دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: المسافر)
|
السلام عليكم
Quote: إلا ان الله ذكر في محكم تنزيله:
قال بل لبثتم مائة عام...(إلي آخر الآية الكريمة)
|
الأخ/ أشرف مصطفى
أصحاب الكهف لم يلبسوا 100 عام بل لبسوا 300 عام وإزدادوا تسعاً
أي أنهم لبسوا 300 عام بحساب السنة الشمسية و 309 عام بحساب السنة القمرية
أنت إختلط عليك الأمر
لأن الذي لبس مائة عام هو صاحب الحمار
الذي عندما أحياه الله قال أني لبست يوماً أو بعض يوم قال أنظر لحمارك
وعندما نظر وجده عظام رميم
فأحياه الله
ليؤكد له أنه أيضاً كان مثل الحمار في موته فأحياه الله
والله أعلم
مع فائق تحياتي
عاصم فقيري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: المسافر)
|
الاخ اشرف
Quote: إلا ان الله ذكر في محكم تنزيله:
|
لقد جانبك الصواب في هذا والله ذكر في محكم تنزيله ( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا ( 19 ) ) ( قل الله أعلم بما لبثوا ) روي عن علي أنه قال : عند أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاث مائة شمسية والله تعالى ذكر ثلاث مائة قمرية والتفاوت بين الشمسية والقمرية في كل مائة سنة ثلاث سنين فيكون في " ثلاث مائة " تسع سنين فلذلك قال : " وازدادوا تسعا نرجو التاكد من تلك الاشياء قبل الزج بها هاهنا لك كامل التحية والاحترام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: جمال الباقر)
|
شكراً يا اشرف ..
Quote: البشري التي بشرنا بها النبي (ص) أن المؤمن يشعر أن كل الفترة التي إنقضت وهو راقد في القبر هي كصلاة ظهر أو عصر... |
ده المهم في الموضوع ياخي أنا كنت شايل هم رقدة القبر التي تمتد الى قيام الساعة قبر ضيق مظلم موحش ، لا احد معك ، أنت وعملك فقط الآن ارتحت واطمئنيت إنو الرقدة ( كصلاة ظهر أو عصر ).. بعد كده إنت ومجهودك ، يا بقت ليك قصيرة ومريحة يا كمان جهجهت نفسك ، وندمت ..
الإخوا المتداخلون أعلاه،، الخطأ الذي تتحدثون عنه ، هو خطأ غير مقصود ، طالما أن النية حسنة ، وهي تعميم الفائدة وتذكرينا بما نسينا.. فما تتمسكوا شديد كده .. ثم أن الكلمة هي ( لبث ) وليس ( لبس) !!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: عمر التاج)
|
الإخوة الأعزاء:
- المسافر
- عاصم فقيري
- جمال الباقر
أكيد إلتبس علي الأمر فأنا كان في بالي قصة أهل الكهف ورقادهم الطويل ومعهم ######هم , إذ الآية تقول: و######هم باسط ذراعيه بالوصيد...(إلي آخر الآية) وتناسيت تمامآ الآية الكريمة التي تتحدث عن صاحب الحمار لكن صباح اليوم شعرت أنني أخطأت لأن الآية التي أقصدها تقول:
Quote: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ |
وقررت مراجعة سورة الكهف ولكن وجدت ردودكم الشافية وعندما نظرت إلي ما كتبت (قال بل لبثتم مائة عام) إندهشت لأنني متأكد أن الخطاب موجه لفرد وليس لجماعة
أشكركم كثيرآ للتصحيح والمتابعة وجزاكم الله كل خير أستغفر الله العظيم من ذلك الخطأ وأعتذر للقراء للخطأ الغير مقصود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: عبدالله ود البوش)
|
Quote: السؤال:
يشكك الكثير في مسألة عذاب القبر، وأنه لا يوجد دليل من القرآن الكريم يقر بذلك صراحة؟
الإجابة:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً؛ وبعد:
عذاب القبر ونعيمه ثابت بظاهر كتاب الله - عز وجل -، وصريح السنة النبوية، وإجماع أهل السنة والجماعة، قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الروح: [وقد اتفق السلف وأهل السنة على إثبات عذاب القبر ونعيمه]، وقال الطّحاوِيُّ - رحمه الله - في عقيدته: (ونؤمن بعذاب القبر لمن كان له أهلاً، وسُؤال منكر ونكير في قبره عن ربّه ودينه ونبيه، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة - رضوان الله عليهم -، والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران). وقال الإمام عبد الله بن محمد الأندلسي المالكي في نونيته:
وحياتنا في القبر بعد مماتنا حقّا ويسألنا به الملكان
والقبر صح نعيمه وعذابه وكلاهما للناس مدّخران
فيجب على المسلم الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وذلك من تمام عقيدته.
ومن الأدلة على ثبوت عذاب القبر ونعيمه شرعاً:
أولا: من كتاب الله - عز وجل -: قول الله - تعالى -ً: [النار يُعرضون عليها غُدُوّاً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب] غافر:46، قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: (إن أرواحهم تعرض على النار صباحاً ومساء إلى قيام الساعة، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار، ولهذا قال: [ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب] أي أشدُّهُ ألماً وأعظمه نكالاً، وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور، وهي قوله - تعالى -: [النار يعرضون عليها غدواً وعشياً] تفسير ابن كثير (سورة غافر).
ومن الأدلة من كتاب الله قوله - عز وجل -: [سنُعذِّبُهُم مرتين ثم يُردُّون إلى عذابٍ عظيم][التوبة:101].
قال مجاهد في قوله - تعالى -:[سنعذبهم مرتين] : بالجوع وعذاب القبر، ثم يردُّون إلى عذابٍ عظيم، وقال الحسن البصري: عذاب في الدنيا، وعذاب في القبر، وقال سعيد عن قتادة: عذاب الدنيا، وعذاب القبر.[تفسير ابن كثير (سورة التوبة)].
ثانياً: من السنة النبوية: أما من السنة النبوية؛ فالأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صريحة وصحيحة في إثبات عذاب القبر، وتصل إلى حد التواتر، مما لا يبقى لأحد شك في نفسه ولا ريب، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
1. حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن يهودية دخلت عليها فقالت: نعوذ بالله من عذاب القبر؛ فسألت عائشة - رضي الله عنها - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: [نعم، عذاب القبر حَقٌّ]، قالت عائشة - رضي الله عنها -: فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعْدُ صلَّى إلا تعوّذ من عذاب القبر. رواه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر.
2. حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرين فقال: [إنهما ليُعَذَّبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما أحدهما فكان لا يستترُ من بوله][أخرجه مسلم].
3. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعلِّمُهُم هذا الدُّعاء كما يعلِّمُهُم السورة من القرآن: [اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من فتنة المسيخِ الدّجال] رواه البخاري.
4. حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن العبد إذا وُضِع في قبره وتولَّى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، قال: يأتيه ملكان فيُقعِدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، قال: فيُقال له: انْظُر إلى مقعدِك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: فيراهُمَا جميعاً، قال قتادة: وذُكِرَ لنا أنه يُفسَحُ له في قبره سبعون ذراعاً، ويُملأ عليه خضراً إلى يوم يُبعثون](رواه البخاري في كتاب الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر).
5. حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - المشهور في قصة فتنة القبر، وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المؤمن: [فيُنادِي منادٍ من السماء أن صدق عبدي، فأفرِشُوه من الجنة، وألبِسُوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة. فيأتيه من ريحها وطيبها، ويُفسح له في قبره مدَّ بصره]، وقال في الكافر: [فيُنادِي منادٍ من السماء أن كذب عبدي، فأفرِشُوه من النار، وافتحوا له باباً من النار، فيأتيه من حرِّها وسمُومِها، ويُضَيَّقُ عليه قبرُه حتى تختلف َ أضلاعُه](رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح).
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة الدّالة على عذاب القبر.
والعذاب والنعيم في القبر يكون على الروحِ والبدن جميعاً، ولا يمنع ذلك ولا يجعلُهُ مستحيلاً كون الميت قد تفرّقت أجزاؤُه، أو أكلته السِّباع أو حيتان البحر، أو احترق حتى صار رماداً، أو غير ذلك، فإن الذي خلقه وأماته - سبحانه وتعالى - قادر على عذابه وتنعيمه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (مذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم يحصلُ لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مُفارقة البدن مُنَعَّمةً أو مُعَذّبة، وأنّها تتّصِل بالبدن أحياناً فيحصُلُ له معها النَّعيم أو العذاب)[مجموع الفتاوى (4/282)].
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدّجال.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: عبدالله ود البوش)
|
الأخ المحترم ود البوش تحياتي وشاكر لمرورك
Quote: شكرا يا اشرف على هذا البوست المفيد وبالمناسبة دي عندي سؤال محيرني الناس البحرقوا في الطائرات او يغرقوا في البحار اين يقضون فترة القبور التي تتكلم عنها في هذا البوست ارجو الافادة مغروض فيها بالحيل |
بالنسبة للمحروقين أو الغرقي أو حتي من أصبحوا أشلاء فحسب علمي أن العذاب يطالهم إذا ما إستحقوه ويحسون به كما الآخرين في القبور هذا والله تعالي أعلم
وهنالك فتوي مشابهة في الأسفل:
Quote: السؤال فضيلة الشيخ: كما تعلمون في بعض البلاد يحرقون الموتى، فكيف يعذب الموتى الذين حرقوا في القبر، و كيف يشعرون بضيق القبر، وكيف ينعموا أو يعذبوا إذا لم يدفنوا؟ وشكرا.
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد تواترت الأحاديث النبوية الصحيحة في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، ويجب التصديق بذلك، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، فالمتعين علينا الانقياد والتسليم، فهؤلاء الذين حرقوا بالنار ينالهم عذاب القبر إن كانوا مستحقين له، فعذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قُبِر أو لم يُقبَر، حتى لو احترق وصار رماداً، فإنه يصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور، أعاذنا الله من عذاب القبر.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|
http://www.midad.me/arts/view/sub/14718
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
حبيبنا: إسماعيل عباس مشتاقين ياخ
Quote: شكرآ اخ/أشرف..ونسأل الله ان يجعل ذلك فى ميزان حسناتك...
اللهم ادخلنا الجنة بغير حساب..وجنبنا عذاب القبر..واحسن خاتمتنا..ولجميع المسلمين.. |
آميييييييييين يا رب العالمين الدنيا بقت جراية يا إسماعيل أسألني أنا كل ما أتصل بالسودان عندنا وفاة الأهل كتار شديد ده غير الأمراض الإنتشرت بسرعة قلنا الواحد يذكر نفسه وأخوانه يمكن ربنا يهدينا إلي سواء السبيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
قصة عزيز عليه السلام
Quote: " أو كالذي مر على قرية و هي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت . قال لبثت يوما أو بعض يوم . قال بل لبثت مائة عام ..." و لنقف مع هذه الاية : ان عزير عليه السلام مر ببيت المقدس في سنة مجذبة فتساءل عن قدرة الله في احياء هذه القرية ( لم يكن منكرا لهذه القدرة و ذلك على غرار قول ابراهيم عليه السلام " رب أرني كيف تحيي الموتى ") . " فأماته الله مائة عام " . لقد توقف سريان الزمان على عزير. و جاء أن عزير كان عمره اذ ذاك 50 سنة و كان قد ترك زوجته حاملا . فلما بعثه الله بعد 100 عام و رجع يتفقد أهله وجد أغلبهم مات و وجد ابنه الذي تركه جنينا بلغ من العمر 100 سنة . فلم يعرفه أحد . غير أن خادمة كانت في بيته تقدم بها العمر و فقدت بصرها أرشدتهم الى علامة لم تكن تتخلف عند عزير . قالت : ان عزير كان مستجاب الدعوة فاطلبوا منه أن يدعو الله لكم في أمر فان أجاب الله دعاءه علمتم أنه هو . ففعلوا . فدعا عزير ربه أن يعيد البصر على الخادمة فأبصرت الخادمة و أكدت لهم أنه عزير . وفي هذه المسألة ملمح عجيب هو أن عزير الذي توقف سريان الزمن في حقه 100 عام بقي عمره 50 سنة و ابنه أصبح عمره 100 عام . فهذا هو الابن الذي يفوق عمره عمر أبيه . ثم ان الاية تعرض مظهرا ءاخر لتوقف الزمان : " فانظر الى طعامك و شرابك لم يتسنه " . الطعام و الشراب لم يخضعا لتأثير الزمان . و الا لتحلل الطعام و تبخر الشراب . في المقابل " و انظر الى حمارك . و لنجعلك ءاية للناس " ( فهل فقهنا الاية ؟ ) . " و انظر الى العظام كيف ننشرها ثم نكسوها لحما " . لقد أحيا الله الحمار على مرأى من عزير . " فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير " . أحبتي ! لا زالت عناصر الموضوع متواصلة باذن الله . نسأل الله أن يعصم أناملنا من أن تخط ما لا يرضيه و قلوبنا من أن يخطر بها سوء ظن بأحد من عباده . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: محمد حسن العمدة)
|
الأخ العزيز: ود العمدة تحياتي وشكرآ علي المرور والإستفسار
Quote: الناس البشيلوهم من مقابرهم بعد فترة ويرموهم او تحرق رفاتهم ديل خلاص القبر عندهم انتهى ومافي عذاب او هناء قبر تاني ؟؟ |
ديل يمكن تصنيفهم زي الناس التحت ديل:
Quote: : إذا لم يدفن الميت فأكلته السباع أو ذرته الرياح فهل يعذب عذاب القبر؟
الجواب: نعم ويكون العذاب على الروح، لأن الجسد قد زال وتلف وفني، وإن كان هذا أمراً غيبياً لا أستطيع أن أجزم بأن البدن لا يناله من هذا العذاب ولو كان قد فني واحترق، لأن الأمر الأخروي لا يستطيع الإنسان أن يقيسه على المشاهد في الدنيا . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
ألفترة البرزخية و24 ساعة موت
Quote: يعتقد كثير من الناس (إعتقاداً لا ينبنى على تأسيس قرآنى ) أنهم عندما يموتون فإنهم سيشعرون بفترة موتهم وبالقرون الطويلة التى تمر عليهم والتى قد تصل لآلاف القرون فهل هذا صحيح أم ضرب من ضروب الخيال البشرى والوهم الإنسانى ؟
من خلال آيات القرآن العظيم ( الكون المقروء ) سوف نتدبر تلك المعانى الهامة والتى تؤرق معظم – إن لم يكن كل – البشر منذ وعيهم على الحياة الدنيا وإدراكهم لكنههم وتأكدهم من قدوم موعد موتهم إن آجلاً أو عاجلاً .
وسوف نمر فى عجالة على كلمة ( يلبث – لبث ) نتدبر معانيها من كتاب الله تعالى ثم نبدأ كلامنا عن الموت الذى لا يستغرق فى الحس البشرى الإنسانى ( عند لحظة البعث ) أكثر من 24 ساعة .
جزء أول : إستنباط معنى كلمة ( يلبث – لبث ) من آيات الذكر الحكيم :
كلمة لبث تأتى فى القرآن الكريم بمعانٍ فرعية شتى ولكنها تأتى بمعنى ثابت فى كل مرة وهو البقاء أو المكوث فى مكان ما سواء كان الإنسان حياً أو ميتاً أو نائماً كما يلى :-
(1) يلبث بمعنى يحيا أو يعيش :
* قوله تعالى عن الرسول الخاتم ص (قُل لَّوْ شَاءَ اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )يونس 16 ويفهم منها أن الرسول الخاتم ص كان يعيش بينهم قبل الرسالة فلم يكن يقرأ ولا يكتب حتى بعثه الله فيهم نبياً ورسولاً .
* وقوله تعالى عن نبى الله ورسوله إبراهيم ص (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) هود 68 ويفهم منها أن نبى الله ورسوله إبراهيم ص بقى بعيداً عن ضيوفه ولم يرجع لهم إلا ومعه العجل السمين المطهى لأنه ص كريم ويعرف كرم الضيافة ولكنهم لم يأكلوا منه ولم تمتد أيديهم إليه لأنهم فى الحقيقة ملائكة لا يأكلون ولا يشربون .
* وقوله تعالى عن نبى الله ورسوله يوسف ص (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) يوسف 42 ويفهم منها أن نبى الله ورسوله يوسف ص عاش وبقى فى السجن عدة سنوات حتى تذكر صاحبه الذى كان مسجوناً معه وخرج ليعمل ساقياً للملك خمراً فلما تذكر يوسف بسبب رؤيا رآها الملك تم إخراج يوسف على أثر ذلك من سجنه والقصة معروفة .
* وقوله تعالى عن نبى الله ورسوله موسى ص (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) طه 40 ويفهم منها أن موسى عاش مع أهله فى مدين عدة سنوات وهى المدة التى عمل فيها لدى صهره كمهر لإبنته التى تزوجها موسى وبعد قضاء هذه الفترة ( من 8 إلى 10 سنوات ) عاد ومعه زوجته من مدين إلى مصر . * وقوله تعالى عن موسى أيضاًُ على لسان فرعون (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ) الشعراء 18
ويفهم منها أن الفرعون يبكّت موسى ويعيره بأنه عاش وتربى فى قصره قبل ذلك قبل أن يقتل نفساً ويهرب من بطشهم إلى مدين بعد أن تاب الله عليه وغفر له ذنبه .
* ويقول تعالى عن نبيه ورسوله نوح ص (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) العنكبوت 14 ويفهم منها أن نبى الله ورسوله نوح ص عاش فى قومه وبين ظهرانيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم لعبادة الله الأحد ولكنهم حاربوه وهددوه وعاندوا حتى أغرقهم الله بكفرهم .
(2) يلبث بمعنى يموت :
* يقول الله تعالى عن ذى النون ( يونس ) نبى الله ورسوله ص (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) الصافات 144 ويفهم منها أن الله تعالى لو لم يرحم يونس ويغفر له ذنبه لمات ومكث فى بطن الحوت حتى قيام الساعة ولكن يونس استغفر ربه وأناب إليه فتاب الله عليه وأمر الحوت أن تلقى به إلى الشاطىء وبقية قصته عليه السلام معروفة . * وقوله سبحانه وتعالى (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً ) الإسراء 52 ومعنى لبثتم هنا هو متم أى مكثتم فى قبوركم ميتين حتى لحظة البعث.
* وقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) الروم 56 وكلمة لبثتم هنا معناها متم وقبرتم فى الأرض حتى بعثكم الله تعالى والآيات فى هذا المعنى كثيرة جداً
(3) لبث بمعنى نام :
يقول تعالى عن أهل الكهف الذين ناموا فى كهفهم عدة قرون :
(وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا )الكهف 19
وكلمة لبثتم هنا معناها نمتم حتى لو كان نومهم يشبه الموت ولكن الله كان يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ويجعل الشمس تزاور عن كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال .
جزء ثانى : ســـــــ24ـــــــاعة موت :
أولاً أحاسيس الأموات الذين بعثوا من موتهم فى حياتهم الدنيا وماذا قالوا : (1) يحكى القرآن العظيم عن أهل الكهف وكلنا يعرف حكايتهم فهم مجموعة من الشباب كانوا يعبدون الله تعالى وحده بلا شريك ورفضوا وثنية قومهم وشركهم بربهم فلما شعر بهم الناس وشعر بهم ملوكهم بدءوا فى البحث عنهم لمحاكمتهم على جريمة عبادة الله وحده , فما كان منهم سوى أن فروا بجلدهم من بطش المجرمين وحقد الكافرين وأووا إلى كهف فى أحد الجبال وعندما ناموا من شدة التعب والشقاء الرهيب والخوف المميت رحمهم ربهم سبحانه فضرب على آذانهم فى الكهف ثلاثمائة وتسعاً من السنين ثم بعثهم ليريهم آياته فيهم فقاموا من نومهم الطويل ( موت مؤقت) سائلين كم لبثم فقال أحدهم : لبثنا ( نمنا ) يوماً أو بعض يوم فرد آخر : ربكم أعلم بما لبثتم .
وما يعنينا فى إستنباطنا هنا هو التقدير البشرى الإنسانى للموت لحظة الخروج منه وهو ( يوم أو بعض يوم) مما يؤكد أنهم لم يشعروا بأكثر من ثلاثة قرون مضت عليهم وهم نيام أو أموات , ولأن اليوم منذ بدأ الخليقة هو 24 ساعة فإن القرون الثلاثة مرت على أهل الكهف كأنها 24 ساعة أو أقل وهذا هو ما يهمنا .
وقد يسأل سائل : ولكن أهل الكهف كانوا نائمين ولم يكونوا ميتين فنرد عليه بأن النوم موت مؤقت وقد أثبت الله تعالى ذلك فى قرآنه العظيم حين قال جل شأنه ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها ) ويفهم من هذا أن النوم موت مؤقت , كما أن الله تعالى حين أيقظ أهل الكهف سمى ذلك الإيقاظ ( بعثاً ) لقوله تعالى ( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم ) .
(2) يحكى القرآن العظيم عن رجل كان يمتطى حماراً ويذهب لبعض غرضه وفى طريقه مر على قرية مدمرة وبيوتها مهدمة على من فيها وقد بدا له من هذه القرية بعض جثث الموتى وجثث الكائنات التى كانوا يستأنسوها فى حياتهم ورأى العظام النخرة فتعجب قائلاً ( أنى يحيى هذه الله بعد موتها ) .. وهو سؤال عابر قد يسأله أحدنا إذا مر على جثث وعظام بعض الموتى فى أى مكان ولكن الفرق شاسع بين من يسأل هذا السؤال وهو متأكد من قدرة الله تعالى على إحياء الموتى فى أى وقت , وبين من يسأل نفس السؤال وهو متشكك ومذبذب ولم يصل بعد إلى مرتبة اليقين , ويبدو أن صاحب القصة كان من النوع الأخير فجاءته آية ربه على الفور بالموت الفجائى ( فأماته الله مائة عام ) ولأن الله تعالى يعلم الخير وطهر القلب وحسن السريرة فى هذا العبد فقد أراد له الخير ووضعه الله فى إختبار رهيب فبعثه بعد موته ( ثم بعثه قال كم لبثت ) ؟ فرد العبد الطيب ( لبثت يوماً أو بعض يوم ) فقال له مولاه تعالى ( بل لبثت مائة عام ) ثم أثبت له بالبرهان الربانى العملى وأراه طعامه وشرابه الذى ظل على حاله مائة سنة ( لم يتسنه ) بتدبير رب العزة ثم أراه حماره الذى مات وتحلل ثم أراه كيف يحيى الموتى ورأى عظام الحمار تتكون أمام عينيه ثم تكسى لحماً ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً ) واللحم هو العضلات وألأعصاب وألأوعية الدموية وخلافه , فلما تبينت الحقيقة جلية أمام الرجل قال ( أعلم أن الله على كل شىء قدير ) , والقصة كلها رائعة كما كانت قصة أهل الكهف رائعة وكلها منابع لتقوية إيمان المؤمنين والربط على قلوبهم , ولكن يهمنا هنا أن المائة سنة التى مرت على الرجل وهو ميت قد عبر عنها بحسه البشرى الإنسانى بعد بعثه بأنها ( يوم أو بعض يوم ) أى 24 ساعة أو اقل.
ثانياً : تمر القرون على الإنسان وهو ميت ثم يشعر بها عند البعث يوم القيامة كأنها يوم أو بعض يوم :
والآيات القرآنية فى ذلك كثيرة جداً تؤكد أن الإحساس البشرى بالزمن ينقطع بمجرد الموت ( بالنسبة للميت نفسه ) يستوى فى ذلك كل الناس ما عدا من استثناهم ربهم من هذه الرحمة والنعمة وهم فرعون وملؤه وقوم نوح وسوف نحاول التوضيح :
(1) عندما يبعث الله سبحانه وتعالى الخلائق يوم القيامة يسألهم ( كم لبثتم فى الأرض عدد سنين ) فيكون الرد الطبيعى التقليدى والذى علمه لنا القرآن الكريم هو قولهم : ( لبثنا يوماً أو بعض يوم ) .. ولكن المؤكد أن أولى العلم يعلمون أن كل من مات لبث فى الأرض إلى يوم البعث ولكنه فقد الشعور بعامل الزمن ( البعد الزمنى ) فيقول الله تعالى :
( وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون ) الروم 56 ,
ويحكى ربنا جل شأنه عن بعض المجرمين بعد بعثهم وقد سأل بعضهم بعضاً عن الفترة التى لبثوها ميتين فيقول تعالى : (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا *يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا )طه 102- 104
ومن هنا نفهم أن أقصى تقدير بشرى لمرحلة الموت هو عشرة أيام وأدنى تقدير بشرى إنسانى للفترة البرزخية هو يوم واحد أى 24 ساعة أو أقل لقولهم المتكرر ( أو بعض يوم ) والبعض أقل من الكل فيكون التقدير البشرى الإنسانى ( طبعاً لمن مات وبعث ) لفترة الموت البرزخى – وهى الفترة المحصورة بين لحظة الموت ولحظة البعث – هو يوم أو بعض يوم أو بتعبير حسابى 24 ساعة فأقل .
وهناك آية كريمة تقول ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) وهذا تقدير بشرى إنسانى آخر يؤكد أن بعض البشر من المجرمين حين يبعثوا سيقسمون ( لتأكيد وجهة نظرهم ) أنهم ما لبثوا ( ماتوا ) غير ساعة واحدة رغم مرور الزمن عليهم والذى قد يتخطى مئات الألوف من السنين .
والتقدير البشرى بالحس الإنسانى للفترة البرزخية يتكرر فى آية أخرى يؤكد البشر فيها أنهم ما لبثوا غير ساعة وذلك فى سورة يونس 54 (ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ) وأرى أن هذه الآية الكريمة تتحدث عن فترة حياة الإنسان على الأرض وأن الإنسان بعد البعث يشعر أن حياته الدنيا – مهما طالت – كانت كأنها ساعة من النهار يتعارف فيها على الناس أى أن هذه الآية الكريمة تتحدث عن مكوث الإنسان حياً على الأرض ولا تتحدث عن مكوثه ميتاً فى قبره .
(2) يستثنى القرآن العظيم بالإسم من هذه الرحمة والنعمة وهى نعمة عدم الإحساس بالبعد الزمنى أثناء الموت يستثنى المولى عز وجل قوم نوح وفرعون وملأه فيقول تعالى :
* عن قوم نوح : ( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً ) ويفهم منها فقدانهم للشعور بأى عامل زمنى يفصل بين لحظة غرقهم ولحظة إلقائهم فى جهنم ( يعنى أقل من فمتو ثانية ) وذلك بما كفروا وعصوا وأجرموا وحاربوا رسل الله تعالى وكتبه , وقوم نوح قصتهم معروفة فقد لبث فيهم نبى الله ورسوله نوح عليه السلام قرابة ألف عام يدعوهم لعبادة الله الأحد فسخروا منه وحاربوه وهددوه بالقتل والطرد , ومن العجب أنه عاصر عدة أجيال كانوا يولدون ثم يكبرون فيتوسم فيهم الخير ثم يفاجأ بكفرهم وتشبههم بآبائهم المجرمين دون أى اختلاف يذكر حتى اضطر النبى أن يدعو ربه ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً ) فاستجاب له ربه وأمره بصناعة الفلك بوحى الله وعلمه سبحانه فكان قومه يسخرون منه وهو يصنع الفلك فوق الرمال ولا يوجد ماء يسبح فيه فيقول لهم نوح ( إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ) ..ثم جاء أمر الله تعالى وفار التنور وأغرقهم الله بظلمهم ونجى نوحاً ومن معه من المؤمنين قليلى العدد ( وما آمن معه إلا قليل ) .. ثم ألقاهم الله فى جهنم حيث أفقدهم عامل الإحساس بالزمن الفاصل بين لحظة غرقهم ولحظة دخولهم جهنم .
* وعن فرعون وملئه يقول تعالى ( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) , وقصة فرعون الملعون معروفة فقد جعل من نفسه إلهاً يعبد وقتل من يرفض ذلك وقسم الناس إلى شيع يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحيى نساءهم إنه كان من المفسدين وقد طغى وتجبر وتكبر وعلا فى الارض ظلماً وجوراً ونشر فيها الفساد , ولقد ارسل الله له رسولين هما موسى وهارون عليهما السلام فسخر منهما وتكبر عليهما فأرسل الله عليه الكثير من العبر والآيات ( مثل الجراد و القمّل والضفادع والدم والطوفان ) عله يتعظ هو وقومه ويثوبون إلى رشدهم ويتبعوا الرسل ولكن هيهات فقد حقت عليه كلمة العذاب فأغرقه الله وقومه كما أغرق كفار قوم نوح ( نفس العقوبة ونفس طريقة الموت وهى الغرق ) ولكن الله تعالى قرر له ولملئه الكافرين عذاباً نفسياً رهيباً مخصصاً لهم وهو أنهم يرون موقعهم فى جهنم صباحاً ومساءاً اثناء وجود الحياة الدنيا وأما فى الآخرة فلهم شأن آخر والعياذ بالله تعلى منهم ومن كفرهم .
نجد فى قوم نوح أن الله تعالى أفقدهم عامل الزمن الفاصل بين الموت والعذاب بشكل قطعى نهائى ( أغرقوا فأدخلوا نارً )
أما فى حالة فرعون وملئه فإن عذابهم النفسى يطول ويطول ( يعرضون عليها غدواً وعشياً ) ويمتد أثناء الحياة الدنيا بطولها ثم يوم القيامة مصيرهم جهنم وبئس المصير بما كفروا بالله وملؤوا الأرض ظلماً وجوراً وكفراً وعصياناً وطغياناً .
وقد يسأل سائل : ألم يأت بعد قوم نوح وبعد فرعون وملئه ظلمة مثلهم ومجرمون يستحقون نفس العذاب لأنهم ظلموا وبطشوا وتجبروا وملؤوا الأرض طغياناً وفساداً ؟
أقول نعم جاء ظلمة ومجرمون عذبوا الخلائق ونهبوهم وظلموهم وأجرموا فى حقهم ولكن شخصاً واحداً فى التاريخ نازع الله تعالى فى الألوهية فقال لقومه أنا ربكم الأعلى وقال لهم ما علمت لكم من إله غيرى ,,,,لم يفعل تلك الجريمة البشعة فى حق مالك الملك سوى الفرعون الملعون ..فاستحق هذا النوع المخصص من العذاب أعاذنا الله منه . (3) ثم يستثنى القرآن العظيم صنفاً عظيماً من البشر وهم الذين ضحوا بأنفسهم فى سبيل الله تعالى من أجل إعلاء كلمة الله والدفاع عن دينه ضد المعتدين الآثمين فكان مصيرهم القتل فى سبيل هذا الغرض النبيل ولذلك فإنهم لا يموتون بل يخلدون ولا يذوقون طعم الموت وينتقلون لجنة الخلد بمجرد موتهم فلا يذوقون موتاً ولا يشعرون بفترة برزخية يقول تعالى عنهم ( ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله )
وأخيراً ومن خلال آيات القرآن الكريم نفهم أن الفترة البرزخية – وهى الفترة الزمنية المحصورة بين لحظة الموت ولحظة البعث- تمر على الإنسان كأنها 24 ساعة أو أقل وذلك بحسه البشرى الإنسانى وباعترافه شخصياً بعد بعثه , يستوى فى ذلك الذين أحياهم الله من موتهم فى الدنيا ( أهل الكهف والذى مر على القرية الخاوية ) والذين يبعثهم الله تعالى يوم القيامة بعد فترة موت قد تصل لآلاف القرون , وليس هذه وحسب بل يستوى فى هذا الإحساس الإنسان الصالح والإنسان الطالح وقد رأينا كيف يقسم المجرمون – وهم أحق الناس بالعذاب – أنهم بعد بعثهم ما لبثوا ميتين فى قبورهم أكثر من ساعة ...والله تعالى من وراء القصد . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: البرزخ هو عالم القبور, عالم الفناء, عالى الوحشة, عالم الدود, عالم الأفاعي والعقارب لمن؟ لمن طغى و آثر الحياة الدنيا ولم ينهى النفس عن الهوى, ولمن غاص في شهوات الدنيا وملذاتها وتاه عن أبواب المساجد, وعن الطرق الموصلة الى بيته الحرام وهو قادر على بلوغه, لمن لا يؤدي زكاة ماله وقد بلغ النصاب, لمن قطّع أرحامه وعقّ والديه, لمن شرب الخمر وأكل الربا ونبت جسده من سحت (حرام), لمن أكل حقوق الناس ظلما وعدوانا, لمن بخل واستغنى تعامل بالخمور على أي وجه كان وزنا وأكل ومات دون توبة, لمن اكل حق اليتيم أو لم يحنو ليه وهو قادر, لمن أمر بالمنكر ونهى عن المعروف, لمن سهى عن صلاته ولم يستبرىء من بوله, لمن تاه عن طريق الفقراء والمساكين, لمن هجر الجمعة والجماعات دون عذر مقبول, لمن سمع حيّ على الصلاة..حيّ على الفلاح ولم يجب دون عذر, لمن استهوته الشياطين فلم ينته عن منكر فعله, لمن أغراه طول الأمل وحسب نفسه أنه خالدا في هذه الدنيا الفانية, لمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره, لمن لم يؤمن بعذاب القبر, لمن لم يؤمن بالآخرة من بعث وحساب وجزاء: جنة أو نار, لمن لم يتورع عن ارتكاب الكبائر ومات دون توبة. نعم هي ليلة واحدة يقضيها في هذه الحفرة المظلمة كسواد الليل البهيم انتظارا لنفخة البعث كي يقوم الناس لرب العالمين في أرض المحشر.تمهيدا للحساب الذي يعقبه واحد ما اثنين: اما جنة واما نار, ولا ثالث لهما. اذن البرزخ هو دار الاقامة المؤقتة أو المحطة التالية للكافر والعاصي والظالم |
Quote: تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ويل لأهل المعاصي من أهل القبور, تدخل عليهم في قبورهم حيات سود, أو دهم, حية عند رأسه, وحية عند رجليه, يقرصانه حتى يلتقيا في وسطه, فذلك العذاب في البرزخ الذي قال عنه تعالى: ومن وراءهم برزخ الى يوم يبعثون. |
http://www.quran.snble.com/articles.php?cat=52&id=848
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: إذا لم يدفن الميت فأكلته السباع أو ذرته الرياح فهل يعذب عذاب القبر؟
الجواب: نعم ويكون العذاب على الروح، لأن الجسد قد زال وتلف وفني، وإن كان هذا أمراً غيبياً لا أستطيع أن أجزم بأن البدن لا يناله من هذا العذاب ولو كان قد فني واحترق، لأن الأمر الأخروي لا يستطيع الإنسان أن يقيسه على المشاهد في الدنيا . |
الاخ اشرف
اذا بزوال الجسد وتلفه فاين يكون عذاب القبر ؟
هل الروح تقبض في القبر ام تكون عند الله ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: محمد حسن العمدة)
|
الأخ ود العمدة تحياتي مرة أخري
Quote: هل الروح تقبض في القبر ام تكون عند الله ؟؟ |
الرد السابق إقتبسته من النت الروح طبيعى تكون في البرزخ وذلك بعد سؤال الملكين ومغادرتها القبر وطبعآ عذابها ونعيمها يعتمد علي حسب العمل أما حديثك عن العذاب داخل القبر فأعتقد طالما الجسد موجود ولو جزء يسير منه يشعر بالعذاب أما إذا تلاشي تماما تبقي منه العظمة الصغيرة التي يعود بها الإنسان يوم القيامة والتي لا تتلاشي أبدآ هذا والله تعالي أعلم في بعض ما أوردت هنا يوجد قول بأن العذاب لا يستمر إلي يوم القيامة لكن لست متأكد من ذلك القول
أنا ذاهب الآن لكن سأعود في الغد (بإذن الله) لإلقاء مزيد من الضوء علي هذا الموضوع بالرغم من أنني أعتقد أن الرد موجود في إحدي الإقتباسات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
دي بعض المحاولات يا ود العمدة رأيك شنو؟؟؟
Quote: هل يعذَّب في قبره من تكون حسناته أكثر من سيئاته في الميزان ؟
السؤال : أفهم ، وأدرك ، أن المسلم يمكن أن يُعذَّب في القبر ، لكن الذي أريد أن أعرفه هو التالي : نعلم أن الإنسان المسلم سوف توزن أعماله يوم القيامة ، فإن رجحت الحسنات على السيئات : فإن الله عز وجل سيغفر لهذا المسلم ، أو المسلمة ، ويدخله الجنة ، سؤالي هو : عندما يكون نفس هذا الإنسان المسلم في القبر , فهل سيعذَّب في قبره على الرغم من أن الله عز وجل سيغفر له يوم القيامة ؟ وهل سنُعذب في الآخرة على الرغم من أننا سندخل الجنة ؟ .
الجواب : الحمد لله أولاً : ثبت عذاب القبر ونعيمه عند أهل السنَّة والجماعة ، كما جاء ذلك دلت في الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، وعليه أجمع سلف الأمة . وبيان ذلك في جواب السؤال رقم : (34648) . وتجد في جواب السؤال رقم : (47055) أن الأصل في عذاب القبر ونعيمه أنه على الروح ، وقد تتصل الروح بالبدن فيصيبه شيء من العذاب أو النعيم . وفي جواب السؤالين (7862) و (21212) بيان أن عذاب القبر منه ما يستمر إلى قيام الساعة ، ومنه ما ينقطع . ثانياً : ينبغي أن يُعْلم أن كثرة الحسنات على السيئات ليست بمنجية صاحبَها من عذاب القبر بذاتها ؛ لأن الوعيد المترتب على العذاب في البرزخ ، ليس هو الوعيد المترتب على العذاب في نار جهنم ، وقد يأتي المسلم بسبب واحد من أسباب العذاب في قبره ، فيعذَّب عليها ، وله أمثال الجبال من الحسنات . والميزان الذي توزن به أعمال الناس فيشقى بعده طوائف خفت موازينهم ، ويسعد آخرون ثقلت موزاينهم : إنما يكون في آخر المطاف ، بعد أن يقطع الناس أشواطاً في مراحل الدار الآخرة . قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله - : والذي تدل عليه الآي ، والأخبار : أن من ثقل ميزانه : فقد نجا وسلِم ، وبالجنة أيقن ، وعلِم أنه لا يدخل النار بعد ذلك ، والله أعلم . " التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة " ( ص 272 ) . والمسلم الذي نفترض كثرة حسناته لو وضعت في الميزان بعد موته مباشرة : لا ينجو من عذاب القبر، إن شاء الله تعذيبه على بعض سيئاته تلك ، وليتأمل الأخ السائل المسائل التالية فهي تحل الإشكال الوارد في ذهنه : 1. من كثرت حسناته على سيئاته وأجاب الملَكين في القبر عن أسئلتهم : لا يعني بالضرورة أنه ينجو من عذاب القبر إذا جاء بما يستحق عليه العذاب من سيئاته تلك ، وشاء الله أن يعذبه عليها في قبره . 2. من كثرت حسناته على سيئاته ليس بالضرورة إذا رأى مقعده من الجنة في قبره ، أنه لن يعذَّب على ما شاء الله من ذنوبه ، وللعلماء في هذا قولان : الأول : أن من ارتكب سيئات وشاء الله تعذيبه في القبر ، وهو في الآخرة من أهل الجنة : أنه يرى مقعده من الجنة باعتبار مآله . والثاني : أنه يرى مقعده من النار باعتبار حاله . وينظر جواب رقم : (121628) فهو مهم . وعليه : فإن زيادة حسنات العبد على سيئاته ، ليس بمانع من أن يعذب في قبره على بعض ذنوبه التي ورد الوعيد لفاعلها بالعذاب في قبره . مثل عقوبة المرابي وأنه يسبح في نهر دم ، وعقوبة الزناة والزانيات ، والعقوبة على النميمة ، والغلول من الغنائم ، والكذب ، وعدم الاستبراء من البول ، وغير ذلك مما جاءت النصوص واضحة في التنصيص على معاصٍ بعينها . وانظر تفصيل ذلك في جوابي السؤالين (46068) و (45325) . ثالثاً : ومن حكمة الله تعالى أنه لم يجعل الميزان أول موت العبد ؛ ويبدو لنا بعض الحكَم من ذلك نرجو أن تكون موافقة للصواب : 1. أنه يُخفف حِمل السيئات على العاصي بما يصيبه من عذاب القبر ؛ تخفيفاً عنه من عذاب جهنم ، ولا شك أن ما يصيب العاصي من عذاب القبر أهون عليه مما يصيبه من نار جهنم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الآلام التي هي عذاب : فإن ذلك يُكفِّر الله به خطاياه ، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا حزَن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله به من خطاياه ) . " مجموع الفتاوى " ( 24 / 375 ) . قال رحمه الله : السبب الثامن : ما يحصل في القبر ، من الفتنة ، والضغطة ، والروعة ، فإن هذا مما يكفّر به الخطايا . " مجموع الفتاوى " ( 7 / 500 ) . وانظر جواب السؤال رقم : (7861) . 2. أنه ليس كل مَن جاء بحسنات تبقى معه حتى يدخل بها الجنة ، ولا من جاء بسيئات تبقى معه حتى يدخل بسببها النار ، فثمة ما يُسمَّى " المقاصة " ، وهو أخذ أصحاب الحقوق من حسنات من ظلمهم ، أو إلقاء سيئاتهم عليه ، كما في حديث " المفلس " الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ، وهذا إنما يكون قبل الميزان . قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله - : و أما المخلِّطون : فحسناتهم توضع في الكفة النيرة ، وسيئاتهم في الكفة المظلمة ، فيكون لكبائرهم ثقل ؛ فإن كانت الحسنات أثقل ، ولو بصؤابة – وهي بيضة القَمْل - : دخل الجنة ، وإن كانت السيئات أثقل ، ولو بصؤابة : دخل النار ، إلا أن يغفر الله ، وإن تساويا : كان من أصحاب الأعراف ، هذا إن كانت الكبائر فيما بينه وبين الله ، وأما إن كانت عليه تبعات ، وكانت له حسنات كثيرة : فإنه ينقص من ثواب حسناته بقدر جزاء السيئات ؛ لكثرة ما عليه من التبعات ، فيحمل عليه مِن أوزار مَن ظلمه ، ثم يعذب على الجميع ، هذا ما تقتضيه الأخبار . " التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة " ( ص 269 ، 270 ) . 3. أنه لم تنقطع الحسنات ، ولا السيئات بالموت ، بل ثمة " حسنات جارية " ، و " سيئات جارية " ، فالأول : كمن تصدَّق بصدقة جارية ، أو علَّم علماً نافعاً ، أو دلَّ غيره على عمل صالحٍ ، أو كان له ذرية يعملون بعد موته بطاعات ، وكل ذلك مما يجعل للميت مجالاً لزيادة الحسنات ، وأما الثاني : فهو لمن دلَّ غيره على عمل فاسد ، أو ابتدع بدعة ، وغير ذلك مما تجري سيئات أعمالهم على فاعلها ، وعلى الميت ، الذي كان سبباً في فعل تلك السيئات والبدع . وبه يُعلم أنه ليس بالموت يقف " عدَّاد " الحسنات ، والسيئات ، ولذا نرى عظيم الحكمة في عدم اعتبار الميزان أول موت المسلم ، بل لا يكون ذلك إلا في آخر المطاف ، وبعدها يكون دخول الجنة ، أو النار ، وعندها يمكن للمسلم أن يفهم معنى قوله تعالى ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف/ 8 ، وقوله ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ . فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) القارعة/ 6 ، 7 . والله أعلم |
Quote: السؤال
وقعت على كلام للشيخ العلامه ابن عثيمين عليه رحمة الله تعالى، قال في كتاب فتاوى العقيدة صفحة 469 رقم السؤال 251 يقول عليه رحمة الله: وأما إن كان عاصيا وهو مؤمن فإنه إذا عذب في قبره يعذب بقدر ذنوبه وربما يكون عذاب ذنوبه أقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة وحينئذ يكون منقطعا. انتهى كلامه.. يقصد الشيخ أنه يوجد عذاب منقطع في القبر، والسؤال هو: أين الدليل على انقطاع العذاب في القبر، وجزاكم الله خيراً وأسأل الله أن يوفقكم في الرد لأن الموضوع مهم جداً؟ الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا لم نقف على نص في المسألة، ولكنها قد ذكرها الأئمة القدامى فقد ذكرها ابن أبي العز في شرح الطحاوية، وذكرها ابن القيم في الروح، ولا نعلم مخالفاً في هذا، وما ذكروه يدل له أن الذنوب تتفاوت عقوبتها، فمقتضى العدل الرباني يقضي بأن من وقعت منه معاص قليلة يعاقب بقدر جرمه، وقد يتكرم الله عليه فيرحمه بسبب دعوة صالحة من الأحياء أو صدقة أو استغفار، أو ثواب حج، أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم.
ففي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز: وهل يدوم عذاب القبر أو ينقطع؟ جوابه أنه نوعان: منه ما هو دائم، كما قال الله تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. وكذلك في حديث ابن عازب في قصة الكافر... ثم يفتح له باب إلى النار فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة. رواه أحمد.
والنوع الثاني: يستمر مدة ثم ينقطع، وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم، فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه. انتهى.
وقد تكلم ابن القيم في الروح على مسألة انقطاع عذاب القبر عن بعض العصاة، واستأنس لها ببعض الوقائع فقال: المسألة الرابعة عشرة: وهي قوله: هل عذاب القبر دائم أو منقطع؟ جوابها: أنه نوعان (نوع دائم) سوى ما ورد في بعض الأحاديث أنه يخفف عنهم ما بين النفختين، فإذا قاموا من قبورهم، قالوا: يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا. ويدل على دوامه قوله تعالى: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا. ويدل عليه أيضاً ما تقدم في حديث سمرة الذي رواه البخاري في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: فهو يفعل به ذلك إلى يوم القيامة، وفي حديث ابن عباس في قصة الجريدتين لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا، فجعل التخفيف مقيداً برطوبتهما فقط، وفي حديث الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة: ثم أتي على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت لا يفتر عنهم من ذلك شيء، وقد تقدم. وفي الصحيح في قصة الذي لبس بردين وجعل يمشي يتبختر فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
وفي حديث البراء بن عازب في قصة الكافر ثم يفتح له باب إلى النار فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة. رواه الإمام أحمد وفي بعض طرقه: ثم يخرق له خرقاً إلى النار فيأتيه من غمها ودخانها إلى يوم القيامة.
(النوع الثاني) إلى مدة ثم ينقطع، وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم فيعذب بحسب جرمه، ثم يخفف عنه كما يعذب في النار مدة ثم يزول عنه العذاب، وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء، أو صدقة، أو استغفار، أو ثواب حج، أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم، وهذا كما يشفع الشافع في المعذب في الدنيا فيخلص من العذاب بشفاعته، لكن هذه شفاعة قد لا تكون بإذن المشفوع عنده، والله سبحانه وتعالى لا يتقدم أحد بالشفاعة بين يديه إلا من بعد إذنه فهو الذي يأذن للشافع أن يشفع إذا أراد أن يرحم المشفوع له، ولا تغتر بغير هذا فإنه شرك وباطل يتعالى الله عنه من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه- ولا يشفعون إلا لمن ارتضى- ما من شفيع إلا من بعد إذنه- ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له- قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السماوات والأرض.
(وقد ذكر) ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن موسى الصائغ، حدثنا عبد الله بن نافع، قال: مات رجل من أهل المدينة فرآه رجل كأنه من أهل النار فاغتم لذلك، ثم أنه بعد ساعة أو ثانية رآه كأنه من أهل الجنة، فقال: ألم تكن قلت: إنك من أهل النار، قال: قد كان ذلك، إلا أنه دفن معنا رجل من الصالحين فشفع في أربعين من جيرانه فكنت أنا منهم.
قال ابن أبي الدنيا: وحدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثني بعض أصحابنا قال: مات أخي فرأيته في النوم فقلت: ما كان حالك حين وضعت في قبرك؟ قال: أتاني آت بشهاب من نار، فلولا أن داعيا دعا لي لرأيت أنه سيضربني به. وقال عمر بن جرير: إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه بها ملك إلى قبره فقال: يا صاحب القبر الغريب هدية من أخ عليك شفيق.
وقال بشار بن غالب: رأيت رابعة في منامي وكنت كثير الدعاء لها، فقالت لي: يا بشار بن غالب هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمرة بمناديل الحرير، قلت: كيف ذلك؟ قالت: هكذا دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا للموتى استجيب لهم، وجعل ذلك الدعاء على أطباق النور وخمر بمناديل الحرير ثم أتي بها الذي دعي له من الموتى فقيل: هذه هدية فلان إليك.
قال ابن أبي الدنيا: وحدثني أبو عبيد بن بحير قال: حدثني بعض أصحابنا قال: رأيت أخا لي في النوم بعد موته فقلت: أيصل إليكم دعاء الأحياء، قال: أي والله يترفرف مثل النور ثم يلبسه. انتهى.
والله أعلم |
Quote: السؤال هل عذاب القبر لاينقطع ويستمر ألي يوم القيامه ؟ الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن النعيم لأهل القبور دائم لا ينقطع، وأما العذاب: فإما أن يكون دائماً -أيضاً- وهو عذاب الكفار وبعض العصاة، وإما أن يكون منقطعاً، وهو لبعض العصاة ممن خفت جرائمه. وانقطاعه: إما بسبب كصدقة أو دعاء، أو بلا سبب، أي بمجرد عفو الله تعالى الكريم، ففي شرح العقيدة الطحاوية: (وهل يدوم عذاب القبر أو ينقطع؟ جوابه أنه نوعان: منه ما هو دائم، كما قال تعالى: ( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) [غافر:46] وكذلك في حديث ابن عازب في قصة الكافر... ثم يفتح له باب إلى النار فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة. رواه أحمد . والنوع الثاني: يستمر مدة ثم ينقطع، وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم، فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه. ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: (أما إذا كان الإنسان كافراً -والعياذ بالله- فإنه لا طريق إلى وصول النعيم إليه أبداً، ويكون عذابه مستمراً، وأما إن كان عامياً وهو مؤمن، فإنه إذا عذب في قبره يعذب بقدر ذنوبه، وربما يكون عذاب ذنوبه أقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة، وحينئذ يكون منقطعاً) ا.هـ الشرح الممتع: 3/253 والله تعالى أعلى وأعلم |
Quote: السؤال : هل عذاب القبر مستمر إلى يوم القيامة ؟ الجواب : [ الله أعلم ، الله أعلم ، قد يستمر ، وقد لا يستمر ، أما من كان مؤمنا فإنه يُعذب بقدر ذنوبه ، قد يستغرق الوقت ما بين موته إلى يوم القيامة ، وقد لا يستغرق ، وأما الكافر فالظاهر أنه دائم ]. الشيخ العلامة ابن عثيمين . شرح " كتاب الرقاق " من صحيح البخاري .شريط(7)وجه ب. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
بعدين دي أحسن حاجة لقيتها حتي الآن يا ود العمدة وود البوش
Quote: الموت و الحياة في القرآن الموت حقيقة مُسلم بها ، وذلك لمشاهدته على أرض الواقع يتكرر كل يوم مئات المرات، فما هو الموت؟ لنقرأ: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ }يس33 فموت الأرض هو توقف فاعليتها وإنتاجها، وموت الكائن الحي كذلك توقف فاعليته وإنتاجه. &l text-kashida: 0%"> فتكون الحياة هي فاعلية وإنتاج. والموت نوعين بالنسبة للإنسان: أحدهما الموت المعنوي: وهو توقف فاعلية الإنسان وإنتاجه في الحياة ، وهذا هو الموت النفسي مع استمرار حياة الجسم. الآخر الموت الجسمي: وهو توقف صلاحية الجسم وتعطل وظائفه الفيزيولوجية. وهو على نوعين: أ- موت كامل يترتب عليه خروج النفس منه، ويتحلل إلى عناصره الأولى في الأرض . ب- موت نسبي يترتب عليه تقليص حركة الجسم حسب إصابته مع استمرار حياة النفس فيه. إذاً؛ الإنسان يستطيع أن يكون فاعلاً منتجاً من خلال صحة نفسه مهما كان الجسم ضعيفاً، ومن هذا الوجه قال الشاعر: انهض بنفسك واستكمل فضائلها........فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان رغم أن الجسم بمثابة فرس للنفس التي هي بمثابة الفارس له، وقد قيل: إن الفرس من الفارس، ويصلان معاً إلى نهاية المشوار، وهذا يقتضي منّا أن نحافظ على سلامة الجسم ما استطعنا لنطيل أعمارنا ونوسع احتمالية نشاط النفس وحركتها الواعية. مع العلم أن العجز إنما هو عجز النفس؛ لا عجز الجسم، والموت هو موت النفس لا موت الجسم، قال الشاعر: ليس من مات فاستراح بميت .......إنما الميت ميت الأحياء والموت هو انتهاء مرحلة، والدخول بحالة انتظار لحياة أخرى، لنقرأ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35، وكلمة ذوق: تدل على تناول بعض الشيء لاختباره، فهي حالة مؤقتة وليست دائمة. والمرحلة الأولى من الحياة هي دار الزراعة والحرث وإنشاء الرصيد لاستخدامه في الحياة الأخرى، لنقرأ: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ $ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }الزلزلة 7- 8 فالإنسان في المرحلة الأولى يُقرر مصيره في الحياة الآخرة، إذاً؛ الموت حق على الجميع، وهو أشبه بالخروج من قاعة الامتحان، فناس انتهوا باكراً فخرجوا ينتظرون الآخرين، حتى إذا انتهى الجميع وصاروا خارج قاعة الامتحان؛ بدأ وقت ظهور النتائج، ويشبه الأمر أيضاً مجموعة من الناس يريدون السفر في سفينة على دفعات إلى الشاطئ الآخر، فمنهم مَن ركب السفينة ، ومنهم مَن ينتظر دوره، فالمنتظرون يعلمون يقيناً أن السفينة سوف تعود لتنقلهم ويجتمعون مع أهلهم وأحبابهم وأصحابهم مرة ثانية، والمسألة مسألة وقت وصبر، والإنسان العاقل لا يختار حالة السُّبات النفسي ينتظر الموت، لأنه يعلم أن هذه المرحلة هي ابتلاء بالخير والشر، فيسارع لعمل الخيرات ويترك أثره في الآخرين خيراً. {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2 فلا خوف من الموت، ولا داعي لأن تطلبه؛ لأنه قادم وحده. فالإنسان يسير في اتجاه الموت منذ ولادته، وكلما كَبُر يوماً اقترب أكثر من الموت، والإنسان الواعي لهذا الأمر يصير الموت دافعاً ومحفزاً للفاعلية في الحياة يُسابق الزمن لعلمه بدنو أجله كفرد، واستمرار بني جنسه من بعده، لأن عمر الفرد أقصر من عمر المجتمع، والإنسان كائن اجتماعي، وبالتالي لن يضيع عمله وسوف يحتضنه المجتمع ويستفيد منه، ومن هذا الوجه قيل : اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً( كمجتمع)، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ( كفرد). ويتغلب على المصاعب ويصبر على الشدائد لعلمه بعدم ديمومة شيء، وصدق مَن قال: ديمومة الحال من المُحال. فهو يتقلب بين مقام الشكر ومقام الصبر، وكلاهما ابتلاء له، وهذا الأمر هو فلسفة الحياة في مرحلتها الأولى. وموت الإنسان هو خروج نفسه من جسمه لإصابة الجسم بضرر قاتل، أو لانتهاء صلاحيته بعامل الزمن، وانتهاء عمره الافتراضي، ويكون ذلك بوفاة النفس {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا }الزمر42، وتوضع النفس في القبر الذي هو مكان تجمع النفوس في عالم البرزخ {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ} الحج7، وهذه النفوس المقبورة تنقطع صلتها بالحياة الأولى، {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ}فاطر22، {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }الأنعام36. والإنسان عندما يموت يصير له جنازتين: الأولى لجسده ويحمله الناس إلى المدفَنة، والثانية لنفسه وتحملها الملائكة الموكلة بها إلى المقبرة البرزخية. فالأجساد تُدفن في التربة غالباً وتتحلل إلى عناصر الأرض، وتُسمى التربة مكان الدفن مَدفنة أو مقبرة، وليس كل جسد يُدفن في الأرض ، وليس كل جسد له قبراً، لاحتمال غرق الجسد أو حرقه، بينما كل نفس تُقبر ضرورة في مقبرة البرزخ، وهذا يوصلنا إلى عذاب القبر!. عذاب القبر يتعلق بالنفس لا بالجسد، وبالتالي محله القبر البرزخي لا القبر الترابي، وبالتالي فكل ما قيل عن عذاب القبر الترابي المتعلق بالجسد هو خرافة ووهم وكذب. لنقرأ: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }الأنفال50 {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46 {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ $ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً }الفجر27- 28 وعند وفاة النفس للإنسان يمر عليه شريط حياته بمختلف أحداثه، وتثبت هذه الحالة، إن كانت أحداث سعيدة وصالحة فهو في حالة سرور و رضى، وتستقبله الملائكة بترحيب وحفاوة، وإن كانت شقية وفاسدة فهو في حالة حزن وضنك، وتستقبله الملائكة بضرب وجوههم وأدبارهم و إهانتهم، وإن كانوا من آل فرعون فيضاف عليهم عرضهم على النار غُدُوّاً وَعَشِيّاً، وكل ذلك يحصل في القبر البرزخي لا في القبر الترابي. ولا تشعر النفوس المقبورة في البرزخ بحركة الزمن، فالميت من ألف سنة مثل الميت الآن، لنقرأ: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }الكهف19{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ }البقرة259. ويعترضنا سؤال وهو: هل كل مقتول ميت؟ والجواب لا؛ ليس كل مقتول ميت، انظر قوله: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169، فهؤلاء الناس الذين قُتلوا في سبيل الله كان القتل متعلقاً بهلاك جسمهم فقط من حيث عدم صلاحيته للحياة، ولكن نفوسهم لم يتوفاها الله، وبالتالي لم يموتوا بعد رغم مغادرتهم الحياة الدنيا، وكذلك لم يُقبروا في القبر البرزخي، وإنما هم أحياء عند ربهم في عالم آخر ، ولإثبات حياتهم الواعية ذَكر النص كلمة (يُرزقون) ليدل على العطاء لهم، وعند انتهاء مرحلة الحياة الدنيا لابد أن يموت كل الناس ومنهم الذين قتلوا في سبيل الله مصداقاً لقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35. ومن هذا الوجه أتى النص التالي: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ }آل عمران144، فالنص يُثبت إمكانية وقوع الموت أو القتل على النبي محمد، فموته يقتضي وفاة نفسه، بينما إن قُتل يهلك جسمه مع استمرار حياة نفسه في عالم آخر، ولكن الله عصم نبيه من أن يقتله أحد ، وذلك لأنه رسول نبي قائد صاحب رسالة من أولي العزم غير أنه النبي الخاتم، انظر: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67، ولم يبق إلا إمكانية موته، ووفاة نفسه، إلاّ إن صح خبر محاولة اليهودية قتله بالسم سابقاً، وحُرِّك السم في جسمه عند نهاية مهمته الرسالية، وبذلك لم يمت؛ وإنما قُتل جسماً!وانتقل بنفسه إلى حياة أخرى مع الذين قتلوا في سبيل الله.. لأن ليس كل الأنبياء يبقون أحياء بعد مغادرتهم الدنيا، انظر قوله تعالى على لسان عيسى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }المائدة117، وهذا دليل على أن النبي عيسى عليه السلام لم يُقتل؛ بل توفاه الله، وبعملية التوفي أثبت موته{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا }الزمر42، وهذا يعني أنه ليس حياً الآن مع الذين قتلوا في سبيل الله. بينما النبي يحيي عليه السلام لم يمت بعد رغم قتله انظر: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً $ وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً $ وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً $ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }مريم12- 15، والذي دل على عدم موته جملة ( ويوم يموت) والمتكلم ليس النبي يحيى، وكلمة (يموت) فعل مضارع تدل على الحدث المستقبلي، ورغم أنه لم يمت فهو غير موجود في الحياة الدنيا، بدليل قوله: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ }الأنبياء34، فنفى النص عملية الخلود لأي بشر في الحياة الدنيا، فكل إنسان يعيش ضمن جيله ومجتمعه، وبما أن النبي يحيى لم يمت بعد، ولم يخلد في الحياة الدنيا، نستنتج أن النبي يحيى قُتل، وبالتالي ينطبق عليه قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169، فهو حي الآن في عالم آخر غير متصل بالحياة الدنيا، وسوف يموت آجلاً ويذوق الموت. والقتل في القرآن على ثلاثة أنواع: أ- قتل مادي يتعلق بهلاك الجسم ووفاة النفس، وهذه الصورة هي موت الناس الطبيعيين، وهؤلاء يُدفن جسمهم في التراب، وتُقبر نفوسهم في المقبرة البرزخية. ب- قتل مادي يتعلق بهلاك الجسم، وحياة النفس، وهؤلاء يُدفن جسمهم في المدفنة، وتحيى نفسهم في عالم آخر إلى أن تنتهي الحياة الدنيا فيذوقون الموت ضرورة ويُبعثون مع الناس. ت- قتل معنوي يتعلق بقتل فكر النبيين والعلماء المصلحين سواء في حياتهم أم بعدها، انظر لأفعال المضارع في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }آل عمران21، فهي كلها تدل على استمرار الحدث، وهذا مشاهد على أرض الواقع فما زال جمهرة من الناس إلى الآن يقتلون فكر النبيين، وهم يدَّعون أنهم من أتباعهم، ويصح أن نسميهم قتلة الأنبياء مثل الذين سبقوهم في التاريخ، لأن النبيين تعرضوا للقتل بنوعين: أحدهما قتل مادي أهلك جسمهم دون وفاة نفسهم و بالتالي هم أحياء عند ربهم يُرزقون، والآخر قتل معنوي أصاب دعوتهم سواء في حياتهم أم بعدها. فالنفس أتت من عند الرب، وخاضت تجربة في المرحلة الأولى من الحياة الدنيا وشكلت شخصيتها وأثبتت وجودها المتميز عن غيرها، وسوف ترجع إلى الرب مرة أخرى لتستقر في الحياة الآخرة. {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ $ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً }الفجر27- 28 |
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=6390
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: محمد حسن العمدة)
|
الأخ أشرف:
يس:-
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ
فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ
البقرة 259
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
. .
يونس 45
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ
الإسراء 49-53 :-
وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا
قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا
أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً
وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ابو جهينة)
|
الأخ أشرف مصطفى ..
تحية طيبة..
وبارك الله فيك .. هذه تذكرة طيبة ..
الكل قد يكون مر على هذه الحقائق وهي متفرقات .. ولكن إيرادك لها هنا مجتمعة عمل جميل تثاب عليه بإذن الله والرزق تلاقيط ..
والحمد لله القائل" ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) .. أسأل الله يجعلنا من المؤمنين ..
وأسئلة الأخوة ود البوش وود العمدة مشروعة ومطروقة من قبل .. وسوف أحاول أن أجد تلك الإجابات اليت مررت بها منذ زمن ..
القضية ما بعيدة .. ما هي إلا أن يموت الإنسان فيجد نفسه أمام الحقيقة الملموسة .. وعندئذ يرى ذلك عين اليقين .. الموت كمان بجي غفات ..
نجاني الله وإياكم من عذاب القبر ..
وجعلنا من الذين يأتون آمين يوم البعث ..
آمين ..
جاد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: JAD)
|
هذا البوست تذكرة وعبرة لنا جميعآ
هذا البوست يهم بالضرورة الجميع
ويهم أكثر البعض من زملائنا هنا الناكرين لوجود الله
الذين دومآ ما يسيئون الله والدين والملائكة والأنبياء
صدقوا هذا البوست أو لا تصدقوه
صدقوا عذاب القبر أو لا تصدقوه
لكن تأكدوا أنكم ستكونون يومآ ما بيد الله
ستضربكم الملائكة وتلعنكم وتمنعون من رحمة الله
واصلوا في الإستهزاء حتي يريكم الله قوته وسلطانه
فالإنسان بعد أن يموت لا حولآ به ولا قوة ولا يقوي علي شيئ
والحمد لله الذي خلق الموت والحياة
وللجميع أقول................................
إقرأوا هذا البوست علي أقل من مهلكم وبتمعن تام
ورغم كل شيئ...أرجوا الهداية لي ولكم
وتذكروا أن لا مفر من الله إلا إليه
ونحن جميعآ في أشد الحوجة إليه في هذه الدار والدار الآخرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سأعود لرفد البوست بالجديد والمفيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: هول القبر وفظاعته
روى هانئ مولى عثمان بن عفان قال: كان عثمان - رضي الله عنه - إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتذكر القبر فتبكي؟ فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه]، قال: وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما رأيت منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه] [أخرجه الترمذي].
ولما كان ما بعد القبر أيسر منه لمن نجا فإن العبد المؤمن إذا رأى في قبره ما أعد الله له من نعيم يقول: "رب عجل قيام الساعة، لكي أرجع إلى أهلي ومالي، والعبد الكافر الفاجر إذا رأى ما أعدّ الله له من العذاب الشديد فإنه يقول على الرغم مما هو فيه من عذاب: "رب لا تقم الساعة" لأن الآتي أشد وأفظع.
ظلمة القبر:
ماتت امرأة كانت تَقُمُّ المسجد في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففقدها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخبروه أنها ماتت من الليل، ودفنوها وكرهوا إيقاظه، فطلب من أصحابه أن يدلوه على قبرها، فجاء إلى قبرها فصلى عليها، ثم قال: [إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها، وإن الله - عز وجل - منورها لهم بصلاتي عليهم] [رواه البخاري ومسلم].
ضمة القبر:
عندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمه ضمة لا ينجو منها أحد، كبيراً كان أو صغيراً صالحاً أو طالحاً، فقد جاء في الأحاديث أن القبر ضم سعد بن معاذ - وهو الذي تحرك لموته العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة -، ففي سنن النسائي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، لقد ضم ضمة، ثم فرج عنه]. |
http://www.midad.me/arts/category/304
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: عذاب القبر على من مات محترقاً
السؤال فضيلة الشيخ: كما تعلمون في بعض البلاد يحرقون الموتى، فكيف يعذب الموتى الذين حرقوا في القبر، و كيف يشعرون بضيق القبر، وكيف ينعموا أو يعذبوا إذا لم يدفنوا؟ وشكرا.
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد تواترت الأحاديث النبوية الصحيحة في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، ويجب التصديق بذلك، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، فالمتعين علينا الانقياد والتسليم، فهؤلاء الذين حرقوا بالنار ينالهم عذاب القبر إن كانوا مستحقين له، فعذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قُبِر أو لم يُقبَر، حتى لو احترق وصار رماداً، فإنه يصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور، أعاذنا الله من عذاب القبر.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
Quote: كيف تنجو من عذاب القبر ؟
الحمد لله الذي خلق فصور، ثم أمات فأقبر، ثم إذا شاء أنشر، والصلاة والسلام على خير البشر، وأشهد أن لا إله إلا الله الحي الذي لا يموت، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فعذاب القبر حقٌّ واقع، ليس له من دون الله دافع، وهو يقع على الروح والبدن معاً بكيفية لا يعلمها إلا الله - تعالى -، وبصورة لا يمكن الإحاطة بها، فهي غيب محجوب عن الأنظار متواري عن الأبصار، يقع على من كتبه الله عليه من الكفار وبعض عصاة المسلين إلى ما شاء الله، وهو يقع عليهم سواء قبروا أم لم يقبروا، ولو أكلتهم السباع، أو مزقتهم الحيتان، أو تخطفتهم الطير، أو ذرتهم الرياح، أو أكلتهم النيران!
والواجب المتحتم على كل مسلم أن يؤمن به، ويحذر منه، ويبتعد عن أسبابه، ولا يتكلَّف في معرفته أو الوصول إلى كنهه، أو التخيل له، فهو غيب لا يرى، ومن أعظم صفات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب ولا يتكلفون في معرفة حقيقته.
والأدلة من كتاب الله - تعالى -، ومن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرة متظافرة تدل عليه، وتخبر به، وتحذر منه، وتبين أسبابه، وموجبات العقوبة به ـ عياذا بالله منه.
ومنها قول الله - تعالى -في سورة غافر : [وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة، وإن كان من أهل النار فالنار " (رواه مسلم وغيره)
وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله ـ صلة الله عليه وسلم : " لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر " (رواه مسلم).
و قد ندبنا الشارع إلى كثرة التعوذ بالله منه في مطلق دعواتنا وفي آخر صلاتنا، فنعوذ بالله منه.
أما أسباب النجاة من عذاب القبر فكثيرة، جمعت لك جملة منها، عسى الله أن ينفعني وإياك بها.
فمنها : الصدقة والإنفاق في سبيل الله - تعالى - في وجوه الخير :
فعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حرَّ القبور، وإنما يستظلُّ المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته " (أخرجه أحمد، انظر : صحيح الترغيب 1/519 ـ 865)
ومنها : جملة من الأعمال الصالحة التي تتصور في القبر بأجمل منظر وأطيب ريح وأكمل صورة لتؤنس العبد المؤمن في قبره إلى يوم نشره وحشره قال - تعالى -: [ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون] قال مجاهد : في القبر.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنَّ الميت إذا وضع في قبره؛ إنَّه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه.
فيؤتى من قِبَلِ رأسه، فتقول الصلاة : ما قِبَلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام : ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل " أحكام الجنائز (272) وصحيح موارد الظمآن (650)
وفي رواية، قال : " يؤتى الرجل في قبره، فإذا أتي من قبل رأسه دفعته تلاوة القرآن، وإذا أتي من قبل يديه دفعته الصدقة، وإذا أتي من قبل رجليه دفعه مشيه إلى المساجد " صحيح الترغيب والترهيب (3561).
ومنها : الموت مرابطاً في سبيل الله على ثغور المسلمين يدفع عنهم صولة الغادر وجولة الكافر :
فعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - : " رباط يوم وليلة كصيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله، وأمن الفتَّان " أي : فتنة القبر. رواه مسلم .
وفي رواية، قال : " كلُّ ميت يختم له عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتَّان القبر "
رواه أبو داود والحاكم
ومنها : الشهادة في سبيل الله - تعالى -: فعن قيس الجذامي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن للقتيل عند الله ست خصال : يغفر له خطيئته في أول دفقة من دمه، ويُجار من عذاب القبر، ويُحلَّى حلَّة الكرامة، ويرى مقعده من الجنة، ويؤمَّن من الفزع الأكبر، ويزوج من الحور العين " وكفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة!
ومنها : الموت يوم الجمعة أو ليلتها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس كل من مات في هذا اليوم ينجو :
فعن ابن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مسلمٍ يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلاَّ وقاه الله فتنة القبر ". رواه الترمذي وأحمد، وهو حسن لغيره.
ومنها : سورة الملك المنجية : فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: يؤتى الرجل في قبره، فتؤتى رجلاه، فتقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل؛ كان يقرأ عليَّ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل صدره، أو قال: بطنه، فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان أوعى فيَّ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل رأسه، فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان يقرأ بي سورة الملك، في المانعة، تمنع عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب " (صحيح الترغيب والترهيب 1475 وهو؛ حسن)
وهو في النسائي بلفظ : " من قرأ [تبارك الذي بيده الملك] كل ليلة؛ منعه الله - عز وجل - بها من عذاب القبر.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن سورةً في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غُفر له، وهي : [تبارك الذي بيده الملك] " (صحيح سنن أبي داود 1265).
ومنها :كثرة الاستعاذة بالله منه، فإنه لا ينجي منه إلا الله - تعالى -، وهو على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، نعم المولى ونعم النصير!! |
Quote: من أحوال الناس بعد الموت
هل قرأت حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي فيه وصف لمرحلة البرزخ التي ما من أحد إلا وسيمر بها وهذا الحديث أيضاً قد انتظم فيه جميع أفراد الناس: المؤمن والكافر، والحر والعبد.
اقرأ واعتبر أخي في الله.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد:
فهذا بيان حال سائر الناس عند نزوع الروح وفي القبور نسأل الله العافية والسلامة:
جاء بيان هذه الحال في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث فيه وصف لمرحلة البرزخ التي ما من أحد إلا وسيمر بها، وهذا الحديث أيضاً قد انتظم فيه جميع أفراد الناس: المؤمن والكافر، والحر والعبد.
وفيما يلي أورد نص الحديث كما ذكره الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -، حيث عني بجمع طرقه ورواياته وألفاظه، فمن شاء تفصيل هذه الأمور فليرجع إليه في كتاب: (أحكام الجنائز).
وإليكم أخوتي في الله نص الحديث: عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قـال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من ا لأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة، وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكث في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً، ثم قال: (أن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت - عليه السلام - حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط فذلك قوله - تعالى -: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)(الأنعام: من الآية61).
ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني بها - على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمون بها في الدنيا، حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى تنتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله - عز وجل - اكتبوا كتاب عبدي في عليين ((وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ. كِتَابٌ مَرْقُومٌ. يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)) (المطففين:19_21).
فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه مدبرين، فيأتيه ملكان شديد الانتهار فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حين يقول الله - عز وجل -: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(إبراهيم:27) فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا عليه باباً إلى الجنة.
قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه وفي رواية: يمثل له رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير، من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً.
ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي فيقال له: اسكن.
قال: وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد، سود الوجوه، معهم المسوح من النار، فيجلسون منه مد البصر.
ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاط))(لأعراف: من الآية40)، فيقول الله - عز وجل -: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده ثم قرأ: ((وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ))(الحج: من الآية31).
فتعاد روحه في جسده قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فيقولان له: فما في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه فيقال: محمد، فيقول: هاه، هاه لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دَرَيت ولا تَلَوت فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه وفي رواية: ويمثل له رجل قبيح الوجه قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: وأنت فبشرك الله بالشر من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعاً على معصية الله، فجزاك الله شراً.
ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان تراباً فيضربه ضربةً حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربةً أخرى فيصيح صيحةً يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، ويمهد من فراش النار، فيقول: (رب لا تقم الساعة). [صحيح رواه جمع من الأئمة].
فانظر يا أخي إلى حال الكفار والفجار في تلك الساعة.
إنهم يعانون الأهوال الفظيعة والكرب الشنيعة حال الاحتضار قال الله - عز وجل -: ((وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ))(الأنعام: من الآية93)، وفي هذا دليل على عذاب البرزخ ونعيمه فإن هذا الخطاب والعذاب الموجه إليهم إنما هو عند الاحتضار، وقبيل الموت وبعده، وفيه دليل على أن الروح جسم يدخل ويخرج، ويخاطب ويساكن الجسد، ويفارقه فهذه حالهم عند البرزخ.
وهذا كقول الله - تعالى-: (( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ))(لأنفال:50)، وثبت في حديث البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره يجيئه ومعه ملائكة غلاظ شداد سود الوجوه، ويقال لروحه: (اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم، وظل من يحموم، فتتفرق في بدنه، فيستخرجونها كما يستخرج السفود من الصوف المبلول، فتخرج معها العروق والعصب).
كما أن لهم الذلة والهوان والفزع عند البعث والنشور:
قال الله - تعالى - مبيناً حال الكفار عند خروجهم من القبور: (( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ))(المعارج:43،44)، فيخرجون من الأجداث: أي القبور سراعاً مجيبين لدعوة الداعي كأنهم إلى علم يؤمون ويقصدون، فلا يتمكنون من الاستعصاء على الداعي ولا الالتواء على نداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين بين يدي رب العالمين، ذلك الحال الذين هم عليهم هو ما وعدهم إياه ربهم - جل وعلا -، ولابد من الوفاء بوعد الله - تعالى -.
ثم تأمل مقدار الفزع الذي يسيطر على نفوس الكفار في يوم الموقف العظيم إذ يقول ربنا - جل وعلا -: ((وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))(غافر:18)، ويوم الآزفة: أسم من أسماء يوم القيامة، وسميت بذلك لاقترابها كما قال - تعالى -: (( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ))(لنجم:57،58).
وقوله: (( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))(غافر: من الآية18) أي وقفت القلوب في الحناجر فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها، ومعنى كاظمين: أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه، وقيل: باكين يؤتى بهم مربوطين بالأغلال والسلاسل، ويسربلون بالقطران، وتغشى وجوههم النار، كما قال - تعالى -: (( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ. سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ))(إبراهيم:48 - 50).
وفي ذلك اليوم يوقن الكفار أن ذنبهم غير مغفور، وعذرهم غير مقبول، فييأسوا من رحمة الله قال - تعالى -: (( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ))(الروم:12)، ويتمنى المجرمون أن يعودوا ويرجعوا إلى الدنيا ليكونوا من المؤمنين المتقين فيعملوا الصالحات، ولكن ولات حين مناص، ويبلغ الأمر أنهم يتمنون أن يكونوا تراباً لشدة ما يرون من العذاب والنكال قال الله - تعالى -: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ))(النساء:42)، وقال - تعالى -: (( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ))(النبأ: من الآية40)، فهذا هو حال الكفار والعياذ بالله، وفي المقابل حال الأتقياء الذين قال الله - تعالى - عنهم: (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ))(فصلت: 30-32).
قال الإمام البغوي - رحمه الله -: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) قال ابن عباس: عند الموت، وقال قتادة ومقاتل: إذا قاموا من قبورهم، قال وكيع بن الجراح: البشرى تكون في ثلاث مواطن: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث.
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: (( نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )) أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن كنا أولياؤكم، أي: قرناءكم في الحياة الدنيا، نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة، نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم إلى جنات النعيم.
فبعد أن تقبض روح المؤمن وتخرج الروح إلى بارئها نجد أن القرآن يخبرنا عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفداً إلى الجنة زمراً - أي جماعة بعد جماعة -، المقربون ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكاله، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، وإذا وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
يتقلبون في نعيم مقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
أخي المسلم، أختي المسلمة:
إن وصف نعيم الجنة وما أعده الله لعباده المؤمنين مما يطول وصفه ولا يوفى حقه قال - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله - عز وجل -: أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))(السجدة:17)) [ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ].
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده، وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير حذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.
فانظر يا عبد الله مقامك، وتوهم مآلك ومن أي أولئك تكون فإن أعظم الخسارة خسارة أولئك الذين وصفهم الله - تعالى- بقوله: ((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))(الزمر: من الآية15)، وأعظم الفوز والفلاح هو فوز من قال الله - تعالى- عنه: (( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز ))(آل عمران: من الآية185).
فيا عجباً ممن باع ما لا عين رأت، وما لا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بمتاع زائل، وصباب عيش إنما هو كأضغاث الأحلام، أو كطيف زار في المنام مشوب بالنغص، ممزوج بالغصص أحزانه كثيرة، أضعاف مسراته وبكائه كثير.
واعجباً ممن الحظ الفاني الإنسان رخيص على الحظ الباقي النفيس، وممن باع جنة (( جَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ))(الحديد: من الآية21)، وباع نداء المنادي: (يا أهل الجنة إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا، وتحيوا فلا تموتوا، وتقيموا فلا تظعنوا، وتشبوا فلا تهرموا) بغناء المغنين.
فتذكر يا غافلاً عن الآخرة، وتفكر في الموت وما بعده، فكفى به قاطعاً للأمنيات، وحارماً للذات، ومفرقاً للجماعات.
كيف والقدوم على عقبة كؤود، ولا يدرى المهبط بعدها إلى النار أم إلى الجنة، فاعمل على أن تلقى الله - عز وجل - وهو راض عنك غير غضبان، واعلم أن الخواتيم ميراث السوابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، وبكى بعض الصحابة عند موته فسئل عن ذلك فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله - تعالى - قبض خلقه قبضتين، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار) ولا أدري في أي القبضتين كنت.
وقال بعض السلف: ما أبكى العيون ما أبكاها الكتاب السابق، وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتم، فكل يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً، ويبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.
وكان مالك بن دينار يقوم طول ليله قابضاً على لحيته ويقول: يا رب قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار ففي أي الدارين منزل مالك، فهل فكرت مثلهم يوماً يا أخي الحبيب، وهل قلت قولهم؟ وهل بت ليلتك تبكي على حالك بعد الموت، وفي أي الفريقين أنت، افعل ذلك ولو مرة واحدة يجعلها الله في ميزان حسناتك.
فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وصرفها على طاعتك، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك. |
Quote: كيف هي؟ أول ليلة في القبر أديت صلاة الفجر يوم الجمعة في بيت الله الحرام، وعقب الصلاة نُودي للصلاة على الأموات، وهذا الأمر من أكثر الأمور إثارة لمشاعري، ويُوقظ فؤادي، تساقطت دموعي الحارة، واختنقت العبرات في صدري، تذكرت حال هذا المتوفى، وأنه سيبيت هذه الليلة في قبره وحيداً فريداً.. تذكرت غفلتنا، وكيف أننا فتحنا على أنفسنا مباحات الدنيا وملذاتها.
تذكرت جهلنا بالمصير وبالمــآل، وجهلنا بالحشر والنشر، وهول المطلع.
تذكرت غفلتنا عن أحوال البرزخ، وسكرات الموت وشدتهــــا.
نظرت إلى الناس، وتدبرت أحوالهم، فمنهم من يخطط لمستقبله، ومنهم من يعد لسفره، ومنهم من شغل بدراسته، ومنهم.. ومنهم.. أما تلك الحفرة فليس هناك من يخطط لها ـ إلا من رحم ربي ـ وقليل ما هم في عصر عمد فيه الطغاة المستبدون إلى أن يشربونا الذل، فأماتوا الهمم، وخمدوا الحمية، حتى تحولت شبل الأسد إلى ظباء.
نظرت إلى النساء فإذا من انغماس في الترف، على استسلام للشهوات، إلى جري وراء الموضات تصاغرت هممهن، فلم ينشغلن إلا بسفاسف الأمور ومحقراتها.
عدت إلى نفسي فتذكرت القبر ثانية، تلك الحفرة الضيقة المظلمة، سأنزل فيها رغم أنفي شئت أم أبيت لن أستطيع أن أمانع في ذلك الأمر، لأنه أمر الله في، ولا راد لقضائه وأمره، فكرت " لو كان لدي حديقة في منزلي، لحفرت بها حفرة مماثلة، أضطجع فيها كلما رأيت من نفسي تقصيرا، ولهوا، عسى أن تتوب، فيخرج ما فيها من خبث وغش، وتشفى من أمراض فتورها.. تمنيت أن يُسمح لي بالوقوف على قبر فأرى ساعة نزول الميت فيه فيغير ذلك من حالي.
تذكرت (منكراً ونكير) اللذان وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهما أسودان أزرقان، أصواتهما كالرعد، وبأيديهما مطرقة من حديد، كيف بي إذا أقعداني واستجوباني؛ تأملت في نفسي فإذا أنا ذات قلب رقيق لا يقوى على رؤية المصابين من المسلمين، لا أصبر على رؤية الجرحى والمنكوبين، وأصحاب الحوادث والعاهات، هاأنا يقشعر بدني لرؤية حشرة صغيرة، لأن شكلها غريب..
هانحن إذا أصبنا بمرض أو ألم، فارقنا النوم، وضاقت النفس، وحل الاكتئاب، كيف بي لو سُلط على العذاب في قبري، أو سحبتني ملائكة العذاب إلى النار، وما ربك بظلام للعبيد.
ـ عرفت الآن يا حبيب الله محمد (عليك صلاة الله وسلامه) لماذا قلت: (لوددت أني شجرة تعضد).
ـ علمت الآن يا أبا بكر (الصديق) رضي الله عنك وأرضاك لماذا بكيت عندما رأيت الحمامة.. لأن ليس عليها جزاء ولا حساب.
ـ تيقنت الآن يا عمر (الفاروق) رضوان الله عليك، لم كان في خديك خطان أسودان من كثرة البكاء.
ـ تبصرت الآن يا عبد الله بن عباس (يا حبر الأمة) لم كان أسفل عينيك مثل الشراك البالي من كثرة الدموع.
ـ الآن رق قلبي لكلامك يا علي بن أبي طالب رضي الله عنك وأرضاك وقد علاك كآبة وأنت تقلب يدك وتقول:
(لقد رأيت أصحاب رسول الله، فلم أر شيئاً يشبههم، لقد يصبحون شعثاً، صفراً، غبراً، بين أعينهم
أمثال ركب المعزى، وقد باتوا سجداً، وقياماً يتلون كتاب اللــه... وهملت أعينهم بالــــدموع حتى تُبل ثيابهم، والله فكأني بالقوم باتوا غـــــافلين، ثم قام رضوان الله عليه، فما رؤي بعد ذلك ضاحكاً حتى ضربه ابن ملجم).
صلاة اللــه وسلامه عليك يا حبيب اللــه وعلى صحبك الأطهــار تسليمــاً كثيرا ـ فلقد كنتم تعيشون في عصر يسوده التواصي بالحق، أما نحن فقد تأثرنـا من حيث لا نريد بمسمـوعِِِِِ ومنظـور، ألقتهـا علينا جميع أجناس الشياطين، فخذلت هممــنا، وأطفـأت أنوار بصائرنا، وشلت طاقاتنــا ـ إلا من رحم ربي ـ فكما قيل: (من المشاهد أن المـــاء والهواء يُفسدان بمجاورة الجيفــة، فما الظن بالنفوس البشريــة)
أقول لنفسي ولأمثالي:
واحســرتا تقضى العـمــر وانصــرمت *** ساعــاتـــه بين ذل العجـــز والكســــل
والقوم قــد أخــذوا درب النجــاة وقــــد *** ســــاروا إلى المطلب الأعلى على مهل
لكن هناك فرج بإذن اللــه ـ تلك آيــة عظيمة في كتاب اللـــــه تبعث الأمــــل في رحمتك يا أرحم الراحمين:
(قل يا عبادي الذين أسرفـوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمــة اللــه إن اللــه يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم)
وهناك حديث يبعث الأمان في النفوس الضعيفة: يرويه الحبيب عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم:
(إن الله كتب على نفسه بنفسه قبل أن يخلق الخلق " إن رحمتي سبقت غضبي " متفق عليه
اللهم إن نتوسل إليك بإيماننا (الذين يقولون ربنا إننا آمنــا فاغفر لنا ذنوبنا وقنـــا عذاب النار)
اللهم آمن روعاتنا، واستر عوراتنا، واجعلنا ممن تتلقاهم الملائكة يوم الفزع الأكبر ـ تفضلاً منك ومنة وإحسانا |
Quote: لو تكلم الموتى
أن تتصور حال الموتى فهذا نوع من التذكر المحمود لموتٍ موعود، كما قرر ذلك ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في صيد الخاطر حين قال: من أظرف الأشياء إفاقة المحتظر عند موته، فإنه ينتبه إنتباهاً لا يوصف، ويقلق قلقاً لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، ويود لو تُرك كي يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف، ولو وجد ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل له كل مقصود من العمل بالتقوى، فالعاقل من مثّل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك، فإن لم يتهيأ له تصوير ذلك على حقيقته تخايله على قدر يقظته، فإنه يكف الهوى ويبعث على الجد؛ لنعش لحظات مع هذا التذكر على منهج ابن الجوزي - رحمه الله - لحقيقة الموت في وقفات تسع.
- الوقفة الأولى: يا ليت قومي يعلمون.
- الوقفة الثانية: جار غير عزيز.
- الوقفة الثالثة: ولقد جئتمونا فرادى.
- الوقفة الرابعة: رفيقة الدرب.
- الوقفة الخامسة: ذبول وردة.
- الوقفة السادسة: في الاستراحة.
- الوقفة السابعة: ألا لله الدين الخالص.
- الوقفة الثامنة: هذه أموالي تقسم.
- الوقفة التاسعة: معالم النجاة.
تصور لو أن أهل القبور خرجوا من قبورهم، خرجوا بأكفان بالية، ووجوه مغبرة، خرجوا من سكون القبور وظلمتها إلى ضجيج الأرض وأضوائها، فركوا عيونهم، عركوا آذانهم، ثم انطلقوا في أنحاء المدينة أشباحاً مهيبة ليحدثونا عن هول ما رأوا، فماذا عساهم أن يقولوا بعد هول المطلع، وسؤال منكر ونكير، وحساب عسير، وكيف يا ترى سيكون حديث الأموات للأحياء.
الوقفة الأول: يا ليت والدي يعلم.
هذا فتى مات في ريعان شبابه، اختطفه الموت وهو أوسع الناس أملاً في العيش، وأكثرهم رجاءً في متاع الحياة الدنيا، مات على إسراف منه بالمعاصي، فماذا عساه أن يقول لأبيه المفرّط في تربيته لو لقيه في هذه الدنيا لعله أن يقول:
يا أبت لقد رأيت ثمار ذنوبي وهي آثار تربيتك، رأيت هذه الثمار ناراً تلظى، وجحيماً لا يطاق، يا أبت لقد كنت في حياتي تُعنى كثيراً بلباسي ومأكلي ومشربي ولكنك لم تكن تُعنى بقلبي وروحي، لقد أهملتني في بداية مراهقتي فلم توجهني إلى أصدقاء صالحين، لم تكن تهتم بمن أصاحب من أقاربي وجيراني وزملاء دراستي، لقد كانت فترة التأثير المثالي هي ما بين سن السابعة إلى سن الخامسة عشر، وكنت تعلم وقتها يا أبت أن هذه المرحلة هي مرحلة تصويب الولد نحو الهدف الصحيح، كنتُ أنا السهم وكنتَ أنت اليد والقوس والوتر، في هذه المرحلة كنا يا أبت نتلقن كل شيء، ونحب كل شيء، ونستطلع كل شيء، في هذه المرحلة كنا نقلب أنواع الأصدقاء في معرض الدنيا العريض، أيهم ننتقي، وأيهم نقتني، وأيهم نصاحب، كنا في هذه المرحلة العجيبة عجينةً غضةً طيـّعة تستطيع توجيهنا الوجهة الصالحة، يا أبت لكنك كنت وقتها تقضي أكثر أيام أسبوعك في الاستراحة مع الأصدقاء أو مع الزملاء أو مع الأقارب، وفي مرات كنت تتابع تجاراتك التي لم تزد من سعادتك بل أحالت وجهك البشوش إلى صحراء من العبوس والغبرة والتشاؤم، لم تكن يا أبت تهتم باهتمامات مباحة، لذلك كُنت أبحث عنها عند أيّ أحد مهما كان مقصده في توفيرها لي، ثم إنك جعلت علاقتي بك كعلاقة مدير مؤسسة فاشل بمرؤوسيه، كانت علاقة الغطرسة والرسمية حتى أصاب علاقتي معك جفافاً وجفاءً وفجوة فلم أعد أقبل منك توجيهاً ولا نصيحة بسبب هذا الجفاء، ياأبت لو أنك جعلتني صديقاً من أصدقائك لكان تأثيرك فيّ أكبر، ولكنك كنت تعتبر هذه الصداقة مع أولادك ضرباً من التنازل الذي لا يليق برئيس مؤسسة محترمةٍ على حد زعمك، يا أبت لو كنت أستطيع أن أقول غفر الله لك إهمالك في تربيتي لفعلت، ولكنني حينما فارقت هذه الدنيا بذنوب ثقيلة فإنني لا أملك أن أستغفر لنفسي من ذنب واحد من ذنوبي فكيف بذنوب غيري، ولكنك أنت الذي لازلت في دار المُهلة وتستطيع أن تستغفر لي ولنفسك، يا أبت: إن تسببك في انحرافي لن يخفف عني شيئاً من العذاب الذي لقيته، ولكنني أدعوك إلى التوبة من إهمالك لي، وأدعوك إلى أن تتدارك الأمر مع بقية أخوتي قبل فوات الأوان، يا أبت تدارك نفسك بالتوبة، وتدارك إخواني بحسن التربية، فلعل صلاحهم أن يكون سبباً في نجاتي يوم الدين.
الوقفة الثانية: جار غير عزيز:
ولعل رجلاً من أهل هذه القبور أخذ يتهادى حتى وقف بباب جاره فلعله أن يعاتبه فيقول: جاري العزيز لقد كنت تطرق بابي فزعاً إذا رأيت الماء قد تسرب من الخزان العلوي حرصاً منك على مصلحتي، ولكنك لم تكن تنبهني على بعض أصدقاء السوء الذين يخالطون أبنائي، لم تكن تذكرني بإهمالي لصلاة الجماعة، لم تكن تنبهني على إدخالي لأجهزة الفساد إلى منزلي، لقد كان حقيّ عليك أكثر من حقوق سائر الناس عليك، فلو علمت يا جاري العزيز أن احتفاظك لنفسك بالصلاح لا ينجيك يوم الدين لمَا أهملتني، ولو علمت أن استثقالي لنصيحتك لا يسوّغ لك ترك نصيحتي، ولبادرت إلى هذه النصيحة.
الوقفة الثالثة: ولقد جئتمونا فرادى
وهذا رجل تقلّب في مناصب مؤسسة خاصة أو عامة، كان في هذه الدائرة ملئ السمع والبصر، امتلأت ردهاتها بآماله العراض بل كادت لا تتسع لتلك الآمال، ولقد فاجئه الموت وهو أوسع الناس أملاً وحرصاً ومزاحمة، كان يدخل دائرته التي اعتاد الدخول إليها كل صباح بنفس متوثبة متفائلة متطلعة إلى مستقبل وظيفي أكبر، لم يكن حين ذاك يفكر بالموت ولا ما بعده من هولٍ وعذاب، فلو دخل دائرته بعد خروجه من قبره وتذكر وهو يلملم أكفانه المغبرة كم كان في دنياه في غرور، وكم كانت الأماني تضرب به في كل واد دون أن يفكر في حفرة القبر التي أودع فيها رهين عمله، لقد كان يتبختر في هذه الممرات بثيابٍ جديدة جميلة، لو وقعت عليها خردلة من غبار لنفضها بسبابته، وهو الآن يلملم أكفاناً بالية بلغ الغبار والنتن منها كـل مبلغ، ولعله لو مرّ بقسم الترقيات في دائرته لتذكر كم كانت تزهق النفوس، وتشرأب الأعناق للحصول على مرتبةٍ أو علاوة، بل ربما بذل دينه ومروءته من أجل ترقيةٍ أو علاوة، وقد أيقن الآن ولكن بعد فوات الأوان أن رفعة الدرجات إنما هي عند الله وحده، وأن علو مقام المرء إنما هو في قربه من الله وتمام عبوديته له، أما العبودية للدنيا فلا تزيده إلا حسرة وندامة وتشتتاً، ولعله لو مر بغرفة بعض موظفيه لوجد هذا الموظف على عادته في الوشاية بزملائه ووضع العراقيل أمام أعمالهم ومشاريعهم حتى لا يظهر لهم نجم، ولا يعلو لهم شأن، ولا يعم لهم نفع، وحتى لا يسبقوه بحسن رأي، ولا جودة عمل، فماذا عساه أن يقول لهذا الموظف لو رآه واستطاع أن يتكلم، لعله أن يقول: هب أنك نافست مثل ما كُنتُ أنافس بالحلال والحرام فسبقت أقرانك، وبرزت أترابك، أليست سنياتٍ معدودة إن مُّد لك أجل ثم تأول بك الحال إلى عالم التقاعد، حيث ينفض عنك أهل المصالح، وتصير في عالم النسيان، هذا مآل الوظيفة في الدنيا، أما مآلها في الآخرة فحفرة القبر الموحشة حيث لا أنيس إلا عملٍ صالح، ولعله أن يقول: كنا نسمي المتورعين عن المنافسة المحرمة نسميهم سذجاً أو دراويش ذوي ورعٍ بارد، لا طموح عندهم، ولا يعرفون قيمة النجاح، ولا يتذوقون طعم السباق مع الأقران، ولكن علمنا ولا ينفعنا هذا العلم الآن أن طريقتهم هي طريقة النجاة، وأن المنافسة الحقيقية هي في قلب سليم وعمل صالح ينجو بها العبد من عذاب القبر الرهيب، وأن المنافسة الصحيحة هي التي لا تضر بالآخرين، ولا تمنع مسيرة الخير ونفع الناس، آه آه ليتني أعود إلى الدنيا لأصفي سريرتي وأًحسن سيرتي، تالله إن صفاء السيرة هي راحة البدن، وهي راحة النفس في الدنيا، وهي النجاة في الآخرة، آه مما فعلنا بأنفسنا وما غرتنا هذه الدنيا، وما أطعنا فيها إبليس الضلالة، وكنا نسمع قول الله - تعالى -: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }، { فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}، ولعل صاحبنا ذلك الرئيس أن يرى في آخر الممر مكتب سعادة المدير حيث كان هو مديراً قبل وفاته، لقد تعود في هذا الممر أن يرى لأعوانه هناك انتشاراً، وخطفه وأصحاب المصالح بين يديه لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، والمراجعون يصدرون عن مكتبه بين موهوب ومحروم، رأى هذا المدير على ما عهد نفسه من إقصاء الأكفاء من الموظفين خوفاً من منافسته على جاهه وسلطانه، فمرة بالعزل، وأخرى بالمضايقة، وأخرى بالتهميش، رآه على ما كان يعرفه من نفسه من تكثير ذوي المطامع الذين لا يعرفون الذكاء إلا فيما يخدم سعادة المدير، ويكثر جاهه، ويعظم سلطانه، ومن ثم يحظون عنده بالرتب العالية، والتقارير الكاذبة، لقد تعلم المدير وأعوانه بفطرةٍ مدنسة أن الدائرة التي تنجز مصالح الناس، ومياه أعمالها دائماً جارية نقية، يُرى باطنها من ظاهرها إنها إدارة لا تحقق المصالح الشخصية فلا بد من العمل بحرية من توفير مستنقعات آسنة متعكرة من مصالح الناس المتعطلة، تسهل فيها حركة اللصوص، ويسهل فيها اللعب على المغفلين، فلذلك جعلوا هذه الدائرة في فوضى دائمة، ثم حجبوا الناس عن سعادته حتى يوفروا هذه المستنقعات التي تعيش فيها الحشرات القذرة التي تحسن السمسرة في شراء الذمم وبيعها، وهكذا حزن الاثنين معاً تعطيل مصالح الناس وأكل المال الحرام الذي يبذله الناس لإنجاز مصالحهم لعله أن يقف متأملاً في غمرة المراجعين بكفنه البالي المغبر فيقول: لو كان عندي القليل من التقوى، والقليل من معرفة حال الدنيا وحال الآخرة؛ لرأيت أن في النصح للناس أعظم الأجر والمثوبة، ماذا بقي معي في قبري من بريق المال الذي كنت أبذره بلا عد ولا حساب، وأتمتع به بلا خوف من حشر وعذاب، وماذا بقي معي من ضجيج الشرف، وجلبة الأعوان، وكثرة العلاقات والاتصالات، وما أراه في عيون الناس من تعظيم وتبجيل، لقد تلاشى ذلك كله كبخار في يوم صائف فلم أدخل في هذا القبر من مالي وشرفي إلا بكفن، لله كم كنت مغروراً بهذه الدنيا حينئذ فقط أدركت معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)، لقد كنت أرى ذلك كلّه ولكن نفسي كانت تزيّل لي ما أفعله، وكانت شدة الإبهار في أنوار الدنيا، تحجب عني رؤية الحقيقة فلم أتبينها إلا حين فات وقت الندم {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}، {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُون}.
الوقفة الرابعة: رفيقة الدرب:
ولعل أحدهم حين خرج من قبره أن يلقى زوجته فيقول لها: كم كنتُ أرتكب الحرام رداً لجميل وفائك، وعظيم صبرك، وكم كنتُ أتساهل في الموبقات من أجل سواد عينيك، لـقـد كنت أسافر السفر المحرم، والسياحة السيئة بسبب حبي لكِ، ومن أجل كلمة ثناء طيبه من لسانك العذب الرقيق، وكنتُ أُدخل أجهزة الفساد إلى منزلي من أجل ما تشتكين من فراغ قاتل على حد زعمك، لم أكن مقتنعاً بالكثير مما كنت أفعله بل كنت أعرف أنه الطريق الخطأ ولكنني في سكرة الهوى، وحب الدنيا؛ نسيت كل شيء، لقد كانت عقوبة ذلك ناراً لا تطاق، وجحيماً لا يحتمل، لقد كنت أستمع من كتاب الله إلى هذه الآيات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ولم أكن والله لأرد كلام ربي، ولكن سلطان الهوى حجب عني تلك المخاطر حتى كنت أقول كيف تكون هذه الوردة الجميلة عدواً يستوجب الحذر، الآن عرفت ذلك ولكن لم تعد تنفع المعرفة، الآن ندمت ولكن لات حين مندم، لقد كنت أسمع كلام الله، لكنه سماع أذن لا سماع قلب، كنت أسمع قوله - تعالى - {فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.
الوقفة الخامسة: ذبول وردة:
هذه فتاة ماتت في عمر الورود، كانت ترى الحياة مرحاً وسعادة، كانت ترى أن أعظم السعادة هو أن تكون محط أنظار الناس وسبب إعجابهم، فلذلك سعت إلى التميز في كل شيء، في ملابسها، في مشيتها، سعت إلى جديد الموضات حلالاً كانت أو حرام، تأخذها من أي وسيلة إعلامية، من المجلة أو التلفاز أو المحطة الفضائية، المهم هو التميز مهما كانت الوسيلة، فمرة تشبهت بالكافرات، ومرة تشبهت بالفاسقات، ومرة تشبهت بالممثلات والمغنيات، ومن أجل هذا التميز وتلك الجاذبية نزلت إلى الأسواق ومجامع الناس وقد ليست العباءة الضيقة لتتمتع على حد ظنها بالنظرات الجائعة، ومن أجل هذا التميز خرجت في الحفلات بثياب تخرج أكثر جسدها، وما سترته من جسدها فهو ضيق يجسّم عورتاها؛ يا ترى ما عساها أن تقول لو خرجت من قبرها وتكلمت؟
يا أمي لقد رأيت عذاب الله - تعالى - في ذلك القبر الموحش، رأيت عذاب الله حين أغريت الشباب، ورأيت حين كنت أسوة سيئة للفتيات، وقدوة سيئة لأختي الصغيرة في دخول هذه الطرق، أماه إذا كان هذا ما أصابني بسبب إقتداء أختي بي، فما ظنك بعذاب الله لمن كانت السبب الأول في انتشاره، وما الظن بعذاب الله - تعالى - لمن يصنع هذه العباءات أو يبيعها، أماه لقد كنت أبدي مفاتن جسدي بطرق متعددة، فمرة بالنقاب الواسع الذي يبدي عينين كحيلتين، ويظهر أهداباً كسهام مريّشة حادة أغرسها في قلوب الرجال لتصيبها في مقتل، ومرة أدع العنان لعباءتي لتسفر عن نحرٍ أبيض، وجيِد فضي كوجهي في الضحى، فتطير لذلك عقول، وتضطرب أفئدة، أو أظهر قواماً كغصن البان حتى أطرب لتأوهات المفتونين، ومرات ومرات كنت أغش الحفلات، وقد خلعت جلباب الحياء فأنا كاسية عارية، إذا رآني الرائي فلا يخالني إلا في حفلة غربية ماجنة، أبديت فيها عضداً كجمّارة نخلة فتية، وأظهرت ساقاً وجزءاً من فخذ وظهر، فعلت كل ذلك حتى أبدو متميزة في مظهري، أتدرين يا أماه كيف آلت بي الحال في قبري، لقد سالت تلك الأعين النجل مع سهامها المريّشة على خد متعفن مجعّد أسود، وصار ذلك النحر الفضي قطعة جلد أسود تتدلا أطرافه على عظام نخرة لتلامس قلباً طالما امتلأ بالهوى القاتل، والغرور بالدنيا الفانية، وطول الأمل الكاذب، لا أدري يا أماه كيف كنت أرى الدنيا طويلة طويلة، وأنا أرى الناس يموتون كل يوم ممن حولنا من الجيران والأقارب والأصدقاء، لا يفرق ملك الموت بين صغير وكبير، وغني وفقير، وملك و########، لله يا أماه كم كانت تلك المواعظ ترق أذني، وتشاهدها عيني، وتحسها يدي، ومع ذلك لا أجد لها في نفسي أثراً إن السبب هو غلبة الهوى، وحب الدنيا من الشهرة، والتميز الكاذب، والمفاخرة الجوفاء وحينئذ فقط عرفت معنى قول الله - تعالى -{ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ}، أماه إن ما أفعله هي منافسة ومسابقة، ولكنها مسابقة لتحصيل نبات أخضر بهيج ،ولكنه بعد برهة يأول سريعاً إلى زوال، والسباق الحقيقي الثابت النافع إنما هو لتحصيل مغفرة الله - تعالى - وجناته {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
الوقفة السادسة: في الاستراحة:
ولعل من هؤلاء رجل وقف على أصحابه بأكفان بالية متربة، وهم في استراحتهم، هؤلاء الأصدقاء الذين كانوا يقضي معهم جلّ وقته، هؤلاء الأصدقاء الذين كان يقدم محبتهم على محبة والده ووالدته وأخوته، حيث كان يتفقد أحوالهم ولا يتفقد أحوال أقاربه، كان يأنس بلقياهم ولا يأنس بلقيا أقرب مقربيه، كان لا ينام حتى يهاتفوا بعضهم، لقد كانوا ملء سمعه وبصره، ولعله لو خرج من قبره وذهب إليهم في ناديهم لتذكر كم كانت الأوقات تذهب سدى، لقد كان يقطع في طريقه إليهم ما يقارب نصف ساعة، كان يستطيع أن يسبح في هذا الطريق أكثر من ألف تسبيحة، ولعله أن يقول: كم كانت الأوقات تذهب سدى، هذه ألف تسبيحة في طريق الذهاب فقط بكل تسبيحة صدقة، فلماذا كنا نضيع الوقت فيما لا ينفع ونحن من أحوج الناس إلى هذه الحسنات والصدقات لتكفير عظيم السيئات، لقد قضيت معهم من عمري أكثر من عشر سنوات لم أمسك بيدي فائدة واحدة في ديني ودنياي، فيما كان أهل الخير يخرجون بنتائج باهرة، فمرة بمذاكرة علم، ومرّة بمؤانسة محببة، ومرة بتعاونٍ على مشاريع الخير والبر ويشجع بعضهم بعضاً عليها، هكذا يكون قضاء الأعمال فيما ينفع في الدين والدنيا، ولعله لو أطلّ على مجلسهم لتخيل نفسه بينهم، هذا مكانه، هذا موضع مرحه، هذه قوته، هذا شبابه، آه ليتني أعود إلى هذه الدنيا في تلك القوة والنشاط لأعبد الله حق عبادته، لأتوب من ذنوبي، لأستكثر من الحسنات، آه ليتني أعود لهذه الدنيا لأقول لهم لقد عودتموني على كل عادة قبيحة، وعلمتموني كل معصية لله - عز وجل -، سوف أترككم إلى الأبد لأبدأ حياتي من جديد في طاعته ورضوانه، في كنفه وقربه، لقد كانت الآيات تطرق سمعي وكأنه يُعنى بها غيري {ومن يعش عن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً}.
الوقفة السابعة: ألا لله الدين الخالص:
هذا رجل عوّد نفسه على الرياء فأصبح لا يعمل العمل الذي يُبتغى به وجه الله إلا بحافز من نظرات الناس، فلا يصلي نافلة إلا بمحضرهم، ولا يعمل خيراً إلا بثنائهم فغابت عنه لذة المخلصين في العبادة والأعمال الصالحة، لقد علم في قبره أن أعماله لم تكن إلا سراباً بقيعة يحسبه الضمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب، لقد تبخرت هذه الأعمال التي لم تكن في الحقيقة إلا فقاعة أزالتها نفخة من فم الحقيقة الذي لا يكذب، وليت الأمر وقف عند حبوط العمل بل صار الرياء سبباً من أسباب العقوبة من تصغير وت########، وكنا نسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وصغّره وحقره)، ولكن تسمع الأذن ولا يعي القلب، ماذا أفادتنا نشوة الرياء الكاذبة عند سكون القبر القاتل، ماذا نفعنا ثناؤهم عند سؤال منكر ونكير، لماذا كنت أفرح بنظرة الناس إليّ وهؤلاء الناس هم الذين وضعوني في حفرة القبر ثم ولّوا مدبرين، لا يتبرعون لي بحسنة واحدة، آه من خفة عقول المرائين وهم لا يتعظون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( يقول الله- عز وجل- إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عنهم جزاء)، ولا يرعوون (من أحسن العمل حين يراه الناس وأساءها حين يخلوا فتلك استهانه استهان بها ربه - تبارك وتعالى -).
الوقفة الثامنة: هذه أموالي تقسم:
وهذا صاحب ثروة طائلة عاش حياته غافلاً عن أجله، لاهياً عن حفرة القبر الموحشة، كان أصدقاء المصلحة في حياته لا يفارقونه، فامتلأت حياته ضجيجاً وأضواءً وانشغالاً، كان من أطيب الناس ريحاً، وأحسنهم ثياباً، وأكملهم رونقاً وأبهة، فلو خرج من قبره بكفنه المهترئ، ورائحته الكريهة، فماذا عساه أن يقول أو يفعل، لعله هل كانت هذه الدنيا وتلك الأقوال تستحق ما كنا نبذله من أجلها، فمن أجل الأموال عاديت أقاربي، وقسوت على أصدقائي، وأهملت أولادي، وقصرت في حق زوجتي، بل قصرت في حق نفسي، لقد أفنيت عمري وزهرة شبابي في جمع هذا المال، ثم حين حصل لي صرت أكافح من أجل أن أبقى غنياً متفرداً، فلا أريد أن يسبقني في كثرة المال أحد، وكان ذلك كله على حساب صحتي واستقرار نفسي، وحقوق زوجتي وولدي، ضللت ألهث وألهث بحثاً عن السعادة حيناً، والمباهات حيناً آخر، لم أكن أتوقع أن يداهمني الأجل بهذه السرعة فتنقطع آمالي، وتتحطم تطلعاتي، لقد كنت أرى الناس يموتون، ولكن كنت أظن أن الموت الذي داهم الآخرين كان لأسباب خاصة لا تنطبق عليّ، هكذا كنت أفكر بسذاجة وغفلة، ليتني أنفقت من هذا المال ليكون مزرعة تنتج الأجر والمثوبة إلى الأبد، لقد كنت أسمع القرآن فلم أع ما كان فيه من عضات وعبر، لقد أعمى قلبي حب الدرهم والدينار، كان مما أسمع قول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.. نعم لقد كنت أستمع إلى هذه المواعظ العظيمة ولكن حالي {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}، ولعله أن يمر ببيت أحد أبناءه ليجد أن زوجته قد تزوجت، وأن ورثته قد اجتمعوا ليقتسموا تركته، هذه غرفة الضيوف مضاءة فيها ورثتي وقد علت أصواتهم يتجادلون في قسمة أموالي، هذا الابن الأكبر له كذا من الملايين، وهذه البنت لها النصف من ذلك، وهذه الزوجة لها نصيبها، فماذا عساه أن يقول لعله أن يقول:لقد قسمت أموالي التي كنت أبخل بها على نفسي وولدي قسمت على أولادي وأزواج بناتي وزوج امرأتي، لقد كنت في الدنيا في عماية عظيمة حين كنت أسمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله) قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه؟ قال: (فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر)، كل ما تركته فليس بمالي، صدق الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم - لقد كنت أنا أخشى على أولادي العيلة، وهذا من قلة التوكل، وضعف اليقين، ولقد كنت أنا أولى بهذا المال منهم، لقد كدت أصيح فيهم فأقول إن في هذا المال زكاة مهملة فأخرجوها، وفي هذا المال ربا فتخلصوا منه، وفي هذا المال حقوق لبعض الخلق منعني البخل من أدائها فأدوا الحقوق أهلها، ولكنني لا أستطيع النطق لقد انقضى زمن العمل، وجاء زمن الحساب والعقاب، آه من الغفلة وطول الأمل، لقد كنت أعيش على أمل يطول عمري بحياة مرفهة سعيدة {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.
الوقفة التاسعة: معالم النجاة:
المعلم الأول: لا تُعجب بحالك الراهنة فإن الأعمال بالخواتيم قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن العبد ليعمل بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل الرجل بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم).
المعلم الثاني: زيارة القبور خير طريق لتذكر الموت وما بعده، فقد صحّ عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)، جاء في تبصرة القرطبي - رحمه الله - قوله: كم من ظالم تعدى وجار فما راع الأهل ولا الجار، بينما هو قد عقد الإصرار حلّ به الموت فحلّ من حُلته الإزار، فاعتبروا يا أولي الأبصار، ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن، فلو رأيته وقد حلّت به الفتن، وشين ذلك الوجه الحسن، فلا تسأل كيف صار فاعتبروا يا أولي الأبصار، سال في اللحد صديده، وبلى في القبر جديده، وهجره نسيبه ووديده، وتفرق شحمه وعبيده، وتخلى عن الأنصار فاعتبروا يا أولي الأبصار، أين مجالسه العالية، أين عيشته الصافية، أين لذته الخالية، كم تسفي على قبره السافية، ذهبت العين وأُخفيت الآثار، فاعتبروا يا أولي الأبصار، تقطعت به جميع الأسباب، وهجره القرناء والأتراب، وربما فُتح له في اللحد باب النار، فاعتبروا يا أولي الأبصار، خلى والله بما صنع، واحتوشه الندم وما نفع، وتمنى الخلاص وهيهات قد وقع، وخلاّه الخليل المصافي وانقطع، واشتغل الأهل بما كان جمع، وتملّك أعداءه المال والدار فاعتبروا يا أولي الأبصار، نادم بلا شك ولا خفى، باكٍ على ما زلّ وهفا، يود أن صافي اللذات ما صفى وعلم، أنه كان يبني من جرفٍ هارٍ على شفى فاعتبروا يا أولي الأبصار.
المعلم الثالث: إذا رأيت ميتاً فتصور أنك أنت الطريح بين يدي الإمام، أو على النعش، أو من يُنزل في حفرة القبر فنحريٌ بنا حينئذٍ أن نراجع أنفسنا.
المعلم الرابع: لا تـصاحب أهل اللهو والبطالة.
المعلم الخامس: تذكر أنه مع حلاوة المتعة فـإنه يعقبها مرارة الندم.
المعلم السادس: لعلك قد كتبت الآن في الأموات بعد مدة يسيرة، وأنت تسرح وتمرح، بلا تـوبة ولا مراجعة.
المعلم السابع: كل متعة تعتبر هباءً عند حلول الموت، فلماذا نعصي الله - عز وجل - من أجل هذه المتعة { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }
عش ما بدا لك سالماً *** في ظل شاهقة القصور يُسعى إليك بما تحب *** لدى الرواح وفي البكور فإذا النفوس تغرغرت *** بزفير حشرجة الصدور فهناك تعلم موقناً *** ما كنت إلا في غرور
المعلم الثامن: السعيد من وُعظ بغيره، قال زين الدين المعبّري - رحمه الله - اعلم أن مما يعينك على ذكر الموت أن تذكر من مضى من أقاربك وإخوانك وأصحابك وأترابك الذين مضوا قبلك، كانوا يحرصون حرصك ويسعون سعيك، ويعملون في الدنيا عملك، فقصفت المنون أعناقهم، وقلعت أعراقهم، وقصمت أصلابهم، وفجعت فيهم أحبابهم، فأُفردوا في قبور موحشة، وصاروا جيفاً مدهشة، والأحداق سالت، والألوان حالت، والفصاحة زالت، والرؤوس تغيرت ومالت، مع فتان يُقعدهم يسألهم عما كانوا يعتقدون، ثم يكشف لهم من الجنة والنار مقعدهم إلى يوم يبعثون، فيرون أرضاً مبدلة، وسماء مشققة، وشمساً مكورة، ونجوماً منكرة، وملائكته منزله، وأهوالاً مذعره، وصحفٌ منشرة، وناراً زفرة، وجنة مزخرفة، فعُدّ نفسك منهم ولا تغفل عن زاد معادك، ولا تهمل نفسك سدىً كالبهائم ترتع ولا تدري {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.
المعلم التاسع: الأيام خزائن وما مضى فإنه لا يعود {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
المعلم العاشر: لا ذكرى بغير إنابة، ولا انتفاع بغير استجابة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}لا يمكن للإنسان أن يهتدي، ولا أن يقبل هدى الله - عز وجل - إلا إذا تهيأ قلبه للاستجابة لهذا الهدى، قال الله - عز وجل -: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}.
اللهم أيقضنا من الغفلات، وأورثنا الجنات، واجعل قبورنا بعد فراق الدنيا خير منازلنا، ووسع فيها حنين ملاحدنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: ثبوت عذاب القبر ونعيمه بالدليل العقلي
الإنسان لا يمكن أن يرتاح جسده إلا في ظل غياب روحه، فخروج الروح من الجسد إلى القبر أو إلى النوم يختلف هذا عن هذا فهذا اختلاف جوهري كلي؛ لأن الاختلاف هنا شيء غير معتاد على ما ألفت عليه الروح في هذه الدنيا. وقال صاحب الطحاوية في موضع آخر: اعلم أن عذاب القبر هو عذاب الفترة البرزخية الواقعة بين موت الإنسان وبعثه منذ أن يموت إلى أن يبعث. هذه فترة اسمها البرزخ فترة حياة القبور، وكل من مات وهو يستحق عذاباً ناله نصيبه من العذاب، أو كان يستحق نعيماً ناله نصيبه من النعيم قبر أو لم يقبر، أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً، ولو نسف في الهواء أو صلب على الأخشاب أو عُلق في المشانق أو غرق في البحار وأكلته الحيتان أو كان في أي مكان فإن العذاب يصل إلى روحه وإلى بدنه كما يصل إلى الإنسان المقبور في القبر كيف؟ لا ندري، هذا عالم آخر اسمه (عالم البرزخ) لا نعرف حقيقته، ولكن يجب علينا الإيمان بحقائقه التي تواترت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يريد أن يعرف حقائق ما بعد هذه الحياة فإنه إنسان يريد أن يحمل عقله ما لا يتحمل، كعقل الطفل الذي في بطن أمه ويريد أن يعرف حقائق الحياة وهو لا زال في بطن أمه، لا يمكن حتى يخرج إلى الحياة ويكبر وينمو ويبلغ سن التكليف ويعرف الكثير في الدنيا. كذلك الإنسان لا يعرف ما في القبور إلا إذا دخلها، يعرف هل فيها نعيم أو جحيم -نعوذ بالله وإياكم من الجحيم- وما ورد من السؤال في القبر، وما ورد من الاختلاف للأضلاع والضغطة للميت كل ذلك حق يجب الإيمان به، ولو لم يدفن الإنسان في القبر ولو نسفته الريح وأكلته السباع والحيتان، فإن الله يجمعه وينال جسده من العذاب أو من النعيم ما يناله صاحب القبر، يجب أن يفهم هذا كله على مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم من غير غلو ولا تقصير. وقد أنكرت الملاحدة أصحاب العقول المادية المتحجرة التي لا تؤمن إلا بما ترى بعينها أنكروا حياة البرزخ وذهبوا إلى مذاهب بعيدة من الفلسفة والتمنطق وقالوا: ليس ذلك بحقيقة، وأولئك كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وقد ظن أولئك أن أبصارهم الضعيفة يمكن أن ترى كل شيء، وأن أسماعهم يمكن أن تسمع كل شيء، ونحن اليوم نعلم من أسرار الكون ما كانت أسماعنا وأبصارنا عاجزة عن سماعه ورؤيته رغم وجوده. الموجات الصوتية المنبعثة والمنتشرة في جميع أجواء الأرض هذا المسجد الآن ممتلئ بملايين الموجات، لكن لا نراها بأعيننا، ولا نسمعها بآذاننا، ولا نمسها بأيدينا، ولا نتذوقها بألسنتنا، ولا نشمها بأنوفنا، ولا يستطيع كتاب أن يأتي بها، وإنما يستطيع أن يلتقطها جهاز صغير هو (الراديو) ففيه وسيلة استقبال هذه الموجات والتقاطها من الأجواء وترجمتها، وإذا بك تفتحها فتسمع موجة آتية من جدة ، فتحولها فتأتي موجة من الرياض ، وتحولها فتأتي موجة من أمريكا ومن لندن ومن أقصى الأرض، من التقط هذه الموجات رغم أنك لا تراها وهي موجودة؟ التقطها (الراديو). الجاذبية الموجودة الآن وهي قانون من قوانين الكون أن الله جل وعلا جعل كل ما على الأرض مجذوباً إليها، وهذه حكمة منه؛ لأنه لو لم يجعل الجاذبية في خصائص الأرض لكان أي واحد يرتفع لن يستطيع أن ينزل إلا إذا ربطوه. يعني: إذا خرج أحدهم من السيارة وأراد أن ينزل فلا يستطيع أن يصل إلى الأرض إلا إذا أتى آخر وجذبه إلى الأرض، لماذا؟ لأنه لا يوجد جاذبية، ولكن الله وضع هذا القانون وهو أن كل ما على الأرض يجذب إليها، أين الجاذبية؟ هل نراها بأعيننا؟ هل رأينا حبالها وهي تربط الإنسان وتسحبه؟ موجودة لكننا لا نراها، وليس كل ما لا نراه غير موجود. الكهرباء الآن تسري في السلك الكهربائي ولا نراها، رغم أن السلك الكهربائي هذا والكهرباء موجودة منذ خلق الله الأرض، لكن ما اكتشفت إلا على سبيل الصدفة والمصادفة، اخترعها شخص مخترع وهو يدير جهازاً عبر تحويله فإذا به يحس شيئاً في يده، فقوى السلك وخرجت كهرباء، وطورها الإنسان حتى أصبحت عماداً من أعمدة الحضارة الحديثة. فكثير من الأشياء لا يمكن أن نراها ولا أن نلمسها بجوارحنا بالرغم من وجودها. |
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=108531
ملحوظة:
ما نستخلصه من هذه المقاطع الخاصة بعذاب القبر , تتحدث جميعها أو معظمها أن عذاب القبر يكون في الروح لا الجسد , ولكنه يصل إلي الجسد أيضآ ..أي إذا تعذبت الروح يشعر بها الجسد (أو يتصل بها) ويصاب الإثنان بالألم..هذا والله تعالي أعلم...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)
|
Quote: - وصف النار:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد خلق الله تعالى النار وجعلها مقراً لأعدائه المخالفين لأمره، وملأها منغضبه ######طه وأودعها أنواعاً من العذاب الذي لا يطاق، وحذر عباده وبين لهم السبلالمنجية منها لئلا يكون لهم حجة بعد ذلك وعلى الرغم من كل هذا التحذير من النار إلاأن البعض من الناس ممن قل علمهم وقصر نظرهم على هذه الدنيا أبو إلا المخالفةوالعناد والتمرد على مولاهم ومعصيته جهلاً منهم بحق ربهم عليهم وجهلاً منهم بحقيقةالنار التي توعدهم الله بها، فما هي هذه النار؟ وما صفتها؟
إنها كما قالالله تعالى عنها: نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ - التحريم:6 - قيل: يا رسول الله أهي مثل حجارة الدنيا؟ فقال : (والذي نفسي بيده إنها حجارة كالجبال) .وقال : (ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم)قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: (فإنها فُضلتعليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها) متفق عليه .
وقال : ( يؤتى بجهنم يوم القيامة ولها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألفملك يجرونها)رواه مسلم .
وروي عن كعب الأحبار أنه قال: (والذي نفس كعب بيده لو كنت بالمشرق والنار بالمغرب ثم كُشف عنها لخرجدماغك من منخريك من شدة حرها! فيا قوم هل لكم بهذا قرار؟ أم لكم على هذا صبر؟ ياقوم إن طاعة الله أهون عليكم والله من هذا العذاب فأطيعوه) أ. ه.
طعام أهلها الزقوم وشرابهم الحميم. قال : (لو أن قطرة منالزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكونطعامه)رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
وأهل النار في عذاب دائم، لاراحة ولا نوم، ولا قرار لهم، بل من عذاب إلى عذاب قال : (إن أهونأهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل مايرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً) رواه مسلم .
وهم مع ذلك يتمنون الموت فلا يموتون! قد اسودت وجوههم، وأُعميت أبصارهموأبكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم وكسرت عظامهم يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَالنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ - المائدة:37-] كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَالِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ[النساء:56 .
يقول الحسن: (تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة)لباس أهلها من نار،] سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ[إبراهيم:50- وشرابهم وطعامهم من نار ]وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَأَمْعَاءهُمْ[محمد : 15
قال ابن الجوزي في وصف النار: ( هي دار خص أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والاسعاد، بُدلت وضاءة وجوههمبالسواد، وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد، عليها ملائكة غلاظ شداد، لو رأيتهم فيالحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، فحزنُهم دائم فلا يفرحون، مقامهم دائم فلايبرحون أبد الآباد، عليها ملائكة غلاظ شداد، توبيخهم أعظم من العذاب، تأسفهم أقوىمن المصاب، يبكون على تضييع أوقات الشباب وكلما جاد البكاء زاد، عليها ملائكة غلاظشداد، يا حسرتهم لغضب الخالق، يا محنتهم لعظم البوائق، يا فضيحتهم بين الخلائق، أينكسبهم للحطام؟ أين سعيهم في اللآثام؟ أين تتبعهم لزلات الأنام؟ كأنه أضغاث أحلام،ثم أحرقت تلك الأجساد، وكلما أحرقت تعاد، عليها ملائكة غلاظ شداد ) أ. ه.
فتأمل أخي الكريم حال أولئك التعساء وهم يتقلبون في أنواع العذاب ويعانونفي جهنم ما لا تطيقه الجبال، وما يفتت ذكره الأكباد ولا تسأل عما يعانونه من ثقلالسلاسل والأغلالإِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُيُسْحَبُونَ[غافر:71]، وقال تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ[الحاقة:32].
قال ابنعباس رضي الله عنهما: ( تُسلسل في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لايقدر أن يقوم على رجليه ثم ينظمون فيها كما يُنظم الجراد في العود حين يُشوى).
أرأيت أخي حال أهل النار وما هم فيه من الشقاء، فتصور نفسك لوكنت منهم - نسأل الله أن لا تكون منهم - تصور نفسك عندما يؤمر بك إلى جهنم عندماتنظر إلى الصراط ودقته وهوله وعظيم خطره وأنت تنظر إلى الزالين والزالات من بينيديك ومن خلفك وقد تنكست هاماتهم وارتفعت على الصراط أرجلهم وثارت إليهم الناربطلبتها، وهم بالويل ينادون وبينما أنت تنظر اليهم مرعوباً خائفاً أن تتبعهم لمتشعر إلا وقد زلت قدمك عن الصراط فطار عقلك ثم زلت الأخرى فتنكست هامتك، فلم تشعرإلا والكلوب قد دخل في جلدك ولحمك، فجذبت به وبادرت إليك النار ثائرة غضبانة لغضبربها، فهي تجذبك وأنت تنادي ويلي ويلي حتى إذا صرت في جوفها التحمت عليك بحريقهافتورمت في أول ما ألقيت فيها، ثم لم تلبث أن تقطر بدنك وتساقط لحمك، وتكسرت عظامك،وأنت تنادي ولا تُرحم وتتمنى أن تعود لتتوب فلا يجاب نداؤك.
فتصور نفسك وقدطال فيها مكثك، فبلغت غاية الكرب، واشتد بك العطش فذكرت الشراب في الدنيا ففزعت إلىالحميم فتناولت الإناء من يد الخازن الموكل بعذابك فلما أخذته نشت كفك من تحته،وتفسخت لحرارته، ثم قربته إلى فيك فشوى وجهك، ثم تجرعته فسلخ حلقك ثم وصل إلى جوفكفقطع أمعاءك، فناديت بالويل والثبور وذكرت شراب الدنيا وبرده ولذته وتحسرت عليه، ثمآلمك الحريق فبادرت إلى حياض الحميم لتبرد فيها كما تعودت في الدنيا الاغتسالوالانغماس في الماء إذا اشتد عليك الحر، فلما انغمست في الحميم تسلخ لحمك، من رأسكإلى قدميك، فبادرت إلى النار رجاء أن تكون هي أهون عليك ثم اشتد عليك حريق النارفرجعت إلى الحميم فأنت هكذا تطوف بينها وبين حميم آن وذلك مصداقاً لقول مولاك جلوعلا: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ[الرحمن:44]. فتطلب الراحة بين الحميم وبين النار، فلا راحة ولا سكون أبداً.
فلما اشتد بك الكرب والعطش وبلغ منك المجهود ذكرت الجنان فهاجت غصة منفؤادك إلى حلقك أسفاً على جوار الله عز وجل وحزناً على نعيم الجنة الذي أضعته بنفسكبسبب الذنوب والمعاصي، ففزعت إلى الله بالنداء بأن يردك إلى الدنيا لتعمل صالحاًفمكث عنك دهراً طويلاً لا يجيبك هواناً بك، ثم ناداك بعد ذلك بالخيبة منه أناخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ[المؤمنون:108] ثم أراد أنيزيدك إياساً وحسرة فأطبق أبواب النار عليك وعلى أعدائه فيها فيا إياسك ويا إياسسكان جهنم حين سمعوا وقع أبوابها تطبق عليهم، فعلموا عند ذلك أن الله عز وجل إنماأطبقها لئلا يخرج منها أحد أبداً، فتقطعت قلوبهم إياساً وانقطع الرجاء منهم أن لافرج أبداً، ولا مخرج منها، ولا محيص من عذاب الله عز وجل أبداً، خلودٌ فلا موت. وعذابٌ لا زوال له عن أبدانهم، وأحزان لا تنقضي، وسقم لا يبرأ، وقيود لا تحل،وأغلال لا تفك أبداً وعطش لا يروون بعده أبداً، لا يُرحم بكاؤهم، ولا يُجاب دعاؤهم،ولا تقبل توبتهم فهم في عذاب دائم وهوان لا ينقطع، ثم يبعث الله بعد ذلك الملائكةبأطباق من نار ومسامير من نار، وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الأطباق وتشد بتلكالمسامير، وتمد بتلك العمد، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيها روح ولا يخرج منه غم،وينساهم الرحمن بعد ذلك نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67] فذلك قوله تعالى: إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ[الهمزة:9،8] ينادون الله ويدعونه ليخفف عنهم هذا العذابفيجيبهم بعد مدة اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108].
قال الحسن: ( هذا هو آخر كلام يتكلم به أهل النار وما بعدذلك إلا الزفير والشهيق وعواء كعواء الكلاب... )، فما أشقى والله هذه الحياةوما أشقى أصحابها - نسأل الله أن لا نكون منهم - وما أعظمها والله من خسارة لا تجبرأبداً، ويا حسرة والله على عقول تسمع بكل هذا العذاب وهذا الشقاء وتؤمن به ثم لاتبالي به ولا تهرب عنه بل تسعى اليه برضاها واختيارها. فلا حول ولا قوة الا بالله.
فيا أخي الحبيب: يا من تعصي الله تصور نفسك لو كنت من أهل النار؟ هل سترضىبشيء من هذا العذاب؟ لا أعتقد ذلك، إذاً فتب إلى الله وارجع عما يكرهه وتقرب إليهبالأعمال الصالحة عسى أن يرضى عنك، وابك من خشيته عسى أن يرحمك ويقيل عثراتك، فإنالخطر عظيم والبدن ضعيف، والموت منك قريب، والله جل جلاله مطلع عليك ويراك فاستحمنه وأجله ولا تستخف بنظره إليك، ولا تستهين بمعصيته ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكنانظر إلى عظمة من تعصيه وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، واملأ قلبك من خشيته قبلأن يأخذك بغتة، ولا تتعرض له وتبارزه بالمعاصي فإنك لا طاقة لك بغضبه ولا قوة لكبعذابه، ولا صبر لك على عقابه، فتدارك نفسك قبل لقائه لعله أن يرحمك ويتجاوز عنك،فكأنك بالموت قد نزل بك وحينها لا ينفعك ندم ولا استدراك ما مضى. |
Quote: وصف النار
الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله الذي لا إله إلا هو .. فلا خالق غيره ولا رب سواه .. المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضي ألا نعبد إلا إياه ذلك أن الله هو الحق .. وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير ، أحمدك يارب ، وأستعينك ، وأستغفرك وأستهديك ، لا أحصي ثناءاً عليك ، أنت كما أثنيت علي نفسك .. جل ثناؤك .. وعظم جاهك .. ولا إله غيرك . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. هو الواحد الذي لا ضد له .. وهو الصمد الذي لا منازع له .. وهو الغني الذي لا حاجة له .. وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ..وهو جبار السموات والأرض فلا راد لحكمه ولا معقب لقضائه وأمره وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلي آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلي كل من سار علي نهجه واستن بسنته واقتفي أثره إلي يوم الدين أما بعد .. أحبتي في الله . قال الله تعالي : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) (مريم:72) أيها الأحبة .. إن يوم القيامة هوله علي الناس شديد ، فمنهم في يومها شقي ، ومنهم يومها سعيد ، أما السعيد فإلي جنات الله العزيز الحميد ، وأما الشقي فإلي نار حرها شديد وقعرها بعيد .. ومقامعها حديد يوم يقف الوجود كله خاضعاً .. والبشر كلهم خشعاً .. يوم يطوي الملك جل وعلا السموات والأرض كطي السَّجل للكتب . !! كما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله : (( يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمني ثم يقول : (( أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرض بشماله . ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ))(1) سبحانه وتعالي .. أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ مات الجبارون .. مات المتألهون ومات الظالمون .. انتهي كل شيء .. ومات كل حي .. كل شيء هالك إلا وجهه . ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ ) (الرحمن:27) كان أولاً كما كان آخراً ، أولٌ بلا ابتداء .. وآخرٌ بلا انتهاء .. ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) . يُفني الخلق جميعاً فينادى قائلا : لمن الملك اليوم ؟ فيجيب نفسه المقدسة بقوله : (( لله الواحد القهار )) ويأمر الله جل وعلا إسرافيل أن ينفخ في الصور نفخة البعث ..
( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) (الزمر:68) فتخرج الأرواح لها دَوِي كدويّ النحل ما بين السماء والأرض ثم يقول ربنا جل وعلا : وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلي جسده فتسري الأرواح إلي الأجساد ويخرج الناس من القبور حفاة عراة غرلا ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ) (المعارج:43) ويقف الناس في أرض الحشر ( وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً )(طـه: 108) لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا .. يقف الكل في خشوع .. يقف الجميع في ذل وخضوع وتُدني الشمس يوم القيامة من رؤوس العباد كما في صحيح مسلم من حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال : قال رسول الله (( تُدني الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل – زاد الترمذى – أو اثنين قال سليم بن عامر : فو الله ما أدري ما يعني بالميل : أمسافة الأرض ، أو الميل الذي تُكحلُ به العين ؟ - قال فتصهرهم الشمس فيكونون في العَرَق كقدر أعمالهم ، فمنهم من يكون إلي كعبيه ؟ ومنهم من يكون إلي ركبتيه ، ومنهم من يكون إلي حقويه (1) ، ومنهم من يُلجمهُ العرق إلجاماً ، وأشار رسول الله بيده إلي فيه ))(2) ويجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنوا الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض : ألا ترون ما أنتم فيه ؟ ألا ترون ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون إلي من يشفع لكم إلي ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض : ائتوا آدم ، فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبونا أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا عند ربك ، ألا تري ما نحن فيه ، ألا تري ما بلغنا . فيقول آدم : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلي غيري ، اذهبوا إلي نوح . فيستقرئ الخلائق الأنبياء نبياً نبيا حتى يأتون إلي سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام صاحب الشفاعة العظمي والمقام المحمود فيأتون فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء ،وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلي ألا تري إلي ما نحن فيه ؟ ألا تري ما بلغنا ؟ فانطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي ، ثم يفتح الله عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه لأحد غيري من قبلي ثم قال : يا محمد ، ارفع رأسك ؟ وسل تعطي واشفع تشفع . فيشفع الشفاعة العامة لأهل الموقف فيضي الله بين الخلائق . ثم يأمر الله أن يؤتي بجهنم كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله (( يؤتي بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ))(1) يؤتي بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حيث أراد الله .. وحيث شاء الله .. وحيث قدر . يؤتي بها تتغيظ ، يؤتي بها تتلظي . يؤتي بها تتقطع من الغيظ علي العصاة والمشركين ، تأتي وهي تنطق بمنطق الأكول الشره تقول لربنا جل وعلا هَلْ مِنْ مَزِيدٍ . قال تعالي : ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) (قّ:30) أحبتي في الله : إن نار الآخرة حرها شديد ، وقعرها بعيد ، ومقامعها حديد فنار الدنيا هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، قيل : يا رسول الله إن كانت لكافية ؟ قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلُّهن مثلُ حرها )) (2) نارنا هذه التي تُحَطِّم ، والتي تدمِّر ، والتي لا يجرؤ أحد علي أن يقترب منها وإن كانت ممثلة في شعلة صغيرة ، فما بالكم بحريق هائل مدمر ، بحريق مروع ، هذا الحريق وهذه النار ، بل كل نار الدنيا مجتمعة إنما هي جزءاً كلهن مثل حرها . الله أكبر .. اللهم إنا نستجير بك من النار . أوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، وأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة وكان ابن عمر يقول : أكثروا ذكر النار ، أكثروا ذكر النار ، فإن قعرها بعيد وأن حرها شديد وإن مقامعها حدبد .. أكثروا ذكر النار يا من اشتغلتم بالمسلسلات والأفلام .. يا من انغمستم في معصية الله عز وجل . أكثروا ذكر النار .. يا من ظلمتم خلق الله .. يا من جعلتم مناصبكم وقوتكم لظلم العباد !! يا من تحديتم الله جل وعلا .. يا من بارزتم الله بالمعاصي ، استمعوا إلي قول الحبيب كما جاء في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( يؤتي بأنعم رجل في الدنيا من أهل النار فيصبغ في نار جهنم ثم يقال له : يا ابن آدم ، هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك من نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يارب ويؤتي بأشد الناس بؤساً من أهل الجنة فيُصبغ صبغةً في الجنة ، فيقال له : يا ابن آدم ، هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مر بك من شدة قط ؟ فيقول : لا والله يارب ما مر بي من بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط ))(1) هذا رجل من أهل النعيم والرفاهية والمال والسلطان في الدنيا وهو من أهل النار في الآخرة يغمس في النار غمسة واحدة ويقال له هل رأيت نعيما قط ؟ فيقول : لا . وورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم من حديث النعمان ابن بشير أن النبي قال : (( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة : رجل يوضع في أخمص قدميه حجران ، يغلي منهما دماغه – كما يغلي المرجل ، ما يري أن أحداً أشدُّ منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً ))(3) لذلك كان النبي يقول كما في البخاري ومسلم من حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( اتقوا النار )) وأشاح ، ثم قال : (( اتقوا النار )) ثم أعرض وأشاح ثلاثا حتي ظننا أنه ينظر إليها ثم قال : (( اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد ، فبكلمة طيبة )) . (3) أيها المسلمون : اتقوا النار فإن قعرها بعيد أخرج الأمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله إذ سمع وَجْبَةً ، فقال : (( أتدرون ما هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال حجر رُمي في النار منذ سبعين خريفا ، فهو يهوي في النار الآن حيث انتهي إلي قعرها )) زاد في رواية (( فسمعتم وجبتها )) (4) طعام أهل النار نار . شراب أهل النار نار . والثياب في النار نار قال تعالي : ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) (الغاشية:7) والضريع نوع من أنواع الشوك لا تأكله الدواب لخبائته . وقال الله تعالي : ( إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً (12) وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً ) (المزمل:13) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالي ( طَعَاماً ذَا غُصَّةٍ ) قال : شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج وقال تعالي : ( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ) (الواقعة:56) وقد وصف الله عز وجل شجرة الزقوم فقال : ( إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ) (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ) (الصافات:68) والشوب هو الخلط والمزج أي يُخْلَطُ الزقوم المتناهي في القذارة والمرارة والحميم المتناهي في اللهب والحرارة . وعن ابن عباس رضب الله عنهما أن النبي قرأ هذه الآية : ( اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون) (آل عمران: 102) فقال رسول الله (( لو أن قطرةً من الزقوم قُطرَت في دار الدنيا لأفسدت علي أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه ))(1) وقال ابن عباس : الغسلين الدم والماء والصديد الذي يسيل من لحومهم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه : (( إن الحميم ليصب علي رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلي جوفه ، فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ، ثم يعاد كما كان ))(2) وشراب أهل النار .. نار قال تعالي : ( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (ابراهيم:17) أي يُسقي من ماء صديد شديد النتانة والكثافة فيتجرعه ولا يكاد يبتلعه من شدة نتانته وكثافته . قال تعالي : ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) (محمد: 15) والحميم هو الماء الحار المغلي بنار جهنم يذاب بهذا الحميم ما في بطونهم وتسيل أمعائهم وتتناثر جلودهم كما قال تعالي : ( يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) (الحج:20-22) وقال تعالي : ( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف: 29) وثياب أهل النار .. نار قال الله عز وجل : ( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (ابراهيم:50) فقولة : (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ ) أي قمصانهم من قطران تطلي به جلودهم حتى يكون ذلك الطلاء كالسرابيل ، وخص القطران لسرعة الاشتعال فيه مع نتن رائحته ووحشة لونه . وعن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله : ( النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب )) (1) . وفُرش أهل النار نار قال تعالي : ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ )(لأعراف:41) أي فرش من النار ويلتحفون بألحفة من النار عياذا بالله من حالهم وقال تعالي : ( لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ )(الزمر: 16) أي أطباق وفراش ومهاد وسرادقات ، وإطلاق الظلل عليها تهكما ، فهي محدقة محيطة بهم من كل جانب والعياذ بالله قال تعالي : ( انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (30) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ) (المرسلات:30-31) وعن عذاب أهل النار يقول محمد بن كعب : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله عز وجل في أربعة فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبداً يقولون : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (غافر:11) فيقول الله تعالي مجيبا لهم : ( ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) (غافر:12) ثم يقولون : ( رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً )(السجدة: 12) فيجيبهم الله تعالي : ( أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ )(ابراهيم: 44) فيقولون : ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَل )(فاطر: 37) فيجبهم الله تعالي : ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (فاطر:37) ثم يقولون : ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ ) (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) (المؤمنون:107) فيجيبهم الله تعالي : ( اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) (المؤمنون: 108) فلا يتكلمون فيها بعدها أبداً وذلك غاية شدة العذاب وقال مالك بن أنس : قال زيد بن أسلم في قوله تعالي : ( سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ) (ابراهيم:21) قال : صبروا مائة سنة ، ثم جزعوا مائة سنة ، ثم صبروا مائة سنة ثم قالوا : (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله : (( يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار ، ويقال يأهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت )) (1) وعن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال : ( إن أهل النار يدعون مالكا ، فلا يجيبهم أربعين عاماً ، ثم يقول : إنكم ماكثون ثم يدعون ربهم فيقولون : ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) فلا يجيبهم مثل الدنيا ثم يقول : (اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) ثم ييأس القوم ، فما هو إلا الزفير والشهيق ، تشبه أصواتهم أصوات الحمير ، أولها زفير وآخرها شهيق )(2) وعن عبد الله بن قيس رضي الله عنه : أن رسول الله قال : إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم ، لجرت ، وإنهم ليبكون الدم ( يعني : مكان الدموع ) (3) وقال تعالي : ( وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) (الحج:21) وقال تعالي : ( إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) (غافر:71-72) وقال تعالي : ( إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً ) (المزمل:12) وقال تعالي : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ) إن أهل النار إذا ألقوا فيها يكادون يبلغون قعرها ، يلقاهم لهبها فيردهم إلي أعلاها ، حتى إذا كادوا يخرجون تلقتهم الملائكة بمقامع من حديد فيضربونهم بها قال الله عز وجل : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا ) (السجدة: 20) فهم كما قال الله تعالي : ( عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً ) قال تعالي : ( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (ابراهيم:17) يعطيه الله كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، ويسود وجهه ، ويُكسَى سرابيل القطران ويقال له انطلق إلي أمك الهاوية . إلي جهنم والعياذ بالله فاخبر من هم علي شاكلتك .. بهذا المصير .. فينطلق وقد اسود وجهه في أرض المحشر وهو يبكي ويصرخ ويقول : ( يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) (الحاقة:25-29) يقف ذليلاً أمام رب العالمين جزاءً وفاقاً لكبره واستعلائه وإعراضه عن منهج الله عز وجل وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي قال : (( إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذَّرِّ في صُورَ الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون حتى يدخلوا سجنا في جهنم ، يقال له : بولَس تعلوهم نار الأنيار يُسْقوَنَ من عصارة أهل النار طينة الخبال )) (1) قيل يا رسول الله : وما طينة الخبال ؟ قال : صديد أهل النار . أحبتي في الله . فكما أن الجنة تشتاق لأهلها من المؤمنين الصادقين فإن النار تشتاق بل تطلب المزيد من أهلها من المجرمين والظالمين والكافرين . !!! ففي صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه ، عن النبي قال : (( لا تزال جهنم يلقي فيها وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلي بعض وتقول : قط قط وعزتك وكرمك ، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة ))(2) اللهم أجرنا من النار .. اللهم أجرنا من النار وأدخلنا الجنة يا غفار . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار : يارب إن عبدك فلاناً استجار مني فأجره ، ولا سأل عبد الجنة سبع مرات إلا قالت الجنة : يارب إن عبدك فلاناً سألني فأدخله الجنة )) (3) فيا أيها اللاهي .. ويا أيها الساهي .. يا من غرتك المعاصي وشغلك الشيطان عن طاعة الله احذر فإنها نار تلظى : دع عنك ما قد فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته بل أثبتاه وأنت لاه تلعب والروح منك وديعة أودعتها ستردها بالرغم منك وتسلب وغرور دنياك التي تسعي لها دارٌ حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم والنهار كلاهما أنفاسنا فيهما تعد وتحسب قال ابن عيينه : قال ابراهيم التيمى : مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأعانق أبكارها ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها فقلت لنفسي : أي شيء تريدين ؟ قالت أريد أن ارجع إلي الدنيا فأعمل صالحاً قال : فأنت في الأمنية فاعملي . ونحن والله في الأمنية فيا من قصرت في طاعة الله عز وجل اعمل للآخرة قبل أن تطلب العودة ولن تستطيع ، فكل من قصر في طاعة الله عز وجل في الدنيا يطلب العودة إليها كلما عاين أمور الآخرة وترك دار العمل إلي دار الحساب . قال تعالي : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) (المؤمنون:99) وقال تعالي : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ ) (السجدة:12) وقال تعالي : ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِير) (فاطر: 37) أسأل الله العظيم أن يختم لنا بالإيمان وأن يبعدنا عن النيران وأن يدخلنا جنة الرحيم الرحمن إنه ولي ذلك والقادر عليه . |
Quote: وصف النار و عذابها
عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة أخرى حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء كالليل المظلم".
وروى عن يزيد بن مرثد: أنه كان لا تنقطع دموع عينيه ولا يزال باكياً، فسئل عن ذلك فقال لو أن اللَّه أوعدني بأني لو أذنبت ذنباً لحبسني في الحمام أبداً لكان حقاً عليّ أن لا تنقطع دموعي، فكيف وقد أوعدني أن يحبسني في نار قد أوقد عليها ثلاثة آلاف سنة.
و عن مجاهد رضي اللَّه تعالى عنه قال: إن لجهنم جباباً فيها حيات كأمثال أعناق البخت وعقارب كأمثال البغال الدهم، فيهرب أهل النار إلى تلك الحيات فيأخذن بشفاههن فيكشطن ما بين الشعر إلى الظفر فما ينجيهم منها إلا الهرب إلى النار،
وروى عن عبد اللَّه بن جبير عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إن في النار حيات مثل أعناق الإبل تلسع أحدهم لسعة يجد حمتها أربعين خريفاً، وإن في النار لعقارب كأمثال البغال تلسع أحدهم لسعة يجد حمتها أربعين خريفاً"
وروى عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من تلك النار ولو أنها ضربت في البحر مرتين لما انتفعتم منها بشيء. وقال مجاهد: إن ناركم هذه تتعوذ من نار جهنم.
وقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "إن أهون أهل النار عذاباً لرجل في رجليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه كأنه مرجل مسامعه جمر وأضراسه جمر وأشفاره لهب النيران، وتخرج أحشاء بطنه من قدميه وإنه ليرى أنه أشد أهل النار عذاباً، وإنه من أهون أهل النار عذاباً"
و روى عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهم قال: إن أهل النار يدعون مالكاً فلا يردّ عليهم أربعين عاماً، ثم يرد عليهم {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} يعني دائمون أبداً
ثم يدعون ربهم {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} فلا يجيبهم مقدار ما كانت الدنيا مرتين، ثم يرد عليهم {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِي}
قال: فوالله ما ينطق القوم بعدها بكلمة واحدة ما كان بعد ذلك إلا الزفير والشهيق في النار، تشبه أصواتهم أصوات الحمر أوله زفير وأخره شهيق.
قال قتادة: يا قوم هل لكم من هذا بدّ، أم هل لكم على هذا صبر؟ يا قوم طاعة اللَّه أهون عليكم فأطيعوه،
ويقال: إن أهل النار يجزعون ألف سنة فلا ينفعهم، ثم يقولون. كنا في الدنيا إذا صبرنا كان لنا الفرج فيصبرون ألف سنة فلا يخفف عنهم العذاب فيقولون {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}
فيسألون اللَّه تعالى الغيث ألف سنة لما بهم من العطش وشدة العذاب لكي يزول عنهم بعض الحرارة والعطش، فإذا تضرعوا ألف سنة
يقول اللَّه تعالى لجبريل: أي شيء يطلبون؟
فيقول جبريل : يا رب أنت أعلم بهم إنهم يسألون الغيث،
فتظهر لهم سحابة حمراء فيظنون أنهم يمطرون فترسل عليهم العقارب كأمثال البغال فتلدغ الواحد منهم فلا يذهب عنه الوجع ألف سنة،
ثم يسألون اللَّه ألف سنة أن يرزقهم الغيث فتظهر لهم سحابة سوداء، فيقولون هذه سحابة المطر فترسل عليهم الحيات كأعناق الإبل كلما لسعت لسعة لا يذهب وجعها ألف سنة، وهذا معنى قوله تعالى {زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} يعني بما كانوا يكفرون ويعصون اللَّه تعالى، فمن أراد أن ينجو من عذاب اللَّه تعالى وينال ثوابه فعليه أن يصبر على شدائد الدنيا في طاعة اللَّه تعالى، ويجتنب المعاصي وشهوات الدنيا فإن الجنة قد حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما جاء في الخبر
عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "دعا اللَّه عز وجل جبريل فأرسله في الجنة فقال انظر إليها وما أعددت لأهلها فيها،
فرجع وقال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فحُـفت بالمكاره،
فقال ارجع إليها وانظر إليها
فرجع وقال وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد،
ثم أرسله إلى النار فقال انظر إليها وما أعددت لأهلها فيها
فرجع إليه فقال وعزتك لا يدخلها أحد سمع بها، فحُـفت بالشهوات،
فقال عد إليها فانظر إليها
فرجع وقال: وعزتك وجلالك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها
وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "أذكروا من النار ما شئتم فلا تذكرون منها شيئاً إلا وهي أشد منه"
و روى انه لما نزلت هذه الآية {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} وضع سلمان يده على رأسه وخرج هارباً ثلاثة أيام لا يقدر عليه حتى جيء به.
وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: جاء جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم في ساعة ما كان يأتيه فيها متغير اللون
فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم : مالي أراك متغير اللون
فقال : يا محمد جئتك في الساعة التي أمر اللَّه بمنافخ النار أن تنفخ فيها ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، وأن النار حق وأن عذاب القبر حق وأن عذاب اللَّه أكبر أن تقرّ عينه حتى يأمنها
فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: يا جبريل: صف لي جهنم؟
قال: نعم، إن اللَّه تعالى لما خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فأجمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة فابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسودت، فهي سوداء مظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها، والذي بعثك بالحق لو أن مثل خرم إبرة فتح منها لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرها، والذي بعثك بالحق لو أن ثوباً من أثواب أهل النار علق بين السماء والأرض لمات جميع أهل الأرض من نتنها وحرها عن آخرهم لما يجدون من حرها، والذي بعثك بالحق نبياً لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها اللَّه تعالى في كتابه وضع على جبل لذاب حتى يبلغ الأرض السابعة، والذي بعثك بالحق نبياً لو أن رجلاً بالمغرب يعذب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها، حرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها الحميم والصديد وثيابها مقطعات النيران {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} من الرجال والنساء
فقال صلى اللَّه عليه وسلم: أهي كأبوابنا هذه؟
قال لا ولكنها مفتوحة بعضها أسفل من بعض من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة كل باب منها أشد حراً من الذي يليه سبعين ضعفاً، يساق أعداء اللَّه إليها فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال والسلاسل فتسلك السلسلة في فمه وتخرج من دبره، وتغل يده اليسرى إلى عنقه وتدخل يده اليمنى في فؤاده فتنزع من بين كتفيه وتشد بالسلاسل، ويقرن كل آدمي مع شيطان في سلسلة ويسحب على وجهه وتضربه الملائكة بمقامع من حديد {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا}
فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: من سكان هذه الأبواب؟
فقال: أما الباب الأسفل ففيه المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون واسمها الهاوية،
والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم،
والباب الثالث فيه الصابئون واسمه سقر،
والباب الرابع فيه إبليس ومن تبعه والمجوس واسمه لظى،
والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة،
والباب السادس فيه النصارى واسمه السعير، ثم أمسك جبريل حياء من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
فقال له عليه الصلاة والسلام: ألا تخبرني من سكان الباب السابع؟
فقال فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا
فخر النبي صلى اللَّه عليه وسلم مغشياً عليه،
فوضع جبريل رأسه على حجره حتى أفاق،
فلما أفاق قال: يا جبريل عظمت مصيبتي واشتد حزني أو يدخل أحد من أمتي النار؟
قال : نعم أهل الكبائر من أمتك، ثم بكى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وبكى جبريل، ودخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم منزله واحتجب عن الناس، فكان لا يخرج إلا إلى الصلاة يصلي ويدخل ولا يكلم أحداً ويأخذ في الصلاة ويبكي ويتضرع إلى اللَّه تعالى
فلما كان اليوم الثالث أقبل أبو بكر رضي اللَّه عنه حتى وقف بالباب
وقال السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل؟ فلم يجبه أحد فتنحى باكياً،
فأقبل عمر رضي اللَّه عنه فوقف بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل؟ فلم يجبه أحد فتنحى وهو يبكي،
فأقبل سلمان الفارسي حتى وقف بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة، هل إلى مولاي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل؟ فلم يجبه أحد فأقبل يبكي مرة ويقع مرة ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
وكان علي رضي اللَّه عنه غائباً فقال: يا ابنة رسول اللَّه إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد احتجب عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً ولا يأذن لأحد في الدخول عليه،
فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية وأقبلت حتى وقفت على باب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم سلمت وقالت: يا رسول اللَّه أنا فاطمة ورسول اللَّه ساجد يبكي
فرفع رأسه وقال: ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عني افتحوا لها الباب،
ففتح لها الباب فدخلت فلما نظرت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بكت بكاءاً شديداً لما رأت من حاله مصفراً متغيراً قد ذاب لحم وجهه من البكاء والحزن،
فقالت: يا رسول اللَّه ما الذي نزل عليك؟
فقال: يا فاطمة جاءني جبريل ووصف لي أبواب جهنم، وأخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي فذلك الذي أبكاني وأحزنني.
قالت: يا رسول اللَّه كيف يدخلونها؟
قال : بلى تسوقهم الملائكة إلى النار ولا تسود وجوههم ولا تزرق أعينهم ولا يختم على أفواههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يوضع عليهم السلاسل والأغلال.
قالت: قلت: يا رسول اللَّه وكيف تقودهم الملائكة؟
فقال: أما الرجال فباللحى وأما النساء فبالذوائب والنواصي، فكم من ذي شيبة من أمتي يقبض على لحيته ويقاد إلى النار وهو ينادي واشيبتاه واضعفاه، فكم من ذي شاب قد قبض على لحيته يساق إلى النار وهو ينادي واشباباه وأحسن صورتاه، وكم من امرأة من أمتي قد قبض على ناصيتها تقاد إلى النار وهي تنادي وافضيحتاه وأهتك ستراه، حتى ينتهي بهم إلى مالك
فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة: من هؤلاء؟ فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من هؤلاء لم تسود وجوههم ولم تزرق أعينهم ولم يختم على أفواههم ولم يقرنوا مع الشياطين ولم توضع السلاسل والأغلال في أعناقهم، فتقول الملائكة هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة،
فيقول لهم مالك يا معشر الأشقياء من أنتم؟ "وروي في خبر آخر "أنهم لما قادتهم الملائكة ينادون وامحمداه فلما رأوا مالكاً نسوا اسم محمد صلى اللَّه عليه وسلم من هيبته، فيقول لهم من أنتم؟
فيقولون نحن ممن أنزل علينا القرآن ونحن ممن يصوم رمضان،
فيقول مالك ما نزل القرآن إلا على أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم
فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا وقالوا نحن من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم
فيقول لهم مالك أما كان لكم في القرآن زاجر عن معاصي اللَّه تعالى؟
فإذا وقف بهم على شفير جهنم ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا يا مالك ائذن لنا فنبكي على أنفسنا،
فيأذن لهم فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع، فيبكون الدم،
فيقول مالك ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا، فلو كان هذا البكاء في الدنيا من خشية اللَّه ما مستكم النار اليوم،
فيقول مالك للزبانية: ألقوهم ألقوهم في النار، فإذا ألقوا في النار نادوا بأجمعهم لا إله إلا اللَّه فترجع النار عنهم،
فيقول مالك يا نار خذيهم،
فتقول كيف آخذهم وهم يقولون لا إله إلا الله،
فيقول مالك للنار خذيهم،
فتقول كيف آخذهم وهم يقولون لا إله إلا الله،
فيقول مالك: نعم بذلك أمر رب العرش فتأخذهم، فمنهم من تأخذه إلى قدميه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه إلى حلقه، فإذا هوت النار إلى وجهه قال مالك: لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا ولا تحرق قلوبهم فطالما عطشوا في شهر رمضان فيبقون ما شاء اللَّه فيها،
ويقولون يا أرحم الراحمين يا حنان يا منان
فإذا أنفذ اللَّه تعالى حكمه قال: يا جبريل ما فعل العاصون من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم، فيقول اللهم أنت أعلم بهم،
فيقول انطلق فانظر ما حالهم فينطلق جبريل عليه الصلاة والسلام إلى مالك وهو على منبر من نار في وسط جهنم،
فإذا نظر مالك إلى جبريل عليه الصلاة والسلام قام تعظيماً له
فيقول: يا جبريل ما أدخلك هذا الموضع؟
فيقول ما فعلت بالعصابة العاصية من أمة محمد؟
فيقول مالك: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم قد أحرقت أجسامهم وأكلت لحومهم وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان
فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى أنظر إليهم
قال: فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق عنهم، فإذا نظروا إلى جبريل وإلى حسن خلقه علموا أنه ليس من ملائكة العذاب،
فيقولون من هذا العبد الذي لم نر أحداً قط أحسن منه؟
فيقول مالك: هذا جبريل الكريم على ربه الذي كان يأتي محمداً صلى اللَّه عليه وسلم بالوحي،
فإذا سمعوا ذكر محمد صلى اللَّه عليه وسلم صاحوا بأجمعهم وقالوا: يا جبريل أقرئ محمداً صلى اللَّه عليه وسلم منا السلام وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينك وأخبره بسوء حالنا
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي اللَّه تعالى
فيقول اللَّه تعالى كيف رأيت أمة محمد؟
فيقول يا رب ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم،
فيقول هل سألوك شيئاً؟
فيقول يا رب نعم سألوني أن أقرئ نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم،
فيقول اللَّه تعالى: انطلق وأخبره،
فينطلق جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو في خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب لكل باب مصراعان من ذهب،
فيقول : يا محمد قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك في النار وهم يقرءونك السلام ويقولون: ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا
فيأتي النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى تحت العرش فيخر ساجداً ويثني على اللَّه تعالى ثناء لم يثن عليه أحد مثله،
فيقول اللَّه تعالى: ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع، فيقول يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم فشفعني فيهم، فيقول اللَّه تعالى قد شفعتك فيهم فائت النار فأخرج منها من قال لا إله إلا الله،
فينطلق النبي صلى اللَّه عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى اللَّه عليه وسلم قام تعظيماً له فيقول: يا مالك ما حال أمتي الأشقياء؟
فيقول : ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم، فيقول محمد صلى اللَّه عليه وسلم افتح الباب وارفع الطبق فإذا نظر أهل النار إلى محمد صلى اللَّه عليه وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون يا محمد أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا
فيخرجهم جميعاً وقد صاروا فحماً قد أكلتهم النار، فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً جردا مردا مكحلين وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب على جباههم الجهنميون عتقاء الرحمن من النار فيدخلون الجنة
فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار وهو قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}
وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "يؤتى بالموت كأنه كبش أملح فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون الموت؟
فينظرون إليه ويعرفونه،
ويقال يا أهل النار هل تعرفون الموت؟
فينظرونه فيعرفونه فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال يا أهل الجنة خلود بلا موت يا أهل النار خلود بلا موت، وذلك قوله تعالى{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ}
وقال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: لا يغبطن فاجر بنعمة فإن وراءه طالباً حثيثاً وهي جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً، والله سبحانه وتعالى أعلم |
| |
|
|
|
|
|
|
|