمام .
وقبل أن أختم حديثي , وبعد ما ألقيت ما ألقيت من لوم وعتاب علي الأطباء , وذلك (أولآ) لأن الإنسانية تأتي قبل الإجور كما نعرف جميعآ , وكما ينص عليه قسم الأطباء , و(ثانيآ) لأن الأخطاء كثرت وفاحت رائحتها , ولا بد من وقفة عميقة لطرح المشكلة وإيجاد الحلول .
و أخيرآ لا يسعني إلا أن أخاطب الدولة (مباشرة) والمسؤلين فيها بقولي: "إتقوا الله في الأطباء", أعطوهم إجورهم كاملة دون نقصان , بل أعطوا المتفوقين منهم حوافز وتشجيعات , حتي ينصب ذلك (الخير كله) لخدمة المواطن علي أكمل وجه , وحتي تثيت تلك الصورة المهزوزة جدآ عن أطباء بلادي وينقشع الضباب وتنجلي الرؤية وينصلح الحال ويتنفس الصعداء .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: العالم يتقدم ونحن نفكر بالإنفصال!
لاشك ان تصريحات سلفاكير الاخيرة عن الإنفصال بين الشمال والجنوب أثارت زوبعة هائلة في جميع انحاء البلاد , وكان وقعها علي المواطنين عظيما , ليس هذا فحسب انما اثارت تلك التصريحات موجة غضب شديدة , تساؤلات شتي , ودهشة عارمة , فتصريحات مثل هذه تعتبر غير مسؤلة اطلاقا , خصوصا عندما تصدر من شخص بحجم سلفاكير .
فالرجل اعتبره الكثيرين راع للسلام وحافظآ للوحدة التي هدفها أن يعيش ابناء السودان جميعهم جنبا الي جنب في ظل التحاب والسلام والوئام والاحترام فيما بينهم , وينعمون بخيرات هذا الوطن الوفيرة , التي ان سخرت لصالح البلاد (بكل عزم وجدية) ستزيد من شانها ورفعتها ومكانتها , وتجعل ابناءها يشعرون بالانتماء الحقيقي لهذا الوطن , يبنون بلادهم ويضحوا بالغالي والنفيس من اجلها , حتي تصبح الاقامة في بلادهم جاذبة , الامر الذي سيضيق الخناق كثيرا علي الهجرة والترحال خارج الوطن طلبا للرزق والعمل .
بل علي العكس سيعود من هم خارج البلاد (من مغتربين ومهاجرين) الي اوطانهم بغية المساهمة بدورهم في نشر العلم و الثقافة والمعرفة , ثم النهوض بالبلاد من معترك الي اخر ويكونون بذلك قد ادوا ما عليهم من ضريبة في بناء الوطن , بينما يستمتعون بلذة العيش الكريم داخله (وهو ما يفتقدونه كثيرا بالخارج) وهنالك العديد منهم بالفعل قد بدأ في شد الرحال والعودة الي السودان الحبيب .
كل هذه الامال المعلقة بالبلاد قد بدات تتلاشي وتتبدد بعد اعلان سلفاكير الاخير , فحقيقة ما كان احد ينتظر تصريحات كهذه من الرجل , خصوصا في هذه المرحلة الهامة والمنعطف الخطير الذان تمران بهما البلاد , فهنالك انتخابات قادمة في الطريق (كان يتوقع من سلفاكير نفسه الترشح فيها) , ومفاوضات للسلم والوحدة تدور في جميع ارجاء البلاد , والكثير يدور خلف الكواليس وتحت الطاولات يحتاج الي مرونة وصبر (من الشريكين) حتي ينصب ذلك في مصلحة الشعب , ويكون ناتجا مثمرآ يثلج صدر هذا الشعب الصبور .
وبالرغم من تقرير المصير "للوحدة او الانفصال" الذي تقرر عقده في العام 2011 القادم , الا ان الكثيرين من ابناء هذا الشعب لم يتوقعوا من الاخوة الجنوبيين التصويت لصالح الانفصال (وذلك رغم اي اختلاف بائن او خاف بين الطرفين) , فما بين الجنوبيين والشماليين اكبر بكثير من ان يصل الي طلاق وانفصال , فالجنوبيين معروفين بانهم ابناء وطن اصليين واصيلين , قدموا ارواحهم الزكية (في الماضي) فداءا لهذا الوطن عندما لبوا النداء في المعارك المصيرية التي واجهتها البلاد , ولديهم العزم والمقدرة بفعل ما هو اكبر من ذلك اذا ما تطلب الامر بالتضحية مرة اخري .
والشاهد علي ذلك البطل الجنوبي "علي عبد اللطيف" الذي لم ولن ننسي البطولات التي سطرها هو وصحبه بدمائهم الحرة الزكية من اجل هذا الوطن , فالجنوبيون مشهود لهم بالوطنية ومعروفون بالقلوب الطيبة الخالية من الحقد والغل والضغائن , لذلك مهما كان هنالك من خلاف فالاولي والاجدر حله (داخليا) كما ننادي دائما بحل مشكلة دارفور (دون اي تدخل خارجي) .
وهم ايضا شركاء في السلام وقد صنعوه علي يد قائدهم التاريخي الراحل "جون قرنق" , الذي كان دائما ما ينادي بالتسامح والوحدة والسلام (خصوصا بعد مصالحات السلام بين الشمال والجنوب) وذلك ما ارغم الكثيرين علي ادخاله في قلوبهم , لذلك وقعت تصريحات سلفاكير كالقنبلة لدي الكثيرين (المهتمين بالشان السوداني والمحبين للوحدة والكارهين للتمزق والفرقة) من ابناء هذا الوطن الطيب , لا يساومون في وحدة بلادهم او سلامة امنه .
فنحن جميعا نعلم امكانيات هذا البلد (العزيز) الهائلة التي لا تضاهي , ونعلم مركزه الاول من حيث المساحة افريقيا وعربيا , ونعلم خيراته الوافرة وثرواته التي لا تقدر بثمن , ونعلم بامكانية ان يصبح السودان مثالا يحتذي به (ان قدر له السير للامام) , وقدوة تتبعها الدول ولأصبح ذلك نعم الارث الذي نتركه لابنائنا في المستقبل , حتي يعيشوا في وحدة وسلام ووئام , واهم من ذلك كله لسدت الذرائع والسبل للاعداء من التفريق بين الاخوة , و تمزيق البلاد واجترارها نحو الهاوية .
الجنوبيون ليسوا بحوجة الي الانفصال لانهم يستطيعون تنمية جنوبهم الحبيب عند الوحدة اكثر مما يمكنهم بناؤه عند الانفصال , وذلك لعدة اسباب منها : ان الانفصال يهدم ولا يبني , ثم ان الحرب مع الشمال قد تنشا مرة اخري بحيث تقضي علي الاخضر واليابس , وكذلك ستفتح جبهات قتال داخلية كثيرة تضر بالجنوب كثيرا (مثال لذلك عدم استتاب الامن حاليا في الجنوب) .
اضف الي ذلك انه سوف تكون هنالك مشاكل اخري تتعلق بالمياه , وذلك لان مصر لن تقبل بذلك الواقع الجديد اذ ان الامر يمسها مباشرة , فأي حروب خارجية اخري سوف تضر بالجنوب كثيرا وتعيق تقدمه ونمومه الطبيعي واستقراره , ثم هنالك الاطماع الخارجية التي تترصد بالجنوب لاهداف امنية واطماع في المياه واطماع الثروات الاخري (ومنها الارض) .
ثم نعود مجددا الي موضوع "أبيي" الذي سيطفوا علي السطح ثانية , وسيخلق فوضي (وبلبلة) الجميع في غني عنها , كما لا انسي ان اذكر ان اي انقسام لاي جزء (ولو يسير) في السودان كفيل جدا بالتمهيد لانفصال تلو اخر , لا سيما ان مشكلة دارفور ليست ببعيدة عن الانظار , وقد يحذوا اهلها حذو الجنوبيين في اختيار الانفصال .
الغريب في الامر ان اتفاقية نيفاشا تلك قد ذهبت الي ابعد مما يتصوره الشعب او يكون له كلمة فيها , لذا وجب التساؤل هنا وبقوة : لماذا يعطي ابناء الجنوب (وحدهم) الحق في تقرير المصير وليس ابناء السودان (جميعهم) فيما يتعلق بانفصال الجنوب ؟؟؟ فطالما ان الجنوب جزء من السودان فان الخيار يكون للشعب اجمع وليس للجنوبيين فقط , هذا ان افترضنا ان شيئ كهذا يمكن ان يحدث في بلد متحضر , "وهنا مربط الفرس" .
و برغم انني لا اؤمن باعطاء حق تقرير المصير اطلاقا , فهو لعمري لشيئ غريب ومحير ان يعطي هكذا خيار لابناء الوطن للفصل فيه ( فمن المفترض الا يكون هنالك خيارا اصلا مثل ذلك) وكان الاولي ايجاد حلول اخري عند عقد ذلك الاتفاق (الذي بالطبع دخلت فيه ايادي خارجية بغية الفتنة وتمزيق البلاد) , الا ان الضرورة القصوي قد تخلق اوضاعا غير طبيعية .
لكن يلي ذلك سؤال (هام) اخر : انه اذا اسلمنا جدلا باستحالة ايجاد حلول اخري غير ان يكون التصويت للجنوبيين فقط , لماذا لم توضع شروط اخري تنص علي ان الاغلبية التي تؤيد الانفصال يجب الا تقل عن 75% من تعداد سكان الجنوب ؟؟؟
حتي اذا جاءت تصريحات (غير مسؤلة) مثل تصريحات سلفاكير بان الجنوبيين مهمشين ومواطنين من الدرجة الثانية ويطالب بعد ذلك بالانفصال لا يؤثر ذلك كثيرا علي غالبية الجنوبيين الطالبين للوحدة , ثم بعد ان سحب مكتب (الاخير) ما قاله زعيمهم بحجة انه قد اسيئ تفسيره , الا ان ما حدث من (بلبلة) لن ينمحي بسهولة من الذاكرة , بل علي العكس سيساعد ذلك في التكيف مع اي انفصال قادم (وان لم يرتضيه الشعب) فقد شعرنا جميعا اننا كنا مخدرين وها نحن قد بدأنا نفيق من ثباتنا العميق (فالأولي للشعب ان يعلم ان مصيره الانفصال بدلا من ان يفاجأ بذلك يومآ ما) .
اما بالنسبة للتهميش فكلنا نعلم ان الكثيرين من ابناء هذا البلد مهمشين وليس الجنوبيين لوحدهم , وما اكثر المهمشين من ابناء الشمال ولكنهم لم يرفعوا السلاح ويطالبوا بالانفصال , فالتهميش يشعر به الجميع بلا استثناء , والجنوب الان في وضع مريح للغاية , وهو افضل من ذي قبل بكثير , فهو يدخل الاموال يوميا الي ارضه , ويتقاسم الثروات الناتجة من البترول وغيره , وفي طريقه لبناء وتعمير ارضه وتحسين مستوي المعيشة لابنائه , ويساهم في عملية السلام والامن بالبلاد , فلماذا الانفصال ؟؟؟
اخيرا اتسائل عن ماهية الدور الذي لعبه ابناء الحركة الشعبية (الشماليين) امثال: ياسر عرمان , وغيره في ايصال الحركة الي طريق الانفصال ؟؟؟ فهل هذا هو ما كانوا يسعون اليه ويخططون له منذ البداية ؟؟؟ ولماذا تم ايهام و خداع الشعب بالسلام والوحدة طالما ان البلاد مصيرها الانقسام والتمزق؟؟؟ وما هو مصير عرمان وزمرته بعد ان يذهب كل من الشريكين في حاله ؟؟؟ هل سيبقي ام سيذهب ام سينضم الي حركة انفصالية اخري ؟؟؟
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: البشير الاقرب الي (الميس):
في زيارتي الأخيرة للسودان والتي مكثت فيها ما يفوق الشهرين حرصت على متابعة أخبار الانتخابات من على قرب، فقد أتاحت لي الفرص في أن التقي بالكثير من المواطنين من جميع الطبقات ومختلف الانتماءات والطوائف، كما التقيت بالكثيرين أيضا الذين لا تشغلهم السياسة كثيراً ولا ينتمون (بالضرورة) الى حزب أو آخر ، وبحكم (ما أتمتع به) من الدخول في (الونسة) مع الآخرين أو التمكن من التحاور معهم دون تكلف (وبعفوية تامة) تمكنت من تجاذب أطراف الحديث في سهولة ويسر .
فقد تحدثت مع سائقي (الأمجادات) المختلفين الذين كنت استقل مركباتهم دوما ، تحدثت مع الكثيرين ممن التقيتهم في المعارض والمتنزهات والوزارات والاسواق و الجامعات ...الخ، هذا بالاضافة الى تحدثي الى الكثيرين من المعارف والأصدقاء والأقارب، تحدثنا بإيجاز عن العملية السياسية التي تمر بها البلاد ، وقد لاحظت ان هم المواطن الشاغل (في الداخل) هو استتاب الأمن وكيفية تحقيقه في ربوع البلاد ، وأمنيات الجميع بأن يعيش السودان في وحدة وسلام بعيداً عن النزاعات و التفرقة والانفصال التي يرددها البعض (خصوصاً من هم خارج البلاد) .
فالكل يعلم بما يحيط بهم من مؤامرات خارجية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد والتي لم يخف البعض خوفهم من ان تنجح المساعي الحثيثة والمتواصلة (في الخارج) لتقسيم البلاد الى دويلات صغيرة ، وما قد يحدثه ذلك من صراعات قبلية وعرقية في الداخل لا يتمني اي مواطن ان تحدث ولا يرضى بها البتة.. المهم من خلال تلك التجارب التي مررت بها كان هنالك سؤال ملح لكل من التقيتهم : " لمن ستصوت في الانتخابات المقبلة ؟ ولماذا ؟؟ " كانت معظم الاجابات (وبكل صراحة) ان نسبة التصويت فيها ما لا يقل عن (80%) لصالح الرئيس الحالي (البشير) .
اما السبب فقد كان مختلفاً عند الكثيرين ، فقد جاءت الردود متباينة ، اذ أن هنالك من يرى أن " البشير" قد قدم للشعب من إنجازات ومشاريع ما لم يقدمه أي رئيس سابق منذ استقلال السودان، بينما كنت استمع الى تبريرات اخرى مثل : " حتى لا يتمكن (أوكامبو) من تنفيذ مخططاته بالسودان " و " الأحزاب الموجودة (الآن) ضعيفة وهزيلة ولا تستطيع الصمود أمام العواصف العاتية، كما أنها - أي الاحزاب- ليس لديها جديد (وقد جربها الشعب مراراً حتى أضحى لا يُرجى منها أو يتوقع أي تغيير جذري بالبلاد)، كما أنها منقسمة داخليا فيما بينها "، هذا بالإضافة إلى القول إن كثيرين قد صرحوا بأنهم متخوفون من المجهول لذا سيصوتون لصالح المرشح " البشير" (الذي يعرفونه جيداً ولا يثقون بالأحزاب الاخرى) .
كما كنت أيضا استمع أحيانا الى مصطلحات مثل : " البشير سوف يوحد البلاد "، " الأحزاب الأخرى ليس لديها جداول انتخابية تصلح لحكم البلاد، كما انهم لن يستطيعوا توحيدها " " الحكومة الآن مسيطرة على البلاد وقد يحدث انفلات امني، إذا ذهبت هذه الحكومة قد لا يتمكن أي من المرشحين السيطرة عليه " .
وللأمانة بالرغم من وجود أناس مختلفين كلياً مع النظام وطريقة إدارته للبلاد والأزمات إلاّ أنهم كانوا يرددون : وما هو البديل ؟؟ إستشعرت في معظم الإستطلاعات التي أجريتها ان جميع الأحزاب المعارضة لم تستطع اقناع الشعب ببرنامجها الانتخابي وهذا في رأيي تقصير كبير من قبل تلك الاحزاب، فاذا كانت متحدة فيما بينها ومرتبة في أفكارها ورؤاها وأجندتها بوضوح وشفافية لكان لذلك أثر كبير في نفوس المواطنين ولربما قرر الكثيرون التصويت لصالحها.
فالمواطن دائماً في كل مكان بالعالم يهمه ان يكون " الحزب المترشح " متماسكا وغير منهار، وهذا ما نجحت فيه حكومة الانقاذ بأن يتجنب حزبها الانقسامات الكثيرة التي نراها داخل الأحزاب الأخرى، فهو جوهر الأمر هنا، أو مربط الفرس كما يقول البعض، فطالما ان الحزب متماسك دون انشقاقات كثيرة تذكر فهو لعمري لهو أول ما يتطلع اليه الناخب في أية عملية انتخابية، ثم تأتي بعد ذلك أجندة ذلك الحزب في المركز الثاني.
وقد نجحت الانقاذ (بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهها وكل المؤامرات الخارجية لإشعال بذور الفتنة في كل ربوع السودان) في وضع برنامجها الانتخابي دون منافس (حقيقي) لها، وحقيقة فقد كانت نتيجة الاستطلاع مذهلة لي ليس لأن معظم من استطلعتهم يؤيدون البشير ويتمنون فوزه في الانتخابات ولكن لأن البعض ممن وجدتهم يختلفون مع هذه الحكومة (كلياً) سيصوت لها، وهذا أمر عجاب ولا يحدث كثيراً في مكان آخر من العالم .
وهذا ما جعلني القي سؤالاً مهماً لهؤلاء الرافضين للحزب الحاكم وسياساته (وانا أستذكر في دواخلي المعارضة بالخارج والتي هي أكثر شراسة وعنفاً من المعارضة بالداخل، وهي تؤكد تبنيها لكل من هو مخالف للنظام في الداخل، بل إنها تتبني وتدعي أنها تتحدث بلسان الغالبية العظمي من الشعب) وكان سؤالي ببساطة : ما هو دوركم أو واجبكم تجاه المعارضة في الخارج والتي تنشد التغيير معتمدة في ذلك على أصواتكم أوكما تطلق عليها (أصوات الشرفاء بالداخل وتراهن على ذلك) فكان الرد الذي تلقيته أكثر ذهولا : (هؤلاء يتاجرون بنا وبقضايانا ونحن براء منهم).
جف اللعاب في حلقي وأنا أستمع الى ذلك الحديث (من قبل الكثيرين)، فبالرغم من أنني كنت أسمع إلى مثله من القنوات أوالدوائر الحكومية وأجهزتها الأمنية والاعلامية، إلا أنني التمست ذلك فعلا بعفوية مطلقة من ألسنة من تحدثت اليهم من المخالفين للنظام ، الذين أكدوا لي أنهم (المعارضة بالخارج) لن يلتفتوا إليهم إذا تمكنوا من النجاح في الانتخابات .
فوجئت بأن الشعب صامد (بالداخل) بكل ما يعانيه البعض من ضيق في العيش وبرغم الحياة البسيطة التي يعيشها المواطن، إلاّ أنني أحسست أن كرامة الشعب وكرامة الوطن فوق كل الاعتبارات، وبالرغم من أن معظم الاستطلاعات كما ذكرت تؤيد هذا النظام إلاَّ أن الكثيرين يتمنون أن يتغير النظام الى الافضل، ويقود البلاد الى طريق السلام وإلى بر الأمان ، ثم نبذ الاختلافات مع الأحزاب الأخرى والعمل سوياً معها حتى لا تتقسم البلاد .
كما كان رجاء الكثيرين ممن إستطلعتهم أن تتمكن (الحكومة) من توحيد الحركات المسلحة وجذبها الى طاولات المفاوضات والسلم، وهنالك أمل كبير (استشعرته أيضاً) بأن هذا النظام هو الوحيد القادر على قيادة البلاد نحو الوحدة والخروج بالبلاد من هذا المستنقع المكفهر المليئ بالحروب والاختلافات والانقسامات، وعندما تتحقق الوحدة والسلام ستتحسن الأوضاع المعيشية للمواطن وسيعيش كل المواطنين أخوة في الوطن لا تهزهم العواصف ولا يتمكن منهم الأعداء .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس - بريطانيا
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: لهذه الأسباب لن تفوز المعارضة في الانتخابات : في نظرة متأملة , متمعنة , فاحصة وثاقبة أكاد ان أجزم ان المعارضة (السودانية) لن تفوز في الانتخابات الديمقراطية هذا العام , وذلك لعدة عوامل اهمها ان الاحزاب بكثرتها التي نراها تساعد في تشتيت الاصوات وتفريقها , فهنالك الاحزاب الرئيسية المعروفة , وهنالك ايضا احزاب اخري ظهرت في الساحة لم نسمع بها من قبل , كما ان هنالك الكثير من المترشحين المستقلين الذين بدورهم يلقون عبأ ثقيلا علي الاحزاب الرئيسية ويقوضون من فرص فوزها .
فحتي تجد المعارضة حظها من الفوز في الانتخابات كان الاجدي بها ان تتحد جميعا تحت لواء واحد وذلك بعد ان تنبذ جميع الخلافات فيما بينها , وتكون جبهة معارضة موحدة قوية تتمكن من الاطاحة بخصمها , وذلك يتطلب من جميع الاحزاب توحيد الصف فيما بينها وتسمية مرشح واحد فقط كقائد لها جميعا يخوض الانتخابات كحزب موحد ضد النظام الحاكم .
وحينها يصبح الوضع اشبه بالحزبين الكبيرين في امريكا (الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري) , أو كما نري مثيلهما في بريطانيا (حزب العمال وحزب المحافظين) , واذا اضفنا الي هذه (الطبخة) توحد الرؤي في ادارة البلاد وتوزيع المناصب بعدل فيما بينها بحيث تكون حكومة وحدة وطنية اذا ما قدر لها الفوز بالانتخابات , فهنا و كأنما اضيفت لها جميع انواع (التوابل والبهارات) وتبشر بوجبة شهية .
لكن دائما ما تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن , فكيف تتوحد كل تلك الاحزاب فيما بينها وتتترك كل الخلافات وراءها لمصلحة الوطن , هل هذا بالفعل ممكنآ ؟ أشك في ذلك كثيرا , خصوصا أن ايآ من تلك الاحزاب تجده متشبثا بمواقفه التي يراها صوابا بينما يري مواقف الاحزاب الاخري هي الخطا , وفي قمة زهائهم واحلامهم (للوصول الي كرسي الحكم) يضيع الوطن في ظل تلك الخلافات القائمة والحروب التي مزقته اربا كما يضيع المواطن الضعيف بين هؤلاء وهؤلاء ويظل يردد بانه لا يوجد بديلا يسيل له لعابه . فسابقا كان هنالك ما يسمي بالتجمع الوطني الديمقراطي برئاسة قوي الاحزاب الكبري ولكنه لم يلبث ان تلاشي وتفرق الاخوة في ساعة وكانما كانوا قد اجتمعوا علي شراب نبيذ واصبح لا سبيل لاقتفاء اثر ما تبقي منهم , وبالمقابل قامت كيانات واحزاب اخري بديلة وكثيرة بالدرجة التي كدت اخشي ان يكون لكل مواطن في البلاد الحزب الخاص به.
فكم من حركة نهضت واعلنت بتكوين الحزب الخاص بها ثم اشهرت السلاح في وجه النظام القائم حتي تدخل (الاجاويد) الاجانب في طاولات عدة من العالم , وتبدأ مبادرات الصلح والسعي للم الشمل الوطني وقبل ان يتنفس الجميع الصعداء (ولم يلبث الفراغ من توقيع لم يجف حبره بعد) الا ونسمع بانشقاق جديد وولادة حزب اخر او انشقاق داخل الحزب (الموقع نفسه) كما تعودنا سماع ذلك دوما , فتارة تعود الاطراف الكرة الي طاولة المفاوضات وتارة اخري تهرب الي الخارج وتستعين باجهزة الاعلام الخارجية للشد من عضدها وتقوية عضمها .
ثم نجد انفسنا وقد عدنا للمربع الاول دون اي تقدم يذكر (وكانك يا زيد ما غزيت) ففي رايي ان توحد كل القوي في حركة واحدة تستطيع تشكيل حكومة وطنية شاملة بعد الانتخابات (اذا ما قدر لها الفوز) هو أسمي ما يمكن ان يوصف , ويا لفرحة المواطن اذا كان هم (جميع) هؤلاء هو مصلحة الوطن .
هنالك العديد من الشخصيات البارزة تعتبر جديرة بقيادة ذلك اللواء , لا اريد تسميتها لكن يجب علي جميع تلك الاحزاب اختيار من يثقون بفوزه ومن يعتقدون انه سوف يكون الانسب والاوفر حظا , ولمصلحة هذه القوي(ان قدر لها ان تكون) ينبغي التضحية في سبيل ضمان فوز مرشحها المنتخب والا لن تقوم لها قائمة في ظل تفرقها وشتاتها ولن يرجي منها الكثير من قبل الناخبين .
اما بوضعها الحالي فهي لعمري لممزقة شر ممزق وهزيلة وضعيفة ومتهالكة ومتآكلة , وكل حزب بما لديه ينضح , وكل حزب به انشقاق ومقسم الي عدة اقسام وفي اشد حالات اختلافه , وتجد جزء منه قد انضم الي هذه الحكومة وقوي من عضدها وشد من ازرها , ثم تجد مصطلحات قد طفت الي السطح مثل : الحزب الاصل , جناح فلان او علان (نتيجة انشقاقات داخل الحزب الواحد) , وأسماء جديدة يسمعها المواطن يوميا (ما انزل الله بها من سلطان) .
لذا فان الامر يحتاج الي وقفة بالفعل , وربما قد يحتاج الي اكثر من ذلك , لكن مع الاسف مهما امتدت الوقفات فالوقت غير متاح لاسعافها جميعا , وقد يحتاج الامر الي عملية قيصرية لاخراج المولود قبل موعده حتي تبدا هذه الاحزاب الكثيرة (جدا) في التقارب , وربما يموت المولود داخل الرحم , لا ادري , لكن ربما فقط عندما تسمع هذه الاحزاب نبأ الهزيمة في الانتخابات تبدأ حينها في الافاقة من تلك الغيبوبة الطويلة التي دخلت فيها , وهنا فقط يمكننا القول بانه (ربما) يكون لها حظا أوفر في الانتخابات القادمة بعد أربع أو خمس سنوات , أما إذا لم تتحد مع بعضها البعض لربما إمتدت تلك الغيبوبة إلي عشرات السنين .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: ثقافة العداء تجاه الرؤساء: من خلال متابعتي اللصيقة بالشأن السوداني وقراءتي الفاحصة لسيرة رؤساء وحكام السودان المتتاليين منذ الإستقلال في العام 1956 , لاحظت عداءآ منقطع النظير من قبل الشعب (او الكثيرين من ابنائه إن جاز التعبير) تجاه هؤلاء الحكام بغض النظر عن محاسنهم أو مساوئهم أبان فترة حكمهم .
فلا فرق عند المواطن السوداني (في البدء) اذا ما جاء الرئيس بانقلاب عسكري او حكم ديمقراطي حتي ينصب العداء له (وانما ياتي ذلك تباعا في المستقبل) , لكن العجيب انه لم يسلم رئيس قط من نقد وسـخط الشعب تجاهه , الامر الذي يؤدي بدوره الي ان تصل الامور في بعض الاحيان الي احتجاجات وانتفاضات او حتي التمني بانقلابات عسكرية للتخلص من ذلك الرئيس .
ثم عندما يذهب ذلك الرئيس ادراج الرياح يبدا التحسر عليه وعلي اندثاره , وتبدا بعدها محاولات حثيثة ومتواصلة لمناصبة الحاكم الجديد العداء , وذلك باستخدام شتي انواع النضال بالطرق اللا اخلاقية والغير شرعية (كما حدث في الفترات الاخيرة) منها الاستعانة بالاجنبي والغريب للتخلص من الرئيس الحاكم مهما كلف ذلك من امر وحتي ان وصل الامر الي الفجور في الخصومة .
فهي لعمري لمعضلة كبيرة وشائكة يعاني منها ابناء الوطن الواحد الذين لا يستطيعون الاقتناع برئيس واحد مما يخلق ذلك عداءات سافرة لا مبرر لها تجاه هؤلاء الرؤساء , ولكانوا قد تفادوا انقلابات كثيرة علي الديمقراطية اذا ما حاولوا اعانة الرؤساء علي الحكم عوضا عن سحقهم او السعي لتدميرهم , لكن هذا الشعب يتسلق الكثير من المعاناة وذلك لغياب الوعي المنشود للاصطفاف خلف الرئيس وعدم مناصبته العداء .
ثم ظهرت ثقافة التهديد بالانفصال وهي ليست الا دخيلة علينا , لم نكن نعير لها ادني اهتمام في السابق ولا نفكر فيها البتة , فبرغم اختلاف تنوعنا ولغاتنا (دوما) الا اننا تمكنا العيش في هذا الوطن الواسع كاخوة واحبة دون الالتفات الي لون او عرق او دين , لكن انقسم الصف وتفرق الجمع وهانت الوطنية واصبح الكثيرون ينادون بالانفصال والانقسام داخل الوطن , حتي كاد ذلك الحلم السوداني بالعيش سويا جنبا الي جنب كاخوة في الوطن ان يتبدد , ولم يكن ذلك الا بعد المناداة تلو الاخري للمجتمع الخارجي ان يتدخل في شئوننا ويحاسب مرؤسينا .
احيانا كثيرة أهمس نفسي (قائلا) ليتنا كنا مثل المصريين في الوطنية , فهم مضرب الامثال لحبهم الشديد لوطنهم , فبرغم ان الكثيرين منهم غير راضيين برئيسهم , الا ان المعارضين منهم يعارضون بشفافية ونزاهة (في حدود خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها) دونما المتاجرة بقضاياهم دوليا ودون المساس بوطنيتهم او ما يتعلق بسيادة الوطن او كل ما يسيئ له .
حتي ان وجد من يكن العداء السافر لرئيسه تجد ان مصلحة الوطن بالنسبة له فوق كل الاعتبارات , فلا تجد حركات مسلحة اوجماعات متمردة تفتح ذراعيها بمصراعيها لتلقي السلاح من الخارج ونشر الفتنة كما هو الحال الان في السودان , فحقيقة ما يحدث الان في السودان يفوق كل التصورات ولا يحدث الا في اشد مناطق الفساد والعتم والظلام الحالك من العالم .
فقد تبدل المواطن السوداني كثيرا , حيث انه كان يوصف في السابق "بالحمل الوديع" في جميع انحاء المعمورة , واصبح للاسف الان يوصف بالوحش الكاسر , كما تبدلت الصفات والاخلاق والطبائع وتغيرت العادات والتقاليد السمحة وحلت محلها ثقافة الغش والخداع والكذب والارتشاء , وتبدلت صورة السوداني في العالم (وغدت مهزوزة للغاية) خصوصا في الوطن العربي والخليج .
فكانت كل الصفات والطبائع المهذبة تختص به كما كانت هنالك صفات المروءة والشهامة والطيبة والامانة والاخلاق الفاضلة , وبرغم من ان الكثير ما زال يحتفظ بتلك الصفات (الا انه كما نعلم ان الخير يخص والشر يعم) فاساءات البعض اضرت بجميع السودانيين هناك , وسببت نفورا واستياءا لا تخطأه العين وتبدلت الكثير من نظرات الاحترام التي كانت تكن لهم وحل محلها الخوف والارتياب والشك , واضحي ذلك التدويل لقضايا السودانيين ورئيسهم الحديث السائد لكل المجتمعات , ولم يعد السوداني ذلك الفارس الشهم (ذو القلب الكبير النقي) كما كان يعرف دوما , بل اصبحت صفات الهمجية والكذب والتضليل تطارد السودانيين وتفقدهم قيمتهم .
في الختام نتمني ان تزول كل اسباب البغض والكراهية لدي المواطن السوداني حتي يعود كما كان الجميع يعرفه , كما نتمني ان تتغير ثقافة مناصبة العداء تجاه الحكام , و أن يكون الرئيس القادم (مهما يكن) اوفر حظا مع مواطنيه , و ان يقفوا لنصرته يؤازرونه ويشدون من ازره , يقومونه اذا اخطا ويثنون عليه اذا اصاب , لا ان يناصبوه العداء . أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: رؤية تحليلية من مصلحة أمريكا بقاء النظام السوداني في سدة الحكم:
النظام الحاكم في السودان لم يمكث في سدة الحكم طيلة العشرون سنة الماضية بمحض صدفة أو ضربة حظ , وإنما كان نتاج نشاط جم وعمل دؤوب متواصل أمكنه من بسط نفوذه وسلطاته في ربوع البلاد , كما أمكنه من إنجاز المشاريع الضخمة والإستثمارات الهائلة في البلاد , منها علي الأقل إستخراج البترول , إنشاء الطرق والكباري والخزانات والسدود وغيرها من مشاريع التنمية التي تمتلأ بها البلاد .
كما سخرت الأقدار لهذا النظام تطوير علاقات متينة مع الصين , الأمر الذي أدي إلي سحب البساط من قدم أمريكا وزحلقتها علي طريق منحدر وعر وخطر بلا هوادة , مما جعل الأخيرة تفقد هيبتها ونفوذها وسطوتها علي أهم المواقع الإستراتيجية في أفريقيا والعالم العربي , ثم وجدت نفسها في موقف (المتفرج) الذي يري مصالحه تتهاوي أدراج الريح بينما تدعم هي معارضة هزيلة متهاوية متأرجحة لا تقوي علي فعل شيئ وإنما تنتظر الفرج منها .
فكان من الأحري لها إستعادة مركزها الرائد والتفكير في مصالحها اولآ وقبل كل شيئ بدلآ من الإعتماد علي تلك المعارضة (المنقسمة فيما بينها) , وظل شبح ذلك الهوس يطاردها حتي ولت كامل إهتمامها أخيرآ لتلك المصالح (التي تجعلها لا تتواني عن فعل أي شيئ من أجل تنفيذها وتحقيقها) , وكان لابد من التدخل لمحاولة خلق فجوة ما بين الصين والسودان وبسط نفوذها وهيبتها علي تلك المنطقة الثرية من العالم (الغنية بالثروات النفطية والمائية والعشرات من الثروات التي يفتقر لها العالم) .
ولا أحد يلوم أمريكا في التفكير في مصالحها فهو ديدنها منذ أن أصبحت قوة عظمي في العالم , بل أنها لم تكن لتصبح هكذا قوة لولا تقديم مصالحها علي أي حسابات اخري (وهو ما بات يعرف عنها) , فاللوم هنا بالكامل علي تلك المعارضة السودانية الهزيلة التي لم تقيم أمريكا خير تقييم , وظلت تحلم بذلك المنقذ الذي تعتمد عليه كليآ للتحرك لإجتزاز ذلك النظام من جذوره .
وكما أن العالم أجمع يعلم أن أمريكا يتغير فيها الرئيس من حين لآخر , لكن تبقي المصالح هي المصالح , إذ أنها لا تتواني في التحالف مع الشيطان نفسه من أجل مصالحها الشخصية وأطماعها المستقبلية , ولقد علم النظام الحالي في السودان ذلك ووظفه خير توظيف ضد المعارضة , وعلم بقيمة (أوراقه) وكيفية إستخدامها استخدامآ صحيحآ , حيث جعل من ذلك خنجرآ غائرآ في جوف المعارضة , الأمر الذي أدي بدوره إلي تضييق الخناق عليها , كما تمكن أيضآ رغم الضغوطات الهائلة عليه (من كل حدب وصوب) أن يجعل مصالح أمريكا معه هو لا غيره .
وبالفعل نجح في ذلك نجاحآ باهرآ حتي أضحت أمريكا تري مصالحها مع هذا النظام , وبدلآ من الإنقلاب عليه تضامنت معه وأصبحت لا تري بديلآ له , كل ذلك والمعارضة تنظر مشدوهة إلي البساط الذي ينزلق من بين قدميها رويدآ رويدآ وهي بلا حولآ ولا قوة , ثم تتبدد أحلامها تباعآ وتتبخر في الهواء تجتذبها الرياح بسرعة وكأنما تخشي هي الأخري أن تغير أمريكا من مواقفها .
ونري بوضوح إنعكاسات ذلك علي الإنتخابات الأخيرة في السودان , حيث برزت مخالب أمريكا الوحشية ضد المعارضة (المنقسمة اصلآ) وبدأت في خدش جلدها حتي بات أثر ذلك واضحآ جليآ (للعيان) , وأصبح (ونسة) تحكي في أورقة الحانات والقهوات والقعدات المترامية علي عدة أطراف من العالم , وبات من العسير للمعارضة هضم كل ذلك (وهي تجلس القرفصاء) وتعزف الأوتار الحزينة علي أطراف الأنهار وتندب حظها العاثر التعس وهي تشاهد ذلك البساط يسحب من آخر قدم من معارضيها .
والحقيقة في هذا بالتحديد لا أحد يلوم المعارضة في ندب حظها , إذ أن الجميع (وبلا إستثناء) يعلم أنه اذا إعترفت أمريكا بنظام ما وجب علي العالم برمته الإعتراف به (راضيآ كان أم كارهآ) وإحترام ذلك , وهو مع الأسف ما عود الحكام الشعوب عليه وأصبح أحد العادات في الكثير من الدول وبات أمرآ مسلمآ به , مما يعني أن كل جهود المعارضة (التي تأتي بعد ذلك) سيكون مصيرها الذهاب أدراج الرياح كسابقاتها .
وهذا إن دل فإنما يدل علي أن المعارضة لم تعي الدرس جيدآ , لذا وجب عليها أن تقف مع نفسها وقفة صادقة تستفيد فيها من كل الدروس (السابقة) بحيث يجعلها ذلك تعتمد علي نفسها (في المقام الاول) عوضآ عن الإعتماد علي الآخرين , وأن تبني نفسها بنفسها , وألا تراهن علي الديمقراطية وحقوق الانسان اللتان تزرعهما أمريكا في (الشوك) وتنثرهما في (البحر) .
ومن هذا المنطلق وجب لها الرهان علي الشعب (وهو ما كان يرجوه منها) بدلآ من الرهان الخاسر الذي تتزين به (لأن الشعب اذا ما وجد فيها بديلآ للنظام الحاكم أعطاها صوته , ويفرض بذلك علي أمريكا أن تتقبل الأمر الواقع وتتعامل معه) , فكان من الأولي لها خوض هذه الإنتخابات والخروج إلي الشارع للتعريف ببرنامجها الإنتخابي ورؤياها المستقبلية (خصوصآ أن معظم الناخبين في السودان ولدوا أو ترعرعوا في ظل هذا النظام الحاكم , ولا يعرفون بالضرورة الكثير عن هذه المعارضة) وخوض إنتخابات قوية لكسبها .
ولكن قبل ذلك وجب معالجة الأخطاء والإنقسامات المخزية فيما بينها , وحتي إن لم تتمكن من النجاح في الإنتخابات (هذه المرة) تكون قد قوت من عضدها وكسبت النقاط (لصالحها) وبصرت المواطنين بالبدائل التي تسوقها , إستعدادا للإنتخابات القادمة التي إن اجتهدت فيها وبرهنت للشعب وطنيتها وإخلاصها لكسبت الأصوات تلو الاصوات .
كما يجب التنويه هنا أنه لا مجال للعنف بعد الإنتخابات (سواء خاضتها المعارضة أم لم تخضها) , فأي أعمال عنف قد تقع في البلاد ستخصم من رصيد المعارضة كثيرآ , ليس هذا فحسب , بل أن ذلك سوف يفقدها إحترام المواطنين لها , مما ينتج عن ذلك عدم التصويت لها في اي محافل إنتخابية قادمة , لكن الأهم من ذلك أن كل ما قد يجري من عنف في البلاد سيكون ضحاياه المواطن المسكين الذي لا يد له ولا حيلة في تلك الصراعات (علي كرسي الحكم) القائمة ما بين الحكومة والمعارضة .
أخيرآ يجب أن تحسب المعارضة حساباتها جيدآ في المرحلة المقبلة (لأن آخر ما يحتاج إليه المواطن الآن هو إنفلات أمني أو عدم استقرار في البلاد) ويجب أن تتوحد فيما بينها وأن تنبذ العنف والفجور في الخصومة , وأن يكون همها الأول والشاغل هو أمن المواطن (تقدمه علي مصالحها وأطماعها الشخصية) في كل ما تنتهجه من سبل لمعارضة قوية نزيهة مخلصة صادقة وفعالة .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: قضايا لماذا يترك المغترب زوجته في السودان: كان ذلك عنوان نقاش إفترعته في إحدى المواقع الإلكترونية (الذائعة الصيت) , وكان ذلك النقاش (جادآ) نسبة لأهمية المسئلة وحساسيتها , إذ أن الكثيرين جدآ من السودانيين المقيمين في (الخليج) بصفة عامة و(السعودية) بصفة خاصة يعانون منها , وتطرق النقاش لعدة جوانب أهم ما جاء فيها :
- الأسباب التي دعت من أجلها (المغتربين) يسجلون مهنآ متدنية (كراعي , مزارع , سائق , عامل...ألخ) عند إستخراج (الفيزا) , بالرغم من حوزتهم علي شهادات مهنية عالية , مما ينتج عن ذلك عقبات شائكة عند شروعهم في إحضار زوجاتهم , كما أنه (من العسير) تغيير تلك المهن مرة أخري .
- كشف الغطاء عن نظام الكفيل السائد في (السعودية) , وعلاقة ذلك (بإعاقة) تحرك السودانيين سواء للبحث عن عمل أفضل , أو السفر خارج (المملكة) , وماهية إرتباط ذلك بحقوق الإنسان . - إمكانية عودة السودانيين إلي وطنهم مع ضرورة توفير فرص عمل لهم . - ترك المغترب زوجته وأطفاله لسنوات طوال في السودان , مما يسبب ذلك أذي (نفسي) وضرر (معنوي) لا يعوضا بالنسبة للزوجة والأطفال . - تسليط الضوء علي التعليم في السعودية , وخاصة فيما يسمي : بالمدارس (الغير النظامية) .
شارك الكثير من أعضاء ذلك المنتدي (الرحب) بخبراتهم وتجاربهم , وعكس آخرين همومهم وأحزانهم , وما ظلوا يعانون منه من (ضغوطات وصعوبات) منذ أمد بعيد , كما شارك العديدين أيضآ (عبر الإيميل) طارحين تساؤلات حائرة لصعوبة الوضع وتعقيده , (آملين) في تحرك المسؤلين في السفارة السودانية (بالمملكة) وجهاز المغتربين لمساعدتهم , و(عاشمين) في طرح وسائل الإعلام لبرامج عدة عن هذه القضية (المنسية) حتي يتسني للمسؤلين سماع كافة (الأوجه الحمالة) وإيجاد حلول مجزية تتيح لهم إحضار زوجاتهم .
وكانت هنالك مشاركات مؤلمة (عبر الإيميل) من بعض الأخوات (المتضررات) لبعدهن عن أزواجهن , فقدمن يسكبن خبراتهن الحزينة التي يتفطر لها القلب , وبعد نقاش وحوار في ذلك (البوست) إستمر لعدة أيام , إنحصر أخيرآ في (عشرة مقترحات) موجهة للمسؤلين للتحرك الفوري ومساعدة تلك الشرائح (الهامة جدآ) من المغتربين في السعودية والخليج , وتمثلت المقترحات الممكنة والمطروحة فيما يلي :
- إيجاد حلول للسودانيين المقيمين في المملكة والخليج لإحضار زوجاتهم وأبنائهم .
- معظم من يأتون إلي المملكة يسجلون في (الفيزا) مهنآ متدنية ومختلفة عن مهنهم الأصلية , بينما تكون لديهم شهادات عليا , فكيف يمكن المساعدة في تغيير تلك المهن؟؟؟
]كان هنالك إقتراحآ في هذه النقطة (من أحد المشاركين) مفاده : أن تقوم السفارة السودانية بإرسال خطاب رسمي إلي الجهات المختصة في السعودية (ربما عبر الخارجية السودانية) والمطالبة منهم التفضل بالموافقة لتحقيق أحد أمرين:
الأول : فتح باب تغيير المهنة لأصحاب هذه المهن بناء على مؤهلاتهم ، وشهاداتهم .
الثاني : (أو) استثناء هذه المهن (بناء على ما لديهم من مؤهلات مصدقة وتعريف بالراتب مصدق من جهة عملهم) إستثاؤهم من النظام الذي يمنع هذه المهن من الاستقدام فإذا كان هناك شرح مفصل من السفارة لمعاناتهم (مع إحصائية تقريبية للأعداد تتم بوسيلة مناسبة لدى السفارة) يتوقع أن تكون هذه الخطوة موفقة بنسبة كبيرة جداً خاصة (مع العلم) أن النظام فيما يتعلق بالاستقدام يسمح بأن تمنح وزارة الداخلية إستثنناءات، فبند الاستثناءات موجود أصلاً في النظام ، وتوقعات ذلك بالاستجابة احتماله كبير ، خاصة وأن المملكة قد وضعت النظام لأن أصحاب المهن الضعيفة لا تكفي رواتبهم لإعالة أسرهم ، وهو حديث منطقي ، لكن إذا كان هناك تأكيد بأن هؤلاء رواتبهم رواتب موظفين وباستطاعتهم النفقة على أسرهم فممكن أن يهيء ذلك للحصول على الموافقة بالاستثناء , ولأن هنالك من لا يشعرون بحجم هذه المعاناة , يكتوي بها الآخرون في صمت[ .
- مساعدة (غير المتمكنين) من المغتربين في المملكة للعودة إلي وطنهم مع توفير فرص عمل لهم في السودان .
- تيسير توثيق الشهادات الأكاديمية من (الخارجية السودانية) للمغتربين (المتواجدون حاليآ) في المملكة , (حيث أن هنالك صعوبات في ذلك لعدم الإعفاء من الخدمة الإلزامية) .
- تخصيص (قسم) في السفارة خاص بتقديم المساعدات والدعم لكل من لم يتمكن من إحضار زوجته , وذلك قد يكون بتقديم إستشارات قانونية , توفير محاميين , تقديم النصائح والمشورة , التفاكر في الخيارات المتاحة لإحضار الزوج لأسرته...ألخ .
- توفير مدارس سودانية (نظامية) في المملكة .
- تسهيل إستخراج أراضي المغتربين (للعائدين منهم إلي الوطن) .
- التنسيق مع الخارجية السودانية لتوعية ونصح (القادمين الجدد) للمملكة بعدم السفر (للعمل في أعمال متدنية) , وربما تشديد الإجراءات (إذا إستدعي الأمر) لذوي تلك المهن (الضعيفة) .
- تنبيه المسؤلين (السعوديين) في المملكة وربما (أرباب العمل) بإحترام حقوق الإنسان فيما يخص السودانيين (عند حدوث أي خلافات) , و إذا إضطر الأمر الوقوف مع السودانيين جنبآ إلي جنب حال تقدوموا بطلبات (للمحاكم) للنظر في إستغلال (أرباب العمل) أو (الكفيل) لهم وتأخير صرف رواتبهم ...ألخ .
- البدء في (تسليط الضوء) لهذه المعضلة وذلك بعمل دراسة شاملة لمشاكل المغتربين , وقد تخصص برامج تلفازية لها (من قبل المسؤلين) للمناقشة في حجم المشكلة , وتوعية وتعريف (المواطنين في الداخل) بالمشاكل والصعوبات في المملكة (والتي قد تواجه من يفكر في الهجرة أو الإغتراب) , فأفضل أن يكون المرء مدركآ لحجم ونوعية المشقات والصعوبات قبل أن يفكر في السفر , (لا بعد أن يذهب ويري بنفسه) , ولربما يأثر الكثيرين البقاء في وطنهم وخلق فرص عمل لأنفسهم بدلآ من هجرة غير مأمونة العواقب قد يترك فيها الشخص كل شيئ بما فيها زوجته وأطفاله وأهله , وحتي يقتصر الأمر لحملة الشهادات التي يتمكنون بها من العمل في مهنهم الأصلية (مع ضرورة القيام بالإجراءات الصحيحة) .
في الختام أهيب بالمسؤلين في (السفارات السودانية) بالسعودية وما جاورها , و(جهاز المغتربين) بالتحرك الفوري لمناصرة إخواننا المغتربين ومؤازرتهم في تلك الأزمة التي يمرون بها والتي تنتقص من حقوقهم الإنسانية (كثيرآ) وتعيق تقدمهم وتطورهم , كما أن لها من الأضرار والأذي ما لا يحتمل , وأهيب كذلك بوسائل الإعلام (المقروءة) الإهتمام بهذه القضية وعدم طيها ونسيانها .
كما أناشد كافة وسائل الإعلام (المرئية) بتخصيص برامج حوارية (هادفة) تناقش لب المشكلة وجوهرها , وربما تخصص برامجآ إسبوعيآ يبث من السعودية (كبداية) يعي بقضايا المغتربين والصعوبات التي يواجهونها , تشارك فيها (الجاليات السودانية) و(السفارة) للعمل سويآ من أجل إجتذاذ تلك المشكلات من جذورها , فتلك الشريحة الهامة من المغتربين يجب ألا تنسي في (زخمة الأحداث) , فهي تستحق الإهتمام بها وتوفير كافة السبل لحمايتها وحماية أسرها .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: إختفاء الدراما من الفضائية السودانية:
أذكر أنني عندما أذهب إلي السودان في زيارتي السنوية أكون دائمآ خارج المنزل للتمعن في جمال بلادي وأناسها الطيبين البسطاء , وأقوم بزيارة الأهل والأصدقاء والأحباب , وأكون دائمآ شغفآ متلهفآ تائقآ لزيارة الأسواق وزيارة أكبر كم هائل من الأماكن (في العاصمة) لإفراز غريزتي المكبوتة من التوق والحنين الشديدين (بلا حدود) لوطني الذي أفتقده دائمآ في الغربة , ولترابه العزيز وأهله الكرام , وأجد متنفسآ (ضخمآ) في ذلك الزخف الهائل من الأحداث حولي .
وأتنفس الصعداء (حتي في أشد الأماكن حرارة) وكأنني غير مصدقآ أنني في السودان , حتي يخيل لي أحيانآ أنني بحوجة ماسة إلي (لسعة) ثعبان كبيرة في جسدي المكبوت من الشوق والحنين إلي الوطن , أو حتي (عضة) كـلب من كلاب السودان (الهائمة) حتي أتاكد من أنني غير واهم أنني في السودان , وتجدني أتسامح وأختلق الأعذار حتي (للذباب الطائر) وهو يأتي تارة ليستلطفني (ويتمسح) في جسمي (كأنما يستأنس بوجودي ويرحب بي) وتارة أخري يطير إلي اعلي وكأنما يحاول لفت انظاري إليه .
أكثر من التأملات حولي وأضحك في طفولة بريئة (ربما فات أوانها) مستمتعآ بذلك الترحيب الحار الذي يشعرني بإنتمائي لهذا الوطن الجميل , ودائمآ ما أتسامح مع من يخطئون في حقي وألتمس لهم الأعذار , كما أحزن كثيرآ عندما ينقضي الوقت بسرعة , وتجدني أتمني من كل قلبي ألا ينقضي النهار ويطول اليوم الواحد حتي يصل إلي ألف عام (غير مكترث أو آبه بأي شيئ) وأنا استشعر في دواخلي ما إفتقده كثيرآ في غربتي من (لوعة) شديدة ولهفة وشوق وحنين لوطني وأهلي .
كل ذلك وأنا لا اجد المتسع من الوقت لمشاهدة التلفاز خصوصآ (الفضائية السودانية) التي تعودت عليها دومآ في الغربة , ولربما لا يسمح لي الوقت لمشاهدتها إلا في المساء عند الحضور إلي المنزل منهكآ وقبل أن أخلد إلي النوم .
لكن الوضع مختلفآ تمامآ (في تلك الغربة) المضنية التي مكثت فيها أكثر من ثمانية عشر عامآ في بريطانيا أشاهد فيها الفضائية السودانية بشغف ولهفة , وأنتظر المسلسلات السودانية اليومية والدراما الضاحكة و (الهيلاهوب) وغيرها من برامج أثرت كثيرآ في نفسي , لكن مع الأسف الشديد إنقطعت تلك الدراما والمسلسلات اليومية السودانية من القناة , وأصبحت شيئآ نادرآ لا نكاد نصدق أعيننا عندما نراها مرة أخري .
قد تكون نظرة المخرجين والمنتجين والقائمين علي أمر هذه القناة ورؤيتهم (منحصرة) فقط لخدمة السودانيين في الداخل , واضعين في الإعتبار إنشغال الكثيرين بمشاغل وهموم الحياة (وهذا ما لمسته أثناء تواجدي في السودان وجربته بنفسي) فتجدهم لا يكترثون بتجديد وتطوير برامجهم , الأمر الذي يؤدي بدوره لتحول (من يجدون الأوقات لمشاهدة التلفاز) للقنوات السودانية الأخري , وهذا سبب إهمال تلك الشريحة السودانية بالخارج .
وإلا كيف نفسر ذلك الإهمال وتلك الشريحة التي أتحدث عنها (في الخارج) تتابع الفضائية السودانية بإنتظام وإهتمام بالغين سيما وأن تلك القناة متوافرة (بكثرة) دون قريناتها السودانيات اللاتي لا يتوافرن إلا لشريحة بسيطة لأسباب فنية تتعلق بحجم (الطبق) وعدم السماح بإقتناء (طبق) كبير لمعظم أو كثير من السودانيين المتواجدين في أوربا وربما أمريكا وأستراليا أيضآ .
كما أن تلك القناة كان من المفترض أن تكون رائدة ومنافسة لبقية القنوات السودانية الأخري (لا أن تكون في ذيل القائمة) واضعة في حسبانها أنها تحمل إسم السودان علي جوانحها , بينما هي لا تسعي لتمثيل كل الشرائح من المجتمع السوداني (في الداخل والخارج) .
وأذكر مثالآ آخر (لعدم تمثيل تلك القناة لجميع الشرائح والفئات) يندرج في الأخبار الهامة والعاجلة التي أصبحنا نتابعها (مباشرة) من المواقع الإلكترونية , فقلما تسوقها لنا (الفضائية السودانية) و لربما أتي سياقها متأخرآ جدآ , أو قد لا يأتي إطلاقآ , وفي هذا الإطار نرجوا أن تولي القناة أهمية كبيرة للأخبار الهامة وتفرد لها مساحات كبيرة (ولا تتواني عن قطع الإرسال لبثها) إقتداءآ بمثيلاتها من القنوات الأخري .
نتمني من القائمين علي أمر هذه القناة أن يسعوا جاهدين لإثراء تلك القناة بالدراما والمسلسلات اليومية (دون إنقطاع) , فإننا في حاجة ماسة (إليهما) حيث أن ذلك يربطنا كثيرآ بالوطن , يخفف عنا أعباء الغربة وآثارها النفسية , يزرع البهجة والسرور في أنفسنا , كما يستفيد منه أبنائنا لتعلم المزيد من الثقافة والتراث والعادات والتقاليد السودانية السمحة , وكما يعلم الجميع فأن الغربة مرة وقاتلة , ولهذا نتسائل دومآ : لماذا (يستكثر) فينا (القائمون) علي التلفزيون القومي تلك البرامج الممتعة (ويحرمنا) منها ؟
ورغم أنني (دائمآ) متابعآ للكثير من البرامج في تلك القناة , وأشاهد فيها كل ما يتعلق بالوطن , إلا أنني والكثير من إخوتي في (الغربة) نشعر بالحزن يعتصرنا والإحباط يمتلكنا ونحن نحاول (تعويض) ذلك الفراغ من الدراما السودانية (بإيجاد بديلآ لها) في المسلسلات والدراما المصرية والعربية .
وكما نأسف كثيرآ أن (الفضائية السودانية) لا تسعي جاهدة لبث الجديد من الدراما ولا تضع لها ميزانية تليق بها , يشتد حزننا أكثر (لعدم عرضها) حتي للدراما والمسلسلات القديمة المتواجدة في أرشفة مكتباتها , والتي إن تم بثها لأفرحنا ذلك كثيرآ (لو كانوا يعلمون) , علي عكس (الفضائيات العربية) الأخري التي تنظم برامجآ فكاهيآ ممتعآ مسليآ وترفيهيآ واضعآ في حساباته (راحة) مواطنيها في الداخل والخارج .
في الختام أتمني أن ترتقي (الفضائية السودانية) إلي المستوي المطلوب , فما قيمة برنامج مثل عزيزي المشاهد يستمع إلي آراء المشاهدين , طلباتهم ورغباتهم ولا يضع أدني إعتبار لوضعها قيد التنفيذ ؟ أين هو الخلل في هذا الأمر ؟ تري هل هو تقصير من الإدارة ؟ شح في الفنانين والممثلين ؟ أم أن هنالك نقص في الميزانية المرصودة للتلفاز ؟
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مـقـالاتي الـصحـفـية فـي الـصحـف والـمجـلات (2) (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: هنالك بصيص ضوء في نهاية النفق:
فيما يتعلق بإضراب الأطباء , فكما نعلم جميعا أن الأطباء لهم مطالب مشروعة وعادلة تتيح لهم أخذ مطالبهم كاملة دون نقصان (في حدود خطوط حمراء مرسومة لهم بدقة ووضوح) في جميع أنحاء العالم , إذ أن مهنة الطب مهنة إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون مهنة ذات عائد مادي أو ربح وفير , فالأطباء عمومآ يكتسبون إحترام المواطن في أي بقعة من العالم (أتوماتيكيآ) لإختيارهم لتلك المهنة الانسانية (ذات المكانة السامية في المجتمع) والتي تنقذ حياة الانسان .
وهو أيضآ ما يفرض علي المجتمع أن ينظر الي الأطباء نظرة (المنقذين) الذين يكرسون حياتهم لخدمة المرضي ويسهرون الليالي لخدماتهم في المستشفيات ودور العلاج المختلفة , ومن هذا المنطلق يتوجب القول الصريح بأن مهنة مثل الطب "لا تتحمل إطلاقا الدخول في إضرابات" تؤدي بدورها إلي التوقف عن العمل من أجل تحسين الرواتب (كما هو الوضع القائم حاليآ في السودان) , فبكل بساطة يكمن الحل في أيدي النقابة الطبية التي يخول لها أن تتحدث عن مطالبهم وإحتياجاتهم (بحكمة وسلاسة) وليس بالدخول في معتركات غير مضمونة العواقب بحيث يتضرر بذلك المواطن أو المريض .
فحق الأطباء من حياة كريمة وسهلة حق مشروع يكفله القانون ويسانده الشعب , ولكن كما ذكرت يجب أن يكون في إطار الطرق السلمية لإقناع الطرف الآخر (الجهات المختصة) بتغيير نهجها أو رفع أي ظلم قد يقع علي الأطباء , لا عن طريق التوقف عن العمل (حتي يتحسن وضع الأطباء) مما يؤدي ذلك الي كوارث إنسانية مثل الوفيات , إزدياد الأمراض أوإنتشار الأوبئة , فالطبيب يعلم جيدآ عند أدائه القسم أن هذا الطريق الذي سلكه هو إنساني بالدرجة الأولي (لمعالجة المرضي وتكريس حياته لهم) وهو ما لا يحتمل البتة المساومة فيه أو الرهان عليه .
ثم ان تلك المهنة في بدايتها غير مربحة إلا بعد ان يجتهد الطبيب ويثبت قدراته الذاتية التي تتيح له التدرج في سلم الترقية حتي يصل الي المكانة المرموقة التي يبتغيها (ويحسن من وضعه المادي) أو القيام بإفتتاح عيادة خاصة به (تدر عليه الربح الوفير) .
أما بخصوص الأجهزة الطبية والمعدات الحديثة فيتوجب علي الدولة الإلتزام بها , وهذا الأمر مرتبط إرتباطآ وثيقآ بالأمن والإستقرار في البلاد , إذ أنه كلما كان هنالك إستقرارآ , كلما ذهبت العائدات المالية إلي تلك المؤسسات , والإهتمام بها من قبل الدولة لإدرار النقص وإصلاح مواضع الخلل والتسيب حتي تكون الصورة مرضية للجميع , ولكن كي نصل إلي هذه المرحلة وجب المساهمة في حل كل التعقيدات لا التحرك لزيادتها .
وفي ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد , نجد أن الدولة مهتمة بالبناء من كل أوجهه , وكلنا تفاؤل وأمل أن يشمل هذا البناء والتعمير كل المصالح الحكومية والوطنية بما فيها الأطباء والمستشفيات والدوائر الحيوية الأخري التي يوجد بها نقص حتي تتحسن وتتطور وينصب ذلك علي المواطن ويحسن من معيشته , لذا فالإهتمام بالأطباء ومطالبهم شيئ أساسي وضروري حتي يتمكن الطبيب من العمل في جو صحي يهيأ لهم معالجة مرضاهم في أحسن صورة ودون كلل أو ملل .
أما بالمقابل فهنالك المطالب الشعبية تجاه الأطباء بالتقليل من الأخطاء الطبية ومزاولة المهنة بشرف وضمير حي كما ينبغي , لكن لا بد من التأكيد هنا مرة أخري (وحتي يكون الأمر واضحآ وجليآ دون أي إلتباس) أن مهنة الطب لا تتحمل إطلاقآ "التوقف" مهما كانت الأسباب , ويجب عدم الإنحناء للعاصفة في أي مكان أو زمان , كما يجب عدم التأثر البتة بالإنتماءات الحزبية أو السياسية , فكما يحاسب الطبيب الدولة عند تقصيرها , فكذلك المريض يجب أن يحاسبه عند تقصيره .
وبالرغم من مطالبتنا بمد الأطباء بكل ما يحتاجونه , نطالب الأطباء كذلك بالكف عن الصلف والغرور والتكبر الذي نراه في الكثير من الأطباء بالسودان والذي يشتكي منه الكثير من المواطنين , ونراه دائمآ في المستشفيات والعيادات وغيرها , وبالرغم من أنني لا أشمل جميع الأطباء بتلك الصفات , إلا أنها تلتف حول عنق الكثيرين منهم كإحاطة السوار بالمعصم , فهنالك أخطاء طبية لا حصر لها كان يمكن تفاديها بسهولة من قبل الأطباء ولا يوجد لها مبررات .
كما هنالك أيضآ أطباء لا يصلحون للعمل ولا يمارسون المهنة كما ينبغي فيسيئون بذلك لكل الأطباء وينالون سخط المواطن المريض وأسرته , فهنالك مشاكل عدة أيضآ في التشخيص الخاطئ وعدم كفاءة الطبيب المعالج , ويحتاج المرء الذهاب إلي أكثر من طبيب في السودان (نسبة للأخطاء الطبية المتكررة في التشخيص والعلاج) كما يحتاج إلي بذل قصاري جهده وماله للعلاج ولا يجده , ثم يضطر آسفآ إلي مغادرة الوطن والهروب إلي الخارج لتلقي العلاج .
لذا كما نناقش إحتياجات الطبيب ونقف بقوة لدعمها , كذلك يجب أن نناقش إحتياجات المريض ونقف بقوة لدعمها , ويجب فتح ابواب النقاش عن الأخطاء الطبية , وإهمال الأطباء الذي يؤدي لفقد كثير من الأسر لأهاليهم دون مبرر أو داع , ويجب أن يحاسب الأطباء علي هذا الكم الهائل من الأخطاء , كما يجب توعيتهم بكيفية التعامل مع المرضي بلين ورفق وصبر وإحترام , ثم لا يتوانون عن علاج كل من يقدم إليهم (سواء كانوا في الدوام أم خارجه) فالطب مهنة انسانية في المقام الأول كما ذكرت آنفآ .
وأذكر (علي سبيل المثال وليس الحصر) أنني كنت في إجازة للسودان قبل شهور قليلة وكان طفلي مريضآ جدآ حتي وصلت درجة حرارته إلي 42 درجة مئوية , فذهبت لجاري الطبيب وهو أخصائي أطفال وأخبرته بحالته , لكن لدهشتي الشديدة رفض الطبيب (الحضور للكشف عليه) بكل كبرياء وتعال , وبرر ذلك بأنه ليس لديه سماعة في المنزل (رغم أنه أب لأطفال) ولوح لي ساخطآ بالتوجه لأقرب مشفي لعلاجه (بينما أنا في اشد حالات القلق والتوتر) , والأمثلة في ذلك كثيرة ومحزنة , وهنالك شكاوي تلو الاخري لا يجد المواطن المسكين سبيلا لإيصالها للمسؤلين .
لذا قد يتجرد الطبيب من إنسانيته اذا رفض معالجة المرضي , فهو يدري أهمية الوقت عندما يتعلق الأمر بالحالات الخطرة , وقد يفقد إحترام الكثيرين له خصوصآ في المواقف الحالكة التي قد يحتاج فيها المريض إليه بشدة ولا يجده , فمثل هذه الإضرابات أو الإحتجاجات التي تؤدي بدورها إلي التوقف عن العمل غير مبررة وغير مرغوبة , اذ يعلم الطبيب جيدآ أن أرواح الكثيرين من المرضي متعلقة به , وأنه هو المسؤل الأول والأخير إذا ما حدثت أي مضاعفات أو وفيات نتيجة التوقف عن العمل .
وهنالك أرواح كثيرة تزهق (بغير ضرورة) نتيجة تلك الإضرابات المخزية , إذ وصل الأمر ببعض الأطباء التحدث علنا في بعض المواقع الإلكترونية وغيرها قائلين : "إذا لم تستجب الحكومة لمطالبنا سنترك المرضي دون علاج حتي إن أدي ذلك إلي الوفاة" , فهل هذا القول يمكن أن يتوقع من طبيب أدي القسم لعلاج المرضي وتكريس حياته من أجلهم مهما كلفه ذلك من أمر (و في أي مكان أو زمان) ؟
أما بعد أن ينال الأطباء حقوقهم فنأمل في أن ينال المرضي حقوقهم كذلك من الأطباء مثل التعامل معهم بإحترام وصبر ومهنية عالية , كما نأمل النظر في التكاليف الباهظة التي يدفعها المريض للطبيب (في العيادات الخاصة) , والتي أصبحت عبأ ثقيلآ علي المواطن نسبة لزيادتها المستمرة (خصوصآ لتباينها وعدم إستقرارها) .
في الختام وبالرغم من مرارة الحديث إلا أنني متفائل بأخذ الأطباء حقوقهم (في آخر المطاف) , ولكن من الضروري جدآ التمسك بالطرق السلمية الإنسانية لأخذ المطالب العادلة التي يستحقونها (داخل هذا الإطار) بعيدآ عن السياسة ولي عنق الجهات المختصة , والتسبب في إزهاق أرواح الكثير من المرضي دون وجه حق , وأري بادرة أمل لحل هذه المعضلة إذا ما إبتعد الأمر عن السياسة ولزم إطاره الجوهري , ومن هذا المنطلق لا يسعني إلا أن أقول : أن هنالك بصيص ضوء في نهاية النفق .
أشرف مجاهد مصطفي صحفي ومهندس- بريطانيا |
| |
|
|
|
|
|
|
| |